تصنیف البحث: السياسة
من صفحة: 553
إلى صفحة: 586
النص الكامل للبحث: PDF icon 180530-233139.pdf
خلاصة البحث:

تعد موضوعة الدراسة من المواضيع المهمة والمعاصرة في الفكر السياسي المعاصر، فمشروع الشرق الأوسط الكبير من المواضيع المعاصرة والتي ما زالت الولايات المتحدة تعمل على تحقيقها في المنطقة على الرغم من وجود معوقات كبيرة، فالولايات المتحدة عازمة على إصلاح ودمقرطة أنظمة الشرق الأوسط ولاسيما الأنظمة العربية بما يتوافق مع المصلحة الأميركية أولا وبما يؤمن مصلحة وأمن إسرائيل في المنطقة ثانياً، وأبعاد شرور التنظيمات الارهابية والحركات المتشددة، فلا يمكن للباحث في مشروع الشرق الأوسط الكبير أن يدرس المشروع بأنه مشروع إصلاحي فقط دون الكشف عن البنية الحقيقية لهذا المشروع الاميركي، لان تداعياته السياسية وتشكيل مراحله لازالت في طور التكوين، وربما نحن أمام عصر تكويني خامس أو سادس من عصور الشرق الأوسط كما يسميها ريتشاد هاس، وعلى نحو التكوين فهذا المشروع يحتاج إلى سنوات وعقود من الزمن، لان عملية الإصلاح الديموقراطي تحتاج صبراً طويلاً وإصلاح مؤسساتي تدريجي، وقد كشفت الدراسة ذلك من خلال دراسة المشروع الديموقراطي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وتاريخية ذلك المشروع في الفكر السياسي الاميركي والأوربي، وأهمية المنطقة بالنسبة للولايات المتحدة. وهذا ما تم دراسته على شكل مبحثين تناول المبحث الأول مشروع الشرق الاوسط (الجذور والدوافع)، وقد تم تقسيم المبحث الى مطلبين تناول الاول التطور التاريخي لمفهوم الشرق الأوسط، في حين تناول المطلب الثاني الدوافع الاميركية المحركة لمشروع الشرق الأوسط الكبير وأثرها في صياغة ذلك المشروع. أما المبحث الثاني تناول المشروع الديموقراطي الأميركي للشرق لأوسط وقسم المبحث الى مطلبين أيضا تناول المطلب الأول تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح لتقويض الإسلام الراديكالي، أما المطلب الثاني تناول موضوعة القوة الناعمة ودورها في ترسيخ المشروع الديموقراطي الأميركي. إضافة الى الخاتمة والاستنتاجات.

Abstract

This study has been regarded as one of the important topics within the contemporary political thought, the Greater Middle East Project is one of contemporary topics, and the United States continue working to implementing it in the region despite there are many obstacles, The United States is planned to reform and democratize the Middle East regimes, particularly the Arab regimes in line with American interests firstly, and to secure the Israel's presence and interests in the region secondly, and combating terrorist groups and extremist movements.The researcher in the Greater Middle East project can not understand this project as a reformist project only without disclosing the true structure of this American project, because its political implications and formation stages are still in the formative stage, and perhaps that we are facing the forming of the fifth or sixth era of the Middle East eras as Richard Haass calls it, As the formative stage, this project needs to years and decades, because the democratic reform process requires patience and a long gradual institutional reforms, This study will reveal that by examining the democratic project brought by the United States in the Middle East, This study will reveal that by examining the democratic project brought by the United States in the Middle East, and its historical American and European political thought, and the importance of the region for the United States.

البحث:

المقدمة

حظي الشرق الأوسط باهتمام كبير في السياستين الغربية والأميركية على حدٍ سواء، منذ بداية القرن العشرين والحرب العالمية الأولى واتفاقية سايكس بيكو، وبداية الاستعمار الأوربي المتمثل في الاستعمار البريطاني ــــ الفرنسي في المنطقة العربية، وبعد الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة بين المعسكرين الاميركي ــ السوفيتي، واحتدام الصراع بين المعسكرين على منطقة الشرق الأوسط والبدء بسياسة الاحلاف والاحلاف المضادة بين المعسكرين، وبداية التدخلات المباشرة في المنطقة، والشرق الأوسط الذي عد ساحة نزال ومنافسة بين القوى المتصارعة، وحتى نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي وانفراد الولايات المتحدة في النظام الدولي وتسيدها العالمي، وإطلاق مشروع الشرق الأوسط الجديد من قبل الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، وبداية التفكير لمشروع القرن الاميركي، حظي الشرق الأوسط أهمية كبيرة في التفكير السياسي والاستراتيجي للولايات المتحدة الامريكية، وبدأت مراكز الأبحاث الأميركية بتقديم الدراسات والخطط لاطلاق مشروع الشرق الأوسط، إلى أن جاءت أحداث 11/9/ 2001م، وبدأت الإدارة الأميركية التفكير بجدية وعزم في إصلاح الأنظمة السياسية الديكتاتورية في المنطقة، والداعمة للإرهاب وتحديث المنطقة ودمقرطتها وفق الرؤية الأميركية وبما يتناسب مع المصالح السياسية والامنية للولايات المتحدة وإسرائيل، ولذلك اطلقت الادارة الأميركية مشروع الشرق الأوسط الكبير ومبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية وتحديث المجتمعات والأنظمة السياسية للمنطقة؛ لإبعاد شرور الإسلامين الراديكاليين، مستنداً لتقريري الأمم المتحدة للتنمية البشرية العربية 2002ـــ2003م، ليدخل ذلك المشروع حيز التنفيذ بعد الحرب على افغانستان والعراق.

اهمية الدراسة:

تكمن اهمية الدراسة العلمية من كونها تبحث في الفكر السياسي الأميركي المعاصر أولاً، وأحد تجليات هذا الفكر ثانياً، ألا وهو مشروع الشرق الأوسط الكبير، وأهميته بالنسبة للسياسة الأميركية المعاصرة لاسيما بعد ظهور تنظيم "داعش" في المنطقة.

اهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى:

  1. دراسة ماهية مفهوم الشرق الأوسط عبر المراحل التاريخية من خلال البحث في الجذور التاريخية لهذا المفهوم.
  2. دراسة الأهمية الجيوسياسية والاستراتيجية للشرق الأوسط، وأهميته المعاصرة في العقل السياسي الاميركي.
  3. الدوافع السياسية والفكرية التي دفعت الفكر السياسي الاميركي إلى إطلاق مشروع الشرق الأوسط الكبير.
  4. دراسة اثر المتغيرات في البيئة السياسية وانتهاء الحرب الباردة ومصادر الطاقة وأمن إسرائيل، وأحداث 11/9/2001م، وأثرها في صياغة المشروع الأميركي.
  5. دراسة الفكر السياسي الأميركي المعاصر في إصلاح المجتمعات الشرق أوسطية وطريقة دمقرطة تلك المجتمعات وإصلاح انظمتها السياسية، انطلاقاً من الرؤية الأميركية المعاصرة وفق وسائل تحقيق الهدف الأميركي (القوة الصلبة والناعمة).

فرضية الدراسة :

تنطلق الدراسة من فرضية اساسية مفادها (أن الولايات المتحدة الأميركية ما زالت تفتقر إلى استراتيجية واضحة المعالم في سياستها في الشرق الأوسط سواء فيما يتعلق بعملية إصلاح الأنظمة السياسية في المنطقة ودمقرطتها، أم ما يتعلق في المحافظة على استقرار الوضع السياسي في المنطقة بشكل عام). وبهذا ستحاول الدراسة اثبات صحة هذه الفرضية.

منهجية الدراسة :

اعتمدت المنهجية العلمية في التحقق من صحة فرضية الدراسة على المنهج التاريخي والمنهج التحليلي ويعتمد المنهج التاريخي في دراسة التطورات التاريخية لمفهوم الشرق الأوسط، فهو منهج ضروري لكل الدراسات والبحوث الانسانية، اما المنهج التحليلي فيعتمد في تحليل المواقف وأحداث الخاصة بموضوع الدراسة.

هيكلية الدراسة :

اقتضت الضرورة العلمية للدراسة تقسيم الدراسة على مبحثين، فضلاً عن مقدمــــــــــة وخاتمـــــــــــــــــــــة، وجاءت بالشكل الآتي:

المبحث الأول : مشروع الشرق الأوسط الكبير(التطور التاريخي والدوافع)، واشتمل على مطلبين، تناول المطلب الأول التطور التاريخي لمفهوم الشرق الأوسط، اما المطلب الثاني فقد خصص بدراسة الدوافع الأميركية المحركة لمشروع الشرق الأوسط الكبير.

أما المبحث الثاني : فقد خصص لدراسة عنوان المشروع الديموقراطي الاميركي للشرق الأوسط، وأشتمل على مطلبين ايضا، خصص الأول لدراسة تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح لتقويض الإسلام الراديكالي، اما الثاني فتناول القوة الناعمة ودورها في ترسيخ المشروع الديموقراطي الأميركي في المنطقة.

المبحث الأول :مشروع الشرق الأوسط الكبير (التطــور التاريخي والدوافع)

تشكل منطقة الشرق الأوسط اهمية كبيرة من حيث موقعها الجيوسياسي والاستراتيجي، فضلاً عن اهميتها النفطية، ونتيجة لتلك الأهمية كان هناك اهتمام مبكر في منطقة الشرق الأوسط وصراع بين القوى الاستعمارية من اجل السيطرة على تلك المنطقة. فالحديث عن مشروع الشرق الأوسط الكبير، يتطلب - بصورة أو بأخرى - التطرق للتطور التاريخي لمفهوم الشرق الأوسط، والدوافع الأميركية التي دفعت بالفكر السياسي الاميركي بإطلاق مشروع الشرق الأوسط الكبير. ولهذا سيتناول هذا المبحث مطلبين: تناول المطلب الأول: التطور التاريخي لمفهوم الشرق الأوسط. اما المطلب الثاني فتناول: الدوافع الأميركية المحركة لمشروع الشرق الأوسط الكبير.

المطلب الأول: التطـــــــور التاريخي لمفهوم الشرق الأوسط

يبدو أن مفهوم الشرق الأوسط مفهوم متحرك غير مستقر بالمعنى التاريخي، حتى في أبعاده الجغرافية والسياسية فقد تغيرت الصياغات السياسية والجغرافية والمسميات بالنسبة لهذا المصطلح، من الشرق الأوسط إلى الشرق الأوسط الجديد إلى الأورومتوسطية إلى الشرق الأوسط الكبير حسب المفاهيم الغربية (الأوربية والأميركية)([1]). ويعد المؤرخون أن ولادة الشرق الأوسط المعاصر جاءت في أواخر القرن التاسع عشر، ويشير البعض إلى أن أولى مؤشراتها كانت مع توقيع معاهدة السلام بين روسيا والسلطة العثمانية في عام 1774م([2]).

إن مفهوم الشرق الأوسط يرجع في جذوره إلى بدايات القرن العشرين، حينما استخدمه رجل الاستخبارات البريطاني الجنرال توماس جوردن عام 1900م، في تنبيهه للحكومة البريطانية من الخطر الروسي على مصالحها في الهند، وأن كان المفهوم قد ارتبط بالجنرال الاميركي الفرد ماهان عام 1902م، حين نبه الحكومة البريطانية لأهمية منطقة الخليج العربي التي اطلق عليها الشرق الأوسط للإمبراطورية البريطانية ومصالحها في الهند، ليبدأ المفهوم بعد ذلك بالانتشار في الدوائر الاستعمارية الغربية، ([3]).وفي العام نفسه كذلك كتب فالنتاين شيرول مراسل جريدة التايمز البريطانية مجموعة مقالات امتدت لعدة شهور تحت عنوان (المسألة الشرق أوسطية)، حيث كرس فالنتاين مقالاته للبحث عن مقومات الاستراتيجية المتوفرة في المنطقة، والتي تعدها بريطانيا ضرورية لتأمين الدفاع عن مستعمراتها في الهند، والتي كانت توليها اهمية بالغة في ذلك الوقت. ونظراً لأهميتها، فقد اطلق عليها جوهر المستعمرات البريطانية. وقد تطور هذا التعبير وتصاعد وفق استخداماته المرتبطة بالمصالح البريطانية([4]). ليصل بعد ذلك إلى تأسيس قيادة الشرق الأوسط في القيادة العسكرية للحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

وقد استخدم هذا المفهوم للدلالة على المنطقة التي يقع مركزها في الخليج العربي الواقع بين منطقتي الشرق الادنى والشرق الاقصى، وفي هذا الاطار شاعت فكرة الشرق الأوسط في السياسة البريطانية، وفكرة المشرق في ادبيات السياسة الفرنسية، وكلاهما مفاهيم جيوسياسية واستراتيجية دلت على طبيعة مخططات القوى الاستعمارية الأوربية ازاء شرقها هي بالمعنى الجغرافي، وعكست استراتيجيات تقاسم مناطق النفوذ بينها، وخصوصا مع اكتشاف البترول في كل من أيران والعراق وشبه الجزيرة العربية([5]). وهكذا تداخل في المشروع الاستعماري الجغرافيا والتاريخ والأيديولوجيا وحمل المفهوم في طياته تطوراَ لعلاقة الوطن العربي بالعالم الغربي لعصر ما قبل الحرب العالمية الأولى.

جاءت الحرب العالمية الأولى لتسجل نهاية ذلك العصر أو ما يسميه ريتشارد هاس العصر الأول([6])، بالتزامن مع انحطاط وتفكك الدولة العثمانية، ليبدأ الأوربيون بعد ذاك بالتوغل في المنطقة، وتقاسم غنائم الحرب بين الدول الأوربية المنتصرة معلنة بداية عصر الاستعمار، التي شهدت فيه المنطقة هيمنة فرنسية ــ بريطانية دامت نحو اربعة عقود، والذي سرعان ما انتهى في اعقاب الحرب العالمية الثانية التي استنزفت قوة الأوربيين، بالتزامن مع بروز القومية العربية، وظهور قوتين عظيمتين على مسرح السياسة الدولية، وفي هذا الاطار يعد المؤرخ البرت حوراني أن ازمة السويس في العام 1956م كانت المؤشر على نهاية عصر الاستعمار(العصر الثاني) وبداية عصر الحرب الباردة في المنطقة، لافتاً إلى أن من يحكم الشرق الادنى يحكم العالم، ومن له مصالح في العالم يظل مقيداً بقضايا هذه المنطقة([7]).

لم يكن مفهوم الشرق الأوسط يشير في الواقع إلى حيز جغرافي معين ولا تاريخ محدد مشترك لشعوب المنطقة، بل استند بالإساس إلى نظرة السياسات الاستعمارية، غير أن مفهوم الشرق الأوسط بدا في الانتشار اثناء الحرب العالمية الثانية على يد الحلفاء، للإشارة إلى الاقليم الممتد من جنوب اسيا إلى شمال افريقيا، ثم اخذ تعبير الشرق الأوسط يحل تدريجياً محل مصطلحات اخرى سادت في الاستعمال مثل الشرق الاقصى، والشرق الادنى([8]). ومع قيام دولة إسرائيل عام 1948م ركز المؤسسون الأوائل على مفهوم الشرق الأوسط للتضليل الحضاري على المنطقة. فالشرق أوسطية كفكره تنسب إلى مراكز خارج الشرق الأوسط، هو أوروبا تدريجياً وإلى الغرب، وفيه الآن الولايات المتحدة قطبه الاكبر، وهي لم تعبر ابداً عن نطاق جغرافي تاريخي محدد على وجه الدقة، بل تعرض للانكماش والتوسع مع تغير المشاريع الغربية والأميركية اتجاه الوطن العربي والعالم الإسلامي([9]). الا أن السياسة الأميركية بقيت مدركه للأهمية الجيوستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط من عام 1902م، عندما اكد ماهان على اهمية المنطقة بقولة "إن الشرق الأوسط سواء كان مفهوما استراتيجيا ام مفهوماً حدودياً للأجزاء الجنوبية للبحر المتوسط والامتداد الاسيوي، فأنه مرشحٌ ليكون موقعاً للمواجهة المستقبلية بين الاستراتيجيات المتصارعة([10]). فالإدراك الاميركي لأهمية المنطقة تبدو بعيده، ليس فقط ادراك اهميتها وانما دراستها عن بعد وهذا ما يبدو واضحاً في كتابات جون ليديارد وهو صديق توماس جيفرسون وربما يعد من أوائل الشخصيات الأميركية التي تدرك اهميــــــــــــــــــــــــــــة الشرق الأوسط عندما كتب " انه لمن الغريب ان اللغة العربية لا تحتوي على كلمة الحرية "([11]). وهذا يكشف عن مدى اهمية المنطقة العربية في الفكر السياسي الاميركي منذ زمن بعيد. ليبدأ التدخل الاميركي الفعلي في منطقة الشرق الأوسط بعد ذلك وتمثل بالإطاحة بنظام مصدق في أيران وتثبيت حكم الشاه، ثم جاء الرئيس الاميركي أيزنهاور بمبدأ سياسة ملئ الفراغ، كي تحل الولايات المتحدة محل الاستعمارين البريطاني والفرنسي([12]). ليمد ذلك المبدأ نطاق المجال الحيوي للولايات المتحدة الأميركية إلى الشرق الأوسط، وابرز تطبيقات المبدأ بعد أن سمح الرئيس باستخدام القوات المسلحة الأميركية، خارج الحدود في الشرق الأوسط، وكان التدخل المباشر في لبنان والاردن. ليأتي بعد ذلك مبدأ نيكسون والإنابة المدعومة، والتي صيغت بعد ذلك إلى نظرية (فتنمه الحرب) أي جعل النظم المؤيدة للولايات المتحدة تلعب دورها في الدفاع عن مصالحها ومصالح الحليف الاكبر. وقد بدأ مبدأ نيكسون تطبيقاً في التحركات المكوكية لهنري كيسنجر، من أجل أن يقرر الشرق أوسطيين مستقبل الشرق الأوسط، برعاية العراب الأميركي، ومن هنا بدأت المفاوضات المباشرة بين الكيان الصهيوني والنظام الساداتي، والتي انتهت بتوقيع اتفاقيتي سيناء الأولى والثانية، وجاء بعد ذلك مبدأ كارتر، في الشرق الأوسط، ليطرح ضرورة اعتماد القوة لغزو حقول النفط، وخاصة بعد حرب 1973م،واستخدام النفط كسلاح([13]). ليستمر التدخل الاميركي في المنطقة بعد ذلك في عهد الرئيس ريغان في ثمانينات القرن الماضي، على المستويين السياسي والاقتصادي وفقاً للمصلحة الأميركية، لكن من الخطأ القول أن العصر الثالث (عصر الحرب الباردة)، كان مجرد مرحلة تنافست فيها القوى العظمى بشكل منظم، فحرب حزيران 1963م، أحدثت تغييرا في موازين القوة، فيما اظهر استخدام النفط كسلاح اقتصادي . وسياسي، في حرب 1973م، وهشاشة الولايات المتحدة والعالم، سواء فيما يتعلق بالقدرة على تأمين النقص في الموارد النفطية والقدرة على التحكم في اسعارها، في وقت أوجدت فيه موازين الحرب الباردة، اطاراً سياسياً، استطاعت من خلاله القوة الاقليمية أن تحافظ على استقلالية كبيرة للعمل وفقاً لأجندتها الخاصة، وجاءت الثورة الإسلامية في أيران لتطيح بدعائم السياسة الأميركية في المنطقة، ولتظهر عدم قدرة القوة الخارجية على التأثير، في الاحداث المحلية، عدا أن الدول العربية كانت قد نجحت في مواجهة المحاولات الأميركية لجرها مشاريع مناهضة للسوفييت، فيما ادى الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982م، إلى ولادة حزب الله، وقت استزفت فيه الحرب العراقية الإيرانية هذين البلدين طيلة عقد من الزمن([14]). لينتهي بذلك العصر الثالث معلناً بداية العصر الرابع (عصر ما بعد الحرب الباردة) على منطقة الشرق الأوسط. ليبدأ ذلك العصر بالترويج بتحقيق السلام في المنطقة، وهو ما عبر عنه روبرت ماكفرلين، مستشار الامن القومي الاميركي الاسبق عام 1988م، بقولة "يجب أن يكون للتوجه السياسي بعده الاقتصادي، على اساس أن السلام في الشرق الأوسط هو مصلحة عالمية، وانه يجب تأمين تكاليف هذا المخطط عالمياً([15]).

وتعود أيديولوجيا الشرق الأوسط الكبير إلى طروحات المؤرخ البريطاني برناند لويس في مقال له نشر في مجلة الشؤون الخارجية بعنوان (أعادة هيكلية الشرق الادنى) عام 1992م ([16]). ولكن قبل ذلك وبعد عقد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991م، طرح شمعون بيريز مفهوم الشرق الأوسط الجديد، وألف كتاباً حمل العنوان نفسه يدعو فيه إلى اختراق العالم العربي، من خلال النشاط الاقتصادي بالتوازي مع الدعم الأميركي السياسي والاقتصادي للمنطقة العربية، وهو الطرح ذاته الذي عبر عنه روبرت ماكفرلين، بأن يكون للتوجه السياسي بعده الاقتصادي، لان بيريز كان يدعو إلى اختراق اقتصادي مسنود بتوجهات سياسية اميركية. الا أن تعثر عملية السلام، وانهيار اتفاقية أوسلو عام 1993م، ووصول اليمين المتطرف إلى الحكم ورفضه لهذا المفهوم، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى وفي اعقاب حرب الخليج الثانية والتواجد الأميركي في منطقة الخليج، تبنت الولايات المتحدة استراتيجية شاملة لمنطقة اسيا الوسطى والخليج العربي وبقية الدول العربية تحت مفهوم منطقة مترامية الاطراف من المغرب غرباً إلى هضبة التبت شرقاً وتضم تركيا وإيران وباكستان وافغانستان، كما ظهر مفهوم (الشرق الأوسط الكبير) في التقرير الاستراتيجي السنوي لعام 1995م، الصادر من معهد الدراسات الاستراتيجية القومية التابع لوزارة الدفاع الأميركية، حيث خصص فصل منفرد للشرق الأوسط الكبير من المغرب حتى الحدود الصينية ليشمل المغرب العربي واسيا العربية واسيا الوسطى الإسلامية وجنوب اسيا([17]). وفي عام 1999م، حدث تطور عسكري هام مرتبط بالشرق الأوسط الكبير، تمثل في نقل وزارة الدفاع الأميركية امر القيادة العليا للقوات الأميركية في اسيا الوسطى من قائد القوات الأميركية في الباسفيك (المحيط الهادي) إلى القيادة المركزية للشرق الأوسط التي كانت تعرف بقوات الانتشار السريع. الا أن مع اعلان بوش الابن مبادرته (الشرق الأوسط الكبير) نجد أن هناك تحولا في طرح حدود هذا المفهوم خاصة منذ انعقاد مؤتمر قمة الثماني ومشاركة الدول الأوربية، حيث اصبح يطرح الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا، وكأن منطقة المغرب العربي خارج نطاق الشرق الأوسط الكبير([18]).

يتضح مما سبق أن مفهوم الشرق الأوسط لم يكن وليد مرحلة معينة، فهو يطلق على المنطقة العربية بشكلٍ ثابت بينما يتحدد احياناً ليشمل دولاً اخرى أو ينكمش وفقاً للسياسات الاستعمارية الغربية آنذاك، ووفقاً لأهداف القوة المسيطرة والتي تختلف من مرحلة إلى اخرى. واذا كان الشرق الأوسط غير واضح المعالم، بالنسبة للسياسات الاستعمارية، فان الدوافع الأميركية لشرق الأوسط تبدو واضحة بشكل اكبر.

المطلب الثاني : الدوافع الأميركية المحركة لمشروع الشرق الأوسط الكبير

تعد منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي احدى اهم المناطق الحيوية والاستراتيجية للمصالح الغربية عموماً والأميركية بوجه خاص، ليس بسبب موقعها الجغرافي والاستراتيجي فحسب، وانما لدوافع اخرى، وفيما يأتي اهم الدوافع التي حركت العقل السياسي الاميركي ليطلق مشروع الشرق الأوسط الكبير.

اولاً: القيم الأميركية والروح التوسعية للفكر السياسي الاميركي.

ثانياً: النفط وضمان أمن إسرائيل.

ثالثاً: تغير البيئة السياسية وانتهاء الحرب الباردة.

رابعاً: احداث 11/أيلول سبتمبر 2001م.

وسنحاول _ وبشيء من التفصيل _ توضيح هذه الدوافع

1.القيم الأميركية والروح التوسعية للفكر السياسي الأميركي

في مطلع القرن التاسع عشر أو عام 1812م، على وجه التحديد قال الروائي هيرمان ميلفيل([19]) "نحن رواد العالم وطلائعه..اختارنا الرب، والانسانية تتطلع إلى سلالتنا وتنتظر منا الكثير، ونحن نشعر في مكنون انفسنا بالقدر على فعل الكثير، لقد بات لزاماً على الكثير من الأمم أن تحتل المؤخرة.. نحن الطليعة ننطلق إلى البرية لنقدم مالم يستطع أن يقدمه الأوائل"([20]). وما قاله تيودور روزفلت 1858ــــ 1919م،" أمركة العالم مصير امتنا وقدرها"([21]).تلك الأقاويل وغيرها تعكس إلى حدً كبير الروح التوسعية للفكر السياسي والاستراتيجي للولايات المتحدة في وقتنا الحاضر. ففلاسفة الفكر الاميركي يؤمنون بأن الولايات المتحدة الأميركية امة صاحبة رسالة عالمية، وقد كلفها الله بتلك الرسالة وهذه الرسالة امتزجت مع الفكر السياسي الأميركي بروحه التوسعية ومضمونه البراغماتي الواقعي، لتظهر بمظهر الامة المكلفة بحماية الارض وبرعاية كونية، فالتفكير البراغماتي العملي يحتاج إلى النجاح حتى لو تخلى عن الروح الاخلاقية، وهذا يتسق كثيراً مع قول الكسندر هاملتون 1755ـــ1804م، أول وزير خزانة في الولايات المتحدة بقولة" النجاح لا يعرف الاخلاق"([22]). فالنجاح الاميركي ربما يفرض اخلاقيات من نوعٍ آخر تختلف عن اخلاقيات العالم الآخر. هذه الأقاويل والخطب ومبادئ الرؤساء الأميركان خلقت ارضية فكرية واصبحت خلفية فكرية للسياسات الأميركية اللاحقة، فمفهوم الشرق الأوسط ادركه العقل الاميركي منذ وقت مبكر، فتوماس جيفرسون يعتقد أن الولايات المتحدة لا تستطيع الاعتماد على أي معاهدات سلام مع أي دولة شرق أوسطية والتي ترتبط معاهداتها مع حياة حاكمها([23]). اذاً فالاعتقاد الراسخ في العقل الاميركي بأن جذور القيم الديموقراطية والإصلاح التي تروج لها الولايات المتحدة اليوم عبر مشروع الشرق الأوسط والعالم العربي، موجوده في القيم الدينية الأميركية والسلوك الاميركي، وأن قيم الديموقراطية تتطلب هذه الارضية لتدعيمها([24]).

يقول جون مكين في مقال نشر في فصلية فورين أفيرز(الشؤون الخارجية الأميركية)، "يجب إن نسير قدماً نحو ربط الأمم الديموقراطية بعضها مع بعض في منظمة واحدة، منظمة رابطة الديموقراطيات العالمية" وهذا ما تسعى اليه اليوم الولايات المتحدة في مشروعها الشرق أوسطي وهذه ستكون مختلفة عن خطة ودر وولسون، خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، بأنشاء عصبة الأمم ذات العضوية المفتوحة، بل اقرب إلى ما تخيله تيودور روزفلت، حيث الدول المتشابهة تعمل بشكل لصيق بعضها مع بعض من اجل السلام والحرية، وهذا ما روج له المحافظون الجدد، لفكرة تأسيس رابطة الدول الديموقراطية، يكون هدفها الدفاع والمحافظة على مصالح هذه الدول ومصلحة الولايات المتحدة([25])، وربما هو الهدف الاكبر وراء مشروع الشرق الأوسط الكبير.

فقد وضعت الادارة الأميركية في عهد بوش الابن المصلحة الأميركية أولاً واخيراً وتناغمت مع مقولة روزفلت" إن قدرنا هو امركة العالم"، في صياغة اميركية معاصرة تحت مفهوم النظام العالمي، مقسمة المجال لإقامة نظام شرق أوسطي وفق المقاييس الأميركية([26]).لذلك فإن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في بداية القرن الحادي والعشرين هي محاولة الجمع بين الترويج للقيم وقواعد السلوك بين العرب والمبنية على اساس العقيدة الأميركية مع دعم لدولة إسرائيل، التي تستند سياستها إلى الأطروحة الأميركية المضادة([27])،وهيمنة الاحلاف العسكرية والحكم على الشعوب الاخرى على اساس مزيج من مزاعم ليس لأي منها ترابط مع القيم الليبرالية الشاملة([28]).وهذا ما أعلنت عنه كونداليزا رايس حينما كانت مستشارة للأمن القومي الأميركي عام 2002م، بأن الولايات المتحدة تريد تحرير العالم الإسلامي ونشر الاسلوب الديموقراطي في ربوعه أولاً، وثانياً نريد تغير الأنظمة السياسية العربية، وهو ما تجلى بمشروع الشرق الأوسط الكبير، والاطاحة بنظام صدام حسين لدمقرطة المنطقة وضمها لرابطة الديموقراطيات العالمية التي اعلن عنها المحافظون الجدد.

اذاً ما يمكن قوله أن القيم الأميركية التي خلقها المؤسسون الأوائل، والروح التوسعية للفكر السياسي الاميركي كانت دافعاً مهماً لمشروع الشرق الأوسط في المنطقة، فالخطب والتصاريح الأميركية الرسمية وغير الرسمية، الممتزجة بالقيم الأميركية الدينية وغير الدينية، مثلت مرجعاً فكرياً للسياسات الأميركية المعاصرة، وخلقت فكراً سياسياً اميركياً بُنيت على اساسه مشاريع واحتلت دول، واسقطت أنظمة سياسية، بتلك المرجعية الفكرية، ومشروع الشرق الأوسط هو احد افرازات ذلك الفكر.

2. النفط وضمان أمن إسرائيل

احتلت مسألة النفط جانباً كبيراً من اهتمامات كافة الادارات الأميركية المتعاقبة، نظراً لما يشكله النفط من مصلحة اساسية للولايات المتحدة الأميركية، والقوى الكبرى، بسبب وجود احتياطيات بترولية ضخمة ومؤكدة، سهلة الاكتشاف، ومنخفضة التكاليف مقارنة بأية منطقه اخرى في العالم، وما قاله السيناتور الاميركي أوين بروستر في أيار عام 1947م، يؤكد ذلك يقول " إن من يقعد على صمام النفط في الشرق الأوسط يمكنه أن يتحكم في مصير أوروبا"([29]). يشكل هذا القول في مضامينه وخلفياته اهمية النفط العربي كضرورة اقتصادية ـــ عسكرية وكقوة سياسية فاعله في فرض شروط الاقوياء، واحكام السيطرة الكونية ومقدرات الدول والشعوب. ففي شهر مارس من العام 2001م، صرح سبنسر ابراهام أول وزير طاقة في ادارة بوش الابن قائلاً "اميركا مقبلة على ازمة كبيرة في توفير الطاقة في العقدين القادمين، وأن أي فشل في مواجهة هذا التحدي سيعرض اقتصادنا وامننا القومي للخطر، وتغير اسلوب حياتنا بكل معنى الكلمة مما دفع أو يدفع القوى العظمى إلى احكام سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط التي تحوي على اكبر احتياطي للنفط في العالم" ([30]).

فسياسة الولايات المتحدة للسيطرة على النفط في العالم ليس وليدة اليوم، بل هي تضرب عميقاً في جذور التاريخ الاميركي، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، فالقرن الحادي والعشرون بدأ بحرب من اجل السيطرة على ثروة القرن الكبرى، أي النفط وذلك عندما شنت اميركا الحرب على العراق 2003م. فلم يكن هدف الحرب تخليص العراق من نظام ديكتاتوري، ولا الحرب على الارهاب، بل كان الهدف تحقيق مصالح اميركية استراتيجية متعلقة بضمان هيمنة اميركا على هذه المنطقة النفطية، وتأسيس لمشروع الشرق الأوسط، وتقسيم المنطقة لضمان أمن إسرائيل، الحليف الديموقراطي الوحيد في المنطقة للولايات المتحدة الأميركية([31]). والمحافظون الجدد الذين تمكنوا من السيطرة على مفاصل السياسة الخارجية الأميركية كانوا مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بشركات النفط والسلاح والذين دفعوا ادارة الرئيس بوش للحرب على العراق، واطلاق مشروع الشرق الأوسط الكبير([32])، وهذا ما ذهب اليه لورنس ليندساي، المستشار الاقتصادي للرئيس الأميركي السابق بوش الابن، في قوله قبل بداية الحرب الأميركية على العراق 2003م، "إن النفط هو الهدف الرئيس لأي هجوم أميركي على العراق، وان التأثيرات السلبية والتكلفة الاقتصادية لأي عمل عسكري ضد العراق، ستكون بسيطة للغاية مقارنة بالمزايا الاقتصادية المرجوة في حال نجاح الحرب"([33]).

لقد تبنت الولايات المتحدة الأميركية خلال اداراتها المتعاقبة سياسه واضحة وثابتة، تمثلت بسياسة دعم وضمان امن إسرائيل مادياً ومعنوياً، وذلك من خلال تعمدها بتحقيق تفوق إسرائيل العسكري على الدول العربية مجتمعة، وتمكنها من الاستمرار بامتلاك السلاح النووي في المنطقة، فضلاً عن التزام الولايات المتحدة بدعم إسرائيل في المحافل الدولية والحيلولة دون صدور قرار ضدها من مجلس الامن لانتهاكها المستمر للقانون الدولي، الامر الذي افقد الولايات المتحدة مصداقيتها في المنطقة العربية، ولاسيما موقفها من الصراع العربي ـــ الإسرائيلي، الامر الذي يحتاج إلى تسوية واعادة الثقة في الولايات المتحدة بأنها صديق وحليف في المنطقة العربية، ولذلك ارادت الادارة الأميركية من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير، ادخال إسرائيل في المنظومة العربية، والتي سبق وان قدمت مجموعة افكار للكونغرس الاميركي تحت عنوان (التعاون الاقليمي في الشرق الأوسط)، قائمة على اساس ادخال إسرائيل في المجال الحيوي لسياسة الشرق الأوسط، وتهيئة الاجواء للاعتراف العربي الشامل به كجزء لا يتجزأ من تراث المنطقة، من خلال تطوير قنوات التعاون في مجالات العلوم التكنولوجية، واقامة شبكة من وسائط الاتصال الحديثة والربط الاقليمي لدول المنطقة([34]).وفي الجانب الصهيوني ارتبط مفهوم الشرق أوسطية باسم شمعون بيريز تحت اسم الشرق الأوسط الجديد، والذي دعا فيه إلى نسيان الماضي والحروب، ووضع حد للصراع العربي ــــ الصهيوني وبناء شرق أوسط جديد متجانس. فإسرائيل هي احد المرتكزات الاساسية في السياسة الشرق أوسطية، وتحتل المكانة الرئيسة في سلم أولويات الاستراتيجية الأميركية، كعنصر فاعل وتابع واحياناً كشريك([35]). وقد كشف بيريز عن نيته واهدافه في مقابلة صحفية نشرتها فصلية الشرق الأوسط في مارس 1995م، حين رد على سؤال قول سابق له مفاده (إن هدف إسرائيل المقبل يجب أن يكون الانضمام إلى جامعة الدول العربية)، قائلا "اعتقد أن جامعتهم العربية يجب أن تسمى جامعة الشرق الأوسط وعندئذ يمكن لإسرائيل أن تنضم اليها، نحن لن نصبح عرباً، ولكن الجامعة يجب أن تصبح شرق أوسطية"([36]). ونتيجة لذلك اهتمت الولايات المتحدة بعد نهاية الحرب الباردة وطول عقد التسعينات من القرن الماضي ومطلع الألفية الثانية بتسوية النزاع العربي _ الإسرائيلي، لضمان سيطرة إسرائيل على المنطقة ودخولها في المنظومة العربية، وهذا ما أكدت عليه الاستراتيجية الأوربية أيضا، التي اشارت إلى أن تسوية النزاع الفلسطيني _ الإسرائيلي تشكل أولوية استراتيجية لأوروبا، وفي غياب مثل هذا الحل لن تكون هناك فرصة لتسوية المشاكل الاخرى في الشرق الأوسط، ولهذا السبب من الضروري اعادة اطلاق نهج السلام في الشرق الأوسط([37]).

ويرى برجنسكي أن الدور الجديد للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط يتطلب تغيرا جدياً في التأكد على التعامل مع النزاع الإسرائيلي _ الفلسطيني([38]). فالحديث عن دمقرطة الشرق الأوسط في ظل التداخل الفكري والسياسي بين إسرائيل والولايات المتحدة لا يحمل جدية واضحة من الولايات المتحدة، ولهذا فإن التحلي بالصفة الديموقراطية لا يكفي لتسويغ دعم إسرائيل ولا لتفسير مثل هذا الدعم، وهذا من شأنه أن يعرض منطق الديموقراطية المشتركة للاهتزاز بسبب جوانب من الديموقراطية الإسرائيلية المتناقضة مع قيم اميركية جوهرية([39]).فعلى مدار 60 عام وخلال سيطرة اميركا على المنطقة واعتمادها المتزايد على النفط، تصرفت اميركا بطريقة أنانية في الشرق الأوسط، فقد دعمت التعاون مع الأنظمة الدكتاتورية وحاربت القادة الشعبيين الذين قاوموا السيطرة الأميركية. وخلال هذه الفترة حاولت اميركا إعادة نشر القيم الأميركية في المنطقة، فقد تدخلت اميركا لحماية الانتخابات الديموقراطية في لبنان عامي 1958و1983م، وحررت الكويت عام 1991م، واطلقت العديد من مبادرات السلام بين العرب وإسرائيل، وقصة تدخل واشنطن ما بعد الحرب الباردة في الشرق الأوسط تمثل صراعاً للتوفيق بين كونها قوة عظمى ومع دورها كبطل للحقوق الوطنية والفردية. وفي اعادة للتفكير بمستقبلها في الشرق الأوسط يجب على اميركا أن تعتمد على الاهداف الواقعية، وإن تحافظ على اسبقيتها في المنطقة، وإيجاد تسوية للصراع الفلسطيني ــــ الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه يجب على صناع السياسة في اميركا ان يدركوا أن لديهم سجلاً طويلاً من الخير في حماية الحريات الاساسية في الشرق الأوسط، والترويج للديموقراطية. إن اميركا بحاجة إلى نظره متعددة الإبعاد تحافظ فيها على اسبقية مصالحها وخلال ذلك عليها أن تدعم وتؤيد تراثها الجدير بالاحترام([40]). وهذا يعني أن اميركا يجب عليها المضي قدماً في مشروعها الشرق أوسطي ودعم ديموقراطيتها في المنطقة.

3.تغير البيئة السياسية وانتهاء الحرب الباردة

نتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي وهيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي هيمنة مطلقة لا ينازعها احد حتى الآن ترتب على ذلك سيادة مفاهيم وسياسات الولايات المتحدة، وفي هذه المرحلة تسعى الولايات المتحدة مستغلة المتغيرات الدولية، لاستثمار هذه الفرص من اجل تكريس هيمنتها الدولية وتعزيز نفوذها في المنطقة، ولعل في هذين الهدفين علاقة محكمة في الادراك السياسي الاميركي، ويقول جان بيرشنفنمان وزير الدفاع الفرنسي خلال حرب الخليج الثانية عن ذلك " لقد استغلت الولايات المتحدة انهيار الاتحاد السوفيتي واصبحت السيدة الوحيدة لمنطقة الشرق الأوسط([41]).

ووضعت مرحلة ما بعد الحرب الباردة صانع القرار الاميركي امام مرحلة جديدة، فالعدو السوفيتي تفكك، ليجد بعد ذلك العقل السياسي الاميركي فرصته في التفرد بالنظام العالمي.

أدى انتهاء الحرب الباردة إلى حدوث انقلاب في الميزان الاستراتيجي العالمي، بحيث اصبحت الولايات المتحدة القوى العظمى الوحيدة في العالم، الا أن هذا التحول لم يؤثر على هياكل النظام الدولي أو مؤسساته بل اصبحت الولايات المتحدة صاحبة القوة والنفوذ والتأثير القوي على الأطلاق في الساحة الدولية، ليأتي ذلك في مقدمة المتغيرات الدولية المؤثرة على العمل العربي المشترك([42]). وطرحت نهاية الحرب الباردة مع زوال الاتحاد السوفيتي وحرب الخليج ضد الغزو العراقي للكويت، وانتصار الولايات المتحدة على المنظومة السوفيتية دون حرب، فرصا عديده للمضي قدماً في تطبيق مشروعها المتجدد للشرق الأوسط([43]). وهذا ما يسمية ريتشارد هاس بالعصر الرابع من عصور الشرق الأوسط، التي أشرنا إلى ثلاثة منها وكيف قوضت تلك العصور، اما العصر الرابع الذي جاء في اعقاب انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، فقد اتاح للأميركيين قدره على التأثير وحرية في التحرك بشكل غير مسبوق، وانتصارهم في معركة تحرير الكويت، وانتشارهم العسكري الطويل الامد براً وجواً في شبه الجزيرة العربية، وقيادة الجهود الدبلوماسية بهدف أيجاد حل شامل للنزاع العربي _ الإسرائيلي. ويطلق البعض على هذه المرحلة تسمية الشرق الأوسط القديم، الذي برز فيه العراق كنظام معادي لكنه ضعيف، وإيران كدولة اصولية لكنها مقسمة وضعيفة نسبياً، وإسرائيل الدولة النووية الوحيدة في المنطقة، كأقوى لاعب اقليمي في وقت شهدت فيه تلك المرحلة العديد من المظاهر، ابرزها التقلبات في اسعار النفط، واستمرار وجود أنظمة عربية قمعية وصعوبة التعايش بين إسرائيل والفلسطينيين وبقية العرب، في ظل التفوق الاميركي([44]).

أدت انتهاء الحرب الباردة إلى اختفاء هامش المناورة الاستراتيجية ما بين الكتلتين الشرقية والغربية، وهبت رياح التغيير الديموقراطي، لتعصف بمختلف الأنظمة التي كانت تسير في فلك الاتحاد السوفيتي، واصبحت قضية الديموقراطية وقضية حقوق الانسان قضايا عالمية([45]).

اما العوامل التي ادت إلى أيصال هذا العصر إلى نهايته، بعد اقل من عقدين، فمنها البنيوي ومنها ما هو مستحدث ذاتياً، حيث جاء غزو العراق في عام 2003م،الذي كان العراق السني، من أولى ضحاياه بعدما كان قوياً فاعلاً بما يكفي لمواجهة إيران الشيعية، وهكذا استفاقت التوترات السنية الشيعية في ظل هذا البلد، وعلى امتداد الشرق الأوسط بعدما كانت راكدة، وتحول الصراع من عربي إسرائيلي إلى عربي _ عربي، وصراع سني _ شيعي،حيث اتخذ الارهابيون قواعد لهم في العراق، وقاموا بتطوير تقنياتهم وتصديرها، بحيث اصبحت مسألة الديموقراطية مرتبطة بفقدان الامن ونهاية التفوق السني هذا من جهة. من جهة ثانية تسبب غزو العراق بتقليص نفوذ الولايات المتحدة في العالم، نتيجة لتنامي الشعور المعادي للأميركيين. فكان من سخرية القدر أن تكون حرب الخليج الأولى التي عدت حرباً ضرورية، قد شكلت بداية للعصر الاميركي في الشرق الأوسط، فيما جاءت حرب الخليج الثانية، التي عدت حرب خيار لتنهي ذلك العصر. إلى ذلك برزت عوامل اخرى ساهمت في فقدان واشنطن نفوذها في المنطقة، ومنها انهيار عملية السلام، كنتيجة للفشل مفاوضات كامب ديفيد في العام 2002م، وضعف خليفة ياسر عرفات، وصعود حماس والنزعة الإسرائيلية الاحادية، وعدم قدرة إدارة بوش على مواصلة العمل الدبلوماسي، وهكذا خسرت الولايات المتحدة دوراً فريداً، كانت قد استطاعت من خلاله أن تتواصل مع العرب والإسرائيليين معاً. عامل اخر أيضاً ادى إلى انتهاء العصر الاميركي، وهو فشل الأنظمة التقليدية في مواجهة تنامي الاصولية الإسلامية، فيما انتظر الأمريكان حتى وقوع هجمات 11/9/ 2001م، لكي يتأكدوا من أن المجتمعات المغلقة باتت تشكل الحاضنة الاصولية، إلى ذلك ساهمت العولمة في تغير المنطقة، حيث بات من السهل للأصوليين الحصول على التمويل والأسلحة والمتطوعين، والافكار، فيما ساهم الإعلام الجديد، بعد انتشار الفضائيات في تحويل العالم العربي إلى قرية اقليمية مسيسة، حيث بدأت الشاشات تبث مشاهد العنف والدمار في العراق، وسوء معاملة السجناء العراقيين والمسلمين والمآسي في الضفة الغربية، ما أدى إلى زيادة المسافة بين شعوب المنطقة والولايات المتحدة ([46]). وهكذا باتت حكومات المنطقة تواجه صعوبة في التعاون مع الولايات المتحدة التي بدء تأثيرها يتضاءل، وانعدام الثقة بالولايات المتحدة من زرع الديمقراطية في المنطقة. وربما نحن اليوم بصدد تشكيل العصر الخامس والسادس من عصور الولايات المتحدة في المنطقة خصوصاً بعد الربيع العربي وتغير كثير من الأنظمة وظهور ما يسمى بالدولة الإسلامية "داعش" بشكل غير طبيعي في المنطقة.

4.احداث 11/ أيلول سبتمبر 2001م.

تعد احداث 11/أيلول من اهم الدوافع التي دفعت بالولايات المتحدة لصياغة واطلاق مشروع الشرق الأوسط الكبير، ويمكن أن نعود إلى ما قبل الاحداث، وهو التاريخ الفاصل في توجهات واشنطن نحو المنطقة، حيث كانت تؤّمن الإدارة الأميركية مصالحها من منطلق عاملين اساسين: الأول وجود ما يمكن أن نسميه اصدقاء مقربين للولايات المتحدة بالمنطقة، والاخر قيام الادارة الأميركية نفسها من خلال اجهزتها بالتغلغل تحت مزاعم التعاون ومساعدة المجتمعات العربية على النهوض والتنمية في شكل ما يعرف برامج المعونة الأميركية وغيرها من اشكال التدخل المتخصص في شؤون المنطقة. اما العامل الثاني فبعد وقوع احداث 11/أيلول واعتقاد الأميركيين أن العرب والمسلمين وراء هذه الاحداث يمكن القول أن واشنطن لم تعد تثق في قدرة النظام الرسمي العربي على حماية مصالحها وأن تأمينها بالخارج امر لم يعد يجدي وحده مما حدث من اعتداءات في سبتمبر داخل الولايات المتحدة، ومن هنا تصور الفكر الاميركي أن استراتيجية الامن القومي الاميركي يجب ان تستند على إحداث تغير جذري في النظم التي تعتقد انها مسؤولة عن تفريخ من قاموا بعمليات سبتمبر وأن الصداقة وحدها لا تكفي([47]). لتأتي تلك الاحداث لتملأ الفراغ الاميركي الذي خلفه الاتحاد السوفيتي عبر عدو جديد اصاب اميركا في عقر دارها، واصبح الارهاب هو العدو المركزي، ليترسخ بعد تلك الاحداث ادراك سياسي اميركي في مراكز الدراسات، قبلت به الإدارة الأميركية، معلنة محور رؤيتها للشرق الأوسط، ويقوم هذا الادراك على أن القاعدة هي نتاج للازمات الداخلية العربية، وانها بمثابة الكرة الملتهبة التي القت بها الحكومات العربية في وجه العالم الغربي، وبالتحديد الولايات المتحدة، وأن السلاح الانجح في مواجهة الارهاب هو رمي الكرة مرة اخرى إلى الشعب العربي والقيام بضغوطات حقيقة من اجل تغير الأوضاع، فإصلاح العالم العربي هو سلاح في مواجهة الارهاب([48]). متناسين بأن اميركا لعبت دوراً اكبر من دور العربية السعودية فيما يتعلق بالأصولية السياسية لأسامة بن لادن ومنظمته المرعبة، فالجهود الأميركية التي بُذلت لحشد النشطاء السياسيين المسلمين الأتقياء عبر العالم باسم الجهاد ضد الشيوعين الكفرة في افغانستان كانت سبباً اساسياً في النجاح الباهر لهذه الجماعات التي ساهمت في النهاية بتشكيل القاعدة، وحتى الدور الذي لعبته بلدان مثل السعودية ومصر في المساعد على تجنيد مثل هؤلاء، كان استجابة لرغبات الولايات المتحدة الأميركية وإلى حدً كبير([49]). لتلقي تلك الاحداث على النظم العربية عبئاً اضافياً إذ اصبحت متهمةً من الدوائر الأميركية بأنها مسؤولةٍ عن سيادة مناخ ثقافي واجتماعي وسياسي كان بمثابة حاضنه للأفكار الارهابية ومنتجة لها([50]). وهو ما زال قائماً إلى الآن، فالأنظمة السياسية العربية هي المسؤولة عن تفريخ التطرف، وهي حاضنة للمتطرفين، حتى لو كانوا _هؤلاء المتطرفون_ يحصلون على دعم دولي منظم، الا أن الدور الاكبر يقع على عاتق تلك الأنظمة في انتشار التطرف في المنطقة.

اضافت احداث 11/أيلول ابعاداً جديدةٍ للصورة الانطباعية السلبية للعرب والمسلمين في الذهن الغربي، ومن بين ابعادها أن هؤلاء يمارسون الارهاب بدافع عقيدتهم الدنية وتخلفهم الحضاري([51]).وقد عرفت السياسة الخارجية الأميركية تغيراً دراماتيكياً بعد احداث 11/أيلول ومن ثم اعتماد سياسة الحرب على الارهاب([52]).واصبحت الولايات المتحدة تنظر إلى الأوضاع الداخلية في عدد من دول الشرق الأوسط على انها تهديد للأمن القومي الاميركي على اساس أن هذه الأوضاع تربة خصبة لنمو الارهاب والتطرف ليعلن بوش الحرب على الارهاب بكل اشكاله واطلق عقيدته بضرب الارهاب([53]).

أدت 11/أيلول إلى إحداث تغير في الفكر الاستراتيجي للولايات المتحدة. فالولايات المتحدة تلك القوة التي بدأت في التعامل مع المنطقة العربية والإسلامية منذ القرن التاسع عشر، وشهدت علاقاتها مع المنطقة كثقافة ملحوظة في القرن العشرين خاصة مع تحول الولايات المتحدة إلى احدى القوى العالمية، ثم إلى احدى القوتين، ومن ثم تحولها إلى قطب أوحد في السياسة العالمية. لتنبع بعد ذلك مبادرات الشرق الأوسط من اطار فكري تبلورت ملامحه بعد تلك الاحداث، وظهرت ملامح هذا الاطار الفكري في الخطاب السياسي للرئيس الاميركي بوش الابن([54]). حيث القى الرئيس الاميركي جورج بوش خطاب الاتحاد في29ينأير 2002م، تحدث فيه عن محور الشر الذي يضم أيران وكوريا الشمالية والعراق، وردد الرئيس الاميركي كلاماً يشير بوضوح إلى ضرورة شن حروب وقائية ضد هؤلاء([55]). وهي ما تُرجمت فعلا على الارض بالحرب على العراق، وقد لوحظ بعد احداث أيلول بشكل واسع، استغلال ادارة بوش لكلمات، الارهاب ومحور الشر، من اجل احكام غلق الابواب لاحتمالات قيام مناقشات ذكيه، بشأن الاستراتيجية الأميركية، وكونت ادارة بوش، تعويذات لفظية استنبطتها من العوامل الجوهرية للتوافق الأيديولوجي الاميركي([56]).والتي دفعت بالرئيس الاميركي بالحرب على العراق2003م، فقبل هذا التاريخ كانت سياسة بوش اتجاه العراق مبنيه على اساس العقوبات الذكية التي كانت تهدف إلى احتواء النظام العراقي، وليس الإطاحة به. لكن وجهة النظر تغيرت بعد احداث 11/أيلول، اذ اصبح على قناعة بأنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تنتظر ضربه اخرى، وأن التهديد الذي يفرضه صدام حسين اصبح محدقاً، وهذه القناعات احدثت تحولاً في سياسته([57]).وقلبت أولويات السياسة الخارجية الأميركية، اذ اصبحت القضايا الأمنية تمثل الهاجس الاساس المعلن للسياسات الداخلية والخارجية الأميركية، ومن اجل ذلك تم استبدال نظرية الردع المبنية على توازن القوى إلى نظرية الحرب الاستباقية ضد اعداء محتملين، وبذلك حسم الامر التزام افكار ومنظري المحافظين الجدد، بالتوجه نحو التوسع الاحادي، واعلان الحرب على الارهاب([58]).

إن استراتيجية المحافظين الجدد الذين استولوا على القرار السياسي الاميركي بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر،تهدف إلى اعادة تشكيل الشرق الأوسط وتغيره ليتلاءم مع القرن الحادي والعشرين([59]).والذي يعد بوابة اعادة صياغة الشرق الأوسط بالنسبة للمحافظين الجدد، مغلفاً ومربوطاً عندهم بدعاوي أيديولوجية تتعلق بالدمقرطة، واقتصاد السوق، والديكتاتوريات، والأنظمة المارقة([60]). لتمثل تلك الاحداث فرصة حقيقة لهم وترويجهم لفكرة الحرب على العراق، لأنها تمثل عامل جوهري من عوامل كسب الحرب على الارهاب([61]).واصرارهم على تغير أنظمة الحكم في الشرق الأوسط، باسترجاع الانماط القديمة من العقائد والسلوك الاميركي، ودمج الاستخدام الانتقائي للدمقرطة مع استراتيجيات تشكلت على اسس الواقعية الفاشية، وهو السبيل المركزي في نهج المحافظين الجدد، منذ أن بدأ هذا التيار السياسي خلال العصور الأولى من الحرب الباردة، ذلك النهج الذي يحوي الكثير من الغرور والكذب والرياء بمشروع الدمقرطه([62]).ذلك الفشل والرياء ترجم على ارض الواقع بعد غزو العراق والفشل في العثور على اسلحة الدمار الشامل الموعودة، لتتحول الدوافع بعد ذلك بدوافع الدمقرطة وحقوق الانسان، لتصبح الذريعة المركزية للحرب، وأن الدمقرطة سوف تشمل دمقرطة الشرق الأوسط بأكمله، لتتجه الولايات المتحدة نحو سياسة دمقرطة الشرق الأوسط الكبير، ولكن بمعان اخرى أوسع شمولاً([63]).وقد يكون النفط واستمرار تدفقه للولايات المتحدة أحد تلك المعاني، وبهذا الصدد كتب دونالد كاغان، وهو احد الاعضاء المهمين في مجموعة المحافظين الجدد، قائلاً:" على الاغلب سنحتاج إلى وجود عسكري مكثف في الشرق الأوسط لفترة طويلة، وأي تعثر لتدفق النفط سيؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة، ووجود قواتنا في العراق كفيل بمنع أي توقف للإمدادات النفطية" ([64]). ولهذا فقد يكون مشروع الشرق الأوسط كلمة حق يراد بها باطل، نعم المنطقة بحاجة لهكذا مشروع، وبحاجة إلى دمقرطة شاملة، وفي الوقت نفسه يحتاج هذا المشروع إلى الجدية الواضحة، ومصداقية عالية من جانب الولايات المتحدة. "فالحجة الأميركية لوجود عسكري دائم في منطقة الشرق الأوسط امر تم اقراره قبل 11/أيلول" ([65]).

ليس هناك ثمة خلاف في كون الحادي عشر من أيلول2001م، تمثل محطة مهمة في تاريخ العلاقات الدولية، وربما يكمن الخلاف فقط في توصيف طبيعة اللحظة، التي تمت فيها الاعتداءات على نيويورك وواشنطن في ذلك اليوم، حيث يوجد اتجاهان في هذا الصدد:

الأول: يرى انها لحظة فارقة ادت إلى تشكيل سياسة خارجية اميركية جديدة ذات معالم مختلفة عن تلك التي كانت من قبل. أما الثاني: يؤكد انها لحظة كاشفة، بمعنى أن السياسة الخارجية الأميركية بعد الاحداث لم تكن جديدة، فقد كانت اسس هذه السياسة موجودة بالفعل وكل ما فعلته تلك الاحداث انها كشفت ذلك الزيف وقدمتها للعالم في صورتها الحقيقية، خالية من محاولات التجميل الزائفة، كسياسة تنزع بشده نحو الهيمنة على مقدرات عالم ما بعد الحرب الباردة، وبعيداً عن ذلك الخلاف فإن تلك الاحداث انهت بما يعرف بنظرية (الاستثناء الاميركي)، وقد ادت إلى تغير واقعي في السياسة الخارجية الأميركية. وتمثل هذا التغير في جانبين، الأول خاص بمفهوم الامن القومي الذي اصبح غير قادر على حماية الداخل الاميركي، الأمر الذي أدى إلى تطرف السياسة الأميركية وسيطرة المحافظين الجدد على القرار الاميركي، وسعيهم لتعميق الهيمنة الكونية، وتجفيف منابع الارهاب الدولي لتأمين الداخل الاميركي. اما الثاني نحت الادارة الأميركية بتفسيرها لتلك الاحداث بمنحى، أن تلك الاحداث وقعت بسبب غياب الديموقراطية في دول الشرق الأوسط([66]). ومن هنا صارت لديها قناعه بضرورة تغير النظم السياسية غير الديموقراطية في هذه الدول، وهو ما تجلى بمشروع الشرق الأوسط الكبير.

اذاً ما يمكن القول به أن سياسة الولايات المتحدة بعد احداث 11/أيلول 2001م، وحسب رأي ليفين في كتابه أميركا بين الحق والباطل، "صاغتها وبلورتها ما يسميه بالقومية الأميركية، وهذه القومية هي نتاج اتحاد وانفصال في آن واحد معاً، بين قومية مدنية مسيحية تفاؤليه مؤسسة على القيم والثوابت الشديدة الخصوصية، وتعصب شوفيني مسكون بوسواس عنصري"([67]). ولهذا يعد مشروع الشرق الأوسط والحرب على العراق وافغانستان، ردة فعل على تلك الاحداث، بتبريرات الحرب على الارهاب ونشر الديموقراطية وحقوق الانسان واسلحة الدمار الشامل، فتلك الاحداث غيرت الفكر الاستراتيجي الاميركي لعقود قادمة من الزمن تسربت منها فلسفة الحرب على الارهاب ومفرداتها إلى مجمل السياسة الأميركية، واعادت موضوع ربط الإسلام بالفاشية. لتنتج عن تلك الفلسفة الأميركية مشروع ديموقراطي شرق أوسطي لإصلاح المجتمعات الشرق أوسطية وانظمتها السياسية الديكتاتورية.

المبحث الثاني: المشروع الديموقراطي الاميركي للشرق الأوسط

لاشك ان الحرية وتجسيدها الاجتماعي في الديموقراطية هي جوهر انسانية الانسان فرداً كان أو مجتمعاً، وعلاقات انسانية دولية، وتختلف دلالتها باختلاف الملابسات التاريخية والاقتصادية فهي لم تعد (ديموكراتس) اليونانية، أي حكم الشعب التي تحرم العبيد والمرأة والرجل الفقير العادي من الاشتراك في الانتخابات، ولست هي مجرد (دعه يعمل دعه يمر) في المرحلة الأولى لنشأة البرجوازية وهي تغزو المعاقل الاقتصادية المغلقة، فالحرية والديموقراطية ليستا مجرد وسيله أو مجرد غاية، بل هي سيرورة متصلة متنامية ومعنى حي لإنسانية الانسان، ولهذا ترتبط الحرية والديموقراطية ارتباطاً حميماً بالتنمية الشاملة في ابعادها وتجلياتها المختلفة المعبرة عن الاحتياجات الاساسية للإنسان([68]).ولهذا فأن المشروع الاميركي للشرق الأوسط جاء من ابواب الدمقرطة والحرية وإصلاح المنطقة، ليحدد تلك النواقص التي جاءت في تقرير الأمم المتحدة للتنمية العربية،(الحرية والمعرفة وتمكين النساء)،فتشجيع الديموقراطية والحكم الصالح كان الاساس في ترسيخ المشروع الاميركي، عن طريق الترغيب بالديمقراطية والانجذاب لها وفق ما يسمى اليوم بالسياسة الأميركية (بالقوة الناعمة)، تلك القوى التي غابت عن السياسة الأميركية في فترة الرئيس بوش الابن وبعد احداث 11/أيلول. ولهذا سوف يتناول هذا المبحث مطلبين: المطلب الأول: تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح لتقويض الإسلام الراديكالي. المطلب الثاني: القوة الناعمة ودورها في ترسيخ المشروع الديموقراطي الاميركي في المنطقة.

المطلب الأول: تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح لتقويض الإسلام الراديكالي.

اصبحت الديموقراطية بمثابة حجر اساس للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وذلك بعد احداث 11/أيلول، لتطلق الإدارة الأميركية في سبيل ذلك في العام 2002م،مبادرة المشاركة الجديدة في الشرق الأوسط بهدف تشجيع الديموقراطية في المنطقة، لتخلص من التوجهات التقليدية التي ظهرت في اعقاب تلك الهجمات([69]). لتعلن الادارة الأميركية عن مشروعها بعد ذلك للشرق الأوسط، حيث اعلن كولن بأول وزير الخارجية الأميركية من مؤسسة التراث بواشنطن في 12ديسمبر2002م، عن مبادرته للشرق الأوسط بأنها "تتوخى تشجيع المشاركة الشعبية في العملية ومساعدة المؤسسات التعليمية والتربوية في سائر ارجاء الشرق الأوسط، ومكافحة الامية، ومؤازرة حقوق المرأة ودعم القطاعين الخاص والعام في العالم العربي وتحقيق الإصلاحات الاقتصادية والاستثمارية، فضلاً عن دفع عجلة التفاهم والشراكة بين شعب الولايات المتحدة والشعوب العربية"([70]).وساهمت النواقص الثلاثة التي حددها الكتاب العربي لتقريري الأمم المتحدة حول التنمية البشرية العربية 2002و2003م الحرية والمعرفة وتمكين النساء، في خلق الظروف التي تهدد المصالح الوطنية لكل اعضاء مجموعة الدول الثمان، وطالما تزايد عدد الافراد المحرومين من حقوقهم السياسية والاقتصادية في المنطقة نشهد زيادة في التطرف والارهاب والجريمة الدولية والهجرة غير المشروعة([71]).ولهذا صار من الضروري القيام بتغيرات ديموقراطية في منطقة الشرق الأوسط، وأن الولايات المتحدة ستدعم كل الجهود الإصلاحية في المنطقة في اطار مبادرة الشرق الأوسط الجديد([72]).تلك المبادرة التي تهدف إلى تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح، تشتمل على مشاريع يقصد بها تقديم مساعده تقنية لإدارة الانتخابات، وترتيب التبادل البرلماني والتدريب، وانشاء اكاديميات قيادية انسانية وزيادة الجهود الاقليمية لمحاربة الفساد، وتعزيز منظمات المجتمع المدني الاقليمية([73]).

فالخطة التي تنوي الولايات المتحدة تطبيقها في مشروع الشرق الأوسط الكبير، تقوم على دعم الإصلاحات والتحولات الاجتماعية والثقافية في منطقة تمتد من المغرب إلى باكستان، وستكون آثار هذه الخطة محدودة على المدى القصير؛ لان الأنظمة الشمولية ترى أن الديموقراطية تشكل تهديداً لمستقبلها وستقف هذه الدول عند حدود الضمانات، ولاسيما واشنطن تعرف أن أجراء انتخابات بين عشية وضحاها لن تؤدي إلى نتائج تتفق مع مصالحها، لكن على المدى البعيد ستعتمد الولايات المتحدة على تأهيل نخب وتمويل حركات ديموقراطية لكي تشارك في تغير تلك المجتمعات من الدول، وينبغي على الولايات المتحدة أن تقوم بهذه المهمة بتواضع، وادراك بأن المخاطر بالنسبة للآخرين تفوق المخاطر بالنسبة للولايات المتحدة، التي ينبغي عليها أيضا أن لا تقوم بتشجيع التنمية الديمقراطية ومساعدتها فقط، بل عليها أن تصغي إلى أولئك الاكثر تأثيراً ([74]).والاكثر تأثيراً هم المعتدلون اصحاب العقول المستنيرة.

قبل هجمات 11/أيلول لم تكن الديموقراطية في الشرق الأوسط ذات أولوية على اجندة سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فقد عد بعض الليبراليين أن الطريق الوحيد إلى الديموقراطية في المنطقة كان عبر الديكتاتوريات المستنيرة، عبر الطريق الذي سلكه كمال اتاتورك في تركيا، الا أن الحكمة الرسمية تغيرت بعد تلك الهجمات، فمن الواضح إن الوضع الحالي يشكل خطراً على مصالح الولايات المتحدة([75])؛ونتيجة لهذا الخطر قامت الولايات المتحدة وبناءً على تفكير استراتيجي وتحليل ثقافي متعمق، قامت بصياغة استراتيجية(أبستمولوجيا)أي معرفية، لأول مره هدفها الرئيس إعادة صياغة مفاهيم الإسلام الليبرالي، ودعم الجماعات الإسلامية التي تتبناه، وتشجيع المفكرين والمثقفين والإسلامين والذين يرفعون لواءه. والإسلام الليبرالي، يعني به هذا الاتجاه من اتجاهات تيار الإسلام السياسي، والذي لا يرى تناقضا بين مبادئ الإسلام وقيم الليبرالية والديموقراطية([76]).وهذا بدوره ساعد على نمو حركات الإسلام السياسي وبناء مؤسسات خيرية داعمة للعمل السياسي الإسلامي، مثلما شجع الخط العلماني على النهوض، الا أن عوامل النجاح لم تحالف العلمانيين بقدر ما حالفت الإسلاميين([77]).

إن السعي إلى تنظيم المجتمع وانشاء حكومة مرتكزة على قانون اسلامي، هي اعظم تحدً أيديولوجي تواجهه الولايات المتحدة اليوم، إن هدف سياسة الولايات المتحدة ينبغي أن تكون لتقويض وهزيمة الإسلامين الراديكاليين والذين يعارضون التحديث وقيم الديموقراطية. هزيمتهم عن طريق دمج وتنشئة ودعم ائتلاف واسع من غير الإسلاموين ومن المعادين للإسلاموية([78]). فالمشروعات الأميركية للإصلاح الشرق الأوسط تقتضي التفكير في مجموعة من الأسئلة والافتراضات بشأن الحركة الإسلامية ودورها وموقعها في الخريطة السياسية القادمة للمنطقة، فمن المتوقع أن تكون الحركة الإسلامية هي القوة السياسية الرئيسة اذا اجرت انتخابات عامة في بلد عربي أو اسلامي([79]).كما حدث في مصر بعد الإطاحة بنظام مبارك وصعود الاخوان في الانتخابات الرئاسية متمثلة بشخص محمد مرسي قبل الإطاحة به أيضا. وهذا هو احد سلبيات التحول الديموقراطي المفاجئ الذي تخشاه الولايات المتحدة، في اجراء انتخابات بين عشية وضحاها بعد الاطاحة بالأنظمة الديكتاتورية.

إن سياسة الترويج للديموقراطية في المنطقة تنم هي الاخرى عن نقص في الفهم، ذلك أن معادله الإصلاحات الديموقراطية بالانتخابات البرلمانية تفترض تمتع المؤسسات السياسية الرسمية بالشرعية الذاتية بوصفها ساحة يستطيع فيها الفاعلون الوطنيون أن يتفقوا حول المصالح وأن يتوصلوا إلى حلول حول النزعات التي تواجه المجتمع، غير أن كل ما يجري في البلدان الإسلامية العربية وغير العربية أفريقية وآسيوية يوحي بأن لدى هذا المجتمعات شكوكاً عميقة وواسعة الانتشار من هذه السلطة السياسية الرسمية([80])،هذا فضلاً على أن الولايات المتحدة كما يقول روبرت كيغان انها تعتمد على حلفاء ودول غير ديموقراطية في المنطقة، أهمها مصر والسعودية ومصر قبل الإطاحة بنظام مبارك، وإن الحالات التي تقدمت فيها الديموقراطية قادت أو ربما تقود إلى أنظمة حكم معادية، أو على الأقل غير متحالفة مع الولايات المتحدة الأميركية، وأن أي انتخابات حرة نزيهة في المنطقة ستجلب في الأعم الأغلب الإسلامين الراديكاليين إلى الحكم أو (المتشددين)، ولم يتردد كيغان في القول، أن الولايات المتحدة لن تسمح بأن يقع الشرق الأوسط في أيدي الإسلامين، وهذا يعود بنا إلى أمرين،أولهما: عدم دمقرطة المنطقة بمسوغ خشية قدوم الإسلامين، وثانيهما: الاقرار بأن ليس من المؤكد أن أي توجه ديموقراطي سوف يقود البلد المعني إلى الانضواء التلقائي في حلف الولايات المتحدة وربما يفرز أنظمة على غرار أنظمة أميركا اللاتينية وجنوب أفريقيا، على الرغم من كونها أنظمة ديموقراطية، لكن لا يمكن عدها حليفة للولايات المتحدة([81]).

ويعزو معهد السلام الأميركي في تقريره الخاص رقم(146) لعام 2006م،سبب تأخر العالم الإسلامي في الفرص الاجتماعية والحكم الصالح التي اعطت الفرصة للمتطرفين السنيين في تعزيز نفوذهم خلال تلك العصور هو تفتيت السلطة الدينية في الإسلام السني وتردد علماء الدين أو عجزهم من اعادة تفسير التعاليم الإسلامية، ونظراَ لعدم وجود سلطة مؤسسة مثل البابوية الكاثوليكية أو ولأية فقيه أو جهة دينية، فضلاً على الفوضى في الفتاوى التي يطلقها من يشاء، فكل تلك التحديات تقوض من سلطة المؤسسات الديموقراطية في إقامة حكم ديموقراطي صالح([82]). وإن أهم مبادرة يمكن أن تقوم بها الولايات المتحدة لمكافحة التطرف الإسلامي تتمثل في مساندة(التجديد الإسلامي)([83]).

يجب أن تنصب جهود الولايات المتحدة الرامية لتحسين صورتها في العالم الإسلامي إلى أبعد من مجرد التأثيرات على الرأي العام الإسلامي من خلال تحسين الاتصال، فلا يمكن أن الافتراض أن المسلمين سيبدلون من مواقفهم اذا قامت الولايات المتحدة ببساطة بتغيير تغليف سياساتها وقيمها، فلابد من وجود رؤية جديدة واستراتيجية كبرى لخدمة المصالح المشتركة بين الجانبين، ويجب أن يكون قلب هذه الرؤية وهذه الاستراتيجية فكرة التجديد الإسلامي، التجديد بواسطة العلماء والمفكرين المسلمين الراعين لتحديث المجتمعات الإسلامية. فالتجديد كاستراتيجية يمكن أن يحقق التماسك بين كوكبة مهمه ولكنها متفرقة من الأفكار الإصلاحية والإسلامية، وربطها ببرنامج سياسي يتضمن إصلاح قوانين الأسرة بغية اعطاء النساء حقوقاً متساوية، ومراجعة الكتب المدرسية لتدريس حقوق الانسان والتعددية الدينية، وتحديث المجتمعات الخيرية والمدارس الإسلامية والتقاليد الاستشارية([84]).فللتجديد أهمية كبيرة في تحديث المجتمعات الإسلامية، الا أن هناك بعض المشككين في هذه الحركة، ويشيرون إلى مشكلتين: أولهما أن المبادئ القائمة على العقيدة لا يرجح أن تحصل بالدعم السياسي الاميركي لأنها تثير قضايا دستورية شائكه، وثانيهما أن حكومة الولايات المتحدة غير موثوق بها في المنطقة، وأي دور أميركي صريح يمكن أن يقوض برنامج المعتدلين ويؤثر في وضعهم. وحقيقة الامر هاتان المشكلتان في غايه الأهمية؛ لأن المجتمعات الإسلامية سوف ترفض أي تجديد ديني يمس العقيدة الإسلامية برعاية أميركية، لان هناك عدم ثقة بين الولايات المتحدة والمجتمعات الإسلامية؛ وهذا بدوره سيعقد من الأمور بالنسبة للولايات المتحدة، لأن الاخير سيحاول جاهداً لفرض النمط الأميركي في الشرق الأوسط للحفاظ على مصالحها،وهذا ما أشار إليه اناتول ليفين بأن الولايات المتحدة تبدو مقيده في الشرق الأوسط بشكل دائم، وبلا امل في منطقة غير مستقرة، وعنيفة ومعادية، ومقيده بقيدين أولهما: هو الدفاع عن النمط الاميركي في المنطقة، وثانيهما هو ارتباط الولايات المتحدة مع إسرائيل، والذي يورط الولايات المتحدة في صراع قومي مع القومية العربية والتطرف الإسلامي، وهو على ما يبدو سيستمر في المستقبل([85])،وهو الامر نفسه الذي أفقد الولايات المتحدة مصداقيتها بالمنطقة، وربما هذا سيؤدي بالولايات المتحدة إلى القبول بالحركات الإسلامية في السلطة اذا احترمت قواعد اللعبة الديموقراطية، وهذا ما يعبر عنه ريتشارد هاس مدير التخطيط السابق بوزارة الخارجية الأميركية في محاضرة بعنوان (نحو مزيد من الديموقراطية في العالم الإسلامي)، وينحو البرتو فرنانديز المسؤول في شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية أيضاً، بالمنحى نفسه حيث يؤكدان أن الإدارة الأميركية لا تمانع اليوم من رؤية حركات إسلامية في السلطة بشروط معينه، أهمها القبول بالعملية السلمية للقضية الفلسطينية، والقبول بالتعددية السياسية والفكرية، واحترام حقوق الأقليات والحريات العامة وحقوق المرأة ([86]).وربما تحديث المنطقة بهذه الطريقة سيكون أسوء الخيارات بالنسبة للولايات المتحدة(التحديث على يد الإسلامين بشروط معينة وليس المعتدلين الذاتيين)؛لأنها تواجهه مشكلة في تحديث المنطقة وفق الرؤية الأميركية الخاصة بها، وهذا بدوره قد يولد أنظمة سياسية حليفة للولايات المتحدة على غرار تلك الأنظمة السياسية التي كانت مدعومة من قبلها ابان الحرب الباردة وحتى أنظمة معاصرة على غرار العربية السعودية ودول الخليج فهي أنظمة غير ديموقراطية، وتقيد الحريات الفردية والدينية بشكل كبير، ولكنها أنظمة صديقة وحليفة للولايات المتحدة، أو يؤدي ذلك إلى تحول في الاستراتيجية الأميركية بمشروع دمقرطة الشرق الأوسط، وهذا التحول قد يكون بشكل تدريجي وبوسائل وآليات أكثر مقبولية لدى المجتمع العربي، وعلى المدى البعيد والتخلي عن فكرة الديموقراطية الفورية التي لم تعد مجدية خصوصاً بعد تجربة العراق وافغانستان، وهذا ما اكدت علية وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت بقولها "يبدو أن الادارة الأميركية تراجعت عن فكرة الإصلاح وفكرة الديمقراطية الفورية، التي تهدد الاستقرار السياسي في المنطقة، وتؤكد على ضرورة اعتماد مبدأ الديموقراطية المتدرجة بعيدة الامد" وتقول أيضاً "بما أن حرمان الشعوب من الحرية السياسية أمر سيء، فهذا لا يعني بأن ممارسة تلك الحرية ستأتي موافقه لهوانا"([87]).وهذا ما بشر به ريتشارد هاس في فرضيات الحرب على الإرهاب، اذ يقول "لابد من إدراك أن الديموقراطية لا تأثير لها على أولئك الذين كرسوا حياتهم للإرهاب"، وان نساند الديموقراطيين الذين حافظوا على موقفهم الداعي إلى ضرورة التدرج في الإصلاح السياسي في العالم العربي، بالتوازي مع اعتبار المصالح السياسية والامنية الأميركية، وفي السياق نفسه دعى برجنسكي إلى تبني الواقعية التقدمية في السياسة الخارجية الأميركية، ويأتي ترتيب الديموقراطية والإصلاح وفق نظرية برجنسكي في المرتبة الرابعة بعد الامن، والقوة الاقتصادية وتجنب الكوارث البيئية، ويدعو برجنسكي إلى الانتقال التدريجي في الديموقراطية بالترغيب وليس بالإجبار والضغط([88]).لأنه لا يمكن فرض الديموقراطية والإصلاح من الخارج وبشكل مفاجئ، فالديموقراطية لا يمكن أن تكون نتاجاً لضغط خارجي، فالعنصر الخارجي قد يعزز التطور الديموقراطي لكنه لا يخلقه من العدم([89]).وهناك حقيقة في غاية الأهمية فيما يتعلق بمصداقية الولايات المتحدة وجديتها في سياستها اتجاه الشعوب العربية؛ لان تعاملها الطويل مع قادة غير ديموقراطيين في الشرق الأوسط، قد ألحق الضرر بمصداقيتها في المنطقة، ومع أن السياسات القائمة على التغير السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العالم العربي قد تشكل مخاطر قصيرة الأمد على مصالح الولايات المتحدة، فإن تلك الاخطار تستحق العناء كما أن المنافع طويلة الأمد لشرق أوسط أكثر ديموقراطية، واكثر تطوراً اقتصادياً، حيث تفوق تلك المنافع التحديات المحتملة التي قد تواجهها واشنطن في المستقبل المنظور ([90]). فالديموقراطية والدمقرطة الأميركية تستخدم كمصلحة، وما هو عائدها الانتاجي للولايات المتحدة أولاً ومن ثم النظر إلى الناتج الاجمالي لها بنتائجها العامة، وربما تستخدم في بعض الاحيان لمحاصرة الخصوم والإطاحة بهم.

وهذا ما عبر عنه روبرت كيغان في كتابه (عودة التاريخ ونهاية الأحلام) بشكل واضح، بأن مسألة الدمقرطة استخدمت كأداة لمحاصرة الخصوم المحتملين، ولم تكن هدفاً لذاته في اجندة السياسة الخارجية الغربية، وهذا الأمر أفقد تلك السياسة صدقيتها، وأضعف مشروعات الدمقرطة المحلية على قاعدة اتهامها بأنها مشروعات غربية تنطوي على أجندات لا تحتفي بالديموقراطية كثيراً([91])؛ لأن الدعوة الأميركية لدمقرطة العالم العربي بمشروع الشراكة للتنمية ونشر الديموقراطية، لا نجد لها توظيفا إلا أنها قد حملت الكثير من الوعود والقليل من المصداقية وتضمنت عناصر نظره استعلائية على خيارات شعوب المنطقة، وتناقضت مع الممارسات الظاهرة، ففي عام 2002م،وضع أكثر من 2000مثقف أميركي من مختلف الديانات والأجناس بمناسبة الذكرى الأولى لأحداث 11أيلول أعلنوا فيه عن معارضتهم لسياسة بلادهم القمعية([92]). فالولايات المتحدة الأميركية تسعى بديموقراطيتها المبتكرة في الشرق الأوسط إلى فرض أوضاع وحكومات صديقة وحليفة خاضعه لها ولإسرائيل كلياً([93]). فالنجاح الفعلي للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، وفي العالم يتوقف على نجاح الولايات المتحدة في اقامة عراق مستقر ومزدهر وديموقراطي إلى حدٍ معقول، كما يتوقف على مصير السلام الفلسطيني ـــ الإسرائيلي([94]). وتتوقف ايضاً على أيجاد مخرج سليم للمنطقة العربية بعد الربيع العربي وتداعياته السياسية وعدم الاستقرار السياسي التي تعيشه المنطقة بعد تلك الأحداث، كسوريا واليمن وليبيا فضلاً على العراق. فالعراق كان المخطط الأول لإعادة رسم الخارطة السياسية في الشرق الأوسط، حيث لم يكن متوقعاً بالنسبة للولايات المتحدة، أن الحرب العراقية ستكون مستنقعاً مكلفاً بهذا الحد([95]). أما اليوم فالمنطقة العربية تعيش حالة من التحديات الأمنية وعدم الاستقرار لاسيما بعد ظهور ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بشكل ملفت للنظر واصبحت التحدي الامني والسياسي الأول في المنطقة، وعلى الولايات المتحدة اثبات جديتها ومصداقيتها اتجاه الأنظمة التي انتهجت المشروع الديموقراطي أولاً ومن ثم اتجاه المنطقة ككل،إذا ما أرادت السير قدماً في المنطقة وفي مشروعها الشرق أوسطي وتقويض الإسلام الراديكالي، وهو موقف على ما يبدو ضعيفاً من جانب الولايات المتحدة لمواجهة تنظيم"داعش " والحد من قوتهم وتجفيف منابع تمويلهم. فالولايات المتحدة إذا ما أرادت لمشروعها النجاح في تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح عليها أن تثبت جديتها في تقويض ما يسمى بالدولة الإسلامية وتجفيف منابعهم الفكرية والتمويلية، واخذ موقف صارم من أولئك الذين يمولنهم من دول وشخصيات وأنظمة سياسية واعلامية.     

المطلب الثاني: القوة الناعمة ودورها في ترسيخ المشروع الديموقراطي في المنطقة.

فقدت الولايات المتحدة بشكل عام قدرتها على التأثير في الأحداث في الشرق الأوسط، ويعني ذلك ضعف قدرة أوباما على تشكيل الأحداث وممارسة نفوذه عليها([96]).فبعد قرابة ثلاث عشرة سنه من احداث 11/أيلول ومازالت الولايات المتحدة تفتقر إلى استراتيجية متكاملة ومستدامة لمجابهة التطرف الديني في العالم الإسلامي، فعدم الاستقرار في العراق وأفغانستان تثير الشكوك حول قوة الزخم الحالي للحرب على الإرهاب، بل إن فرص نجاحات الإسلامين المتشددين في الانتخابات البرلمانية تضعف من الأمل في تشجيع الديموقراطية([97]). فالتحديث والإصلاح السياسي ودمقرطة الشرق الأوسط عن طريق الإسلام السياسي أو العلماني تارة، أو عن طريق المجددين تارة أخرى لم تأتِ أوكلاها على سياسة الولايات المتحدة. فمنذ أحداث 11أيلول طرحت كثير من المبادرات لمواجهة التحديات الناشئة في العالم الإسلامي وحظيت ثلاث مبادرات منها في عهد بوش، وهي مبادرة الحرب على الإرهاب، ومبادرة الشراكة لشرق الأوسط للنهوض بالإصلاح. اما المبادرة الثالثة والتي ستكون محور اهتمامنا هي حملة الدبلوماسية العامة لتحسين صورة الولايات المتحدة لدى العالم، هي ما تسمى بالقوة الناعمة، وعلى الرغم من أن كل هذه المبادرات يمكن أن تندرج ضمن مشروع واحد، وهو مشروع الشرق الأوسط الأميركي بمسمياته المختلفة([98]).

يعرف جوزيف نأي القوة في كتابه (القوة الناعمة)، "بأنها القدرة على التأثير في الأهداف المطلوبة، وتغير سلوك الأطراف عند الضرورة"، أما القوة الناعمة هي "القدرة في الحصول على ما تريد من خلال الإقناع وليس الاكراه " وأدواتها تتمثل في القيم السياسية والثقافية، والقدرات الإعلامية والتبادل العلمي والفكري والسياسة الخارجية القادرة على مد الجسور وإقامة الروابط والتحالفات، أما القوة الصلبة فهي تقوم على الإجبار والقسر، وأدواتها هي الامكانات العسكرية والقدرة على فرض العقوبات الاقتصادية والسياسية([99]). وقد دار حوار داخل الدوائر الرسمية الأميركية حول الاستراتيجية الواجبة والفعالة لتحقيق المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وهذا الحوار افرز تيارين، التيار المحافظ المتمثل في الحزب الجمهوري، ويؤمن بفلسفة القوة العسكرية والاقتصادية لتحقيق الحفاظ على تلك المصالح، والتي يطلق عليها القوة الصلبة، على الجانب الآخر برز التيار الليبرالي والمتمثل في الحزب الديموقراطي الذي يرى أن المصالح الأميركية يمكن حمايتها وتحقيقها من خلال تبني القيم الأميركية ونشرها مثل الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان والعلاقات الاقتصادية وهي ما يطلق عليها بالقوة الناعمة، لأنها أقل تكلفة وأكثر نجاحاً من القوة العسكرية([100]). وهذا يتطلب تحولاً في السياسة الأميركية من القوة الصلبة إلى القوة الناعمة، لأنها أقل تكلفة وأكثر نجاعة وإيجابية في النتائج. فالتحول من القوة الصلبة إلى القوة الناعمة يقتضي من الرئيس أوباما الترويج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي، وذلك من خلال التركيز على الحكم الصالح في المقام الأول، المفقود حاليا في معظم البلدان العربية، والنخب الآتية إلى الحكم بواسطة الانتخابات والعملية الديموقراطية هي المعول عليها في دفع عجلة التنمية إلى الأمام. وتلك العملية لا تتم في عشية وضحاها، بل تقتضي صبراً هائلاً في الوقت الذي تتم فيه([101])، أو ما أسماه برجنسكي، الانتقال التدريجي، والترغيب بالقوة الناعمة وليس الصلبة.

يصف نأي القوة الناعمة بثلاث طرائق: أولهما يفسر القوة الناعمة بأنها الهوية الوطنية، مجمل القيم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الخاصة بأميركا، القوة الناعمة تمثل شخصية أميركا الجذابة وثقافتها وقيمها السياسية ومؤسساتها. أما الوصف الثاني، فيصفها بأنها وسيلة غير إجبارية تجهد الدولة الأميركية، فالقوة الناعمة هي قدرة الدولة الأميركية في الحصول ما تريده من الاستمالة لا الاكراه أو دفع المال، ودعوة الناس لا إجبارهم. أما الوصف الثالث الذي قدمه نأي، للقوة الناعمة، فهو يرى انها شيء متعلق بالهيمنة الأيديولوجية الأميركية أو الهيمنة العالمية،اذ تصف القوة الناعمة المدى الذي تدرك عنده اميركا اخلاقياً ومعنوياً باعتبارها الزعيمة العالمية الشرعية من قبل الدول والمنظمات والشعوب الأخرى اللاأميركية، ومن أهم مصادرها هي القيمة الثقافية التي تجتذب بها الاخرين، والقيمة السياسية الداخلية والخارجية ([102]). أما عن القوة العسكرية وتدخل الولايات المتحدة العسكرية فيعزوها روبرت كيغان بأنها لم تكن لرغبة الولايات المتحدة، وإنما لحماية النظام العالمي من التهديدات التي تستهدف أمنه واستقراره، والحفاظ على المصالح الاقتصادية وحماية المواطنين من الأخطار ومحاربة الإرهاب والديكتاتوريات ونشر الديموقراطية، فالحروب والتدخلات العسكرية للولايات المتحدة شرعية، وإنها أحد أدوات سياستها الخارجية، ويعطي شرعية للهيمنة الأميركية على العالم؛ لأن لولا التدخل الأميركي في تشكيل النظام الدولي لكنا بصدد نظام دولي مختلف عما عليه اليوم([103]). فانتصار المشروع الديموقراطي ودمقرطة الشرق الأوسط، وانتصار الديموقراطيات وما عداها من الأنظمة السياسية ليس لرغبة الأنظمة السياسية في تبني القيم الديموقراطية، ولكن لأن اميركا دولة ديموقراطية في حد ذاتها، وأن انتشار الديموقراطية عالمياً لم يحدث لولا أميركا، واتسع نطاق الديموقراطية باتساع رقعة الولايات المتحدة وتعزيز حرية التجارة بوجه الأنظمة الديكتاتورية والسوفيتية([104]). وعلى ما يبدو أن أفكار كيغان التي طرحها في كتاب (العالم الذي صنعته اميركا) كانت محور اهتمام أوباما والذي ابدى تأثره بتلك الأفكار حيث قال أوباما له أي شخص يقول لك " أن أميركا في انحطاط أو أن قوتها التأثيرية في تراجع فهو لا يعرف ما الذي يتحدث عنه" ويؤكد كيغان على قيادة الولايات المتحدة للنظام العالمي بشكل منفرد، بالرغم من وجود الأزمات؛ لأن العالم الذي أوجدته أميركا بعد الحرب العالمية الثانية نظام اتسم بغياب الحروب بين القوى الدولية ونمو الاقتصاد العالمي، وتضاعف عدد الديموقراطيات([105]).لذا ما تزال الولايات المتحدة مهمتها الحفاظ على هذا النظام الذي شكلته وتساهم في تشكيله إلى اليوم عبر ديموقراطيتها المتكررة في الشرق الأوسط وعملية إصلاح المجتمعات الشرق أوسطية بقوتها الصلبة تارة والناعمة تارةً أخرى. وعلى ما يبدو أن كيغان يتجاهل الدعم الاميركي للديموقراطية، ارتبط بالأساس بتحقيق المصلحة الأميركية؛ لأنها تغافلت عن ديكتاتوريات أنظمة الشرق الأوسط من اجل الحفاظ على استقرار المنطقة واستمرار تدفق النفط إلى السوق الأميركية. واستعرض نأي تلك العلاقة بين الولايات المتحدة وأنظمة الشرق الأوسط الديكتاتورية وما طرأ عليها من تغيرات، وعلى الرغم من تلك العلاقة، الا أن أحداث 11/أيلول دفعت الولايات المتحدة إلى دمقرطة تلك الأنظمة بالقوة الصلبة، الا أن تجربة الحرب على العراق دفعت الإدارة الأميركية بقناعة أن التغير الحقيقي للمنطقة يحتاج إلى القوة الناعمة إلى جانب وسائل أخرى([106]).

يعلق نأي القوة الناعمة الأميركية عبر استثمارها في وظيفتين أخلاقيتين: الأولى هي تخليص العالم من شرور شبكات الارهاب. اما الثانية فهي مساعدة الشرق الأوسط على التحديث بشكل أكثر كفاءه([107]). ذلك التحديث الذي يعد ضرورة ملحة على حد تعبير كيغان، لأن عالم ما بعد الولايات المتحدة لا يعمل ولا يساهم في نشر الديموقراطية، على الرغم من أن كيغان يفند ذلك العالم فيما بعد؛ لان القوة المرشحة لقيادة العالم بعد الولايات المتحدة (الصين وروسيا)، هي أنظمة ديكتاتورية تتوجس من الديموقراطية خوفاً على أنظمتها الديكتاتورية، مستنداً بذلك كون هذه القوى عادةً ما ترفض فرض عقوبات على أنظمة ديكتاتورية مثل سوريا وإيران وكوريا الشمالية([108]). فروسيا والصين هما القوتان اللتان تنافسان الولايات المتحدة في المستقبل مثلما تنبأ بذلك برجنسكي. وعلى الرغم من تلك المنافسة والتنبؤات الا أن البعض يرى في الصين وهي المرشح الاكثر تنافسياً من روسيا للولايات المتحدة في المستقبل، لا يمكنها أن تنافس الولايات المتحدة عالمياً، لأنها ستواجه عقبات اقتصادية وجيوستراتيجية، وهي محاطة بقوى تنافسية على المكانة الدولية فضلاً على ضعف نمو الاقتصاد الصيني، أما روسيا فعادةً ما تدخل في أزمات وآخرها مع أوكرانيا وعقوبات الاتحاد الأوربي، كما أن انخفاض أسعار النفط الحالية والعقوبات الأوربية أظهرت هشاشة الاقتصاد الروسي التي أدت إلى تراجع الروبل الروسي مقابل الدولار الأميركي بشكل كبير، ومن ثم لا يمكن أن تكون قطباً منافساً للولايات المتحدة، وهذا أيضاً ما أكده عليه روبرت كيغان، الذي فند تلك التنبؤات المستقبلية، وفند أيضاً مقولات التراجع الاقتصادي الأميركي، والقوة العسكرية ودحض مقولات التمدد المفرط التي تحدث عنها بول كندي في كتابة (صعود وسقوط القوى العظمى)([109]). زيادة على ذلك فالولايات المتحدة تمتلك قوه تأثيرية جذابة (النموذج الأخلاقي) الذي يعد أحد المصادر الناعمة لديها.

فالنموذج الأخلاقي والقوة التأثيرية والجذابة للولايات المتحدة بقواها الناعمة تعد اكثر مقبولية واكثر نجاعة من القوة العسكرية في ترسيخ المشروع الديموقراطي الاميركي في المنطقة؛ لان ذلك سيبعد المنطقة عن ويلات ودمار الحروب، فالمشروع طويل الأمد لا يؤدي إلى نتائج سلبية مباشرة، على العكس من التحول الديموقراطي المفاجئ، فالتحول الديموقراطي التدريجي يتطلب ثقافة ديموقراطية وأرضيه خصبة لذلك التحول، وهذه الأرضية يمكن تهيئتها بوسائل الترغيب الناعمة وليس بالقسر والإجبار، ولعل في العراق وبعض دول الربيع العربي تجربة واضحة من التحول الديموقراطي المفاجئ، وما جلبه ذلك التحول من دمار وعدم استقرار، فنجاح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يعتمد على فهمها الأكثر عمقاً لدور القوة الناعمة، وتطوير توازن سليم بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، وإدارة القوتين بقدر عالِ من الوعي بأوجه التشابه والاختلاف بينهما وطرق تأثير كل منهما على الأخرى، لينتج عن امتزاج القوتين ما يطلق عليها بالقوة الذكية، وهذ يتوقف على إدراك الإدارة الأميركية للأخطاء الماضية ووسائل توظيف تلك القوى فيما بعد إذا ما أرادت النجاح في مشروعها الشرق أوسطي.

الخاتمة

ماتزال الولايات المتحدة الأميركية تفتقر إلى استراتيجية واضحة ومستدامة في الشرق الأوسط والمنطقة العربية. فمنذ احداث 11/أيلول 2001م، ومنطقة الشرق الأوسط تشهد أزمات كبيرة وعدم استقرار، فاستراتيجية الحرب على الإرهاب الذي أعلن عنها بوش الابن ماتزال تدور حول نفسها وكأنها اعلنت فقط لإلقاء التهم على الإسلام وأنظمة الشرق الأوسط وإسقاط نظام صدام حسين، والسعي وراء تحقيق المصالح، ولم تحد من خطر الإرهاب والعمليات الإرهابية لا في العراق ولا في منطقة الشرق الأوسط بل على العكس من ذلك حيث أصبحت اليوم المنطقة ساحه للعمليات الإرهابية ولاسيما بعد ظهور ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش". كذلك الأمر بالنسبة لاستراتيجية الشراكة والمبادرة الأميركية الشرق أوسطية لتنمية البشرية لمشروع الشرق الأوسط الكبير، لتشجيع الديموقراطية والحكم الصالح وتقويض الإسلام الراديكالي، لم تأتِ أوكلاها للحد من الإسلامين المتطرفين، بل على العكس من ذلك تماما فاليوم الجماعات المتشددة أصبحت أقوى من أيّ وقتٍ مضى في ظل غياب استراتيجية واضحة لمجابهة تلك الجماعات والحد من خطرها وتجفيف منابع تمويلها، وربما أوباما على حق حينما قال" إن الولايات المتحدة ليس لها استراتيجية، وليس لها برنامج محدد حتى الآن للعمل وفقه " فالولايات المتحدة اليوم تخوض حرباً ثلاثية الأطراف ضد تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) وضد نظام بشار الأسد، فضلاً على القضية النووية الإيرانية والجولات التفاوضية حول البرنامج النووي الإيراني، فالشرق الأوسط في حالة فوضى، والولايات المتحدة عالقة في الوسط بين مصالح وحلفاء، لا يمكن التخلي عنها ولا تحويل مسارها. إلا أن بالرغم من ذلك ستحاول الولايات المتحدة الحفاظ على مصالحها في المنطقة وهي قادرة على ذلك حتى في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها. وأن أي نتيجة سياسية متركزة حول إجراء تغيير جذري في المنطقة وإنهاء حالات التفشي المشابهة لحالة "داعش" اليوم محكوم عليها بالفشل؛ لأن الشرق الأوسط بوتقة من التعقيد والاختلال والصراعات. وعلى الولايات المتحدة أن تبقى منخرطة فيه نظراً للمصالح الحيوية التي أعاد الرئيس أوباما التأكيد عليها - وهي مكافحة الإرهاب ووقف الانتشار النووي ودعم الحلفاء والشركاء وتسهيل تدفق النفط والغاز - إلا أنه ليس بإمكانها "إصلاح" المنطقة. وهناك بعض الاستنتاجات التي توصلت لها الدراسة وهي:

  1. إن الولايات المتحدة ما زالت تفتقر إلى استراتيجية واضحة في تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط، ولم تعد تمتلك ذلك الدور الريادي المؤثر في المنطقة، فهي على ما يبدو غير قادره على فرض نمط ديموقراطي معين، فضلاً على التحدي الأمني المتمثل بتنظيم "داعش" وضعف استراتيجيتها العسكرية لمواجهة ذلك التنظيم هذا من جهة. ومن جهة اخرى، إن الولايات المتحدة مازالت عاجزة عن حل الصراع السوري والإطاحة بالرئيس الأسد، وفشلها في إخراج سوريا من فلك إيران وروسيا. فضلاُ عن أن مفاوضات واشنطن مع طهران بشأن برنامج إيران النووي لم تثمر شيئاً بالنسبة للولايات المتحدة لحد لآن على الرغم من استمرار تلك المفاوضات. وأيضاً ضعف الموقف السياسي والدعم العسكري الأميركي أتجاه العراق والتنصل عن تفعيل بنود الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين البلدين، وعدم جديتها في درء خطر تنظيم "داعش" ودعمها لأطراف معينه في العراق على حساب أطراف اخرى قد يؤدي بنتائج عكسية على الولايات المتحدة.
  2. إن الديموقراطية تنمو ببطء، وليس من خلال ثورات عنيفة، وعلى واشنطن أن تتفادى الرغبة في تحقيق ديموقراطية في شرق اوسط ما يزال غير مهيأ لها، فالحركات الثورية التي تطيح بأنظمة استبدادية غير كفوءة غالبا ما تجلب الى السلطة انظمة سياسية أسوء بكثير على الولايات المتحدة. لذلك يجب تجنب ذلك التحول الديموقراطي المفاجئ والتركيز على الوسائل الأخرى لأكثر مقبولية في زرع القيم الديموقراطية أو ما تسمى بالقوة الناعمة.
  3. تشخيص بعض الدراسات الأميركية تأخر العالم الإسلامي بسبب ما أسمته الإسلام السني؛ وذلك بسبب تفتيت السلطة الدينية وعجز علماء الدين في تفسير التعاليم الدينية، وعدم وجود مرجعية دينية لهم على غرار سلطة البابا الكاثوليكية أو ولأية الفقيه، وهذا التشخيص ربما يحمل موضوعية وواقعية كبيرة، لأن جل الفصائل المنضوية تحت لواء تنظيم الدولة الإسلامية هي فصائل سنية، وهذا يعد خللا كبيراً في المؤسسة الدينية السنية، ولهذا تحاول الولايات المتحدة اليوم كسب ثقة السنة وَلم شملهم ولاسيما سنة العراق، ولعل مؤتمر أربيل لجمع الأطراف السنية المختلفة كان خير دليل على ذلك؛ فالولايات المتحدة اليوم تدعم التقارب السني لمواجهة خطر انتشار ما يسمى بتنظيم (الدولة الإسلامية في العراق وسوريا) وخطر النفوذ الإيراني وغيرها من دول المنطقة. وربما تمهيداً ودعماً لإقامة الإقليم السني في العراق.
  4. لم تكن هناك جدية واضحة في استراتيجية الولايات المتحدة في تقويض الإسلاميين المتشددين والحد من خطر تلك التنظيمات الإرهابية، فاذا ما أرادت الولايات المتحدة أن تقوض تلك الجماعات فلابد من تجفيف منابع تمويلها فكرياً ومادياً وفرض العقوبات الصارمة على الدول التي تدعم وتتعاون مع تنظيم "داعش" مثل تركيا وبعض الدول الخليجية، فالتنظيم اليوم يبيع النفط أمام مرأى العالم والولايات المتحدة.
  5. إن التحول الفكري في الفكر السياسي والاستراتيجي للولايات المتحدة الأميركية من القوة الصلبة إلى القوة الناعمة، جاء لتصحيح الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأميركية السابقة وعجزها في النجاح لكسب شعوب المنطقة.
  6. مع كل التحديات الأمنية والسياسية وعدم الاستقرار في المنطقة التي تواجه الولايات المتحدة الأميركية، الا انها مجبرة على الانغماس في منطقة الشرق الأوسط للحفاظ على مصالحها وحماية حلفائها.

المصادر

اولاً: الكتب

  • ابو راشد، عبد الله احمد، العولمة في النظام العالمي والشرق أوسطية،،ط1، دار الحوار، 1999.
  • التنير، سمير، اميركا من الداخل (حروب من اجل النفط)، ط1،شركة المطبوعات، بيروت، 2010.
  • تلحمي، شبلي، المخاطر (اميركا في الشرق الأوسط عواقب القوة وخيار السلام)، ترجمة ثائر ديب، ط1، مكتبة العبيكان، الرياض، 2005.
  • جلال، شوقي، العولمة الهوية والمسار،ط1،الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2007.
  • الرفوع، فيصل عوده، الغرب والصراع العربي الصهيوني في ظل الإسلام السياسي،،مركز دراسات الشرق الأوسط، (التوجهات الغربية نحو الإسلام السياسي في الشرق الأوسط)، ط1، عمان،2000.
  • زكي،صلاح احمد، النظام العربي والنظام الشرق أوسطي،ط1، دار العالم الثالث،القاهرة، 1995.
  • الشهراني، سعد بن على بن محمد، الجذور الاعتقادية للإرهاب في الاصولية الانجلية، بـ ط، 2005.
  • الصافي، عبدالجبار الموسوي، الإسلام السياسي بين اليمين الاميركي وباراك أوباما(الحرب اسهل من السلام) ج1، ط1، المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، بغداد، 2009.
  • العزي، سويم، السلوك السياسي في المجتمع العربي، بـ/ ط، دار الألفية، المغرب، 1992.
  • كوربت، مايكل وكورنية،ميشيل، الدين والسياسة في الولايات المتحدة الأميركية، ترجمة زين نجاتي ونشأت جعفر، ج1، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، لوس انجلوس، 2002.
  • ليفين، اناتول، اميركا بين الحق والباطل(تشريح القومية الأميركية)، ترجمة ناصر السعدون، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2008.
  • ميرلز،تانر،قوه ناعمة اميركية ام امبريالية ثقافية اميركية، اعداد كولن مويرز، ضمن كتاب الامبرياليون الجدد (الأيديولوجيات الامبراطورية)، ترجمة: معين الامام، ط1،ا لعبيكان،2008.
  • ميرشايمر، جون وجي ووالت ،ستفن ام، اميركا المختطفة اللوبي الإسرائيلي وسياسة الولايات المتحدة الخارجية، ترجمة فاضل جنكر، ط1، العبيكان، الرياض، 2006.

ثانياً: الرسائل والاطاريح

  • الصواف، منتصر غازي، تأثير المحافظين الجدد على السياسة الخارجية الأميركية اتجاه سوريا ما بعد احداث 11/أيلول 2001، رسالة ماجستير غير منشوره، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب،قسم العلوم السياسية، سوريا،2013.
  • العفيفي،محمود حسن، مشروع الشرق الأوسط الكبير واثره على النظام الاقليمي العربي، رسالة ماجستير غير منشوره، جامعة الازهر، كلية الآداب والعلوم السياسية، غزه،2012.
  • العيساوي، ميثاق مناحي، البراغماتية في الفكر السياسي الاميركي المعاصر، رسالة ماجستير غير منشوره،كلية العلوم السياسية جامعة بغداد، 2011.
  • المهتدي، فراس، البعد الديني في السياسة الخارجية(اميركا نموذجا)، دراسة لنيل درجة الدبلوم في الشؤون الدولية والدبلوماسية، المعهد العربي لشؤون الدولية والدبلوماسية، سوريا، 2009.

ثالثاً: البحوث والتقارير

  • أورين،ميشيل، فطيرة التفاح والشرق الأوسط (لقد حاولت اميركا ولفتره طويله ان توجه الشرق الأوسط نحو القيم الأميركية، لوس انجلوس تايمز، 15 كانون الثاني 2007، اعداد: مركز الحرمين، http://goo.gl/EbFMss.
  • البرصان،احمد سليم، مبادرة الشرق الأوسط الكبير الإبعاد السياسية والاستراتيجية،مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية، المتابع الاستراتيجي،2004. http://goo.gl/GaUrb6
  • أولبرايت، مادلين، واخرون، دعماً للديموقراطية العربية لماذا وكيف، تقرير فريق عمل مستقل برعاية مجلس العلاقات الخارجية الاميركي، القاهرة، 2005.
  • بينارد، شيرل، الإسلام الديموقراطي المدني: الموارد، الاستراتيجيات،الشركاء، مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية، المتابع الاستراتيجي (8)،مصدر سابق،2005.
  • ثابت، احمد، الشرق الأوسط الكبير، مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية، مصدر سابق2004.
  • الحروب، خالد، في الفكر السياسي الاميركي الجديد(عودة التاريخ ورابطة الديمقراطيات)، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية،العدد 357، 2008.
  • حسن، اثير نجاح، الواقع الإسلامي في العراق وانعكاسات الفوضى الخلاقة، ثقافتنا، العدد السابع،مجلة فصلية ثقافية عامة تصدر عن دائرة العلاقات الثقافية، وزارة الثقافه،2009.
  • الداعور، سيد محمد، الشرق الأوسط الجديد مشروع اميركي يرسم خريطة جديده لمنطقة الشرق الأوسط الكبير ام الجديد، مجلة الجزيرة،16مارس 2004.
  • رويل، مارك وجيرشن، وساتلوف، روبرت، مأزق الدمقراطية في الشرق الأوسط(الإسلاميون هم الحل)،ملخص حوار سياسي في المنتدى الخاص لمعهد واشنطن،2005،مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية،مصدر سابق.
  • روس، دنس، وللقناعات اعتباراتها: السياسية الخارجية الأميركية يشكلها القادة والاحداث وليس اللوبيات، مقال ضمن مجموعة مقالات بعنوان(وجهات نظر حول النفوذ الإسرائيلي في صياغة السياسة الخارجية الأميركية، سلسلة ترجمات الزيتونة، العدد18، 2006.
  • ساتلوف، روبرت،شراكة الشرق الأوسط الكبير (عمل ما يزال بحاجة إلى كثير من التطوير، مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية، مصدر سابق.
  • الصياد، ابراهيم، ماذا وراء المشروع الاميركي الكبير، البيان الاماراتية، 5مارس 2004، اعداد مركز الحرمين، مصدر سابق.
  • العالم، محمود امين، الثقافة والديموقراطية والهيمنة الأميركية،قضايا فكرية من اجل تأصيل العقلانية والديموقراطية والابداع، سلسلة كتب قضايا فكرية، قضايا فكرية لنشر والتوزيع، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2005.
  • علي، سليم كاطع، التواجد العسكري الأميركي في الخليج العربي (الدوافع الرئيسة)، مجلة دراسات دولية، جامعة بغداد، كلية العلوم السياسية، العدد45، بغداد، 2013.
  • عبد المعطي، عمرو، عرض لكتاب رورت كيغان العالم الذي صنعته اميركا، مركز الجزيرة للدراسات،2013، انظر الرابط: http://goo.gl/aOxge7
  • فنيسي، احمد، الولايات المتحدة وقضية الديموقراطية في الوطن العربي، سلسلة قضايا فكرية من اجل التأصيل والعقلانية والابداع، مصدر سابق.
  • فرحات، محمد نور، حقوق الانسان في عصر الهيمنة (قراءه لبعض تداعيات حقوق الانسان في الوطن العربي بعد احداث 11/ أيلول، سلسلة قضايا فكرية، مصدر سابق.
  • لبيب، فخري، النظام العالمي الجديد والمبادرات الأميركية لشرق أوسطية، قضايا فكرية من اجل تأصيل العقلانية والديموقراطية والابداع، مصدر سابق.
  • المغراوي، عبدالسلام،السياسة الاجنبية الأميركية والتجديد الإسلامي، موجز لتقرير معهد السلام الاميركي، تقرير خاص رقم 164، 2006، انظر الرابط: http://goo.gl/y7lCKU.
  • المصري،احمد، الاستراتيجية الأميركية والشرق الأوسط المنطق النظري والتطبيقات العملية، مجلة الفكر الاستراتيجي العربي، العدد3، 2007، انظر الرابط: http://goo.gl/J8Oyuh.
  • النجار، احمد حسين، البعد الاقتصادي لمشرق الشرق أوسطي، سلسلة قضايا فكرية، مصدر سبق ذكره.
  • ناي،جوزيف،القوة الناعمة وسائل النجاح في السياسة العالمية، عرض ملخص لكتاب جوزيف نأي،مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية،كتب استراتيجية،مصدر سابق،2010.
  • نصار، بهيج، عسكرة السياسة الأميركية وقضايا الحرب والسلام تصورات للمستقبل، سلسلة قضايا فكرية، مصدر سابق.
  • نص المشروع الفرنسي الالماني من اجل مستقبل مشترك مع الشرق الأوسط، صحيفة الحياة 7/3/2004، منشور ضمن سلسلة قضايا حقوق الانسان، كتاب غير دوري يعبر بالقضايا الفكرية لحقوق الانسان والديموقراطية، الاصدار التاسع، دار المستقبل العربي،مصر،2004.
  • نص مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي قدمته الولايات المتحدة في قمة الدول الثماني، صحيفة الحياة الدولية، 13فبرأير/ شباط2004، سلسلة حقوق الانسان، مصدر سابق.
  • هاس،ريتشارد، نهاية عصر الشرق الأوسط الجديد، مجلة فورن افيرز،13تشرين الثاني2006، اعداد مركز الحرمين، مصدر سابق.

هاس، ريتشارد، الهدف هو الديموقراطية الإسلامية(تحول في الأولويات في واشنطن)، سلسلة حقوق الانسان، مصدر سابق.

 

[1] - العفيفي,محمود حسن, مشروع الشرق الأوسط الكبير واثره على النظام الاقليمي العربي, رسالة ماجستير غير منشوره, جامعة الازهر, كلية الآداب والعلوم السياسية, غزه,2012, ص 12.

[2] - هاس,ريتشارد, نهاية عصر الشرق الأوسط الجديد, مجلة فورن افيرز,13تشرين الثاني2006, اعداد مركز الحرمين, مجموعة مقالات بعنوان (الشرق الأوسط الجديد), ص49. انظر الرابط: http://goo.gl/EbFMss.

[3] - البرصان,احمد سليم, مبادرة الشرق الأوسط الكبير الإبعاد السياسية والاستراتيجية,مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية, المتابع الاستراتيجي,2004, ص 21. انظر الرابط: http://goo.gl/GaUrb6.

[4] - زكي,صلاح احمد, النظام العربي والنظام الشرق أوسطي,ط1, دار العالم الثالث,القاهرة, 1995, ص7.

[5] - ثابت, احمد, الشرق الأوسط الكبير, مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية, مصدر سبق ذكره,ص 11.

[6] - هو عصر وصول نابليون إلى مصر, الذي مهد لنشوء الشرق الأوسط الحديث وتفكك الدولة العثمانية.

[7] - هاس, ريتشارد, مصدر سبق ذكره, ص 49.

[8] - العفيفي,محمود حسن,مصدر سبق ذكره, ص 14.

[9] - المصدر نفسه,ص 12.

[10] - الرفوع,فيصل عوده, الغرب والصراع العربي الصهيوني في ظل الإسلام السياسي,,مركز دراسات الشرق الأوسط,(التوجهات الغربية نحو الإسلام السياسي في الشرق الأوسط), ط1,عمان,2000, ص 64_ 65.

[11] - أورين,ميشيل, فطيرة التفاح والشرق الأوسط (لقد حاولت اميركا ولفتره طويله ان توجه الشرق الأوسط نحو القيم الأميركية, لوس انجلوس تايمز, 15 كانون الثاني 2007, مركز الحرمين, مصدر سبق ذكرة, ص114.

[12] - لبيب, فخري,النظام العالمي الجديد والمبادرات الأميركية لشرق أوسطية, قضايا فكرية من اجل تأصيل العقلانية والديموقراطية والابداع, سلسلة كتب قضايا فكرية, قضايا فكرية لنشر والتوزيع, مكتبة مدبولي, القاهرة, 2005, ص 307.

[13] - المصري,احمد, الاستراتيجية الأميركية والشرق الأوسط المنطق النظري والتطبيقات العملية, مجلة الفكر الاستراتيجي العربي, العدد3, 2007, ص 67ـــــ 94. انظر الرابط: http://goo.gl/J8Oyuh.

[14] - هاس, رتشارد, مصدر سبق ذكره, ص 5.

[15] - ابو راشد, عبد الله احمد, العولمة في النظام العالمي والشرق أوسطية, دار الحوار,ط1, 1999, ص64.

[16] - الصواف, منتصر غازي, تأثير المحافظين الجدد على السياسة الخارجية الأميركية اتجاه سوريا ما بعد احداث 11/أيلول 2001, رسالة ماجستير غير منشوره, جامعة الشرق الأوسط, كلية الآداب,قسم العلوم السياسية,2013,ص 94.

[17] - البرصان, احمد سليم, مصدر سبق ذكره, ص 21.

[18] - المصدر نفسه, الصفحة نفسها.

[19] - هيرمان ميلفيل (1819ـــ1891م), روائي اميركي مؤلف رواية موبي ديك, التي صدرت في 18اكتوبر عام 1851م, تدور حول صراع تراجيدي بين حوت وانسان تتخذ من هذا الصراع الضاري وسيلة لتأمل الوضع البشري وعلاقته بالوجود, كما تحوله إلى كيان رمزي معقد وحكاية الليغورية عن كيفية العيش, وعن المشروع الاميركي الذي وجد في عمل ملفيل شكلاً من اشكال التعبير عن نفسه في منتصف القرن التاسع عشر أي حين كانت اميركا تكتشف ذاتها كقوة كونية وامبراطورية امبريالية اميركية بالقوة والامكان, فكانت رواية موبي ديك, وروايات ملفيل الاخرى نبوءة لما ستصير اليه هذا القوة الكامنة. ويكيبيديا الموسوعة الحرة.

[20] - ليفين, اناتول, اميركا بين الحق والباطل(تشريح القومية الأميركية), ترجمة ناصر السعدون, مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت,2008,ص 92ــــ93.

[21] - العيساوي, ميثاق مناحي, البراغماتية في الفكر السياسي الاميركي المعاصر, رسالة ماجستير غير منشوره,كلية العلوم السياسية جامعة بغداد, 2011, ص 150.

[22] - جلال, شوقي, العولمة الهوية والمسار,ط1,الدار المصرية اللبنانية, القاهرة, 2007,ص 92.

[23] - أورين,ميشيل مصدر سبق ذكره, ص 114.

[24] - كوربت, مايكل وكورنية,ميشيل, الدين والسياسة في الولايات المتحدة الأميركية, ترجمة زين نجاتي ونشأت جعفر, ج1, مكتبة الشروق الدولية, القاهرة, لوس انجلوس, 2002,ص 222.

[25] - الحروب, خالد, في الفكر السياسي الاميركي الجديد (عودة التاريخ ورابطة الديمقراطيات), المستقبل العربي, مركز دراسات الوحدة العربية,العدد,2008, ص 34وص 375.

[26] - ابو راشد, عبد الله احمد, مصدر سبق ذكره, ص 71.

[27] - الأطروحة الأميركية المضادة(American Anti_Thesis), وهي العوامل التي يراها المؤلف (اناتول ليفن) انها تؤثر سلباً على عظمة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي, ليفن, ص 556.

[28] - ليفين, اناتول, مصدر سبق ذكره, ص538.

[29] - ابو راشد, عبد الله, مصدر سبق ذكره, ص 57.

[30] - التنير, سمير, اميركا من الداخل (حروب من اجل النفط), ط1,شركة المطبوعات, بيروت, 2010, ص 127.

[31] - المصدر نفسة, ص 125ـــــ 126.

[32] - نفس المصدر, ص49وص 150.

[33] - علي, سليم كاطع, التواجد العسكري الأميركي في الخليج العربي (الدوافع الرئيسة), مجلة دراسات دولية, العدد45, جامعة بغداد, مركز الدراسات الدولية, كلية العلوم السياسة, 2013, ص 139.

[34] - ابو راشد, عبدالله احمد, مصدر سبق ذكره, ص 64.

[35] - المصدر نفسه, ص 68.

[36] - الداعور, سيد محمد, الشرق الأوسط الجديد مشروع اميركي يرسم خريطة جديده لمنطقة الشرق الأوسط الكبير ام الجديد, مجلة الجزيره,16مارس 2004, مركز الحرمين, مصدر سبق ذكره, ص 34.

[37] - نص المشروع الفرنسي الالماني من اجل مستقبل مشترك مع الشرق الأوسط, صحيفة الحياة 7/3/2004, منشور ضمن سلسلة قضايا حقوق الانسان, كتاب غير دوري يعبر بالقضايا الفكرية لحقوق الانسان والديموقراطية, الاصدار التاسع, دار المستقبل العربي,مصر,2004, ص 356.

[38] - ليفين, اناتول, مصدر سبق ذكره, ص 449.

[39] - ميرشايمر, جون وجي ووالت ،ستفن ام, اميركا المختطفة اللوبي الإسرائيلي وسياسة الولايات المتحدة الخارجية, ترجمة فاضل جنكر, ط1, العبيكان, الرياض, 2006, ص 36.

[40] - أورين,ميشيل, مصدر سبق ذكره, ص 115.

[41] - العفيفي, محمود حسن, مصدر سبق ذكره, ص 61.

[42] - المصدر نفسة, ص 62.

[43] - ثابت, احمد، مصدر سبق ذكره, ص 13.

[44] - هاس, ريتشارد, مصدر سبق ذكره, ص 50.

[45] - العزي, سويم, السلوك السياسي في المجتمع العرب, بـ ط, دار الألفية, المغرب, 1992, ص 132.

[46] - هاس, ريتشارد, المصدر السابق, ص 51.

[47] - الصياد, ابراهيم, ماذا وراء المشروع الاميركي الكبير, البيان الاماراتية, 5مارس 2004, اعداد مركز الحرمين, مصدر سبق ذكره, ص 17.

[48] - الصافي, عبدالجبار الموسوي, الإسلام السياسي بين اليمين الاميركي وباراك أوباما(الحرب اسهل من السلام)ج1, ط1, المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية, بغداد, 2009, ص 185ــــــ 185.

[49] - تلحمي, شبلي, المخاطر (اميركا في الشرق الأوسط عواقب القوة وخيار السلام), ترجمة ثائر ديب, ط1, مكتبة العبيكان, الرياض, 2005, ص227.

[50] - فرحات, محمد نور, حقوق الانسان في عصر الهيمنة (قراءه لبعض تداعيات حقوق الانسان في الوطن العربي بعد احداث 11/ أيلول), سلسلة قضايا فكرية, مصدر سبق ذكره, ص 199.

[51] - النجار, احمد حسين, البعد الاقتصادي لمشرق الشرق أوسطي, سلسلة قضايا فكرية, المصدر السابق, ص 58.

[52] - التنير, سمير, مصدر سبق ذكر, ص 142.

[53] - العفيفي, محمود حسن, مصدر سبق ذكره, ص 30.

[54] - المصدر نفسه, ص 27.

[55] - نصار, بهيج, عسكرة السياسة الأميركية وقضايا الحرب والسلام تصورات للمستقبل, قضايا فكرية, مصدر سبق ذكره, ص 307.

[56] - ليفين, اناتول, مصدر سبق ذكره, ص 149.

[57] - روس, دنس, وللقناعات اعتباراتها: السياسية الخارجية الأميركية يشكلها القادة والاحداث وليس اللوبيات, مقال ضمن مجموعة مقالات بعنوان (وجهات نظر حول النفوذ الإسرائيلي في صياغة السياسة الخارجية الأميركية), سلسلة ترجمات الزيتونة, العدد18, 2006, ص 6.

[58] - التنير, سمير, مصدر سبق ذكره, ص 146.

[59] - الشهراني, سعد بن على بن محمد, الجذور الاعتقادية للإرهاب في الاصولية الانجلية, 2005, ص 88.

[60] - المهتدي, فراس, البعد الديني في السياسة الخارجية(اميركا نموذجا), دراسة لنيل درجة الدبلوم في الشؤون الدولية والدبلوماسية, المعهد العربي لشؤون الدولية والدبلوماسية, سوريا, 2009, ص28.

[61] - ميرشايمر وستيفن, مصدر سبق ذكره, ص 117.

[62] - ليفين, اناتول, مصدر سبق ذكره, ص 13وص35 و ص192.

[63] - المصدر نفسة, ص 192وص202.

[64] - التنير, سمير, مصدر سبق ذكره, ص 128.

[65] - المصدر نفسة, ص149.

[66] - فنيسي, احمد, الولايات المتحدة وقضية الديموقراطية في الوطن العربي, سلسلة قضايا فكرية, مصدر سبق ذكره, ص 22ــــ23.

[67] - ليفن,اناتول, مصدر سبق ذكره, الغلاف الخارجي للكتاب.

[68] - العالم, محمود امين, الثقافة والديموقراطية والهيمنة الأميركية, قضايا فكرية, مصدر سبق ذكره, ص 12.

[69] - الصافي, عبدالجبار الموسوي, مصدر سبق ذكره, ص255وص407.

[70] - لبيب, فخري, مصدر سبق ذكره,ص 306.

[71] - نص مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي قدمته الولايات المتحدة في قمة الدول الثماني, صحيفة الحياة الدولية,13فبرأير/شباط2004,سلسلة حقوق الانسان, مصدر سبق ذكره, ص 226.

[72] - الصواف,منتصر غازي, مصدر سبق ذكره, ص77.

[73] - ساتلوف, روبرت, شراكة الشرق الأوسط الكبير (عمل ما يزال بحاجة إلى كثير من التطوير), مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية, مصدر سبق ذكره, ص 46.

[74] - هاس, ريتشارد, الهدف هو الديموقراطية الإسلامية (تحول في الأولويات في واشنطن), سلسلة حقوق الانسان, مصدر سبق ذكره, ص 163ــــ164.

[75] - رويل, مارك وجيرشن, وساتلوف, روبرت, مأزق الدمقراطية في الشرق الأوسط(الإسلاميون هم الحل),ملخص حوار سياسي في المنتدى الخاص لمعهد واشنطن,2005, مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية, مصدر سبق ذكره, ص 4.

[76] - بينارد, شيرل, الإسلام الديموقراطي المدني: الموارد, الاستراتيجيات,الشركاء, مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية, المتابع الاستراتيجي(8),مصدر سبق ذكرة,2005, ص8 ــــ9.

[77] - الصافي, عبدالجبار الموسوي, مصدر سبق ذكره, ص 135.

[78] - ساتلوف, روبرت, شراكة الشرق الأوسط الكبير, مصدر سبق ذكره, ص 5.

[79] - حسن, اثير نجاح, الواقع الإسلامي في العراق وانعكاسات الفوضى الخلاقة, ثقافتنا, العدد السابع,مجلة فصلية ثقافية عامة تصدر عن دائرة العلاقات الثقافية, وزارة الثقافه,2009, ص 129.

[80] - المغراوي, عبدالسلام,السياسة الاجنبية الأميركية والتجديد الإسلامي, موجز لتقرير معهد السلام الاميركي, تقرير خاص رقم 164, 2006, ص 5. انظر الرابط: http://goo.gl/y7lCKU

[81] - الحروب خالد, في الفكر السياسي الاميركي, مصدر سبق ذكره, ص 38.

[82] - المغراوي, عبد السلام, المصدر السابق, ص 2.

[83] - التجديد الإسلامي: هي حركة حديثة, اجتماعية وسياسية وفكرية متفرقة ولكنها اخذت في النمو, وتهدف إلى زرع الاعراف الحديثة, والتصدي لاحتياجات الحياة الحديثة بالاستناد إلى التقاليد الإسلامية, وتكون من اربع مجموعات عرضية:1. دعاة الإسلام المدني وهدفه ليس السلطة.2.دعاة الإسلام والديموقراطية التي تهدف إلى السلطة ولا تتعارض مع القيم الديموقراطية. 3.دعاة الإصلاح من داخل الإسلام, التي تضم الشخصيات الدنية وعلماء دين والمؤسسات الاكاديمية التي تدعوا إلى اعادة تفسير التعاليم الإسلامية وإلى قراءة تاريخية للإسلام والقران وتحديث المعرفة الإسلامية. 4.اسلام التحديث الثقافي التي نشأة اساساً بين الطوائف المسلمة التي تعيش في الغرب. للمزيد انظر: المغراوي, عبد السلام, مصدر سبق ذكرة.

[84] - المصدر نفسة, ص 6و8.

[85] - ليفن, اناتول,مصدر سبق ذكره, ص 544.

[86] - الصافي, عبدالجبار الموسوي, مصدر سبق ذكره, ص 187.

[87] - المصدر نفسه, ص 189ــــ 190.

[88] - المصدر نفسه, نفس الصفحة.

[89] - منيسي, احمد, مصدر سبق ذكره,ص42.

[90] - أولبرايت, مادلين, واخرون, دعماً للديموقراطية العربية لماذا وكيف, تقرير فريق عمل مستقل برعاية مجلس العلاقات الخارجية الاميركي, القاهرة, 2005,ص 65.

[91] - الحروب, خالد, في الفكر السياسي الاميركي, مصدر سبق ذكره,ص 36.

[92] - فرحات, محمد نور, مصدر سبق ذكره, ص 202.

[93] - لبيب, فخري,مصدر سبق ذكره, ص210.

[94] - تلحمي, شبلي, مصدر سبق ذكره, ص267.

[95] - ميرشايمر, جون جي ووالت, ستيفن, مصدر سبق ذكره, ص 129.

[96] - التنير,سمير, مصدر سبق ذكره, ص 165.

[97] - المغراوي,عبدالسلام, مصدر سبق ذكره, ص 2.

[98] - المصدر نفسه, ص 4.

[99] - ناي,جوزيف,القوة الناعمة وسائل النجاح في السياسة العالمية, عرض ملخص لكتاب جوزيف نأي,مركز الكاشف للدراسات الاستراتيجية,كتب استراتيجية,مصدر سبق ذكرة, 2010,ص 3.

[100] - البرصان, احمد سليم, مصدر سبق ذكره,ص 21.

[101] - التنير,سمير, مصدر سبق ذكره, ص 159ــــ 160.

[102] - ميرلز,تانر,قوه ناعمة اميركية ام امبريالية ثقافية اميركية, اعداد كولن مويرز, ضمن كتاب الامبرياليون الجدد (الأيديولوجيات الامبراطورية), ترجمة: معين الامام, ط1,العبيكان,2008,ص 307.

[103] - عبد المعطي, عمرو,عرض لكتاب رورت كيغان العالم الذي صنعته اميركا, مركز الجزيرة للدراسات,2013, ص 3. انظر الرابط: http://goo.gl/aOxge7

[104] - المصدر نفسه,الصفحة نفسها.

[105] - المصدر نفسه,ص2.

[106] - ناي, جوزيف,مصدر سبق ذكره, ص6.

[107] - ميرلز, تانر, مصدر سبق ذكره, ص 308.

[108] - عبد العاطي, عمرو, مصدر سبق ذكره, ص 5.

[109] - المصدر نفسه, ص 6.