تصنیف البحث: تاريخ
من صفحة: 465
إلى صفحة: 484
النص الكامل للبحث: PDF icon 180530-223548.pdf
خلاصة البحث:

المقدمة:

مدينة الكاظمية المقدسة حالياً، أو ما تسمى بـعض أجزائها قديماً بـ(مقابر قريش) بلدة قديمة، ذات ماضٍ عريق ومجد أثيل، تبعد عن بغداد شمالاً خمسة كيلو مترات، وهي في ذات الوقت جزأ لا يتجزأ من بغداد قديماً وحديثاً، فهي على امتداد تاريخها الطويل كانت تؤثر وتتأثر بالأحداث التي تجري في بغداد، فارتبطت بها ارتباطاً وثيقاً من الناحية الجغرافية والتاريخية. ([1])

لا يفوت كل مطّلع على تاريخ المدن أن آلية نشأتها تختلف بحسب موقعها، وأهميتها، والغاية من تأسيسها، وقد لعب الموقع الجغرافي والأهمية الدينية لمدينة الكاظمية – على اختلاف تسمياتها –  أثراً مهماً في تأسيسها منذ ألاف السنين.

وقد وطأ أرضها وتعاقب عليها عبر تاريخها الطويل عدد من الدول والممالك، لكن ظلّ الكثير من تاريخ هذه البقعة مجهولاً  لم تكشفه بقايا الآثار، ولم تسطّره أقلام الرحالة والمؤرخين، حالها حال العديد من مدن العراق، وبطبيعة الحال لا نعزو ذلك إلى القصد والاهمال، ولكن طبيعة أغلب المدونين التاريخيين قد اهتموا بالجوانب السياسية والعسكرية على حساب الجوانب الأخرى كالاجتماعية والاقتصادية والعمرانية وغيرها، لذا سيجد القارئ في مضان هذا البحث الكثير من المعلومات مبنية على نتف واشارات عابرة تناثرت في بطون المصادر.

وقد قسّمنا بحثنا هذا إلى مبحثين، الأول: خاص بتاريخ هذه المدينة منذ أقدم العصور حتى نهاية الدولة العباسيّة، والثاني: اهتم بالتسميات التي اطلقت عليها حسب تعاقبها الزمني، كما اختتمنا البحث بخلاصة وقائمة بالمصادر والمراجع التي اعتمدناها في بحثنا وقد تنوعت بين كتب الحديث والمعاجم اللغوية والتاريخ العام والتراجم والبلدان.

Abstract

The city of Kadhimiyah that some of its parts was called the "Quraish Cemetery" is an ancient city. The position of Kadhimiyah and its religious importance has played a great role in its establishment. It is thought that (Aqirqoof) is the first trace to the origin of the city. There is also an evidence that Imam Ali (Pbuh) had come across this land when he came back from the battle of Nahrawan to fight Al-Khawarij. The Abbassid Al.Mansoor was the first one who made this place as a cemetery called (Quraish Cemetery) and the first one to be buried was his son in the year (150 A.H).

This place has acquired an importance and Sacredness in the perspectives of Muslims in general and the believers of the House holds (Pbut) for the first time when it was honoured by having the holy bodies of imams Al-Kadhimain (Pbut). There were a great impact of some Khalifats, Sultans and their minstres in addition to some wealthy people in developing and expanding the holly shrine. Moreover, Al-Kadhimiyah has known by some names such as: Kurtble, Al.Shunaiziah, Quraish cemetery, Al-kadhim (pbuh) sight, Bab Al-tibin sight, The west sight, and Al-Kadhimiyah.

 

[1] - ينظر: تاريخ المشهد الكاظمي: 9.

البحث:

المبحث الأول: تاريخها:

لا يعلم بالضبط كيف قامت العمارة الأولى في الكاظمية، ومن قام بتشييدها أولاً، لكن المعروف أن أقرب مملكة لأرض الكاظمية كانت مملكة الكيشيين([1])، الذين اتخذوا في بداية حكمهم من مدينة بابل عاصمة لهم، ثم أقاموا عاصمة ثانية على يد ملكهم (كوريكالزو الأول) في المنطقة الواقعة غرب الكاظمية وعرفت في عـصرهم بـ(دور - كوريكالزو)([2])، وقد سميت فيما بعد بـ(عقرقوف)([3])، والتي ولم يبق من آثارها إلاّ برجها الذي يبلغ ارتفاعه عن سطح الأرض (56) متراً.([4]

وبذلك يُعتقد أن (عقرقوف) هي الأثر الأول الذي تم التوصل إليه في أصل الأرض التي سُميت بعض جوانبها بـ(الكاظمية)، وبقيت هذه الأرض مجهولة التاريخ في العهود التالية كالعهد السلوقي والأخميني، وإن رجّح  البعض أنها كانت غير خالية من الحياة والسكان، وموضع العناية والرعاية ولو لغرض الزراعة على الأقل.([5])

أمّا الفرثيون([6]) الذين لم يرق لهم اتخاذ مدينة (سلوقية) عاصمة لهم ولم تكن (بابل) التي دمرتها الحروب خليقة بأن تكون عاصمتهم، فشادوا مدينة ضخمة على الجهة الـيسرى من دجلة قبال (سلوقية) اسموها (طيسفون)([7]) والمعروفة بـ(المدائن).([8])

ويتضح من دراسة الأنهار والقرى والمدن المحيطة بدجلة ابتداءً من (دور - كوريكالزو) في الشمال الغربي حتى (المدائن) في الجنوب الشرقي: إن المنطقة التي شيّد المنصور مدينته عليها – وهي منطقة بغداد بجانبيها الغربي والشرقي- كانت عامرة بريّها ومزارعها منذ أقدم العصور، وأرض الكاظمية الحالية كانت جزءً من هذه المنطقة العامرة الخضراء بلا شك.([9])

وأما القرى والمدن الواقعة جنوب أرض الكاظمية وشرقيها وجنوبها الغربي – قبل الإسلام- كانت كثيرة متعددة تسلسل وتتلاحق حتى تصل إلى مدينة (المدائن) الضخمة شرقي دجلة و(سلوقية) الكبرى غربيها، وكلتا المدينتين عاصمة كبيرة لدولة كبيرة، وتعد من العواصم الفخمة الرائعة في تلك العهود.([10])

ومن أقرب تلك القرى إلى أرض الكاظمية قرية (سونايا) التي كانت تقع في الجنوب الـشرقي للكاظمية الحالية، وهي «قرية قديمة ... ينسب إليها العنب الأسود الذي يتقدم ويبكر على سائر العنب مجناه، ولما عمرت بغداد دخلت هذه القرية في العمارة وصارت محلة تعرف بالعتيقة لذلك، وبها مشهد لعلي بن أبي طالب »([11]) يُعرف بـ«مشهد المنطقة»([12])، وما زالت المحلة الواقعة بين الكاظمية والكرخ تسمى بـ (المنطقة).([13])

وهناك اشارة مفادها أن الفرثيين قد وصلوا للمنطقة المعروفة حالياً بـ(الكاظمية) واستخدموها مقبرة لدفن موتاهم، كما يحتمل أن يكون الساسانيون هم من فعلوا ذلك لأنهم توارثوا طريقة دفن موتاهم من الديانة الفرثية([14])، وأطلقوا عليها تسمية خاصة كما سيأتي.

وكان الملوك الساسانيون قد أقاموا مزارع ومتنزهات وبساتين على الارض المجاورة لأرض الكاظمية وأقربها بساتين قرية بغداد، لأن النظام الساساني كان نظامٌ اقطاعياً يقوم على أساس الملكية الكبيرة للعائلة الحاكمة، فكانت بغداد الحالية بجانبيها الـشرقي والغربي مقسمة إلى مقاطعات كبيرة، كما اتخذ الملوك الساسانيون بساتين خاصة لهم ومنهم كـسرى أنو شروان([15])، وكان يديرها وكلاء عنهم عرفوا باسم (دهاقين)([16]) كشكل لإدارة النظام الاقطاعي، وكان لكل دهقان قرية خاصة به.([17])

ويستفاد من بعض كتب البلدان أن المنطقة المجاورة لموضع المشهد الكاظمي الحالي من جهة الـشرق كانت قبل انشاء مدينة المنصور بستاناً لبعض ملوك فارس، ثم اقطعها المنصور العباسي عمارة بن حمزة([18])، لذا سميت بـ(دار عمارة).([19])

ومن خلال ما تقدم يتبين أن الموقع الجغرافي القريب من نهر دجلة - والذي ساعد كثيراً في خصوبة أرضها - قد لعب دوراً مهماً في استيطانها من جهة واستغلالها للزراعة من جهة أخرى.

وبعد أن بزغ نور الإسلام على وجه المعمورة اخذت حدوده تتوسع منذ عهد الخلافة الراشدة وما بعدها، وبدأت حملة العرب المسلمين صوب العراق منذ سنة (12هـ) لتحريره من سيطرة الساسانيين، وتم لهم ذلك سنة (16هـ).([20])

وبعد الفتح الإسلامي للعراق والقضاء على الحكم الساساني فيه اصبح من املاك الدولة العربية الإسلامية، واستمر الحال على ما كان في وجود القرى والدهاقين، فأسلم معظم الدهاقين، وبقي النصارى على ديانتهم واديرتهم في قراهم ومقابرهم الخاصة.([21]

وفي خلافة الإمام علي بن أبي طالب  عليه السلام  هناك ما يشير إلى أنّه قد وطأ هذه الأرض عندما رجع من محاربة الخوارج([22]) في النهروان، وأقام إلى جوارها في منطقة براثا([23]) وصلى فيها.([24])

وما يعضد ذلك وجود مقبرة تقع إلى الجنوب الغربي من مقابر قريش وتعرف بمقبرة الشهداء([25])، وقال فيها الخطيب البغدادي: «وبالقرب من القبر المنسوب إلى هشام [ أي هشام بن عروة بن الزبير بن العوام] بالجانب الغربي قبور جماعة تعرف بقبور الشهداء، لم أزل أسمع العامة تذكر أنها قبور قوم من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كانوا شهدوا معه قتال الخوارج بالنهروان وارتثوا في الوقعة، ثم لما رجعوا أدركهم الموت في ذلك الموضع فدفنهم علي هناك. وقيل: إن فيهم من له صحبة».([26])

وقد ذكر الدكتور مصطفى جواد - في بحثه المسوم بـ(الكاظمية قديماً)، والمنشور في ضمن موسوعة العتبات المقدسة - هذه المقبرة قائلاً: «هي على المشهور مقبرة الشهداء المسلمين الذين حاربوا الخوارج قرب أرض الكاظمية فأثخنتهم الجراح وماتوا فدنوا هناك، أعني في غربي الكاظمية الجنوبي سنة (37هـ)، وقيل بل حملوا من ساحة الوغى في وقعة النهروان وهم مرتثّون فأدركهم الموت في ذلك الموضع».([27])

وفي عهد الخلافة العباسية اختار المنصور العباسي – ثاني خلفاء بني العباس- موضعاً بالقرب من أرض الكاظمية الحالية لتكون فيه عاصمة الخلافة العباسية، فابتدأ بتأسيس مدينته المدورة سنة (145هـ) ([28])، واستتم بناء سورها وفرغ من خندقها وسائر شؤونها سنة (149هـ).([29]

ويؤكد بعض الباحثين أنه لمّا أنهى المنصور عمارة مدينته اقتطع مقبرة الشونيزي الصغير المجاورة لمدينته من جهة الشمال وجعلها مقبرة وأسماها (مقابر قريش)([30])، وللدكتور مصطفى جواد رأي في ذلك كما سيأتي.

وأول من دفن في هذه المقبرة هو جعفر ابن المنصور الأكبر الذي حقق باسمه كنيته، وكانت وفاته سنة (150هـ)([31])، ثم توالى الدفن فيها، ففي سنة (183هـ) دُفِن فيها الإمام موسى الكاظم  عليه السلام ([32])، وبعد ذلك دفن إلى جنبه حفيده الإمام محمد الجواد  عليه السلام  سنة (220هـ).([33])

وبعد أن تـشرفت هذه الأرض بضم جسدي الإمامين الكاظمين  علیهما السلام  اكتسبت هذه البقعة ولأول مرة أهمية وقدسية خاصة في نظر محبي آل البيت  عليهم السلام  إذ صارت مسكناً لهم شأن البلاد المقدسة التي يرغب الشيعة سكنها بجوار أضرحة الأئمة من أهل البيت  عليهم السلام ، لأنهم يرون في مجاورة وزيارة تلك المشاهد الكريمة فضلاً عند الله، وجاءت من طرقهم أحاديث جمة تدلهم على ذلك الفضل، منها ما جاء في الأثر عن الشيخ جعفر بن محمّد بن قولويه  بسنده عن الحسن بن علي الوشاء، حيث قال: «قلتُ للرضا  عليه السلام : ما لمَن زار قبر أبيك أبي الحسن  عليه السلام ؟ فقال: زُرْه، قال: فقلتُ: فأيّ شيء فيه من الفضل؟، قال: له مثل مَن زار قبر الحسين عليه السلام ».([34])

     ومن جهة أخرى أنّ زيارتهم  عليهم السلام  وتعاهد قبورهم يعدها الموالون إيفاءً لحقّهم، وهذا ما دلّ عليه قول الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام : «إنّ لكلّ إمام عهداً في عنق أوليائهم وشيعتهم، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم، فمَن زارهم رغبةً في زيارتهم وتصديقاً لما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة».([35])

والمُلاحظ من بعض النصوص التاريخية أن هذه المنطقة المغمورة قد قفزت خلال مدة الـعصر العباسي الأول قفزات واسعة باتجاه التوسع والاستيطان، ففي أوائل القرن الرابع الهجري كانت المنازل حول مقابر قريش كثيرة ومتعددة، وكان بعض تلك المنازل مشتملاً على عدة حجر ولكل حجرة باب أو أكثر، ويرشدنا إلى ذلك ما رواه ابن مسكويه في حوادث سنة (312هـ).([36])  

وخلال حكم البويهيين للعراق شهدت مقابر قريش اهتماماً ملحوظاً من قبلهم، فأصبح ذلك حافزاً لتوسع السكن وانتشار الدور حول المشهد الكاظمي المقدس، ومن ذلك أنه في سنة (336هـ) قام معز الدولة البويهي([37]) بتشييد المرقد الكاظمي المطهر تشييداً رائعاً في عمارته، كما أمر بإنزال جماعة من الجنود الديالمة ومعهم أفراد آخرين؛ لغرض الخدمة والحفاظ على الأمن.([38])

ونظراً لاستتباب الأمن وتوفر الخدمات التي شهدتها مقابر قريش خلال حقبة الحكم البويهي من جهة، فضلاً عن صيرورتها محلة ملتصقة بمحال بغداد الأخرى من جهة ثانية ازدادت الجموع الغفيرة القاصدة مشهد الكاظمين  علیهما السلام  في المواسم والمناسبات الدينية المختلفة.([39])

اضافة إلى ما تقدم كان ايصال الماء إلى المشهد الكاظمي المطهّر بمساعي أبي طاهر سباشي([40]) سبباً جديداً في ازدياد العمران في هذه المدينة الصغيرة، وكان ذلك بين عامي 376-379هـ، وفيه قال السيّد عبد الكريم ابن طاوس: «والذي بنى مشهد الكرخ الحاجب شباشي ... وحفر ذنابة دجيل، وساق الماء إلى مشهد موسى بن جعفر  عليه السلام ».([41])

 كما أن هناك معطيات تشير إلى تزايد السكان حول المشهد المقدس في منتصف القرن الخامس الهجري، وإلى وجود دور للسكنى داخل سور المشهد فضلاً عن خارجه([42])، ومن هذه المعطيات ما يشير إلى إن السواد الأعظم من هؤلاء السكان علويين، كما كان يهابهم الخليفة القائم بأمر الله بحسب رواية ابن الجوزي في حوادث سنة (450هـ) إذ قال: «وحمل الخليفة إلى المشهد بمقابر قريش، وقال له: تبيت الليلة فيها، فامتنع وقال: هؤلاء العلويون الذين بها يعادوني».([43])

وكانت أعمال البر الخاصة بترميم وتعمير وتوسعة المشهد المطهر ومحيطه من قِبل عدد من الخلفاء والسلاطين ووزرائهم وبعض الميسورين من أهل الخير والصلاح ملازمة لهذا الـصرح المقدس، ومنها الأعمال العمرانية التي قام بها الوزير أسعد البلاشاني([44]) والتي طالت المشهد وما حوله، وكان من جملتها تشييد دار إلى جانب المشهد الكاظمي لاستراحة الزائرين، وكان ذلك سنة (490هـ).([45])

ومن خلال اشارات بعض المؤرخين المتعلقة بأحداث القرن السادس الهجري التي شهدتها بغداد عموماً - ومنها مقابر قريش – يمكن ملاحظة النمو السكاني والتوسع الاستيطاني الذي بات واضحاً في هذه المنطقة، ففي سنة (517هـ) جاء العلويون من أهل المشهد الغربي إلى ديوان الخلافة يشكون فعل المشاغبين الذين قصدوا مشهد الكاظمين  علیهما السلام  ونهبهم لما فيه «فخرج توقيع الخليفة [المسترشد بالله] بعد أن أطلق في النهب بإنكار ما جرى، وتقدم إلى نظر الخادم بالركوب إلى المشهد وتأديب الجناة، ففعل ذلك ورد بعض ما أُخِذ».([46])

وفي هذه الرواية دلالة واضحة على أن هذه المنطقة أصبحت مأهولة بالسكان - بأغلبية علوية - الأمر الذي ساعد على استجابة الخليفة سريعاً لشكواهم، كما يبدو أيضاً أن سكان هذه المنطقة في هذا القرن من الزمان أصبحوا -من حيث الكثرة – يعاملون معاملة أقرانهم من أهل المحلات الأخرى فأخذ بعض المؤرخين يُسميهم: «أهل مشهد موسى بن جعفر».([47])

وفي سنة (569هـ) زادت دجلة زيادة عظيمة «وأسكرت الحربية([48]) والمشهد، ووقع أكثر سور المشهد، ونبع من داخله الماء فرمى الدور والترب»([49])، ولا تخفى الاشارة في ذلك على كثرة الدور المحيطة بالمشهد المقدس. 

واستمرت هذه الكوارث تطول منطقة مقابر قريش تحديداً وبغداد عموماً في القرن السابع الهجري فكان من جرّائها أن أودت بالكثير من أجزاء المشهد الكاظمي والدور المحيطة به كالفيضان  الذي حدث ببغداد سنة (614هـ) فـ«نبع الماء من البلاليع والآبار من الجانب الـشرقي وغرق كثير منه ... وأما الجانب الغربي فتهدم أكثر القرية ...وخربت البساتين ومشهد باب التبن»([50]).

وفي فيضان سنة (646هـ) أحاط الماء ببغداد وغرقت مناطق بأكملها، «وأما المشهد الكاظمي - على ساكنه السلام -، فأنه هدم سوره ودوره وأقام [الماء] على الضريحين الشريفين بحيث لم يبق من الرمامين إلا رؤوسها»([51])، علماً أن اجراءات الخلافة كانت سريعة بخصوص تعمير ما تم تهديمه بسبب هذه الفيضانات، وكان منها بناء سوراً محكماً يحيط بالمشهد كله.([52])

وفي هذه النصوص اشارة واضحة إلى حجم التوسع العمراني الذي شهدته منطقة مقابر قريش والمتمثل بكثرة الدور الأمر الذي حتم احاطتها بسور –  كحال بقية المدن - ليكون سدّاً لصد طغيان الماء، وليردّ الأيدي الفاسدة عن الروضة المطهّرة ومحيطها.

وأما الجانب الفكري و الاجتماعي فهناك اكثر من اشارة تظهر مدى التطور الملحوظ الذي شهدته هذه المنطقة في هذين الجانبين، أولها أن في سنة (608هـ) «أمر الخليفة [الناصر لدين الله] أن يقرأ مسند أحمد بن حنبل - - بمشهد موسى بن جعفر يحضره صفي الدين محمد بن معد الموسوي([53]) بالإجازة عن الخليفة».([54])

ويستفاد من هذه الرواية وجود مدرسة أو حلقات داخل أروقة المشهد المقدس لتدريس فقه أهل البيت  عليهم السلام  وأخبارهم وهو أمر متوقع جداً في ظل حكم الخليفة الناصر لدين الله (575ـ622هـ) المعروف بميله إلى الشيعة([55])، فضلاً عن كونه «شهماً، شجاعاً، ذا فكرة صائبة وعقل رصين... وكانت هيبته عظيمة جداً»([56])، ورغبته في تخفيف حدة التوتر بين السنة والشيعة وقتذاك واضحةً جلياً من خلال أمره بتدريس مسند الإمام ابن حنبل في المشهد المقدس الأمر الذي ينم عن حكمة عالية وتدبر سليم.

أما اتخاذ المساجد والأضرحة المقدسة كمؤسسات تعليمية - إلى جانب وضيفتها الأساسية كأماكن للعبادة - لتدريس العلوم الدينية وما يتصل بها من علوم اللغة العربية وغيرها فهو أمر معروف في الحضارة الإسلامية.([57])

ثانيهاً يظهر أن بعض المراسيم والطقوس التي كانت  تؤدى من قبل الشيعة في المشهد الكاظمي في أيام المناسبات الدينية كانت تحظى بحضور بعض أبناء المذاهب الأخرى فضلاً عن أنها وصلت إلى حد التأثير فيهم، فهناك ما يؤكد أن أحد أبناء العامة قد «تعلم الإنشاد لمراثي الحسين  في أيام المواسم بالكرخ في مشهد موسى بن جعفر».([58])

 ولكن لم يسعفنا هذا النص بكيفية هذا التعلّم، فهل كان منظماً في اطار تدريبي؟ أم كان ذاتياً وبقناعة شخصية؟ وعموماً فالإشارة واضحة على إن المشهد الكاظمي وقتذاك كان مجمعاً للزائرين والقاصدين حتى من المذاهب الأخرى في المناسبات والأعياد الدينية.

وفي اطار الجانب الاجتماعي أيضاً كان في المشهد الكاظمي حينئذ مَن يهتم بالأيتام - لا سيما العلويين منهم - بشكل يشبه إلى حد كبير (دار الأيتام) في الوقت الحاضر، ويؤكد ذلك رواية طويلة مفادها أن الوزير مؤيد الدين بن برز القمي([59]) طلب من مملوكه في ليلة من الليالي حلاوة النبات، فعمل صحون متعدد منها، وكلّفه بتوزيعها على الأيتام العلويين في الصحن الكاظمي المطهّر، ففعل ذلك.([60])

وزيادة على ذلك أكد بعض الباحثين على اشتمال منطقة مقابر قريش في أخريات الـعصر العباسي على (بيمارستان)([61]) «فيه الأدوية والاشربة والمعاجين»([62]). وبذلك تكون هذه المنطقة خلال الـعصر العباسي قد شهدت تطورات سريعة وعلى جميع الأصعدة، وفي ذلك قال الشيخ محمد حسن آل ياسين (ت 1427هـ):«أن هذه الأرض سارت بخطى سريعة في طريق الازدهار، فانتقلت – في فترة قصيرة من عمر الزمان – من مقبرة خاصة ببني هاشم أو القرشيين والأشراف من الناس إلى مشهد زاهر خاص بالإمامين الكاظم والجواد  علیهما السلام ، ثم إلى محلة من محلات بغداد العامرة المشهورة، وأخيراً إلى مدينة قائمة بنفسها فيها كل معالم المدن ومرافقها الرئيسة».([63])

وهكذا ينتهي الـعصر العباسي ومنطقة مقابر قريش – كما يصفها ياقوت الحموي - «محلة عامرة، ذات سور، مفردة».([64])

وما تقدم من توسع في الاستيطان والعمران والخدمات لهذه المنطقة يعد مؤشراً يعتد به كتاريخ تقريبي لانفرادها عن بغداد وتحولها إلى بلدة ذات كيان خاص، هذا فضلاً عن أن بغداد نفسها منذ القرن الخامس الهجري أخذت تشهد الكثير من الفتن والاضطرابات والكوارث التي خلفت الكثير من الخراب والدمار([65])، الأمر الذي انعكس سلباً على انكماشها وضمورها.

كما أضاف البعض دليلاً آخر بقوله: «ولمّا كان تعيين النقباء الخاصين بالمشهد الكاظمي قد ابتدأ من أوائل القرن الخامس ولم يكن قبل ذلك فهو يشعر ببدء انفراد الكاظمية مقراً لسكناها».([66])

المبحث الثاني: تسمياتها:

لقد مرت تسميّة هذه البقعة المباركة عبر مسيرة التاريخ، ومن قَبْل تـشرّفها باحتضان رمس قرة عينَيَّ النبي  صلى الله عليه وآله  وفلذتي كبده، الإمامان الهمامان الكاظم والجواد  علیهما السلام ، بعدة مراحل، ولكل مرحلة اسمها التي عرفت به، وقد أشار الشيخ محمد السماوي إلى عدد من هذه التسميات  في ارجوزته المعرفة بـ: (صدى الفؤاد إلى حمى الكاظم والجواد  علیهما السلام  قائلاً:

ثمَّ مـضَى الدّهرُ على  اُناس
 

 

وملَكَ الأمرَ بَنو العبّاسِ
 

فنزلُوا الأنبارَ  ثمَّ الكوفةْ
 

 

في ضِفّةٍ من نهرِها معروفةْ
 

ثمَّ أبو جعفرَ رامَ النّقلةْ
 

 

منَ الفراتِ لضِفافِ دجلةْ
 

فامتازَ بغدادَ لهُ نوبخْتُ
 

 

وطابَ منْها للملوكِ التّخْتُ
 

في سنةِ الخمْسِ والأربعينا
 

 

ومئةٍ فأرّخوا (أعينا)
 

 

... إلى أن قال:

وجُعِلتْ (مقبرةُ الشونيزي)
 

 

مقبرةً للميّتِ الجهيزِ
 

وهْيَ اثنتانِ لقريشِ الكُبْرى
 

 

غريبةً ولِسواها الصُّغرى
 

وتلكَ كانتْ عنْدَ (بابِ التّبْنِ)
 

 

بابٌ لتبنِ الخيلِ ثَمَّ مَبْني
 

لَصْقُ  قطيعةٍ لأُمِّ جعفرِ
 

 

وقُبرتْ بها معَ  ابنٍ أكبرِ
 

فسُمّيتْ  مقابراً تُعَنْونُ
 

 

باسمِ قريشٍ حيثُ فيها تُدفَنُ
 

حتّى قـضَى الإمامُ موسىَ الكاظمُ
 

 

وحلَّها واحتلَّها الأعاظِمُ
 

لدى الثلاثِ والثمانينَ سنةْ
 

 

والمئةِ الماضيةِ المقترنةْ
 

ثمَّ قـضَى محمدُ الجّوادُ
 

 

فانتظمَ الأحفادُ والأجدادُ
 

وأزهَرُ المشهَدُ في بدرينِ
 

 

وذاكَ في الـعشر ينِ والمئَينِ
 

فسُمّيَتْ (مشهدُ بابِ التّبنِ)
 

 

وفيهِ عنْ لفظِ القبورِ استُغني

 

و(المشهدُ الغربيُّ) منْ بغدادِ
 

 

كما تراهُ أعينُ الأشهادِ
 

و(مشهدُ الكاظِم) أوْ بالتثنيةْ
 

 

وغُلِّبتْ بالكاظمينِ التّسميةْ([67])
 

 

وهنا نتطرق بشيء من الاختصار إلى كل اسم من الأسماء التي عُرفت بها مقابر قريش:

1ـ  (قُطرَبَل) و(طسوّج قُطرَبَل):

كانت منطقة الكاظمية من الأرضين القديمة المسكونة التابعة للكيشيين كما تقدم، ولم يتم العثور على اسم لها في عـصرهم ولا عصور من حكموا قبلهم كالأكديين والبابليين، ولا في عـصر من حكموا من بعدهم كالكلدانيين والأخمينيين، وإنما هناك اسماً لها يشبه الأسماء اليونانية وهو (قُطرَبَل)، وهذا يدل على أن الاسم كان معروفاً في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، وهو القرن الذي نشأت فيه دولة السلوقيين اليونانيين. ([68])

وما يدّل على ذلك، الخبر الذي اورده صاحب كتاب الحوادث في أحداث سنة (641هـ) وهو العثور على دراهم يونانية إلى الغرب الجنوبي من هذه المنطقة والتي تعرف بـ (مقبرة الشهداء) – المار ذكرها -عندما حفروا في هذه المقبرة لدفن أحد المتوفين.([69])

كما وجدت في سنة (647هـ) نقود يونانية مخلوطة مع نقود غيرها، وذلك أثناء حفر أسس لعمارة جديدة لمرقد الإمامين الكاظمين  علیهما السلام .([70])

أمّا في أيام الساسانيين فقد عرفت منطقة الكاظمية بـ (طسّوج قُطرَبَل) أي كورة قطربل، وكانت تروى من نهر يتفرع من الجانب الأيمن من دجلة والذي يعرف بنهر دجيل، كما كان يفصل بين طسّوج قطربل وطسّوج بادوريا نهر الـصراة الذي يتخلج من نهر عتيق يأخذ ماءه من الفرات، وعرف في أيام الساسانيين بإسم نهر (رفيل)، وفي أيام العباسيين وبعدهم عرف بإسم (نهر عيسى) نسبة إلى عيسى بن علي (ت164هـ) عم أبي جعفر المنصور.([71])

2ـ (الشونيزية):

كما سُمّيت منطقة الكاظمية أيضاً بـ (الشونيزية)، وقد ذكرها ياقوت الحموي قائلاً: «الشونيزية: مقبرة ببغداد بالجانب الغربي، دفن فيها جماعة كثيرة من الصالحين».([72])

وأمّا الخطيب البغدادي (ت 463هـ) فقد بيّن سبب هذه التسمية، إذ قال: «سمعت بعض شيوخنا يقول: مقابر قريش كانت قديماً تعرف بمقبرة الشونيزي الصغير، والمقبرة التي وراء التوثة تعرف بمقبرة الشونيزي الكبير، وكان أخوان يقال لكل واحد منهما الشونيزي، فدفن كل واحد منهما في إحدى هاتين المقبرتين ونسبت المقبرة إليه».([73])

ويرى الدكتور (مصطفى جواد) أنّ الخلط واضح في هذا الخبر، باعتبار أنّ المنصور هو أوّل من جعل هذه المنطقة مقبرة، ولو كانت تعرف بـ (مقبرة الشونيزي الصغير) لذُكر انها كانت مقبرة قبل اتخاذ المنصور لها، ولورد ذكرها على الأقل في خبر وفاة ابنه جعفر الأكبر، ولقيل إنّه دفن في مقبرة الشونيزي الصغير التي عرفت بعد ذلك بمقبرة قريش أو مقابر قريش.

وعلى الرغم من ذلك، يظهر أنّ العامة قد اعتادوا على هذه التسمية، لذلك كانت تسمى مقابر قريش أحياناً بـ (مقبرة الشونيزي الصغير) لتمييزها عن (مقبرة الشونيزي الكبير) التي دفن فيها شيخ الصوفية الشيخ جنيد البغدادي (ت 298هـ).([74])

3 ـ (مقابر قريش):

قال الحموي: «مقابر قريش ببغداد، وهي مقبرة مشهورة ومحلة فيها خلق كثير، وعليها سور بين الحربية ومقبرة أحمد ابن حنبل ، والحريم الطاهري، وبينها وبين دجلة شوط فرس جيد، وهي التي فيها قبر موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، وكان أول من دفن فيها جعفر الأكبر بن المنصور أمير المؤمنين في سنة (150)، وكان المنصور أول من جعلها مقبرة لّما ابتنى مدينته سنة (149)».([75])

وأنّ السبب في تسميتها من قِبل المنصور بـ(مقبرة قريش) أو (مقابر قريش) نسبة إلى قبيلته قريش، ولتكون مقبرة خاصة بموتى قريش فقط كالعباسيين والعلويين، فقد ذكر الإربلي «وكانت هذه المقبرة لبني هاشم».([76])

ولكن هذا الـشرط لم يُحافَظ عليه بعد ذلك، إذ دُفن فيها أبو يوسف القاضي([77])ولم يكن قرشياً كما هو معلوم، ثم توالى الدفن فيها من الهاشميين – كالإمامين الكاظمين  علیهما السلام - ومن غيرهم، كما أشار إلى هذا المعنى الشيخ المفيد عند وصفه لمقابر قريش قائلاً: «وكانت هذه المقبرة لبني هاشم والأشراف من الناس قديماً».([78])

وكذلك الخطيب البغدادي بقوله: «بالجانب الغربي في أعلى المدينة (مقابر قريش)، دفن بها موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وجماعة من الأفاضل معه».([79])      

4 ـ (مشهد الكاظم  عليه السلام ) و (مشهد موسى بن جعفر علیهما السلام ):

(مشهد الكاظم  عليه السلام ) تسمية قديمة معروفة وقد وردت في العديد المصادر، من ذلك ما رواه الشيخ الصدوق (ت381هـ) بسنده إلى محمّد بن بحر الشيباني، قال: «وردت كربلاء سنة ست وثمانين ومائتين، قال: وزرت قبر غريب رسول الله  صلى الله عليه وآله ، ثمّ انكفأت إلى مدينة السلام متوجّهاً إلى (مقابر قريش)... فلمّا وصلت منها إلى (مشهد الكاظم  عليه السلام ) واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة، المحفوفة بحدائق الغفران، أكببت عليها بعبرات متقاطرة وزفرات متتابعة...».([80])

 كما ذكر هذه الرواية أيضاً محمد بن جرير الطبري الشيعي وهو من أعلام القرن الرابع الهجري.([81])

وأيضاً ما ذكره السيّد ابن طاوس (ت 664هـ) في أكثر من موضع، ومنه ما ورد في معرض كلامه عن نسخة عتيقة من كتاب (الملاحم) للبطائحي، مبيناً انه وجدها في خزانة «مشهد الكاظم  عليه السلام ».([82])

وكذلك الذهبي في تاريخه، قال في حوادث سنة (580هـ): «جعل الخليفة الناصر (مشهد موسى الكاظم) أمناً لمن لاذ به». ([83]

فضلاً على ما تقدم فقد ذكر هذه التسمية كل من الصفدي والكتبي المتوفيان سنة (764هـ)، في ترجمة الخواجة نصير الدين الطوسي، مشيران إلى أنه توفّي سنة (672هـ) ودفن في «مشهد الكاظم»([84])، كما ورد أيضاً باسم «مشهد الكاظم موسى» عليه السلام .([85]

وكذلك صاحب كتاب الحوادث الذي ذكر في احداث سنة (641هـ) قائلاً: «وفي سابع عـشر رجب المبارك قصد الخليفة زيارة (مشهد موسى بن جعفر  عليه السلام )»([86])، وكرر هذه التسمية في اكثر من مكان في كتابه.([87])

إلى غير ذلك من المصادر، مما يدلّ على أنّ هذه التسمية أُطلقت على هذه البقعة المباركة قديماً على ساكناها أفضل الصلاة والسلام.

5 ـ (مشهد باب التبن):

ذكره ياقوت الحموي قائلاً: «باب التبن: اسم محلة كبيرة كانت ببغداد على الخندق بإزاء قطيعة أم جعفر، وهي الآن خراب صحراء يزرع فيها، وبها قبر عبد الله بن أحمد بن حنبل ... وبلصق هذا الموضع (مقابر قريش) التي فيها قبر موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ويعرف قبره بـ(مشهد باب التبن) مضاف إلى هذا الموضع».([88])

ويتّضح هنا إن (مقابر قريش) هي غير (مقبرة باب التبن)، وإن اتّصاف الأولى بالثانية لا يعني اتحادهما، لذا علّق الدكتور مصطفى جواد على ذلك مبيناً أنّ في تسمية ياقوت الحموي (مقابر قريش) بـ (مقبرة باب التبن) تسامح، بل تهاون؛ فالمقبرتان مختلفتان وإن كانتا متجاورتين، فقبر عبد الله بن أحمد بن حنبل أولى أن يسمى بتلك التسمية؛ لأنه كان في تلك المقبرة نفسها، وأما قبر الإمام موسى بن جعفر فهو المعروف بـ(مشهد الإمام موسى بن جعفر  علیهما السلام ) وبـ(المشهد الكاظمي).([89])

وعلى الرغم من عدم الاشتراك المكاني للمقبرتين إلا إن الناس تعارفوا على تسمية (مقابر قريش) بـ (مشهد باب التبن) وألَفوها من قبل عصـر ياقوت الحموي (ت 626هـ)، فهذا السمعاني (ت 562هـ)، قد أشار إلى ذلك قبله، كما بيّن إن المـشرف على المشهد الكاظمي المقدس يعرف بـ «نقيب مشهد باب التبن».([90])

ويشير السمعاني أيضاً في مكان آخر من كتابه في معرض كلامه عن الإمام الكاظم  عليه السلام  قائلاً: «ومشهده ببغداد مشهور يزار، يقال له: (مشهد باب التبن)، ويقال له: (مقابر قريش) أيضاً، زرته غير مرة مع ابن ابنه محمد بن الرضا علي بن موسى» علیهما السلام .([91])

6ـ (المشهد الغربي):

لم تكن هذه التسمية معروفة ومشهورة كسابقاتها، ولم نقف - بحدود ما أطلعنا عليه من المصادر - على من ذكرها سوى المؤرّخ ابن الأثير (ت 630هـ) عند ذكره لحوادث سنة (449هـ)، ومنها حادثة نهب دار فقيه الشيعة الشيخ الطّوسي بالكرخ، قال: «وفيها نهبت دار أبي جعفر الطوسي بالكرخ - وهو فقيه الإمامية - وأخذ ما فيها، وكان قد فارقها إلى (المشهد الغربي)».([92])

أقول: بما إننا لم نعثر على من أطلق اسم (المشهد الغربي) على (مشهد الكاظمين  علیهما السلام ) قبل ابن الأثير، فمن المحتمل أن يكون هو مَن أوجد هذه التسميّة، وبما إنّ المشهد الكاظمي المطهر هو من أبرز المعالم في الجانب الغربي من بغداد، لذا اصطلح عليه هذا الاسم، والله أعلم.

7 ـ (الكاظمية) و(الكاظمين علیهما السلام ):

عرف مرقد الإمامين في بغداد في عصرنا هذا عند العامة بـ(الكاظمية) أو(الكاظم) نسبة إلى الإمام موسى بن جعفر الصادق الملقب بالكاظم  عليه السلام ، وعرفت بـ(الكاظمين) أيضاً بالتثنية تقديراً على (بلدة الكاظمين)، وعلى الرغم من أنّ تثنية التغليب قد جرت عند العرب على تقديم الأقل شهرة أو فضلاً أو كبراً كقول (القمرين) للشمس والقمر، ولكن العامة لم يقولوا (الجوادين) إلا نادراً، وذلك رعايةً للأدب في تقدم الإمام موسى الكاظم على حفيده محمد الجواد بن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسى الكاظم  عليهم السلام .([93])

الخلاصة:

 يمكن أن نوجز أهم ما جاء في هذا البحث بما يأتي:

  1. مدينة الكاظمية المقدسة حالياً، أو ما تسمى بـعض أجزائها قديماً بـ(مقابر قريش) بلدة قديمة، لعب موقعها الجغرافي وأهميتها الدينية أثراً مهماً في تأسيسها.
  2. يُعتقد أن (عقرقوف) هي الأثر الأول الذي تم التوصل إليه في أصل هذه المدينة.
  3. هناك ما يدل على أن الإمام علي بن أبي طالب  عليه السلام  وطأ هذه الأرض عندما رجع من محاربة الخوارج في النهروان، وأقام إلى جوارها.
  4. أن المنصور العباسي هو أول مَن جعلها مقبرة وأسماها بـ(مقابر قريش)، وأول من دفن فيها ابنه الأكبر سنة (150هـ)، ثم توالى الدفن فيها.
  5. اكتسبت هذه البقعة ولأول مرة في تاريخها أهمية وقدسية خاصة في نظر المسلمين عموماً ومحبي آل البيت   عليهم السلام تحديداً بعد أن تـشرفت بضم جسدي الإمامين الكاظمين  علیهما السلام .
  6. كان لعدد من الخلفاء والسلاطين ووزرائهم وبعض الميسورين من أهل الخير والصلاح  أثراً بارزاً في توسعة المشهد المطهر ومحيطه.
  7. عُرفت هذه البقعة المباركة عبر مسيرة التاريخ، بعدة أسماء هي: قطربل، والشونيزية، مقابر قريش، مشهد ا لكاظم عليه السلام ، مشهد باب التبن، المشهد الغربي، والكاظمية.

قائمة المصادر والمراجع:

أولاً: المصادر والمرجع:

  1. الأخبار الطوال: لأبي حنيفة أحمد بن داود الدينوري (ت 282هـ)، تحقيق: عبد المنعم عامر، دار احياء الكتب العربي/القاهرة، ط1/1960م.
  2. الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد: لأبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (ت413هـ)، تحقيق: مؤسسة آل البيت  عليهم السلام لتحقيق التراث، دار المفيد/بيروت، ط2/1414هـ.
  3. إعلام الورى بأعلام الهدى: لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت548هـ)، تحقيق ونـشر: مؤسسة آل البيت  عليهم السلام  لإحياء التراث/قم المقدسة، ط1/1417هـ .
  4. أعيان الشيعة: لمحسن الأمين العاملي (ت1371هـ)، تحقيق: حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات/بيروت، (د.ط)/(د.ت).
  5. اقبال الاعمال: لرضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاوس (ت664هـ)، تحقيق: جواد القيومي الأصبهاني، مكتب الاعلام الاسلامي، ط1/1414هـ.
  6. أمل الآمل: لمحمد بن الحسن، المعروف بالحر العاملي(ت1104هـ): تحقيق: السيد أحمد الحسيني، دار الكتاب الإسلامي، (د.ت)/(د.ط).
  7. الأنساب: لأبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني (ت562هـ‍)، تحقيق: عبد الله عمر البارودي، دار الجنان/ بيروت، ط1/1408هـ.
  8. الأنوار الساطعة في المائة السابعة: لآقا بزرك الطهراني (ت1389هـ)، دار إحياء التراث العربي/ بيروت، ط1/1430هـ.
  9. البداية والنهاية: لأبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت774هـ)، تحقيق: علي شيري، دار إحياء التراث العربي/ بيروت، ط1/ 1408هـ.
  10. البلدان: لأبي بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الهمذاني المعروف بـابن الفقيه (ت340هـ)، دار إحياء التراث العربي/ بيروت، ط1/1408هـ.
  11. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام: لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748هـ)، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي/ بيروت، ط1/1407هـ.
  12. تاريخ بغداد: لأبي بكر أحمد بن علي المعروف بالخطيب البغدادي (ت463هـ)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية/ بيروت، ط1/1417هـ.
  13. تاريخ الطبري: لابي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت310هـ)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات/ بيروت، الطبعة المقابلة على النسخة المطبوعة في ليدن سنة (1297هـ)، (د.ط)/(د.ت).
  14. تاريخ الدولة الفارسية في العراق: لعلي ظريف الأعظمي، مطبعة الفرات/بغداد، (د.ط)/1346هـ.
  15. تاريخ الكاظمية: لمحمد أمين الأسدي، مراجعة وتعليق: عبد الكريم الدباغ، دار الوراق للنشر/بيروت، ط1/2013م.
  16. تاريخ مختـصر الدول: لغريغورس الملطي المعروف بـابن العبري (ت685هـ)، دار الميسرة/ بيروت، ط1/(د.ت).
  17. تاريخ المشهد الكاظمي: لمحمد حسن آل ياسين (ت 1427هـ)، مطبعة المعارف/ بغداد، ط1/ 1387هـ .
  18. تـبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي  عليه السلام : لهاشم البحراني (ت 1107هـ) تحقيق ونشر: مؤسسة المعارف الإسلامية/ قم، ط1/1411هـ.
  19. تجارب الأمم: لابن مسكويه أحمد بن محمد (ت 421هـ)، تحقيق: أبو القاسم إمامي، دار سروش/ طهران، ط2/ 1422هـ.
  20. تهذيب الأحكام في شرح المقنعة: لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، تحقيق: السيد حسن الخرسان، دار الكتب الإسلامية/ طهران، ط4/1390هـ.
  21. خاتمة مستدرك الوسائل: للميرزا حسين بن محمد تقي بن علي النوري الطّبرسي (ت1320هـ)، تحقيق ونـشر: مؤسسة آل البيت  عليهم السلام لإحياء التراث/ قم المقدسة، ط1/ 1415هـ .
  22. دلائل الإمامة: لمحمد بن جرير الطبري الشيعي (من أعلام القرن الرابع الهجري)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة، مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة/قم المقدسة، ط1/ 1413هـ. 
  23. دليل خارطة بغداد المفصل: مصطفى جواد والدكتور أحمد سوسة، مكتبة الحضارات/بيروت، (د.ط)/ 1378هـ.
  24. سير أعلام النبلاء: لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة/بيروت، ط9/1413هـ .
  25. صدى الفؤاد إلى حمى الكاظم والجواد: لمحمد بن طاهر السماوي (1370هـ)، مطبعة الغري/ النجف الأشرف، ط1/1360هـ.
  26. طبقات خليفة بن خياط: لأبي عمرو خليفة بن خياط العصفري البصري (ت240ه‍ـ)، تحقيق: سهيل زكار، دار الفكر/ بيروت، (د.ط)/ 1414ه‍ـ .
  27. الطبقات الكبرى: لمحمد بن سعد بن منيع الزهري (ت230هـ)، دار صادر/ بيروت، (د.ط)/(د.ت).
  28. العراق في التاريخ: مجموعة باحثين، بغداد، (د.ط)/1983م.
  29. العراق قديماً وحديثاً: لعبد الرزاق الحسني(ت1418هـ)، دار اليقظة العربية/ بغداد، ط3/ 1407ه.
  30. فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي عليه السلام : لغياث الدين عبد الكريم بن أحمد بن طاوس الحسني (ت693هـ)، تحقيق: تحسين الموسوي، مركز الغدير للدراسات الإسلامية/ قم المقدسة، ط1/ 1419ه‍ـ .
  31. الفصول المهمة في معرفة الأئمة عليهم السلام : لابن الصباغ علي بن محمد بن أحمد المالكي (ت855هـ)، تحقيق: سامي الغريري، دار الحديث للطباعة والنشر/قم المقدسة، ط1/1422هـ.
  32. فوات الوفيات: لمحمد بن شاكر بن أحمد الكتبي (ت764هـ)، تحقيق: علي محمد بن يعوض الله وعادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية/ بيروت، ط1/1421هـ.
  33. كامل الزيارات: لأبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي (ت368هـ)، تحقيق: جواد القيّومي، مؤسسة نـشر الفقاهة/قم المقدسة، ط1/1417هـ .
  34. الكامل في التاريخ: لأبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد ابن الأثير (ت630هـ)، الناشر: دار صادر ودار بيروت/ بيروت، (د.ط)/1386هـ.
  35. كتاب الحوادث: لمؤلف من القرن الثامن الهجري، تحقيق: بشار عواد معروف وعماد عبد السلام رؤوف، انتشارات رشيد/قم المقدسة، ط1/1426هـ.
  36. كشف الغمة في معرفة الأئمّة عليهم السلام  : لأبي الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي (ت693هـ)، دار الأضواء/ بيروت، ط2/ 1405هـ.
  37. كمال الدين وتمام النعمة: لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ)، تحقيق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة الـنشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين/قم المقدسة، (د.ط)/1405هـ.
  38. الكنى والألقاب: لعباس بن محمد رضا القمي (ت1359هـ)،تقديم: محمد هادي الأميني، مكتبة الصدر/طهران، (د.ط)/1389هـ.
  39. المختصر في أخبار البشر(تاريخ أبي الفداء): لعماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن علي بن محمود (ت 732هـ)، دار المعرفة/بيروت، (د.ط)/(د.ت).
  40. مرآة الزمان في تاريخ الأعيان: ليوسف بن قزأوغلي المعروف بـسط ابن الجوزي (ت 654هـ)، تحقيق: كامل سلمان الجبوري، دار الكتب العلمية/ بيروت، ط1/1434هـ.
  41. مراصد الاطّلاع: لصفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي (ت739هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل/بيروت، ط1/1412هـ .
  42. مروج الذهب ومعادن الجوهر: لأبي الحسن علي بن الحسين المسعودي (ت346ه‍ـ)، دار الهجرة/ قم المقدسة، ط2/ 1404هـ .
  43. معجم الأدباء: لياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي (ت626هـ)، دار الفكر/بيروت، ط1/1400ه‍ـ .
  44. معجم البلدان: لأبي عبد الله شهاب الدين ياقوت بن عبد الله الحموي البغدادي (ت626هـ)، دار إحياء التراث العربي/بيروت، (د.ط)/ 1399هـ.
  45. معجم المصطلحات والألقاب التاريخية: لمصطفى عبد الكريم الخطيب، مؤسسة الرسالة/ بيروت، ط1/ 1416هـ .
  46. مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة: لطه باقر، دار الوراق للـنشر/بيروت، ط1/2009م.
  47. الملل والنحل: لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني (ت548هـ)، تحقيق: محمد سيد گيلاني، دار المعرفة/ بيروت، (د.ط)/ (د.ت).
  48. من لا يحضره الفقيه: لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق(ت381هـ)، صححه وعلق عليه: علي أكبر الغفاري، جماعة المدرسين/قم المقدسة، ط2/(د.ت).
  49. مناقب بغداد: لأبي الفرج عبد الرحمن بن محمد ابن الجوزي (ت597هـ)، تحقيق: محمد بهجة الأثري، مطبعة دار السلام/بغداد، (د.ط)/1342م.
  50. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: لأبي الفرج عبد الرحمن بن محمد ابن الجوزي (ت597هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية/بيروت، ط2/ 1415هـ .
  51. موسوعة العتبات المقدسة: لجعفر بن أسد الخليلي (ت1405هـ)، مؤسسة الأعلمي/بيروت، ط2/1407هـ.
  52. الوافي بالوفيات: لخليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي (ت764هـ)، تحقيق: أحمد الأرناؤوط/تركي مصطفى، الناشر: دار إحياء التراث/بيروت، (د.ط)/1420هـ.
  53. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: لأحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان (ت681هـ)، تحقيق: إحسان عباس، دار الثقافة/ بيروت، (د.ط)/(د.ت).

ثانياً: الأطاريح والرسائل الجامعية:

  • الحياة العلمية في بغداد (334-574هـ/ 945-1178م) من خلال كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي: لحسين هليب نجم الشيباني، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية التربية/جامعة كربلاء، 1432هـ/2011م.

ثالثاً: المجلات والدوريات:

  1. لمحات من تاريخ الكاظمية: لمحمد حسن آل ياسين، مجلة البلاغ، السنة الثانية/جمادى الأولى، العدد 3-4، 1390هـ.

مقابر قريش أو الكاظمية: لمحمد حسن آل ياسين، مجلة الأقلام، السنة الأولى/جمادى الأولى، الجزء الثاني، 1384هـ.

 

 

[1]- الكيشيون: هم قوم لا يُعرف أصلهم على وجه التأكيد، أما موطنهم الذي نزحوا منه فيرجّح أنه كان في مكان ما من الأجزاء الوسطى في جبال (زاجروس) الفاصلة بين العراق وايران، ويُعتقد من المنطقة التي تُعرف باسم (بلاد اللر) أي لورستان في الجهات الجنوبية من ايران، وقد جاؤوا إلى بابل وأقاموا سلالة حاكمة في البلاد عرفت باسم سلالة بابل الثالثة التي دام حكمها زهاء أربعة قرون (1595- 1162 ق.م). (ينظر: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة: 1/493)

[2]- هناك من يشير إلى أنها كانت تُعرف قبل ذلك بـ(إيشا)، وأن الملك (كوريكالزو الأول) عمّرها واسماها بـ(عقرقوف). (ينظر: العراق في التاريخ: 103)

[3]-  قال ياقوت الحموي: «عقرقوف: هو (عقر) أضيف إليه (قوف) فصار مركباً، مثل حـضرموت وبعلبك، والقوف في اللغة: الكل، ... وهي قرية من نواحي دجيل، بينها وبين بغداد أربعة فراسخ». (معجم البلدان: 4/137)

[4]- ينظر: تاريخ الكاظمية: 22- 23.

[5]- ينظر: تاريخ المشهد الكاظمي: 10.

[6]- الفرثيون: هم قوم يرجعون في أصلهم إلى القبائل الهندية الأوربية في آسيا، وكان موطنهم في السهوب الممتدة ما بين بحر قزوين وبحر أرال، واشتهروا بالفروسية والحرب، دام حكمهم للعراق من سنة (138 ق.م) إلى سنة (226م) ليحل محلهم الساسانيون. (ينظر: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة: 1/663)

[7]- يرى ابن الأثير أنها تقع «في شرق المدائن»، في حين أن ياقوت الحموي يقول: «طيسفون ... هي مدينة كسرى التي فيها الإيوان، بينها وبين بغداد ثلاثة فراسخ». (الكامل في التاريخ: 1/383، معجم البلدان: 4/55)

[8]- ينظر: العراق قديماً وحديثاً: 2.

[9]- لمحات من تاريخ الكاظمية: 8.

[10]- مقابر قريش أو الكاظمية: 143.

[11]- معجم البلدان: 3/258.

[12]- مراصد الاطلاع: 2/757.

[13]- ينظر: لمحات من تاريخ الكاظمية:143.

[14]- ينظر: تاريخ الكاظمية: 23-24.

[15]- هو أحد ملوك الفرس، ملك بعد والده قباذ بن فيروز، من أبرز أعماله مطاردته لـ(مزدك بن مازيار) وقتله مع من كان في ملته، وجمعه أهل مملكته على دين المجوسية ومنعهم النظر والخلاف والحجاج في الملل، كما شهد حكمه عدد من الاصلاحات الادارية والكثير من الفتوحات، حكم بلاده قرابة (48) عاماً. (ينظر: الأخبار الطوال: 67، مروج الذهب:1/290)

[16]- الدهقان: شيخ القرية أو رئيسها، وهو لفظ فارسي مركب من: (ده) بمعنى قرية، و(قان) بمعنى شيخ أو رئيس، شاع استعماله في بلاد فارس قبل الإسلام. (ينظر: معجم المصطلحات والألقاب التاريخية: 186)

[17]- ينظر: تاريخ الكاظمية: 23.

[18]- هو من ولد عكرمة مولى ابن عباس، وقيل هو عمارة بن حمزة بن مالك بن يزيد بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله، مولى العباس بن عبد المطلب، كان أحد الكتاب البلغاء، وكان سخياً جواداً، وكان المنصور والمهدي يقدمانه؛ لفضله وبلاغته وكفايته، توفي سنة 199هـ. (تاريخ بغداد: 12/275 رقم 6721، معجم الأدباء: 15/232 رقم 37)

[19]- ينظر: البلدان لأبن الفقيه: 300، معجم البلدان: 2/422.

[20]- ينظر: المنتظم: 4/203، الدولة الفارسية في العراق: 52.

[21]- ينظر: تاريخ الكاظمية: 24.

[22]- الخوارج: هم الذين خرجوا على علي بن أبي طالب علیه السلام  بعد التحكيم يوم صفين سنة 36هـ، وقالوا: لا حكم إلا لله، وكفّروا الإمام علياً  علیه السلام ، ومن رؤسائهم المشهورين: الأشعث بن قيس، وحرقوص بن زهير وغيرهما، ويطلق عليهم أيضاً المارقة من الدين، وينقسمون إلى فرق متعددة أهمها: الأزارقة، والنجدات، والأباضية. (ينظر: الملل والنحل: 1/114)

[23]- براثا: محلة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محول، وكان لها جامع مفرد تصلي فيه الشيعة وقد خرب عن آخره، وكذلك المحلة لم يبق لها أثر، فأما الجامع فأدركت أنا بقايا من حيطانه وقد خربت في عصرنا واستعملت في الأبنية. (ينظر: معجم البلدان: 1/362).

[24]- روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: «صلى بنا علي  علیه السلام  ببراثا بعد رجوعه من قتال الـشراة ونحن زهاء مائة ألف رجل...». (من لا يحضـره الفقيه: 1/232 ح689، تهذيب الأحكام: 3/264 ح747)

وأشار إلى مثل ذلك ياقوت الحموي قائلاً: «وكانت براثا قبل بناء بغداد قرية، يزعمون أن علياً مر بها لما خرج لقتال الحرورية بالنهروان، وصلى في موضع من الجامع المذكور – أي جامع براثا-». (معجم البلدان: 1/363)

[25]- ينظر: كتاب الحوادث: 212.

[26]- تاريخ بغداد: 1/138، المنتظم: 18/21.

[27]- موسوعة العتبات المقدسة/ قسم الكاظمين: 12.

ومن الجدير بالذكر أن الدكتور مصطفى جواد قد ردّ على كل مَن يضعّف مرور الإمام علي  علیه السلام  ببغداد – التي كانت وقتئذ من القرى المشهورة والمأهولة بالسكان- وبعض المناطق القريبة منها كـ(براثا)، وعلى كل من يستبعد كون مقبرة الشهداء منسوبة إلى = =شهداء معركة النهروان، وكان الرد من خلال تحليله لرواية الطبري في احداث سنة 37هـ الخاصة بمعركة النهروان تحليلاً لا مزيد عليه، واثبت من خلاله تاريخياً صحة ما ذهب إليه. (ينظر: موسوعة العتبات المقدسة/قسم الكاظمين: 12-18)  

[28]- ينظر: تجارب الأمم: 3/413، تاريخ مختصر الدول: 122.

[29]- ينظر: تاريخ الطبري:6/285، وفيات الأعيان: 2/153.

[30]- ينظر: مقابر قريش أو الكاظمية: 144، لمحات من تاريخ الكاظمية: 9.

ولعل صاحب هذا الرأي مستند إلى قول الخطيب البغدادي: أن «مقابر قريش كانت قديماً تعرف بمقبرة الشونيزي الصغير». (تاريخ بغداد: 1/134)

[31]- ينظر: تاريخ الطبري: 6/288، البداية والنهاية: 10/113.

[32]- ينظر: إعلام الورى: 2/6، سير أعلام النبلاء: 6/274.

[33]- ينظر: الفصول المهمة: 2/1035، المختصر في أخبار البشر: 2/33. 

[34]- كامل الزيارات: 497 ح772.

[35]- تهذيب الأحكام: 6/93.

[36]- ينظر: تجارب الأمم: 5/195، لمحات من تاريخ الكاظمية: 12.

[37]-  هو أبو الحسن معزّ الدولة أحمد بن أبي شجاع بن فـناخسرو بويه الديلمي (334 ـ 356هـ), أول ملوك الديلم، صاحب العراق والأهواز، دخل بغداد من جهة الأهواز فتملّكها في خلافة المستكفي، وكان حليماً، كريماً، عاقلاًً، متصلّباً في التشيّع, توفي ببغداد سنة 356هـ، ودُفن في داره ثم نقل إلى مقابر قريش. (ينظر: وفيات الأعيان: 1/176، الكنى والألقاب: 2/471)

[38]- ينظر: صدى الفؤاد إلى حمى الكاظم والجواد: 11-12.

[39]- ينظر: المنتظم: 15/37، 82، لمحات من تاريخ الكاظمية: 13.

[40]- هو أبو طاهر الحاجب, الملقّب بالسّعيد, مولى شرف الدولة أبي الفوارس ابن عضد الدولة أبي شجاع الديلمي، السباشي أو السباهي التركي, كان كثير الصدقة, فائض المعروف, متفقّداً للفقراء، كان له الكثير من أعمال الخير في بغداد وطريق مكة، توفّي سنة 408هـ. (ينظر: فرحة الغري: 49، الوافي بالوفيّات: 15/69)

[41]- فرحة الغري: 49.

[42]- ينظر: الكامل في التاريخ: 9/577.

[43]- المنتظم: 16/35.

[44]- هو الوزير الكبير، أبو الفضل أسعد بن موسى البلاشاني، وَزرَ للسلطان بركيا روق، وكان فيه خير وعدل وديانة وقلّة ظلم، وكان كبير الشأن، عالي الرتبة، خيّراً كثير الصلاة بالليل، وكثير الصدقة لا سيّما على العلويين وأرباب البيوتات، كما كان يتشيّع، قتل سنة 492هـ. (ينظر: الكامل في التاريخ: 10/290، سير أعلام النبلاء: 19/180) 

[45]- ينظر: صدى الفؤاد: 14، مقابر قريش أو الكاظمية: 147.

[46]- المنتظم: 17/217، تاريخ المشهد الكاظمي: 31.

[47]- الوافي بالوفيات: 18/114.

[48]- الحربية: محلة كبيرة مشهورة في بغداد عند باب حرب. (ينظر: معجم البلدان: 2/237)

[49]- المنتظم: 18/206، لمحات من تاريخ الكاظمية: 14.

[50]- الكامل في التاريخ: 12/332، وسيرد أن (مشهد باب التبن) هو من التسميات التي اطقت على المشهد الكاظمي.

[51]- كتاب الحوادث: 277.

[52]- ينظر: كتاب الحوادث: 288، تاريخ الإمامين الكاظمين عليهما السلام: 65-66.

[53]- هو صفي الدين أبو جعفر محمد بن معدّ يرجع في نسبه إلى الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق 8، أحد علماء الإمامية ، عالم، فاضل، محدث، فقيه، كان حياً سنة 616هـ. (ينظر: أمل الآمل: 2/307 رقم 929، خاتمة المستدرك: 2/421)

[54]- مرآة الزمان: 14/553.

[55]- ينظر: أعيان الشيعة: 2/510.

[56]- سير أعلام النبلاء: 22/199.

[57]- ينظر: الحياة العلمية في بغداد من خلال كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: 136.

[58]- الوافي بالوفيات: 18/148.

[59]- هو أبو الحسن مؤيّد الدين محمّد بن محمّد بن عبد الكريم بن برز, المقدادي القمي, الوزير, كان كاتباً سديداً، محباً للفضلاء، وناب للوزارة سنة 594هـ واصبح مقرباً للخليفة الناصر لدين الله العباسي، ولم يزل في علوٍّ من شأنه، إلى أن كبا به جواد سعده، فعُزل وسُجن بدار الخلافة سنة 629هـ، ومات سنة 630هـ. (ينظر: الوافي بالوفيات: 1/ 128ـ129، الأنوار الساطعة في المائة السابعة: 170)  

[60]- ينظر: تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي  علیه السلام : 239 الهامش.

[61]- البيمارستان: لفظ فارسي مركب من (بيمار) ومعناها: مريض، و(ستان) ومعناها: دار أو محل، فتصبح دار المريض أي المستشفى. (ينظر: معجم المصطلحات والألقاب التاريخية: 96)

[62]- مقابر قريش أو الكاظمية: 148.

[63]- لمحات من تاريخ الكاظمية: 14.

[64]- معجم البلدان: 1/306.

[65]- ينظر: مناقب بغداد: 33.

[66]- مقابر قريش أو الكاظمية: 148.

[67]- ينظر: صدى الفؤاد: 5 ـ 6. 

[68]-  ينظر: موسوعة العتبات المقدسة/ قسم الكاظمين: 1/10.

[69]- ينظر: كتاب الحوادث: 212.

[70]- ينظر: كتاب الحوادث: 288.

[71]- ينظر: موسوعة العتبات المقدسة/ قسم الكاظمين: 1/10.

[72]- معجم البلدان: 3/ 374؛ وينظر: مراصد الاطلاع: 2/821.

[73]- تاريخ بغداد: 1/134. 

[74]- ينظر: دليل خارطة بغداد المفصل: 100.

[75]- معجم البلدان: 5/163؛ وينظر: مراصد الاطلاع: 3/1295.

[76]- كشف الغمة: 3/27.

[77]- هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب، كان معروفاً بحفظه للحديث،  ثم لزم أبا حنيفة النعمان فتفقه وغلب عليه الرأي وجفا الحديث، ولاه المهدي العباسي القضاء في بغداد، فبقي كذلك إلى حين وفاته سنة ت 182هـ. (ينظر: الطبقات الكبرى: 7/330، طبقات خليفة بن خياط: 613)

[78]- الإرشاد: 2/243.

[79]- تاريخ بغداد: 1/132.

[80]- كمال الدين: 417

[81]- ينظر: دلائل الإمامة: 489.

[82]- ينظر: إقبال الأعمال: 3/116.

[83]- تاريخ الإسلام: 40/ 58، وينظر: سير أعلام النبلاء: 22/205.

[84]- ينظر: الوفي بالوفيات: 1/151: فوات الوفيات: 2/256. 

[85]- الوافي بالوفيات: 9/207.

[86]- ينظر: كتاب الحوادث: 213.

[87]- ينظر: كتاب الحوادث: 212، 286، 288.

[88]- معجم البلدان: 1/307.

[89]- ينظر: موسوعة العتبات المقدسة/ قسم الكاظمين: 1/24.

[90]- الأنساب: 5/218.

[91]- الأنساب: 5/406.

[92]- الكامل في التاريخ: 9/638.

[93]- ينظر: موسوعة العتبات المقدسة/ قسم الكاظمين: 1/9.