أستاذ المادة: محمد عبد الرحمن يونس
المادة: النحو 2
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 29.doc

المعرف بأداة التعريف

أل حرف تعريف، أو اللام فقط، *** فنمط عرفت قل فيه: " النمط "

اختلف النحويون في حرف التعريف في " الرجل " ونحوه، فقال الخليل المعرف هو " أل "، وقال سيبويه: هو اللام وحدها، فالهمزة عند الخليل همزة قطع، وعند سيبويه همزة وصل اجتلبت للنطق بالساكن.

والالف واللام المعرفة تكون للعهد، كقولك: " لقيت رجلا فأكرمت الرجل " وقوله تعالى: ( كما أرسلنا إلى فرعون رسولا، فعصى فرعون الرسول ) ولاستغراق الجنس، نحو: ( إن الانسان لفي خسر ) وعلامتها أن يصلح موضعها " كل " ولتعريف الحقيقة، نحو: " الرجل خير من المرأة " أي: هذه الحقيقة خير من هذه الحقيقة.

و " النمط " ضرب من البسط، والجمع أنماط مثل سبب وأسباب والنمط أيضا الجماعة من الناس الذين أمرهم واحد، كذا قاله الجوهري.

 ***

وقد تزاد لازما: كاللات، *** والآن، والذين، ثم اللات

ولاضطرار: كبنات الاوبر *** كذا، " وطبت النفس يا قيس " السري

ذكر المصنف في هذين البيتين أن الالف واللام تأتي زائدة، وهي - في زيادتها - على قسمين: لازمة، وغير لازمة.

 ثم مثل الزائدة اللازمة ب" اللات " وهو اسم صنم كان بمكة، وب" الآن " وهو ظرف زمان مبني على الفتح، واختلف في الالف واللام الداخلة عليه، فذهب قوم إلى أنها لتعريف الحضور كما في قولك: " مررت بهذا الرجل "، لان قولك: " الآن " بمعنى هذا الوقت، وعلى هذا لا تكون زائدة، وذهب قوم - منهم المصنف - إلى أنها زائدة، وهو مبني لتضمنه معنى الحرف، وهو لام الحضور.

 ومثل - أيضا - ب" الذين "، و " اللات " والمراد بهما ما دخل عليه " أل " من الموصولات، وهو مبني على أن تعريف الموصول بالصلة، فتكون الالف واللام زائدة، وهو مذهب قوم، واختاره المصنف، وذهب قوم إلى أن تعريف الموصول ب" أل " إن كانت فيه نحو: " الذي " فإن لم تكن فيه فبنيتها نحو: " من، وما " إلا " أيا " فإنها تتعرف بالاضافة، فعلى هذا المذهب لا تكون الالف واللام زائدة، وأما حذفها في قراءة من قرأ: ( صراط الذين أنعمت عليهم ) فلا يدل على أنها زائدة، إذ يحتمل أن تكون حذفت شذوذا وإن كانت معرفة، كما حذفت من قولهم: " سلام عليكم " من غير تنوين يريدون " السلام عليكم ".

 وأما الزائدة غير اللازمة فهي الداخلة اضطرارا على العلم، كقولهم في " بنات أوبر " علم لضرب من الكمأة " بنات الاوبر " ومنه قوله:

36- ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا *** ولقد نهيتك عن بنات الاوبر

والاصل " بنات أوبر " فزيدت الالف واللام، وزعم المبرد أن " بنات أوبر " ليس بعلم، فالالف واللام - عنده - غير زائدة.

 ومنه الداخلة اضطرارا على التمييز، كقوله:

37 - رأيتك لما أن عرفت وجوهنا *** صددت، وطبت النفس يا قيس عن عمرو

والاصل " وطبت نفسا " فزاد الالف واللام، وهذا بناء على أن التمييز لا يكون إلا نكرة، وهو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى جواز كونه معرفة، فالالف واللام عندهم غير زائدة.

 وإلى هذين البيتين اللذين أنشدناهما أشار المصنف بقوله: " كبنات الاوبر "، وقوله: " وطبت النفس يا قيس السرى ".

 ***

وبعض الاعلام عليه دخلا *** للمح ما قد كان عنه نقلا

كالفضل، والحارث، والنعمان، *** فذكر ذا وحذفه سيان

ذكر المصنف - فيما تقدم - أن الالف واللام تكون معرفة، وتكون زائدة، وقد تقدم الكلام عليهما، ثم ذكر في هذين البيتين أنها تكون للمح الصفة، والمراد بها الداخلة على ما سمي به من الاعلام المنقولة، مما يصلح دخول " أل " عليه، كقولك في " حسن ": " الحسن " وأكثر ما تدخل على المنقول من صفة، كقولك في " حارث ": " الحارث " وقد تدخل على المنقول من مصدر، كقولك في " فضل ": " الفضل " وعلى المنقول من اسم جنس غير مصدر، كقولك في " نعمان ": " النعمان " وهو في الاصل من أسماء الدم، فيجوز دخول " أل " في هذه الثلاثة نظرا إلى الاصل، وحذفها نظرا إلى الحال.

 وأشار بقوله " للمح ما قد كان عنه نقلا " إلى أن فائدة دخول الالف واللام الدلالة على الالتفات إلى ما نقلت عنه من صفة، أو ما في معناها.

وحاصله: أنك إذا أردت بالمنقول من صفة ونحوه أنه إنما سمى به تفاؤلا بمعناه أتيت بالالف واللام للدلالة على ذلك، كقولك: " الحارث " نظرا إلى أنه إنما سمى به للتفاؤل، وهو أنه يعيش ويحرث، وكذا كل ما دل على معنى وهو مما يوصف به في الجملة، كفضل ونحوه، وإن لم تنظر إلى هذا ونظرت إلى كونه علما لم تدخل الالف واللام، بل تقول: فضل، وحارث، ونعمان، فدخول الالف واللام أفاد معنى لا يستفاد بدونهما، فليستا بزائدتين، خلافا لمن زعم ذلك، وكذلك أيضا ليس حذفهما وإثباتهما على السواء كما هو ظاهر كلام المصنف، بل الحذف والاثبات ينزل على الحالتين اللتين سبق ذكرهما، وهو أنه إذا لمح الاصل جئ بالالف واللام، وإن لم يلمح لم يؤت بهما.

 ***

وقد يصير علما بالغلبة *** مضاف أو مصحوب أل كالعقبه

وحذف أل ذي إن تناد أو تضف *** أوجب، وفي غيرهما قد تنحذف

من أقسام الالف واللام أنها تكون للغلبة، نحو: " المدينة "، و " الكتاب "، فإن حقهما الصدق على كل مدينة وكل كتاب، لكن غلبت " المدينة " على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، و " الكتاب " على كتاب سيبويه رحمه الله تعالى، حتى إنهما إذا أطلقا لم يتبادر إلى الفهم غيرهما.

 وحكم هذه الالف واللام أنها لا تحذف إلا في النداء أو الاضافة، نحو " يا صعق " في الصعق، و " هذه مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

 وقد تحذف في غيرهما شذوذا، سمع من كلامهم: " هذا عيوق طالعا "، والاصل العيوق، وهو اسم نجم.

 وقد يكون العلم بالغلبة أيضا مضافا: كابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، فإنه غلب على العبادلة دون غيرهم من أولادهم، وإن كان حقه الصدق عليهم، لكن غلب على هؤلاء، حتى إنه إذا أطلق " ابن عمر " لا يفهم منه غير عبد الله، وكذا " ابن عباس " و " ابن مسعود " رضي الله عنهم أجمعين، وهذه الاضافة لا تفارقه، لا في نداء، ولا في غيره، نحو: " يا ابن عمر ".

 ***