تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 82
إلى صفحة: 101
النص الكامل للبحث: PDF icon 180523-134306.pdf
البحث:

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله الطيّبين الطاهرين وأصحابه  الأخيار.

أمّا بعد:

فكثيرة الكتب القديمة والحديثة التي درست (لم) ودلالاتها وخصائصها، وكثيرة كذلك هي الكتب التي عنيت بكشف النقاب عن نون التوكيد ومميزاتها والأثر اللفظي والمعنوي الذي تتركه على الفعل، وهذه الكتب على كثرتها ما رأيناها قد اهتمت  بدراسة (ظاهرة اجتماع نون التوكيد ولم على فعل واحد)؛ إذ كانوا يشيرون إليها ـ إن أشاروا ـ بكلام لا يتجاوز السطر الواحد أو السطرين. ومن هنا فكّر الباحثان أن يدرسا هذه الظاهرة، لعلهما يخرجان  بنتائج نافعة.

وقد جعلنا عنوان البحث: (ظاهرة اجتماع نون التوكيد ولم على فعل واحد في الاستعمال اللغوي)، يبدأ البحث بالتعريف بنون التوكيد ولم في العربية، والكلام عن الأثر اللفظي والمعنوي الذي تتركته نون التوكيد على الفعل، وأحكام نون التوكيد الخفيفة؛ بوصفها معلومات يحتاج إليها البحث، وبعدها درسنا موقف القدماء والمحدثين من دخول نون التوكيد ولم على الفعل مجتمعتين، ثم حلّلنا النصوص التي تتعلق بهذه الظاهرة  وناقشناها، وينتهي البحث بخاتمة تضمّنت أهم النتائج التي توصل إليها. وفقنا الله لخدمة لغتنا العربية، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الميامين.

التعريف  بنون التوكيد ولم في العربية:

أولًا ـ التعريف بنون التوكيد:

للتوكيد في لغتنا العربية أساليب شتى، فهناك التوكيد اللفظي، وهناك التوكيد المعنوي، وهناك التوكيد بالحروف. وتوكيد الفعل بالنون أسلوب تميزت به العربية واختصت به، فهو نمط خاص اشتهرت به، ولم تعرفه أيّ لغة من اللغات السامية الموجودة، بيد أنّ بعضها عرف الأنماط الأخرى من التوكيد([1]).

ونون التوكيد لاحقة صرفية تدخل على لفظ الفعل؛ بغية تقوية معناه ودعم دلالته([2])، وهذه النون  نونان([3])، الأولى: نون التوكيد الثقيلة، وهي نون مشدّدة، أي مكونة من نونين ساكنة ومفتوحة، نحو: أخلصَنّ، ولتصبِرَنّ. والثانية: نون التوكيد الخفيفة، وهي نون ساكنة نحو: ادرُسَنْ، وهل تعْلَمَنْ.

ونونا التوكيد حرفان من أحرف المعاني، ولا محل لهما من الإعراب، وقد اجتمعا في قوله تعالى:((لَيُسْجَنَنّ وَلْيكوناً من الصاغرينَ)) [يوسف/32]، ويلاحظ أنّ نون التوكيد الخفيفة في الآية الكريمة قد كتبت بالألف والتنوين، وهو مذهب الكوفيين، ويجوز أن تكتب بالنون (ليكونَنْ)، كما هو شائع، وهو مذهب البصريين([4]).

وكلّ فعل يصح توكيده بالنون  المشددة، يمكن استعمال النون الخفيفة بدلاً منها إلا في موضعين، لا تستعمل فيهما الخفيفة، وإنّما يتعين استعمال الثقيلة، وهما الفعل المسند إلى ألف الاثنين، وكذلك الفعل المسند إلى نون النسوة، وهما موضعان سنفصل القول فيها عند الحديث عن أحكام نون التوكيد الخفيفة.

والتوكيد بالثقيلة أشدّ وأبلغ من التوكيد بالخفيفة؛ لأنّ تكرير النون بمنزلة تكرير التوكيد، فقولك: (اكتُبُنّ) بتشديد النون بمنزلة قولك:اكتُبوا كلّكُم أجمعونَ، وقولك: أكتُبُنْ  بالنون الخفيفة بمنزلة قولك: أكتُبوا كُلّكُم، فزيادة المبنى تدل في الغالب على زيادة المعنى([5])، وفي ذلك يقول الخليل: ((فإذا جئت بالخفيفة فأنت مؤكّد، وإنْ جئتَ بالثقيلة فأنت أشدّ توكيداً)) ([6]).

وليس كلّ فعلٍ يؤكد بالنون، بل تنقسم الأفعال من حيث تأكيدها بالنون وعدم تأكيدها على ثلاثة أقسام ([7]):

أ - الفعل الماضي: لا يؤكد أبداً؛ لتناقض الحاصل بين زمنه الغائب المنقضي وزمن نوني التوكيد اللتين تخلصان الفعل للزمن المستقبل، ثم إنّ الماضي حدث موجود وحاصل، فلا معنى لطلب حصول ما هو حاصل، وما ورد في اللغة من أفعال ماضية  مؤكدة بالنون يُعدّ من الشاذ، فيحفظ بوصفه جزءاً من المأثورات اللغوية، ولا يجوز القياس عليه، دفعاً للإشكال واللّبس.

ب ـ فعل الأمر: يجوز توكيده مطلقاً من غير شروط ؛لأنّه يدل على المستقبل دائماً، نحو: انصرَنّ وتعلّمَنَ. والمستقبل حدث غير موجود، فإذا أريد حصوله وتحقيق أمر وجوده، أكّد بالنون، إشعاراً بقوة العناية بوجوده.

ج ـ الفعل المضارع، وله ثلاث أحكام: وجوب التوكيد، وجواز التوكيد وعدمه، وامتناع التوكيد.  وقد تكفّلت كتب النحو القديمة والصرف الحديثة بذكرها وتوضيحها وتفصيل القول فيها.

ويرى الدكتور عبد الصبور شاهين أنّ نون التوكيد تثير مشكلة، وهذه المشكلة تتمثل في بنيتها المقطعية؛ إذ إنّ العربية لم تعرف اسماً أو فعلاً أو حرفاً يتكون من (صامت + صامت+ حركة) كما في نون التوكيد الثقيلة، فهذا الشكل مرفوض أساساً في العربية، وكذلك لم تعرف اللغة أداة تتكون من صامت فقط، كما في نون التوكيد الخفيفة، وإذا أردنا أنْ نتصور نسجها المقطعي فيجب أنْ يكون على الأساس الذي عرفته اللغة، وبناء على ذلك افترض وجود همزة مفتوحة قبل النون المشدّدة، وأنّ نون التوكيد الثقيلة أصلها (اَنّ)، والفرق بينها وبين (أنّ) الداخلة على الأسماء هو أنّ همزة (اَنّ) الداخلة على الأفعال همزة وصل، وأمّا همزة (أنّ) الداخلة على الأسماء فهي همزة قطع، كما ذكر أنّ هناك فرقاً بين همزة (اَن) الداخلة على الأفعال وكلّ ((همزة وصل عرفها اللغة العربية هو أنّ همزة نون التوكيد لا تظهر مطلقاً؛ لأنّها مدرجة في الكلام دائماً، لا يبدأ بها أبداً. وإذن فالتعامل مع نون التوكيد هو تعامل مع التركيب المقطعي: اَنّ في أغلب الأحوال، أي مع مقطعين، أحدهما: طويل مقفل، يتكون من (صامت + حركة + صامت) يتحول إلى (حركة وصامت) في الاستعمال، والأخر قصير مفتوح يتكون من صامت وحركة، على حين تتكون النون الخفيفة من مقطع واحد هو (اَن) ([8]).

وغني عن البيان أنّ ما ذهب إليه الدكتور عبد الصبور شاهين ليس بصحيح، لسببين، أحدهما: أنّ الدكتور عبد الصبور شاهين افترض وجود همزة وصل مفتوحة قبل نون التوكيد الثقيلة، وليس في العربية همزة وصل مفتوحة، وإنّما تكون هذه الهمزة مكسورة عادة، وهناك حالة واحدة تكون فيها همزة الأمر مضمومة، وذلك حين يكون عين الفعل في المضارع مضمومة، نحو اُكتُبْ وانصُر. والآخر أنّ نون التوكيد ليست الأداة الوحيدة التي جاء فيها النظام المقطعي مخالفاً للنظام المقطعي التي تتكون منه الكلمات العربية فتاء التأنيث مثلاً تتكون من صامت واحد، وكذلك ألف الاثنين حين تتصل بالفعل الماضي نحو: كتبا، فهي تتكون من صائت طويل، وهي كلمة نحوية، وقعت موقع الفاعل، ومثل ذلك يُقال في ياء المتكلم نحو: (يعجبني) فهي تتكون من صائت طويل، مع أنّها كلمة نحوية بمنزلة الاسم، وقعت موقع المفعول به.

وإنّما جاء النظام المقطعي لنون التوكيد مخالفاً لما عرف عن النظام المقطعي للكلمات العربية؛ لأنّ نون التوكيد لا تأتي وحدها في سياق الكلام، فلا حاجة بنا إلى أنْ نفصلها عن الفعل، وإنّما تأتي دائماً متصلة بالفعل، فنتعامل معها، كما لو كانت جزءاً منه.

ويبدو أنّ الدكتور فاضل السامرائي قد تأثر بما ذهب إليه الدكتور عبد الصبور شاهين، فربط بين نون التوكيد الثقيلة والحرف المشبه بالفعل (إنّ) وذهب إلى أنّهما إسمان لشيء واحد، فقد قال: ((ويبدو أنّ النون حرف يؤكد الأسماء والأفعال، غير أنّها تدخل في أول الاسم وآخر الفعل))، ف (إنّ) هي نون ثقيلة مسبوقة بالهمزة، ولما كانت تدخل في أول الاسم، بُدِئَتْ بهمزة توصلاً إلى النطق بالساكن، وجعلت الهمزة من بناء الكلمة([9]).

نعم هناك علاقة وثيقة بين إنّ الداخلة على الأسماء والنون الثقيلة، فكلتاهما تستعمل للتأكيد، وكلتاهما تجعل ما تدخل عليه مفتوحاً، غير أنّ (نون التوكيد) شيء، و(إٍنّ) شيء آخر. ثم إنّ الهمزة في(إنّ) همزة قطع لا وصل، ولو كانت الغاية منهما التوصل إلى النطق بالساكن؛ لما احتاجوا إلى أنْ ينطقوا بها في درج الكلام، نحو: أظنّ أنّ سعيداً مسافرٌ.

ثانيا ًـ  دلالة  لم وعملها في العربية:

لم أداة تختص بالدخول على الفعل المضارع، شأنها في ذلك شأن لمّا ولام الطلب ولا الناهية، وإذا دخلت عليه في الغالب تجزمه وتنفيه وتقلب دلالته من زمن الحال أو الاستقبال إلى زمن الماضي([10])، ولذلك ((يصحّ اقتران الزمان الماضي به، فنقول: لم يقُمْ زيدٌ أمسِ، كما تقول: ما قام زيدٌ أمسِ: ولا يصحّ أن تقول: لم يقُمْ غداً، إلا أن تدخل عليه إنْ الشرطية، فتقلبه قلباً ثانياً؛ لأنّها تردّ المضارع إلى أصل وضعه من صلاحية الاستقبال، فنقول: إنْ لم تقُم ْغدا ًلم أقُمْ)) ([11]). وعمل (لم) يشبه عمل (لمّا)، غير أنّ بينهما فوارق، وهذه الفوارق، هي:

1ـ (لم) تستعمل لنفي فَعلَ، وهو الماضي المنقطع عن زمن الحال، نحو:عصى آدمُ ربَّه ولم يندمْ، تريد فيما مضى، وأما لمّا فهي لنفي (قد فعلَ)، وهو الماضي المتصل بزمن الحال، نحو عصى إبليسُ ربَّه ولمّا يندمْ، تريد لم يندم إلى الآن([12]).

2ـ جواز حذف الفعل الواقع بعد لمّا، نحو: يريدُ زيدٌ أن يخرجَ ولمّا، أيّ ولمّا يخرج، ولا يجوز ذلك في مجزوم (لم) إلا في ضرورة الشعر([13]).

3ـ يجوز وقوع لم بعد أداة الشرط، نحو: إن لمْ تجتهدْ تندمْ، ولا يجوز ذلك في لمّا([14])، وإذا دخلت أداة الشرط على (لم) صار المضارع بعدها متجرداً للزمن المستقبل المحض([15]).

4ـ المنفي بـ  لم لا يتوقع حصوله، والمنفي بـ لمّا متوقع الحصول، فإذا قلت: لمّا أسافر، فسفرُك مُنتظرٌ([16]).

وقد تهمل لم، فلا تجزم الفعل بعدها حملاً على (ما) أو (لا) النافيتين، وقد يأتي بعدها الفعل منصوباً، وتلك لهجة في لم، سمعها الحياني عن بعض العرب([17]). ويعلق الدكتور عباس حسن على حالتي: الإهمال في لم، ونصب الفعل بعدها بقوله: ((ومن المستحسن الآن الانصراف عن هذين الرأيين، وعدم محاكاة واحد منهما؛ منعا ًللفوضى البيانية الضارة)) ([18]). وسوف يسخر الباحث المعلومة التي أشار إليها اللحياني في تخريج بعض الأبيات التي اجتمعت فيها الأداتان لم ونون التوكيد على فعل واحد.

ويذكر الدكتور مهدي المخزومي أنّ (لم) مشتقة من (لا) و (ما) الزائدة ((ثم حذفت الألف من (لا)، وألزقت اللام بالميم، فصارت (لما)، ثم حذفت ألف (ما) لتطرفها، فصارت لم، وترددت في الاستعمال كثيراً، فصارت كأنها كلمة واحدة، وكأنها أداة مفردة لا تركيب فيها، وهذا ـ في اكبر الظن ـ هو ما دعا الفرّاء إلى أن يزعم أنّ أصل لم...لا، ثم أبدلت ألفها ميمًا فصارت لم....)) ([19]).

الأثر المعنوي واللفظي لنوني التوكيد

لنوني التوكيد في  كلّ فعل تتصلان به أثران:أثر معنوي، وأثر لفظي. ويتمثل الأثر المعنوي في النقاط الآتية ([20]):

1ـ تأكيد معنى الحدث وتقويته بأقصر لفظ.

2ـ تخليص الفعل المضارع للزمن المستقبل، والفعل المضارع قبل توكيده بالنون يحتمل الحال، ويحتمل الاستقبال، وأمّا في فعل الأمر فتعمل هذه النون على تقوية الاستقبال فيه أو إرجاعه  إليه.

3ـ الدلالة على الإحاطة والشمول، إذا كان الكلام لغير الواحد، فقولنا: يا قومَنا احْذَرُنّ مكايدَ الأعداء) معناه (يا قومَنا احذروا مكايد َالأعداء كلّكُم أو جميعكُم فرداً فرداً).

وأما الأثر اللفظي فيتمثل فيما يأتي([21]):

1ـ بناء الفعل المضارع على الفتح، والفعل المضارع قبل توكيده بالنون فعل معرب، ويشترط في بنائه على الفتح اتصاله بنون التوكيد اتصالاً مباشرا ً، أي أن لا تقع ألف الاثنين أو ياء المخاطبة أو واو الجماعة أو نون النسوة بين الفعل والنون، نحو قولك للمهمل: لِتحترمَنّ عملَك. وقد اختاروا البناء على الفتح؛ لأنّ الفتح أخف الحركات، ولم يجعلوا الفعل مبنياً على السكون؛ لأن ّالنون الخفيفة ساكنة، والنون الأولى من الثقيلة ساكنة، فلو جعلوا الفعل مبنياً على السكون، لاجتمع ساكنان، وذلك لا يجوز في مثل هذه الحالة.

2ـ بناء فعل الأمر على الفتح بدل من السكون، بشرط اتصاله بنون التوكيد اتصالاً مباشراً، أي ألّا يتصل بضمير رفع بارز، يفصل بينهما، نحو اشكرَنّ مَنْ أحسنَ إليكَ، فإنْ كان فعل الأمر متصلا ً  بضمير رفع  بارز يفصل بينهما، فإنّه يجري عليه ما يجري على المضارع المسند لذلك الضمير.

أحكام نون التوكيد الخفيفة

تنفرد نون التوكيد الخفيفة عن النون  الثقيلة بخمسة أحكام، هي:

1ـ أنّها لا تقع بعد ألف الاثنين، فلا يُقال مثلا: (أيّها العاملان اجتهدانْ في عملِكُما) بالخفيفة، وإنّما يتعين هنا استعمال الثقيلة، أي (تقول: أيّها العاملانِ اجتهدانَّ في عملِكما) بنون التوكيد الثقيلة المكسورة، وهذا  رأي الخليل (ت 170هـ) والبصريين، وعللوا عدم جواز ذلك بالتقاء الساكنين (الألف والنون الخفيفة)، وعدم إمكانية حذف الألف للتخلص من توالي الساكنين، لئلا يلتبس فعل الواحد والاثنين([22]).

وقد ذكر سيبويه (ت180 هـ) أنّ يونس بن حبيب (ت 182هـ) وناسًا من النحويين ـ ويعني بهم الكوفيين ـ أجازوا دخول النون الخفيفة على الفعل المسند إلى ألف الاثنين([23])، ولم يقبل سيبويه بهذا القول، وذهب إلى أنّ ذلك ليس له نظير في كلام العرب، وأنّه لا يقع بعد الألف ساكن إلا أن يدغم([24]).

وغني عن البيان أنّ الكوفيين لم يحالفهم التوفيق في هذه المسألة، والرأي الصحيح ما ذهب إليه البصريون؛ إذ إنّ دخول نون التوكيد الخفيفة على الفعل المسند إلى ألف الاثنين يؤدي إلى تكوين مقطع من النوع الرابع، وهذا المقطع لا وجود له في نهاية الكلمات العربية في حال الوصل([25]).

2ـ إنّها لا تؤكد الفعل المسند إلى نون النسوة. وفي هذه الحال يجب استعمال نون التوكيد الثقيلة، بعد الإتيان بألف فاصلة بين النونين قصداً للتخفيف، أي تخلصاً من توالي الأمثال([26])، فنقول: ادرْسنانِّ يا طالباتِ بنون التوكيد الثقيلة المكسورة، ولا تقول: ادرسنانْ يا طالباتِ  بالخفيفة.

3ـ أنّها تحذف وجوباً في حالة الوصل، إذا جاء بعدها ساكن، للتخلص من التقاء الساكنين، نحو قولنا: لاتُهينَ الفقير، وأصله: لا تُهينَنْ الفقيرَ، فحذفت نون التوكيد الخفيفة لملاقاة الساكن، وهو لام التعريف؛ لأن ّتحريكها لا يجوز، وقولنا: إضرِبَ الرجلَ، وأصله: اضْرِبَنْ الرجلَ([27]). من هنا نستنتج أنّ نون التوكيد الخفيفة تعطي في اللفظ حكم التنوين في حال الوصل.

4ـ تحذف عند الوقف عليها، إذا كان ما قبلها مضموماً أو مكسوراً، وفي هذه الحال يجب إرجاع ما حذف من آخر الفعل، بسبب وجودها([28])، فنقول في الوقف على نون التوكيد الخفيفة في (لا تَكْرَهُنّ) و (لا تَكْرَهِنّ): لا تكرهوا ولا تكرهي.

5ـ  أنّها تقلب ألفا ًعند الوقف عليها، إذا كان ما قبلها مفتوحاً، نقول في الوقف على نون التوكيد الخفيفة (اضْرِبَنْ زيدا ً): اضْرِبا، ومن أمثلة ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى: ((لَنَسْفَعاً بالناصية)) [العلق/15]، فإذا وقفت قلت: لنَسْفعا([29])، وهذا النوع من الإبدال شائع في بعض اللغات السامية، مثل: العربية([30]). ومن الحكمين الرابع والخامس نستنتج أنّ التوكيد بالخفيفة يعطي في اللفظ حكم التنوين في حال الوقف عليها. وسوف يثبت البحث أنّ هناك حكماً سادساً اختصت به الخفيفة دون الثقيلة، لم يلتفت إليه القدماء.

موقف القدماء من دخول نون التوكيد ولم على الفعل مجتمعتين

لم يُعْنَ القدماء بدراسة ظاهرة اجتماع (لم) و(نون) التوكيد على فعل واحد، وآية ذلك أنّهم كانوا يشيرون إليها إشارات عابرة في معرض حديثهم عن حالات الوجوب والجواز لتوكيد الفعل بالنون، وكان حديثهم عنها لا يتجاوز السطر الواحد أو السطرين، وكان اللاحق ينقل عن سابقه ولا يزيد، ولهذا نرى أنّ أكثرهم كان يستشهد على دخول لم ونون التوكيد على الفعل مجتمعتين، بقول الشاعر:

يحسبُهُ الجاهلُ ما لم يعلما
 

 

شيخاً على كرسيه معمّما
 

 

غير أنّ من يدقّق النظر في كتاب (سر صناعة الإعراب) يجد أنّ  ابن جنّي(ت392هـ) دون غيره من القدماء قد التفت إليها؛ فقد ذكر في هذا الكتاب أربعة أبيات غير البيت المذكور تخصّ هذه الظاهرة، ثلاثة أبيات في الجزء الأول، وبيت واحد في الجزء الثاني، وحاول أن يقدم تعليلًا يتناسب و وجهة نظره في لم ونون التوكيد، وهو تعليل كان عامل الصنعة والتكلف فيه واضحاً. وقد اعترف ابن جنّي نفسه بهذا في كتابه المحتسب، فوصف التعليل الذي ذكره في سر صناعة الإعراب بأنّه قول ذو صنعة ([31]). وسنذكر هذه الأبيات ونتحدث عنهما في آخر البحث.

ويبدو أنّ ابن جني قد شعر أنّ النحويين الذين سبقوه قد قصّروا في دراسة هذه الظاهرة؛ ولهذا قال، وقد أورد بيتاً، اجتمعت فيه لم ونون التوكيد على فعل واحدٍ: ((وما علمتُ أحداً من أصحابنا - يقصد البصريين ـ ولا غيرهم ذكره، ويُشبه أنْ يكونوا لم يذكروه للطفه))([32])، وربّما قصد بقوله: للطفه، أي لدقته وغموضه وعدم وضوح الرأي فيه لديهم. وللتدليل على هذا الزعم، ولبيان موقف القدماء من هذه الظاهرة سأورد بعض الأمثلة مبتدئاً بكتاب سيبويه.

لقد منع سيبويه توكيد الفعل بنون التوكيد الخفيفة المقلوبة ألفاً بعد النفي بـ (لم)، وأدخل هذا النوع من التوكيد في باب الضرورات الشعرية، فقال تعليقاً على قول الشاعر:

يحسبُه الجاهلُ ما لم يعلما
 

 

شيخاً على كرسيّه مُعَمّما
 

 

بأنّه ((شبّهه بالجزاء حيث كان مجزوماً، وكان غير واجب، وهذا لا يجوز إلا في اضطرار، وهي في الجزاء أقوى)) ([33]).

وذكر ابن يعيش(ت643هـ) بأنّ نون التوكيد قد دخلت على الفعل المنفي بـ (لم) لوجود صورة النفي فيه، وفي ذلك ضعف، لأنّ ((المضارع مع لم بمعنى الماضي والماضي لا تدخله النون البتة))([34]).

ويبدو أنّ ابن عصفور (ت669) كان من المانعين لتوكيد الفعل المسبوق بـ لم وبنون التوكيد، وعلامة ذلك أنّه ذكر مواضع نون التوكيد في كلام العرب، ولم يذكر معها المضارع المنفي بـ لم ([35]).

واكتفى رضي الدين الاسترابادي (ت 686 هـ) في حديثه عن هذه الظاهرة بذكر رأي سيبويه، فقال: ((قال سيبويه: تدخل بعد لم تشبيهاً لها بلا النهي من جهة الجزم)). ([36])

ورفض صاحب كتاب (رصف المباني في شرح حروف المعاني) اجتماع النون ولم على فعل واحد، فبعد أن ذكر الحالات التي يجوز فيها توكيد الفعل بالنون، قال: ((ولا يجوز أنْ تدخل في غير ذلك من الأفعال))، وقال عن توكيد المضارع المنفي بـ (لم): ((فإن جاء منه شيء يوقف فيه على السماع)) ([37]).

وآثر الحسن بن قاسم المرادي(ت749هـ) ذكر حالات توكيد الفعل المشهورة في كلام العرب، والمتفق عليها بين النحويين، ثـمّ قال:((ويقلّ التوكيد بالنون في غير ذلك)) ([38]).

وحاول ابن هشام (ت 761) في(أوضح المسالك) أن يكون أكثر واقعيّة من غيره من النحويين، فذكر أنّ توكيد المضارع بـ (لم) أقل حالات التوكيد وروداً في كلام العرب، فقسّم المضارع المؤكد على أساس مجيئه في كلام العرب إلى عدة أقسام، هي: أنْ يكون واجبا ً، وأن ْيكون قريبًا من الواجب وأنْ يكون كثيراً، وأن يكون قليلاً، وأن يكون اقلّ، وذلك بعد لم([39]).

وأغفل ابن عقيل الإشارة (ت 769 هـ) إلى توكيد المنفي بـ (لم) بالنون، بيد أنّ حديثه عن حالات الجواز تشعرنا أنّه منع هذاالنوع من التوكيد؛ إذ ذكر أنّ الحالات التي يجوز فيها توكيد المضارع ثلاث هي: أن يقع بعد إنْ الشرطية المدغمة في ما الزائدة، وأن يكون واقعاً بعد الطلب، وأن يكون منفيّا بـ لا([40]).

وقد أجاز ابن الناظم في شرح ألفية ابن مالك توكيد المنفي بـ لم، وأشار إلى المضارع الواقع بعد (ربّما)، فقال: ((وإمّا توكيده بعد لم فنادر أيضاً؛ لأنّه مثل الواقع بعد ربّما في مضي معناه...)) ([41] ثم رأى أنْ يوازن بين هذا النوع من التوكيد وتوكيد المضارع بعد لا النافية، فخلص من ذلك إلى أنّ من حق المضارع المنفي بـ (لا) أن يكون توكيده أكثر من توكيده بعد لم، لشبهه إذّاك بالنهي([42]).

ولم يأتِ الشيخ خالد الأزهري(ت905هـ) بجديد على ما جاء به ابن هشام، فقسّم حالات التوكيد، كما قسّمها ابن هشام إلى: واجب وقريب من الواجب، وكثير وقليل، وأقل، وعد التوكيد بعد لم أقل حالات التوكيد وروداً في كلام العرب، وخرّج هذا النوع من التوكيد بأنّ ((لم للنفي، والنفي أشبه النهي معنى)) ([43]).

وأمّا السيوطي فقد ساوى بين توكيد المنفي بـ (لم) وتوكيد الماضي، وكذلك توكيد المضارع بعد (لا) النافية  و(ما) النافية و(ربّما) وأدوات الشرط مثل من  وحتى وغير ذلك وعدّ دخول نون التوكيد على هذا الأنواع شذوذاً وضرورة([44]).

ووصف الأشموني(ت 929هـ) هذا النوع من التوكيد بأنّه قليل، فقال: ((وقلّ التوكيد بعد لم... لأنّ الفعل بعدها ماضي المعنى كالواقع بعد ربّما)) ([45]). وشرّح الصبان (ت 1206 هـ) المقصود بالقلة في كلام الأشموني، فقال: ((القلة بالنسبة إلى التوكيد بعد لم بمعنى الندور كما في ابن الناظم وغيره)) ([46])، وذهب الأشموني إلى أنّ توكيد المضارع بعد (ربّما) أحسن من توكيده بعد (لم)([47])، ولم يبيّن وجه الحسن في توكيد المضارع بعد (ربّما)، لكنّ الصبان احتمل أن يكون المقصود بذلك أنّ(لم) نقلب المضارع إلى المعنى أبداً بخلاف (ربّما) فإنّها قد تدخل على المستقبل، كما في قوله تعالى: ((ربّما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ)) [الحجر/2]، ويحتمل أنّ الاحسنية لوجود (ما) الزائدة التي يؤكد بعدها كثيراً في غير ربمّا([48]

موقف المحدثين من دخول نون التوكيد ولم على الفعل مجتمعتين

لم يكن الدارسون المحدثون في دراسة هذه الظاهرة بأحسن حالاً من الدارسين القدماء، فهم كذلك لم يعطوا هذه الظاهرة المساحة التي تستحقها من الدرس والبحث، واكتفوا بترديد رأي القدماء في هذه الظاهرة، واتخذوا منها ثلاثة مواقف:

الموقف الأول: يرى أنّ توكيد الفعل المنفي بـ لم حالة نادرة في العربية، فالشيخ أحمد الحملاوي قسم الحالات التي يأتي بها المضارع مؤكداً إلى خمسة أقسام هي: التوكيد الواجب، والتوكيد القريب من الواجب، والتوكيد الكثير، والتوكيد القليل، والتوكيد الأقل([49]). وجعل التوكيد الأقل من حصة المضارع المسبوق بـ (لم)، وأداة الجزاء غير (أما) مثل من ومهما الشرطيين([50]). وتابعه على هذا الرأي الشيخ مصطفى الغلاييني؛ إذ عدّ توكيد المضارع المنفي بـ (لم) أقل حالات الجواز وروداً في العربية، وعلّل هذا النوع من التوكيد يقوله: ((وإنّما سوّغ توكيد المنفي بـ (لم) مع أنّه في معنى الماضي، والماضي لا يؤكد بالنون ـ كونه منفياً وأنّه مضارع في اللفظ)) ([51]).

والقلة التي يقصدها الحمّلاوي والغلاييني قلة ذاتية، تدخله في حكم النادر الذي لا يصح القياس عليه، وليست قلة نسبية. وحذا حذو الشيخين الحملاوي والغلاييني في التزام هذا الرأي كلّ من: الدكتور فخر الدين قباوة، والدكتور عبد الخالق عضيمة. جاء في كتاب تصريف الأسماء والأفعال: ((وندر توكيده أي المضارع إذا كان منفياً بـ لا وليس جواباً للقسم: وندر توكيده أيضاً إذا وقع بعد (ما) غير المقترنة بأداة شرط أو وقع بعد لم...)) ([52]). وجاء في كتاب المغني في تصريف الأفعال: ((التوكيد أقل بعد لم)) ([53]).

وقد انتقد الدكتور عبّاس حسن هذا التقسيم لحالات التوكيد الذي جاء به بعض القدماء مثل ابن هشام والشيخ خالد الأزهري، وأخذ به الشيخان الحملاوي ومصطفى الغلاييني، ورأى أنّ التقسيم الصحيح يجب أن يستند على كثرة الاستعمال وقلته بين العرب، فقال: ((فما الحاجة إلى هذا التقسيم... مع أنّ القسم الثاني والثالث لا يختلفان في الأثر؟ فحكمهما واحد هو شدة الحاجة معهما إلى التوكيد، وإنْ كانت هذه الحاجة لا تبلغ مرتبة الوجوب، إذ لا أهمية لزيادة أحدهما على الآخر في درجة الكثرة والنوع، لأنهما معاً مشتركان عند العرب في الكثرة التي تفيد الحاجة للتوكيد، وتجعل استعماله قياسيّاً قوياً، وما يزيد على هذا القدر المشترك يصير زيادة في الدرجة البلاغية، لا في صحة الاستعمال وقوته، وهذه الزيادة متروكة لتقدير المتكلمين في العصور المختلفة بعد عصور الاحتجاج، ولرغبتهم في محاكاة هذا أو ذاك على حسب مقتضيات الأحوال، فهي متنقلة بينهما، فإن لم تتجه الرغبة إلى محاكاة الزائد ـ لغرض بلاغي ـ وشاع الاستعمال الأدبي على إهمالها اكتسبها الأخر، وصار هو الشائع، وانتقلت إليه درجة الزيادة، ولا عيب في هذا، فكلاهما بليغ صحيح يقاس عليه، وكلاهما كثير، ولكنّه قد يحتفظ لنفسه دون الأخر بمرتبة الزيادة في الاستعمال زمناً مؤقتاً، ينتقل بعده إلى نظيره)) ([54])، وقال عن التقسيمين الرابع والخامس، وهما القليل والأقل: ((فما الحاجة إلى تفريقها وعدم إدماجهما في قسم واحد مادامت قلتهما ليست مانعة من القياس عليهما؛ لأنهما قلة نسبية عددية... وليست قلة ذاتية تمنع القياس)) ([55])

2ـ الموقف الثاني: منع توكيد المضارع المنفي بـ لم، فالدكتور محمد محيي الدين عبد الحميد مثلاً لم يتحدث عن توكيد الفعل بعد لم، ولكنّ حديثه عن مواضع الجواز يشعرنا بأنّه منع دخول نون التوكيد على الفعل المسبوق بـ (لم)؛ إذ ذكر أنّ المضارع يجوز توكيده في ثلاث حالات، هي: أن يقع بعد (إن) الشرطية المدغمة في (ما) الزائدة، وأن يقع بعد أداة الطلب، وأن يكون منفياً بـ (لا) ([56]). ومال إلى هذا الرأي الدكتور عبد الجبار النائلة؛ إذ ذكر الحالتين المشهورتين اللتين يؤكد بهما المضارع، وهما وقوعه بعد إن الشرطية المدغمة في ما الزائدة، ووقوعه بعد أداة الطلب، وذكر أنّ توكيد المضارع بعد (لا) النافية قليل، وأشار كذلك إلى الحالات النادرة التي يؤكد بها المضارع مثل اسم الفاعل، ولم يذكر معها توكيد المضارع المنفي بـ (لم) ([57])، وتابعهما على هذا الرأي الدكتور حاتم الضامن، فهو كذلك لم يتحدث عن دخول نون التوكيد على الفعل المنفي بـ (لم)، ولكنّ حديثه عن حالات جواز التوكيد يخبّرنا أنّه كان من المانعين لهذا النوع من التوكيد([58]).

وإذا كان الدكتور محمد محيي الدين عبد الحميد وصاحباه قد منعوا دخول نون التوكيد على المنفي بـ (لم) تلميحاً، فإنّ الدكتور عبد الصبور شاهين قد أشار إلى هذا المنع صراحة، فقال عن الفعل المضارع: ((فإنْ اتّصل به ما يمحصه للمضي لم يجز تأكيده، كما إذا دخلت عليه لم، وهي حرف قلب، أي إنّها تقلب زمن الفعل إلى المضي، بعد أن كان محتملاً الحال والاستقبال))([59]). وذهب الدكتور هاشم طه شلاش وصاحباه مذهبه، فقال: ((وفيما عدا مواطن الوجوب والجواز يمتنع توكيد الفعل المضارع، فإذا فُقِدَ شرط من شروط الوجوب... امتنع التوكيد... أو إذا دلّ على الحال أو إذا دلّ على الماضي، وذلك في المضارع المسبوق بـ لم...لانّ لم قلبت زمن الفعل إلى الماضي)) ([60])، ومثل ذلك فعل الدكتور هادي نهر؛ إذا أشار إلى أنّ بعض النحاة أجازوا توكيد المضارع بقلة، حين يقع بعد لم، وعلّق على هذا القول في الهامش بقوله: ((التوكيد بعد لم لا يجوز في الأصح؛ لأنّ لم نقلب زمن المضارع للمضي، ونون التوكيد تخلصه للمستقبل فيتعارضان، وما سمع من ذلك شاذ لا يقاس عليه)) ([61]) 

3ـ الموقف الثالث: وأصحابه أجازوا توكيد المنفي بـ (لم)، فالدكتور عّباس حسن مثلاً لا يرى من ضير في دخول النون ولم على الفعل مجتمعتين، وعدّ هذا التوكيد قليلاً، إذا ما قيس بتوكيد المضارع المسبوق بـ إن الشرطية المدغمة في (ما) الزائدة، والمضارع الواقع بعد أداة الطلب، وساوى من حيث المرتبة بين هذا النوع من التوكيد وتوكيد المضارع بعد لا النافية، وما الزائدة التي لم تدغم في إن الشرطية، وكذلك المضارع الواقع بعد ربّما، وذكر أنّ هذا النوع من التوكيد على قلته جائز فصيح، ولكنّه لا يرقى في قوته مرقى المضارع المسبوق بـ إنْ الشرطية المدغمة في ما الزائدة، والمضارع الواقع بعد أداة([62]). والمقصود بالقلة هنا ـ على رأي الدكتور عبّاس حسن ـ قلة نسبية، أي قلة بالنسبة لغيره، فيشترك ((القليل والكثير معاً في الكثرة التي تبيح القياس عليهما، ويمتاز الكثير بزيادة الدرجة فيها)) ([63]).

وذكر الدكتور عبده الراجحي أنّ هناك حالات يكون فيها التوكيد جائزاً ولكنّه قليل الاستعمال ومن هذه الحالات أن يقع الفعل المضارع بعد لم، مثل: لم يحضرَنّ عليٌّ، بيد أنّه رأى أنّه من الأحسن أن تقول: لم يحضر من غير تأكيد([64]). وكان الدكتور علي أبو المكارم واحداً ممن أجازوا اجتماع الأداتين لم ونون على فعل واحد، فقال: ((ويجوز توكيده أي المضارع جوازاً متفاوت في القوة في الأحوال التي يخلص معناه فيها للاستقبال، وأهمها... رابعاً: إذا وقع بعد لم...)) ([65]).

تحليل النصوص التي اجتمعت فيها لم ونون التوكيد على فعل واحد

تجول الباحثان في كثير من الكتب القديمة والحديثة، واستطاعا في ضوء ما سمح به الوقت والجهد أن يقفا على عشرة أبيات وقراءة قرآنية واحدة، تخص هذه الظاهرة.

وقبل أن نشرع بذكر هذه النصوص وتحليلها نحب أن نشير إلى أنّ هذه الظاهرة تحتاج إلى استقراء أكثر؛ إذ يزعم الباحثان أنّ هناك نصوصاً أخرى لم نستطع أن نضع اليد عليها، ودليلنا على ذلك قول ابن جنّي ـ تعليقناً على بيت أورده يخصّ هذه الظاهرة ـ بأنّ ذلك ((مثله كثير)) ([66])، وأبدأ الكلام على هذه الظاهرة ببيت تناقلته كلّ الكتب النحوية والصرفية القديمة التي وضّحت موقفها من دخول لم ونون التوكيد على الفعل مجتمعتين، وهذا البيت قول أبي حيان الفقعسي:

يحسبُهُ الجاهلُ ما لم يعلما
 

 

شيخًا على كرسيهِ معمّما
 

 

وقد فسره البصريون وأبو بكر الانباري(ت328هـ)  بأنّ الشاعر أراد (ما لم يَعلمَنْ)، فأبدلت النون الخفيفة المفتوح ما قبلها ألفاً، بسبب الوقف([67])، ولما كان عمل لم ونون التوكيد متعارضين دائماً ـ على رأي النحويين ـ فإنّهم منعوا دخول نون التوكيد على المسبوق بـ لم،([68])، على أساس أنّ(لم) تقلب دلالة الفعل المضارع إلى الماضي، ونون التوكيد تجعل الفعل دالا على الاستقبال بعد أنْ كان يحتمل الحال والمستقبل؛ ولهذا وصف سيبويه اجتماع الأداتين لم ونون على فعل واحد بأنّه غير مقبول إلا في ضرورة الشعر، وخرّج ما جاء من هذا بأنّ(لم) تشبه (لا) الناهية من جهة الجزم، ولأنّ (لم)  للنفي، والنفي يشبه النهي في المعنى([69])، أي وجه هذا الاجتماع بالحمل على الوظيفة والمعنى، وقال: ((وقد يقولون: أقسمتُ لمّا لم تفعلَنّ، لأنّ ذا طلب، فصار كقولك لا تفعلَنّ، كما أنّ قولك: أتُخْبِرُني في معنى افعل، وهو كالأمر في الاستغناء والجواب))([70]).

وذكر المالقي(ت702 هـ) أنّ اجتماع هاتين الأداتين على فعل واحد يتوقف على السماع([71])، ووصفه ابن الناظم والصبّان بأنّه حالة نادرة الوقوع في العربية([72])، وأدخله السيوطي في باب الشذوذ والضرورة([73]). ومن الباحثين المحدثين من أجاز دخول نون التوكيد على الفعل المسبوق بـ لم ([74])، بل إنّ منهم مَن لا يرى من ضير في صحة القياس عليه، وإنْ كان وروده قليلاً في كلام العرب([75]).

ويحتمل الباحثان أن يكون (لم يعلما) أصله (لم يَعلمْ)، وفتحت الميم إتباعاً لصحة اللام، وهذا النوع من الإتباع ذو أثر تقديمي؛ لأن الصوت الأول قد أثر في الصوت الثاني، ثم إنّ الشاعر اشبع فتحة الميم، فصارت ألفاً، وقد أشار إلى هذا التفسير من قبل: الفرّاء(ت207هـ)  وثعلب (ت 291هـ)    ([76])، ولاشك أنّ هذا التفسير أكثر قبولاً من تفسير البصريين وأبي بكر الانباري. ويرجّح الباحثان أن يكون (ما لم يعلما) أصلهُ (ما لم يعلَمَنْ)، وأنّ النون أبدلت ألفاً بسبب الوقف، وأنّ (ما) شرطية، وليست موصولة، دخلت على (لم)؛ والتقدير: مالم يعلمًنْ يحسبْهُ معمّماً ؛ إذ يجوز أنْ تدخل أدوات الشرط على لم، قال السيوطي في حديثة عن لم: ((وتختص بمصاحبة أدوات الشرط)) ([77])، نحو قوله تعالى: ((وإنْ لم تَفْعَلْ فما بلّغتَ رسالتَه)) [المائدة /67].

وإذا دخلت أداة الشرط على (لم) صار المضارع بعدها متجرداً للزمن المستقبل المحض، وبطُلَ تأثير (لم) في قلب زمنه للماضي، ومعنى هذا أنّ لم تقلب زمن المضارع من الحال والاستقبال إلى الماضي يشرط أنْ لا تدخل عليها إحدى أدوات الشرط، فإنْ دخلت عليها إحدى هذه الأدوات لم تقلب زمنه للماضي، وصار التأثير في زمنه مقصوراً على أداة الشرط وحدها، فتخلصه للمستقبل المحض([78])، فمسألة القلب إذن ليست دائمية في لم، وقد أشار ابن يعيش إلى هذا المعنى بقوله: ((ولا يصحّ أنْ تقول: لم يقُمْ غداً إلا أنْ تدخل عليه إنْ الشرطية، فتقلبه قلباً ثانياً؛ لأنّها تردّ المضارع إلى أصل وضعه من صلاحية الاستقبال، فتقول: إنْ لم تقُمْ غداً لم أقمْ)) ([79]). ويمكن تطبيق التعليل الصوتي الذي جاء به الفرّاء وثعلب في تفسير اجتماع نون التوكيد ولم على فعل واحد في قول الشاعر([80]):

وتضْحَكُ مني شيْخَةٌ عَبْشَميّةٌ
 

 

كأنْ لم تَرا قبلي أسيراً يَمانياً
 

 

وكذلك قول الشاعر([81]):

واحْمَرّ للشرّ ولم يَصْفَرّا

فـ ((لم ترا)) أصله (لم تَرَ)، ثم أشبعت الفتحة، فصارت ألفاً، وكذلك (لم يَصْفرّا) أصله (لم يَصْفَرْ)، وفتحت الراء إتباعاً لفتحة الفاء، ثم أشبعت الفتحة فصارت ألفاً.

ويرى ابن جني أنّ (لم ترا) أصله (لم تَرْأ)، وأنّ الألف على مذهب التحقيق وقول مَن قال: رأى ـ يرْأى ـ بدل من الهمزة التي هي عين الفعل ولام الكلمة محذوفة للجزم، فالراء الساكنة لمّا جاورت الهمزة المتحركة ((صارت الحركة كأنّها في التقدير قبل الهمزة، واللفظ بها كأنْ لم تَرَأ، ثم أبدل الهمزة ألفاً لسكونها وانفتاح ما قبلها فصارت ترا)) ([82])، وعلّق على (لم يَصْفَرّا) بأنّه ((يريد يَصْفرّنْ، لذا تأوله بعضهم ومثله كثير)) ([83]).

وبتعليق ابن جني الأخير فسّر ابن منظور قول عمرو بن الأحمر الباهلي:

وسائلةٍ بظهرِ الغيبِ عنّي
 

 

أعارتْ عينُه أم لم تعارا
 

 

فقال: ((أراد تعارَنْ... والألف في أخر تعارا بدل من النون الخفيفة، أبدل منها ألفاً لمّا وقف عليها)) ([84])، هذا ما يمكن أن يقال فيما ظاهره اجتماع نون التوكيد ولم على فعل واحد، وقد أبدلت النون الخفيفة ألفاً لأجل الوقف.

ولاشك في أنّ التفسير الصوتي الذي ساقه الفرّاء وثعلب لا يستطيع أنْ يفسر كلّ الأبيات التي وردت على هذه الشاكلة، فهو مثلا يعجز عن تفسير قول المتبني:

بادٍ هواك صبَرْتَ أم لمْ تصبِرا
 

 

ودمْعُ عينك لم يجرِ أم جرى
 

 

وقد تكون الضرورة الشعرية ، ورغبة الشاعر في المحافظة على تصريح البيت هي التي أجبرته على الإخلال بقواعد اللغة؛ ففي الشعر العربي أبيات كثيرة يكون الشاعر فيها منهمكاً ومشغولاً بموسيقى شعره وأنغام قوافيه، فيخرج عن النظام اللغوي المألوف دون شعور منه أحياناً([85]).

ومن الأبيات التي اجتمعت فيها الأداتان(لم) و(نون) التوكيد على فعل واحد قول الشاعر([86]):

مِن أيّ يَوْمَيّ من الموتِ افِرْ
 

 

أيومَ لَمْ يُقْدَرَ أم يومَ قُدِرْ
 

 

وقول الشاعر([87]):

ألْم تَرَ ما لاقيتُ والدُهرُ أعْصُرٌ
  

 

ومن يتَمَلَّ العيشَ يرْأ ويَسمعُ
 

 

وقد ذكر كثير من النحويين أنّ (لْم يُقًدرَ) و (لم تَرَ) أصلهما: (لم يقْدَرَنْ) و(لم تَرَنْ)، ثم حذفت نون التوكيد الخفيفة وبقيت الفتحة دليلاً عليها([88]). وحذف نون التوكيد غير جائز عند ابن جني؛ لانّ التوكيد أشبه ((شيء به الإسهاب والإطناب لا الإيجاز والاختصار)) ([89]). وقد أشار بعض النحويين مثل ابن هشام والأشموني إلى إن ّفي هذا شذوذين، هما: توكيد المنفي بـ لم، وحذف النون لغير وقف ولا ساكنين([90]).وأمّا ابن جني  فقد فسّر (لمْ يٌقْدَرَ) بأن أصله (لم يُقْدَرْ) بسكون الراء للجزم، وأنّ الهمزة المفتوحة جاورت الراء الساكنة، وقد أجرت العرب الحرف الساكن، إذا جاور الحرف المتحرك مجرى المتحرك، فصارت الراء كأنّها مفتوحة، وصارت الهمزة لما قدّر حركتها في غيرها كأنها ساكنة، ثم أبدلت الهمزة ألفاً لسكونها وانفتاح ما قبلها، وعلى ذلك قولهم: المراة والكماة، ويريدون المرأة والكماة([91])، وبمثل ذلك فسر (المْ تَرَ)؛ إذ قال وكذا قرأت عليه ـ أي على أبي علي الفارسي ـ تَرَ مخففاً، ورواه غيره تَرَأ ما لاقيت)) ([92]).

ورجح ابن هشام أن تكون حركة همزة (أم) قد نقلت إلى راء (يقدر) ثم أبدلت الهمزة الساكنة ألفاً، وبعد ذلك غيّرت الألف  إلى همزة متحركة لالتقاء الساكنين: الألف والميم في (أم) ([93]).

وفي هذين التفسيرين ـ نعني تفسيريْ ابن جني وابن هشام ـ من التكلف ما لا يخفى، ولعلّ أفضل تخريج لهذين البيتين أن يقال:إنّ (لم) هنا أداة نصب لا جزم؛ فقد قيل: إن بعضهم يخرج عن المألوف، فينصب بـ (لم) ويجزم بـ (لن)، وتلك لهجة سمعها اللحياني عن بعض العرب([94]). وعلى هذه اللهجة خرّجوا قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع قوله تعالى: ((ألم نشرَحْ لك صدْرَكَ)) [الشرح /1] بفتح الحاء([95])، وقرأ جمهور القرّاء بجزم الحاء لدخول الجازم([96])،  وقال الشوكاني تعليقا على تخريج هذه القراءة: ((وخرجها بعضهم على لغة بعض العرب الذين ينصبون بـ لم ويجزمون بـ لن... وهذه اللغة لبعض العرب ما أظنها تصح، وإن صحت، فليست من اللغات المعتبرة، فإنّها جاءت بعكس ما عليه لغة العرب بأسرها)) ([97]). وقد خرجت هذه القراءة تخريجات أخرى غير النصب بـ لم، هي([98]):

1ـ ذهب بعض العلماء إلى أنّ الفعل كان مؤكداً بالنون الخفيفة (ألم تشرحَنْ) ثم حذفت النون وبقيت الفتحة، وقد علق اّبن عصفور على هذا الرأي: ((ولا يجوز هذا ـ أي حذف النون ـ في سعة الكلام إلا شاذاً)).

2ـ ذهب الزمخشري  إلى أنّ أبا جعفر قد يكون قرأ الحاء وأشبعها، فظنّ من سمعه يقرأ هذه الآية بأنهّ قرأها بالفتح.

3ـ قد تكون الحاء فتحت إتباعاً لفتحت اللام في (لك)، وهذا النوع من الإتباع ذو أثر رجعي؛ لأنّ الصوت الثاني قد أثّر في الصوت الأول.

4- قد تكون الحاء فتحت أتباعاً لفتحة الراء، وهذا النوع من الإتباع ذو أثر تقدمي؛ لأنّ الصوت الأول قد أثّر في الصوت الثاني.

وعلى اللهجة التي رواها اللحياني عن بعض العرب يمكن تخريج القسم الثالث من الأمثلة التي تخص هذه الظاهرة، والتي جاءت فيها نون التوكيد ليست مبدلة ألفاً ولا محذوفة، وإنّما جاءت متصلة بالفعل لفظاً ومعنى، ومن ذلك قول الشاعر([99]):

إنّ الكريمَ يَحْلُمُ ما لَمْ
 

 

يَرَيْنَ من أجارَه قد ضيما
 

 

ومثله ما أنشده الخالديان في الأشباه والنظائر لبعض العرب([100]):

ألَمْ تَعْلَمَنْ يا ربُّ أنّ رُبَّ دعوةٍ
 

 

دعوتُك فيها مخُلصًا لو أُجابُها
 

 

ومثله كذلك ما جاء في كتاب النحو الشافي الشامل([101]):

مَنْ جَحَدَ الفضلَ ولم يَذْكٌرَنْ
 

 

بالحمدِ صاحِبهُ فقد أجْرَما
 

 

الخاتمة

قمنا بدراسة ظاهرة اجتماع (نون) التوكيد و(لم) على فعل واحد، وقد توصل البحث إلى النتائج الآتية:

1ـ لم يعن القدماء بدراسة هذه الظاهرة، فقد كانوا يشيرون إليها إشارات لا تشفي الغليل في حديثهم عن حالات الوجوب والجواز لتوكيد الفعل بالنون، وكان حديثهم عنها لا يتجاوز السطر الواحد أو السطرين، وكان اللاحق ينقل عن سابقه ولا يزيد.

وقد رفض أكثرهم اجتماع(لم) و(نون) التوكيد على فعل واحد، على أساس أنّ (لم) تقلب دلالة الفعل المضارع إلى الماضي، ونون التوكيد تجعل الفعل دالًا على الاستقبال بعد أنْ كان يحتمل الحال والمستقبل. وأدخلوا ما جاء من هذا في باب الشذوذ أو الضرورة، وأظهر بعضهم تسامحاً في هذه المسالة، فذكر أنّ توكيد المضارع بعد النفي بـ (لم) أقلّ حالات التوكيد وروداً في العربية، ووصف بعضهم اجتماع الأداتين(لم) و(النون) على فعل واحد بأنّه نادرة الوقوع في العربية.

ولم يكن الصرفيون المحدثون في دراسة هذه الظاهرة بأحسن حالًا من اللغويين القدماء، فهم كذلك لم يعطوا هذه الظاهرة المساحة التي تستحقها من البحث والدراسة، واكتفوا بترديد ما جاء عن القدماء بخصوص هذه الظاهرة، واتخذوا منها ثلاثة مواقف، منهم من رأى أنّ توكيد الفعل المنفي بـ لم حالة نادرة في العربية، ومنهم من منع هذا النوع من التوكيد. ومن الباحثين المحدثين من أجاز دخول نون التوكيد على الفعل المسبوق بـ لم، بل إنّ بعضهم لا يرى من ضير في صحة القياس عليه، وإن كان وروده قليلا في كلام العرب.

2ـ اطّلع الباحثان على كثير من الكتب النحوية والصرفية القديمة والحديثة، واستطعا أن نقفا على عشرة أبيات وقراءة قرآنية واحدة تتعلق بهذه الظاهرة، ونزعم أنّ هناك نصوصاً أخرى اجتمعت فيها نون التوكيد ولم على فعل واحد، لم نستطع  أن يضع أيدينا عليها، وكان هذا الاجتماع بين نون التوكيد الخفيفة ولم، ولم يرد في كلام العرب ما يشير إلى اجتماع (لم) و(نون)  التوكيد الثقيلة على فعل واحد. من هنا يمكن القول: إنّ نون التوكيد الخفيفة قد اختصت دون الثقيلة باجتماعها مع (لم) على فعل واحد. ويمكن عد هذه الحالة قياسية في حال تخلي لم عن وظيفة القلب، وبذلك نستطيع التوفيق بين القاعدة النحوية التي تخص الأداتين (لم) ونون التوكيد الخفيفة، واستعمالهما في لغة العرب.

3ـ النصوص التي اجتمعت  فيها نون التوكيد ولم على فعل واحد يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:

أ. نصوص  اجتمعت فيها  النون الخفيفة ولم على فعل واحد، وجاءت فيها النون مبدلة ألفاً بسبب الوقف عليها.

ب . نصوص اجتمعت فيها النون الخفيفة ولم على فعل واحد، وقد جاءت فيها النون محذوفة لغير علة الوقف والتقاء الساكنين.

ج . نصوص اجتمعت فيها النون الخفيفة ولم على فعل واحد، وقد جاءت فيها النون الخفيفة متصلة بالفعل لفظاً ومعنى

4 .  حاول البحث أن يقدم عدة تفسيرات لهذه الظاهرة، فبعض الأبيات التي اجتمعت فيها لم و النون الخفيفة فسّرت في ضوء ظاهرتي الإتباع والإشباع الحركيين، وبعض الأبيات فسرت بأنّ الشاعر كان فيها منهمكاً ومشغولاً بموسيقى الشعر وأنغام القوافي، فخرج عن النظام اللغوي المألوف دون شعور منه، وبعض الأبيات خرجت على أنّها لهجة لبعض العرب، فينصبون بـ لم ويجزمون بـ لن، وصنف رابع من الأمثلة فسرت على أنّ لم فيها جاءت للنفي والجزم فقط وليس للقلب، ويحصل ذلك حين تدخل عليها أداة شرط؛ ذلك أنّ دخول أداة الشرط على (لم) تجعل المضارع بعدها متجرداً للزمن المستقبل المحض، ويبطل تأثير(لم) في قلب زمنه للماضي، ومعنى هذا أنّ(لم) تقلب زمن المضارع من الحال والاستقبال إلى الماضي، بشرط أن لا تدخل عليها إحدى أدوات الشرط، فإن دخلت عليها إحدى هذه الأدوات لم تقلب زمنه للماضي، ويكون التأثير في زمنه مقصورًا على أداة الشرط وحدها، فتخلصه للمستقبل المحض، فمسالة القلب ليست دائمية في(لم).

روافد البحث:

  • القرآن الكريم
  • الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين، لأبي البركات الانباري (ت577 هـ)، تقديم حسن حمد، ط2 ـ دار الكتب العلميه ـ بيروت 2007م.
  • أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، لابن هشام الأنصاري (ت761هـ)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، منشورات المكتبة العصرية ـ بيروت، بدون تاريخ
  • إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل، لأبي بكر الانباري (ت328هـ) ،  تحقيق محيي الدين عبد الرحمن رمضان، ط5، مطبوعات مجمع اللغة العربية ـ دمشق  1971م.
  • البحر المحيط، لأبي حيان الأندلسي (ت745)، ط2، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ـ المغرب 1978م.
  • تصريف الأسماء والأفعال، لفخر الدين قباوة، ط2، مكتبة المعارف ـ بيروت 1988م.
  • التطبيق الصرفي، للدكتور عبدة الراجحي، ط1، دار المسيرة للنشر والتوزيع ـ الأردن 2003م.
  • التعريف بالتصريف، للدكتور علي أبو المكارم، ط1، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع ـ القاهرة 2007م.
  • جامع الدروس العربية، للشيخ مصطفى الغلاييني (ت1944م)، ط1، دار إحياء التراثعربي ـ بيروت 2004م.
  • الجنى الداني في حروف المعاني، للحسن بن قاسم المرادي (ت 749 هـ)، تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة، ومحمد نديم فاضل، ط1، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1992م.
  • حاشية الصبّان على شرح الاشموني على ألفية  ابن مالك المحمد بن علي الصّبان (ت1206هـ)، تحقيق إبراهيم شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1997 م.
  • دروس التصريف في المقدمات وتصريف الأفعال، للدكتور محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الطلائع للنشر والتوزيع ـ القاهرة 1958 م.
  • رصف المباني في شرح حروف المعاني، لأحمد بن عبد النور المالقي (ت 702 هـ)، تحقيق أحمد محمد الخرّاط، مطبوعات مجمع اللغة الغربية ـ دمشق، بدون تاريخ
  • سر صناعة الإعراب، لابن جني (ت 392 هـ)، تحقيق محمد حسن محمد حسن إسماعيل وأحمد رشدي شحاته عامر، ط2، دار الكتب العلمية ـ بيروت 2007 م.
  • شذا العرف في فن الصرف، للشيخ أحمد الحملاوي، شرحه ووضع فهارسه الدكتور محمد أحمد قاسم منشورات ذوي القربى إيران 1426 هـ.
  • شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، لابن عقيل (ت 769هـ)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، منشورات سيد الشهداء إيران.
  • شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، للأشموني (ت 929هـ)، ط1، تحقيق حسن حمد دار الكتب العلمية بيروت 1998م.
  • شرح ألفية ابن مالك، لابن الناظم، ط1، دار إحياء التراث العربي بيروت، 2009م.
  • شرح التصريح على التوضيح، للشيخ خالد الأزهري (ت 905هـ)، تحقيق محمد باسل عيون السود، ط1، دار الكتب العلميةـ بيروت 2000 م.
  • شرح جمل الزجّاجي، لابن عصفور الإشبيلي (ت 669هـ)، وضع هوامشه وفهارسه فوّاز الشعّار، ط1، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1998م.
  • شرح الرضي على الكافية، لرضي الدين الإسترابادي (ت 686 هـ)، تصحيح وتعليق يوسف حسن عمر، ط2، منشورات جامعة قار ـ يونس بنغازي 1996م.   
  • شرح المفصل، لابن يعيش (ت 643 هـ)، وضع هوامشه وفهارسه الدكتور إميل بديع يعقوب، ط1، دار الكتب العلمية ـ بيروت 2001 م.
  • الصرف، للدكتور حاتم الضامن، دار الحكمة للطباعة والنشر ـ بغداد 1991 م.
  • الصرف الواضح، للدكتور عبد الجبار النائلة، جامعة الموصل 1988م.
  • الصرف الوافي، للدكتور هادي نهر، مطبعة التعليم العالي ـ الموصل 1989م
  • فتح القدير بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، لمحمد بن علي بن محمد الشوكاني، نشر دار المعرفة ـبيروت.
  • فصول في فقه العربية، للدكتور رمضان عبد التواب، ط6، نشر مكتبة  الخانجي ـ  القاهرة 1999م.
  • في النحو العربي نقد وتوجيه، للدكتور مهدي المخزومي (ت 1991م)، ط2، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد 2005م
  • الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل، لجار الله الزمخشري (ت538هـ) طبع مكتبة مصطفى ألبابي الحلبي ـمصر 1948 م.
  • الكتاب، لسبويه (ت180هـ)، علّق عليه ووضع حواشيه وفهارسه الدكتور إميل بديع يعقوب، ط1، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1999م.
  • لسان العرب، لابن منظور (ت711هـ)، تحقيق عامر أحمد حيدر، ط1، دار الكتب العلمية ـ بيروت 2005م.
  • مجالس ثعلب، لأبي العباس ثعلب (ت291هـ)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، ط2، دار المعارف ـ مصر 1960م.
  • المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها، لابن جني (ت 392هـ)، تحقيق محمد عبد القادر عطا، ط1، دار الكتب العلمية بيروت 1998م.
  • معاني النحو، للدكتور فاضل السامرائي، ط2، نشر شركة العاتك ـ القاهرة 2003م.
  • المعجم المفصل في علم الصرف، للأستاذ راجي الأسمر، مراجعة الدكتور إميل بديع يعقوب، دار الكتب العلمية ـ بيروت، بدون تاريخ.
  • المغني في تصريف الأفعال، للدكتور محمد عبد الخالق عظيمة، ط2، دار الحديث ـ القاهرة 1999م.
  • مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام الأنصاري (761هـ)، تحقيق الدكتور مازن مبارك ومحمد علي حمد الله، مراجعة سعيد الأفغاني، ط1، دار الفكر ـ بيروت 2005م.
  • المقتصد في شرح الإيضاح، لعبد القاهر الجرجاني (ت471هـ)، تحقيق كاظم بحر المرجان، دار الرشيد للنشر، المطبعة الوطنية ـ عمان 1982م.
  • المنهج الصوتي للبنية العربية، للدكتور عبد الصبور شاهين، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت 1980م.
  • المهذب في علم التصريف، للدكتور هاشم طه شلاش، والدكتور صلاح مهدي الفرطوسي والدكتور عبد الجليل عبيد حسين، مطبعة التعليم العالي ـ الموصل 1989م.
  • النحو الشافي الشامل، لمحمود حسني مغالسة، ط1، دار المسيرة ـ عمان 2007م.
  • النحو الوافي، للدكتور عباس حسن، ط1، مكتبة المحمدي ـ بيروت 2007م.
  • همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، للسيوطي (ت911هـ)، تحقيق أحمد شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1998م.

الوقف في العربية على ضوء الساميات، للدكتور عبد البديع النيرباني، ط1، دار الغوثاني للدراسات القرآنية ـ دمشق 2008م.

 

 [1]- ينظر المنهج الصوتي للبنية العربية، للدكتور عبد الصبور شاهين: 96.

[2] - التطبيق الصرفي، للدكتور عبده الراجحي:58. 

[3] - المعجم المفصل في علم الصرف، لراجي الأسمر:416ـ417.

 - [4]جامع الدروس العربية:62.

 - [5]شرح المفصل:5/163، الصرف الوافي:243.

 - [6]الكتاب:3/568.

[7] - ينظر الصرف الواضح:79ـ83، التعريف بالتصريف:151ـ152.

[8] - المنهج الصوتي للبنية العربية: 98.

 - [9]معاني النحو: 4/ 33.

 - [10]ينظر شرح ابن عقيل: 4/46.

[11] - شرح المفصل: 5/35.

 - [12]شرح جمل الزجّاجي، لابن عصفور: 2/302.

[13] - شرح المفصل: 5/35 - 36.

[14] - ينظر: همع الهوامع: 2/446، جامع الدروس العربية: 293.

 - [15]النحو الوافي: 4/312.

[16] - جامع الدروس العربية: 292.

 - [17]ينظر: همع الهوامع: 2/447.

[18] - النحو الوافي: 4/314.

 - [19]في النحو العربي نقد وتوجيه: 275.

[20] - النحو الوافي: 4/130 - 131.

[21] - شرح المفصل: 5/163 – 164، الصرف الوافي: 243.

[22] - الكتاب: 4/9، الإنصاف في مسائل الخلاف: 2/ 166.

[23] - الإنصاف في مسائل الخلاف: 2/165.

[24] - الكتاب: 4/10.

[25] - المنهج الصوتي للبنية العربية: 103.

[26] - شرح المفصل: 5/164 – 165.

[27] - شرح ألفية ابن مالك، لابن الناظم: 239، شرح الأشموني: 3/128 - 129.

[28] - شرح التصريح على التوضيح: 2/313.

[29] - ينظر سر صناعة الإعراب: 2/316، شرح التصريح على التوضيح: 2: 312- 313.

[30] - الوقف في العربية على ضوء الساميات، للدكتور عبد البديع النيرباني: 69. 

[31] - ينظر المحتسب: 2/434. 

[32] - سر صناعة الإعراب: 1/89. 

[33] - الكتاب: 3 / 578  - 579. 

[34] - شرح المفصل: 5/170.

[35] - شرح جمل الزجاجي: 3/ 84 ـ 86.

[36] - شرح الرضي على الكافية:4/ 487.

[37] - رصف المباني في حروف المعاني، للمالقي:234.

[38] - الجنى الداني في حروف المعاني:143.

[39] - أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك: 4/95ـ 106.

[40] - شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: 4/ 95ــ 106.

[41] - شرح ألفية ابن مالك، لابن الناظم: 236.

[42] - المصدر نفسه، والصفحة نفسها.

[43] - شرح التصريح: 2/ 300.

[44] - همع الهوامع: 2/ 512 ــ 514.

[45] - شرح الاشموني: 3/ 119.

[46] - حاشية الصبّان: 3/ 322.

[47] - شرح الأشموني: 3/ 119.

[48] - حاشية الصبّان: 3/322.

[49] - شذا العرف: 63 ـ 64.

[50] - المرجع نفسه: 64ــ 65.

[51] - جامع الدروس العربية: 64.

[52] - تصريف  الأسماء ولأفعال: 260.

[53] - المغني في تصريف الأفعال:230.

[54] - النحو الوافي:4 / 138.

[55] - المرجع نفسه، والصفحة نفسها.

[56] - دروس التصريف:174.

[57] - النحو الواضح: 80 ــ 83.

[58] - الصرف، للدكتور حاتم الضامن:110ــ 111.

[59] - المنهج الصوتي للبنية العربية: 96.

[60] - المهذب في علم التصريف: 129ــ 130.

[61] - الصرف الوافي: 247.

[62] - النحو الوافي: 4/ 135ــ 136.

[63] - المرجع نفسه: 4/ 137.

[64] - التطبيق الصرفي:60.

[65] - التعريف بالتصريف: 125.

[66] - سر صناعة الإعراب:2/ 318.

[67] - مجالس ثعلب: 2/ 552، إيضاح الوقف والابتداء: 361.

[68] - المقتصد في شرح الإيضاح، لعبد القاهر الجرجاني: 1131.

[69] - الكتاب:3/ 579، شرح الرضي على الكافية: 4/487.

[70] - الكتاب: 3/ 579.

[71] - رصف المباني في حروف المعاني: 234.

[72] - شرح ألفية ابن مالك، لابن الناظم:236، حاشية الصبّان:3/ 322.

[73] - همع الهوامع: 2/ 512.

[74] - التعريف بالتصريف: 152.

[75] - النحو الوافي: 4/ 135ــ 136، التطبيق الصرفي:60.

[76] - مجالس ثعلب: 2/ 55، إيضاح الوقف والابتداء: 1/ 361.

[77] - همع الهوامع: 2/ 446.

[78] - النحو الوافي: 4/ 312.

[79] - شرح المفصل: 5/ 35.

[80] - سر صناعة الإعراب: 1/ 90.

[81] - المصدر نفسه: 2/ 318.

[82] - المصدر نفسه: 1/90.

[83] - المصدر نفسه: 2/ 318.

[84] - لسان العرب: 3/ 570.

[85] - فصول في فقه العربية، للدكتور رمضان عبد التواب: 163.

[86] - المحتسب: 2/ 234، شرح الأشموني: 3/239.

[87] - سر صناعة الإعراب: 1/ 91.

[88] - مغني اللبيب: 269، شرح الأشموني: 3/239.

[89] - المحتسب: 2/ 434.

[90] - مغني اللبيب: 269، شرح الأشموني: 3/ 240.

[91] - سر صناعة الإعراب: 1/ 89ــ 90.

[92] - المصدر نفسه: 1/ 91.

[93] - مغني اللبيب:270.

[94] - المصدر نفسه: 269، شرح الأشموني: 3/239.

[95] - شرح الأشموني: 3/ 239، همع الهوامع: 2/ 447.

[96] - البحر المحيط: 8/487.

[97] - فتح القدير: 5/ 461.

[98] - الكشاف: 3/ 346، البحر المحيط: 8/ 487.

[99] - أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك: 3/ 340ــ 341.

[100] - المصدر نفسه: 4/ 107.

[101] - النحو الشافي الشامل، لمحمود  حسني مغالسة: 284.