تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 197
إلى صفحة: 233
النص الكامل للبحث: PDF icon 180523-143112.pdf
خلاصة البحث:

ملخص البحث:

يعنى البحث بدراسة فاعلية الصراع في مسرحية (ثانية يجيء الحسين) عليه السلام  للشاعر محمد علي الخفاجي.وقد انصب الاهتمام على موضوعة البحث لتضافر عوامل عديدة، منها ما هو منبثق من اهمية الصراع في الادب المسرحي ؛بما يمتلكه من قيمة وظيفية وجمالية وتعبيرية وفنية.ومنهاماهو متعلق بموضوع المسرحية لما يكتنزه من مرتكزات فكرية ومثل وقيم، تنفتح على فضاءات واقعية لامتناهية.وفضلاعن ما تقدم ذكره، فان البحث قد سلط الضوء على مبدع عراقي، شارك في اثراء المسرح العراقي، بعطائه الادبي الكبير.

Abstract

Find subjected to study the conflict as animportantelament play in the play boet (Mohamed Ali –Al Kafaji) seconds legge Hussein peeace  be upon him researcher has focused on the subject of concerted several factors، including what is theater thanks to its functional value relatedto the play itself (again legge Hussein) to afford the valnes and ideals and ideas of opening up the spaces not utnahph.

Important facter which in addition to the importance of the play.wright who has not shed it proper attention to him.

البحث:

المقدمة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد واله الطاهرين المعصومين المنتجبين.

وبعد....

يحتل الادب المسرحي مكانة مهمة في حياتنا، لما يضطلع به من فاعلية كبيرة في تجسيد اتجاهات بالغة الاهمية في واقعنا المعيش، و خصوصا عندما يكون هذا الفن في حيازة المتلقي سواءكان  على صعيد القراءة ام على صعيد المشاهدة الحية له.

لقد مثلت النصوص الشعرية المسرحية اداة مهمة في الادب العربي الحديث، و ذلك لثرائها على الصعيدين، الفكري و الفني.

فعلى الصعيد الفكري اضحت تلك النصوص ذات قيمة تعبيرية و وظيفية، وعلى الصعيد الفني هي تنمُّ عن صورمتعددةتفصح عن مقدرة أدبية سامية.

وأختير عنصر(الصراع) موضوعة للبحث، لكونه يمثل مرتكزا لا يمكن تجاوزه في اي منحى من مناحي الحياة، و كونه يشكل عنصرا قارا في الادب المسرحي، بالاضافة الى قابليته الكبيرة في التفسير و التأويل و طرح الرؤى من خلاله.

لقد عمد البحث الى دراسة عنصر الصراع في مسرحية (ثانية يجيءالحسين) عليه السلام بوصفها قيمة أدبية غنية، و مستوى فكريا عال، أثبتت كفاءتها، و فاعليتها.

وتتجلى مكانة الشاعر (محمد علي الخفاجي) عاليةويظهردوره على صعيد الادب العربي الحديث في العراق، سببا اخر يُضاف للاسباب التي حدت بالباحث الى دراسة هذا الموضوع.

وقد اقتضت طبيعة البحث أن يقسم على مبحثين سبقهما تمهيد وأعقبهما خاتمة جاءت محملة باهم نتائج البحث.

اشتمل التمهيد على جانبين، خصص الجانب الاول لالقاء ضوء على مفهوم الصراع.

اما الجانب الثاني فكان اضاءة موجزة لحياة المبدع الشاعر (محمد علي الخفاجي). وقد خصص المبحث الاول لدراسة الصراع الداخلي في مسرحية (ثانية يجيء الحسين) عليه السلام وجاء المبحث الثاني لدراسة الصراع الخارجي في مسرحية (ثانية يجيء الحسين) عليه السلام  واخيرا لا ادعي الكمال في هذا البحث، فالانسان حليفه النقص ما حيا، وانما حسبي بذل الجهد المستطاع ليكون البحث قبسا من نور الدراسات الادبية، يضيء بدوره جانبا من جوانب مكتبتنا الخالدة.

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين.

التمهيد

اولا/اضاءة على مفهوم الصراع.

يمثل الصراع محور العمل المسرحي، لما يمتلكه  من دافع لاثبات النفس، سواء للفرد امام ذاته او امام الاخرين.

واذا بحثنا عن معنى (الصراع) في كتب اللغة، وجدنا انّ ابن فارس يذهب الى ان معنى (صرع) هو صرعت الرجل صرعا.ومصارع الناس مساقطهم([1])، والى النفس المعنى ذهب ابن منظور عندما قال:"الصَّرعُ الطَّرح بالارض، صارَعَه فصَرَعَه يصرعه صرعا"([2])

اما على صعيد المعنى الاصطلاحي، فالصراع يدل على "علاقة ضدية بين شيئين متحركين يقتربان سوية من نقطة واحدة أو يبعدان عنها "([3]).

يحتل الصراع مكانة مهمة في العمل المسرحي، فقد ذهب الاردس نيكول الى عدّه "أهم اجزاء المسرحية"([4])، من اجل ذلك عد الصراع جوهر البناء المسرحي ([5])، ف_"الرواية التمثيلية إذا خلت من الصراع، فلن تكون ثمة مسرحية "([6]) من هنا يمكننا القول انَّ اصل تكوين العمل المسرحي هو "تتابع لصراع مشتعل وقائم، و هذه التتابعات تتصاعد الى ذروات من بداية مشروع مترابط الى نهايته"([7])

فالكاتب المسرحي الناجح هو الذي يجعل المتلقي يعيش اجواء صراع المسرحية ويتفاعل معه.

و مما أضفى أهمية للصراع وعناية به ؛انَّ الصراع لا ينتهي في الواقع، ما دام هناك خير يتصادم مع الشر، من اجل ذلك اصبح الصراع في العمل المسرحي "ساحة يصطخب فيها الجدل بين عناصر الثبات و عناصر الحركة، ساحة تفنى فيها عناصر وتتخلق عناصر غيرها، و تتخذ فاعلية العناصر المتولدة ما تقتنص من رؤى و مقدار ما تحتوي من امكانات الكشف و طاقات التغيير"([8])

ومن الجدير بالذكر انّ اراء العلماء تباينت في انواع الصراع، فقد ذهب (لاجوس أجري) الى تقسيم الصراع على أربعة أنواع هي "الصراع الساكن، و.....الصراع الواثب، و........الصراع الصاعد، و......الصراع المرهص"([9])، بينما ذهب (ملتون ماركس) الى تقسيم الصراع على ثلاثة انواع ؛ صراع شخص مع شخص آخر، وصراع الشخص مع قوى اُخرى كالقدر و القوى الغيبية، وصراع يعتمل داخل ذات الفرد ([10]).

بيد انّ البحث يميل الى اختزال الاشكال الثلاثة الى شكلين، إذ يمكن ان نصطلح على النوع الاول و الثاني (بالصراع الخارجي)، و النوع الثالث (بالصراع الداخلي)، لانّ الصراع في النوع الاول و الثاني يتمحور خارج ذات الانسان، والصراع في النوع الثالث يكون داخل ذات الانسان ولا يخرج عنها.

من هنا نود الاشارة الى انّ البحث قد تبنى الصراع الداخلي والخارجي كاساس لمادة البحث لانّ اغلب انواع الصراع –في الادب المسرحي –يرتد بالضرورة الى هذين النوعين.

ثانيا/محمد علي الخفاجي (موجز حياة، سيرة وابداع) اسمه، ولادته، نشأته.

ولد محمد علي الخفاجي في مدينة كربلاء المقدسة سنة 1944([11])، نشأفي كنف ابيه، ونهل من اخلاقه.

ترعرع الشاعر في احضان مدينة كربلاء المقدسة، يغترف منها مختلف العلوم، وخاصة الادب العربي.

وينبغي الاشارة الى ان الحركة الادبية و العلمية في مدينة كربلاء المقدسة، كان لها الدور الاكبر في المنجز الادبي و الفكري لادباء كربلاء المقدسة و باقي المدن العراقية.

ومما اسهم في نضوج الشاعر وبلورة امكاناته الأدبية وجود الجمعيات العلمية و الأدبية، التي شاركت في إغناء الحركة الأدبية في هذه المدينة المقدسة ([12]) ولعل من اهم العوامل التي كان لها الأثر الأهم في ثقافة الشاعر، المجالس الحسينية، التي حفلت بها مدينة الامام الحسين  عليه السلام ، اذ كان يُقرأ فيها افضل الشعر وأعذبه و أحسنه.

دراسته

اكمل الشاعر دراسته الابتدائية و المتوسطة و الاعدادية في مدينة كربلاء المقدسة، وفي عام 1962 انتظم الشاعر في كلية المعلمين العالية، وتخرج منها 1965م([13])

شاعريته، اخلاقه، مكانته

ظهرت بوادر موهبة الشاعر وهو لمّا يزل طفلا صغيرا، إذ نظم اول قصيدة له وهو في سن التاسعة (في المرحلة الابتدائية) ([14])، و مما ساعد في هذا الامر موهبته الشعرية، فضلاعن قراءته الشعر العربي (العصر الجاهلي و العصور اللاحقة) ولما اشتد عوده أصبح من الشعراء المعروفين على مستوى المحافظة المقدسة، إذ كان شاعرنا الشاعر الاول في مرحلة الدراسة المتوسطة و الاعدادية بدأ الشاعر ينظم القصيدة العمودية فابدع فيها، الاّ أنّه كان ميالا نحو الشعر الحر فنظم فيه ايضا.عرف عن الشاعر التواضع و الامانة و الصدق مع ذاته، ومع الاخرين، ومع كل مفردة يكتبها([15])، فهو مثال يحتذى به في عالم الفكر و الادب.حصد الشاعر العديد من الجوائز، ففي عام (1972م) فاز الشاعر ب_ (جائزة الدولة للابداع) عن مسرحيته النثرية (وادرك شهرزاد الصباح) وفي عام (1981م) فاز الشاعر بجائزة (منظمة اليونسكو بالتعاون مع جامعة الدول العربية) جائزة (أفضل نص مسرحي عربي) عن مسرحيته (أبو ذر يصعد معراج الرفض) وفي عام (2000م) حصل الشاعر ايضا على جائزة (الشارقة للابداع) عن مسرحيته الشعرية (ذهب ليقود الحلم) ([16]).

وفاته

في عام (2012م)، اُطفيء ذلك المصباح النيِّر عن عمر ناهز ال_(68) ([17]) إثر مرض عضال المّ به، تاركا وراءه تراثا أدبيا ضخما، نمَّ عن تجذر في الموهبة، و رحلة طويلة في افق المسرح و الشعر.

آثاره

اولا /المسرحيات الشعرية

1-مسرحية (ثانية يجيء الحسين) بدأ في كتابتها عام (1967م) و أنتهى منها عام (1968م)، الا انّ الطبعة الاولى لم ترَ النور الا في عام (1972م)

2- مسرحية(ابو ذر يصعد معراج الرفض)1981م

3 – مسرحية (ذهب ليقود حلم)2000م

4 – مسرحية (حرية بكف صغير)2000م

5 – مسرحية (الديك النشيط) 2002م

6 – مسرحية (نوح لا يصعد السفينة) 2003م([18])

ثانيا /المسرحيات النثرية

1 – مسرحية (و ادرك شهرزاد الصباح)1972م

2 – مسرحية (عندما يتعب الراقصون ترقص القاعة)1973م

3 – مسرحية (احدهم يسلم القدس هذه الليلة) 2002([19])

ثالثا/الدواوين الشعرية

1 – ديوان (انا وهواك خلف الباب)1972م

2 – ديوان (لم يأت امس ساقابله الليلة) 1975([20])

المبحث الاول:الصراع الداخلي في مسرحية ثانية يجيء الحسين  عليه السلام

الصراع الداخلي:هو الصراع الذي يتمثل في ضوء المعاناة الشخصية، في داخل الذات الانسانية مثل صراع الفرد مع نفسه، وصراع العقل مع العاطفة، اي ما "كان تمثّله في عالم الشخصية "([21])، فضلا عن الصراع بين فكرتين، أو الصراع بين العقل الباطن و العقل الواعي.

و يذهب د. احمد أمل الى ان الصراع الداخلي "هو الصراع الأولي الذي خلق لنا كل الصراعات الموالية، لهذا نقول انَّ الصراع الداخلي هو أساس كل صراع خارجي "([22]) بالاضافة الى الصراع مابين منفعة الذات و الواجب تجاه الجماعة ([23])، اما (الأردس نيكول) فانه يذهب الى انّ الصراع الداخلي هو "ليس صراعا بين فكرتين او بين انفعالين، بل هو صراع بين وهمين (تخيليين) "([24]) ويبدا الشاعر في تصوير الصراع الداخلي في حوار جرى بين الامام الحسين  عليه السلام و أخيه محمد بن الحنفية  رضي الله عنه :

محمد "بيأس عصبي "

وَجِنود الشّام...

الحُسَين

مَاذَا..........؟!

مُحَمّد

لِجِنودِ الشّامِ قِلوب النّساء

الحسين

وَلِلأنْصارِ قِلوبِ الشّهداء

                     "لحظة صمت"

آه..........

أي رُؤى تِلك

تَتَعمّد فِيهَا الصّحوة

فَتُضيف عَلى شَرفِ المَسْعى

يَصْرخ فِي ذَاتِي صَوتٌ

فَيكُون لَه صَوتِي كَصَدَاه([25])

في ضوء هذا النص نلحظ الصراع الداخلي، ف_(محمد بن الحنفية)  رضي الله عنه  أشار الى مسألة ذاتية في داخل شخصية جنود الشام، و قابله الامام الحسين  عليه السلام ، على الاتجاه نفسه مشيرا الى قلوب انصاره (رضي الله عنهم) استطاع الشاعر عن طريق "الشخصيات و تنويعها و انطاقها بما يليق بسير الحركة في المسرحية و المطابقة بين طبيعة الشخصيات و الاحداث و حبك العقدة و التمهيد للصراع "([26]) ويتضح الصراع الداخلي اكثر بالرؤى التي رآها الامام الحسين  عليه السلام ، فانعكست تلك الرؤى الى صراخ في ذاته، فهذا الصوت حوار داخلي مع الامام الحسين  عليه السلام  "فالعاطفة كثيرا ماتصدم بالعقل اي الفكر الذي يهدي الرشاد و ذلك في موقف الواجب و الضمير والتضحية "([27]) ولكل صوت صدى ولكن صداه انعكس في عقله:

انْظُر مَظْلومِي الأمه

وَكأنّ جِلْدي يَتَوزَعُ بَينَ سِياطِ الجَلادِين

هَا أنَا ذَا أهبطُ فَوَق صُعودِي

انّي أبْغِي الكُوفَة ([28])

لقد عجت هذه(المسرحية)، بمواقف ضمنية كثيرة، كانت كفيلة بالارتقاء بالصراع و توشيحه بشيء من التوتر، الذي يساعد على منح الصراع فاعلية نامية متجددة تُمسك بأهتمام القاري"([29]) فالامام الحسين عليه السلام (الشخصية المسرحية) يَمور حزناً و غضباً و قلقاً و توتراً في داخل نفسه، بعد مغادرته مدينة جده رسول الله  صلى الله عليه وآله فجلده يتوزع بين سياط الظلمة، هابطا بعد ارتقاء، لانّه يبغي الكوفة، وكل هذه المحاور نابعة من رؤاه الداخلية و الحلمية.ونتلمس موقفا آخرا يصب في هذا الاتجاه، و يحكي عن صراع)(شخصية) الامام الحسين  عليه السلام المسرحية:

محمد "بيأس عصبي"

أنَا لا أنْصَح بِالسّير الى الكُوفَة

...........................

الحُسَين

وَأنَا أخْتَار السّير اليهَا

 فالوعدالاتي منها

.....................

أقْرعُ فِي الرأسِ البابَ

اطلق عقلا يعقله و يعذب رؤياه

          الصمت

اغسلُ عنْ لَوثتهِم صَدأ الخَوف

افتح في رَمضَاء امانيهم

فالوعْدُ الاتي من غبشِ الكُوفَة

يشرقُ شمساً ويد في الارضِ سيوفاً ([30])

ان الشخصية "تتصارع مع دوافعها ومع ذاتها حتى تصير الى حل ترضى هي عنه او تظل متوترة......و في كل الاحوال يظل هناك لتحاشي العقل و المنطق و هذا الجهد هو الصراع النفسي الوجداني وهو في الاساس داخلي"([31]) ان الصراع في "مسرحيات كتابنا قد اتخذت الثورية منبرا لها.........لغرض تعرض نوعا من الفهم الطبقي لواقعنا، و ذلك ادى الى ان يصاحب هذا الطرح لمشاكلنا تعرية فكرية لسلوكنا و عاداتنا و تقاليدنا "([32]) و يعرض الشاعر شكلا اخر من اشكال الصراع الداخلي، اذ يعتمل في نفس الامام الحسين  عليه السلام صراع بين الصمت المطبق عن فعل الثورة، وجلوسه ناطقا في المسجد واعظا الناس، فان جلس في المسجد متحدثا للناس فهو صامت عن فعل الحق، وان فعل الحق فهو ناطق بالفعل وان لم ينطق بالكلام:

العائد الثاني

او تجلسُ في مسجدِ جدك

تَدعُوا احبابَ الله الى التّقوى

..........................

الحسين"بقرف"

سَدّوا طرقَ الحلمِ عليكُم

كيفَ أذكرهُم بعذابِ الله

وهم يَخْشون سِياط العبد

.................

أختارُ الصمت ؟:

وضمير الأمة تعملُ فيه النّخرة([33])

نستشف ملامح الصراع الداخلي في طبيعة بناء الحدث الدرامي، فهم يخشون سياط العبد، والخشية ماهي الا صراع داخلي يتجذر في داخل الانسان تجاه امر ما، فشخصية الامام الحسين  عليه السلام -المسرحية- أفصحت عن التصادم الداخلي عند هؤلاء الناس، ان هذا "الاسلوب الادبي......يحمل في طياته الصراع الدرامي و الموازي للصراع الانساني من اجل الوجود"([34]) وكما اسلفنا سابقا هو يرفض الجلوس في المسجد لمجرد النصح، لأنه عمل غير مجد، فكيف يختار الصمت على الحقيقة، و الأمة تعمل فيها النخرة، فهو "تعبير عن التناقضات الحادثة في حياة الناس وهو شكل يعرض الصدام الحاد.....(ل_) الامال و العواطف المتصارعة"([35])

ويرصد البحث صراعا داخليا رسمه الشاعر، في ضوء ارتدادات نفسية على ذات البطل، فهي تأتي في ضوء اصداء اصوات من عمق الذاكرة لاجتياح دوامة التوتر والترقب، والتي سعت الى منعه - الامام الحسين عليه السلام  -  من الرحيل الى الكوفة:

"يواصل الحسين واصحابه الدهشة لحظة صمت و الكل في حالة سكون قاطع بينما تسترجع في رأس الحسين أصداء سابقة"

صوت محمد بن الحنفية "على شكل صدى"

أحسبُ أنّ الكوفةَ خوّانه

فالكوفة لا عهد لها                     (يتكرر)

صوت الحسين

ليكن ذلك

فأنا اخترتُ الامرَ بنفسي

حلمي أن انزعَ نحو الكوفة

صوت محمد

هلا سرتَ لغيرِ الكوفة

صوت الحسين

أنا اكرمُ نصحك يابن أبي

لكني أرسلُ لها ابن عقيل

صوت الرسول

قتلوا مسلم...........

صوت محمد

انا لا انصحُ بالسيرِ الى الكوفة

صوت الحسين

و أنا اختارُ السيرَ اليها

صوت الرجل

لكنّي اتوجسُ خيفة([36])

فالصراع الداخلي و التوتر النفسي الذاتي و الجمعي افضى الى رسم ابعاد النص المذكور آنفا، فصاغ الشاعر ذلك في "لحظة صمت و الكل في حالة سكون قاطع بينما تسترجع في رأس الحسين أصداء سابقة" ([37]) إذ كانت هي لحظة الصمت و الكل في حالة سكون، هي لحظة استشراف الواقع في داخل نفوسهم، اما الامام الحسين  عليه السلام فانطلق من استشراف الواقع الداخلي الى اصداء الذكريات السابقة.

إذ انّ مما ولد الصراع الداخلي في (نفس) –شخصية الامام الحسين  عليه السلام  المسرحية– الذي ينتاب الشخص عندما يريد أن يحسم اي الامرين يصطفي، فتكون طاقته النفسية قابلة للازاحة، بمعنى ان من المستطاع انعطافها من احدى العمليات في مسار معين الى عملية أخرى في المسار نفسه.

وعندما التقى المعسكران، معسكر الحق والخير (معسكر الامام الحسين  عليه السلام )، و معسكر الباطل و الشر (معسكر جيش يزيد وابن زياد) اعتمل صراع داخلي في نفس الامام الحسين  عليه السلام متمثلا بأمرين، الأمر الاول يرى وجوب اصلاح هذا الواقع الفاسد الذي يعتري الناس، والامر الآخر ان استشهاده  عليه السلام سيكون سببا في ادخال هذا الجيش النار وهو كاره لهذا الامر([38]):

"تعود الانارة الى مخيم الامام الحسين وأصحابه في حالة انتهاء من صلاه"

الحسين..........

اللهم ارحمْ قوماً ظلموا أنفسَهم

إذ أعطَوا حبلَ ارادتهِم ليزيد

اللهم اشهد أنّ عبادَك لا تعبد غير المَال

             وغير السلطة

فانزعْ عنهم ذلَّ الصمت

فهو جدار يحجبُ مابينَ الحق وطالبه([39])

فقد سعى الشاعر الى جلاء تلك الصراعات في قوالب فكرية إذ "بلا شك يضيف الصراع الداخلي عنصر ثراء مميز للحدث و الشخصية في العمل الدرامي"([40]) انّ الصراع الداخلي "وسيلة للتعبير عما يجول في اعماق الشخصيات، وهو يتلون بتلونها، ويشتد حين تشتد، ويتناسب مع كل حركةمن حركاتها "([41]) من اجل ذلك رصد الشاعر ما يعتري بعض الشخصيات من صراع داخلي جرّاء التناقض مع الذات أو ما يعرف ب_ الأزدواج في الشخصية، إذ يحدث للشخصية عملية جذب وطرد نحو امر محدد"([42]):

ابن حديث:

لا اعجب

فالنّاس على أصْنَاف

كل الناسِ بهذي الكوفة مِثلي

عرجى يمْشُون عَلى سَاقين

ابن معاصر

كل الناسِ بهذي الكوفةِ مثلي

تترَاكض في دمِها حناء الألوان

الواحد منهم اثنان

ابن حديث

وانا ايضا

اشعرُ انّي اثنان

ابن معاصر

وانا مثلك

اشعرُ انّي اثنان

ابن حديث

فبرأسي يسقطُ ويعيش

وبصوتي يسقطُ ويعيش

حشو فمي يسقطُ ويعيش

ابن معاصر

الله الله

.............................

مثلا.......بعد غد سأبايعُ مسلم

وسأعطيه أماناً انّي منْ جنده

ثُمّ أدسُّ له نقضَ العهدِ مع البيعة

وأسلُ السيفَ مع العادين عليه([43])

فالشاعر يقحم الحركة الدرامية المستندة على محورية الصراع الداخلي، في ثنائية الشخصية.

فالنص الماثل أمامنا يجلي هذا المفهوم على وفق مرتكزات عديدة ف_(ابن معاصر) يصرح "الواحد منهم اثنان"([44]) وكذلك (ابن حديث) ينتابه الشعورنفسه "اشعر اني اثنان"([45]) ويبدو انّ هذا الاعتراف للشخصيتين، ماهو الا مبرر لما سيقدمان عليه من غدر وقتل وسفك للدماء([46])، إذ تتقاسم -الشخصية –الرغبات فتجبر الواحدة الى اتجاه، وتدفع الثانية نحو اتجاه آخر، وقد تتساوى في نظرها -الشخصية-اهتمامات الجذب والدفع، حتى تصل الى درجة العجز معها على الاختيار فتتصارع النوازع الداخلية جراء ذلك([47])، فتنقسم الذات الانسانية على ذاتين متضادتين متصارعتين، بحيث تصبح الذات الواحدة هي البطل والبطل المضاد هو الضحية. وثمة فرص اخرى عند الشاعر لتأجيج الصراع الداخلي في نفوس شخصياته، منها شخصية الحر بن يزيد الرياحي  رضي الله عنه ، فنلحظ الصراع الداخلي النفسي لهذا البطل، فهو رجل شجاع اكبر من ان يكون عبداً لأحد من المفسدين، ومن جانب آخر نأى بنفسه عن قضية البيعة فهو خارج التنافرات السياسية ([48])، لكن لهذه الشخصية دورا هاما في المسرحية، و بخاصة اذا كانت مهيأة للصراع الداخلي، فأستطاع الشاعر ان يرسمها من الداخل ويظهر قلقها وترقبها وتوترها:

يزيد الكندي"للحر"

ما بك يا حر

فأنَا لمْ اعهدك على هذي السّكتة من قبل

أجزعتَ مِن الحرب؟

الحر

لا والله

لكنّي ما زلتُ اخيرُ نفسي بين الجنةِ والنار

بين الحقِّ وبين الباطل

وعلى ذلك اختارُ طريقةَ موتي([49])

ان موقف الشاعر من شخصية الحر نابع من الوعي الدقيق بحركة الذات في صراعها بين ما تؤمن به من قيم عليا عاشت من اجلها، والاعتداء على هذه القيم، ان شخصية الحر الرياحي أعطت مثالا راقيا للنتائج الايجابية للصراع الداخلي "فسكت واخذته الرعدة، فارتاب المهاجر من هذا الحال وقال له:لو قيل من اشجع أهل الكوفة لما عدوتك فما هذا الذي أراه منك ؟ فقال الحر:إني اخيِّر نفسي بين الجنة و النار والله لا اختار على الجنة شيئا ولو احرقت"([50]) ان الرعدة التي انتابت الحر ( رضي الله عنه ) لانه مقبل على مشهد نفسي يحتدم فيه الصراع ؛ ذلك الصراع الذي تولد منه هذا الموقف الجديد.

تكاد تكون اغلب نماذج التقارب بين النفس الحالمة، و عقبات الواقع العليل تتضمن صراعا داخليا، وهذا ما عمد اليه الشاعر في تصوير الصراع الداخلي الذي انتاب محمد بن الحنفية ( رضي الله عنه ):

محمد بن الحنفية"كمن يسمع صوته وهو بين الوعي و الغيبوبة"

العالَم مثقوب اليَد

ترشحُ منه الخرزُ البيضاء

الخرزة تلو الأخرَى

الأرض سفينة

.........................

العائد الاول "همسا"

اسمَعه يَهْذي

 العائد الثاني"بهدوء"

كَلا.....

هوذَا الصوت الاخر

الاول

لكنّي لمْ افهم شيئاً

الثاني

مَن منّا يفْهم شيئا ([51])

حكى النص المواجهة بين النفس التي تعيش حالة من الصراع و القلق و الواقع المعيش و حركته المستمرة، فاعتمد الشاعر على عناصر (الغيبوبة و الهمس و الهدوء) كلها عناصرتبعث الذات نحو الخيال لان "الخيال هو السلاح الوحيد الذي يملكه البشر في صراعهم مع الزمن و مع فنائهم ومع جريان العالم بعيدا"([52]) ويلحظ البحث صورة اخرى للصراع الداخلي في جيش عمر بن سعد، فعلى كثرتهم وما لديهم من سلاح، يعتريهم الخوف و الانكسار و الهزيمة، فلا يثبتون على موقف لانّهم "ضحايا صراع باطني دائم، انّهم عاجزون عن الخلاص من العالم وعن العيش فيه على نحو يحققون فيه قيما متعالية"([53]) و يطفو صراعهم الداخلي على سطح الرؤيا، عندما أتى الامام الحسين  عليه السلام  بطفله الرضيع ليسقوه ماء، فاضطرب أمر الجيش في شأنه فمنهم من ذهب الى ان يُسقى وآخرون ذهبوا الى قتل اهل البيت  عليهم السلام  ولا يبقوا لهم من باقية([54])، وحقيقة اضطراب الجيش تفصح عن صراع داخلي يعتمل في نفوسهم:

صوت زينب "تحمل على يديها طفلا"

يا بنَ ابي

هذَا طفلك مَا زالَ على وهن يشْربه ظَمَأه

..............

"الحسين يأخذ الطفل ويتجه به الى معسكر الاعداء"

يا أهلَ الكوفةِ و الشّام

هذَا طفلي جَد بِهِ العطش

.......

أسقوه شربةَ ماء

المجموعة

بايع تسق الماءَ........بَايع تسق الماء

.........

جندي 3

أسْقوه الماء

جندي 4

أسْقوه الماء

جندي 5

لايُسقَ الماء

جندي 6

لا يسقَ الماء

جندي 3 و 4

أسقوه الماء

أسقوه الماء "تختلط الاصوات"

جماعة "من وسط الجيش"

لا يسقَ الماء

.........

الحر "لابن سعد"

مُرْ قومَك  كي يسقوا الطفلَ الماء

عمر بن سعد

والله انَا في شَكِ من أمري

الشمر

لا يسقَ الماء

........

جندي 6

لا يسقَ الماء

مجموعة

أسقوه الماءَ "تختلط الاصوات"([55])

لقد اظهر الشاعر صراع الجيش على الساحة قويا، ويلج في محور الفعل و الفاعلية، فرؤية الشاعر لعالم (الشر –الاعداء) اضحت نهبا للقلق بين الكون والصيرورة، بين الواقع الفعلي الكائن، وما يفترض ان يكون، وقد ظهر ذلك في حواره الشعري، الذي كان للصراع الداخلي الاثر الاكبر في انبثاقه. ونود الاشارةالى امر ينسحب على كل المسرحية، متمثلا بلغة الشاعر الجميلة ف_"هناك امكانات عديدة تتنوع بحسب الصراع وبحسب المراحل التأريخية، ومن هنا كان الشعر فن تفجير اللغة، اي تفجير الاشكال، وليس فن الاستمرار في ترسيخ قاعدة أو شكل ما"([56]) ومن انعطافات الشاعر اللغوية الجميلة قوله:"هذا طفلك ما زال على وهن يشربه ظمأه"([57]) فالظمأ أخذ يشرب الطفل، بدلا من ان يشرب الماءَ حتى يقضي على الظمأ فيشربه.

ويتجسد الصراع الداخلي في ضوء المعاناة النفسية التي تعيشها الشخصية ومن ثمَّ تفصح عنها بصور متباينة ومنها بالكلام:

الحسين

...........

اللهم اشْهد انّي انْذرتُ طغاةَ عبادك

وعتاةَ السلطةَ و الحكم

...............

فتشْ في الخوفِ عنِ الامن

فتش في الجوعِ عنِ الشبع

جندي 3

مَا زلتُ أصدقُ مَا يَحكيه

لكِن حِبَال الخَوف

تلقي دائره حولي

جندي4(بأشفاق)

اسْكت !....لا يَسمَع قَولك جَاسُوس...!

فأراك وَقَد عَلقت عَلى جِذْعي

جندي 3

وَهي لَعَمْري أهونُ من هذي السكتة

                        "يهمس للحسين"

أخطُب....أخطُب

فلعلكَ تكشفُ عن جبنِ يلبس هَذَا السّيف([58])

اجرى الشاعر الصراع الداخلي بين العوامل النفسية و العوامل الاخلاقية، فالعوامل الاخلاقية تذهب في اتجاه تصديق اقوال الامام الحسين  عليه السلام  "ما زلت اصدق ما يحكيه"([59]) بيد انّ العوامل النفسية تذهب بالنفس الى منحى آخر متجسد بالخوف "لكن حبال الخوف تلقي دائرة حولي " ([60]) إذ ان "الصراع بين العواطف صراع فطري........ وهو يتأتى من ان العواطف في نشأتها تحمل بين طياتها نوعا من الجدلية،......... وهذا الصراع يتجلى على صفحة الشعور في المعاناة الداخلية، بين الشخص و نفسه أو في المكابدة للظروف "([61]) ونود التأكيد على انّ المتأمل ل_"شعر الحوار، يجد ان الخفاجي كان يجهد نفسه، و يتعبها، ليجيء شعره معبرا زاخرا بالصورة الشعرية، و المجازات و الاستعارات الجميلة، مما يؤكد ان الخفاجي  لا يرى الشعر في المسرحية تعبيرا عن الافكار و المواقف فقط، وانما هو اضافة جمالية، تلتحم بالشخوص، و تصير جزءا من الحدث" ([62]) ومن الشواهد على ذلك (على سبيل المثال لا الحصر):

الحسين.............

يا مَظلوم

صمتكَ طَير تَأكل مِن رَأسِك

الظَالم يَصْرخ قف

      و أرفع سيفاً في وجهي

لكنك لا تملك غيرَ الدّمع

يلفحُ بالمِلحِ جِذور ثباتك

اذ يكتهلُ النبتُ حبيا

لا تسقط صَوتكَ قطعه ثلجٍ في جمرةِ دمعك 

لا تدفن صَوْتَك خَلف تُرابِ سكوتك

فالظالم يلوي للحلفِ ذراعيكَ و يرفعُ سيفكَ في وجهك

يحفرُ في رأسكِ بئرَ هزيمة([63])

ويود البحث التأكيد على امر مهم، مفاده ان الامام الحسين  عليه السلام  لم يعتره الصراع الداخلي على وفق المنظور الحقيقي المادي، لانّ الرؤيا واضحة جلية عنده  عليه السلام ، فالصراع الداخلي انما ينبع عندما تضبب الرؤيا لديه، وهو غير المعصوم بالتاكيد، فهدف الامام الحسين  عليه السلام ونهجه على سبيل نيِّر مستقيم، خاتمته الشهادة.

ان المتأمل الدقيق على حقيقة القضية الحسينية و على طبيعة الصراع الذي كان قائما بين خط الرسالة المحمدية وخط آل أمية المظلم، في الرؤى أدوات التنفيذ، يصل الى مدى أهمية المحافظة على دينامية هذا الصراع، وذلك لابقاء جذوة الخط المحمدي الحسيني متوهجة، في كل زمان ومكان ضد اقطاب الخط الاموي الجاهلي.

المبحث الثاني:الصراع الخارجي في مسرحية ثانية ثانية يجيء الحسين عليه السلام

الصراع الخارجي هو الصراع الذي يتجسد خارج ذات الانسان، و يتضح بصراع الشخصيات فيما بينها – صراع الانسان مع الانسان- او صراع الانسان مع القدر، فضلا عن الصراع بين قانونين، وصراع العقيدة والاجتماع و السياسة.

وهو أمر حتمي يمثل التصادم أو التضارب أو التنافر في المصالح و المباديء الافكار، و "يعد الصراع الخارجي من اقدم الوان الصراع المفجع، وهو صراع ناشب بين قوتين ماديتين......، أو بين شخص و قوة أعلى منه"([64])

و لقد استطاع الشاعر (محمد علي الخفاجي) ان يكوّن لابطال مسرحيته "أجنحة منافسةً مُقنعة تتصارع معها، كسبيل لتحقيق الاثارة، و دفع القاريء للاندماج معها"([65]) بدأ الشاعر صراعة من اللوحة الاولى من الفصل الاول واصفا المسرح و القاعة.

المسرح

ترفع الستارة عن بيت متواضع......يرقد فيه محمد بن الحنفية مريضا.خلفه نافذة ينكسر الضوء قبل دخوله إياها......وسط ساحة الدار شجرة صفراء يابسة بيوت متفرقة تجاور بيت محمد يخترقها شارع الكوفة

القاعة

في اول كراسي القاعة يظل كرسي  فارغا طوال مدة العرض في انتظار الآتي.الى جانب الكرسي مشجب عليه بزة فارس يليها سيف معلق.......صوت اعرابي يطوف المدينة يعلن سفر الحسين ليودعه الناس([66])

ومما لا شك فيه ان الشاعر عمد الى تصوير المسرح و القاعة ل_ "ينزع الى تصوير الشخصيات و رغباتها و نزعاتها بحيث يفهمها المتلقي فهما يكاد يكون كونه اكيدا" ([67]) وعن طريق الكرسي الفارغ يلج الشاعر الى المفارقة المسرحية، فدلالة هذا الكرسي الذي "يظل فارغا طوال مدة العرض في انتظار الاتي" ([68]) تفضي الى أهمية التفاعل بين القاعة (الواقع) و المسرح، فيشارك المسرح في فاعلية القاعة من وضع الانتظار الى وضع المساهمة من اجل ملء الكرسي ([69])، إذ "لابد للشخصية المسرحية من دوافع معينة يضيفها عليها المؤلف المسرحي لتقترب من الواقع "([70]).

يبدأ الشاعر حواره بصوت اعرابي:

الاعرابي"صوت"

يا فقراءَ الأمة

يا عشاقَ الكَلمة

انّ أبَا عبد الله يَرحلُ في غد

انّ أبا عبد الله يَرحلُ في غد

          "يتردد الصوت وهو يبتعد"

يا فقراءَ الأمة

يا عشاقَ الكَلمة

انّ ابَا عبدالله

               وَجه رُسُول الله فِيكم

                يرحلُ في غد

                يرحلُ في غد

"يمر الاعرابي من خلف البيت و يلاحظ من النافذة...........

       "يتلاشى الصوت شيئا فشيئا"

محمد بن الحنفية "كمن يسمع صوته وهو بين الوعي و الغيبوبة "([71])

ان دلالة الصراع تنبثق من ايحاء الحوار، فحواره موجه الى (فقراء الأمة) وهم سواد المجتمع الاسلامي ؛ الطبقة المحرومة التي جاهد الأمام الحسين  عليه السلام  من اجلها، فخروجه لهم، و (عشاق الكلمة) هم عشاق كلمة الصدق وقول الحق، انّ هذه البداية ضرورية في بنية الفعل الدرامي فهي "تخضعه تماما للكشف عن سعته وقوته وتأثيرها عليه وتؤكد تسلسل الافعال ومدار العلاقات وقوة الشخصية" ([72]) اضف الى ذلك تكمن اهمية هذه البداية الدرامية لانها انطلقت من صلب الازمة، و المتمثل برحيل الامام الحسين  عليه السلام اذمن المهم ان تكون البداية من اعلى هرم الازمة، لتوضيح عناصر الصراع وفكرة المسرحية و مواقف الشخصيات([73]) و تتجه بوصلة  الصراع، نحو الحوار الذي جرى بين الامام الحسين  عليه السلام  ومحمد بن الحنفية( رضي الله عنه ) وهو حوار عقائدي فكري حول الثورة، وظاهره صراع قائم بين استيعاب محمد بن الحنفية ( رضي الله عنه ) للثورة، واستيعاب الامام الحسين عليه السلام  لها:

لِيَزيحَ الصمتَ هناكَ عَنِ الثورة

محمد    "كمن يعي قوله"

الثّورَة.....هه

الثورة تأكلُ في اليومِ الأولِ رَأس السّجان

تأكلُ في اليومِ الثّاني رَأسَ المسجونين

تأكلُ في اليومِ الثّالث أصْحَابها

في اليومِ الرابع

ينتفعُ الجالسُ في الطرقِ الخلفية

الحسين "صوت"

لكن تَبقى الكَلمة

محمد

مَا جَدواهَا في زمنِ لايؤمن الاّ بالسّيف

                   يقتلُ شاهده بعد براءه

صوت الحسين

وحينَ يكلُ السيفُ تبقَى الكلمه

الكلمه

الصّوتُ البَاقي فِي حنْجرة المَظلوم ([74])

ان طبيعة المنظومة العلائقية –علائقية الصراع-بين شخصيات النص المذكور آنفا، مرت بصورة مختلفة و مراحل متنوعة.

من اجل ذلك بين الشاعر شخصيتين تمثل كل واحدة منها مثالا خاصا بها، فمثل الامام الحسين عليه السلام  مثالا لشخصية القوي الشجاع المنتفض المؤمن بتغير الواقع المتردي، بيد أنّ شخصية محمد بن الحنفية ( رضي الله عنه ) كانت مثالا لشخصية المسلم الذي يتمتع بثقافة ما، لكنه لايملك القدرة على تغيير الواقع ([75])، فالشاعر حقق بذلك الصراع الذي هو "مناضلة بين قوتين متعارضتين ينمو بمقتضى تصادمهما الحدث الدرامي "([76]) اضف الى ذلك نجد "انّ الصراع يتأثر في الاساس بالموضوع و فكرته مثلما الشخصية تتأثر بذلك........ إذ العبرة في موضوع الصراع او لنقل فكرته........ وآنئذ يمكن التأثير في الجمهور وإحداث المتعة الفنية المسرحية واثرها المنشود " ([77]) ومن ثم يعمد الشاعر الى تكرار صوت محمد بن الحنفية:

محمد  "بصحة افضل"

...........

يافرحَ المَحْزُون ويَا زادَ الوحشة

أينَ تسافر

والدّنيا تفترُ عَلى قَرن خيانة

اذ ينتزعُ قرطيهَا الاقوى

...............

منْ للعدلِ امام غَيرك

أيظلُ العالمُ  دونَ امام يهديه

فالكوفة أدْمنت القَتل

الحسين "مقاطعا"

حَسبي ذَلك يَا بَنَ أمي

...........

ما كانَ الكونُ يؤاخي طرفَ التغيير

                 لولا الاستشهاد

ولَولا أنْ يتعمدَ هَذا العالمُ بالدم

ولَو لا أنْ يطعمَ جوعان لحم ذراعيه

.........

لا تَرجح كفةُ مِيزان العَدل

الا بِالقَتل.....

        قتلي

أو يَفهم هذا العالم  ([78])

ان اختلاف الصراع في النص المسرحي يتكيء على اشتغال العناصر الاخرى في بنية الدراما، فهناك تفسيرات لعلاقة الشخصية بالصراع، فيجب ان تحظى شخصية البطل على بهدف و وعي متيقظين ازاء الظروف التي تتجاوزها شخصية البطل نفسها، فكلاهما لا يتجسد الا في علاقة الصراع، فتقف شخصية البطل بمواجهة القوى المعارضة لها، حينئذ يمكن ان يكون الصراع فنيا و مقنعا([79])

لقد سعى الشاعر الى "ايجاد صلة بين النص المسرحي ومتلقيه تكون اكثر حيوية من ذي قبل،............فكان ان عمد الى سحب المتلقي للتفكير بمشكلة تطرحها المسرحية ويكون له نصيب في المساهمة بحلها، مما يتطلب منه البقاء يقظا على الدوام.......و اكثر مسرحية تجلى فيها ذلك المسعى هي مسرحية (ثانية يجيء الحسين)" ([80]) و نلحظ هذا الامر عندما جعل (الجمهور) يشارك في الصراع الخارجي، عندما اظهر دور الجوقة خلفية ترتل:

جوقة خلفية "ترتل "

غابتْ الشمسُ على افقك فَالليل مَدِينَة

ينحبُ البحارُ فيها والسّفينة

وعَلى ابوابِكِ العاشِق رملي المرايا

غائبٌ في الصمتِ رثَاء الحِوار

وَجْهه مَرْثية غَائمة

                     تفتحُ الرحلةُ في تل الرماد

يامدينة

راحلٌ عاشقُك الاتي على جنحِ سِحَابة

                 تحتَه يمتدُّ سجادُ النهار

فاحمِلي نذرك

..................

في الدّربِ حنينه([81])

ومن هنا يمكن تفسير الصراع الخارجي للشخصيات، في ضوء المفاهيم النفسية و أبعادها، وفيما يرتبط بالدوافع الشعورية واللاشعورية، وفهم الدوافع السلوكية للشخصية، في ضوء الضغوط و الحاجات التي تمر بها الشخصية([82])

يبدأ الشاعر اللوحة الثانية واصفا لموكب الامام الحسين  عليه السلام  وهو "يجتاز الصحراء تتقدمه راية خضراء بيد فارس جبار. الخياله والعائلة والنوق التي يحمل عليها الماء "([83]) انّ التوتر المستمر يبقي الصراع متدفقا، وبذلك يتمكن المبدع في جذب المتلقي الى احداث مسرحيته([84])، من اجل ذلك اضفى الشاعر عامل الاثارة و التوتر على صراعه، وذلك بايراده مختلف التفاصيل، ومن ذلك الحوار الذي دار بين الامام الحسين  عليه السلام  وصحابي (1) وصحابي (2):

صحابي 1

مَنْ كَاتبُ هَذه الكلمات

الحسين

مُسلم

صحابي1

مَاذَا قَال

الحسين

الرائدُ لا يكذبُ أهله

صحابي 1

هَذَا حَق

لكنّي أتوجسُ خيفَة

الحسين

مِنْ أين

صحابي 1

الكُوفَة يا مَولاي

فالزَّرع الطّالع لاْ يُثْمر الاّ الفَوضَى

صحابي 2

لا تَخْلوا الكوفَةُ مِنْ صُلحاء

صحابي 1

وَهم قلة يَخْتم أشْداقهم الصّمغ

صحابي 2

لكن هلْ فاتكَ انّ بقاءَ السّالفِ للأصلح

صحابي 1

بلْ لِلأقْوى

كُل قوي يشرعُ سيفا([85])

بين النص السابق صورة من صور الصراع الخارجي، الناتج "التأزم الحاد بين ما هو مفروض وما هو مرفوض، انّ الحسين يختار ويستمر في اختياره حتى النهاية ان سيفه مبصر و لكن سيوف اعدائه ومن مشوا في ركابهم أعمتهم الغواية "([86]) لقد سمح الشاعر في النص السابق ب_"تفجير وإفراز قوى فاعلة جديدة تغذي روح الصراع من جانب، وتضاعف رغبة المتلقي على متابعة المسرحية من جانب اخر"([87]) فالصراعات تزيد من ذروة التأزم، وهذا واضح من مواقف الصحابي1  والصحابي2و الامام الحسين عليه السلام ، وهي - مما لا شك فيه– صراعات ناتجة عن طبيعة اهل الكوفة، وواقع الامام الحسين عليه السلام ، فنحن أزاء مثالين، الاول الامام الحسين  عليه السلام  الذي ينتصر للقيم السماوية، و الثاني اهل الكوفة الذين لم يفوا بما وعدوا، فالصراع " يتكون في  ظاهره من قوتين متعارضتين، وفي باطنه كون كل من هاتين القوتين نتيجة لظروف معقدة متشابكة في تسلسل زمني متتابع بحيث يجعل من التوتر بالغا من الرعب الشدة"([88])

ونلمح صورة اُخرى للصراع بالنص الاتي:

الحسين

كيفَ تركتَ الناسَ هناك

القادم      "بضجر"

قَبْضة طِفْل تطرقُ بابَ السجن

كُل أعطَى حَبْل أرَادَتِه لِيَزيد

وَهو يُحاولُ أنْ يهربَ منه

ويجيئكَ يَا ابنَ رسول الله

الحسين

ومَاذا أبطأهم عَنْ فَكّ لجامِ الحيرةِ هذا

القادم

منْهُم مَنْ أوهمَه المالُ فلبى

منهم مَنْ أرجفه السيفُ فخاف

منهم مَنْ أطفأ غلتَه ابريقُ شراب

منهم مَنْ يتوهج في دمِه شبقُ السلطة

...........................

الحسين

أأصدقُ ما يرويه

وَمَعي كلماتٌ رائِدها مُسلم

والرائدُ لا يكذب أهله([89])

ان المتأمل في النص يلحظ الصراع القائم "داخل المجتمع جعل من صيغة الرمز واضحة يضاف الى ذلك استخدام التركيز في المشاعر وفي المناقشات، وهما سمات البناء"([90]) المسرحي.

وقد بدا الصراع الخارجي واضحا، اذ دار رحاه بين قطبي الصراع المثالي (الامام الحسين عليه السلام ) والمادي (اعداء الامام الحسين  عليه السلام ) وفي هذا الصراع نتحسس العالم المادي الباحث عن (المال، و الحياة، و اللهو، و الحكم) ونتحسس ايضا العالم المثالي الباحث عن (القيم السماوية من صدق واستقامة وعبادة) ويبدأ الشاعر لوحته الثالثة موظفا (المكان) و (الديكور) في الصراع الخارجي:

المكان:الكوفة حالتها قبل ان يدخلها مسلم

الديكور:في عمق المسرح بيت يبين منه جزؤه الخارجي على جدرانه نافذتان دائريتان متداخلتان مغلقتان كتب على الاولى كلمة (يسقط) وعلى الثانية كلمة (يعيش) كلتا الكلمتين تتداخلان بينهما على تداخل الدائرتين. طاولة متوسطة الحجم وضعت على المسرح قريبة من الجمهور. رجلان من أهل الكوفة الاول اعرج على الجانبين ينتحل اسم (ابن حديث) والثاني...........يرتدي قميصا يتألف من ألوان كثيرة ينتحل اسم (ابن معاصر) ([91])

لقد رسمت كلمات الشاعر لوحة الصراع بدقة، ماثلة امام القاريء وعلى مختلف الاصعدة، ومن ملامح هذا الصراع، كلمتي (يسقط) و (يعيش) فهو صراع ازلي ف_ "القوتان في صراع دائم، الحياة تهزم الموت و الموت يهزم الحياة، ويعود منتصرا لتهزمه الحياة من جديد، وهكذا من هنا بدأ احساسه بالصراع، وتفسير الحياة على اساسه"([92]) ويلمح البحث بعدا  رمزيا متمثلا ب_ (ابن حديث) الاعرج، و (ابن معاصر) الذي يرتدي قميصا يتضمن الوانا كثيرة، انّ جمع هذه الرموز (يسقط)،(يعيش)،(ابن حديث)،(ابن معاصر) توضح "انّ هذه اللوحة تكرس بوضوح فكرة صلة الماضي الوثيقة بالحاضر ثم ادانة هذا الحاضر الذي يراه المؤلف ملوثا و عاملا على غلبة الرذيلة والشر وكأنه امتداد للزمن الذي اسهم بقتل الحسين "([93])

ابن حديث     "لابن معاصر"

أهلاً أهلاً يَا ابن معاصر

ابن معاصر

أهلاً يَا ابن حديث

ابن حديث

أبْطأتَ لِمَاذا؟

ابن معاصر

لم يكنْ الوقتُ حليفي

ابن حديث

وَأنَا أيَضا

أبْطأتُ قليلاً حتى يتكشّفَ أمرُ الناس

حينئذٍ أختار([94])

يجسد هذا الصراع شخصيات مألوفة، نعايشها كلّ يوم، بأسماء كثيرة، ووجوه متباينة، و "لكي يوفق الكاتب في رسم شخوصه ينبغي ان يتعرف اليهم واحدا واحدا ويعيش معهم في ذهنه برهة كافية حتى يقرر أو يكتشف لكل واحد منهم ابعاده"([95]) ويبدو للبحث ان الشاعر قد رمز ل_(ابن حديث) و (ابن معاصر) للانسان المتخاذل الانهزامي، والذي تجده في كل زمان و مكان([96]) وهما مثالا

للفرد الذي تميله الريح حيث مالت، بما يمتلكان من عناصر الأنتهازية، فاسهما في غلبة الشر، وانتصار الباطل وحماية الانظمة السياسية الفاسدة، التي كانت سببا في هزيمة العرب في 1967([97]):

ابن حديث

.................

" موجها كلامه للجمهور ولصاحبه "

فأنَا لاأدْري مَنْ صَاحِب هَذِي الغَلبة

فَالكُل يُقَضْقِضُ أسْنَان البَطش لَهَا كَالمَقْرور

................

" يلتفتُ الى صَاحبه "

وأنَا لاأعرفَ مَنْ صَاحبها

ابن معاصر

والنَّاس عَلى أصْنَاف

وابن زياد

وضعَ المالَ لهم كَاللحم عَلى سِنّاره

فأتَوا... هَرَعُوا كَالفِئْران

وَجَثوا كالقططِ العَمياء([98])

اتكأ الشاعر في بناء صراعه الخارجي على أساس التدرج ف_ " هذا الصراع ينبغي أن يكون متدرجا في الصعود فلا يلحقه ركود أو جمود في الطريق، ولا تشب به طفرة، حتى يبلغ الذروة ويصدق هذا على الصراع الرئيسي الذي يحكم المسرحية كلها من أولها الى اخرها "([99]):

ابن حديث

قالَ لهُم المَال.. المَال

فالدّنيَا لَو تَدْرون

عَاهِرَة مَنْ راودَها ضَاجَعَها بالمال

ابن معاصر

قالَ لهم حكْم أمَية مِثل زليخا

يسلمُ مَنْ طَاوَعها

     أو يتهمُ مَن صد

فليسَ لكُم ألاّ أنْ تتبِعون

ولكُم عنْدِي

     كَأس لاتفرغُ أبدا([100])

اعتمد الشاعر في بناء مسرحيته، على الصور التشبيهية، التي اضحت اداة مهمة لابراز صورة الصراع الخارجي فضلا عن تأكيد المعاني وايصالها للمتلقي، فقد شبه الدنيا بالعاهرة، ومضاجعتها بالمال، وحكم بني امية بزليخا.فيسمح الشاعر بذلك لتداعي المعاني والأفكار وعقد الموازنات بين أوجه الصراعات المختلفة حتى يتضح للمتلقي نتائج ذلك الصراع.

أن رؤية الشاعر تستشرف الواقع الراهن في ضوء ذلك الصراع الدائم بين الأنسان وقوى الظلم والفساد وينعطف الشاعر في تصوير صراعه على لسان مسلم بن عقيل( رضي الله عنه ) وقد رمز اليه ب_ (الصوت) وماجرى من حديث بين هذا (الصوت)) و (ابن حديث) و (ابن معاصر) ([101]):

الصوت

ياأهلَ الكوفة

أعْرفكم معرفةَ السّيفِ لِغمده

والوَاتِر للمَوْتور

وَالحجَامة للمَشْرط

فَلقَد أفْصحَ فيكم شجرُ الزيف([102])

انّ الشخصيات هي " وسيلة المؤلف المسرحي الأولى لترجمة (الصراع) الى حركة، فهذه الشخصيات: بما تقول، وبما تفعل، بما تظهر، بما تخفي، بما تلبس وبما تستخدم من أشياء، بما يضطرم داخلها من حياة مكونة من عواطف وأفكار وأحلام، بما تشترك فيه من صراع وماتخلقه من مشكلات تقدم لنا المادة الحيوية التي تقوم عليها المسرحية "([103])

انّ شخصية مسلم ( رضي الله عنه ) _ الصوت _  جسدت هذا الصراع، وحقيقة تجسيد هذا الصراع أنما تمثل بطبيعة الألفاظ فهو _ مسلم ( رضي الله عنه ) _يعرفهم معرفة السيف لغمده، والواتر للموتور، والحجامة للمشرط، حتى نوع المعرفة أنما هي تنم عن صراع بين الطرفين، وتوحي الى دلالات عميقة، فهم _ الأعداء _ السيف الذي أٌغمد في جسد الأمام الحسين  عليه السلام  واصحابه واهل بيته البررة (رضي الله عنهم) وهم الواترون للموتور الأمام الحسين  عليه السلام  وهم المشرط الذي أسال الدم من جسدالحقيقة الخالدة.

ومن ثم يرتفع الصوت _ مسلم ( رضي الله عنه ) _ حتى أنّ (ابن حديث وابن معاصر) يلتفتان الى جوانب المسرح من شدته([104]) ويمكننا القول أن أرتفاع الصوت ماهو ألا أشارة لأرتفاع حدة الصراع وقوته، فضلا عن قوة جانب الحق على جانب الباطل:

الصوت

يَاقرَباً لمْ تروَ السّقاء

يانهراً أول مَنْ يَعْطش فيه

           حَافرُه أو مجريه

يا قوقعةً تنكشرُ (هكذا) الان عَلى الشَاطيء

فَتبين دَوافعها

               "يزيد الاثنان التصاقا ببعضهما"

أعْرفكُم شُورى إحن وَضَغِينة

لو كانَ الظلمُ على أعينكُم حشَرة

           ما ارتَفعت هدبٌ تَطْردها([105])

تكشف العناصر الفنية بدلالاتها و رموزها بمفردات (القرب –السقاء، النهر-يعطش، القوقعة-تتكسر، شورى –احن، حشرة هدب) ان تدفع باتجاه توليفة دلالية فكرية تصل حد التجريد عن الصراع،، فالحدث هو اصل الصراع، وهو -الحدث– " لاينفصل عن الشخصية، فالشخصية صانعة الحدث، وبذلك تكون الشخصية و الحدث شيئا واحدا "([106]) منح الشاعر حواره ضربا من التوتر لان الترقب و التوتر هما العاملان المؤثران في تكوين الصراع([107])، وقد رصد البحث هذا الامر بشكل واضح في حوار الامام الحسين  عليه السلام  مع الجوقة والجمهور([108])، في شأن مسلم بن عقيل  رضي الله عنه ، وعندما طلب أهل الكوفة من الامام الحسين  عليه السلام  القدوم اليهم:

الجوقة "بالاشتراك مع الجمهور"

ما كُل الرّواد عَلى عَهْد صَدَقوا أهليهم

مَاكُل الرّواد

..............

الحسين "صوت"

لكِن هَذا الرَائِد أهلي

كلمَاتِي.............و العهد

هَذا الرّائِد حملَ الرفضَ الاول

                    فِي أول نَخْلة

مَولودٌ في شاطيِء سَيف

مَضْفورٌ في ريشةِ نَبْله

الرّائِد لايَكذِب أهله

جوقة  "تقاطعه"

يكذبُ أهله

الرّائِدُ يكذبُ اهله

الحسين"على المسرح"

هَذَا الرائدُ لا يَكْذِب أهْله

..............

لا يلبس انسانٌ جلدَ أخِيه الانْسَان

والنخلة

لا تأكل حبَّ الطَّلع بساعةِ جوع

والرائدُ لا يكذبُ أهله

"يتكرر و الرائد......." ([109])

عبر الشاعر عن التناقض الكبير في المجتمع، إذ تمظهر الصراع حول فكرة (الرائد لا يكذب أهله)، فالامام الحسين  عليه السلام  اكد على هذه الفكرة، بيد ان الجوقة تذهب الى العكس من ذلك، وحقيقة الامر ان كلا الطرفين ينطلقان من وجهة نظره للواقع ؛ ذلك الواقع الماثل لكل طرف، فالطرف الاول (الجوقة بمشاركة الجمهور) نظروا للامر من منظار طبيعة الانسان المنقلب والذي لا يصدق مع الاخر ولا يفي بعهده، وهذا الامر هو مصداق لاهل الكوفة لما ارسلوا كتبهم للامام الحسين  عليه السلام  متعهدين بالنصرة و الوفاء، لكنهم لم يصدقوا القول والعهد في ذلك([110]).

 بيد  ان الامام الحسين  عليه السلام  انطلق في رأيه(الرائد لا يكذب أهله) من نظرة اسلامية مثالية سماوية ان المسلم – يجب – لا يكذب.من هنا انبثق الصراع بين النظرتين، إذ "أصبحت كل شخصية في صورة مختلفة عن الشخصيات الاخرى. كما افصحت عن ذلك طبيعة واقعها الفعلي وقامت عليه الشخصيات الدرامية "([111]) ومن ثم يبدأ الشاعر الفصل الثاني بلوحته الاولى، واصفا منظر الكوفة:

الوقت: بعد الغروب النجوم ظاهرة في السماء.

المكان: واجهة من الكوفة اصطفت على حاشية شارع فيها بيوت كثيرة كتب على جبهة كل بيت كلمة (ابن زياد) بيت واحد يقع امام اعين النظارة لم يكتب على جبهته شيء لكن في داخله شجرة ظليلة عليها كلمة مكتوب كلمة (طوعه) ([112])

استمثر الشاعر كل العناصر المتاحة لرسم أبعاد الصراع، فوظف عنصري الوقت و المكان، فلم يكن وقت الغروب و سدول الليل الا ايحاء لما قبل ذلك الزمن، ففي نهار ذلك اليوم بايع اهل الكوفة مسلما  عليه السلام  وما ان غربت الشمس خانوا العهد([113])، إذ دخل مسلم المسجد " ومعه ثلاثون رجلا ثم انصرف نحو كنده ومعه ثلاثة"([114]).

والمكان ايضا عنصر فعال في بناء الصراع، فكل بيوت الكوفة كتب على جبهتها (ابن زياد) ([115]) سوى بيت واحد -هو في صراع مع البيوت الاخرى–لم يكتب عليه هذه العبارة، انما وجدنا شجرة ظليلة كتب عليها (طوعة) ([116])، فشجرة ظليلة وارفة الافنان تحمي من يستظل بظلها، كما حمت (طوعة) (مسلما) عليه السلام من الاعداء.

وكل ذلك هو ايحاء للصراع المحتدم بين من خان العهد وهم الرائد "يكذب اهله"([117])، ومن وفى بعهده للامام الحسين  عليه السلام  وهم

"الرائد لا يكذب اهله"([118]) فالصراع مثل "التصادم بين الشخصيات او النزاعات الذي يؤدي الى الحدث في المسرحية أو القصة وقد يكون هذا التصادم.........بين احدى الشخصيات وقوى خارجية كالقدر و البيئة أو بين شخصيتين تحاول كل منهما ان  تفرض ارادتها على الاخر "([119]).

وقد افترش صراع الحق و الباطل اللوحة الثانية و الثالثة من الفصل الثاني، إذ نفذ الشاعر الى عمق الذاكرة لاكتساح دوامة الصراع و التوتر، في ثنائية مثل الطرف الطرف الاول – الحق – الامام الحسين  عليه السلام  ومسلم بن عقيل  عليه السلام ، بينما مثل الطرف الثاني – الباطل – عبيد الله بن زياد واتباعه ([120])، وقد اعطى الشاعر دفقا معنويا لطبيعة الصراع، لما يشكل لوحته وكأنّها محكمة، وهذا يمثل انزياحا فكريا افرزته طبيعة الصراعات الكونية:

تتقدم اصوات الزور الثمانية امام الامير كل واحد يدلي بشهادته ثم يعود الى موضعه

شاهد1

كانَ يُصَلي في النَّاسِ عَلى وَجْهين

شاهد 2

كانَ يغنِّي في الناسِ وهم فِي المَسْجد

شاهد3

كانَ الناسُ سُكَارى

شاهد4

صَلى للصبحِ ثلاثاً

شاهد ه

صَلى بعد شروقِ الشَّمْس

"الاميرُ لا يلتفِت فالمسْألة الدَّينِية بَحته لا تَتَعلق بسلطانه"

شاهد 6

شقَّ عصَا.الطاعةِ مِنْ طَرَفَيْها

            "ينتبهُ الاميرُ ويسلطُ نظرةً حاقدةً عَلى مسلم "

شاهد7

     "يتوثبُ وشَهوة الانْتقَام فِي عينيه"

شاهد 8

القحَ فحلَ العصيانِ بِانْثى الفِتْنة

          "يستمرُ الاميرُ بعنقه"([121])

صاغ الشاعر لوحته على اساس الافكار المتصارعة، بدءا من كون الشهود، هم شهود زور وهذا صراع خطير يعتري المجتمع بعدم قول الحق، إنهم "يزيفون العدل، ويشوهون وجه الحق، ويعبثون بعقول العامة، ولا هم لهم الا مرضاة السلطان"([122])، اضافةالى ذلك فقد اجرى على السنتهم – الشهود الزور- عبارات هي في الاصل تنم عن سلوكية حكام بني أمية من (الغناء، والسكر، وصلاة الصبح ثلاثا، والصلاة بعد شروق الشمس)([123]) وعدم اهتمام ابن زياد بتلك الامور إنما تصدر من جانبين ؛ الاول هي سلوك وطبائع لهم فلا تشكل صراعا مع واقعهم، والثاني لان هذا الامور لا تشكل خطرا على نظام حكمهم.

بيد ان الذي اقض مضجعه شهادة الشهودال_ (6) و(7) و(8) الذين أفصحوا عن الثورة التي تنذر بقدوم العاصفة التي تجتاح كل شيء وتقضي على حكم ال أمية وتعيد الحق الى اصحابه ان بنية الصراع في هذا المشهد ماهو الا استجابة لبنية النص الفكرية التي استوحت طبيعة الشخصيات في صراعها مع الظالمين.

ويصل الصراع الخارجي سنام الهرم في الفصل الثالث، إذ كرس الشاعر أبعاد الصراع في الحوار الذي دار بين الامام الحسين  عليه السلام  و أهل الكوفة، محذرا اياهم بعدم ارتكابهم جريمة العصر، إذ ما اشتركوا في قتله  عليه السلام :

من باب خيمة كبيرة يطل الحسين على القاعة -

وكانه يخاطب الجمهور

الحسين

يا أهلَ الكوفة

يا وعدَ الغيمةِ في الصَّيف

ياشعراءَ الكلماتِ المَعْسولة

لايتهَاوَى فِيهَا

غير ذُبَاب النَّاس

لِمَ خُنْتُم عَهْدِي بعْدَ البَيْعة؟

وعقرتُم سَارِيَتِي كَرماً لابن زِيَاد

...................

بينا أنْتُم تَقفون اليوم سِيوفاً فِي وَجْهِي

رجل1     "من جند ابن سعد"

لا يسلم احدٌ أذْنيه له

رجل 2

هَذَا رجلٌ رَجَّاز

...........................

الحسين

 لكنِّي لا أعْجَب أبداً

هَذِي فِعْلتُكُم بَأبِي وَ أخِي

والمغرورُ  مَنْ اغترَّ بِكم

رجل 1

المغرورُ مَنْ اغترَّ بِقَولِك([124])

لقد انماز حوار الشاعر في بناء الصراع، بكونه مركزا قصيرا، عامدا الى تكثيف المعاني، آتيا على قدر الفكرة، بيانا صادقا كاشفا لحقيقة مواقف الشخصيات، وتعد صفة الايجاز والتركيز في حواراته صفة غالبة لكل لوحاته المسرحية([125]).

الحسين: المَالُ  قاتلُ الرجال

وخانقُ الكلمةِ والعَلامَة

المالُ تفاحةُ هَذَا العَصْر

رجل "يخرجُ مِنْ مخيمه"

أمَّا أنَا فالحَقّ يُقَال..........

ليسَ المالُ لكنِّي خفتُ السيف

.............................

ولهذا صرتُ حصاناً فِي هذا الطِّراد([126])

ان فعل حب المال هو توليفة واقعية للصراع في الماضي  و الحاضر، إذ اوحت الى مرجعيات و امتدادات كانت بازاء الحدث، فولد في رحم الصراع، اضف الى ذلك ان طبيعة الصراع توضح آلية المتصارعين، فحكام بني أمية يملكون الاموال و اساليب القهر، اما الطرف الاخر فهو يملك اساليب السماء من مثل و قيم، و لكن "هذا الاختلال الواضح في ميزان الصراع بين الطرفين لا يثني أبطال المسرحية و انصارهم من السير قدما نحو التصادم مع السلطة الأموية مع علمهم المسبق بنتيجة الصراع الحتمية"([127]) وبالاضافة الى الصراعات المذكورة آنفا، اضاف الشاعر صراعات اخرى جسدها الحوار الذي دار بين زهير بن القين  رضي الله عنه  و الشمر بن ذي الجوشن([128])، وصراع آخر يمثله ال عقيل رضي الله عنه  في معركتهم ضد اعداء الله (عز وجل) واعداء رسوله  صلى الله عليه وآله  ([129])

ويختم الشاعر صراعه الخارجي ومسرحيته، بنهاية ذروة الصراع بين الامام الحسين  عليه السلام  وشمر بن ذي الجوشن، وهو صراع أزلي، أبدع  الشاعر – ايما ابداع- بتكثيف صراعات الدهر فيه، صراع يمتد الى ما قبل واقعة الطف، ويستمرالى ان يرث الله (عز وجل) الارض ومن عليها:

عمرو بن سعد

انزلْ يَاشِمر

وَارْحه

الشمر

هَا أنَا ذَا

................

سَأجيئك بِالرَّأس

عمر بن سعد

أجبنت...........؟!

الشمر        "وهو يعود ناحية الحسين"

أبداً......أبداً

فانَا مِنْ تلكَ الشَّجَرة

لا تَطلع غُصْناً الاَّ هو غَمد يحملُ سَيْفَا

"للحسينِ وهو يشرفُ عَلى الشَّهادة"

ايه يَا ابنَ عَلي

مَا أوجَع ذِكْر أبيكَ على نَفْسِي

لما كانَ يهشُّ السيفَ بِاجْدادي

في بدرٍ وَحُنَين

            "يجلسُ عَلى صَدْره"

والان...........!

رَأسُك عندِي مِلك سُلَيمَان

...................

أعرفُ انَّك سبطُ رسول الله

 و أعرفُ انَّك تحملُ عرقَه

اعرفُ انَّكَ خير امام حسباً أو نَسَبا

لكنِّي لا اعرفُ لِمَ أرغبُ في قتلِك

يحتزُّ الرأسَ و ينهضُ ولوله و صراخٌ و بكاءٌ من الجمهور([130])

أعطى الشاعر صراع المسرحية الخارجي قيمته وقوته، وتسلسله وتصاعده التدريجي نحو الحل الفاجع، ان وصف الصراع بحاجة  حقا الى وحدة الموضوع، ولكنه بحاجة ايضا وبشكل اساس الى حسن العرض للتأزم، ثم الوصول الى الحل([131]).فالمسرحية تبحث طبيعة الصراع بين الخير والشر ؛ صراع الهدم مع الخلق، وقد مثل الشمر كل اوجه الصراع آنف الذكر بالاضافة  الى صراع حب المال والسلطة والنفوذ. وحتى يؤكد الشاعر على طبيعة هذا الصراع الازلي، عمد الى بناء حوار دار بين الشمر والجمهور، بين في ضوئه حقيقة الشمر كشخص عاش في الزمن الغابر، وحقيقته كمفهوم متكرر في الازمنه القابلة:

الشمر    "للجمهور بغضب"

صَه........!

فلتخرسْ السنةٌ تقذفنِي  بِشَتِيمة

ماذَا قُلْتم......؟!

لوعدتُ بسيفي هَذَا أطعنُ فِيكُم

أنزلُ بينَ مقاعدِكم

................

أبحثُ فيكُم عَنْ كلِّ حُسين

................

فانَا خَلفتُ لكم أولادي

ولعَمْري هم أكفاء

فليصمتْ كُلُّ حُسين

وليعلمْ انَّ على عاتقِه سيفاً من ابنائي

لا ينزلُ حتى يقطعَ منه رأس([132])

و بازاء ذلك وبمقابلة فنية واقعية معنوية، قابل الشاعر ذلك الموقف من الشمر، بموقف آخر نابع من الامام الحسين  عليه السلام  حقيقة خالدة، حقيقة شخصه  عليه السلام  الذي روّى ارض الشهادة بدمه الطاهر، فنبتت شجرة الخلود مستقرها الارض و اغصانها تعانق السماء، وحقيقته المتنقلة في اصلاب المعصومين  عليهم السلام  ومن تشبث بركابهم وسار على نهجهم:

صوت

ثانية يجيءُ الحسين

الشمر

وثانية سيجيءُ الشمر

الحسين   "صوت"

يتثلمُ سيفُك يا شمِر و يصْدَأ

لكن لنْ تصْدأ منِّي الكلمَات

لنْ يتوقفَ هذَا الدام

الاَّ أنْ يغسلَ مِنْ هَذَا العالمِ أدرانه

ساجيءُ ولن تأتِي.......ولنْ تأتِي.........ولنْ تأتي

سأجيءُ ولنْ تَصْدأ منِّي الكَلِمَات

ثانية سأجيء

                                     "يتكرر الصوت وهو يبتعد"([133])

حقيقة الصراع الماثلة أمامنا حقيقة حية، وزاد من دفقها وحياتها لغة الشاعر، فتراكيب الشاعر اضفت روحا اخرى فوق روح الصراع المنتصر، بالتأكيد على ان قابل الايام لجانب الحق والخير ضد جانب الشر، مستعملا (السين) التي تفيد الاستقبال و (لن) التي تفيد القطع ف_"لغة الخفاجي الشعرية جميلة، منتقاة بعناية بالغة، ليس فيها شيء من الركاكة، وتبتعد عن لغة الشعر الجديد، كما رأيناها في بعض مسرحيات.......عز الدين اسماعيل، ومعين بسيسو، انها اللغة التي تحمل روح الموروث اللغوي ونقائه وفصاحته، دون أن تغرق في الالفاظ المهمة التي تحتاج الى تأمل، أو معاجم، وهي لغة تنسجم مع الحدث القديم، و أشخاصة، تكاد تنبع منهما"([134])

الخاتمة

بعد هذه الرحلة الشيقة في دراسة الصراع توصل البحث الى ما يأتي:

- ان القضية الحسينية، مثلت انعكاسا لطبيعة الصراع مع الاخر والصراع مع الذات، إذ لاءم الشاعر بين صراعه المسرحي والصراعات الفكرية والاجتماعية على مستوى الوقت الراهن. وقد نجح الى -حد كبير –في ذلك، ولم يتأت نجاحه الا لكونه استقى مادة صراعه من واقعة عاشوراء الخالدة، التي اضحت ذا بعد معنوي مكثف لمختلف الصراعات.

- ان اتكاء الشاعر على التأريخ في بناء صراعه، لم يكن بقصد سرد قصة، انما هو إتكاء تمثل وعظة.

- عبر الشاعر عن التناقضات الواقعة في  طبيعة المجتمع، فأفصح بذلك عن الصدام المحتدم بين العواطف والافعال و الامال والاراء المتصارعة.

- تعرض الشاعر الى طبيعة الصراع بين الحق و الباطل، الخير والشر، و الخلق والهدم.

- سعى الشاعر الى اظهار الصراعات في أطر فكريةوجمالية باسلوب متقدم ومفيد.

- كان حظ الصراع الداخلي أقل – من جهة الكم – من الصراع الخارجي، ولعل ذلك يعزى الى ماهية هذا الصراع، الذي يعد اصعب عنصر بنائي في المسرحيات، فضلا عن حاجته الى قدرة كبيرة ومعرفة واسعة بطبيعة نفوس الناس.

- جسد الشاعر الصراع الداخلي في ضوء المعاناة النفسية التي تمر بها الشخصيات، ومن ثم عبر عنه بصور متباينة، منها الحوار.

- ظهر الصراع الداخلي على شكل ثنائية ضدية، مكونا بنية دالة محايثةفي تجربته الشعرية.

- بدا الصراع الخارجي جليا و قويا، رافدا لنصوص المسرحية بزخم كبير من الاثارة و الدينامية.

- شكل الحوار عاملا مؤثرا في رسم ابعاد الصراع، وجاء موضحا عما يجول في اعماق الشخصيات المسرحية.

- اعتنى الشاعر بلغته الشعرية، فكان حريصا على انتقاء المفردات و الجمل، مبتعدا عن الركاكة في التعبير، موظفا الصور الشعرية (التشبيهية و الكنانية و الاستعارية)، مواءما اياها – اللغة –مع عناصر المسرحية الاخرى، واهمها الصراع بالاضافة للحوار و الشخصيات.

المصادر والمراجع

1-اثر واقعة الطف على المسرح العراقي، احمد حيدر العلياوي، مطبعة السعادة، بغداد2013.

2-ادباء من كربلاء، رسول الحسيني، دار التقدم للطباعة و النشر، ايران،2014.

3-الادب المسرحي بين التأريخ و المعاصرة، باقر سجاد البصري، مؤسسة الهدى للطباعة والنشر، عمّان، الاردن،2010.

4- اضاءة على النص، د. اعتدال عثمان، دار الحداثة، بيروت، ط3، 1990.

5-انواع الصراع في الادب المسرحي، علي حسين الكارضي، مؤسسة اهل التقوى للطباعة والنشر و التوزيع، دمشق، سوريا،2006.

6- البناء الدرامي، عبد العزيز حمودة، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة،1977.

7- التجربة الشعرية، أرشيبالدمكليس، ترجمة:سلمى الخضراء الجيوسي، دار اليقظة العربية، بيروت،1973م.

8- ثانية يجيء الحسين، محمد علي الخفاجي، مطبعة الاداب، النجف الاشرف،.1972م.

9- الحر الرياحي، عبد الرزاق عبد الواحد، الدار العربية للموسوعات، ط4، 1989.

10-الحوارات الكاملة 1960-1980، أدونيس (علي احمد سعيد)، بدايات للطباعة و النشر، دمشق،2005م.

11- دراسات في الادب المسرحي، سمير سرحان، دار الشؤون الثقافية العامة، وزارة الثقافة و الاعلام، بغداد، د ت

12- دراسات في المسرح، د فؤاد علي حارز الصالحي، دار الكندي للنشر والتوزيع، ط4، الاردن/2003.

13-الدراما بين النظرية و التطبيق، حسين رامز محمد رضا، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت،1972.

14-الدرامية و الدرامي، س.د.د.السن، ترجمة:سعد صلوح، مطبعة دار العرب، الاردن،2000م.

15-الشاعر العربي الحديث مسرحيا، محسن أطيمش، منشورات وزارة الثقافة والاعلام، بغداد،1977.

16- شخصيات أدبية معاصرة، حسين علي الكاظمي، مطبعة الامل، اربد، الاردن 2009م.

17-الشخصية و الصراع المأساوي، دراسة نفسية في طلائع مسرح الشعر العربي، عدنان بن ذريل، دمشق،1976.

18-صراع القهر و الانهزام في مسرحيات صلاح عبد الصبور، ابراهيم جنداري، دار الشؤون الثقافية العامة، العراق،1993.

19-علم  المسرحية، الاردس نيكول، ترجمة:دريني خشبة، دار الثقافة للطباعة و النشر و التوزيع بيروت، لبنان،2012.

20-علم النفس دراسة في التكيف البشري، فاخر عاقل، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط5، 1977.

21-فن الاخراج المسرحي من الرؤيا الى التطبيق، د.أحمد أمل، مركز دار العلم للطباعة و النشر و التوزيع، الاردن،2013.

22-فن كتابة المسرحية، لاجوس أجري، ترجمة:دريني خشبة، دار المعرفة للطباعة و النشر و التوزيع، اربد، الاردن، ط3، 2013.

23-فن المسرحية، علي الراعي، سلسلة الكتب للجميع، ع 146، دار التحرير للطبع و النشر، مصر،1959.

24- فن المسرحية، فردب ميلين، جير الديس نبتلي، ترجمة:صدقي خطاب، بيروت، دار الثقافة،1966.

25- فن المسرحية من خلال تجاربي، علي احمد باكثير، مكتبة مصر، الفجالة، مصر، د.ت.

26- كربلاء مدينة العلم و العلماء، صادق جاسم الكلي، مطبعةالرشاد، ايران،2013.

27- لسان العرب، ابن منظور، دار النطور للطباعة و النشر، بيروت، لبنان،2009.

28- المرشد الى فن المسرح، لويس فارجاس، ترجمة:احمد سلامة محمد، مراجعة:د.موسى سعد الدين، المشروع العربي للنشر المشترك، دار الشؤون الثقافية العامة، العراق، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر، د.ت.

29- المسرح الشعري العراقي (تأريخ وتطور)، محمد علي الربيعي، مؤسسة نشر العلوم، دمشق، سوريا،2004م.

30- مسرح صلاح عبد الصبور (دراسة فنية)، د محمد محمود رحومة، دار الشؤون الثقافية العامة /العراق، ط1، 1990.

31- مسرح محمد الخفاجي الشعرية (دراسة تحليلية)، عالية خليل ايراهيم، مطبعة الزوراء، ط2، 2010.

32- المسرحية العربية (الاصول و المنطلقات)، محمد كاظم العلياوي، مطبعة الامل، دمشق، سوريا،2009.

33- المسرحية في الادب العربي الحديث (دراسة تحليلية)، حيدر السعداوي، مؤسسة الاستقامة للطباعة و النشر و التوزيع، سوريا،2005.

34- المسرحية كيف ندرسها و نتذوقها، ملتون ماركس، ترجمة:فريد مدور، مؤسسة فرنكلين، دار الكتاب العربي، بيروت،1965.

35- مصرع الامام الحسين  عليه السلام ، محمد بن عبدالله الصادقي، مطبعة اهل البيت  عليهم السلام ، قم، ايران،2003.

36- المعجم الفلسفي، جميل صليبا، الشركة العالمية للكتاب، دار الكتاب اللبناني، بيروت لبنان، القاهرة –مصر،1982.

37- معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، احمد بن فارس بن زكريا، تحقيق:عبد السلام هارون، دار العلم للطباعة والنشر و التوزيع/1995.

38- معجم المصطلحات الدرامية و المسرحية، د. ابراهيم حمادة، دار الشعب، مصر، د ت.

39- معجم المصطلحات العربية في اللغة و الادب، مجدي وهبة وكامل المدرس، مكتبة لبنان، بيروت،1999م.

40- معرفة الذات، عيسى الكلكاوي، دار الزاهرة للطباعة و النشر و التوزيع، دمشق، سوريا،2001 .

41- مقتل الامام الحسين  عليه السلام ، السيد عبد الرزاق المقرم، مؤسسة الخرسان للمطبوعات، بيروت، لبنان، دت.

42- مقالات في النقد الادبي، مصطفى هدارة، القاهرة، دار القلم،1964.

43- ملوك بني أمية بين الجاهلية والاسلام، رسول جاسم الكلي، مؤسسة السعد للطباعة والنشر و التوزيع، قم، ايران،2008.

44- الموسوعة الفلسفية، روزنتال.ب.يودينت، ترجمة:سمير كرم، دار الطليعة، بيروت،1974.

45- نظرية الدراما، سنيثينايانوثا، ترجمة:نور الدين فارس، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد،2009.

46- نظرية الفن المسرحي، كوركنيان م.س، ترجمة:سعد معتوق، مؤسسة الثقافة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط6، 2013.

47- وجها لوجه(دراسات في المسرحية العراقية الحديثة)، ياسين النصير، مطبعة دار الساعة، بغداد،1976.

البحوث والدوريات

1-  البحث عن شخصية المسرح العراقي، ياسين النصير، مجلة المثقف العربي، ع4، س2، بغداد،1971.

2- الدراما الحديثة كيف تطورت، جلال العشري، مجلة المسرح، ع 87، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للتأليف و النشر،1988.

3- لوسيان غولدمان حياته و كتاباته، كولاكوفسكي،(مجلة المنار) ع 20، 1986.

4- مقدمة في استخدام التراث العربي في المسرح العربي، زينب منتصر، مجلة الاقلام، ع7، س12، نيسان،1977.

الرسائل و الاطاريح

المسرحية الشعرية في العراق منذ النشأة حتى عام 1995- دراسة نقدية -، عباس عبيد عليوي العامري، جامعة بغداد، كلية الاداب،1998م.

 

-[1] ينظر:معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون:3/342.

[2]- لسان العرب، ابن منظور: مجلد 7، مادة صرع.

[3]- المعجم الفلسفي، جميل صليبا:725.

[4]- علم المسرحية،الاردس نيكول، ترجمة:دريني خشبة:133.

[5]- ينظر:المسرحية العربية (الاصول و المنطلقات)، محمد كاظم العلياوي:260.

[6]- فن كتابة المسرحية، لاجوس أجري، ترجمة:دريني خشبة:168.

[7]- الدراما بين النظرية و التطبيق، حسين رامز محمد رضا:483.

[8]- اضاءة على النص، د. اعتدال عثمان:172.

[9]- فن كتابة المسرحية:242.

[10]- المسرحية كيف ندرسها و نتذوقها، ملتون ماركس،ترجمة:فريدمدور:61.

[11]- ينظر: ادباء من كربلاء، رسول الحسيني:95.

[12]- ينظر:كربلاء مدينة العلم والعلماء، صادق جاسم:70.

[13]- ينظر ادباء من كربلاء:100.

[14]- ينظر:المصدر نفسه:106.

[15]- ينظر شخصيات أدبية معاصرة ؛ حسين علي:30.

[16]- ينظر: ادباء من كربلاء:220.

[17]- ينظر:ادباء من كربلاء:95، وشخصيات ادبية معاصرة:30.

[18]- ينظر:المسرح الشعري العراقي (تأريخ و تطور)، محمد علي الربيعي:80.

[19]- ينظر:الادب المسرحي بين التأريخ والمعاصرة، باقر سجاد البصري:55.

[20]- ينظر:ادباء من كربلاء:300.

[21]- المسرحية الشعرية في العراق، عباس عبيد،رسالة ماجستير:65.

[22]- فن الاخراج المسرحي من الرؤيا الى التطبيق، د. أحمد امل:23.

[23]- ينظر:انواع الصراع في الادب المسرحي،علي حسين:60.

[24]- علم المسرحية:136.

[25]- ثانية يجيء الحسين، محمد علي الخفاجي:24-25.

[26]- مقالات في النقد الادبي، مصطفى هدارة:19.

[27]- البناء الدرامي، عبد العزيز حمودة:30.

[28]- ثانية يجيء الحسين:25.

[29]- المسرحية الشعرية في العراق:68.

[30]- ثانية يجيء الحسين:30.

[31]- البناء الدرامي:30.

[32]- البحث عن شخصية المسرح العراقي، ياسين النصير،مجلة المثقف العربي، ع4،س2: 79.

[33]- ثانية يجيء الحسين:31-33.

[34]- الدراما الحديثة،كيف تطورت، جلال العشري، مجلة المسرح،ع87:14.

[35]- الموسوعة الفلسفية، روزنتال .ب. يودين،ترجمة:سمير كرم:249.

[36]- ثانية يجيء الحسين:134-135.

[37]- المصدر نفسه:134.

[38]- ينظر:مقتل الامام الحسين  عليه السلام ،عبد الرزاق المقرم:236-237.

[39]- ثانية يجيء الحسين:167.

[40]- الدرامية و الدرامي، س .د.د السن، ترجمة:سعد صلوح:38.

[41]- المسرحية في الادب العربي الحديث (دراسة تحليلية)، حيدر السعداوي:75.

[42]- ينظر معرفة الذات،عيسى الكلكاوي:33.

[43]- ثانية يجيء الحسين:68-70.

[44]- المصدر نفسه:69.

[45]- المصدر نفسه والصفحة.

[46]- ينظر:المصدر نفسه:70.

[47]- ينظر:علم النفس دراسة في التكيف البشري،فاخر عاقل:225-226.

[48]- ينظر:الحر الرياحي،عبد الرزاق عبد الواحد:8.

[49]- ثانية يجيء الحسين:186.

[50]- مقتل الامام الحسين  عليه السلام : 246.

[51]- ثانية يجيء الحسين:11-13.

[52]- التجربة الشعرية،أرشيبالدمكليش،ترجمة:سلمى الخضراء الجيوسي:226.

[53]- لوسيان غولدمان حياته وكتاباته، بقلم كولاكو فسكي،(مجلة المنار)،ع 20 /152:198.

[54]- ينظر:مصرع الامام الحسين  عليه السلام ، محمد بن عبدالله الصادقي:60.

[55]- ثانية يجيء الحسين:182-185.

[56]- الحوارات الكاملة 1960-1980، أدونيس:1/98.

[57]- ثانية يجيء الحسين:182.

[58]- المصدر نفسه: 176-178.

[59]- المصدر نفسه:177.

[60]- المصدر نفسه و الصفحة.

[61]- الشخصية و الصراع المأساوي، عدنان بن ذريل:71.

[62]- الشاعر العربي الحديث مسرحيا، محسن أطيمش:253.

[63]- ثانية يجيء الحسين:179.

[64]- علم المسرحية:174.

[65]- المسرحية الشعرية في العراق:139.

[66]- ثانية يجيء الحسين:9-10.

[67]- فن المسرحية، فردب ميلين، جير الديس نبتلي، ترجمة:صدقي خطاب:441.

[68]- ثانية يجيء الحسين:9.

[69]- ينظر:مسرح محمد علي الخفاجي الشعري، عالية خليل ابراهيم 129.

[70]- الدراما بين النظرية و التطبيق:91.

[71]- ثانية يجيء الحسين:10-11.

[72]- نظرية الفن المسرحي، كوركنيان م .س و،ترجمة سعد معتوق:643.

[73]- ينظر:مسرح محمد علي الخفاجي الشعري:129.

[74]- ثانية يجيء الحسين:16-17.

[75]- ينظر:اثر واقعة الطف على المسرح العراقي،احمد حيدر عليوي:60.

[76]- معجم المصطلحات الدرامية و المسرحية، ابراهيم حمادة:190.

[77]- الشخصية و الصراع المأساوي:170-171.

[78]- ثانية يجيء الحسين:19-22.

[79]- ينظر:نظريا الدراما، سنيثينايانوثا، ترجمة:نور الدين فارس:209.

[80]- المسرحية الشعرية في العراق:210.

[81]- ثانية يجيء الحسين:36-37.

[82]- ينظر:دراسات في المسرح، د.فؤاد علي حارز الصالحي:52.

[83]- ثانية يجيء الحسين:40.

[84]- ينظر:مسرح صلاح عبد الصبور، د.محمد محمود رحومة:43.

[85]- ثانية يجيء الحسين:43-44.

[86]- مقدمة في استخدام التراث العربي في المسرح العربي، زينب منتصر، مجلة الاقلام، ع 7، س12: 32.

[87]- المسرحية الشعرية في العراق:137.

[88]- فن كتابة المسرحية:251.

[89]- ثانية يجيء الحسين:48-51.

[90]- وجها لوجه(دراسات في المسرحية العراقية الحديثة)، ياسين النصير:23.

[91]- ثانية يجيء الحسين:52-53.

[92]- البناء الدرامي:19-20.

[93]- الشاعر العربي الحديث مسرحيا:345.

[94]- ثانية يجيء الحسين:54.

[95]- ينظر:المسرحية الشعرية في العراق:199

[96]- ينظر:الشاعر العربي الحديث مسرحيا:343.

[97]- ثانية يجيء الحسين:54-55.

[98]- فن المسرحية من خلال تجاربي الشخصية، علي احمد باكثير:76.

[99]- ثانية يجيء الحسين:56

[100]- ينظر:المصدر نفسه:71.

[101]- المصدر نفسه و الصفحة.

[102]- فن المسرحية، د.علي الراعي:57.

[103]- ينظر:ثانية يجيء الحسين:72.

[104]- المصدر نفسه:72-73.

[105]- دراسات في الادب المسرحي، سمير سرحان:24.

[106]- ينظر:المرشد الى فن المسرح، لويس فارجاس:16.

[107]- ينظر:ثانية يجيء الحسين:102.

[108]- المصدر نفسه:102-104.

[109]- ينظر:مقتل الامام الحسين  عليه السلام :142-145.

[110]- دراسات في المسرح:52.

[111]- ثانية يجيء الحسين:105.

[112]- ينظر:مقتل الامام الحسين  عليه السلام :147-158.

[113]- ينظر:ثانية يجيء الحسين:105.

[114]- ينظر:المصدر نفسه و الصفحة.

[115]- المصدر نفسه:103.

[116]- المصدر نفسه:104.

[117]- معجم المصطلحات العربية في اللغة و الادب، مجدي وهبة و كامل المدرس:125-126.

[118]- ينظر:ثانية يجيء الحسين:113-137.

[119]- المصدرنفسه:116-118.

[120]- صراع القهر و الانهزام في مسرحيات صلاح عبد الصبور، ابراهيم جنداري:19.

[121]- ينظر: ملوك بني أمية بين الجاهلية و الاسلام،رسول جاسم الكلي:30.

[122]- ثانية يجيء الحسين:138-140.

[123]- ينظر: الشاعر العربي الحديث مسرحيا:350.

[124]- ثانية يجيء الحسين:144.

[125]- مسرح محمد علي الخفاجي الشعري 73.

[126]- ينظر:ثانية يجيء الحسين:181.

[127]- ينظر: المصدر نفسه:163.

[128]- المصدر نفسه:212-215.

[129]- ينظر: الشخصية و الابداع:181.

[130]- ثانية يجيء الحسين:215-216.

[131]- المصدر نفسه:217.

[132]- الشاعر العربي الحديث مسرحيا:352.