تصنیف البحث: القانون
من صفحة: 352
إلى صفحة: 379
النص الكامل للبحث: PDF icon 180523-145104.pdf
خلاصة البحث:

لم ينشأ القانون الدولي الإنساني من فراغ بل هو إفراز لمجموعة من القيم والمبادئ الأخلاقية التي تدعو في الإطار العام إلى نبذ الحروب بين الدول والشعوب والرجوع إلى الحل السلمي للمشكلات التي تنشأ بين الدول، وإذا ما وقعت الحرب فإنَّ ثمة اعتبارات ذات طابع إنساني يجب إعمالها. إنَّ المجتمع الدولي المعاصر في ظل ميثاق الأمم المتحدة قد أصبح يقوم على مبدأ أساسي هو تحريم استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية ولكن الواقع الدولي يكشف عن تزايد المنازعات المسلحة في أرجاء متعددة من العالم وهذا يتطلّب العمل على تطوير وإنماء قواعد القانون الدولي الإنساني الذي يحكم تلك المنازعات وبذل الجهود من اجل كفالة أكبر قدر من الإحترام لمبادئ الإنسانية فيها.

Abstract

International humanitarian law  not established in a vacuum but it is the secretion of a set of values ​​and ethical principles، which calls on the general framework to renounce wars between nations and peoples and return to a peaceful solution to the problems that arise between states، and if the war took place، the considerations of a humanitarian nature must fulfill.

The contemporary  international community is in light of the Charter of the United Nations has become based on the fundamental principle is the prohibition of the use or threat of force in international relations، but international reality reveals a growing armed conflicts around the multiple of the world and this requires action to develop the rules of international humanitarian law، which governs such disputes and make efforts to ensure the greatest amount of respect for the principles of humanity.

البحث:

المقدمة

لعبت محكمة العدل الدولية دورا ًبارزا ًفي تطوير مبادئ القانون الدولي الإنساني بأعتبارها الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة الأمم المتحدة إذ لا يوجد عائق قانوني لرفع قضايا إنتهاكات القانون الدولي الإنساني أمامها فقد قامت محكمة العدل الدولية بالتعرض للعديد من مبادئ القانون الدولي الإنساني سواء في أحكامها أو آرائها الإستشارية خاصة في ظل نص الكثير من الإتفاقيات الإنسانية التي تعدها أو تتبناها الأمم المتحدة، على اختصاص محكمة العدل الدولية بالنظر في المنازعات الناتجة عن تطبيقها أو تفسيرها إذا لم يتم حلها بأية طريقة أخرى.

لقد سعت محكمة العدل الدولية إلى تعزيز وتوسيع مجال حماية الأشخاص والأهداف فضلاً عن تحسين فرص الحماية النسبية، وبدلاً من قصر الحماية على حالات محددة (الجرحى والمرضى والأسرى) أصبحت النصوص واضحة في دلالتها على إضفاء الحماية على نطاق واسع يشمل السكان المدنيين بلا تفرقة، وتعد هذه خطوة كبيرة إلى الأمام بل هي إنجاز ضخم في تطوير القانون الدولي الإنساني، فضلا ًعن تأكيد المحكمة في أكثر من مناسبة على اعتبار المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني تمثل مبادئ لا يجوز الخروج عنها باعتبارها تشكل جزءاً من القانون الدولي العرفي، لذا من المؤكد إن هذه القواعد تنتمي إلى مجموعة القواعد الأساسية التي لا غنى للمجتمع الدولي كله عنها ثم إنّ الإمتثال لها أمر ضروري من اجل قيام علاقات سليمة بين الدول.

اولا:- اهمية البحث

إن أهمية دور محكمة العدل الدولية تتجسد في محاولة بلورة نظام قانوني تدرج في الزاميته من الطابع الإتفاقي إلى الطابع العرفي وبلغ أقصاه في إضفاء الطابع الآمر لقواعد القانون الدولي الإنساني، فمع بداية القرن التاسع عشر أخذت قواعد الحرب التي أوحت بها الإعتبارات الإنسانية وقواعد الشرف ومبادئ الدين والأخلاق تكتسب صفة القواعد الآمرة بإعتبارها قواعد قانونية عرفية انتقلت من دائرة السلوك الأخلاقي غير الملزم إلى دائرة القواعد القانونية الملزمة.

لقد برزت ضرورة تطوير مبادئ القانون الدولي الإنساني بعد أن ازدادت عقيدة الإنسان في القتل والتدمير والتخريب وابتداع وسائل للقتال أشد دموية من شأنها العصف بالمقاتلين والمدنيين على حد سواء، فالتطور الذي أصاب قواعد القانون الدولي الإنساني من حيث النص على حقوق واسعة للمشاركين في المنازعات المسلحة لم يصحبه تطور في الوقت نفسه لوسائل قانونية فعالة ومضمونة لصيانة هذه الحقوق، ومن هنا يمكن أن تكون لمحكمة العدل الدولية القدرة على إبراز خصائص القانون الدولي الإنساني في المنازعات التي تعرض عليها، إذ كشفت المحكمة في العديد من أحكامها وآرائها الإستشارية عن وجود مصلحة للمجتمع الدولي برمته في إحترام قواعد القانون الدولي الإنساني، وان للدول جميعا ًمصلحة عامة في تطوير قواعد هذا القانون الذي يفرض التزامات مشتركة وشاملة تكون في تنفيذها مصالح مشروعة لجميع الدول بإسم المجتمع الدولي، فهناك مسؤولية دولية تترتب على كل دولة تخل بإلتزاماتها الدولية، ولقد جعل الطابع المميز لهذا القانون والقيم السامية التي يدافع عنها من الإتفاقيات الإنسانية تفقد إلى حد كبير صور المعاهدات المتبادلة في إطار العلاقات بين الدول، إذ أصبحت تشمل التزامات مطلقة تجعل من المسؤولية عن مخالفتها تطال حتى الدول غير الأطراف فيها.

ثانيا:- مشكلة البحث:

إن اتفاقيات القانون الدولي الانساني هدفت الى المحافظة على حياة الانسان اثناء الحروب، الا ان تلك الاتفاقات لم تؤثر بفاعلية في التطبيقات والوقائع العملية، وهذا ما يدفع الى البحث عن وسائل قانونية مؤثرة تحظى بموافقة وقبول اعضاء المجتمع الدولي، وكان من بين تلك الوسائل استحداث محكمة العدل الدولية.ومما تقدم تبرز مشكلة البحث االتي يمكن صياغتها بالتساؤل الاتي (هل هناك من دور لمحكمة العدل الدولية في الزام اطراف النزاع بالالتزام بمعايير واتفاقات القانون الدولي الانساني؟).

ثالثا: هدف البحث:

هدف البحث الى تناول اختصاص محكمة العدل الدولية وتوضيح دورها في تطبيق مباديء القانون الدولي الانساني من منطلق فلسفي يعتمد استقراء النصوص القانونية الوارده في هذا المجال، بهدف وضع التوصيات التي يراها الباحث مناسبة بغرض تطوير عمل المحكمة اعلاه، وبما ينعكس بصورة ايجابية على تطبيق مبادي القانون الانساني الدولي.

رابعا:- فرضية البحث:

ينطلق البحث من فرضية مفادها (لمحكمة العدل الدولية دور كبير في الزام الاطراف المتصارعة بالتقيد بمباديء القانون الدولي الانساني).

خامسا:- هيكلية البحث

وعلى هذا الأساس فأننا سوف نتناول اختصاص محكمة العدل الدولية ومبادئ القانون الدولي الإنساني، نتناول في المبحث الأول مبادئ القانون الدولي الإنساني واختصاص محكمة العدل الدولية واتجاهها، في حين نتناول في المبحث الثاني اختصاص محكمة العدل الدولية ازاء مبادئ القانون الدولي الانساني.

وفي خاتمة البحث سنذكر أهم الإستنتاجات التي توصلنا إليها مع طرح بعض التوصيات التي وجدناها ضرورية لتعزيز إحترام مبادئ القانون الدولي الإنساني.

المبحث الأول:مبادئ القانون الدولي الإنساني([1])

تحتوي الاتفاقيات الإنسانية على قواعد تسجل الالتزامات التعاقدية للدول بعبارات دقيقة والى جانب هذه القواعد أو بالأحرى فوقها توجد المبادئ التي نبعت منها هذه القواعد التي جرى عليها التعامل وطبقتها الإنسانية أو أمر بها الدين والشرف وحسن الخلق وقد اكتسب قسم منها صفة الإلزام بجريان العرف بها أو النص عليها ضمن معاهدة شارعة ([2]).

وبناءاً على ذلك يمكن القول إن المبادئ وجدت قبل أن يوجد القانون وإنها تحكم القانون بعد تدوينه، وتشير الاتفاقيات صراحة إليها في بعض الأحيان ربما في الديباجة أو في سياق النص وهكذا يمكن أن تذكر عبارة (قوانين الإنسانية) أو (العرف السائد) أو (ما يمليه الضمير العام).

إن هذه المبادئ تمثل ابسط الأسس الإنسانية التي تطبق في كل زمان ومكان وتحت جميع الظروف وهي صالحة حتى بالنسبة للدول غير المنضمة لتلك الاتفاقيات ورغم أنها تستند في بعض الأحيان إلى قانون مكتوب فان جذورها ممتدة إلى أعراف الشعوب وأخلاقها التي تحرص كل الحرص على مراعاتها([3]).

أنَّ هدف هذا القانون يتمثل في تحقيق عدة مبادئ قسم منها يتعلق بتنظيم الأعمال الحربية بهدف تخفيف ويلاتها وقسم آخر يتعلق بحماية ضحايا الحرب، ويدخل القسم الأول من هذه المبادئ في إطار قانون لاهاي أما القسم الثاني فيدخل في نطاق قانون جنيف ويلاحظ أخيراً أنّ هناك مبادئ مشتركة بين القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان إذ إن حقوق الإنسان تمثل المبادئ العامة بدرجة اكبر بينما يكتسي القانون الدولي الإنساني طابعا خاصا واستثنائيا فهو لا يدخل مجال التطبيق إلا في اللحظة المحددة التي تبدأ فيها الحرب فتحول دون ممارسة حقوق الإنسان أو تقيد هذه الممارسة.

المطلب الأول:مبادئ قانوني لاهاي وجنيف ([4])

يقسم بعض الكتاب القانون الدولي الإنساني إلى فرعين الأول، يطلق عليه قانون لاهاي والثاني، يطلق عليه قانون جنيف([5]).

ويذكر إن محكمة العدل الدولية في فتواها التي صدرت في 8/ تموز/ 1996 حول مشروعية استعمال السلاح النووي قد ميزت بين هذين القانونين على أساس اعتقاد سائد بشان التطور التاريخي للقانون الإنساني، ذلك أنَّ القانون المتصل بتسيير الأعمال العدائية (قانون لاهاي) بدا نشأته في مجموعة معاهدات بينما القانون الذي يحمي الضحايا (قانون جنيف) قد تطور بصورة منفصلة في اتفاقيات جنيف وان هذين الفرعين قد ترابطا معا في وقت لاحق في البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 ليكونا مجموعة قانونية واحدة ([6]).

وعليه فإننا سنتناول هذا المطلب في فرعين نخصص الفرع الأول لمبادئ قانون لاهاي والثاني لمبادئ قانون جنيف.

الفرع الأول:مبادئ قانون لاهاي

يحدد قانون لاهاي حقوق المحاربين وواجباتهم في إدارة العمليات العسكرية وحدود استخدام وسائل إلحاق الضرر بالأعداء([7]).

وترد معظم القواعد المتصلة بقانون لاهاي في الاتفاقيات المبرمة عام 1899 والمعدلة جميعا في عام 1907 كما ترد منذ عام 1977 في البرتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف وفي معاهدات شتى تحظر استخدام أنواع معينة من الأسلحة.

ولعل إعلان سان بيترسبورغ لسنة 1868 شكل الخطوة الأولى في مسيرة قانون لاهاي وقد جاء فيه أنَّ (تقدم الحضارة يجب أنْ يخفف قدر الإمكان من ويلات الحرب) ذلك أنَّ القانون الدولي الإنساني لا يمكن أنْ يؤدي دوره إلا إذا وفق بين المتناقضين – الاعتبارات الإنسانية ومتطلبات الضرورة العسكرية([8]) وعليه فإنَّ المبدأين  التقليديين الملازمين للحروب هما الضرورة العسكرية والمعاملة الإنسانية إذ إن قانون النزاعات المسلحة يتراوح بينهما ويمكن القول إنّ ما هو ضروري لإلحاق الهزيمة بالعدو مشروع لكن ما هو غير مجد لتحقيق ذلك الهدف بل يسبب آلاما لا طائل من ورائها يعد محظورا وعلى هذا الأساس يجدر بنا أنْ نذكر بعض المبادئ المهمة لقانون لاهاي ومنها:

أولا: مبدأ الضرورة

يدور مبدأ الضرورة في إطار فكرة قوامها أنَّ استعمال أساليب العنف والقسوة والخداع في الحرب تقف عند حد قهر العدو وتحقيق الهدف من الحرب وهو هزيمته وكسر شوكته وتحقيق النصر أو إخضاع الطرف الآخر وإلحاق الهزيمة به فإذا تحقق الهدف من الحرب على هذا النحو امتنع التمادي والاستمرار في توجيه الأعمال العدائية ضد الطرف الآخر([9]).

ويستخلص من مبدأ الضرورة عدة نتائج منها:

  1. إنّ القوة المستخدمة يمكن السيطرة عليها من الشخص الذي يستخدمها.
  2. إن القوة المستخدمة تؤدي بطريقة مباشرة و سريعة لإخضاع العدو سواء كان جزئيا أو كليا.
  3. إلا تكون الوسيلة المستخدمة محرمة دوليا([10]).

ثانيا: مبدأ الإنسانية 

ويدعو هذا المبدأ إلى تجنب أعمال القسوة والوحشية في القتال خاصة إذا كان استعمال هذه الأساليب لا يجدي في تحقيق الهدف من الحرب وهو إحراز النصر وكسر شوكة العدو فقتل الجرحى والأسرى والاعتداء على النساء والأطفال أو على المدنيين غير المشاركين في الأعمال القتالية بوجه عام كلها أمور تخرج عن إطار أهداف الحرب وبالتالي تعد أعمالا غير إنسانية([11])، ولقد تبلور عن المبدأين السابقين مبدأ آخر  يدعو لحل وسط بين المفهومين تضمن أفكاراً تدعو إلى تقييد وليس حظر استخدام الأسلحة بهدف التقليل من آثارها وهو ما يعرف ب_(مبدأ التناسب) إذ إنّ القانون الدولي الإنساني باعتباره فرع من القانون الدولي العام جاء للتخفيف قدر الإمكان من ويلات الحرب، فالضرورة العسكرية والمحافظة على النظام العام والأمن قابلة للتكيف دائما مع احترام الإنسان ذاته([12]).

هذا وقد ساهمت المبادئ السابقة بإرساء عدة مبادئ أخرى في مجال العرف الدولي والمعاهدات الدولية ومنها:

  1. مبدأ التفرقة بين المدنيين والأهداف العسكرية([13]): ينص هذا المبدأ على أنَّ المدنيين لا يمكن أنْ يكونوا عرضة للهجوم الذي ينبغي أنْ يقتصر على الأهداف العسكرية أي القوات العسكرية بما في ذلك المقاتلين والمنشات التي تساهم في تحقيق هدف عسكري وبالتالي لا يمكن مهاجمة الأموال المدنية لكن الخسائر العرضية بين المدنيين وأموالهم لا تعتبر خرقا لقانون الحرب.
  2. حظر بعض أنواع الأسلحة (السامة والجرثومية والكيميائية وبعض أنواع المتفجرات) والحد من استخدام الأسلحة التقليدية العشوائية بما في ذلك الألغام والافخاخ والأسلحة الحارقة.
  3. حظر اللجوء إلى الغدر أثناء القتال وهو يختلف عن الحيل الحربية المشروعة.
  4. احترام سلامة شخص الخصم الذي يلقي السلاح أو لم يعد قادرا على القتال.
  5. الاحتلال وضع واقعي لا يعطي المحتل حق الملكية في الأرض المحتلة، ويمكن له أنْ يصادر بعض الأموال ويعمل على حفظ الأمن([14]).

وتعد هذه المبادئ مبادئ أولية في القانون الدولي الإنساني ذلك يرجع إلى أمرين:

الأول/ إنّ معظم هذه القواعد أضحى قواعد تم أدراجها وتطويرها في البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف.

الثاني/ إنّ وجودها لسنوات طويلة وأهميتها الأساسية قد جعلت منها جزءا من القانون الدولي العرفي.

وبإيجاز يمكن القول إن اتفاقيات لاهاي تمثل في احتوائها على أهم المبادئ العامة لما أصبح يعرف بإسم (قانون النزاع المسلح)، وهذه المبادئ العامة بعد أنْ اكتسبت قوة القانون العرفي واعترف لها رسميا بهذه الصفة تسري على جميع الدول.

ولهذا الجانب أهمية أساسية اليوم ذلك أنَّ الدول التي لم تنضم بعد إلى البروتوكول الإضافي الأول ملزمة بالقواعد الأصلية الواردة في اتفاقيات لاهاي السابقة وفضلا عن ذلك فإنّ قرارات عديدة صادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن احترام حقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة قد أشارت إلى اتفاقيات لاهاي بوصفها اتفاقيات لا تزال واجبة التطبيق([15]).

الفرع الثاني:مبادئ قانون جنيف

يتوخى هذا القانون وقاية وحماية ضحايا النزاعات المسلحة وهم أفراد القوات المسلحة العاجزين عن القتال سواء كانوا من الجرحى أو المرضى أو الغرقى أو أسرى الحرب وكذلك يحمي هذا القانون السكان المدنيون الذين لا يشتركون في الأعمال العدائية من نساء وأطفال ومسنون...الخ.

ويجد هذا القانون مصدره في اتفاقيات جنيف الأربعة المؤرخة في 12/ آب/ 1949 التي أصبحت اليوم موضع اعتراف عالمي بعد أنْ صادقت وانضمت إليها الكثير من الدول كما تم توسيع نطاق هذه الاتفاقيات واستكمالها باعتماد بروتوكولين إضافيين في 10 حزيران 1977 فقد تم التصديق على البروتوكول الأول من قبل (152) دولة والبروتوكول الثاني من قبل (145) دولة([16])، ويضع قانون جنيف ثلاثة واجبات إزاء ضحايا الحرب وهي "احترامهم ومنحهم الحماية ومعاملتهم بشكل إنساني" وهي أفكار لصيقة بعضها ببعض إلا أنها ليست مترادفة ولكنها تشكل كلا متكاملا ومتجانسا، فالاحترام وهو موقف يتميز بقدر كبير أو قليل بالسلبية أي موقف امتناع، بمعنى عدم الإيذاء وعدم التهديد وحفظ الأرواح، ويراد بالحماية كموقف أكثر ايجابية فهي مسالة الحفاظ على الآخرين من الأذى والمعاناة التي يتعرضون لها والدفاع عنهم، أما بالنسبة للمعاملة الإنسانية في قانون جنيف فهي حد أدنى يجب الاحتفاظ به للفرد من اجل تمكينه من العيش بشكل مقبول"([17]).

ومن المبادئ الأساسية لقانون جنيف هي:

  1. حصانة الذات البشرية: فالحرب ليست مبررا للاعتداء على حياة من لا يشاركون في القتال والذين لم يعودوا قادرين على ذلك.
  2. منع التعذيب بشتى أنواعه: ويتعين على الطرف الذي يحتجز رعايا العدو أنْ يطلب منهم البيانات المتعلقة بهويتهم فقط دون إجبارهم على ذلك.
  3. احترام الشخصية القانونية: فضحايا الحرب الأحياء من الأسرى الذين يقعون في قبضة العدو يحتفظون بشخصيتهم القانونية وما يترتب عليها من أعمال قانونية مشروعة.
  4. احترام الشرف والحقوق العائلية والمعتقد والتقاليد: وتكتسي الأخبار العائلية أهمية خاصة في القانون الإنساني وهناك جهاز خاص في (جنيف) هو وكالة الأبحاث تتولى جمع الأخبار ونقلها إلى من له الحق في ذلك.
  5. الملكية الفردية محمية ومضمونة.
  6. عدم التمييز: فالمساعدة والعلاج ومختلف الخدمات والمعاملة بصورة عامة تقدم للجميع دون فرق إلا ما تفرضه الأوضاع الصحية والسن.
  7. توفير الأمان والطمأنينة وحظر الأعمال الانتقامية والعقوبات الجماعية واحتجاز الرهائن، وإذا ارتكب شخص يحميه القانون الإنساني جريمة فانه يعاقب وفقا للنصوص المعمول بها مع مراعاة الضمانات القضائية على مستوى الإجراءات قبل التحقيق وبعده وعند المحاكمة وبمناسبة تنفيذ الحكم.
  8. حظر استغلال المدنيين أو استخدامهم لحماية الأهداف العسكرية.
  9. منع النهب والهجوم العشوائي والأعمال الانتقامية.
  10. منع أعمال الغش والغدر([18]).

ويلاحظ بصورة عامة أنَّ قانون جنيف يتطور دائما، فكل نزاع مسلح –يثير مشاكل جديدة يدعو – بصورة عامة إلى تفكير جديد وكثيرا ما يؤدي إلى محاولة تطوير واستكمال القواعد التي تستهدف تخفيف الآلام الإنسانية ولعل ذلك هو السبب في ظهور البروتوكوليين الإضافيين لعام 1977 وظهور الكثير من الاتفاقيات الدولية ذات الأبعاد الإنسانية التي تعكس الشعور الإنساني السائد في المجتمع الدولي([19]).

المطلب الثاني:مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان

إذا سلمنا بان القواعد المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني وتلك المتعلقة بقانون حقوق الإنسان تختلف من حيث أصولها والحالات التي تنطبق فيها – الأولى في النزاعات المسلحة والثانية زمن السلم– إلا إننا نلاحظ مع ذلك أنها تتميز بخصائص مشتركة فهي لا تتسم فقط بقيمة عالمية هي الإنسانية بل لها غاية مشتركة أيضا هي حماية الإنسان والدفاع عنه في كل الأحوال([20]) فكلاهما مكرس لتحقيق هذه الغاية.

ولبحث هذا الموضوع فإننا سنقسم هذا المطلب على فرعين نبحث في الفرع الأول العلاقة بين القانون الدولي لحقوق الإنسان، وفي الفرع الثاني سنتناول المبادئ المشتركة بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

الفرع الأول:العلاقة بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان([21])

يبدو لنا اليوم أنَّ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان هما قانونان مرتبطان ولعل القاسم المشترك بينهما هو فكرة حماية الأفراد، إلا إنهما مع ذلك مختلفان في مجال التطبيق والأهداف.

أولا/ أوجه الشبه بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان:

لقد قام ارتباط وثيق بين هذين الفرعين من فروع القانون الدولي خاصة في السنوات الأخيرة فلقد أدت نشأة وتنامي القانون الدولي لحقوق الإنسان شأنه في ذلك شأن القانون الدولي الإنساني إلى أنَّ مجالات حماية حقوق الإنسان سواء وقت السلم أو وقت الحرب، قد خرجت بشكل أو بآخر من دائرة المسائل الواقعة في إطار سيادة الدول لتصبح شأنا دولياً يلقى التزامات ويرتب المسؤولية على عاتق أعضاء المجتمع الدولي([22]).

ويسير الاتجاه في إطار اتفاقيات جنيف لعام 1949 على نحو يعتبر أحكامها حقوق فردية للأشخاص المشمولين بالحماية وليس مجرد التزامات يتعين على الأطراف السامية المتعاقدة الوفاء بها حيث نجد أنَّ المادة (7) من الاتفاقيات الأولى والثانية والثالثة والمادة (8) من الاتفاقية الرابعة لا تجيز للأشخاص المشمولين بالحماية التنازل عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الاتفاقيات، ومن جهة أخرى فان اتفاقيات حقوق الإنسان تتضمن أحكاما بشان تطبيقها زمن النزاعات المسلحة، فلم يعد تطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان يقتصر على زمن السلم بل يمكن أيضا أنْ تطبق زمن النزاعات المسلحة جنبا إلى جنب اتفاقيات جنيف([23])، كما إن إقرار المادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 والتي توصف – وبحق- اتفاقية مصغرة، امتد القانون الدولي الإنساني ليطبق على النزاعات المسلحة غير الدولية بعد إن كانت قواعده تقتصر على تنظيم حماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة فقط، إذ فرضت هذه المادة على الدول تطبيق الحد الأدنى للقواعد الإنسانية على مواطنيها بشكل لا يمكن التنصل عنه، وهكذا قامت بغير قصد علاقة بين قواعد القانون الدولي الإنساني وقواعد حقوق الإنسان([24]) فالمادة المشتركة هذه تمنع الاعتداء على حياة الإنسان أو تعذيبه وحسب ما ورد على لسان اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تعليقها الرسمي لم يترك نص المادة الثالثة أية ثغرة ولا يسمح بالتذرع بأي ذريعة بخلاف ذلك([25]) وكان مؤتمر الأمم المتحدة الدولي لحقوق الإنسان الذي عقد في طهران عام 1968 قد ربط رسميا بين حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني فقد أكد المؤتمر في قراره الثالث والعشرين الذي اعقده في 12/ أيار/ 1968 والمعنون (احترام حقوق الإنسان في النزاعات المسلحة) على تطبيق الاتفاقيات القائمة بشأن النزاعات  المسلحة تطبيقا أفضل وعلى إبرام المزيد من الاتفاقيات بخصوص ذلك واستجابة لذلك أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها الثالثة والعشرين توصية أكدت فيها ما جاء في توصية مؤتمر طهران([26])، ولقد كان لحقوق الإنسان تأثير واضح على مضموني بروتوكولي عام 1977 فقد إستنقرأ العديد من أحكامها ومنها مثلا المادة (75) من البروتوكول الأول والتي جاءت تحت عنوان ضمانات أساسية والمادة(6) من البروتوكول الثاني المعنون (المحاكمات الجنائية) متأثرا في ذلك بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ثانيا/ أوجه الخلاف بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان:

لا يوجد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 أي إشارة إلى احترام حقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة وفي مقابل ذلك لم يرد أي ذكر لحقوق الإنسان في اتفاقيات جنيف لعام 1949 فالتقارب بين هذين النظامين في بعض النواحي لا يعني اندماجهما في قانون واحد وإنما يبقيان منفصلين فلكل منهما كيانه المستقل([27])، ولعل ابرز أوجه الخلاف بينهما هي:

  1. من حيث تطبيق أهدافها: فالقانون الدولي الإنساني يطبق على مستوى الدول في حالات النزاع المسلح سواء كان دوليا أو داخليا بينما نجد إن قانون حقوق الإنسان يتضمن احترام حقوق وحريات الأفراد في وقت السلم تلك الحريات والحقوق التي توافق الدول على الالتزام بها اتجاه الأفراد أمام المجتمع الدولي.
  2. من حيث القواعد التي تنظم عمل كل منهما: فالقانون الدولي لحقوق الإنسان ورد النص على بعض أحكامه في ميثاق الأمم المتحدة كما جاء في (م1/3، م55، م56، م76، م87) وأيضا نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 وكذلك نص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر سنة 1966 في حين نجد أنَّ القانون الدولي الإنساني بدا بالظهور مع اعتماد الاتفاقية الأولى لتنظيم العمليات العسكرية أثناء النزاع المسلح سنة 1864 وبعد ذلك توالت الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص فكان ميلاد اتفاقيات جنيف عام 1949 إلى إن صدر البرتوكوليين الإضافيين سنة 1977.
  3. من حيث المخاطبين بأحكامهما: والمخاطب بأحكام القانون الدولي الإنساني هم العسكريون والسياسيون والذين لهم دور في إدارة الأعمال العسكرية أيا كان موقعهم وانتماءاتهم للدول والمنظمات الدولية أو متمردين داخل الدولة وبالتالي فان فئات الأشخاص المحميين تكون محددة كالجرحى والأسرى، ولكن القانون الدولي لحقوق الإنسان يخاطب بالأصل الدولة ممثلة في سلطاتها وأجهزتها المعنية بإدارة شؤون كل من هو داخل إقليم الدولة لكي تلتزم بأحكام بقانون حقوق الإنسان خاصة في الأوقات العادية وهذه الأحكام تسري على مواطن الدولة وغيرهم من المقيمين على أراضيها دون اشتراط أي صفة فيهم.
  4. من حيث أعمال أحكامهما: إذ يتم إعمال أحكام القواعد الخاصة بالقانون الدولي الإنساني من خلال المنظمات والهيئات الدولية المعنية بحماية الأشخاص المتضررين من العمليات العسكرية (مثال) اللجنة الدولية للصليب الأحمر وما عرف بنظام الدولة الحامية ويتطلب ذلك من أطراف النزاع تسهيل عمل هذه الهيئات وتوفير الإمكانيات اللازمة لقيامها بأعمالها –في إطار الشرعية الدولية– ولكن أعمال أحكام القواعد الخاصة بحقوق الإنسان غالبا ما يواجه بعقبات من جانب الدول لأنها تعتبر ذلك تدخلا في شؤونها الداخلية ومع ذلك تتولى هيئات رعاية حقوق الإنسان وتقصي الحقائق والمنظمات القانونية الأخرى مناشدة الدول باحترام حقوق رعاياها.

نخلص مما سبق أنَّ مشاكل حقوق الإنسان لا تدخل كلها في إطار القانون الدولي العام وأنَّ أية محاولة لفهم هذه المشاكل بوضعها تحت عنوان القانون الدولي الإنساني يخرجنا عن حدود القانون الدولي العام ويجعل من الضروري تحليل قواعد كل من القانون الدولي العام والقوانين الوطنية، وهذا يؤدي إلى نتائج مشكوك فيها طالما أنَّ القانون الدولي الإنساني هو قانون يخاطب الدول وليس مجرد قانون عام إنساني تضعه الدول، ولذلك لا مناص من الالتزام بحدود القانون الدولي العام وعند ذلك يجب الاعتراف بأنّ نواحي حقوق الإنسان تختلف في تركيبها وطبيعتها عن مسائل القانون الدولي الإنساني وبالتالي فان الفصل بين النظامين يبدو ضروريا من الوجهة النظرية والعملية([28])

الفرع الثاني:المبادئ المشتركة بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان

على الرغم من أوجه الخلاف بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان فإنّ هناك نقاط التقاء بينهما ذلك أنّ كل من هذين القانونين يسعيان إلى حماية قيم إنسانية سامية تدور في فلك حماية وجود الكائن الإنساني للمحافظة على كرامته وإنسانيته، ولا يمكن السماح بالخروج عليها تحت أي ظرف وفي أي حين ودون النظر مطلقا للتفرقة المجحفة بين بني الإنسان بسبب اللون أو الجنس أو المعتقد أو أي اعتبارات أخرى([29]).

فثمة مبادئ مشتركة بين القانونين ذات طبيعة آمرة لا يجوز الخروج عليها، فهي ملزمة سواء في وقت السلم أم أثناء النزاع المسلح.

أولا: مبدأ عدم التعرض

لكل فرد الحق في احترام حياته وكرامته الجسدية والمعنوية وكل ما لا يمكن فصله عن شخصيته فحق الحياة هو أثمن حق للإنسان فإذا لم يقر فليس هناك أي معنى لباقي الحقوق الأخرى على الإطلاق([30]).

وهذا المبدأ يعد مبدأ مشتركا بين القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، فعلى صعيد حقوق الإنسان نجد أنّ الفقرة الأولى من المادة (4) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عندما أجازت إمكانية الخروج عن تطبيق بعض الحقوق في حالة الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة جاءت الفقرة الثانية من نفس المادة لتنص على عدم جواز الخروج على الحقوق الآتية:

  1. الحق في الحياة (م6).
  2. عدم الخضوع للتعذيب أو العقوبة أو المعاملة القاسية واللا إنسانية أو المهينة (م7)([31]).
  3. عدم الخضوع للرق أو الاستعباد (م8، ف1،2).
  4. مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص (م15).
  5. الحق في الاعتراف بالشخصية القانونية (م16).
  6. الحق في حرية التفكير والاعتقاد والدين (م18)([32]).

أما على صعيد القانون الدولي الإنساني نجد أنّ المادة (3) المشتركة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 الخاصة بقواعد القانون الدولي الإنساني أشارت بان تبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن:

  1. الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية.
  2. اخذ الرهائن
  3. الاعتداء على الكرامة الشخصية وعلى الأخص المهنية والحاطة بالكرامة.
  4. إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة مشّكلة أمام محكمة تشكيلا قانونيا، وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.

ولعل اتفاقية جنيف الرابعة هي اقرب هذه الاتفاقيات من حيث موضوع الحماية المقررة فيها للقانون الدولي لحقوق الإنسان لأنها ببساطة اتفاقية تحمي حقوق الإنسان للسكان المدنيين في وقت الحرب والاحتلال([33]).

ثانيا: مبدأ عدم التمييز

يعني هذا المبدأ أنّ يعامل الأفراد دون تمييز على أساس العنصر أو الجنس أو الجنسية أو اللغة أو المركز الاجتماعي أو الثروة أو الآراء السياسية أو الفلسفة أو الدينية أو أي معيار مماثل وفي جميع الأوقات الطبيعية أو الاستثنائية.

وقد قنن المبدأ المذكور في العديد من الوثائق الصادرة عن الأمم المتحدة ومنها إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع إشكال التميز العنصري والمعاقبة عليها عام 1963 والإعلان الخاص بالقضاء على جميع إشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين والعقيدة عام 1981([34])، وإذا كان هذا المبدأ مسلم به في مجال حقوق الإنسان فانه كذلك في مجال القانون الدولي الإنساني فالمادة (3) من اتفاقيات جنيف الأربعة عام 1949 أوجبت معاملة الأشخاص الذين تحميهم الاتفاقية بإنسانية ودون تمييز يستند إلى الجنس أو اللون أو الدين أو الميلاد أو الثروة أو أي معيار آخر كما تحظر كل تميز ضار، وقد قصد به أنّ هناك حالات تميز مسموح بها وربما كانت إلزامية من ذلك التعامل مع النساء والأطفال والمسنين، والى جانب المعاملة غير المتساوية من حيث الكمية فان الاتفاقيات تقرر وبشكل أكثر وضوحا عدم المساواة من حيث الزمان فهي تقضي بأن الأسباب الطبية العاجلة هي التي تعطي الأسبقية في ترتيب العلاج وعليه فالعلاج أولا لأولئك الذين يكون التأخير في علاجهم مميتا أو على الأقل ضارا جدا عن باقي الجرحى الآخرين وعلى نفس الأسلوب يتوجب إن يتم توزيع الغذاء والمواد الغذائية على أساس الحاجة الأكثر الحاحاً([35]).

ثالثا: مبدأ الأمن

وبموجب هذا المبدأ يكون لكل إنسان حق السلامة الشخصية والعيش بطمأنينة وعدم جواز اعتقاله أو احتجازه أو نفيه تعسفا ولا يجوز حرمانه من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون ويكون كل شخص متهم بجريمة بريء إلى إن يثبت ارتكابه لها قانونيا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه([36]) ويمكن أن نستنتج بعض المبادئ التطبيقية لهذا المبدأ وهي:

  1. لا يجوز تحميل شخص مسؤولية عمل لم يرتكبه.
  2. أعمال الانتقام والعقوبات الجماعية واخذ الرهائن والنفي محظورة، وهذا المبدأ يتفرع عن المبدأ السابق وهو كما ينطبق في زمن السلم ينطبق كذلك في زمن الحرب حيث نجد أنّ اتفاقيات جنيف تنص على هذا المنع فأعمال الانتقام ضد الأفراد الذين تحميهم اتفاقيات جنيف محظورة بتاتا وهو ما ينطبق أيضا على العقوبات الجماعية التي تدينها الاتفاقية كما إن المادة (34) من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على أنّ اخذ الرهائن محظور وكذلك المادة (49) تحظر النفي للأشخاص خارج بلدانهم.
  3. لكل إنسان حق الانتفاع بالضمانات القانونية المعتادة، إذ لا يجوز أنْ يتعرض شخص للقبض عليه واعتقاله تعسفا ولا يعتبر مذنبا إلا على أساس قانوني وبموجب حكم صادر من محكمة مشكلة بطريقة عادية وتتوافر فيها اشتراطات عدم التمييز وتتاح فيها للمتهم الدفاع عن نفسه وهذه المتطلبات القانونية تنبع بها الإنسان في زمن السلم أو زمن الحرب لا فرق ما دامت تتبع من مبادئ العدالة الإنسانية.
  4. لا يحق للإنسان إن يتنازل عن الحقوق التي تخولها له الاتفاقيات الإنسانية، إذ فهناك هناك بعض الحقوق التي نظرا لأهميتها الحيوية للإنسان أو للجماعة لا يجوز التنازل عنها حتى لو تم ذلك برضا الشخص المعني، علة ذلك أنّ الرضا في هذه الحالة لا يسقط الحماية المقررة أو الواجبة لأن الشخص ليس له صفة في التنازل عن مثل تلك الحقوق([37]) وقد أكدت اتفاقيات جنيف الأربعة في المادة (7) من الاتفاقية الأولى والثانية والثالثة والمادة (8) من الاتفاقية الرابعة على عدم جواز تنازل الأشخاص المشمولين بالحماية عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الاتفاقيات لأنهم في وضع لا يستطيعون فيه الحكم باستقلال وموضوعية بحيث يتخذون قرارات متأنية مع الإدراك التام لنتائج تنازلاتهم.

المبحث الثاني:اختصاص محكمة العدل الدولية إزاء مبادئ القانون الدولي الإنساني

تنص المادة (92) من الميثاق على أنَّ (محكمة العدل الدولية هي الأداة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة وتقوم بعملها وفق نظامها الأساسي الملحق بهذا الميثاق وهو مبني على النظام الأساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي وجزء لا يتجزأ من هذا الميثاق)، وعليه تعد محكمة العدل الدولية من أهم المحاكم الدولية على الإطلاق، ونشاطها ووجودها القائم على ما تمارس من اختصاصات ذات أهمية لا يمكن نكرانها([38])، فالدور الذي تقوم به المحاكم الدولية من خلال ما تصدره من أحكام عادلة تعلن للمجتمع الدولي هو دور إنشائي والأحكام التي صدرت عن المحاكم الدولية قد أعطت الثقة والطمأنينة للدول كما لقيت القبول والاستجابة منهم وأثرت بالتالي في تطوير القواعد الدولية وأسست العديد من المبادئ القانونية الدولية([39])، وبقدر تعلق الأمر باختصاص محكمة العدل الدولية تجاه مبادئ القانون الدولي الإنساني نجد أنَّ مؤتمر جنيف الدبلوماسي لعام 1949 قرر في توصياته النهائية الصادرة عنه في القرار رقم(1) بأنْ تعمل الأطراف السامية المتعاقدة في حالة قيام أي خلاف بشان تفسير أو تطبيق اتفاقيات جنيف لا يمكن تسويته بأي وسيلة أخرى فعلى الأطراف الاتفاق فيما بينها على رفع الخلاف إلى محكمة العدل الدولية([40])، الأمر الذي انعكس على الكثير من اتفاقيات القانون الدولي الإنساني التي تشير هي الأخرى باللجوء إلى محكمة العدل الدولية للبت في الخلافات التي تقع بين الدول بشان تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقيات([41])، ويبدو أنَّ دور محكمة العدل الدولية في تحديد وجود انتهاكات القانون الدولي الإنساني قد استأثر بقبول اكبر نسبّياً من دور مماثل لمجلس الأمن أو الجمعية العامة سواء في تقارير المقرر الخاص أو في مناقشات أعضاء لجنة القانون الدولي([42]) ولقد جرى التركيز على سمتين أساسيتين تميزت بها هذه المحكمة للنهوض بهذا الدور فوظيفة المحكمة (أن تفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقا لأحكام القانون الدولي) كما تحوز أحكامها (قوة إلزامية بالنسبة لأطراف النزاع)([43])، وهاتان السمتان في وظائف المحكمة تجعلها من حيث الأساس مؤهلة أكثر من أي جهات أخرى في الأمم المتحدة للبت في نشوء الفعل غير المشروع دوليا من ناحية ومن ناحية أخرى يمكن لهذه المحكمة ومن خلال الأحكام والآراء الاستشارية التي تصدر عنها، أنْ تعمل على تطوير مبادئ  القانون الدولي الإنساني ومد حمايته ليمثل فئات كبيرة من الأشخاص والأعيان باعتبار أنَّ هذا القانون هو قانون مستحدث على الأقل من حيث التسمية ويحتاج إلى المزيد من التأصيل والإثراء لبلوغ أهدافه الإنسانية، هذا وتسهم محكمة العدل الدولية ومن خلال ممارسة اختصاصيها القضائي والإفتائي في التطوير التدريجي لمبادئ القانون الدولي([44]) ولذلك تعد الأحكام والآراء الاستشارية التي صدرت عنها تراثا قانونيا هاما في الوقت الحاضر.

وسوف نبحث ما تقدم بمطلبين نخصص الأول لبيان الاختصاص القضائي لمحكمة العدل الدولية بشأن مبادئ القانون الدولي الإنساني ونخصص الثاني لبيان الاختصاص الإفتائي لهذه المحكمة بشان مبادئ القانون الدولي الإنساني.

المطلب الأول:الاختصاص القضائي لمحكمة العدل الدولية بشان مبادئ القانون الدولي الإنساني

احد اختصاصات محكمة العدل الدولية يتمثل في البت وفقا للقانون الدولي في المنازعات التي تعرضها عليها الدول وذلك عن طريق إصدار الأحكام الملزمة([45]).

ويلاحظ أنَّ الانتساب إلى نظام المحكمة لا يؤدي إلى إلزامية صلاحيتها النظر فيما يحصل من خلافات بين الدول الأطراف، كما إن للمحكمة اختصاصا نوعيا واسعا في النظر في كافة المنازعات التي تنشب بين الدول، فقد لعبت محكمة العدل الدولية دورا كبيرا في توحيد وتطوير مبادئ القانون الدولي([46]).

والذي يذكر هنا أنَّ هذه المحكمة الدولية وفي إطار بحثها عن الحلول للمنازعات المعروضة أمامها من اجل إقامة نظام قانوني دولي يحكم العلاقات بين جميع الدول تسعى لان تكون أحكامها شاملة ومتطورة مع المستجدات الدولية لذا نراها قد أولت القانون الدولي الإنساني الأهمية المطلوبة رغم ندرة تطبيقاته وهو ما نراه تباعا.

وهذا الأمر يتطلب بحث ولاية المحكمة والاختصاص الشخصي والنوعي وكذلك القواعد القانونية التي تطبقها المحكمة وتطبيق احكامها.

الفرع الأول:ولاية المحكمة والاختصاص الشخصي والنوعي لها

أنَّ المبدأ العام يقضي بأنَّ ولاية محكمة العدل الدولية هي ولاية اختيارية أي أنها  لا تنظر أي قضية إلا بموجب موافقة الأطراف المتنازعة، كما إن الدول وحدها التي تملك الحق في إن تكون أطرافا في الدعاوي التي ترفع أمامها وأياً كانت المنازعات المعروضة عليها قانونية أو سياسية.

أولا: ولاية المحكمة

ولاية محكمة العدل الدولية في الأصل ولاية اختيارية أي قائمة على رضاء جميع المتنازعين بعرض أمر الخلاف عليها للنظر والفصل فيه، حيث نصت الفقرة الأولى من المادة (36) من النظام الأساسي للمحكمة إن ولاية المحكمة (تشمل جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون، كما تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق الأمم المتحدة، أو في المعاهدات والاتفاقيات المعمول بها).

ويمكن القول إن هذه الولاية الاختيارية لعرض النزاع على المحكمة يشكل نقطة ضعف في نظام المحكمة فيما يتعلق بممارسة اختصاصها بشان انتهاك مبادئ القانون الدولي الإنساني مادام عرض النزاع يبقى معلقا على موافقة مسبقة للدول المتنازعة إذ لا يكفي إقامة الدعوى من قبل الدولة المتضررة من هذا الانتهاك، ولكن يمكن القول لتلافي ذلك بان يتم الإشارة في الاتفاقيات الإنسانية على منح محكمة العدل الدولية صلاحية النظر في كل ما يتعلق بانتهاك أو تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقيات وهو ما فعلته الكثير من الاتفاقيات الإنسانية ومنها على سبيل المثال المادة(9) من اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية والمادة(30) من اتفاقية مناهضة التعذيب وغير ذلك من الاتفاقيات الأخرى([47]).

ولمحكمة العدل الدولية أيضا ولاية إلزامية نصت عليها الفقرة(2) من المادة(36) من النظام الأساسي التي نصت على (أنَّ الدول الأطراف في هذا النظام أنْ تصرح، في أي وقت، بأنها بذات تصريحها هذا وبدون حاجة إلى اتفاق خاص، تقر للمحكمة بولايتها الجبرية في نظر جميع المنازعات القانونية التي تقوم بينها وبين دولة تقبل الالتزام نفسهُ متى كانت هذه المنازعات تتعلق بالمسائل الآتية:

  1. تفسير معاهدة من المعاهدات.
  2. أية مسالة من مسائل القانون الدولي.
  3. تحقيق في واقعة من الوقائع التي إذا ثبت أنها كانت خرقا لالتزام دولي.
  4. نوع التعويض المترتب على خرق التزام دولة ومدى هذا الالتزام.

أنَّ الإعلان الذي تصدره الدول بقبول الولاية الجبرية للمحكمة قد يكون مطلقا وقد يعلق على شرط التبادل من جانب عدة دول أو دول معينة بذاتها وقد يقيد بفترة معينة([48]) وهذا من الممكن أنْ يكون احد هذه النزاعات يتعلق بمبادئ القانون الدولي الإنساني وعند ذلك يمكن للمحكمة أنْ تفصل فيها على نحو يسمح بتطور هذا الفرع من فروع القانون الدولي، وهذا ما حصل بالفعل في العديد من القضايا التي نظرتها المحكمة فمنذ عام 1949 أشارت المحكمة في قضية مضيق كورفو إلى الاعتبارات الأولية الإنسانية([49]) التي كان يتعين على الأطراف مراعاتها، وأكدت المحكمة في قضية الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية في نيكارا كوا على أنَّ (اتفاقيات جنيف تمثل من أوجه معينة تطور للمبادئ العامة الأساسية للقانون الإنساني وهي من جهة أخرى مجرد تعبير عنها)([50]) ويترتب على ذلك أنّه يتعين على الأطراف في أي نزاع مراعاة هذه المبادئ بالإضافة إلى الالتزامات التي تفرضها عليها الاتفاقيات.

وجدير بالذكر إن اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لعام 1969 قد أتاحت للدول اللجوء إلى محكمة العدل الدولية بصدد ما ينشأ من منازعات في المسائل القانونية ذات الصلة بانتهاك القواعد الآمرة في القانون الدولي ودون اشتراط موافقة الأطراف المتنازعة لعرض النزاع على المحكمة([51])، ويمكن عدّ المبادئ العامة للقانون الدولي الإنساني إحدى تطبيقات القواعد الآمرة المتفق عليها بين الفقه والقضاء الدولي كما سنرى ذلك لاحقا.

ثانيا: الاختصاص الشخصي والنوعي لمحكمة العدل الدولي

يقصد بالاختصاص الشخصي للمحكمة الأطراف التي يمكنها الترافع أمام هذه المحكمة أما المراد بالاختصاص النوعي فهو طبيعة المنازعات التي يمكن إن تكون محل نظر محكمة العدل الدولية.

1- الاختصاص الشخصي:

تقضي الفقرة الأولى من المادة (34) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية بأنّ (للدول وحدها الحق في أنْ تكون أطرافا في الدعاوى التي ترفع للمحكمة) كما نصت الفقرة الأولى من المادة (35) من النظام الأساسي للمحكمة (للدول التي هي أطراف في هذا النظام الأساسي أنْ يتقاضوا إلى المحكمة)، وعليه فان جميع أعضاء الأمم المتحدة بحكم عضويتهم يعتبرون أطرافا في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية حسب المادة (93) من الميثاق وبالتالي يحق لهم الترافع أمام المحكمة، وكذلك يمكن للدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة الانضمام إلى النظام الأساسي للمحكمة بشروط تحددها الجمعية العامة لكل حالة بناءا على توصية مجلس الأمن([52]).

وأخيرا يجوز للدول الأخرى الالتجاء لهذه المحكمة بشروط يحددها مجلس الأمن على أنْ لا يكون في هذه الشروط ما يخل بالمساواة بين المتقاضين أمام المحكمة([53])، وعليه لا يجوز للأفراد والجماعات والوحدات السياسية من غير الدول التقاضي أمام محكمة العدل الدولية. وهذه نقطة ضعف أخرى في اختصاص محكمة العدل الدولية بالنسبة لقواعد القانون الدولي الإنساني طالما أنَّ معظم انتهاكات قواعد القانون الدولي الإنساني هي جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أنَّ مرتكبها من الأفراد دون الدول مما يجعلهم تحت طائلة المحاكم الدولية الخاصة كتلك التي نشأت لمحاكمة مجرمي الحرب في نورمبرغ وطوكيو ويوغسلافيا سابقا وراوندا.

ومن الجدير بالإشارة إليه أيضا أنَّ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد تضمن المسؤولية الجنائية الشخصية لمعاقبة جميع الأشخاص الذين يرتكبون جرائم تمس الإنسانية أو جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم العدوان ذلك أنَّ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية يقوم على تقرير المسؤولية الجنائية الفردية للأشخاص الطبيعيين وليس للأشخاص المعنوية كالدول([54])، هذا ويمكن للأفراد الذين يدخلون في حماية اتفاقيات القانون الدولي الإنساني كالأسرى والجرحى والسكان المدنيين الذين يتعرضون لانتهاكات معينة وبعد استنفادهم لجميع طرق الطعن المتاحة أمامهم في قانون الدولة التي حصل فيها الانتهاك يمكنهم الطلب من دولهم التدخل لإصلاح الضرر الذي تعرضوا له وذلك بالطرق الدبلوماسية وفي حالة عدم نجاح هذه الطرق فانه يمكن لدولهم تبني الدعوى ورفعها ضد الدولة التي انتهكت حقوق رعاياها أمام محكمة العدل الدولية وذلك في حالة موافقة الدولة الخصم على التقاضي أمام هذه المحكمة وتعد الخصومة في هذه الحالة خصومة بين دولتين تترتب عن مخالفة احدهما لمبادئ القانون الدولي الإنساني، أما بالنسبة لأشخاص القانون الدولي الأخرى من غير الدول كالمنظمات الدولية فمن الواضح إن نص المادة (34) من النظام الأساسي لمحكمة العدل قد أجاز للدول فقط إن تكون أطرافا في الدعاوى التي ترفع أمامها([55]) في حين لا يكون أمام تلك المنظمات غير طلب الرأي الاستشاري من تلك المحكمة وبشروط سوف نراها لاحقا.

2- الاختصاص النوعي:

حددت هذا الاختصاص الفقرة الأولى من المادة (36) من النظام الأساسي للمحكمة إذ نصت على أنْ (تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون كما تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق الأمم المتحدة أو في المعاهدات والاتفاقيات المعمول بها) ويتضح من النص أنَّ للمحكمة اختصاصا نوعيا واسعا يتغاضى عن التمييز بين المنازعات القانونية والمنازعات السياسية([56]) بيد أنّ الفقرة الثانية من المادة (36) تعود فتقرر مثل هذا التمييز اذ أقرت بالولاية الجبرية على المنازعات القانونية فقط، ومع ذلك فالجدير بالملاحظة أنَّ المنازعات السياسية يصعب حلها عادة بموجب أحكام القانون الدولي ولذلك نجد أنَّ الفقرة الثانية من المادة (38) من النظام الأساسي للمحكمة أجازت لأطراف النزاع أنْ يطلبوا من المحكمة الفصل في المنازعة وفقا لمبادئ العدل والإنصاف، ويترتب على ما تقدم أنَّ لمحكمة العدل الدولية صلاحية النظر في كافة المنازعات القانونية أو السياسية التي تتعلق بمبادئ القانون الدولي الإنساني وقد سنحت الفرصة لأكثر من مرة لمحكمة العدل الدولية لتذكير المجتمع الدولي بأهمية هذه المبادئ التي تصفها  على أنها (اعتبارات أولية إنسانية)([57]) وقواعد تتعلق (بحقوق الإنسان الأساسية وجزء لا يتجزأ من القانون الدولي العام)([58]) ولا تتردد المحكمة في أنْ تضعها من بين الالتزامات المفروضة في مواجهة الجميع([59]).

الفرع الثاني:القواعد القانونية التي تطبقها المحكمة وطبيعة أحكامها

 

أنَّ محكمة العدل الدولية تطبق قواعد القانون الدولي في تسوية المنازعات الناشئة بين الدول كما أنها تصدر قراراتها بناءا على صلاحيتها القضائية التي تكون إلزامية ونهائية ولا تتحمل أي طريق من طرق المراجعة والطعن.

أولا: القواعد القانونية التي تطبقها المحكمة([60])

أكد النظام الأساسي للمحكمة على أنها تطبق أحكام القانون الدولي على المنازعات الدولية حيث نصت المادة (38) منه على ما يأتي:

  1. وظيفة المحكمة أنْ تفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقا لأحكام القانون الدولي وهي تطبق في هذا الشأن:
  1. الاتفاقيات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترف بها صراحة من جانب الدول المتنازعة.
  2. العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال.
  3. مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة.
  4. أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم.

ويعتبر هذا أو ذاك مصدرا احتياطيا لقواعد القانون وذلك مع مراعاة المادة (59).

  1. لا يترتب على النص المتقدم ذكره أي إخلال بما للمحكمة من سلطة الفصل في القضية وفقا لمبادئ العدل والإنصاف متى ما وافق أطراف الدعوى عليه، واستنادا لما تقدم وبخصوص مبادئ القانون الدولي الإنساني فان محكمة العدل الدولية تعتمد في إصدار قراراتها على:
  1. الاتفاقيات الدولية الإنسانية: إذ توجد العديد من الاتفاقيات الدولية الإنسانية والتي تغطي مجالات إنسانية مختلفة ففي مجال حماية ضحايا النزاعات المسلحة نجد اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977 وفي مجال حقوق المحاربين وواجباتهم نجد اتفاقيات لاهاي تحاول قدر المستطاع تقليل آثار الحرب إضافة إلى الاتفاقيات الأخرى الكثيرة التي عالجت مواضيع أخرى ذات أهمية كبيرة في حياة الإنسان سواء في مجال حماية البيئة والحد من استخدام أسلحة معينة ذات آثار مفرطة في الضرر([61]).
  2. العرف الدولي: يمثل القواعد التي تطبقها الدول باعتبارها قواعد قانونية ملزمة ويشترط في نشوء العرف الدولي توافر ركنين احدهما مادي يتمثل في تكرار ثابت لتصرف معين والآخر معنوي يتمثل في قبول القاعدة بمثابة قاعدة قانونية ملزمة، وقد ذكرت محكمة العدل الدولية –وبحق- أنَّ القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني تشكل مبادئ لا يجوز الخروج عليها طبقا للقانون الدولي العرفي.

لذا بات من المؤكد أنَّ هذه القواعد تنتمي إلى مجموعة القواعد الأساسية التي لا غنى للمجتمع الدولي كله عنها والامتثال لها أمر ضروري من اجل قيام علاقات سلمية بين الدول([62]).

  1. المبادئ العامة للقانون: وهي القواعد التي تستنبط من قواعد القانون الدولي أو الداخلي بشرط أن تتلاءم هذه القواعد مع القواعد المعمول بها في القانون الدولي وان تكون قد أقرتها الدول المتمدنة. فهي عبارة عن تصورات قانونية تشترك فيها نظم القانون المختلفة باعتبارها الدعامة الجوهرية لتكامل البناء القانوني لأنها مستمدة من ضمير الشعوب لذلك فلا عجب أن تخرج عليها محكمة العدل الدولية أحيانا بمبادئ عامة مجردة لا تدين بأصلها إلى إي قانون أو اتفاق معين وانما تستمدها من اعتبارات إنسانية ومن ذلك حكمها في قضية (مضيق كورفو) الذي عدت فيه (أن التزام البانيا بتحذير السفن الداخلة إلى المضيق يتأسس إلى جانب أمور أخرى إلى الاعتبارات الإنسانية الفطرية)([63]).
  2. أحكام القضاء والفقه الدولي: يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تستعين في إصدار أحكامها بأحكام المحاكم الدولية السابقة، وكذلك بآراء الفقه الدولي باعتبارها وسائل مساعدة يمكن أن تستدل من خلالها على ماهو قائم أو ممكن تبنيه من القواعد الدولية القديمة والجديدة([64]).
  3. مبادئ العدل والإنصاف: تستطيع محكمة العدل الدولية اللجوء إلى هذه المبادئ التي يمليها العدل المطلق والشعور الطبيعي بالعدالة بشرط موافقة أطراف النزاع على ذلك فيكون لهذه المحكمة سلطة شبه تشريعية عند تطبيقها لهذه المبادئ وان كان ذلك الحكم قاصرا على أطرافه وبخصوص النزاع فقط ([65]).

ثانيا: طبيعة أحكام محكمة العدل الدولية

إنَّ الحكم الذي تصدره محكمة العدل الولية ليس له قوة الإلزام إلا بالنسبة لأطراف النزاع وفي خصوص النزاع الذي فصل فيه وهو حكم واجب الاحترام والنفاذ([66]) ويكون نهائي غير قابل للاستئناف أو الطعن عدا حالات طلب التفسير أو التعديل أو الخطأ([67])، ويمكن اعتبار أحكام محكمة العدل الدولية مصدرا هاما من مصادر القانون الدولي العام و إنْ كان هذا المصدر غير مباشر في ظل القيد الوارد في المادة (59) من النظام الأساسي للمحكمة الذي جعل إلزامية الحكم بين أطراف المنازعة وفي القضية التي يتم الفصل فيها، فالقضاء الدولي كالقضاء الداخلي لا ينشئ قاعدة قانونية إذ يأتي دور المحكمة بعد نشوء القانون وهي بلا شك تسهم في استخلاص القاعدة القانونية وتحديد المقصود بها تمهيدا لتطبيقها على المنازعات المرفوعة لها فهي تتنبأ بوجود القاعدة القانونية وتكشف عنها لكنها لا تخلقها ولهذا يقال إنَّ أحكام المحكمة تعد مصدرا استدلاليا مجرداً منه يستدل منه على وجود القاعدة القانونية.

هذا ومن المعتاد أن تأخذ الاتفاقيات الدولية بالحلول التي تتوصل إليها أحكام محكمة العدل الدولية وعلى أساس أن هذه الحلول تمثل القانون الوضعي([68]) وقد يكون حكم المحكمة منطويا على تطبيق قاعدة عرفية قام بالكشف عنها واستبان للمحكمة توافر أركانها وهنا يبرز  الدور الهام لأحكام المحكمة في الكشف عن العرف الدولي وعندها يشار لهذا الحكم مستقبلا ليس بوصفه سابقة وانما بوصفه كاشفا عن قاعدة عرفية دولية وهو الأمر الذي تشهد به الكثير من الأحكام التي أشارت فيها المحاكم الدولية إلى قواعد قامت بتطبيقها المحاكم الدولية قبل ذلك بوصفها قواعد دولية أو مبادئ عامة للقانون حيث أن اضطراد المحاكم الدولية على تطبيق قاعدة معينة يؤدي إلى قيام عرف دولي خاصة في ظل عدم معارضة إي دولة لهذا الحكم([69])، ويذهب الأستاذ (لوترباخت) إلى أنَّ قرارات المحاكم الدولية تؤكد وجود القانون وإنها أكثر من مجرد مصدر احتياطي للقواعد القانونية وإنها تكاد تكون مصدراً رسميا لتلك القواعد تشبه الاتفاق والعرف والمبادئ العامة للقانون ذلك أن الفرق بين الدليل الكاشف وبين المصدر في الكثير من قواعد القانون لا يملك في طياته اختلافات كبيرة حيث أن الأدلة الكاشفة وقواعد القانون تتطابق([70]).

وينص ميثاق الأمم المتحدة على التزام كل عضو من أعضائها بالنزول على حكم المحكمة في أية قضية يكون طرفا فيها فإذا امتنع احد المتقاضين عن القيام بما يفرضه الحكم كان للطرف الآخر أن يلجا لمجلس الأمن ولهذا المجلس أن يقدم توصياته أو أن يصدر قرارا بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ الحكم([71])، واستنادا لما تقدم يمكن القول إنَّ أحكام محكمة العدل الدولية قد لعبت دورا مهما في تطوير أحكام القانون الدولي([72]) ويمكن لها أن تلعب نفس هذا الدور في تطوير أحكام القانون الدولي الإنساني باعتباره فرعا مهما من فروع القانون الدولي ويحتاج إلى المزيد من التأصيل والتطوير خاصة وان أحكامه تهم المجتمع الدولي برمته ولعل هذا ما سنقوم ببيانه في المباحث التالية.

المطلب الثاني:الاختصاص الإفتائي للمحكمة بشان مبادئ القانون الدولي الإنساني([73])

لمحكمة العدل الدولية إلى جانب مهمتها القضائية وظيفة أخرى أشار لها ميثاق الأمم المتحدة وفصلها النظام الأساسي للمحكمة مؤداها أن تستفتى في إي مسالة قانونية وطبقا لشروط معينة.

وعلى هذا الأساس فإننا نبحث في هذا المطلب موضوع طلب الفتوى في فرع أول وموضوع الطبيعة القانونية للفتوى في فرع ثانِ.

الفرع الأول:طلب الفتوى

تقضي الفقرة الأولى من المادة السادسة والتسعين من ميثاق الأمم المتحدة أن (لأي من الجمعية العامة أو مجلس الأمن أن يطلب إلى محكمة العدل الدولية إفتاءها في أية مسالة قانونية)، كما تنص الفقرة الثانية من المادة السادسة والتسعين انه لسائر فروع هيأة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة المرتبطة بها طلب الإفتاء بعد أن تأذن لها بذلك الجمعية العامة، كما نصت المادة (65) من النظام الأساسي للمحكمة أن (للمحكمة أن تفتي في أية مسالة قانونية بناءٍ على طلب أية هيأة رخص لها ميثاق الأمم المتحدة باستفتائها، أو حصل الترخيص لها بذلك طبقا لأحكام الميثاق)، وأول ما نلاحظه على النص المذكور هو أن الميثاق قد جعل رخصة طلب الرأي الاستشاري قاصرة على أجهزة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة المرتبطة بهذه الأخيرة وهو بذلك يحجبها عن الدول سواء كانت أعضاء في الأمم المتحدة أو لم تكن كذلك وهذا هو عكس ما رأيناه في حالة رفع الدعاوى التي جعل منها رخصة يقصر استعمالها على الدول.

ويلاحظ ثانيا انه ميز في استعمال رخصة طلب الرأي الاستشاري بين طائفتين من الأجهزة، فالجمعية العامة ومجلس الأمن جعل لهما اختصاص أصيل في طلب الرأي الاستشاري من المحكمة دون التوقف على صدور إذن من جهاز آخر، بينما علق ممارسة هذه الرخصة من جانب الأجهزة الرئيسة الأخرى وكذلك الوكالات المتخصصة أو الأجهزة الفرعية على صدور إذن لها بذلك من الجمعية العامة([74]) وقد أذنت الجمعية العامة للكثير من الفروع والوكالات المتخصصة بطلب الإفتاء من المحكمة ومنها مثلا، المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوصاية ومنظمة العمل الدولية وهيئة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية وهيئة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة والهيئة الدولية للطيران المدني حيث تتمتع حاليا الكثير من المنظمات والوكالات المرتبطة بالأمم المتحدة بهذا الحق([75]).

ويقدم طلب الفتوى بموجب كتاب يتضمن توضيحا دقيقا للموضوعات المستفتى فيها ويرفق بالطلب جميع المستندات المطلوبة ويقوم سجل المحكمة بتبليغ الدول أو المنظمات الدولية التي يعنيها الأمر أو إنها تستطيع تقديم المعلومات، وتتسلم المحكمة البيانات الكتابية المتعلقة بالموضوع أو ُتسمع في جلسة علنية تعقد لهذا الغرض، ويجوز للدول الأخرى التي لم تبلغ أن تعلن عن رغبتها في أن تقدم بيانا كتابيا أو شفهيا أمام المحكمة، كما يجوز للدول التي تقدمت بالبيانات الكتابية أو الشفهية أن تناقش البيانات التي قدمتها الدول الأخرى، وتتبع محكمة العدل الدولية في إجراءات إصدار الفتوى الإجراءات المتبعة في إصدار القرارات القضائية حسب ما تراه مناسبا مع طبيعة الفتوى، وبعد انتهاء الإجراءات المذكورة تصدر المحكمة فتواها في جلسة علنية وتبلغ ذلك إلى الأمين العام ومندوبي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والدول الأخرى والهيئات الدولية ذات العلاقة([76]).

الفرع الثاني:الطبيعة القانونية للفتوى

 

يمكن القول في بادئ ذي بدء أن نص المادة (96) بفقرتيها يفيد بأنّ الموضوعات التي يمكن طلب الفتاوى بشأنها من المحكمة هي (المسائل القانونية) فقط وعليه فإنها ممنوعة في إصدار فتاوى في المسائل غير القانونية، وهذا خلاف ما سبق أن رأيناه بصدد موضوع الدعاوى التي ترفعها الدول أمام المحكمة والتي تتمثل في ما يتفق الأطراف على عرضه سواء كانت من قبيل الأمور القانونية أم كانت ذات طابع سياسي بحت([77]).

إنَّ الآراء الاستشارية التي تصدرها المحكمة ليست ملزمة إلا أن لها قيمة معنوية سياسية، وعليه فان للجهة التي تطلب الفتوى مطلق الحرية في إتباعها والإعراض عنها ولكن قد تكون هذه الفتوى ملزمة إذا وجد اتفاق بين منظمات ودول على ذلك مثل اتفاقية مقر الأمم المتحدة المعقودة بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية عام 1947 والتي تنص على أن تحيل الأمم المتحدة النزاع على محكمة العدل الدولية لبيان رأيها الاستشاري بخصوص النزاع وعلى الطرفين قبول هذا الرأي([78]).

ولقد جرت العادة في الأمم المتحدة وفي سائر الوكالات المتخصصة على احترام هذه الفتاوى والالتزام بها كما لو كانت ملزمة بحيث اكتسبت في الواقع قوة اكبر مما قد يتبادر إلى الذهن لا تقل عملا عن قوة الأحكام الملزمة([79]).

وبقدر تعلق الأمر بمبادئ القانون الدولي الإنساني فقد قامت محكمة العدل بإصدار عدد من الآراء الاستشارية التي تعد في الحقيقة من المساهمات الهامة من هذه المحكمة في تطوير مبادئ القانون الدولي الإنساني على نحو أكد الخصائص والميزات للقانون الدولي الإنساني والتي تجعله ذي طبيعة خاصة يمكن بها أن يخرج عما هو مألوف في فروع القانون الدولي الأخرى.

ولعل من أهم الآراء الاستشارية المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني التي تؤكد ما تقدم هي:

  1. الفتوى الصادرة بتاريخ 28/5/1951 على آثار التحفظات على اتفاقية حظر ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية بناءا لطلب الجمعية العامة في 16/11/1950 والتي أكدت محكمة العدل الدولية في هذا الفتوى على حظر التحفظات التي تخالف طبيعة وموضوع المعاهدة([80]).
  2. الفتوى الصادرة في 21/6/1971 بشان الاستمرار غير المشروع لجنوب إفريقيا في ناميبيا بناءا على طلب مجلس الأمن في 29/7/1970 والتي أكدت فيها المحكمة حظر إيقاف العمل بالمعاهدة التي تقر بحماية الأشخاص وان وقع إخلال جوهري فيها من قبل الطرف الآخر باعتبار ذلك يخالف طبيعة المعاهدات الدولية الإنسانية([81]).
  3. في عام 1993 طلبت منظمة الصحة العالمية من محكمة العدل الدولية إصدار فتوى تتعلق بمدى مشروعية استعمال الأسلحة النووية في النزاع المسلح وأصدرت المحكمة أمر يحدد المهلة الزمنية التي يجوز خلالها لمنظمة الصحة العالمية وللدول الأعضاء المشمولة بالموضوع المثول أمام المحكمة لتقديم بيانات خطية تتعلق بالمسالة([82]) وقد رفضت المحكمة الإجابة على طلب الفتوى بعد أن رأت السؤال المطروح لا يتعلق بمشكلات قانونية تدخل في إطار أنشطة هذه المنظمة كما تقضي بذلك المادة (96) في الفقرة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة([83]).
  4. في عام 1996 طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية إصدار فتوى تتعلق أيضا بمدى مشروعية التهديد بالأسلحة النووية أو استعمالها، وقد أجابت محكمة العدل الدولية لهذا الطلب في 8 تموز 1996 واستبعدت بذلك استثناءات عدم الاختصاص وعدم قبول الطلب الذي قدمته عدة دول نووية وبالتالي أفتت هذه المحكمة بان استعمال الأسلحة النووية أو التهديد باستعمالها يخرق مبدئيا مبادئ القانون الدولي الإنساني غير إنها أضافت إنها لا تعرف إذا كانت هذه التصرفات لن تكون مشروعة على افتراض إنها تستند إلى الدفاع عن النفس وتكون ضرورية لبقاء الدولة([84]).
  5. في 8/12/2004 طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية بيان رأيها الاستشاري بخصوص بناء الجدار العازل التي تقوم به إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. وبعد التصويت على مدى صلاحيتها بالاختصاص اقر جميع قضاة المحكمة الخمسة عشر بالاختصاص، ومن ثم انتقلت المحكمة لبحث موضوع الفتوى لتقرر بعد ذلك بعدم مشروعية الجدار العازل وضرورة تفكيكه وتعويض الفلسطينيين المتضررين من بناءه باعتباره يشكل مخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني وقد أيد القرار أربعة عشر قاضيا من قضاة المحكمة الخمسة عشر([85]).

ولا بد لنا في النهاية الإشارة إلى أن دور محكمة العدل الدولية في الوقت الحاضر والمتمثل في تقديم المساعدة عن طريق الآراء الاستشارية إلى كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن وبعض المنظمات والوكالات المتخصصة المتعلقة بتفسير نصوص ميثاق الأمم المتحدة أو نصوص الاتفاقيات الدولية له أهمية في تطوير وتثبيت قواعد القانون الدولي([86]).

الخاتمة

بعد انتهائنا من هذا البحث فأن ثمة نتائج توصلنا إليها إضافة إلى مجموعة من التوصيات اقترح الإستعانة بها من اجل تطوير القانون الدولي الإنساني.

أولاً: النتائج

أكدت محكمة العدل الدولية سواء كان ذلك في أحكامها القضائية أم في آرائها الإستشارية على الطبيعة المتميزة لإتفاقيات القانون الدولي الإنساني والتي تتجلى برفضها الطابع التبادلي الثنائي وبالتالي عدم إمكانية التنازل عن الحقوق التي تتضمنها مهما كانت الظروف فضلاً عن استمرار سريان هذه الإتفاقيات في حق الدولة الخلف تلقائياً لقيمتها الإنسانية السامية، وأخيراً فإن خرق أحد الأطراف لنصوص إحدى الإتفاقيات الإنسانية لا يؤدي إلى وقفها أو فسخها طالما كانت هذه الإتفاقيات تتعلق بحماية الأشخاص.

ثانياً: التوصيات

ضرورة احترام الدول لمبادئ القانون الدولي الإنساني لأنها تعتبر خطوة متقدمة إلى الأمام في الرقي الحضاري والإنساني وذلك بسبب حمايتها لحقوق الإنسان أثناء المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية عن طريق بيانها لوسائل و أساليب القتال بما لا تتجاوز الضرورة العسكرية، وإقرارها إن للإنسان حرمة مصونة لا يجوز خرقها وذلك بتوفير مجموعة من الضمانات لحماية السكان المدنيين والأعيان المدنية وكذلك بتوفيرها الحماية حتى للمقاتل الشرعي الذي ألقى السلاح وكذلك الحال بالنسبة للأسرى والجرحى وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية في أحكامها المشار إليها سابقاً.

 

2-Dr. Ahmed ABOU-Al-WAFA. Public International Law. Cairo. 2002، p638-640.

- Jean Pictet،the principles of International law. Genere. 1966، p25-45.

3- د. عبد علي محمد سوادي، مباديء القانون الدولي الانساني، 2005، ص12-20.          

 

 

4- المصدر أعلاه، ص45-46.

5-  انظر للمزيد: - سيد هاشم، المضمون التاريخي لمبادئ القانون الدولي الإنساني، والتحكم في السلاح، في كل من قانوني لاهاي وجنيف، بحث منشور في كتاب أ.د. محمود شريف بسيوني، مدخل في القانون الدولي الإنساني والرقابة الدولية على استخدام الأسلحة،1999، ص238.

6–Eric. David، principes de droit des conflits armes، Bruxelles،1994، pp208-469.

       - د.زيدان مريبوط، مدخل إلى القانون الدولي الإنساني، جنيف،1988، ص4-5.

7- د.صلاح الدين عامر، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، 2002، ص1010-1011.

8- د.محمد مصطفى يونس، ملامح التطور في القانون الدولي الإنساني، ط2، دار النهضة العربية، 1996، ص69.                                                    - محمد عبد الجواد الشريف، قانون الحرب (القانون الدولي الإنساني)، ط1، المكتب المصري الحديث، 2003، ص222.

9- د.محمد طلعت الغنيمي، نظرة عامة في القانون الدولي الإنساني الإسلامي، الندوة المصرية الأولى حول القانون الدولي الإنساني، القاهرة، تشرين الأول، 1982، ص19.

- د.حازم محمد عتلم، قانون النزاعات المسلحة الدولية، ط2، دار النهضة العربية، 2002، ص142-134.

10-  د.إسماعيل عبد الرحمن، الأسس الأولية للقانون الإنساني الدولي، بحث منشور في كتاب القانون الدولي الإنساني، تقديم د.احمد فتحي سرور، دار المستقبل، 2003،  ص 31.

11-  د.يحيى الشيمي، السلاح وأساليب القتال في القانون الدولي الإنساني، الندوة المصرية الأولى حول القانون الدولي،، ص113.

12- Geoffrey Best، Humnity in Warfare، London. 1980، p60

- السيد أبو عطية، إنسانية العلاقات الدولية في الشريعة الإسلامية، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية،1997، ص18.

وكذلك انظر للمزيد حول إنسانية القانون الدولي الإنساني: 

Theodor Meron. The Humonization of humanitarian Law. American Jonral of International law، January. Vol.94، 2000 p.p 239-276.   

13-  د. مرشد السيد، احمد الفتلاوي، الألغام الأرضية المضادة للأفراد، عمان،2002، ص19-21.

14- د. عبد الكريم علوان، الوسيط في القانون الدولي العام، الكتاب الثالث، حقوق الإنسان، مكتبة دار الثقافة، عمان، 1997، ص258 وما بعدها.

15-  جمال شهلول، القانون الدولي الإنساني، ص2.

16-  د.عبد علي محمد سوادي، المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني، رسالة دكتوراه-جامعة بغداد- كلية القانون،1999، ص9.

17-  بعد الحرب العالمية الثانية تم في عام 1949 تنقيح واستكمال الاتفاقيات القائمة فابرمت اتفاقية جنيف الأولى، بشان تحسين حال الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان والثانية بشان تحسين حال الجرحى والمرضى والغرقى من أفراد القوات المسلحة في البحار والثالثة بشان معاملة أسرى الحرب والرابعة بشان حماية المدنيين في وقت الحرب.

انظر في شرح هذه الاتفاقيات مع البروتوكولين الإضافيين:- د.عبد الناصر أبو زيد، حقوق الإنسان في السلم والحرب، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص166-195.

د.عبد الحسين شعبان، الإنسان هو الأصل، (مدخل إلى القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان)، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان،2002، ص35 وما بعدها.

18-  جان بكتية، مبادئ القانون الدولي الإنساني، مرجع سابق، ص40.

- يقول د. عبد الله الاشعل، "إن القانون الدولي الإنساني يعبر بوضوح عن التسوية الأخلاقية التي تعترف بالحرب كحقيقة واقعة وتسعى في نفس الوقت إلى وضع حدود لاحترام الفرد"، انظر كتابه القانون الدولي المعاصر، قضايا نظرية وتطببيقة، ط1، 1996، ص51-54.

19- حظرت المادة (37) من البروتوكول الأول قتل الخصم أو إصابته أو أسره باللجوء إلى وسائل الغدر باستثارة ثقته ثم تعمد خيانة هذه الثقة وضربت المادة أمثلة على الغدر منها:

-التظاهر بنية التفاوض تحت علم الهدنة والاستسلام.

-التظاهر بالوضع المدني غير المقاتل.

-استخدام إشارات أو علامات أو أزياء خاصة بالأمم المتحدة أو  دول محايدة.

-انظر للمزيد: - د. سمير محمد فاضل، التطورات الحديثة للقانون الدولي الإنساني المطبق في المنازعات المسلحة مع المقارنة بتعاليم الإسلام، الندوة المصرية...، مرجع سابق، ص100.

20-Theodor Meron، The humanization of..،op.cit،p287.

21-  القاضي كوروما، تصدير المجلة الدولية للصليب الأحمر، ملف خاص عن حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، جنيف، العدد(61)، أيلول 1998، ص 391.

22-  انظر المراجع الآتية:- د.عبد الغني محمود، القانون الدولي الإنساني في دراسة مقارنة بالشريعة الإسلامية، ط1، ص10-13.

 -R. R. Baxter، Human right in war، Bulletin of the American Academy of Arts and sicienses vol 31،1977. p.4.

-K.J.parts Ch. Human right and Human law،Encydored of public International law.Vol.2.1995. p910  

23-  د. محمد نور فرحات، تاريخ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، تقديم د. مفيد شهاب، دراسات في القانون الدولي الإنساني، مرجع سابق، ص35.

24-  انظر المادة(15) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان المبرمة عام1950 والمادة(7) من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان و المادة 4) العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

25-  د.فيصل شنطاوي، حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني،1999 بلا مكان طبع، ص195-202.

- عبد الكريم محمد الداحول، حماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة، دراسة مقارنة بين قواعد القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة-كلية الحقوق، 1998، ص90-91.

-26 J.ACCutteridge. the Geneva conveations of 1949. British Year book- of International law Vol.26 1949 P300.

-M.Rodley. The Treament of Prisoners Under International Law 2nd Oxford.1999 p.38.

- اقر بعض المؤلفين المعارضين لأي تقارب بين قانون الحرب وحقوق الإنسان بان المادة(3) المشتركة بين اتفاقيات جنيف تمثل نقطة التقاء فريدة بين هذين الفرعين من القانون الدولي، انظر:

-A.Meyrowitz 2، le droit de la guerre et le sdroit de l،home Revede droit public et de la Science politique en Fronce et rouge، vol-88 1972. p1104

27-  دكتور محمد فهاد الشلالدة، دور هيئة الأمم المتحدة في تطوير القانون الدولي الإنساني المتعلق في النزاعات المسلحة، منشور على شبكة الانترنيت، ص6 وما بعدها.

28-  د.عمر سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1993، ص29 وما بعدها.

29-  محمد مصطفى يونس، ملامح التطور في القانون الإنساني، مرجع سابق، ص67.

-وعلى الرغم من الفوارق بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان من حيث الطبيعة والأهداف إلا إنهما يلتقيان في إنهما فرعان من فروع القانون الدولي العام وان هذا الأخير اخذ في الآونة الأخيرة يعطي للفرد مكانة وأهمية كبيرة جعلت من الأمم المتحدة ممثلة في مجلس الأمن والجمعية العامة على وجه خاص أن تعلن لا بل حتى تطلب التدخل الإنساني من اجل احترام حقوق الإنسان في دول تنُتهك فيها هذه الحقوق.

[29]- Nagendra Singh. Enforcement of Human right in peace & war & the future of  Humanity  London.1992 p1.

- د.رشاد عارف السيد، نظرات حول حقوق الإنسان في النزاع المسلح، المجلة المصرية للقانون الدولي المجلد41، لسنة 1985، ص15.

31-  انظر للمزيد للحق في الحياة: - د.جعفر عبد السلام، القانون الدولي لحقوق الإنسان، ط1، القاهرة، 1999، ص98 وما بعدها.

- د.عبد الواحد محمد الفار، قانون حقوق الإنسان في الفكر الوضعي والشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية،1991، ص286-291.

32- انظر كذلك للمادة (2/1) من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، لعام1984.

33-  انظر المادة(5) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والمادة (27) من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان.

[33]-J.ACCutteridge op. cit. p.325.

35- انظر المادة (10) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة (14/ 1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

36-   جان بكتية، المرجع السابق، ص54-57.

37-  انظر المادة(9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك المواد(3، 5، 9، 10، 11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

38-  انظر المادة (1،2) من العهدين الدوليين لعام 1966 وكذلك المادة(82) من اتفاقية حماية حقوق كل العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لعام 1990.  

39-  رغم إن البعض يؤكد أن دور المحاكم الدولية وخاصة محكمة العدل الدولية هو دور ضعيف في تصفية الخلافات الدولية وشد عرى التعاون بين أشخاص القانون الدولي، انظر – د.احمد سرحال، ط2، قانون العلاقات الدولية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1993، ص459.

40-  د.سمير عبد المنعم عبد الخالق، البعد الأخلاقي لقانون العلاقات الدولية، رسالة دكتوراه- جامعة عين شمس- كلية الحقوق، 1988 ص411.

41- د.عبد الواحد محمد يوسف الفار، أسرى الحرب- دراسة فقهية تطبيقية في نطاق القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية، عالم الكتب، 1975، ص48.

42- انظر على سبيل المثال: اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 والاتفاقية الخاصة باللاجئين لعام 1951 واتفاقية حق المرأة السياسية لعام 1952 والاتفاقية الخاصة بالرق عام 1926 والاتفاقية الدولية الخاصة بحماية حقوق كل العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لعام 1990 وغير ذلك.

43-  د.أسامة ثابت الالوسي، المسؤولية الدولية عن الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها، رسالة دكتوراه مقدمة لكلية القانون-جامعة بغداد،1996 ص251.

44-  انظر الفقرة(1) من المادة(38) والمادة (59) من النظام الأساس لمحكمة العدل الدولية.

[44]- H.Louter pacht، Development of International law by the International court of Justice، London stersns  1958. p.11.

[45]-Dr.Ahmed Abou- El- Wafa، op.cit  p.570-573.

   - Dominique Carreau،Droit International. 1edition Paris، 1999 p.p 622-632

- هذا وتوجد حوالي (250) معاهدة دولية تنص على اختصاص محكمة العدل الدولية في حل المنازعات بين اطرافها انظر:

- Louis Henkin & others، International law، American Case book Series، 1997. p602-604

47-  د.احمد محمد رفعت، محكمة العدل الإسلامية الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1992، ص 12-13.

48-   انظر الدعوى التي أقامتها البوسنة والهرسك بتاريخ 20/3/1993 ضد يوغسلافيا الاتحادية بشان تطبيق اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية، كذلك انظر:

- باسيل يوسف، دبلوماسية حقوق الإنسان المرجعية القانونية والآليات، بغداد، 2002، ص83.

49- انظر الفقرة (3) من المادة (36) من النظام الأساسي للمحكمة.

-د.صالح جواد الكاظم، مباحث في القانون الدولي، ط1، 1991، ص189 وما بعدها.

- د.عبد العزيز محمد سرحان، دور محكمة العدل الدولية في تسوية المنازعات الدولية، ط2، 1986 ص20.

- Louis Henkin op.cit P605.  

[49]-I.C.J Rec، 1949، p22.

[50]-I.C.J Rec، 1948، p213.

52-  تنص الفقرة ا من م/66 من الاتفاقية على الآتي(يجوز لكل طرف في نزاع خاص بتطبيق أو تفسير المادتين 53/64 أن يرفعه كتابه إلى محكمة العدل الدولية إلا إذا قرر الأطراف باتفاق مشترك إخضاعه للتحكيم)

53-   المادة 93 ف2 من الميثاق.

54-  المادة 35 ف2 من النظام الأساسي للمحكمة.

55-   انظر المراجع الآتية: - د. وائل احمد علام، مركز  الفرد في النظام القانوني للمسؤولية الدولي، دار النهضة العربية،2001، ص113، وما بعدها.

د.سعيد سالم جويلي: تنفيذ القانون الدولي الإنساني، دار النهضة العربية، 2002-2003، ص213، وما بعدها.

د. ضاري خليل محمود، مبدأ التكامل في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية، بيت الحكمة- مجلة دراسات قانونية، العدد(1) السنة الأولى- كانون الثاني- آذار 1999، ص23-35.

56- د. إبراهيم شحاتة، محكمة العدل الدولية ومتطلبات تطوير نظامها، مجلة السياسة الدولية، العدد31، كانون الثاني، 1973، ص56 وما بعدها.                                                                                     

- Ahmed Abou-El-Wafa op.cit. P571

57- انظر التمييز بين المنازعات السياسية والقانونية:- د.الخير قشي، أبحاث في القضاء الدولي، دار النهضة العربية، 1999، ص281 وما بعدها.

58- قضية مضيق كورفو، مجموعة أحكام محكمة العدل الدولية لعام 1949، ص22، المجلة الدولية للصليب الأحمر، السنة(11)- العدد(61)، أيلول، 1998، ص446.

59- قضية شركة برشلونة بين (بلجيكا واسبانيا) مجموعة أحكام محكمة العدل الدولية لعام 1970 ص32، المرجع السابق ص446.

60-  المرجع أعلاه.

[60]-R.P.Anand،Studiesin International Adjudication (the International Court of Justice and Development of Internationl Law) VIRAS. Publicotions p. 153 ets.

62-  انظر على سبيل المثال بروتوكول كيتو الملحق باتفاقية الأمم المتحدة  الاطارية بشان تغيير المناخ لعام 1999 وكذلك اتفاقية حظر وتقييد استعمال الأسلحة المحرمة لعام 1980 وكذلك اتفاقية حظر استعمال الأسلحة الكيميائية التي دخلت حيز النفاذ لعام 1997 واتفاقيات أخرى كثيرة.

63- المجلة الدولية للصليب الأحمر- مختارات من عام 1999، ص21.

[63]-I-C.J. Rec. 1949.  P22

[64]-Louter pocht op.cit P.121

66- د.محمود سامي جنية، القانون الدولي العام، ط2، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنثر، 1938، هامش ص 48.

67-   انظر المادة (59) من النظام الأساسي للمحكمة

68-  انظر المادة (60) من النظام الأساسي للمحكمة

69- أخذت مثلا اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بالرأي الذي توصلت له محكمة العدل الدولية بما يتعلق بمسالة التحفظات على اتفاقية الإبادة الجماعية.

70- د.صلاح الدين عامر، مرجع سابق، ص427- 428.

- د. رشاد عارف، مبادئ القانون الدولي العام، ط4، 2000، ص118-119.

 

[70]-H.Louterpocht op.cit P.21-22.                                  

72- المادة (94) فقرة (1)  من ميثاق الأمم المتحدة.

73-  انظر د.عبد المنعم متولي، حرب الإرهاب الدولي والشريعة الدولية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، ط1، دار النهضة العربية،2003، ص247.

- إذ يعود للمحكمة الفضل في خلق القواعد العامة لتفسير المعاهدات الدولية وكذلك بيان قواعد المسؤولية الدولية وتطبيق مبادئ العدالة والى غير ذلك من القواعد الدولية الأخرى.

74- انظر للمزيد:Michel Dubisson، la cour Internationl de Justice Paris 1964 P.284                              -

 د. احمد أبو الوفا، الوسيط في قانون المنظمات الدولية، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 1998، ص402.

75-  د.محمد سعيد الدقاق، القانون الدولي(المصادر- لأشخاص) الدار الجامعية للطباعة والنشر 1981 ص440-441.

- د.سموحي فوق العادة، القانون الدولي العام، 1960، ص815.

76- الشافعي محمد بشير، القانون الدولي العام في السلم والحرب، منشاة المعارف، الإسكندرية، 1971، ص434-435.

-Louis Henkin op. cit P650-651.

77-  انظر المواد (65-66-67-68) من النظام الأساسي للمحكمة.

78- محمد سعيد الدقاق، المرجع السابق، ص441.

79- د. سهيل حسين الفتلاوي، المنازعات الدولية، السلسلة القانونية، 1985، ص183.

80- عصام العطية، القانون الدولي العام، ط6(منقحة)2001، ص620.

- غي انيل، قانون العلاقات الدولية – ترجمة نور الدين اللباد، مطبعة مدبولي، 1999، ص168.

- د.احمد أبو الوفا، المرجع السابق، ص409.

[80]-I.C.J. Rec. 1951، P.55          

[81]- I.C.J. Rec. 1971، P.47         

83-  بطرس بطرس غالي، الأمين العام للأمم المتحدة، بناء السلام والتنمية، التقرير السنوي عن أعمال المنظمة، الأمم المتحدة، نيويورك، 1994، ص19.

84- ايريك دافيد، فتوى محكمة العدل الدولية بشان مشروعية استخدام الأسلحة النووية، مجلة الصليب الأحمر- السنة العاشرة- العدد 53، كانون الثاني –شباط- 1997، ص21-24.

85- ايريك دافيد، المرجع السابق، ص24.

86- انظر قرار محكمة العدل الدولية حول شرعية الجدار العازل(بالانكليزية) على شبكة الانترنيت.

87-  د.حكمت شبر، القانون الدولي العام، دراسة مقارنة في الفقهين الاشتراكي والرأسمالي، ط1، مطبعة السلام، بغداد، 1975، ص98.