تصنیف البحث: القانون, السياسة
من صفحة: 8
إلى صفحة: 15
النص الكامل للبحث: PDF icon 180524-155220.pdf
البحث:

المقدمة

من الحقائق الثابتة لدى فقهاء القانون أن الهدف من إقامة مجالس الشعب او الامة او البرلمان هو لتشريع القوانين,وبالإضافة الى سلطة الرقابة لذا يعد الحق في التشريع من الإختصاصات المهمة لهذه المجالس والتي على اساسها تم الفصل بين السلطات الثلاثة التي تقوم عليها الحياة الديمقراطية. ولهذا سميت هذه السلطة بالتشريعية لتمييزها عن السلطتين التنفيذية والقضائية.

لكن وبسبب حصر هذا الحق في بعض الدساتير بالحكومة او مجلس الوزراء في غياب الحياة النيابية او غياب اية سلطة تمثل الامة في الحكومات الدكتاتورية,او وجود صوري لهذه الحياة نجد ان البعض تأثر بهذه الثقافة واصبح من غير المستوعب لديه ان يكون لممثلي الشعب هذا الحق حتى لو كفله الدستور كما هو الحال في الدستور العراقي لسنة 2005م الذي كفل حق مجلس النواب في التشريع ولطرح هذا الموضوع المهم على بساط البحث كان لا بد من تناوله من ثلاثة جوانب:

  1. موقف الفكر السياسي والقانوني.
  2. موقف الدساتير العربية.
  3. موقف الدساتير العراقية.

اولا:موقف الفكر السياسي والقانوني:

يقوم النظام البرلماني على مبدأ الفصل بين السلطات للحفاظ على ركنين مهمين هما التوازن والتعاون.ففي مجال التوازن لابد ان تكون السلطتان التشريعية والتنفيذية متوازنة توازناً دقيقاً بحيث لايمكن ترجيح كفة على اخرى ولا تخضع سلطة لاخرى إنما هما سلطتان بمستوى واحد. ولن يتحقق هذا التوازن إلا بقيام كل سلطة بمهامها المنوطة بها مع قدرٍ من التعاون حتى لاتكونا سلطتين متخاصمتين بل متوازنتين,وإستناداً لهذا المبدء فان وظيفة التشريع في الاصل هي من اختصاصات السلطة التشريعية، ولتحقيق التعاون بين السلطتين كفل الدستور الحق للسلطة التنفيذية بوضع مشاريع القوانين ثم بعد ذلك عرضها على السلطة التشريعية للتصويت عليها,او اعطاء الراي فيها او تعديلها.

وبذلك يتم تحقيق الامرين معاً:التوازن والتعاون بين السلطتين, وعلى هذه الكيفية سارت اكثر الانظمة السياسية في العالم الديمقراطي ومنه العالم العربي والعراق.

ثانيا:موقف الدساتير العربية:

نبدا بالدستور المصري,يقول ابراهيم عبد العزيز شيحا: (القاعدة العامة إنّ مهمة التشريع تدخل اصلاً في اختصاص مجلس الشعب وتبعاً لذلك نصت المادة 86 من الدستور على ان يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع,وتتمثل العملية التشريعية التي يقوم بها البرلمان في عمليتين متاليتين اولهما اقتراح القوانين والثانية اقرار القوانين …ونصت المادة 109 من الدستور على ان لرئيس الجمهورية ولكل عضو من اعضاء مجلس الشعب حق اقتراح القوانين وتبعاً لهذا النص يعتبر حق اقتراح مشروعات القوانين حقا مشتركا لرئيس الجمهورية ولأعضاء مجلس الشعب على سواء)[1].

اما الدستور الكويتي لسنة 1962نصت المادة 109(لعضو مجلس الامة حق اقتراح القوانين)[2].

اما الدستور السوري في 13/3/1973 وفي المادة 70(لاعضاء مجلس الشعب حق اقتراح القوانين)[3].

وفي دستور الجزائر لسنة 1996تنص المادة 119(لكل من رئيس الحكومة والنواب حق المبادرة بالقوانين.. تكون اقتراحات القوانين قابلة للمناقشة اذا قدمها عشرون نائباً)[4].

اما الدستور السوداني لسنة 1998نصت المادة 87(1- لرئيس الجمهورية او مجلس الوزراء او لأي وزير اتحادي كما لاية لجنة للمجلس الوطني او لاي عضو بمبادرة خاصة التقدم للمجلس بمشروع قانون واذا كان مشروع القانون بمبادرة خاصة فلا يجوز عرضه على المجلس إلا بعد إحالته الى اللجنة المختصة لتقرر انه ينطوي على مصلحة عامة هامة)[5].

اما الدستور المغربي لسنة 1962 فقد نصت المادة 52 (للوزير الاول ولاعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين)[6]. والمقصود بالوزير الاول هو رئيس الوزراء.

من هذه المطالعة لبعض دساتير الدول العربية التي تحظى بنظام برلماني نجد ان اختصاص التشريع من مهمة السلطة التشريعية تشاركها ايضا السلطة التنفيذية إلا ان الاقرار النهائي هو من مسؤولية السلطة التشريعية,وهكذا حافظت هذه الانظمة السياسية على ركني التوازن والتعاون بين السلطتين تنفيذا لمبدا الفصل بين السلطات.

ثالثاً: موقف الدساتير العراقية:

إنّ اول دستور لدولة العراق الحديثة هو الدستور الصادر سنة 1925 في العهد الملكي الذي اعطى حق تشريع القوانين للسلطة التشريعية وخصص باباً لهذه السلطة هو الباب الثالث تضمن 40مادة وهو من أكثر الأبواب مواداً في القانون الاساسي وهي تخص بثلاثة اختصاصات تشريعية ومالية ورقابية, ان الشريعة متمثلة بسن القوانين ومناقشتها ثم التصويت عليها.وقد اشرك الى جانب السلطة التشريعية السلطة التنفيذية في اقتراح مشروعات القوانين الاّ أن اقتراح القوانين التي فيها شؤون مالية فقد انحصر بالسلطة التنفيذية دون التشريعية:فقد اكدت المادة 45 لكل عضو من أعضاء مجلس النواب أن يقترح وضع لائحة قانونية عدى ما يتعلق بالأمور المالية على شرط ان يؤيده عشرة من زملائه.[7]

وبعد ثورة 14تموز 1958 تراجعت العملية الديمقراطية في العراق فتلكأت الحياة النيابية وأصبح هذا الحق في التشريع محصوراً بالسلطة التنفيذية بالرغم من اصدار دساتير عديدة في فترات العهد الجمهوري.

فأول دستور في العهد الجمهوري هو الذي صدر في 27تموز1958 وهو دستور مؤقت أعطى الحق في اقتراح مشروعات القوانين الى مجلس الوزراء حيث لاوجود لمجلس الامة ولا لمجلس النواب,اذ السلطة وحسب الدستور تتكون من مجلس الوزراء ومجلس السيادة فالاول يشرع القوانين والثاني يصادق عليها [8].

وقد شهد العراق بين 1958 وحتى 1968 عدة انقلابات عسكرية كانت تذيل باصدار دساتير مؤقتة لا تختلف كثيراً عن دستور ثورة تموز فعقب انقلاب عبد السلام عارف تم اصدار دستور مؤقت في 4 نيسان 1963لايزيد عدد مواده عن عشرين مادة تنظم عمل المجلس الوطني لقيادة الثورة الذي لا يزيد عدد اعضائه عن عشرين عضواً وقد منح الدستور هذا المجلس المعين من قبل الانقلابيين اختصاصات واسعة اهمها الحق في اقتراح القوانين والانظمة وتعديلها والغائها.

وبعد انقلاب 18 تشرين الثاني 1963 تم اصدار دستور مؤقت في 29نيسان 1964 وهو اشبه ما يكون بدستور الجمهورية العربية المتحدة المؤقت الذي صدر في 25 اذار 1964.لم نلحظ في هذا الدستور اية ملامح للديمقراطية النيابية ولم يات على ذكر المجالس النيابية بل اعطى صلاحية سن القوانين وتنفيذها بيد مجلس الوزراء الذي استبدل بلفظ الحكومة وأعطى لرئيس الجمهورية في حالة الخطر او احتمال حدوثه بشكل يهدد سلامة البلاد وامنها ان يصدر قرارات لها قوة القانون كما ورد في المادة 51 [9] وبعد انقلاب حزب البعث في 17 تموز 1968 صدر دستور مؤقت في 21ايلول 1968 يتضمن 75مادة وفي أكثره مقتبس من دستور 1964 ويكرر اكثر مواده, وهو ايضاً اعطى حق تشريع القوانين لمجلس قيادة الثورة واقتصر بانه يتم تسميتهم بقانون لكنه اقتصر على تشكيله بموجب بيان رقم (2) الصادر من الانقلابيين الذي سمى اعضاء مجلس قيادة الثورة بأسمائهم[10].

فنصت المادة 58 منه أن ((يمارس مجلس قيادة الثورة السلطة التشريعية.ونصت المادة 50 إن رئيس الجمهورية هو رئيس مجلس قيادة الثورة وهو رئيس الدولة أيضا أي بيده السلطات التشريعية والتنفيذية معاً))[11].

وفي السبعينات وقبل الحرب العراقية الايرانية شهد العراق استقراراً نسبياً تمثل باصدار دستور 16تموز1970 وهو ايضاً دستور مؤقت تم وضعه من قبل بعض اساتذه القانون منهم الدكتور منذر الشاوي وبعد عقد عدة اجتماعات وضعوا نتائج ما توصلوا اليه أمام مجلس قيادة الثورة وكان دستوراً متكوناً من 67مادة وافق عليها المجلس وقد اعطى هذا الدستور صلاحية اصدار التشريعات الى مجلس قيادة الثورة كما وانه وضع احكام عامة لاول مجلس نيابي سمي بالمجلس الوطني والذي لم يظهر الى الوجود إلا بقانون 55لسنة 1980 ثم الغي وحل محله قانون المجلس الوطني رقم 139 لسنة 1995حدد عدد اعضائه بـ250عضواً.وقد منح هذا المجلس حسب القانون اختصاص وضع مشروعات القوانين في غير الامور العسكرية وشؤون الامن الوطني كما أشترط على اقتراح القوانين بأن يصدر من عدد من الاعضاء لايقل عددهم عن ربع عدد اعضاء المجلس الوطني.

ولا يخفى على اي عراقي مصير هذا المجلس في ظل هيمنة صدام واحتكاره لجميع السلطات بعد ازاحة البكر في 19 تموز من عام 1979 عن السلطة وتحول المجلس الوطني الى اداة للدعاية السياسية,اذ لم يذكر في عهده أي تشريع للقوانين ولم نلمس منه اي رقابة على وزير او مسؤول كبير او صغير.

الموقف القانوني بعد عام 2003

وبعد التغيير في 9/4/2003 تاقت نفوس العراقيين الى الديمقراطية والحياة النيابية بعد عقود من الدكتاتورية والارهاب,لكن خابت آمالهم بنمط الحياة السياسية التي يريدها المحتل; حكومة تحكم بالوكالة عن المحتلين,دستور تم كتابته ولم يبق سوى الاعلان عنه لكن تدخل المرجعية واصرارها على اجراء الانتخابات لاختيار اعضاء الجمعية الوطنية المسؤولة عن وضع الدستور هو الذي اخذ العراق الى دنيا الديمقراطية وقاد مسار الاحداث باتجاه الانتخابات وتشكيل الجمعية الوطنية التي اصدرت اول دستور دائم في العراق بعد خمسة عقود من الزمن دستور 2005 يتناول الفصل الاول من الباب الثالث اول سلطة من السلطات الثلاثة وهي السلطة التشريعية,ومن عنوانها يمكن الاستدلال على مهمة هذه السلطة,وجاء ذلك في المادة 61 التي تضمنت تسعة اختصاصات لمجلس النواب أولها تشريع القوانين الاتحادية وقد عالجت المادة 60 هذا الاختصاص بذكر مصدرين لتشريع القوانين:اولاً:مشروعات القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ثانياً: مقترحات قوانين تقدم من عشرة من اعضاء مجلس النواب,أو من احد لجانه المختصة.

وبحسب المادة 128من النظام الداخلي تقدم مشرعات القوانين من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء الى رئيس مجلس النواب وهو يحيلها الى اللجان المختصة لدراستها وإبداء الراي فيها قبل عرضها على المجلس لمناقشتها أما مقترحات القوانين المقدمة من عشرة من اعضاء مجلس النواب تحال الى اللجنة القانونية عبر رئيس مجلس النواب لدراستها واعداد تقرير عنها للمجلس يتضمن الراي في جواز النظر في الاقتراح أو رفضه أو تاجيله وهكذا فان هذا الدستور وضع حداً لاحتكار السلطة التنفيذية لحق التشريع لاكثر من ثمانية واربعين عاماً.لكنا تفاجأنا وتفاجأ مجلس النواب العراقي بتاريخ 12/7/2010عندما اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قراريها 43و44 المثيرين للجدل والذين اسقطا حق مجلس النواب في تشريع القوانين وهو ما سوف نتناوله في المبحث الآتي.

موقف المحكمة الاتحادية العليا من حق مجلس النواب في التشريع

يعود إنشاء المحكمة الاتحادية العليا استناداً للمادة 44من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية,فقد أصدر مجلس الوزراء الذي كان يختص بتشريع القوانين بناءاً على قانون ادارة الدولة اصدر الامر 3لسنة 2005 في 24/2/2005قانون المحكمة الاتحادية العليا,ولم يكن من اختصاصاته يوم صدوره تفسير النصوص الدستورية.

وفي دستور 2005في المادة 92ورد ذكر المحكمة على انها هيئة قضائية مستقلة مالياً وادارياً وأشارت المادة في البند الثاني انها تتكون من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الاسلامي والقانون يحدد عددهم وتنظيم طريقة اختيارهم وعمل المحكمة بقانون يسن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب[12].

ولحد كتابة هذا البحث لم يُسن هذا القانون على رغم التأكيدات والمحاولات الكثيرة لاهمية وجود هذه المحكمة بالصورة التي اوردتها مواد الدستور (92-93-94).وقد اضيفت في المادة 93من الدستور وظيفة اخرى لم توجد في الامر (30)الصادر في 24/2/2005 وهي اختصاص المحكمة الاتحادية العليا بتفسير نصوص الدستور.

ومن البديهي ان تضاف هذه الوظيفة الى اختصاصات المحكمة بالرغم من انها لم تنشأ استناداً الى دستور2005.وفعلاً قامت في العديد من المرات بتفسير نصوص الدستور وافلحت في الكثير من قراراتها إلا انها اخفقت في قراري (43-44)بتاريخ 12/7/2010ولاهمية هذا القرار نأتي على ذكره مفصلاً:

(لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد ان المدعي رئيس مجلس الوزراء إضافة لوظيفته طعن بعدم دستورية قانون فك ارتباط دوائر وزارة البلديات والاشغال العامة المرقم (20) لسنة 2010لمخالفته لاحكام الدستور ووجدت المحكمة من استقراء نصوص الدستور انه قد تبنى مبدأالفصل بين السلطات في المادة 47منه وإن مشروعات القوانين خص بتقديمها السلطة التنفيذية ويلزم ان تقدم من جهات ذات اختصاص في السلطة التنفيذية لتعلقها بالتزامات مالية وسياسية ودولية واجتماعية وإن الذي يقوم بإيفاء هذه الألتزامات هي السلطة التنفيذية وذلك حسبما نص الدستور عليه في المادة 80منه وليست السلطة التشريعية. حيث ان دستور جمهورية العراق في المادة 60منه بين منفذين نقدم من خلالهما مشروعات القوانين,وهذان المنفذان يعودان حصراً للسلطة التنفيذية وهما رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وإذا ما قدمت من غيرهما فإن ذلك يعد مخالفة دستورية لنص المادة 60 أولاً من الدستور وإن الفقرة ثانياً من المادة (60) من الدستور اجازت لمجلس النواب تقديم مقترحات القوانين عن طريق عشرة من أعضاء مجلس النواب ومن احدى لجانه المختصة ومقترح القانون لايعني مشروع القانون لان المقترح هو فكرة والفكرة لاتكون مشروعاً ويلزم أن يأخذ المقترح طريقه الى احد المنفذين المشار اليهما لاعداد مشروع قانون وفق ما رسمته القوانين والتشريعات النافذة اذا ما وافق ذلك سياسة السلطة التنفيذية التي اقرها مجلس النواب)[13] وهكذا عبّر هذا القرار (بمقترح القوانين) الذي هو من حق عشرة أعضاء من أية لجنة في مجلس النواب بأنه"فكرة والفكرة لاتكون مشروعاً" فكان من وظيفة اعضاء المحكمة الاتحادية قبل ان يفسروا (مقترح القوانين)بأنه (فكرة والفكرة لاتكون مشروعاً) ان يراجعوا النقاط الاتية وهي معايير لكل من يريد ان يفسر النص الدستوري.

اولاً: هناك بعض الكلمات لها معاني إصطلاحية,فكان لابد من العودة الى المعنى الإصطلاح لا المعنى اللغوي,لان المشرع عندما يستعمل لفظاً معيناً لايستعمله إلا في معناه الإصطلاحي,فلفظ مقترح القوانين ليس لفظاً لغوياً وهو ما استند اليه اعضاء المحكمة الاتحادية العليا بل هو مصطلح له معناه وله استخداماته في الدساتير العربية.

ثانياً: الأخذ بروح الدستور وحكمة المشرع في ذكر النص

فالمشرع لم يضع نصاً في الدستور بصورة اعتباطية أو لدواعي بلاغية بل هناك حكمةٌ وسببٌ موجه في ذكر النص,لذا كان لزاماً على المفسر مهما كانت وظيفته او اهدافه ان يحرص للتوصل الى معرفة الغاية والحكمة من ذكر كل نص.

فالحكمة من إيراد المشرع العراقي اقتراح القوانين منسوباً الى عشرة من اعضاء مجلس النواب هو إشراك مجلس النواب في تشريع القوانين بإعتباره المهمة الرئيسية للسلطة التشريعية.واستخدام لفظ اقتراح ليس بمعنى فكرة كما تقدم في قرار المحكمة الاتحادية العليا.

ثالثاً: العودة الى المصادر الدستورية:

ما من نص دستوري إلا وقد ورد في نصوص دستورية لدول أخرى فكان لابد من مراجعة هذه المصادر لمعرفة استعمالات هذه الدساتير لتلك النصوص والألفاظ.

فنص (إقتراح القوانين) ورد في اكثر الدساتير العربية مرةً بمعنى مشاريع القوانين كما في الدستور المصري والكويتي لايرى فرق بين اللفضين وطورا بمعنى اقتراح قوانين كما في الدستور السوداني مفرقاًبين اللفظين.

رابعاً: العودة الى الوثائق والمشرعين

فهناك وثائق يستعين بها مفسر النص الدستوري فعليه العودة الى محاضر اللجان التي كتبت الدستور,وليس من الصعب العودة الى هذه المحاضر,بل ليس من الصعب ايضاً العودة الى من كتب الدستور وخصوصاً الدستور العراقي لسنة 2005 ,ان الذين كتبوه لازالوا احياء إذ لم يمر على كتابته اكثر من عشرة اعوام.فهؤلاء وتلك الوثائق افضل من يستطيع ان يوضح لنا المبهمات ويكشف لنا خلفيات النص الدستوري كالنص (اقتراح القوانين) الذي استخدم في الدستور العراقي وفي الدساتير العربية وعملت بموجبه المجالس النيابية في البلاد العربية.

وفي ختام البحث كان لابد من ذكر السبب الذي أوقع المحكمة الاتحادية العليا في هذا الإلتباس,إذ جاءت المادة الدستورية (60)من دستور 2005 على ذكر مصطلحين الاول مشروع القوانين والثاني مقترح القوانين, وهناك فرق بينهما ولحكمة استخدام المشرع لفظ مشروع القوانين لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وذلك لان السلطة التنفيذية تمتلك الوسائل الكافية التي تتيح لها وضع مشاريع القوانين بصورة اكثر نضجاً وتكامليةً بينما يفتقر أعضاء المجالس النيابية لهذه الإمكانات مما دفع بالمشرع العراقي لإستخدام مقترح القوانين والتي بدورها تحول الى لجنة مختصة لإبداء الراي فيها وإنضاجها كما في الكثير من الدساتير العربية أو الى اللجنة القانونية لتحويلها الى مشروع قانون.ولكي تأتي ايضا هذه القوانين بعيدة عن المصالح الحزبية والفئوية اقتضى الامر مراجعتها قبل طرحها على مجلس النواب للتصديق عليها ولهذا اطلق على هذه القوانين قبل تشريعها بمقترحات ولم يسميها المشرع بمشروعات القوانين كما هي القوانين الصادرة من الجهات التنفيذية والتي تلبي حاجة ماسة ومطابقة للواقع.

من كل ما تقدم يتبين لنا ان من حق اعضاء مجلس النواب تشريع القوانين والتصويت عليها كما وان للمجلس ايضا هذا الحق لكن هناك الية حددها الدستور لكل طرف من الجهتين عندما يريد عرض هذه القوانين ثم التصويت عليها.

المصادر

  1. ابراهيم عبد العزيز شيحا: النظم السياسية والقانون الدستوري,منشأة المعارف, مصر.
  2. الدساتير العربية: المعهد الدولي لحقوق الانسان, سنة الطبع 2005, نيويورك.
  3. الدستور العراقي لسنة 2005,الجمعية الوطنية, طبع 2005, بغداد.
  4. ساجد محمد الزاملي: القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق.
 

[1] - شيحا: النظم السياسية ص608-609.

[2] - الدساتير العربية ص 348.

[3] - الدساتير العربية ص 485.

[4] - الدساتير العربية ص 159ط1, 2005 المعهد الدولي لحقوق الانسان,نيويورك.

[5] - الدساتير العربية ص 215.

[6] - الدساتير العربية ص 374.

[7] - ساجد الزاملي: القانون الدستوري ص329.

[8] - المصدر نفسه ص 341.

[9] - المصدر نفسه ص 361.

[10] - المصدر نفسه ص 365.

[11] - المصدر نفسه ص 366.

[12]- الدستور العراقي 2005.

[13] - الموقع الرسمي للمحكمة الاتحادية العليا.