خلاصة البحث:

ورد في العين ان الطباق لغة من قولهم "طابقت بين الشيئين : جمعتهما على حذو واحد ، والزقتهما "، أي ان الطباق له دلالة الموافقة بين الشيئين . اما اصطلاحا فهو على العكس من ذلك ، الجمع بين الشيء وضده في الكلام ، كالبياض والسواد ، والعلم والجهل ، والحق والباطل ، الخ . ورأى البعض ان الطباق له دلالة المشقة ، بدلالة قوله تعالى "لتركبن طبقا عن طبق "أي مشقة بعد مشقة ، ولما كان الجمع بين الضدين شاقا سمي الكلام الذي يجمع بين الضدين مطابقة وطباقا .والطباق من الاساليب العربية المعروفة ، اغرم بها الأدباء ، وارودوها في نصوصهم للتدليل على تمكنهم من اللغة ، وتبحرهم في المفردات ، وقدرتهم على الإمساك بناصية المعاني ، كما زخر القران الكريم بباقات من هذا الأسلوب البلاغي .

ويتجلى تاثير الطباق في انه يجمع بين أضداد فيخلق بذلك صورا ذهنية ونفسية متعاكسة يوازن فيما بينها عقل القارئ ووجدانه فيتبين ما هو حسن منها ، ويفصله على ضده .

والطباق ينقسم على أساس الواثبات والنفي قسمين رئيسين :

  1. طباق ايجاب : اذا اجتمع في الكلام لفظين مثبتين متضادين ، مثل قوله عليه السلام : "عز سلطانك عزا لأحد له بأولية ، ولا منتهى له باخرية "، فقد جمع الكلام بين الاولية ، والاخرية .
  2. طباق سلب : هو ان يجمع بين لفظين احدهما مثبت ، والأخر منفي ، او احدهما أمر والأخر نهي ، مثل : "اللهم يامن يرحم من لايرحمه العباد ، ويا من يقبل من لاتقبله البلاد "، فهنا طباق بين يرحم ولايرحم ، والفعل هو نفسه ، نفي بلا ، وقوله "واحملني بكرمك على التفضل، ولاتحملني بعدلك على الاستحقاق "فهنا أمر ونهي نابعان من جذر لغوي واحد هو الرحمة .

وهناك تقسيم اخر للطباق على اساس نوع اللفظين المتضادين ( اسمين ، او فعلين ، حرفين )، وفي هذه الدراسة اعتمدنا التقسم الاول فحسب .

المقابلة :

هي ان يؤتى بمعنيين متوافقين او اكثر ، ثم يؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب .

مثل قوله تعلى "قل عندي ما اعتد به من طاعتك ، وكثر علي ما ابوء به من معصيتك "، فقد قابل بين فعلي قل وكثر ، وحرفي عندي وعلي ، ثم فعلي اعتد وابوء ، وثم اسمي الطاعة والمعصية .  

وهناك خلاف في كون المقابلة من مباحث الطباق ، او هي أسلوب مستقل عنه ، ونؤيد ما ذهب اليه القزويني في كونها احد أساليب الطباق ، لانها قائمة على التضاد ، مثلها مثل الطباق ، ولايتعارض ذلك مع كونها اعم منه ، وقيل ان الطباق يكون في المتضادين ، اما المقابلة فتكون في المتضادين وفي غيرهما .

النتائج

ويمكن إجمال ابرز نتائج البحث بالنقاط التالية :

  1. غلبة طباق الإيجاب على طباق السلب الذي قل استخدامه ، في حين تموضعت المقابلة في موضع بين الاثنين من حيث الكم .
  2. خلت بعض الأدعية من أسلوب الطباق ، مثل دعائه (عليه السلام ) إذا أقتر عليه رزقه ، ودعائه في الصلاة على حملة العرش .
  3. ان الطباق لم يكن أسلوبا زخرفيا ، زائدا ، بل جاء لاغراض دلالية ، منسجما مع السياق النصي ، غير اجنبي ولا دخيل عليه .
  4. ان الإمام قد استخدم الطباق في الأسماء والأفعال والحروف
  5. ان أكثر المفردات الداخلة في الطباق هي ثنائيات دينية ( دنيا / آخرة ) ( حسنات/ سيئات ) ، (هدى / ضلال) وتأتي المفردات الأخرى في المرتبة الثانية مثل ( ليل/ نهار ) ، ( سماء / ارض ) ، ونرى أنها الثنائيات القرآنية نفسها .