تصنیف البحث: العلوم الإسلامية
من صفحة: 177
إلى صفحة: 196
النص الكامل للبحث: PDF icon 180523-141008.pdf
البحث:

مقدمة:

الحَمدُ لله الذي علَّمَ الإنسانَ ما لم يَعلمْ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّه المُصطفى الأَكرمَ، وعلى آلهِ الأطهارِ وصحبه الأخيارِ، ومَنْ سارَ على هَدْيهم إلى يومِ الدين.

وبعدُ:

هذا البحث يُعنى بالكشف عن دقة التعبير باللفظ القرآني من خلال الاستدلالات التطبيقية على النص القرآني في محاولة للوصول إلى غايتين: الأولى بيان الجانب الإعجاز في استعمال الألفاظ القرآنية وتحقيق المراد منها، والأخرى التحقيق في استعمال نفس تلك الألفاظ الواردة في القرآن الكريم واستعمالها بالمفهوم غير قرآني إن صح التعبير. وعنوانه مصطلح الإرهاب بين الدلالة القرآنية والاستعمالات العقدية  _ دراسة مقارنة.

يَعني البحث بشكل تطبيقي باستعمال لفظة (رهب) في هذا النص المعجز لتوضيح حقيقة أن النص القرآني دقيق الدلالة في استعمال الألفاظ، وواضح الغاية وبالإمكان الوصول إلى مراد النص بمقدار ما نمتلك من إمكانات لغوية وذهنية، وكذلك يعنى البحث في تتبع استعمال المشتق من نفس تلك اللفظة في مختلف ميادين المعرفية، وما يترتب على دلالة ذلك الاستعمال من أحكام فقهية وغيرها، ليتسنى للقارئ معرفة الأصل الدلالي وتطورات الاستعمال الدلالي وتوظيفها كمصطلحات معجمية.

لقد اقتضى البحث أن ينقسم على مباحث أربعة: اختص الأول منها بتأصيل المصطلح في الدلالة اللغوية وكذلك تتبع الباحث أصل اللفظة واشتقاقاتها في آيات القرآن الكريم. وبيان دلالة استعمال القرآن لهذه اللفظة. وبعد ذلك استعرض الباحث المفهوم الاصطلاحي للإرهاب بوصفه احد مشتقات مادة (رهب).

أما المبحث الثاني فقد تناول فيه الباحث أهم المفاهيم الخاطئة للإرهاب، فأنقسم على ثلاثة محاور: أختص الأول منها بالتنظير العقدي، أما الحور الثاني فقد تناول فيه الباحث موضوع التنظير الفقهي لتحريم المعارضة، فيما اختص المحور الثالث بقضية مصادرة الحقوق.

أما المبحث الثالث فقد عرض فيه الباحث أهم السياسات الخاطئة للإرهاب. بينما كان المبحث الأخير متعلقاً بطرح قضية العلاقة بين الإرهاب والحرابة، ثم جاءت الخاتمة لتلخص أهم النتائج التي خرج بها البحث ثم تلاها قائمة بمصادر البحث.

ومع هذا لابد من الإشارة إلى أن الباحث حصر الدراسة في هذه المباحث الأربعة طلباً منه للاختصار، كما ابتعد عن ذكر المنظمات الإرهابية التي تتخذ من الإسلام غطاء لبث أفكارها المحرفة يعيا منها لتشويه هوية الإسلام المحمدي الأصيل.

المبحث الأول: الإرهاب بين التأصيل والاستعمال القرآني

أ _ الرهب  لغةً:

لفظة (رَهَبَ) مأخوذة من (رَهِبَ بالكسرة، يَرْهَبُ، رَهْبَةً ورُهْبَاً أو رَهِبَاً: وهي بمعنى خاف مع تحرر واضطرب ([1]). ورهبا بالضم ورهبا بالتحريك، أي خاف، ورهب الشيء رهباً ورهباً ورهبة: خافه والاسم الرُّهَبُ والرُّهبي والرَّهبوت... وترهب غيره إذا توعده:(وارهبه ورهَّبه واسترهبه أخافه وأفزَّعه)([2]). وأسترهبه: استدعى رهبته حتى رهبه الناس، والرَّهْباء: أسم من الرَّهب، تقول الرَّهباء من الله، والرَّغباء اليه. يقال تَرَهَّب الرجل: أذا صار راهباً يخشى الله. والراهب المتعبد في الصومعة. والرهبانية مصدر الراهب. والأسم الرَّهْبانِيّة. والرهبنة على وزن فعلنة، أو فعللة على تقدير أصلية النون وزيادتها: والرهبانية منسوبة إلى الرهبنة النصرانية التي تعني التخويف فكانوا يترهبون بالتخلي عن الدنيا وترك ملذاتها والزهد فيها بأفعال متعددة منها الإختصاء ووضع السلاسل في الأعناق وما أشبه ذلك من الأفعال التي تدخل في باب تعذيب النفس، وقد وضعها الله سبحانه وتعالى عن أمة محمد  صلى الله عليه وآله  ففي الحديث (لا رهبانية في الإسلام، ومنه قوله صلى الله عليه وآله : ((عليكم بالجهاد فانه رهبانيّة أمتي)).

والرَهَبَ: الضعف والهِزَلُ: يقال: رَهَّبَ الجمل: أي ذهب ينهض ثم برك من ضعف في صلبه، والرَّهْبَى: الناقة المهزولة جداً.

والرَّهْبُ: السهم الدقيق وقيل العظم، والرَّهْبُ: النصل الرقيق من نصال السهام والجمع رِهابٌ، والرُّهْبُ: الكُمُّ  يقال: وضعت الشيء في رُهَبِي: أي في كُمِّي، والرُهابة: عظم في  الصدر مشرفٌ عل البطن.

ب _ لفظة (رهب) في الآيات القرأنية:

لنتمكن من الوصول الى تحديد معنى لفظة (رهب) لابد أن نتابع ذلك المعنى في الاستعمال القرآني لنتمكن من تحديد المفاهيم الأخرى ولاسيما مفهوم الإرهاب الذي يعد من أخطر المصطلحات على الساحة. فقد ورد اشتقاق هذه اللفظة في أثنى عشرة آية من آيات القرآن الكريم. وهذه الآيات هي:

1. قوله تعالى: ((وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ))([3]).  ومعنى قوله تعالى(يرهبون) في هذه الآية هو يخشون ربهم فلا يعصونه لأنهم يعلمون بما في تلك الألواح من الهدى، أي الدلالة والبيان لما يُحتاج إليه من أمور الدين. وكذلك بما فيها من الرحمة أي النعمة والمنفعة ([4])، فهم يرهبون الله، أي ((يخافون الله، ويخضعون لأوامره وتعاليمه))([5]).

2. قوله تعالى ((قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ))([6]). جاء في تفسير الآية المباركة أن السحرة عندما ألقوا ما عندهم من السحر، احتالوا في تحريك العصي والحبال عن طريق الحيل، وأنواع التمويه والتلبيس، وخيل إلى الناس أنها تتحرك على ما تتحرك الحية، وإنما سحروا أعين الناس لأنهم أروهم شيئاً لم يعرفوا حقيقته، وخفي ذلك عليهم لبعده منهم، لأن السحرة لم يخلوا الناس يدخلون فيما بينهم لكي لا يعرفوا الحقيقة، وهي إن السحر لا حقيقة له، لأن الحبال لم تكن حيات حقيقةً، ولو كانت كذلك لما قال سبحانه وتعالى(سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ) بل كان يقول: فلما ألقوا صارت حيات، وقد قال سبحانه وتعالى: ((يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى)) ([7]). ثم قال بعد ذلك(واسترهبوهم) أي استدعوا رهبتهم حتى رهبهم الناس وقيل أن معناها: ارهبوهم وأفزعوهم([8])، ومعنى الإسترهاب هنا نتج من الأفعال الملتبسة التي تُظهر أمراً عظيماً لكن الحقيقة خلاف ذلك، والهدف من هذا التلبيس هو حجب الحقيقة لتحقيق غايات غير شريفة. يقول الزمخشري إن السحرة أخافوا الناس ((واسترهبوهم وارهبوهم إرهابا شديداً، كأنهم استدعوا رهبتهم في باب السحر))([9]).

3 . قوله تعالى ((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ))([10]). فقوله تعالى(فَارْهَبُونِ) جاء في تفسيرها (الخوف من الله وحده دون سواه وهذا الحصر يتضح من ضمير النصب المنفصل (إياي) على جملة فارهبون)([11]). وعن ابن عباس في تفسير (وإياي فارهبون) (أن انزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم، من المسخ وغيره)([12]). فمعنى(ارْهَبُونِ) في الآية المباركة خافوني من نقض العهد ومن جحود النعم وكفرانها، ولحوق الوعيد الشديد بكتمان تلك النعم([13]).

4 . قوله تعالى ((وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ))([14]).

قوله (فإيَّايَ فَارْهَبُونِ) أي (فارهبوا عقابي وسطواتي، ولا تخشوا غيري)([15])، وموضع الكلام في سياق نهي عن أمر عظيم، وهو الشرك بالله سبحانه وتعالى وقد نهى عنه في كتابه الكريم وحذر العباد منه أيما تحذير، حتى أنه سبحانه خص هذا الأمر بعدم مغفرته التي تسع كل شي فقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ((إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)) ([16])، لذلك نشعر بالشدة في التخويف في دلالة المفردة في هذه الآية المباركة،لأن النهي الوارد فيها كان عن أمر عظيم وهو نهيٌ عن عدم اتخاذ الهين.بل على العبد أن يكون موحداً  كما قال سبحانه وتعالى: ((إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ)) لا شريك له فمن اتبع هواه فقد أشرك به سبحانه، ومن المناسب هنا أن نذكر قول أحد الحكماء: (نهاك ربك أن تتخذ الهين، فاتخذت آلهة، عبدت نفسك وهواك ودنياك وطبعك، ومرادك، وعبدت الخلق فأنى تكون موحداً) ([17])

5 . قوله تعالى ((وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ))([18]).

في الآية المباركة أمر موجه إلى المسلمين بأن يعدوا السلاح  قبل لقاء العدو، ومعنى الآية وأعدوا للمشركين ما قدرتم عليه مما يتقوى به على القتال من الرجال وآلات الحرب ([19]).وقد جاء في تفسير الطبري أن الآية (ابتدأت بقوله تعالى: (وَأَعِدُّوا) أي ما طقتم أن تعدوا لهم من الآلات ومن السلاح والخيل والأعداد تخوفون عدوا الله وعدوكم من المشركين)([20])

والآية واضحة الخطاب للمؤمنين بصيغة الأمر (واعدوا لهم) وفعل الأمر يقتضي الوجوب([21]). ثم بين الله تعالى الإعداد الذي يأخذ بقوله تعالى: (مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْل)، القوة (المراد السلاح، وقال آخرون القدرة على دفعهم)([22])، إلا أن الآية تحمل معنى أوسع واكبر من ذلك فالقوة لا تقتصر على السلاح والأعداد فقط بل هناك قدرات اقتصادية وثقافية وسياسية تعد من مظاهر القوة والاستعداد.

وقد فُسر معنى القوة في هذه الآية ب_ (الرمي) وعلى هذا يكون معناه من القوة، وقيل أن القوة إتقان الكلمة والثقة بالله تعالى رغبة في ثوابه وقيل أن القوة في هذه الآية هي الحصون([23]).

وقوله تعالى: (ومن رباط الخيل) والرباط بمعنى شد الشيء، و(المرابطة) تعني حفظ الحدود وتأتي كذلك بمعنى الرقابة على شيء أخر([24]). 

وقوله تعالى: (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ). أي تخوفون بما تعدونه لهم من عدة، بمعنى أن تكثير الآلات وأدواتها كماً، يرهب أعداء الله وعداءكم يعني مشركين مكة وكفار العرب، وقوله تعالى(وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ): أي تخوفون آخرين دون هؤلاء قيل أنهم بنو قريظة، وقيل هم أهل فارس وقيل هم المنافقون، لا يعلم المسلمون أنهم أعداؤهم وهم أعداؤهم ولا يعرفونهم لأنهم يُصلّون ويصومون ويقولون لا أله إلا الله محمّد رسول الله ويختلطون بالمؤمنين لكن الله يعلمهم لأنه المطّلع على الأسرار([25])، والله سبحانه وتعالى أدخل هؤلاء مع المشركين في شمولهم بالتخويف وذلك أنهم إذا شاهدوا قوة المسلمين وكثرة آلاتهم انقطع عنهم طمعهم من أن يتعرضوا للمسلمين، ومحاولتهم هدم الأركان العقدية فيه ويصيروا مغلوبين، وبالتالي فإن ذلك يحملهم أن يتركوا الكفر في قلوبهم، فأن المنافق من عادته أن يتربص ظهور الآفات ويحتال في إلقاء الإفساد والتفريق ما بين المسلمين. فإذا شاهد كون المسلمين في غاية القوة خافهم وترك هذه الأفعال المذمومة)([26]). وقيل أن معنى وآخرين من دونهم: هو أن هؤلاء هم الجن وهو اختيار الطبري([27]).  

6 . قوله تعالى ((اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِين))([28]).

الرهب في هذه الآية هو الخوف. وقد جاء في التفسير أنه لما ألقى نبي الله موسى  عليه السلام  عصاه، بسط يديه كالمتقي، وقد عبر عنهما الباري في كلامه بأنهما جناحاه. فقيل له: أضمم إليك جناحك، أي ما بسطته من يديك، والمعنى لا تبسط يديك خوف الحية، فانك آمن من ضررها، ويجوز أن يكون المعنى: اسكن ولا تخف فإن من هاله أمراً، أزعجه حتى كأنه يطير، وآلة الطيران هي الجناح، فكأن موسى  عليه السلام  قد بلغ نهاية الخوف، فقيل له أضمم منشور جناحيك من الخوف واسكن، وقيل أن معناه: إذا هالك أمر يديك لما تنظر من شعاعها، فاضممها إليك لتسكن([29])، فمعنى الرهب في هذه الآية هو تعبير عن الخوف الشديد الذي يسبب الهلع الشديد. 

7 . قوله تعالى ((لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ([30]))).

إن لفظة (رَهْبَةً) في هذه الآية جاءت بمعنى خوفاً. فقوله(لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم) أي أشد خوفاً في قلوب المنافقين، فخوفهم منكم أشد من خوفهم من الله. لأنهم يشاهدونكم ويعرفونكم، ولا يعرفون الله ([31]).

8 . قوله تعالى ((فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)) ([32]).

جاءت لفظة (رَهَبًا) في هذه الآية المباركة، وهي تتحدث عن استجابة الله سبحانه وتعالى لدعوة نبيه زكريا وبشارته له بولادة يحيى  عليهما السلام ، ثم تصف نبي الله زكريا وولده يحيى بأنهما كانا عبدين صالحين يسارعون في الخيرات: أي يبادرون إلى الطاعات والعبادات، ويدعون الله في الرغبة والرهبة، أي في الرغبة في الثواب والرهبة من العقاب، ومعنى الرهبة هنا هو الخشية، ولكنها الخشية الحقيقية من عدم امتثال أمر الخالق سبحانه وتعالى، لمعرفتهم أنها أوامر حقيقية فهم يمتثلون لها مع خشيتهم وخوفهم من العقوبة المترتبة عن عدم الامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى([33]).

9 . قوله تعالى ((لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ))([34]).

أن معنى (وَرُهْبَانًا) في قوله سبحانه وتعالى في الآية المباركة يشير الى تلك الفئة المتنسكة في الديانة النصرانية، والرهبان، جمع مفردها راهب وهو المتعبد في الصومعة، والرهبانية مصدر الراهب، ومعنى الآية هو أن هؤلاء النصارى الذين أمنوا بالسيد المسيح عليه السلام ، كان منهم القسيسيون أي العباد، والرهبان: أي أصحاب الصوامع، وهؤلاء لا يستكبرون عن إتباع الحق والانقياد إليه كما استكبر اليهود وعبدة الأوثان([35])، والملاحظ أن الله سبحانه وتعالى ذكر الرهبان في القرآن الكريم. وكان وصفه لهم على حالين ففي هذه الآية المباركة كان وصفه لهم في سياق المدح والسبب أن الأوائل منهم كان أكثرهم ملتزماً بتعاليم المسيحية، ولكنهم بعد ذلك انحرفوا عن تلك التعاليم، لذلك حكى القرآن الكريم الكثير من أقولهم الشنيعة، وأفعالهم التي لا تمت إلى المسيحية بشيء، وسيأتي توضيح ذلك عند تناول الآية أحدى وثلاثون من سورة التوبة.

10 . قوله تعالى ((اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ))([36]).

قوله تعالى(وَرُهْبَانَهُمْ) صيغة جمع، مفردها راهب وهو العابد الخاشِ الذي يظهر لباس الخشية وهو اسم يطلق على متنسكي النصارى واليهود وفي هذه الآية  يذكر القرآن الكريم أقوال هذه الفئة وأفعالها، المنحرفة، فمن أقوالهم أن المسيح هو أبن الله، قال تعالى((وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ))([37])، ومعناه أنهم اخترعوا هذا القول بأفواههم، ولم يأتِ به كتاب ولا رسول، وليس عليه حجة ولا برهان. والله سبحانه وتعالى في نهاية الآية يستنكر عليهم هذا التصرف بأسلوب الاستفهام الإنكاري، وبالأداة (أنى) التي بمعنى كيف، فيقول (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي كيف يقولون هذا القول وينصرفون عن الحق إلى الأفك الذي هو الكذب، فكأنه قال: لأي داعي مالوا الى ذلك القول؟، وكيف اتخذوا أحبارهم: أي علمائهم ورهبانهم: أي عبادهم، أرباباً من دون الله.

فالأقوال السابقة كانت لهؤلاء الأحبار والرهبان أي العبّاد الذين يظهرون الخشية ولكنهم يقولون الأقوال الباطلة ويفعلون الأفعال المحرمة، وهذه الأفعال لا تصدر إلا عن جماعة مرقوا عن الدين وأضلوا العالمين وأحبار اليهود ورهبان النصارى حرفوا شريعة الأنبياء، إذ يروى عن الأمام الباقر والصادق عليهما السلام أنهما قالا عنهم: (أما ولله ما صاموا ولا صلّوا ولكنّهم أحلّوا لهم حراماً وحرّموا عليهم حلالاً فأتبعوهم وعبدوهم من حيث لا يشعرون).وفي رواية الثعلبي بإسناده عن عدي بن حاتم قال أتيت رسول الله  صلى الله عليه وآله  وفي عنقي صليب، فقال لي ياعدي. اطرح هذا الوثن من عنقك. قال فطرحته. ثم انصت إليه وهو يقرأ من سورة براءة هذه الآية((اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) ([38])، فقلت له أنّا لسنا نعبدهم؟ فقال أليس يحرمون ما احلَّ الله  فتحرمونه. ويحلّلون ماحرّم الله فتسحلّونه ؟ قال فقلت بلى، قال: فتلك عبادتهم([39]).

11. قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)) ([40]).

إن دلالة لفظة (الرُّهْبَانِ) في هذه الآية المباركة هو نفس دلالتها في الآية التي قبلها، وتدل على العباد من اليهود والنصارى الذين يفعلون ويقولون خلاف الحق، فهم كما تصفهم الاية المباركة يأخذون الرشى على الحكم، ويأكلون المال الباطل، ويمتلكونه من جهات يحرم منها عليهم أخذه ويصدون عن سبيل الله ويمنعون الحقوق... وغيرها من الأعمال الباطلة التي تستوجب العذاب الأليم ([41]).

فالراهب في هذين الآيتين السابقتين لا تدل على معنى الراهب الحقيقي أي العابد الذي عرفته الديانة النصرانية الحقيقية.بل هي تعني تلك الفئة التي انحرفت عن تعاليم الدين، وتقوم بالأفعال التي تنهى عنها جميع الديانات وتحت غطاء العبادة والخشية، فهم يظهرون الخوف من المعبود ويقولون ما يخالف قوله ويفعلون خلاف ما أمر بفعله، وينهون عن فعل ما أباح فعله.

12 . قوله تعالى ((ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ))([42])

إن إرسال الرسل والأنبياء هو لإنقاذ البشرية من الضلال إلى الهدى وكان من بين هؤلاء الرسل عيسى بن مريم  عليه السلام ، الذي بعثه الله بالإنجيل، فكان إتباعه على غاية من الرأفة،وهي اشد الرقة والرحمة، وإنما أضاف الله سبحانه وتعالى الرأفة والرحمة إلى نفسه، لأنه سبحانه وتعالى لأن سبحانه جعل في قلوبهم الرأفة والرحمة بالأمر به والترغيب فيه ووعد الثواب عليه، وقيل أنه سبحانه خلق الرأفة والرحمة. وإنما مدحهم على ذلك وأن كان فعله هو سبحانه،لأنهم تعرضوا لها.

والرهبانية في هذه الآية خصلة من العبادة، يظهر فيها معنى الرهبة وتمارس أما في الكنيسة أو انفرادٍ عن الجماعة أو غير ذلك من الأمور التي يظهر فيها نسك صاحبها، وهذه العبادات يصفها الباري سبحانه وتعالى بأنها مبتدعة يقول سبحانه وتعالى(وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا)، أي ابتدعوا رهبانية لم نكتبها عليهم، وقيل أن الرهبانية التي ابتدعوها هي رفض النساء واتخاذهم الصوامع أو التحاقهم بالبراري والجبال وغيرها من أمور الانقطاع عن الناس، عن قتادة: قال وتقدير الكلام: ورهبانية ما كتبناها عليهم (إلا) أتّبعوها(ابتغاء رضوان الله فما رعوها) حق رعايتها ([43]).

ج: لفظة (رهب) والمصطلح:

بعد أن استعرضنا استعمالات أصل مادة (رهب) في آيات القرآن الكريم نشير إلى  أن أغلب استعمالات هذه المادة كانت لا تخرج كثيرا عن الاستعمال القرآني، ولكن الذي يلفت النظر أن جذور هذه المادة قد دخلت في مصطلحات معجمية في حقول مختلفة تثير التساؤل، ولاسيما مصطلح (الإرهاب). ذلك المصطلح الذي استعملته الدول الرأسمالية للتدخل في شؤون كثير من الدول الأخرى، فكان لزاماً على الباحث أن يعرف بحقيقة هذا المصطلح ويحدده لأنه سيكون محور هذه الدراسة، بوصفه أحد مشتقات مادة (رهَبَ).

الإرهاب في الاصطلاح:

فهو من المصطلحات التي كثرت في السنوات الأخيرة وخاصة اثر الحملة الأمريكية على ما أسموه بالإرهاب بعد إحداث الحادي عشر من أيلول سنة2001م. وقد استعملت كلمة الإرهاب في مختلف الكتابات والأحاديث والخطب، وفي كثير من الاجتماعات والندوات والمؤتمرات التي تعقدها المؤسسات والهيئات المحلية والإقليمية والدولية، وقد اتخذ المتكلمون في هذه المحافل موقفاً من هذه المفردة بسبب دلالتها الاستعمالية إذ إنها تستعمل في وصف جماعات معينة وحالات محددة، ومن المثير للدهشة، إن تعلن الدول الكبرى الحرب على الإرهاب قبل الاتفاق على تعريف دقيق ومحدد لمفهوم الإرهاب ومعناه([44])، هذا ولم يتفق العلماء والباحثين والمفكرين وأساتذة العلوم السياسية وأساتذة القانون والأمنيين والدول الإسلامية ودول عدم الانحياز في الاتفاق على تعريف موحد للإرهاب بسبب اختلاف الرؤيا والمصالح السياسية والاقتصادية لكل دولة. إلا أن الباحث يقف عند تعريفات المنظمات الدولية ومنها:

أ _  تعريف الأمم المتحدة:  هو(تلك الإعمال التي تعرض للخطر أرواحا بشرية، أو الأموال العامة أو الخاصة بالترويع والإيذاء والإفساد من غير وجه حق)([45]).

وتجدر الإشارة إلى أن تعبير (إرهاب) هو من ابتداع الثورة الفرنسية، ولم يتبلور واقعياً إلا في عام 1973م،  وكان ذلك عندما أعلن رويسبير بداية الإرهاب والرهبنة (peign oft error) في فرنسا([46]).

ب _ الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب: بأنه (كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به، إياً كانت بواعثه أو أغراضه يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف الى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر)([47]).

ج _ الإرهاب في نظر المجمع الفقهي الإسلامي: إذ حددوه بأنه (عدوان يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان في دينه، ومجتمعه، وعقله، وماله، وعرضه، ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد ويقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي. يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو أموالهم للخطر ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر)([48]). لقد كان الإرهاب ظاهرة متميزة من مظاهر الاضطراب السياسي في القرون السابقة، ولم تخل منه امة من الأمم أو شعب من الشعوب، ومن المؤسف أن يحاول بعض المغرضين الربط بين الإرهاب وحضارة الأمة العربية المتمثلة في دينها وقوميتها، أو بين الإرهاب والإسلام، فأن ظاهرة الإرهاب لا تقتصر على دين أو على ثقافة أو على هوية معينة، وإنما هي ظاهرة شاملة عامة.

من خلال ما تقدم في بحثنا هذا واستعراضنا للفظة رهب في القرآن الكريم واستعمالها المصطلحي يتبين لنا أن هذه المفردة في الاستعمال القرآني جاءت لتعبر عن معان مختلفة ودلالات متعددة، منها الخشية والخوف والعبادة إلا إنها في سورة الأنفال جاءت بمعنى التخويف باستعمال القوة الأمر الذي جعل أعداء الإسلام يتعرضون إليه ويتهمونه بالإرهاب بمفهومه الاصطلاحي الحديث، وهذا أمرٌ مخالف للحقيقة، إذ إن الإرهاب الذي ورد في الشريعة الإسلامية والذي حددته الآيات المباركة أعلاه، يختلف تماماً عن الإرهاب الذي حددته الهيئات والمجتمعات والمنظمات الدولية فهو في الشريعة الإسلامية يعني ((التخويف لأعداء الله _ سبحانه وتعالى _ وأعداء المسلمين، وأحداث الخوف والرهبة في نفوسهم ليمتنعوا من إيقاد الحرب، والإفساد في الأرض، والاعتداء على المسلمين، وانتهاك حرماتهم))([49]).

إن الفكر المعادي للإسلام حاول إلصاق (الإرهاب) بمفهومه المصطلحي الحديث بالفكر الإسلامي، محاولة منه في تحريف مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء، التي تدعو إلى السلم والأخوة والتحابب، قال تعالى في كتابه المجيد: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)) ([50])، وكذلك قوله تعالى يخاطب نبيه الأعظم  صلى الله عليه وآله  ((وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)) ([51]) وكذلك قوله ((فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً)) ([52]). والمتمعن في هذه الآيات المباركة أنها لا تدعو إلا  إلى السلام بل ويأمر به. ويدعو إلى اللين ونبذ العنف والتطرف والطغيان، يقول تعالى مخاطباً موسى وهارون ويأمرهما بالرفق عند دعوة فرعون الذي هو ألد أعداء الإسلام، قال تعالى: ((ذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى)) ([53]). فإذا كان الإرهاب بالمفهوم الحديث يعني تجاوز الحد والعدوان على الآخرين فإن هذا المعنى مرفوض في الإسلام بل أن فرض الرأي أو المعتقدات بالقوة على الآخرين مرفوض في الإسلام. وبهذا يمكن لنا أن نقسِّم الإرهاب على نوعين إن صح التعبير:الإرهاب الشرعي. والإرهاب غير الشرعي. فالإرهاب الشرعي هو التخويف باستعمال القوة ضدَّ القوى الظلامية وهذا النوع محمود يحقق الخير لأنه يقوم على وقاية بلاد الإسلام من الشر عن طريق ردع الظلم وتجنب القتل والقتال وسفك الدماء. أما النوع الثاني فهو الإرهاب غير الشرعي وهو الإرهاب الذي عرفته الهيئات والمنظمات الدولية وهو المذموم لأنه يحقق الشر ويكون بغير حق لأنه اعتداء على الآخرين وتهديد للأمن والاستقرار وإفساد للأرض. وهذا المعنى غير موجود في قوله تعالى:((وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ)).إذ إن به يتضح أن استعمال القوة يكون ضد قوى الشر فقد جاء في تفسير الطبري أنه أعدوا لهؤلاء الذين كفروا والذين خفتم خيانتهم وغدرهم كل ما استطعتم من قوة لتخيفوهم ([54]).

فالقرآن الكريم يستعمل الإرهاب ضد القوى الشريرة والإرادة الخبيثة ولا يستعمله ضد الآمنين من الناس أو حتى ضد المخلوقات الطبيعية.

إن التعبير القرآني في هذه المفردة دقيق الدلالة في تحقيق المعنى لما فيها من قوة النبر التي تتناسب ومعنى التخويف للأشرار ويحقق أيضاً معانٍ أُخر، فهو يأمر المؤمنين بأعداد السلاح والقوة، فيكون الأمر حقيقياً لازم التنفيذ من قبل المؤمنين وهذا يؤدي بالمقابل إلى تحقيق عدة أمور أهمها أن أعداد القوة قبل وقت القتال تحقق الرهبة في قلوب أعداء الإسلام وهذا ربما يؤدي إلى كف العدو شره عن المسلمين، وبهذا فإن القرآن يقدم السلم على القتال وإراقة الدماء.

فأعداء الإسلام عندما يعرفوا قوة المسلمين وتأهبهم فإن ذلك يزرع في قلوبهم الخوف وهذا يحقق هيبة وعزة لبلاد الإسلام فلا يفكر أعداءهم بغزوهم والتعدي عليهم. وبذلك يكون الإرهاب الشرعي وسيلة من الوسائل الدفاعية التي يتعامل بها النظام الإسلامي مع أعدائه وهذا أمر مباح ومسموح أقرته كل القوانين القديمة والحديثة.

المبحث الثاني: الإرهاب والمفاهيم الخاطئة:

عندما نقرأ التأريخ الحديث نعجب من دخول بعض الحكومات والسياسات  هذه المرحلة حاملين خططاً وسياسات وثقافات متكاملة، تتطلب دراسة واسعة، ومع كل الأسف يصعب علينا  تحديد بعض الأسباب، لأنها بلا شك خططاً محكمة محبوكة، هدفها الأساس هو السيطرة على السياسية الاقتصادية والفكرية للمجتمعات الإنسانية من أجل تطويعها لأرادتها. فهي تتبع من أجل تحقيق هذه المسألة عدة مفاهيم يمكن تبيانها بحسب المحاور التالية:

1 _ التنظير العقائدي:

ويتم من خلاله إرضاخ الناس للظلم والفساد والكف عن الاعتراض على السلطان، من خلال زرع المعتقدات الفاسدة كعقيدة أن السلطان يمارس قضاء الله وقدره على الأرض، وأن الاعتراض عليه هو اعتراض على قضاء الله وقدره، وهذه المسألة أختلف فيها المتكلمون وكان بسبب هذا الاختلاف ظهور الكثير من الأقوال المنحرفة والأفكار الفاسدة. ومقولة القضاء والقدر فصلها المتكلمون  في موضعها وبينوا حقيقتها وما يعنينا منها هو أن التنظير المنحرف  كان يتبنى ركنا من ركني هذه المقولة ويتخذه منهجا له مبتعداً عن قول الأمام الصادق  عليه السلام  ((لا جبرٌ ولا تفويض ولكن أمرٌ بين أمرين)) ([55]) لبيان الطريقة الوسطية بين المقولتين التي كان يعجز عن فهمها أكثر المجادلين من أهل الكلام ففرط منهم قوم وأفرط آخرون. فمن دعا إلى القدرية (الجبر) _ أي _ الأيمان بالحتمية التاريخية وأن ما يجري من خير أو شر في المجتمع  إنما يجري بقضاء وقدر حتميين من جانب  الله ولا سبيل إلى تغيره _ فقد كان يريد أن يزرع بين الناس التسليم له وانقيادهم لأوامره ليتسنى له فرض ما يريد من سياسة ويمارس ما يشاء ويعاقب من يعترض بل كان أصحاب هذه الدعوة  يقتلون من يخالف هذه المقولة، ومما يروى أن الحسن البصري كان يخالف بني أمية في مسألة القدر، ويرى أن الناس أحرار في تقرير مصيرهم، فخوفه بعضهم بالسلطان فكف عن الإجهار برأيه، ذكر ذلك أبن سعد في الطبقات عن أيوب أنه قال: نازلت الحسن في القدر غير مرة، حتى خوفته بالسلطان، فقال: لا أعود.([56])

أما من ذهب إلى مقولة التفويض فقد كان يريد أن يرفع قدرة الله وتقديره عن أفعال العباد ومن قال بهذه المقوله فقد أخرج الله عن سلطانه، وأشرك غيره سبحانه وتعالى معه في الخلق ([57]).

2 _ التنظير الفقهي لتحريم المعارضة:

فالحكومات الظالمة حريصة على العناية بنوع من الفقهاء الذين يدخلون تحت تسمية ((وعاظ السلاطين))  فهي تتبنى هؤلاء وتمكن لهم بين الناس وفي المقابل فإن هذا الفقيه يدخل بين الناس أفكاراً ما أنزل الله بها من سلطان، كفكرة أن الخروج على الحاكم والمعارضة السياسية له تدخل في باب الحرمة الشرعية.مهما كان نوع الحكم ومهما بلغ من الظلم والجور ألا أن يرى الناس منه كفراً وبوحاً فصيح عندئذٍ يصح الخروج عليه، وقد وضع رواتهم لهذه المسألة أحاديث نسبوها لرسول الله  صلى الله عليه وآله  وقد دخلت مثل هذه الروايات في صحاح المسلمين ففي صحيح البخاري  يروى عن أيوب نافع أنه قال: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع عبد الله بن عمر بن الخطاب حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي  صلى الله عليه وآله  يقول: ((ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة)) وإنّا قد بايعنا هذا الرجل بيع الله ورسوله، وإني  لا أعلم أحداً خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه)) ([58])، ولمن أراد الاستزادة من هذه الروايات فهي كثيرة في كتب العامة، وكلها تروج لثقافة الرضوخ والهروب من ساحة المعارضة من أجل التمكين لتلك الحكومات التي تتبنى هذه الثقافة من رقاب الناس، وليتسنى لهم تثبيت أركان حكمهم.

والملاحظ أن هذه الروايات وهذه المدونات دخلت المنظومة الحديثة للتأليف من خلال الفتاوى في المدونات الفقهية حتى أصبحت جزءً من الثقافة الفقهية الإسلامية الحديثة.التي تحدد العلاقة بين الحاكم الظالم، والرعايا.

ج: الإرهاب ومصادرة الحقوق:

كل حاكم ظالم لا يطيب له أن يتاح المجال للرأي الحر والتفكير المستقل، ولا يتمكن من أن يرضى بوجود رأي معارض فهو يجند كل طاقاته وقواه للقضاء على أي معارضة لاعتقاده أنها كفيلة بإسقاطه ونسف سلطانه إن كان المعارض يعيش الحرمان والفقر خاصة، ويفتدح الأمر إذا صاحب هذا الحرمان سيادة جو الظلم ومصادرة الحقوق.

فالحاكم في هذا المقام يسعى إلى بسط نفوذه وقمع معارضيه، وخير مثال على هذه المسألة ما صنعه الحكم الأموي بكل من حدثته نفسه بمعارضة سلطانهم، والانضمام إلى أي رأي معارض مهما كانت مكانته وشخصيته، فقد راح ضحية ذلك خيار الصحابة كأبي ذر الغفاري وعمر بن الحمق الخزاعي وحجر بن عدي وغيرهم، فضلاً عن سيدي شباب أهل الجنة وسبطي النبي الأكرم الحسن والحسين  عليهما السلام  فقد ضرب هذا الحكم كل المعارضات وقمع كل الثورات، استناداً لوصية الحاكم الظالم التي تقول((أنظروا إلى من قامت عليه البينة أنه يحب علي وأهل بيته فأمحوه من الديوان، واسقطوا عطائه ورزقه، ومن اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا بهو أهدموا داره)) وبهذه الوصية شاع الإرهاب في الأمصار الإسلامية بفعل الولاة الظلمة حتى قيل أن سمرة بن جندب والي البصرة أسف في قتل ثمانية آلاف شخص في فترة قليلة جداً. يقول ابن سوار العدوي: قتل سمرة بن جندب من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلاً قد جمع القرآن، وهنا يظهر الباطل ويصول  بجناحه فهو لا يقصد المفسدين في البلاد بل يقصد الصالحين الذين يسيرون بأمر الله ويتبعون قرآنه. والأمثلة من هذا النوع في الحكومة الأموية أكثر من أن تحصى. ونتائج الإرهاب أكثر من أن تعد، إذ إن سيطرة الخوف والجوع والحرمان وانتشار الأمراض الفكرية والبدنية في أرجاء المجتمع الذي يصبح فاقداً لكرامته وحريته، بينما نرى المسئولين عن هذه الماسي يتلاعبون في ثروات الأمم وخيراتها، ويحتكرون المال والسلطة، خلافاً لما يراه التشريع الإلهي من أن وظيفة الحكومة هي تنمية اقتصاد الأمة وإقامة الأمور العامة والأنفاق على الناس من أجل حفظهم لكرمتهم.

المبحث الثالث: سياسات الإرهاب.

 أ _ سياسة الفتك والبطش:

وهي نتيجة تتمخض عن مخالفة الأفراد للمبادئ التي تتبناها الحكومات الظالمة والتي تتحدد بالتنظيرين أعلاه، ومن المناسب هنا الإشارة إلى الظلم الذي تلقّاه أهل البيت وأصحابهم على يد الحكومات الظالمة منذ توليها السلطة وعِبر فترات التأريخ المتلاحقة، فقد بالغت هذه الحكومات في استعمال مختلف أنواع التصفية والتخويف والتهجير حتى أصبح حالهم بما وصفهم أئمتهم سلام الله عليهم، إذ يذكر الأمام الباقر  عليه السلام  في وصف ما لاقاه الشيعة من الظلم والاضطهاد فيقول ((ثم لم نزل نستذل ونستضام ونقصى ونمتهن ونحرم ونقتل، ولا نأمن على دمائنا وأوليائنا، ووجد الكافرون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعاً يتقربون به إلى أوليائهم وقضاة السوء وعمّال السوء في كل بلد فحدثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة، ورووا عنّا ما لم نقله وما لم نفعله ليبغّضونا إلى الناس،...، حتى أن الرجل يقال له زنديق أو كافر أحب إليه من أن يقال له شيعة علي  عليه السلام  ([59])

ب: سياسة العنف والتطرف الديني:

ظل العنف منطقاً مستحكماً داخل المجتمعات غير المتحضرة، أي المجتمعات التي ترفض الاحتكام للقانون، وترتكز للعنف في تقرير مصيرها وانتزاع حقوقها، وأستمر العنف صفة ملازمة لكثير من الشعوب على الرغم من اختلاف الظروف وتطور الحضارات، وهي صفة للبداوة أكثر منها صفة للمدينة والحضارة ([60])، واستمر الصراع والتنازع من اجل البقاء ملازماً للشعوب والمجاميع البشرية، يقول ابن خلدون في مقدمته:"ومن أخلاق البشر فيهم الظلم والعدوان بعض على بعض فمن امتدت عينه إلى متاع أخيه فقد امتدت يده إلى آخذه إلا  أن يصده وازع"([61]).

بل إنّ ممارسة العنف والقوة صارت مقياساً لرجولة الرجال وعلى أساسها تقاس مكانتهم وشخصياتهم، وأصبح الأسلوب الوحيد في انتزاع الحقوق وفرض الآراء، على الرغم من أن القوة جزء كبير منها ممارسة غير مشروعة للعنف، بل ومحرمة بميزان الدين والأخلاق، وظلت الشعوب تتوارث صفة العنف وتشجعها وتغذيّها الأجواء الاجتماعية والسياسية التي رافقتها مدى التاريخ، ونجد أن الحكومات والأنظمة السياسية غير الشرعية هي أشد في ممارسة العنف وقمع المعارضة وتسويف القانون، وما دام العنف متفشياً في المجتمع فلا يمكن أن يصار إلى مجتمع متحضر يحترم القانون ويعترف بالآخر، لأن العنف يعيق كل محاولة لسيادة قيم التسامح، لذا نجد صفة اللاتسامح سمة الشعوب التي تعيش في ظل حكومات استبدادية وأنّ القارئ للمنهج القرآني يتساءل من أين تسلل منهج العنف إلى المسلمين والقرآن يقول تعالى:) يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ(([62]).

والحق أنه منهج خارج عن المنهج القرآني في التعامل مع المسلمين، وقد أشار علماء المذاهب الإسلامية إلى أن هذا غلو وتطرف ما عرف منه شيء في سلوك السلف الصالح من الأمة، ويشير إلى ذك الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء((وأقول بعيداً عن المغالاة والتطرف أن الأمر الذي لا مراء فيه هو أن التفاوت المنظور بين فرق المسلمين لا يشكل حالة مهولة تدفع العقلاء إلى اليأس، وإلقاء ما في أيديهم وترك الحبال على غاريها؛ لان ذلك منتهى الصدق والحق ما يتفق عليه الأخوة الفرقاء هو أكثر مما يختلفون فيه، وفي ذلك ما يشحذ في المصلحين الهمم ويدفعهم إلى مواصلة الجهد الدءوب نحو التقريب والالتقاء))([63]).

فالحوار حقّ للجميع، فلا عنف ولا مصادرة لرأي الآخر ولا تشنج، بل تسامح يجب أن يكون عند الطرفين ثم الحساب على الله قال تعالى:) فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(([64]).

إنّ التشدد يقود إلى الإفراط والتفريط ويوقع في التطرف الديني، ونرى المتطرف لا يركن للحجة، وإن كانت دافعة ويتنكر للحقيقة وان كانت ساطعة جلية ويكثر من الأسئلة في غير محلها ويجادل في الواضحات ويطلب على البديهيات حجة ودليلاً؛ ذلك أن قضية الحوار ليست لتسجيل النقاط وإنما هي طريقة البحث عن الحقيقة والوصول إليها([65])، وإننا نتقن خطاب الأزمة والتعصب ولا نتقن خطاب الوعي والعقلانية المنفتحة في كل ما نفكر فيه، وإننا نحدق في أنفسنا قبل التحديق في الآخر، وإننا نحاول من خلال هذا الخطاب الديني أو السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي الاستماع إلى أصداه في داخلنا لا في الآخر، وبهذا كففنا عن أن يفهمنا الآخر([66]).

فالقرآن الكريم يدعو الإنسان إلى الانفتاح والتسامح فلا يجعل نفسه أمام اتجاه واحد، ولا ينغلق على موروثات آبائه وأسلافه من دون دراسة وتمحيص، ولا يرفض الانفتاح على أية فكرة ومحاكمتها في ضوء العقل لقبولها إن كانت أصحّ وأفضل، فإذا انغلق الإنسان على رأيه وأعرض عن الانفتاح على الآراء الأخرى فإنه سيعزل نفسه عن تطورات الفكر والمعرفة ويحرم نفسه من إدراك حقائق ومعارف مفيدة، وقد يكون رأيه الذي انطوى عليه خاطئا فلا يكتشف بطلانه في ظلّ حالة الانكفاء والانغلاق.

وبهذا ذمّ القرآن الكريم منهجية الانغلاق الفكري من خلال إدانته لرفض المخالفين للأنبياء والاستماع والإصغاء لما يطرحه الأنبياء لموقفهم المسبق من رسالاتهم. فهؤلاء قوم نوح  عليه السلام  كانوا يرفضون مجرد السماع إلى دعوته فإذا جاء لمخاطبة أحد منهم أمسك على أذنه بأصابعه حتى شكاهم نوح  عليه السلام  إلى ربه كما في قوله تعالى:) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا(([67]).

وكذلك كفار قريش كانوا يظهرون أمام رسول الله  صلى الله عليه وآله  لامبالاتهم بسماع دعوته ورفضهم النظر في شأنها كما جاء في قوله تعالى:) فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ(([68]).

فمادام الإنسان يمتلك عقلا نيرا يميّز به الصواب من الخطأ فلا خوف من الانفتاح الفكري على مختلف الآراء والأفكار، وبعد الاستماع والاطلاع على مختلف الآراء تأتي مهمة النقد والتقويم لاختيار الرأي الأصوب والفكرة الأصحّ.    

المبحث الرابع: العلاقة بين الأرهاب والمحاربة:

أ _ الحرابة لغة وإصطلاحاً:

الحرابة لغة: هي(من الحرب التي هي القتال والمواجهة وهي نقيض السلم يقال حاربه محاربة، وحربا من الحرب (بفتح الراء): وهو السلب، يقال حرب فلانٌ ماله: أي سلبه فهو محروب وحريب) ([69])، (والحرب بالتحريك: نهب المال الذي يعيش فيه) ([70])، (والحرابة: مأخوذة من الفعل الثلاثي حَرَبَ. ففي حديث الحديبية "وإلا تركناهم محروبين" أي مسلوبين  محروبين. الحرب بالتحريك: نهب مال الإنسان وتركه لا شيء له) ([71]).(الحرب وهو السلب: يقال حربته ما له،أي سلبه، حربا والحريب: المحروب) ([72])، وورد في الدعاء أنا حرب لمن حاربكم.

 المحاربة في الاصطلاح: (هي تجريد السلاح براً أو بحراً، ليلاً أو نهاراً، لإخافة الناس في مِصرٍ من الأمصار وغيره، من ذكر أو أنثى، قويٌ أو ضعيف، من أهل الريبة أم لا) ([73]).

ب: معنى المحاربة في المفهوم القرآني:

ويظهر لنا المعنى القرآني للمحاربة عندما نتتبع ما جاء منها في القرآن الكريم ففي قوله تعالى: (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) ([74]). فقوله تعالى يشير الى الذين يحاربون الله عز وجل و نبيه  صلى الله عليه وآله . وان كانت بعد استحالة معناها الحقيقي وتعين إرادة المعنى المجازي منها ذات معنى أوسع، يصدق على مخالفة كل حكم من الأحكام الشرعية وكل ظلم وإسراق لكن ضم الرسول  صلى الله عليه وآله  اليه يهدي الى أن المراد بها بعض ما للرسول فيه دخل، فيكون كالمتيقن أن يراد بها ما يرجع الى إبطال اثر ما للرسول عليه ولاية من جانب الله سبحانه وتعالى كمحاربة الكفار مع النبي  صلى الله عليه وآله  وخلال قطاع الطريق بالأمن العام الذي بسطه بولايته على الأرض) ([75]). أي محاربة أهل شريعته وسالكي طريقته من المسلمين محاربة له  صلى الله عليه وآله  فيعم الحكم من يحاربهم بعد الرسول([76]).

وقوله تعالى (ويسعون في الأرض فساداً) هو إشهار السيف وإخافة السبيل([77])، والإفساد في الأرض هو الإخلال بالأمن وقطع الطريق دون مطلق المحاربة مع المسلمين وعلى أن الضرورة قاضية بان النبي  صلى الله عليه وآله  لم يعامل المحاربين من الكفار بعد الظهور عليهم والظفر بهم من القتل والصلب والمثلة والنفي)([78]).

وقوله تعالى: (إنما جزائهم أن يقتلوا أو يصلبوا) أن يقتلوا في موضع رفع وتقديره، إنما جرائهم أن القتل، والصلب، أو القطع من موضع الخلاف، ومعنى (إنما) ليس جزائهم إلا هذا([79]). وإنما أداة حصر أي ليس لهما إلا هذه العقوبة، والتقتيل والتصليب يفيد شدة في معنى المجرد أو زيادة فيه، ولفظة (أو) إنما تدل على الترديد فإنما يستفاد احدهما من قرينة خارجية حالية أو مقالية فالآية غير خالية عن الإجمال من هذه الجهة ([80]).

وقوله تعالى: (أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف) فالمراد بكونه من خلاف أن يأخذ القطع من جانب مخالف لجانب الآخر كاليد اليمنى والرجل اليسرى، وهذا هو القرينة على كون المراد بقطع الأيدي والأرجل قطع بعضها عن الجميع أي إحدى اليدين وإحدى الرجلين مع مراعاة مخالفة الجانب ([81]).

وقوله تعالى: (أو ينفوا من الأرض) أن يخرج من بلاد الإسلام ينفى من بلد الى أن يتوب ويرجع([82]).

وقوله تعالى: (ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) الخزي هو الفضيحة والمعنى ظاهر، وقد استدل بالآية على أن جريان الحد على المجرم لا يستلزم ارتفاع عذاب الآخرة، وهو حق في الجملة([83]). ومعناه زيادة على ذلك وهذا ما يبطل قول من قال إقامة الحدود تكفير للمعاصي لأنه يقال مع إقامة الحدود عليهم بيَّن أن لهم في الآخرة عذاباً عظيماً ومعنى أن لهم في الآخرة عذاباً عظيماً أنهم يستحقون ذلك ولا يدل على أنه يفعل بهم ذلك لا محالة لأنه يجوز أن يعفوا الله عنهم ويتفضل عليهم بإسقاط عقابهم ([84]) .

ج _ علاقة الحرابة بالارهاب:

حاول بعض الباحثين والدارسين التصريح أو التلميح إلى أن المحاربة هي إرهاب وفيما يلي بعض الاقوال:

1_ جاء في إرهاب المستامنين: إن (الإرهاب جريمة من ابرز الجرائم في نضر التشريع الإسلامي، وتعد المحاربة والبغي بغير حق من الجرائم المسماة في الشرع، والتي يتكيف بها الإرهاب في بعض الصور التطبيقية، ومع ذلك فقد غلظ الله العقوبة على من يحترف هذه الجريمة ويسلك سبيلها. وإذن فلا اقل أن يعاقب الإرهابي في قياس النظر الشرعي بعقوبة المحاربين، لأن فعله مهما كان فأنه لن يخرج عن كونه فساداً في الأرض فيكون مشمولا) بقوله تعالى: (ويسعون في الأرض فساداً)([85]).

2_ وجاء في فقه السنة: (لا يجوز نفي أي فرد أو إبعاده أو سجنه إلا في حالة ما إذا اعتدى على حق غيره، ورأى القانون أن يعاقبه بالطرد أو بالحبس ويكون ذلك في حالة الاعتداء على الغير والإخلال بالأمن وإرهاب الأبرياء وفي ذلك يقول الله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله)([86]).

3_ وقال الهواري: (ومن صنوف الإرهاب إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو تعريض احد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها في قوله تعالى: (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)([87])، وقد شرع الله الجزاء الرادع للإرهاب والعدوان والفساد وعده محاربة لله ورسوله في قوله تعالى: (((إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ.إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) ([88])  ولا توجد في أي قانون بشري عقوبة بهذه الشدة نظراً لخطورة هذا الاعتداء الذي يعد في الشريعة الإسلامية حرباً ضد حدود الله وضد خلقه)([89]).

4- فرق الإسلام بين إرهاب أعداء الدين والملة وبين إرهاب وإفزاع المسلمين، فحث أُمة الإسلام على إرهاب أعدائها قال الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْ‏ءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)([90])، أما إخافة المسلمين والمعاهدين من أهل الكتاب ونشر الفوضى والخوف في ديار المسلمين فهذا ما اسماه الإسلام إفساد في الأرض ورتب له حداً فقال تعالى: ((إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ.إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) ([91])، ومن هذا المنطلق لابد أن نفرق في التسمية وان نسمي الأمور بأسمائها الشرعية فما يحدث في البلدان الإسلامية من قتل وتفجير وتدمير هو في الواقع إفساد في الأرض)([92]).

فالمنظور الشرعي للإرهاب هو إثارة الذعر والرعب لدى العدو وفي المنظور الغربي ينبغي أن يكون الإرهاب له دوافع سياسية وجريمة الحرابة في الأصل قطع الطريق وسلب ونهب وإذا كانت لابد من تسمية هذه الجريمة بتسميات العرف الحديث فإنها اقرب إلى تسميتها (بالجريمة المنظمة)([93]).

الخاتمة:

وفي الختام يمكن إجمال أهم النتائج التي توصل إليها الباحث كما يأتي:

1_ إن الاستعمال القرآني لمادة (رهب) لا يخرج كثيراً عن استعمالات أصل اللفظة، وهو التعبير عن عدة معان، منها الخشية والعبادة والتخويف باستعمال القوة، ولكن هذا التخويف يكون لأجل إخافة أعداء الإسلام لتحقيق غايات وإبعاد مفيدة، منها حماية الناس والبلاد من الاعتداءات الخارجية، عن طريق ردع الظالمين، وتجنب القتل والاقتتال وسفك الدماء، وبالتالي يتحقق الخير والأمان.

2_ إن الإرهاب بالمفهوم الذي حددته الهيئات والمنظمات الدولية، يعني تجاوز الحد والعدوان على الآخرين وهي جريمة في نظر الدين الإسلامي لذلك يمكن أن نقسم الإرهاب على نوعين: الأول منهما هو الإرهاب الشرعي، وهذا النوع أقرته الشريعة الإسلامية، بل إن الدين الإسلامي أمر بأعداد القوة لإخافة أعداء الله وأعداء الإسلام  لتجنب شرهم ومخاطرهم. أما النوع الأخر فهو الإرهاب غير الشرعي المتمثل بالاعتداء على الآخرين وتهديد أمنهم واستقرارهم، وهو الإرهاب الذي عرفته الهيئات والمنظمات الدولية.

3_ إن أعداء الإسلام ومن خلال مصطلح الإرهاب حاولوا الغمز في الدين الإسلامي ومبادئه الداعية إلى نبذ العنف والتطرف، فأرادوا ومن خلال مصطلح الإرهاب الذي حددته الهيئات والمنظمات الدولية، أن يتعرضوا للإسلام ويتهمونه بشتى الاتهامات المنافية لمبادئه ولحقيقة مفهوم الإرهاب لديه.

4_ إن الإرهاب يعتمد على مفاهيم وسياسات خاطئة لتمت إلى مبادئ وسياسات الدين الإسلامي بصلة، لأن الدين الإسلامي يدعو إلى السلم والأخوة واللين والتحابب. ويعتمد الحوار والمشاورة، ويبتعد عن البطش والفتك والتطرف، وهذا أمر أقرته آيات القرآن الكريم وسنة نبي الله الكريم وآل بيته الطاهرين.

5_ إن الإرهاب بالمفهوم الذي حددته الهيئات والمنظمات الدولية يلتقي مع بعض جوانب مفهوم الحرابة في الشريعة الإسلامية، إذ يعد الإرهاب جريمة في نظر الشريعة الإسلامية حاله كحال الحرابة، فإنها جريمة يستحق من يسلك سبيلها العقوبة التي حددها له الشارع المقدس لمخالفته أحكامه، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

المصادر والمراجع

القرآن الكريم.

1_ الإرهاب الأسباب والعلاج. عصام بن هاشم الجعفري، بحث ضمن المؤتمر الذي عقدته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن موقف الإسلام من الإرهاب للفترة من1 _ 3/3 1425ه.

2_ الإرهاب السياسي والقانون الجنائي: الدكتور عبد الرحيم صدقي، دار النهضة العربية، مصر، 1985.

3_ الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان الشرع.د. إسماعيل لطيف بن عبد الرحمن، بحث ضمن المؤتمر الذي عقدته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن موقف الإسلام من الإرهاب للفترة من1 _ 3/3 1425ه.

4_ إرهاب المستامنين وموقف الإسلام منه: بدر ناصر بن البدر، بحث ضمن المؤتمر الذي عقدته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن موقف الإسلام من الإرهاب للفترة من1 _ 3/3 1425ه.

5_ الإرهاب المفهوم والأسباب وسبل العلاج. محمد الهواري، بحث ضمن المؤتمر الذي عقدته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن موقف الإسلام من الإرهاب للفترة من1 _ 3/3 1425ه.

6_  أصل الشيعة وأصولها. محمد حسين كاشف آل الغطاء،

7_  أصول الفقه الإسلامي في نسجه الجديد. مصطفى إبراهيم الزلمي. دار المعرفة، ودار الكتاب العربي _ بيروت _ لبنان، 1985.

8_  الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل. الشيخ مكارم ناصر الشيرازي، مؤسسة مطالعات وتحقيقات فرهنكي _ طهران، ط1،1365ه.

8_ بحار الأنوار الجامعة لدرر الأخبار الأئمة الأطهار: تأليف الشيخ محمد باقر بن محمد تقي المجلسي(1110ه).الجزء:44، مؤسسة الوفاء _ بيروت 1403ه.

9_ التبيان في تفسير القران: الشيخ الطوسي(460ه). دار إحياء التراث العربي، بيروت(د.ت)

10_ التسامح  ومنابع اللاتسامح،  ماجد الغرباوي، مركز دراسات فلسفة الدين، بغداد، ط1، 2006م

12_  جامع البيان في تأويل القرآن. الطبري، محمد بن جرير (ت310ه_)، تحقيق: أحمد عبد الرزاق البكري، دار السلام، ط4، القاهرة 2009 .

13_حقيقة الإرهاب المفاهيم والجذور. مطيع الله بن دخيل الله، بحث ضمن المؤتمر الذي عقدته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن موقف الإسلام من الإرهاب للفترة من1 _ 3/3 1425ه.

14_ رسالة المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة إلى الشعب الأمريكي، الدورة (16)، يناير،2002م. نشرها. مركز خدمات المجتمع، الكلية الإسلامية جالا جنوب تايلاند.

15 _ الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية: الشهيد زين الدين الجبعي العاملي، تحقيق، الشيخ حسن قاروبي. نكين، ط9، 1424ه.

16_ شرح نهج البلاغة. ابن ابي الحديد المعتزلي: قدم له: الشيخ حسن الأعلمي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيرروت _ لبنان، ط2، 2004ه،

17_ صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، طبعة مصر 1286ه_.

18_ طبقات ابن سعد. محمد بن سعد كاتب الوافدي (ت230ه_)، بيروت، دار بيروت، 1405 ه_ / 1985 م.

19_ عقائد الإمامية. محمد رضا المظفر، قدم له: د. حامد حنفي داود، عني بنشره السيد مرتضى رضوي.

20_ العقلانية والحوار من أجل التغيير. محمد حسين فضل الله،

21 _ فقه السنة: سيد سابق عبد الله، دار المعرفة، الناشر، دار الكتاب العربي _ بيروت _ لبنان.

22_ القاموس المحيط: محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، 1987م.

23_ الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل. للزمخشري – القاهرة ط2 / 1953م.

24_ لسان العرب: للإمام العلامة ابن منظور (ت 711 ه_)، دار أحياء التراث العربي – بيروت، نسق و علق عليه ووضع فهارسه: علي شيري، المجلد التاسع، طبعة جديدة   محققة، ط1 / 1308 / 1988 م.

25_ مجمع البيان في تفسير القرآن. أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، تحقيق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي، شركة المعارف الإسلامية.1337ه.

26_ معجم مقاييس اللغة: ابي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن حبيب الرازي(390ه) تحقيق: عبد السلام محمد هارون،دار الجيل _ بيروت،ط1، 1991م.

27_ مفتاح الغيب ويسمى التفسير الكبير. أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي.(606ه_). الطبعة الأولى. المطبعة البهية المصرية - مصر 1357ه_-1938م.

28_ المقدمة ابن خلدون، بيروت، دار الجيل.(د،ت).

29_الميزان في تفسير القرآن: العلامة سيد محمد حسين الطباطبائي(ت1402ه)، دار الكتب الاسلامية _ طهران، ط3، 1397ه.

30_ النهاية في غريب الأثر: أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري، تحقيق طاهر محمد الزاوي. المكتبة العلمية _ بيروت 1979م.

 

[1] - القاموس المحيط : محمد بن يعقوب الفيروز ابادي :118.

[2] - ينظر: لسان العرب: ابن منظور :1/436.

[3] - الأعراف:154.

[4] - مجمع البيان في تفسير القرآن. أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي, تحقيق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي:2/483.

[5] - الأمثل . الشيرازي :5/235.

[6] - الأعراف116.

[7] - الأعراف66.

[8] - مجمع البيان في تفسير القرآن:2/461.

[9] - الكشاف : جار الله الزمخشري / 2/270

[10] - البقرة:40

[11] - تفسير الأمثل : الشيخ مكارم الشيرازي:313.

[12] - ينظر: جامع البيان في تأويل القرآن, محمد بن جرير الطبري :1/559 ـ 560.

[13] - مجمع البيان في تفسير القرآن: 1/93.

[14] - النحل:51.

[15] - مجمع البيان في تفسير القرآن: 3/365.

[16] - النساء:48.

[17] - مجمع البيان في تفسير القرآن: 3/365.

[18] - الانفال:60

[19] -  ينظر: مجمع البيان في تفسير القرآن: 2/555.

[20] - ينظر: جامع البيان في تأويل القرآن: 14/32

[21] - أصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد :الدكتور مصطفى إبراهيم :6/22, ط24,1998

[22] - مفاتيح الغيب : ابو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي:8/441

[23] - ينظر: مجمع البيان في تفسير القرآن: 2/555.

[24] - ينظر, تفسير الأمثل : الشيخ مكارم ناصر الشيرازي :5/471

[25] - ينظر: مجمع البيان في تفسير القرآن: 2/555.

[26] - ينظر: مفاتيح الغيب : الرازي: 7/424.

[27] - ينظر: جامع البيان في تأويل القرآن:14/32

[28] - القصص:32.

[29] - مجمع البيان في تفسير القرآن:4/252.

[30] - الحشر:13.

[31] - مجمع البيان في تفسير القرآن:5/246.

[32] - الأنبياء:90.

[33] - مجمع البيان في تفسير القرآن:4/61.

[34] - المائدة82.

[35] - مجمع البيان في تفسير القرآن:2/264.

[36] - التوبة:31.

[37] - التوبة:30.

[38] - التوبة:31.

[39] - ينظر: مجمع البيان في تفسير القرآن:3/23.

[40] - التوبة:34.

[41] - ينظر: مجمع البيان في تفسير القرآن:3/25ـ26.

[42] - الحديد:27.

[43] - ينظر: مجمع البيان في تفسير القرآن:5/243.

[44] - الإرهاب المفهوم والأسباب وسبل العلاج : محمد الهواري :2

[45] - حقيقة الإرهاب المفاهيم والجذور : مطيع الله بن دخيل الله الصرهيد الحربي :8

[46] - الإرهاب والمفهوم والأسباب وسبل العلاج : محمد الهواري: 10

[47] - الإرهاب العنف والتطرف في ميزان الشرع :محمد علي ابراهيم : 36.

[48] - حقيقة الإرهاب والمفاهيم والجذور: مطيع الله بن دخيل الله :10 وينظر: رسالة المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة إلى الشعب الأمريكي, الدورة (16), يناير,2002م، نشرها. مركز خدمات المجتمع، الكلية الإسلامية جالا جنوب تايلاند:ص13.

[49] - الإرهاب العنف والتطرف في ميزان الشرع : محمد بن علي ابراهيم :34

[50] - البقرة:208.

[51] - الأنفال:61.

[52] - النساء:90.

[53] - طه:43ـ44.

[54] - ينظر: جامع البيان في تأويل القرآن . الطبري :14/32

[55] - عقائد الأمامية. محمد رضا المظفر:41.

[56] - طبقات أبن سعد, محمد بن سعد كاتب الوافدي:7/167.

[57] - ينظر :عقائد الأمامية, محمد رضا المظفر:40 ـ41.

[58] - صحيح البخاري, محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري :4/188.

[59] - شرح نهج البلاغة. ابن ابي الحديد المعتزلي:11/44, وينظر: بحار الأنوار:المجلسي:44/68.

[60] - التسامح  ومنابع اللاتسامح،  ماجد الغرباوي:24.

[61] - ابن خلدون، المقدمة، بيروت، دار الجيل:140.

[62] - سورة الحجرات:13.

[63] - أصل الشيعة وأصولها. محمد حسين كاشف آل الغطاء:17-18.

[64] - سورة البقرة:113

[65] - العقلانية والحوار من أجل التغيير. محمد حسين فضل الله :238.

[66] - المصدر نفسه:236.

[67] - سورة نوح:7.

[68] - سورة فصلت:4-5.

[69] - لسان العرب :1/302ـ303.

[70] - مجمع البحرين ومطلع النيرين : فخر الدين الطريحي /1/303.

[71] - النهاية في غريب الأثر : أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري، تحقيق طاهر محمد الزاوي:1/926.

[72] - معجم مقاييس اللغة : ابي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن حبيب الرازي :2/48.

[73] - الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية : الشهيد زين الدين الجبعي العاملي : 3/376.

[74] - المائدة:33.

[75] - الميزان : العلامة الطباطبائي : 5/187

[76] - روح المعاني : الالوسي :4/462

[77] - التبيان : الطوسي :3/502 .

[78] - الميزان : الطباطبائي: 5/178

[79] - التبيان : الطوسي : 3/503

[80] - الميزان : الطباطبائي : 5/178

[81] - المضدر السابق:5/188.

[82] - التبيان : الطوسي :3/505.

[83] - الميزان : الطباطبائي:5/188.

[84] - التبيان : الطوسي :3/505.

[85] - إرهاب المستامنين وموقف الإسلام منه : بدر ناصر بن البدر : 9

[86] - فقه السنة : سيد سابق : 101.

[87] - القصص:77.

[88] - المائدة/32 ـ34.

[89] - الإرهاب المفهوم والأسباب : محمد الهواري :17ـ 18

[90] - الأنفال :60

[91] - المائدة:32 ـ34.

[92] - الإرهاب الأسباب والعلاج : عصام بن هاشم الجعفري :5

[93] - الإرهاب السياسي والقانون الجنائي : الدكتور عبد الرحيم صدقي :93 .