المادة: العقائد 2
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon akeda 05.doc

- مزايا القرآن الكريم:

هناك ثلاث مزايا للقرآن الكريم، امتاز بها هذا المعجز وهذا الكتاب السماوي الذي تحدى الجميع على الإتيان بمثله.

ثلاث مزايا تفرد بها القرآن الكريم كمعجزة سماوية من بين جميع المعاجز التي ظهرت على يد الأنبياء السابقين (عليه السلام). من أول نبي وجد على ظهر هذا الكوكب ودعا الناس إلى عبادة الله تبارك وتعالى وحتى النبوة الخاتمة.

كل نبي كانت له معجزة وهذه المعجزة كانت مقترنة بإدعاءه النبوة والرسالة إتيانه بنبأ من السماء يبلغه للناس.

فلموسى (عليه السلام) كانت معجزات كالعصا، اليد البيضاء و..

ومعاجز عيسى (عليه السلام) أبرء الاكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله و.. والنبي داوود وسليمان كذلك لها معاجز والنبي هود وصالح أيضاً. كلهم كانت لهم معاجز. ولكن لو قارنا القرآن الكريم بالمعجزات الأخرى التي أتى بها سائر الأنبياء، لوجدنا المزايا التالية، الخاصة بالقرآن:

1- القرآن يتكفل الهداية الروحية ولا يكتفي بالآثار الجسمية والمادية.

2- الخلود ومجاراة كل عصر. (سمة بارزة من سمات القرآن الكريم).

3- القرآن يستخدم أبسط الأدوات وهي الحروف الأبجدية في إثبات الإعجاز.

- المزية الأولى: حينما ألقى موسى (عليه السلام) عصاه فتحولت إلى ثعبان مبين وهذا الثعبان التقف الآثار السحرية التي أتى بها السحرة في عهد فرعون، في الحقيقة، الأثر كان أثر ظاهرياً. يعود إلى الظواهر المادية، يعني من الناحية الفيزياوية. كتلة معينة إنما تتشكل من خشب وهي عبارة عن عصا. (وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى) طه: 17:18.

هذا الأثر أثر مادي، التحول الفيزيائي، يعني هذا الجسم يتحول من شكل خاص وهو العصا إلى شكل آخر، بصورة ثعبان، فإعجازه كان بصورة أثر مادي أو جسمي.

وكذلك عيسى (عليه السلام) لما كان يعالج مريضاً أو يحيى ميتاً بإذن الله تعالى الأثر كان يرى، هذا الأثر الظاهري في الجسم، يعني الجسم الساقط بلا حراك يأتي عيسى (عليه السلام) يقرأ دعاء ويمسح يده على مثلاً، وإذا يحيى بإذن الله ويمشي، فهذا أثر ظاهري أثرجسمي، أثر تنعكس آثاره على هذا الذي نشاهده.

لكن نلاحظ القرآن الكريم:

- المزية الأولى: القرآن الكريم يتكفل الهداية الروحية والمعنوية، ولم يتوقف على الجانب الظاهري المادي. فالأنبياء كلهم متفقون على أن الإنسان مكون من روح وجسم، الأشياء التي تساعد الجسم على النمو وجمال الظاهر والصحة والنظافة واللياقة و..من جانب ولمن تهذيب النفس والروح وإنضاج العملية التربوية بحيث تصير النفس شفافة، صقيلة، بعيدة عن الدرن، نظيفة تحلق إلى درجة انه يتشرف بها هذا الإنسان ويصل إلى مراتب السمو المعنوي والكمال.

فمعجزات الأنبياء السابقين (عليه السلام) كلها كانت دلائل على استنادها هذا النبي إلى القوة الغيبية والى مصدر الخليقة ولكن لم يكن فيها هذا الجانب، الذي تكون نفس المعجزة التي هي دليل على إعجاز النبي، نفسها تكون مؤثرة في الهداية الروحية والمعنوية وسمو الذات، فكما نجد في القرآن الكريم، أنه يصف قوانين المجتمع والبنية الفوقية للمجتمع، نجد في نفس الوقت ينظر إلى البنى التحتية وكيفية تهذيب النفس وصقل الشخصيات والتزكية.

(هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) الجمعة: 2.

نجد أن التزكية مقدمة في هذه الآية وهي هدف بعثة النبي والرسالة.

نجدها مقدمة على التعليم وتعليم الكتاب والحكمة.

إذن، التزكية أساس كل شيء وهي البنية التحتية بالنسبة إلى أهداف الرسالة،  وبناءا عليه نقول، كل آية فيها دعوة إلى الخير إلى العمل الصالح وإلى الكمال، ليس مجرد نظرية، وإنما عليه تربوية تهذيبية مستمرة، والتاريخ ملئ بهذه النماذج، كما أن القرآن نفسه يعبر قائلاً: بأنه كتاب هدى وهداية وبيان وفيه خير الدنيا والآخرة.

- المزية الثانية: المزية الأخرى التي تفرد بها القرآن الكريم أنه لم يقتصر على عصر واحد وإنما الخلود ومجاراة كل عصر سمة بارزة من سمات القرآن الكريم.

القرآن يتحدث عن نفسه في كل عصر، يعني ليس من الضروري تقارن هذا المعجز مع من أتى به حتى يؤثر أثره. فمعاجز الأنبياء (عليه السلام)، عيسى (عليه السلام) مثلاً، لابد من حضور عيسى (عليه السلام) وقيامه بعملية إبراء الأكمه أمام جماهير من الناس، ثم يلتفتون إلى النبي ويؤمنون برسالته، إذن وجود مدعي النبوة وإتيانه بالمعجز بجانب معجزته كان هو دليل صدق دعواه. بينما القرآن الكريم يتحدث عن نفسه ويبرهن على عظمته وإعجازه ويثبت بأنه كلام الله تبارك وتعالى، حتى ولو لم يذكرنا بذلك النبي أتى به.

- المزية الثالثة: المزية الأخرى التي تفرد بها القرآن الكريم من بين سائر المعجزات، هو أنه يستخدم أبسط أدوات والأساليب في إثبات إعجازه. أي، الألف، والباء، فالقرآن يتكون من سور والسور تتألف من آيات، تارة قصيرة، (مدهامتان) نفسها تتكون من الحروف الأبجدية، لكن المعجزات التي أتى بها موسى (عليه السلام) أو عيسى (عليه السلام) كانت من المواد الأولية التي كانت مستعصية على الآخرين. ولذلك في معاجز الأنبياء السابقين (عليه السلام) يستطيع أن يدعي الشخص الذي دعي إلى المقابلة والمجابهة أن يقول، بأنه أنا لا أملك الأدوات والخصائص التي أنت تملكها، لكن عظمة إعجاز القرآن أنه يتشكل من نفس الحروف التي يعرفها كل العرب، والموجود في كل لغة، ولم يأت النبي بحروف جديدة أخرى.

فلماذا لا يستطيعون أن يأتوا بمثل القرآن؟.

- حقيقة الإعجاز:

حقيقة الإعجاز تتركز في ثلاث عناصر:

1- ادعاء النبوة.

2- التحدي.

3- فشل الناس من المجاراة وعجزهم عن الإتيان بمثله.

هذه عناصر مهمة جداً.

- العنصر الأول: وقد ثبت سابقاً والناس كلهم مجمعين على ذلك والقرآن نفسه يحكي لنا ذلك.

(يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) الأعراف: 158.

- النقاط الهامة في هذا الإعلان:

أولاً: قال يا أيها الناس ولم يقل يا أيها العرب أو يا أبناء قريش أو يا أبناء الحجاز، أو يا أبناء عبد المطلب و.. بل كل إنسان وكل من ينطبق عليه عنوان الإنسان فهو مشمول بهذا النداء.

ثانياً: إني رسول الله، أعلن للناس انه صاحب دعوة سماوية من قبل الله بتارك وتعالى.

- العنصر الثاني: التحدي: نجد انه يقوم بعمل من شأنه أن يثبت انه على صلة بخالق الأرض والسماء، وواهب العلم والحكمة والقدرة، هذا التحدي يحرك الهمم والدواعي ويشجعهم على مجاراته ويتحداهم على الإتيان بمثل القرآن على ثلاث مراحل. واستعمل القرآن الكريم جميع وسائل الإغراء وجميع الطرق التي يدعو بها إلى التشجيع، وكان التحدي إلى درجة أنه في المجتمع الحجازي كانت البلاغة والفصاحة والخطب في مستويات راقية، ومع ذلك ما استطاعوا من  مجاراته، وطبعاً هذا التحدي مستمر إلى يوم القيامة.

- العنصر الثالث: نجد أنه رغم هذا التحدي عجز الجميع عن مجاراته ولم يأتوا بشيء، إذن العجز عن المجاراة ولم يقدروا على الإتيان بسوره من مثل السور القرآنية، وفضلوا أن تهتك حرماتهم، وتزهق نفوسهم وتذهب أموالهم هدراً وأكثر من ذلك، الضعف الذي أصابهم في مقابل غلبة المسلمين وغلبة الإسلام عليهم، كل هذا تحملوه ورأوه اسهل عليهم من أن يجاروا القرآن.