علوم نهج البلاغة
نهج البلاغة، هو ما اختاره السيد الشريف الرضي من خطب وكلمات ووصايا وأدعية، وقد قسمه إلى ثلاثة أقطاب –كما يقول في ذلك- أولها الخطب والأوامر، وثانيها الكتب والرسائل وثالثها الحكم والمواعظ...
وتم اختياره على ضوابط ومعايير: "فأجمعت بتوفيق الله تعالى على الابتداء باختيار محاسن الخط – ثم الكتب ، ثم محاسن الحكم والأدب مفرداً لكل صنف من ذلك باباً".
وهذه الأبواب ما هي إلاّ مجموع ما أورده الشريف الرضي من أقوال قالها أمير المؤمنين (عليه السلام) في مناسبات، أو تعليقات على الأحداث، أو أجوبة لمسائل مختلفة سُئل عنها. وهناك خطب ذكر فيها (عليه السلام) معلومات قيمة عن الكون الحياة والخلقة وكذلك عن مسائل يبتلى بها الإنسان في حياته. فهي علوم حجة ضمت بين دفتي هذا السفر العظيم، سكب فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) من علومه في ميادين متنوعة من الفلك والطبيعة والحساب والهندسة، والفلسفة والتاريخ والفقه والأخلاق.
فإذا كان رسول الله (ص) مدينة العلم فعليٌ بابها (كما ورد في تاريخ بغداد (11/48)، المستدرك على الصحيحين (3/137)، مجمع الزوائد (9/114)، المعجم الكبير (11/407)، تذكرة الحفاظ (4/1231)، لسان الميزان (1/179)، ميزان الاستيعاب (3/1102)، تهذيب الاسماء (1/319)).
من هنا فعليٌ (عليه السلام) مفتاح العلوم، بيده تفتح أبجديات المعارف العقلية والنقلية والمعارف الطبيعية والإنسانية، وكل العلوم التي تحتاجها البشرية لتحريك دواليب الحياة.
ولما كانت علوم أمير المؤمنين من علوم الرسول الأكرم (ص) فهي متناغمة مع الوحي، وهي تالياً حقائق ناصعة نصوع الشمس.
ولما كانت علوم أمير المؤمنين (عليه السلام) من المسلمات كان من المفترض ان يهبّ العلماء من كل صنف ونوع ويكبؤ على هذه المدرسة ويستلهموا منها المعارف البشرية ويفتحوا طرقاً لا زالت موصدة بوجه العلماء.
أليس أمير المؤمنين (عليه السلام) هو سلُوني قبل أن تفقدوني، فَلأنا بطرق السماء أعلم منّي بطرق الأرض.
وفي نهج البلاغة نجد بعض تلك الأجوبة التي سئُل عنها أمير المؤمنين وهي بحاجة إلى ذوي الاختصاص لفك رموزها واكتشاف بحورها وصولاً إلى الجوانب الغامضة من المعارف التي نحتاجها اليوم وغداً.
من هنا أما يستحق نهج البلاغة مزيداً من اهتمام العلماء من جميع الاختصاصات ليستخرجوا منه ما عجزت عنه البشرية من معرفته.
وهذه دعوة إلى المراكز البحثية في الجامعات ان تصب اهتمامها نحو نهج البلاغة لكشف الكثير من الألغاز والغوامض التي حيرت عقول العلماء ولازالت تحيرهم.