تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 231
إلى صفحة: 249
النص الكامل للبحث: PDF icon 180423-202152.pdf
البحث:

المقدمة

شكلت الصعلكة في الأدب العربي ظاهرة استرعت اهتمام الباحثين, قديماً وحديثاً لما امتازت به من فرادة في التفكير والسلوك , وما ترتب على ذلك من ردة فعل اتسمت غالباً بالسلبية من قبائلهم لأن القبيلة هي المسيطر الأساس على الفرد آنذاك ومن ثم لا يمكن لأحد أن يتنكر لهذا الضابط , وهذا البحث ينطلق أساساً من أهمية هذه الظاهرة, محاولا استجلاء صورة الصعلوك عند أهم شعرائها – عروة بن الورد – الذي طالما حاول رسم ملامح شخصية الصعلوك في شعره.

وتبعاً لطبيعة الموضوع فقد قسم على ثلاثة مباحث سبقها تمهيد في مفهوم الصعلكة لغوياً وعرفياً, وكان المبحث الأول في شخصية الصعلوك المكافحة بحسب ما رسمها عروة, أما المبحث الثاني فكان مداره الشخصية المغتربة عند الصعلوك, وكان ثالث المباحث في النزعة الاشتراكية للشخصية الصعلوكية وقد وجد الباحث ان المنهج التحليلي الذي يعتمد النص أساساً في استجلاء الحقيقة هو الأنسب لهذه الدراسة, مع الإفادة من المناهج البحثية الأخرى.

ولابد من التنويه إلى أن الولوج في عالم الصعلكة لا يخلو من متاعب ولكن هذه المتاعب قد تتلاشى أمام طرافة الموضوع ومتعة البحث والسعي الجاد لاكتشاف الحقيقة.

نسأل الله أن ينال البحث رضا واستحسان القراء انه نعم المولى والنصير.

التمهيد: الصعلوك بين المعنى اللغوي والمفهوم الاجتماعي

في لسان العرب يرد التصعلك بمعنى الفقر فالصعلوك هو الفقير الذي لا مال له وزاد الأزهري ولا اعتماد وتصعلكت الإبل أنجردت أوبارها وطرقها ورجل مصعلك الرأس صغيرة ([1]).

والجامع لهذه المعاني: الصغر والإنجراد([2]) ومعنى هذا ان أصل التصعلك ليس الفقر يؤيد هذا الرأي وجود عروة ذاته فهو ليس فقيراً  فالفقر  مظهر من مظاهر التصعلك لا أصلاً له كما ذهب ابن دريد الى ذلك([3]) وخالفه فيه الدكتور يوسف خليف الذي وجد بأن الفقر يمثل ((الطور المعنوي في معناه – أي الفقر – الذي يأتي بعد الطور الحسي)). ([4])

ويبدو إن ما ذكرته المعاجم العربية غير كاف لاستجلاء صورة واضحة لشخصية الصعلوك إذ إنها جعلت التصعلك مرادفاً للفقر مما قد يثير تساؤلات عدة فليس كل فقير صعلوك لاسيما اذا عرفنا ان الفقر والجوع كان السمة الظاهرة في حياة العرب عموماً مما يعني إن هناك – فضلاً على الفقر – سمات أخرى لابد أن يتميز بها الصعلوك.

لذلك فإن الباحث يرى إن الصعاليك مسكونون بروح التمرد والثورة على النظام القبلي الذي أفقدهم توازنهم الاجتماعي مما أدى الى أن يكون سلوكهم (صراعياً) بدل أن يكون سلوكاً تعاونياً, فلا يشترط أن يكون الصعلوك دائماً هو الفقير, فعروة بن الورد لم يكن بحاجة الى المال في أغلب أحواله ([5]). وبهذا المعنى فإن الصعلكة كانت ردة فعلٍ ولم تكن فعلاً بحد ذاتها ولو زالت أسبابها لانتهت هي كذلك.

والناظر في الشعر الصعلوكي قد يلاحظ ما يذهب اليه الباحث دون عناء في تلك المضان اذ يجد أن الصعلكة غير الفقر, بل أننا نجد من بين الصعاليك من يؤيد هذا الرأي في شعره, فهذا عروة يطرد الصعلوك (الفقير) من عائلة الصعلكة حينما يقول([6]):

 

لحى الله صعلوكاً إذا جن ليله
 

 

 

مصافي المشاش آلفا كل مجزرِ
 

 

     
 

ويهيب بالصعلوك الحق في قوله ([7]):

مطلاً على أعدائه يزجرونه
 

 

 

بساحتهم زجر المنيح المشهرِ
 

 

     
 

فالصعلكة عند الصعاليك أنفسهم لا تعني الفقر أبداً بل تعني الشجاعة والإقدام والكفاح ونبذ الكسل. ([8])

ومن الطبيعي أن ينتقم المجتمع العربي لنفسه من الصعاليك لخروجهم على مألوفة وهذا ما يفسر تسمية الصعاليك بأكثر من أسم كلها ذات دلالات سلبية مثل (الفقراء الأوباش والبدورة والجعيدية والحرافيش والخلعاء والذعار والسرّاق) وغيرها ([9]). وبهذا يمكن أن نلحظ إن مفهوم الصعلوك في المتن العربي الرسمي يعد مفهوماً سلبياً ولطالما قرن ذلك المفهوم بالسلب والإغارة وإثارة الخوف في نفوس الناس فهم الذين ((روعوا الجزيرة العربية في عصرها الجاهلي وأثاروا في أرجائها الرعب والفزع)) ([10]) ومن ثم ذهبت المخيلة العربية ترسم للصعلوك في صورة عجائبية بعيدة عن الواقع وقد تبدو متناقضة, فلقد صور الصعلوك بصورة الفاتك الذي يمتلك من القوة الجسدية ما يجعله يثير الرعب في نفوس أشجع الفرسان, ([11]) ويطارد الظباء فيلحق بها أو يسبقها([12]) وقد صور الصعاليك أيضاً على أنهم أقرب الى الحياة الحيوانية لذلك سموا بـ (ذؤبان العرب) تشبيهاً لهم بالذئاب في قوة فتكها وغدرها لكننا نجد على الضد من ذلك صورة مختلفة للصعلوك تقدمها لنا أشعار الصعاليك صورة توحي بالنبل والإيمان بالقيم الإنسانية الشريفة ([13]) مما جعل الباحث في شك من أمر تلك المرويات ومدى صحتها في تصوير شخصية الصعلوك ووصف الصعلكة والتصعلك بالطابع السلبي والعدائي لذلك وجد الباحث إن حقيقة الصعاليك تتضح في أشعارهم أكثر مما تتضح في تلك الأخبار وقد يكون من التجني البحث عنها في تلك المرويات, لان طابع المبالغة والصنعة واضح عليها بيّن , وقد يكون من الأفضل جعل تلك المرويات جنساً إبداعيا قائماً بذاته لا علاقة له بحقيقة الصعاليك المبثوثة في أشعارهم لذلك فإن هذا البحث استقراءً لصورة الصعاليك وحقيقتهم في ديوان عروة بن الورد الذي وصف بأنه سيد الصعاليك وأبوهم.

إن اثر البيئة الجغرافية لشبه جزيرة العرب كان واضحاً في تكوين ملامح الشخصية العربية آنذاك, فهذا التطرف في درجات الحرارة والاختلاف البين في حالات الطقس ربما كان مسؤولاً عن تكوين شخصية العربي التي تبدو متطرفة تبعاً لتطرف بيئتها فالبدوي ((لا يعرف القصد لا في الخير ولا في الشر مبالغ في عداوته, مبالغ في محبته, لا يتورع عن الغدر, لكنه اذا عاهد على الوفاء بذل حياته في سبيل عهده, يغزو وينهب حتى يكاد يفقد حياته ثم يوزع ما يغنمه على سواه)) ([14]) فضلاً على ذلك فإن التنقل للبحث عن مكامن العشب جعلت البدوي لا يألف الاستقرار بل يستهجنه ويحتقر الزراعة والصناعة ولا يجد نفسه إلا بالرعي والتجارة والصيد والنهب كما يرى ابن خلدون ([15]) ثم إن البناء القبلي بتكوينه الذكوري وطبقيته وعدم تهاونه مع كل من يحاول أن يخرق ذلك البناء كان سبباً في تكوين جماعات من المخلوعين لأسباب أخلاقية والمنبوذين بسبب هجنتهم والرافضين لعدد من الأعراف الصارمة ([16]) فكانت تلك الجماعات تشترك كلها في هم واحد يتمثل في عدم تقبل المجتمع لهم مما ولد في نفوسهم غاية واحدة تتجه الى الخروج على ذلك المجتمع الذي لم ينصفهم – وهكذا تشكلت جماعة الصعاليك لتكون طبقة خارجة على المألوف الاجتماعي, طبقة غير محكومة ولا خاضعة لما هو سائد وقار في نظام القبيلة.

إن غياب سلطة الدولة وعدم وجود زعامات متزنة وغياب العدالة الاجتماعية التي تساوي بين الغني والفقير وطبيعة الأرض الصحراوية وقسوة الحياة ووجود الفراغ لعدم الاهتمام بالأعمال اليومية, يمكن أن تكون أسباباً وجيهة لنشوء الصعلكة. ([17])

وإذا عرفنا إن معظم هذه الأسباب ولاسيما غياب العدالة والعوز المادي ظلت ملازمة للمجتمع العربي حتى في العصور الحديثة لتبين لنا ان الصعلكة شكلت ظاهرة تجاوزت الأفراد الى مجموعات أكبر, فقد احترفت قبائل برمتها الصعلكة كما هو حال قبيلتي هذيل وفهم([18]).

ثم أنها – أي الصعلكة – لم تنته –بانقضاء العصر الجاهلي بل استمرت الى يومنا هذا ([19]). مع وجود فوارق فرضتها التغيرات السياسية والاجتماعية, مما جعلها ولاسيما في العصر الحديث تتحول الى ظاهرة اجتماعية قولية أكثر من كونها ممارسات هجومية قتالية.

 

المبحث الأول: الشخصية المكافحة

إن الناظر في شعر عروة يجد أن الرجل مسكون بهاجس الثورة, اذ لا تقتصر الثورة عنده على الأوضاع غير الإنسانية التي كانت سائدة آنذاك بل تتعداها لتصبح ثورة داخلية أكسبت شخصيته طابعاً حركياً رافضاً لأي سكون, ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا رفض عروة لنفسه أو لغيره من الصعاليك أن يكونوا ممن يُطعمون ولا يَطعمون ((وأشد ما يؤذي عروة قعود بعض الصعاليك عن تتبع رزقهم وعلة معيشتهم, وهم قادرون على ذلك, وقد صور تصويراً حاذقاً طبيعة الصعلوك الخامل هذا من جهة, ومن جهة أخرى طبيعة الصعلوك النشط, فهو يكره الأول لأنه خامل قانع ويحب الثاني لأنه يرى فيه شخصيته وقوة شجاعته ولا يعذر إلا ذوي العاهات والمرضى والعاجزين)) ([20]) وبهذا فإن شعر عروة دعوة أراد لها أن تكون دستوراً يسري على الصعاليك أجمعهم.

يقول عروة: ([21])

لحى الله صعلوكاً إذا جن ليله
 

 

 

مصافى المشاش آلفاً كل مجزرِ
 

يعد الغنى من نفسه كل ليلة
 

 

 

 

أصاب قراها من صديق ميسرِ
 

 

ينام عشاء ثم يصبح طاوياً
 

 

 

 

ينام عشاء ثم يصبح طاوياً
 

 

يحث الحصى عن جنبه المتعفرِ
 

 

 

 

قليل التماس الزاد إلا لنفسه
 

 

اذا هو أمسى كالعريش المجورِ
 

 

 

 

يعين نساء الحي مايستعنه
 

 

ويمسي طليحاً كالبعير المحسرِ
 

 

 

 

ولكن صعلوكاً صحيفة وجهه
 

 

كضوء شهاب القابس المتنورِ
 

 

 

 

مطلاً على أعدائه يزجرونه
 

 

بساحتهم زجر المنيح المشهرِ
 

 

 

 

بساحتهم زجر المنيح المشهرِ
 

 

بساحتهم زجر المنيح المشهرِ
 

 

 

 

إذا بعدوا لايأمنون اقترابه
 

 

إذا بعدوا لايأمنون اقترابه
 

 

 

 

تشوف أهل الغائب المتنظرِ
 

 

فذلك إن يلق المنية يلقها
 

 

 

 

حميداً وإن يستغن يوماً فأجدرِ
 

 

     
 

 

يصور لنا عروة في هذه الأبيات نموذجين من الصعاليك بدلالة قوله في البيت الأول (لحى الله صعلوكاً) وقوله في البيت السادس (ولكن صعلوكاً صحيفة وجهه كضوء شهاب القابس المتنور),فالنموذج الأول مثال مرفوض عنده يستحق الاستهجان إذ هو كالكلب الذي يعيش على فتات المجازر وجل همته أن يملأ بطنه ليصبح ناعماً حتى ان النساء يستعنه لقضاء حوائجهن فهو كالبعير الذليل.

أما النموذج الثاني فهو نموذج الصعلوك الفاضل الذي قرنه عروة بالأعداء لكثرة مزاحمته إياهم ودفعهم له حتى أنهم يخافونه ولا يأمنون اقترابه وكأنهم ينتظرون عودته ليغزوهم في كل لحظة كما ينتظر الأهل غائبهم فهذا الصعلوك تتجاوز همته إشباع بطنه أو طلب السلامة بل أنه يستقبل المنية وهو راض وإن كتبت له السلامة فذلك أجدر به،والملاحظ على النص المتقدم يرى بوضوح حركية النص لدى عروة، فهو مع الحركة المجدية – وإن كانت خطرة – وضد السكون السلبي – وإن كان آمناً -.

 

 

وفي أبيات أخرى نجد عروة وكأنه يقدم الأسباب المقنعة لخروج الصعلوك للقتال فيقول: ([22])  

إذا المرء لم يطلب معاشاً لنفسه
 

 

 

 

شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا
 

 

وصار على الأدنين كلا وأوشكت
 

 

 

 

صلات ذوي القربى له أن تنكرا
 

 

وما طالب الحاجات من كل وجهة
 

 

 

 

من الناس إلا من أجد وشمرا
 

 

فسر في بلاد الله والتمس الغنى
 

 

 

 

تعش ذا يسارٍ أو تموت فتعذرا
 

 

     
 

فعروة في هذه الأبيات يضع اشتراطا لابد للصعلوك من الالتزام به ليعيش في يسار أو يموت فيعذرا لذلك فإنه – أي الصعلوك – (اذا لم يطلب معاشاً شكا الفقر أو لام بصديق) وبخلاف ذلك فإنه سيكون عالة على غيره وقد يتنكر له حتى أقاربه, فخير له أن يشمر عن ساعده الجد ويسعى في الأرض جاهداً حراً، وهنا رفضٌ للذل والحصول على الرزق مع المن فعلى الصعلوك ان يحصل على رزقه بنفسه وان لم يفعل ذلك فالموت أولى له سواءً كان جوعاً أو قتلاً. 

وقال عروة: ([23])

اذا قيل يابن الورد أقدم الى الوغى
 

 

 

 

أجبت فلاقاني كمي مقارعُ
 

 

بكفي من المأثور كالملح لونه
 

 

 

 

حديث باخلاص الذكورة قاطع ُ
 

 

فأتركه بالقاع رهناً ببلدة
 

 

 

 

تعاوره فيها الضباع الخوامعُ
 

 

محالف قاع كان عنه بمعزل
 

 

 

ولكن حين المرء لابد واقعُ
 

 

فلا أنا مما جرت الحرب مشتك
 

 

 

 

ولا أنا مما أحدث الدهر جازعُ
 

 

ولابصري عند الهياج بطامح
 

 

 

 

كأني بعير فارق الشوك نازعُ
 

 

     
 

وفي هذه الأبيات تتجلى (أنا الشاعر) واضحة بدلالة الألفاظ (يا ابن الورد, أجبت, بكفي, فأتركه, أنا, بصري, كأني) مما يجعلنا أمام حقيقة إن الصعلوك لا ينتهج في شعره النهج الشعري السائد الذي كثيراً ما يتحدث الشاعر من خلاله بضمير الجماعة (نحن) بل على الضد من ذلك اذ ((يصبح ضمير الفرد (أنا) أداة التعبير فيه بدلاً من ضمير الجماعة (نحن) الذي هو أداة التعبير في الشعر القبلي وتصبح المادة الفنية للشعر مشتقة من شخصيته هو لا من شخصية قبيلته, ومعنى هذا ان ظاهرة الغناء لشخصية الشاعر القبلي في شخصية قبيلته التي نلاحظها بوضوح عند أصحاب المذهب القبلي في الشعر الجاهلي قد اختفت من مجموعة الشعر داخل الصعلكة)) ([24]) وهذا يتجسد في قول عروة: ([25])

 

لعل انطلاقي في البلاد ورحلتي
 

 

 

 

وشدي حيازيم المطية بالرجلِ
 

 

سيدفعني يوماً الى رب هجمة
 

 

 

 

يدافع عنها بالعقوق وبالبخلِ
 

 

     
 

فعروة لا يجد أمامه سوى المجازفة فترحاله من مكان لآخر قد يعرضه الى المواجهة, لكنه مع ذلك فهو لا يستكين أو يتهاون في مسعاه الكفاحي.

يقول عروة: ([26])

اذا المرء لم يبعث سواماً ولم يرح
 

 

 

 

عليه ولم تعطف عليه اقاربُه
 

 

فللموت خير للفتى من حياته
 

 

 

 

فقيراً ومن مولى تدب عقاربُه
 

 

     
 

وهذا معيار آخر يقدمه عروة لبؤس الإنسان الذي يصل به الحد أن يتمنى الموت إن هو يملك على الأقل الإبل وماشية أو عطفا من أقاربه وكأن في هذين البيتين حقيقة تشي بأن عروة كان فاقداً لهذه الأشياء وما  أمامه سوى الغزو للحصول عليها, لأنه من الصعوبة أن يغير من نظرة المجتمع حتى يحصل على ما يجعله سيداً في عيون الآخرين لذلك يقول عروة: ([27])

دعيني للغنى أسعى فإني
 

 

 

 

رأيت الناس شرهم الفقيرُ
 

 

وأبعدهم وأهونهم عليهم
 

 

 

 

وإن أمسى له حسب وخيرُ
 

 

ويقصيه الندى وتزدريه
 

 

 

 

حليلته وينهره الصغيرُ
 

 

ويلفى ذو الغنى وله جلال
 

 

 

 

يكاد فؤاد صاحبه يطيرُ
 

 

قليل ذنبه والذنب جمٌ
 

 

 

 

ولكن للغنى رب غفورُ
 

 

     
 

هنا نلاحظ ان الشاعر قد عمد الى المبالغة في تصوير الفقير ليس على صعيد التصرفات والأفكار فحسب بل على صعيد اللغة أيضاً حين استخدم الضمير  (الهاء) للغائب وكأنه حتى على صعيد النص لا وجود له بل هو غائب لأن النص هنا تكريس لصورة الغني التي حاول الشاعر رسمها.

فعروة في هذه الأبيات يضع المبرر للخروج وذلك من خلال الموازنة التي عقدها بين الغني والفقير ونظرة المجتمع لكل منهما وشتان مابين النظرتين فالفقير من شرار الناس وأهونهم حتى ان زوجته تزدريه وهو ينهر حتى من الصغار على الضد من الغني الذي يحظى بالاحترام وإن لم يكن أهلاً له, كذلك فالخروج من هذا الوضع يتطلب عدم إجابة الأعداء وإظهار الشجاعة فيقول: ([28])

أرى أم حسان الغداة تلومني
 

 

 

 

تخوفني الأعداء والنفس أخوفُ
 

 

لعل الذي خوفتنا من أمامنا
 

 

 

 

يصادفه في أهله المتخلفُ
 

 

     
 

يقدم عروة صورة حية للصعلوك المفضل لديه من خلال إيمانه بحكمة الإقدام اذ ليس هناك بد سوى مواجهة الأعداء فهو أفضل عنده من مداهمة الموت له وهو متخلف عند أهله ((حتى أصبح الصعلوك مثلاً يضرب في الشجاعة)) ([29]) وفي مروج الذهب وصف أحد الأشخاص قتال المهلب ضد الخوارج قائلاً ((كان يقاتلهم بجنده مقاتلة الصعلوك)) ([30]).

وكفاح عروة طالما أوصله – مثلما أوصل غيره من الصعاليك  – الى أن يجعل منه سلوكاً شخصياً يحمل دلالتين فهو أولاً يعني الحرية ومن ثم – وهذا ثانياً – فإنه يعني الخصوصية الفردية, لذلك يسعى عروة أن تكون حرية الصعلوك كسراً لأنماط القهر (الطبقية, الفقر) وخروجاً عليها من خلال خصوصية الأداء والسلوك المتفرد الذي يسوغ ذلك الكسر, يقول عروة ([31]).

ومن يك مثلي ذا عيال ومقتراً
 

 

 

 

من المال يطرح نفسه كل مطرحِ
 

 

ليبلغ عذراً أو يصيب رغيبة
 

 

 

 

ومبلغ نفس عذرها مثل منجحِ
 

 

     
 

فللصعلوك – هنا – مبرراته التي تدفعه للتمرد على المجتمع غير الفاضل- من وجهة نظره -  هذه المبررات على الرغم من كونها مصبوغة بصبغة ذاتية (ومن يك مثلي) إلا إنها قد تنطبق على الآخرين ومن ثم فإننا إزاء مشروطية (ومن يك مثلي يطرح نفسه كل مطرح) وكأن عروة يجعل من حالة فقره وبؤسه قاعدة للخروج على المجتمع ومقياساً لتبرير سلوك التمرد. فالصعاليك – وعروة سيدهم – ((اعتمدوا على كسر طوق الانتماء الذي يحمي وجودهم فقطعوا كل أواشج القربى بينهم بين ذويهم واعتقدوا أنهم قادرون على بناء نظام جديد)) ([32]). وبذلك يمكننا أن نعد عروة وأقرانه أول نموذج للمعارضة بجناحيها السلمي والحزبي وإن كانت برامجهم بسيطة لا تتعدى سبل العيش.

يقول عروة ([33]):

لعمري لئن عشرت من خشية الردى
 

 

 

 

من المال يطرح نفسه كل مطرحِ
 

 

ليبلغ عذراً أو يصيب رغيبة
 

 

 

 

ومبلغ نفس عذرها مثل منجحِ
 

 

     
 

البيت دلالة على أقدام عروة بن الورد وفيه أيضا أسطورة من أساطير العرب القديمة ملخصها ((أن الرجل اذا أراد دخول قرية فخاف جنها أو وباءها فوقف على مدخلها وعشر – نهق عشراً – كما ينهق الحمار ثم دخلها لم يصبه شيء)) ([34]).

وفي البيت الثاني يفخر الشاعر بقيس بن زهير والربيع بن زياد العبسيين, وهذا دليل على أن الشاعر برغم من تحرره ورفضه لممارسات قبيلته الا أنه ظل منتمياً لتاريخها وهاهو يفخر بأجداده، والدليل الآخر على بقاء شيء من الروابط للصعاليك مع قبائلهم هو أن عروة كان يخير من معه بعد امتلاكهم المال أما البقاء معه أو الالتحاق بقبائلهم.

 

المبحث الثاني : الشخصية الإشتراكية (التكافلية)

الصعلوك يعيش لغيره أكثر مما يعيش لنفسه, ويمكن أن يكون المصداق الدقيق لهذه المقولة الشاعر عروة بن الورد الذي جسد الإنسانية في أدبه, فأدب عروة ((يروقنا بعاطفته ولاسيما نزعته الاشتراكية الساذجة المرتكزة على محبة الغير والحدب على ذوي البؤس)) ([35]).

والحق إن النزعة الاشتراكية عند عروة ليست فكرة عابرة ولاهي تبجحاً بكرم الذات, إنما تمثل عنده حالة من الاستعداد المستمر لتوزيع ما يغنمه في الوقت ذاته فإن النزعة الاشتراكية قد جسدت على أرض الواقع من لدن عروة وبصورة شهد بها الناس, فالشعراء ((الصعاليك – وعروة – زعيمهم ورائدهم وموجه تفكيرهم – هم خير من تتمثل فيهم الحياة الاشتراكية في تآلفهم ونضالهم في سبيل لقمة العيش وفي نقمتهم على البخلاء والمقترنين, وموقفهم الاشتراكي القائم على عدم استئثار الأغنياء بالثروات والمكاسب, وعلى ضرورة اقتسام الأموال وتوزيعها تحقيقاً لمبدأ المساواة بين الجميع)) ([36]).

لقد تضافرت مجموعة من العوامل لخلق هذا النفس الاشتراكي عند الصعاليك عموماً – وعروة خصوصاً([37]) من أهمها: ان النزعة الاشتراكية بما إنها تمثل نقيضاً للاستئثار بالمال واحتكاره فقد كانت عند الصعاليك موجهة ضد أولئك الأثرياء البخلاء الذين يكنزون الأموال على حساب تجويع الآخرين, وفي الوقت ذاته فقد تكون اشتراكية الصعاليك تمثل استهانة بالمال تماشياً مع استهانتهم بالحياة, تلك الحياة التي أسودت في أعينهم, فلم تعد تساوي عندهم شيئاً ذي بال.

ويمكن القول انطلاقا من تفكير عروة بن الورد الاشتراكي إن الصعلوك إنسان نبيل يجيز لنفسه أن يأخذ من الغني ليطعم الفقير ولو عنوة, وهو بهذا يصور الصعلوك بأنه اشتراكي النزعة, يهدف من اشتراكيته أن يكون للفقراء نصيب في مال الأغنياء فالصعلوك إنسان باحث عن العدالة والتوازن الطبقي, لذلك يقول عروة بن الورد ([38]):

فإذا غنيت فإن جاري نيله
 

 

 

 

من نائلي وميسري معهودُ
 

 

     
 

 

إن عروة في هذا البيت يقدم دليلاً على إشتراكية الصعلوك االذي يؤمن بأن الثروة – وإن كانت متأتية عن طريق السلب – لابد أن توزع بعدالة بين الناس, وهذا وحده يمكن أن يكون حكمة ربما آمن بها كل الصعاليك يقول عروة([39]):

ما بالثراء يسود كل مسود
 

 

 

 

مثرٍ ولكن بالفعال يسودُ
 

 

     
 

هذا لاشك يتقاطع مع مفاهيم المجتمع آنذاك في حين انه يبرر لقبائلهم أخذ موقف معادٍ منهم وهذا ما أشار له القرآن { أنطعم من لو يشاء الله أطعمه } فالنظرية القبلية قائمة على ان ما يفعله الإنسان هو ملك له ومن ثم ليس لأحد حق في مشاركته أو أخذ جزء منه مما يولد تقاطعاً بين الفكر الصعلوكي والفكر القبلي.

لذلك فإن من لا يؤمن بهذه الحكمة يكون موضع استهجان من لدن عروة فيقول ([40]):

إني أمرؤ عافى إنائي شركةٌ
 

 

 

 

وأنت امرؤ عافى إنائك واحدُ
 

 

أتهزأ مني أن سمنت وأن ترى
 

 

 

 

بوجهي شحوب الحق والحق جاهدُ
 

 

أقسم جسمي في جسوم كثيرة
 

 

 

 

وأحسو قراح الماء والماء باردُ ([41])
 

 

     
 

ففي هذه الأبيات يعقد عروة موازنة بينه – وبصفه ممثلاً للصعاليك عامة – وبين الأغنياء الذين يهزأون من شحوب وجهه ليصل الى حقيقة مفادها إن هؤلاء الأغنياء على الضد تماماً مع اشتراكيته, فإناءه (شركة) مع الآخرين أما الغني فلا يشاركه في إناه أحد, لذلك لابد أن يعتريه الشحوب مقابل (سمنة) ذلك الغني.

إن عروة لم يكن فقيراً بحاجة الى المال, ولم يكن أسود اللون, ولم يكن مخلوعاً من قبيلته لكي نقول إن صعلكته كانت لأحد هذه الأسباب, بل إن حقيقة الصعلكة عنده كانت تضامناً مع المعوزين والمحتاجين وكانت أيضا نابعة من حس اجتماعي مرهف وتضحية نادرة ([42]).

ويرسم عروة صورة للصعلوك, يتضح من خلالها اشتراكيته في أوضح صورها, يقول عروة ([43]):

وسائلة أين الرحيل ؟ وسائل
 

 

 

 

ومن يسأل الصعلوك أين مذاهبُه ؟
 

 

مذاهبه أن الفجاح عريضة
 

 

 

 

إذا ضن عنه بالفعال, أقاربُه
 

 

فلا أترك الأخوان ما عشت للردى
 

 

 

 

كما إنه لا يترك الماء شاربُه
 

 

ولا يستضام الدهر جاري ولا أرى
 

 

 

 

كمن بات تسري للصديق عقاربُه
 

 

وإن جارتي ألوت رياح بيتها
 

 

 

 

تغافلت, حتى يستر البيت جانبُه
 

 

     
 

فهو ذلك الفارس الذي لا تستوعبه الأرض إن ضن به الأهل والأقارب, والغيور الذي لا يجافي أخوانه كالعطشان الذي لا يستغني عن الماء, كما إن جاره لا يناله الضيم مادام على قيد الحياة وهو ذلك الشريف الذي لا يسترق النظر الى جارته إن كشفت الرياح ستر بيتها.

وتبدو في الأبيات بنية سردية متماسكة, أطرافها السائل أو السائلة (المفترضين) والصعلوك (المسؤول) والشاعر (المجيب) وقد فصل عروة بين الصعلوك وبين شخصه في البيتين الأول والثاني فلم يقل: (ومن يسألني) وكأنه بصدد وضع دستوراً عاماً لا شخصياً للصعلوك فظهر وكأنه لا يتحدث عن نفسه إنما أسقط مشاعره على مجموعة الصعاليك برمتها لكنه في الأبيات الثالث والرابع والخامس التفت من خطاب الغائب الى التحدث بضمير المتكلم ليوحي الى السامع (القارئ) بأنه يفتخر أن يتصف بالصفات التي ذكرها بوصفه صعلوكاً.

ولطالما أقترن إسراف عروة في الكرم بوجود من يلومه ويحاول عذله (زوجته, عاذله, شخص آخر) مما دفع بالشاعر الى تجسيد ذلك في حواريات رائعة في شعره, تدور كلها على رسم شخصية الصعلوك الذي يستهين بالمال ولا يرى ضرورة اشتراك الآخرين فيما يحصل عليه يقول عروة ([44]):

أقلي عليّ اللوم يابنت منذر
 

 

 

 

ونامي وإن لم تشتهي النوم فأسهري
 

 

ذريني ونفسي, أم حسان, إنني
 

 

 

 

بها قبل أن لا أملك البيع مشتري
 

 

     
 

وفي مكان آخر يقول ([45]):

تقول: ألا أقصر من الغزو وأشتكي
 

 

 

 

لها القول, طرف أحور العين دامعُ
 

 

سأغنيك عن رجع الملام بمزمع
 

 

 

 

من الأمر لا يعشو عليه المطاوعُ
 

 

     
 

وفي حواريه أخرى يقول ([46]):

تقول سليمى: لو أقمت لسرنا
 

 

 

 

ولم تدر أني للمقام أطوفُ
 

 

اذا قلت: قد جاء الغنى حال دونه
 

 

 

 

أبو صبية يشكو المفاقر أعجفُ
 

 

     
 

في هذه المحاورات نجد عناصر القصة واضحة فكلها تدور في زمان ومكان معينين فضلاً على وجود أشخاصها ووجود العقدة والحل الذي ((غالباً ما يكون.. مرضياً وسعيداً)) ([47]) فالطرف الأول دائماً: العاذلة (ابنة منذر, القائلة, سليمى) أما الطرف الثاني: الشاعر الذي يحاول أن يجعل المحاورة تنتهي لصالحه مع أقناع الطرف الأول به أما العقدة الثالثة فتتمثل بـ (إرادة الخروج للغزو, توزيع الغنيمة) والسبب إطعام الفقراء, وغالباً ما تقترن هذه الحواريات بما يشبه الحكمة (ان لا أملك البيع مشتري, اذا قلت جاء الغنى مال دونه... أعجف) فهذه النزعة التوجيهية عند عروة لهي دلالة واضحة على أن الرجل يتمتع بنفس تربوي واصح فشعره ((في مجمله تعليمي حكمي رصين)) ([48]).

 

المبحث الثالث: الشخصية المغتربة

إن العزلة الاجتماعية التي كانت واقعاً مفروضاً على الصعاليك كانت مصحوبة دائماً بحالة من الانفصام عن ذلك المجتمع, مما جعل الصعلوك وكأنه لا ينتمي الى واقعه, ذلك الواقع الذي لفظه مما ترتب على حالة اللا انتماء هذه أن يكون الصعلوك مغترباً حتى عن ذاته, وهذا النوع من ألاغتراب هو شكل من أشكال ((الضياع الذاتي وسط المجتمع, وفقدان الجوهر الإنساني الاجتماعي, والانسحاق تحت وطأة أيديولوجية مناقضة لواقع فردٍ ما, وهو وجود المرء في مجتمعه لكنه غريب فيه مستبعد)). ([49])

يمثل الصعلوك نموذجاً إنسانياً للاغتراب الذاتي يتجلى ذلك واضحاً من خلال المتن الشعري الصعلوكي الذي يظهر مدى المعاناة الإنسانية التي كان الصعاليك يعيشون وطأتها. إن ((موقف الشاعر من المجتمع في إطار الصعلكة يمثل موقفاً لإنسان مفرط الحساسية في مواجهة مجتمع فيه من الأسباب ما يدفع هذا الشاعر الى الثورة والتمرد والخروج عليه وتفضيل حياة التوحش والتفرد على الحياة في هذا المجتمع.)). ([50])

وفي شعر عروة بن الورد تصادفنا أكثر من حالة من تمثلات الاغتراب, ففضلاً على كونه من الناقمين على مساوئ مجتمعه, فإن أمه لطالما كانت سبباً في جلب العار عليه, ولنا أن نتصور مقدار الأسى والغربة التي كان يعيشها عروة وفي كل لحظة تكون تلك الإنسانة التي أنجبته وشقيت لأجله سبباً لبؤسه يقول عروة: ([51]))

هم عيروني أن أمي غريبة
 

 

 

وهل في كريم ماجد ما يعيرُ
 

 

وقد عيروني المال حين جمعته
 

 

 

 

وقد عيروني الفقر إذ أنا مقترُ
 

 

وعيرني قومي شبابي ولمتي
 

 

 

 

متى مايشا رهط امرئٍ يتعيرُ
 

 

     
 

إن الغربة فعل متجذر في شخصية الصعلوك وهذا عروة وهو سيد الصعاليك يجد نفسه أنه لا ينتمي الى مجتمعه الذي يوجه له العار بوصفه أبن (غريبة) ومرة أخرى يعير حين يجمع المال بحجة أنه مال مسلوب, ومرة ثالثة يعير لأنه فقير وكأنه شخص مستهدف في كل أحواله.

هذه الغربة تجعل من إحساس عروة بصعوبة العيش إحساسا مركباً قد يصل الى درجة اليأس, بدليل قوله: ([52])

ذريني أطوف في البلاد لعلني
 

 

 

 

أخليل أو أغنيك عن سوء محضري
 

 

فإن فاز سهم للمنية لم أكن
 

 

 

 

جزوعاً وهل عن ذاك من متأخرِ
 

 

وإن فاز سهمي كفكم عن مقاعد
 

 

 

 

لكم خلف أدبار البيوت ومنظرِ
 

 

     
 

إنها تصور قائمة يرسمها عروة لحياة البؤس الذي كان يحياها الصعاليك, فإن دلالة قوله (سوء محضري) وهو يكلم زوجته واضحة جداً على ضيقه من حياته وبرمه منها حتى يشعر بأن حياته أصبحت عبئاً على الآخر (زوجته) وهو حينما يطلب منها أن تدعه لمواجهة الموت فإن ذلك لا يعني شجاعة بقدر ما يعني رغبة في التخلص من هذه الحياة المجدبة, وفي هذه الأبيات نجد ان الشاعر هو من بادر زوجته في طلب الخروج, لكننا في أبيات أخرى نجد إن الزوجة هي التي تطلب منه ذلك, يقول عروة: ([53])

قالت تماضر إذ رأت مالي خوى
 

 

 

 

وجفا الأقارب فالفؤاد قريحُ
 

 

مالي رأيتك في الندى منكساً
 

 

 

 

وصبا كأنك في الندى نطيحُ
 

 

خاطر بنفسك كي تصيب غنيمة
 

 

 

 

إن القعود مع العيال قبيحُ
 

 

المال فيه مهابة وتجلة
 

 

 

 

الفقر فيه مذلة وفضوحُ
 

 

     
 

يرى الباحث إن هذه الأبيات أشد دلالة على البؤس الذي كان يعانيه عروة من الأبيات السابقة لأن صورة الأسى والمعاناة حينما تتجاوز الفرد ليستشعرها الآخر لابد أن تكون قد بلغت مبلغاً كبيراً, لذلك فإن عروة يصور حاله هنا وكأنه موضوع استعطاف وشفقة من لدن زوجته الذي تراه (منكساً وصبا) لذلك فلا خيار له إلا المخاطرة بنفسه وقد أراد عروة في قوله على لسان زوجته (خاطر بنفسك) أمران يمكن نستقرئهما من النص ذاته؛ الأول مدى البؤس الذي يكتنفه الى الحد الذي تطلب المخاطرة. أما الآخر فإنه يتمثل في كراهية أظهار الفقر والمذلة للأقارب بدليل قوله في البيت الأول (وجفا الأقارب) وقوله في البيت الأخير (المال فيه مهابة وتجلة), وتمثل هذه الأقوال (نماذج جديدة للإنسان الذي يرفض الذل والهوان, ولاشك إن لهذه النماذج تأثيراً بعيداً في المجتمع حيث إنها تقدم إطاراً من السلوك الإنساني في مواجهة ما في المجتمع من مفارقات)). ([54])

ويقول عروة: ([55])

مابي من عار إخال علمته
 

 

 

 

سوى أن أخوالي إذا نسبوا نهدُ
 

 

اذا ما أردت المجد قصر مجدهم
 

 

 

 

فأعيا علي أن يقاربني المجدُ
 

 

فياليتهم لم يضربوا في ضربة
 

 

 

 

وأني عبد فيهم وأبي عبدُ
 

 

ثعالب في الحرب العوان فإن تبح
 

 

 

 

وتنفرج الحلى فإنهم الأسدُ
 

 

     
 

الأبيات واضحة المقاصد إذ تتجلى فيها حسرة الشاعر كون أخواله قبيلة نهد ويرى إن ذلك غير كاف لما يلاقيه من أزدراء المجتمع, ودلالة (سوى) واضحة في تهوينه لما يعده المجتمع سبباً للنبذ والرفض, أما قوله (فاعيا عليّ أن يقاربني المجد) فإنه يصور مرارة ما يتجرعه الصعلوك – عروة هنا – جراء هذا الأمر.

يقول عروة: ([56])

أعيرتموني ان أمي تريعة
 

 

 

وهل ينجبن في القوم غير الترائعُ
 

 

     
 

تتجلى الذات المقهورة في هذين البيتين من خلال اللفظة (أعيرتموني) ومن البديهي أن يحاول الشاعر بوعي منه أو بصورة لاواعية أن ينتقم لذاته المعذبة عن طريق إظهار الآخر (الذي عيّره) وكأنه لا يدرك الحقائق (وهل ينجبن في القوم غير الترائع) ليخلق حالة من الموازنة النفسية المستندة الى مجموعة من القيم والمشاعر الخفية التي ((يصعب أن تطفو على المنطقة الشعورية ألا بباعث أو شحنة انفعالية, فتخرج حينئذ خروجاً عضوياً من دائرة عدم التوازن التي تعتري الذات المبدعة)). ([57])

يقول عروة: ([58])

فما شاب رأسي من سنين تتابعت
 

 

 

 

طوال ولكن شيبته الوقائعُ
 

 

     
 

 

إن تقديم البيت بالنفي (ما شاب) يمثل إجراءاً وقائياً ضد النظر الى ظهور الشيب وكأنه متأت من فعل السنين, ولابد أن يفهم هذا الأمر بدلالته الخفيفة على أن الشاعر يقف موقف المتحدي لصعوبات الحياة حيث أن الشيب مع تقدم العمر يعد مسألة طبيعية ولا فخر في ذلك إنما الفخر أن يكون ذلك الشيب دليلاً على تمرسه بالوقائع ومكابداته الأهوال , وعلى هذا الأساس يكون من الأفضل توجيه البيت الى معنى الفخر, لا الشكوى.

يقول عروة: ([59])

فراشي فراش الضيف والبيت بيته
 

 

 

ولم يلهني عنه غزالٌ مقنعُ

 

 

أحدثه إن الحديث من القرى
 

 

 

 

وتعلم نفسي إنه سوف يهجعُ
 

 

     
 

يذكر الشاعر هنا مدلولات الكرم العربي الذي يتحلى بها – الصعلوك (إيواء الضيف, إطعامه, مؤانسته بالحديث) لكنه ومن خلال الضمائر الشخصية في (فراشي, يلهني, أحدثه, نفسي) يحاول نسبة الكرم الى نفسه للوصول الى محصلة تصب في إظهار الذات بوجهها الحسن بوصف ذلك يمثل اجراءً وقائياً ضد حالة الاغتراب الاجتماعي التي يعانيها الشاعر  فهو مدرك تماماً أن الكرم غاية ما يتصف به الإنسان من قيم نبيلة, وقد تشي الأبيات بدلالة أخرى مفادها إن الشاعر لا يملك سوى ما ذكره على تواضعه مع ذلك فهو لا يبخل به على ضيقه, فالكرم بما هو ضروري للإنسان أبلغ من الكرم بما هو فائض عنده.

ومن أهم بواعث الاغتراب؛ الإحباط الذي تظهر تأثيراته على الفرد نتيجة موقف نفسي حاد, أو نتيجة لموقف خارجي يترك آثاره بينة على الشخص ومن الناحية الإبداعية يتحول الإحباط الى ((قوة وهاجة لتحريك مشاعر الفنان وعاملاً فعالاً لنشاطه الإبداعي الناتج عن مبدأ قانون التعويض النفسي الذي يقابل مكان الرغبات الجنسية عند فرويد)). ([60])

ويتجلى ذلك واضحاً في شعر عروة بن الورد الذي نذر نفسه لمساعدة المحتاجين والفقراء من الصعاليك لكنه قد يقابل بالجحود والعقوق وهذا ما حصل فعلاً في قصة مشهورة دارت بينه وبين ثلة من الصعاليك في سنة مجدبة حينما دفعه أخلاصه لهم وإحساسه بالمسؤولية الإنسانية الى أن يغزو أحد الأغنياء الذي يمتلك مئة من الإبل فيقتله ويأخذ ما يملكه من الإبل وامرأته, ليوزع تلك الإبل على أولئك الفقراء, لكنه فوجئ بأن هؤلاء قد تمادوا في الطلب لتكون المرأة السبية نصيبهم, مما أسخط عروة وهم بقتلهم([61]) وقد شكلت هذه الحادثة عامل إحباط كبير في نفس عروة فقد كانت تصرفات هؤلاء الأصدقاء والمقربين وسلوكياتهم غير المتزنة باعثاً قوياً على شعوره بالاغتراب, ففي مقطوعة مؤثرة يجسد معاناته النفسية جراء تنكر هؤلاء الصعاليك له بعد أن أكرمهم وأفاض عليهم مما عنده, يقول عروة:([62])

فإني وإياكم كذي الأم أرهنت
 

 

 

 

له ماء عينيها تفدي وتحملُ
 

 

فلما ترجت نفعه وشبابه
 

 

 

 

أتت دونها أخرى جديد تكحلُ
 

 

فباتت بحد المرفقين كليهما
 

 

 

 

توحوح مما نابها وتولولُ
 

 

تخير من أمرين ليسا بغبطة
 

 

 

 

هو الثكل إلا إنها قد تجملُ
 

 

     
 

يرسم عروة لوحة جميلة وصورة نفسية معبرة عناصرها: المشبه = الشاعر (فإني) والمشبه به = الأم الثكلى بابنها التي سهرت لأجله, وأداة التشبيه الكاف (كذي الأم) ووجه الشبه = جحود هؤلاء القوم له, ومن المؤكد ان دلالة الصورة قد تتخذ أكثر من مسار, فهي فضلاً على كونها تجسد معاناة الشاعر فإنها في الوقت ذاته تجسد رؤيته في عدم رغبته أن يكون الصعلوك بهذا النمط المتجافي من السلوك لاسيما إذا عرفنا أن المقصودين بقوله (إياكم) مجموعة من الصعاليك.

وفي موقف مشابه آخر يتنكر له اثنان من أصحابه حينما طالب منهم شيئاً مما غنماه فأبيا مما اثأر حفيظته, فقال:([63])

أأي الناس آمن بعد بلج
 

 

 

 

وقرة صاحبي بذي طلالِ
 

 

ألما أغزرت في العس برك
 

 

 

 

ودرعة بنتها نسيا فعالي
 

 

سمن على الربيع فهن ضبط
 

 

 

 

لهن لبالب تحت السخالِ
 

 

     
 

في هذه الأبيات يبدو الإحباط واضح بدلالة قوله (نسيا فعالي) وهو يريد صاحبيه (بلج وقرة) وقد أبرزت صبغة الاستفهام في البيتين الأول والثاني حيرة الرجل وذهوله جراء موقف هذين الصديقين ولاسيما البيت الأول مما ولد عنده نزوعاً قد يكون لاشعورياً لإثبات ذاته وإن كانت محبطة من حيث إن هذا النزوع غالباً ما يكون ((قوة دافعة لرغباته الطموحة الى مبدأ التفوق في محاولة إثبات وتأكيد الوجود)). ([64])

الخاتمة

وهنا تقف رحلتنا مع عروة لنسترجع مع الذاكرة عددا من مواقف شاعرنا الذي حاز السبق في مروءته وإنسانيته, من خلال ما مر من مقطعات وأبيات, تلك المروءة التي جسدها عروة في شعره وهو يرسم صور الصعلوك النبيل الذي يجعل من حياته وسيلة لإسعاد الآخرين وقبل هذا وجد الباحث أن تلك الصور لم تكن نفسها التي وجدت في ما كتب عن الصعاليك والتي شوهت كثيراً, بل وجدها صورة مشرقة طامحة اشتراكية وإن كانت هموم الفقر والتشرد كثيراً ما قادتها الى الإحباط والشعور بالاغتراب. وقد لوحظ من خلال البحث:

-إن عروة كان أكثر من صعلوك بالمفهوم المتعارف للصعلوك, فقد كان سيد الصعاليك وأبوهم الذي يحنو عليهم وعلى الفقراء أينما وجدوا.

- شكلت لوحة الصعلوك جزءً مهماً من شعر عروة كمطلب نفسي لما يجب أن يكون عليه الصعلوك.

- إن لوحة (العاذلة أو السائلة) قد أخذت حيزاً مهماً في المتن الصعلوكي في شعر عروة.

- غالباً ما كانت مقطعات عروة تمثل حواريات سردية تتضمن أكثر عناصر السرد القصصي.

- وضوح النبرة الذاتية وتعالي (الأنا) على حساب (النحن) ليس بطريقة التنكر لهذه الـ (نحن) بل على الضد فالأنا عند عروة مشروع من أجل (النحن).

- يرى الباحث ضرورة التوجه للكشف عن المخابئ الجمالية في السفر الصعلوكي بوصفه منجماً لما يستثمر بعد.

ومن الله التوفيق

المصادر

  • الاتجاه النفسي في نقد الشعر العربي, عبد القادر فيدوح, منشورات اتحاد الكتاب العرب, دمشق, ط1, 1992.
  • الأدب الجاهلي, قضايا وفنون ونصوص, د. يوسف عبد الغني, مؤسسة المختار للنشر والتوزيع, القاهرة, ط2, 2003.
  • الاشتقاق، ابو بكر محمد بن الحسن بن دريد (ت 321 هـ)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط3، 1958.
  • البنية السردية في شعر الصعاليك, آ. د ضياء غني لفته, دار الحامد للنشر والتوزيع, عمان, الأردن, ط1, 2010.
  • تاريخ الأدب العربي – العصر الجاهلي -, دكتور شوقي ضيف, دار المعارف, مصر, ط7, 1976.
  • الجامع في تاريخ الأدب العربي, حنا فاخوري, منشورات ذوي القربى, إيران, ط3, 1385 هـ.
  • الحياة العربية من الشعر الجاهلي, دكتور أحمد محمد الحوفي, مكتبة نهضة مصر ومطبعتها, مصر, د. ت.
  • ديوان السليك بن السلكة, تحقيق طلال حرب, الدار العالمية, بيروت, ط1, 1993.
  • ديوان الشنفرى, تحقيق طلال حرب, الدار العالمية, بيروت, ط1, 1993.
  • ديوان عروة بن الورد, تحقيق وشرح كرم البستاني, مكتبة صادر, بيروت, د. ت.
  • رسالة الصاهل والشاحج, لأبي العلاء المعري (ت 449 هـ) تحقيق د. عائشة عبد الرحمن, دار المعارف, مصر, ط2, 1984.
  • شعر الصعاليك, منهجه وخصائصه, عبد الحليم حنفي, الهيئة المصرية العامة للكتاب, القاهرة, 1979.
  • الشعر والشعراء, إبن قتيبة, تحقيق أحمد محمد شاكر, دار الحديث, القاهرة, 2006.
  • الشعراء الصعاليك في العصر الإسلامي, د. حسين عطوان, دار المعارف, مصر, د. ت.
  • الشعراء الصعاليك في العصر الأموي, د. حسين عطوان, دار المعارف, مصر, د. ت.
  • الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي, الدكتور يوسف خليف, دار المعارف, مصر, د. ت.
  • الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي, د. حسين عطوان, دار المعارف, مصر, د. ت.
  • الشعراء الصعاليك في العصر العباسي الأول, د. حسين عطوان, دار الجيل, بيروت, ط1, 1988.
  • صبح الأعشى في صناعة الإنشا, القلقشندي, ابو العباس أحمد بن علي (ت821 هـ) نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية, مؤسسة التأليف والترجمة والنشر, القاهرة, 1963.
  • لسان العرب, لإبن منظور, تحقيق عبد الله علي الكبير, ومحمد أحمد حسب الله وهاشم محمد الشاذلي, دار المعارف, مصر.
  • المذاكرة في القاب الشعراء, ابو المجد اسعد بن ابراهيم الشيباني الأربيلي, المعروف بـ (النشابي) (ت 657 هـ) تحقيق شاكر العاشور, دار الشؤون الثقافية العامة, بغداد, ط1, 1988.
  • المعجم المفصل في الأدب, إعداد الدكتور محمد التونجي, دار الكتب العلمية, بيروت, ط2, 1999.
  • معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس (ت 395 هـ)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1950.
  • مقدمة ابن خلدون، عبد الرحمن ابن خلدون (ت 808هـ) تحقيق أحمد جاد، راجعه أ.د.عبد الرحمن محمد الطاهر، دار الغد الجديد، القاهرة، مصر، ط1، 2007م.

موسوعة الشعراء الصعاليك, د. حسن جعفر نور الدين, شركة رشاد برس للطباعة والنشر والتوزيع, بيروت, 2007.

 

[1]-ينظر: لسان العرب: 4/2451 مادة صعلك.

[2]-ينظر: معجم مقاييس اللغة: 3/121

[3]-ينظر: الاشتقاق: 279

[4]-الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي: 20 (الهامش).

[5]-ديوان عروة بن الورد: 43

[6]-ديوان عروة بن الورد: 45 والمشاش:العظم الهش الممكن مضغه ,والمجزر: موضع نحر الإبل.

[7]-ديوان عروة بن الورد: 45 وينظر: موسوعة الشعراء الصعاليك: 2/73.والمنيح من القداح الميسر المعروف بالسوء.

[8]-ينظر: ديوان السليك بن السلكة , 100 وديوان عروة بن الورد: 43 وديوان الشنفرى: 55 وموسوعة الشعراء الصعاليك: 1/16-20 والحياة العربية من الشعر الجاهلي: 300.

[9]-ينظر , موسوعة الشعراء الصعاليك: 1/2.

[10]-الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي: 39.

[11]-روى ان عمرو بن معد كرب صرح بأنه لا يخشى أحد الا أربعة أحدهم صعلوك وهو السليك بن السلكة: ينظر الأغاني: 8/246.

[12]-وهذا ماروي عن الشنفرى , ينظر , مجمع الأمثال للميداني 2/233 مادة (شفر) ومثل ذلك ذكر عن تأبط شراً , ينظر الأغاني: 18/210 ومثله ايضاً ماذكر عن السليك بن السلكة في الشعر والشعراء: 1/353.

[13]-ينظر , الأغاني 2/126 والخزانة: 1/185 نصيحة أحد بني شيبان للنعمان بن المنذر بعدم الهرب من كسرى واللجوء الى صعاليك العرب ليتلاعبوا به, وتتخطفه ذئابهم.

[14]-الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي: 71.

[15]-مقدمة ابن خلدون: فصل 21 الباب 5 الكتاب الأول: 404.

[16]-ينظر , الشعراء الصعاليك في العصر العباسي الأول: 55 والمعجم المفصل في الأدب: 2/585.

[17]-ينظر الحياة العربية من الشعر الجاهلي: 300 وشعر الصعاليك؛منهجه وخصائصه: 42.

[18]-ينظر , تاريخ الأدب العربي, العصر الجاهلي: 375.

[19]-ينظر, الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي, حسين عطوان و الشعراء الصعاليك في العصر الأموي, حسين عطوان و الشعراء الصعاليك في العصر الإسلامي, حسين عطوان, و الشعراء الصعاليك في العصر العباسي الأول، حسين عطوان و موسوعة شعراء الصعاليك 2/10 وما بعدها

[20] - موسوعة الشعراء الصعاليك: 2/69.

[21] - ديوان عروة بن الورد: 43. والقرى ما يقدم للضيف , والمتعفر:الممرغ في التراب, والعريش المجور: الخيمة الساقطة على الأرض والطليح: المعيي ,والمحسر: الضعيف, والقابس المتنور: طالب النور من بعيد.

[22] - م. ن: 56.

[23] - م.ن: 61. والكمي المقارع:الشجاع الذي يرتدي السلاح , ويقصد الشاعر في البيت الثاني سيفه الأصيل القاطع الذي يشبه لونه لون الملح, والخوامع: الجائعة , والحين:الهلاك.

[24] - البنية السردية في شعر الصعاليك: 19.

[25] - ديوان عروة بن الورد: 74. والحيازيم: الصدور, ورب هجمة: مستحقها.

[26] - م.ن: 15. والسوام: الماشية.

[27] - م. ن: 58. والخير:الأصل والشرف ,والحليلة: الزوجة.

[28] - م. ن: 69.وأخوف: أكثر إخافة للأعداء , ويريد في البيت الثاني إن الموت قد يداهم من هو قاعد في البيت 0

[29] - الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي: 39.

[30] - مروج الذهب: 2/148.

[31] - ديوان عروة بن الورد: 21.والمقتر: الفقير,والمطرح: البلاء والمشقة, والرغيبة: المال , والمنجح:الغانم.

[32] - البنية السردية في شعر الصعاليك: 18.

[33] - ديوان عروة بن الورد: 59 – 60

[34] - صبح الأعشى: 1/ 7-408

[35] - الجامع في تاريخ الأدب العربي: 173.

[36] - موسوعة الشعراء الصعاليك: 2/ 66-67.

[37] - سمي عروة بـ (عروة الصعاليك) لأنه كان يضم الصعاليك والفقراء اليه ويجعل لهم شيئاً في الفيء ينظر, المذاكرة في ألقاب الشعراء: 40.

[38] - ديوان عروة بن الورد: 27.

[39] - م. ن: 27.

[40] - م. ن: 30.والعافي: طالب المعروف.

[41] - ورد البيت في رسالة الصاهل والشاحج هكذا (أقسم نفسي...) رسالة الصاهل والشاجح: 469.ويريد بجسمي: زاد جسمي وطعامه.

[42] - ينظر: موسوعة الشعراء الصعاليك: 2/ 73.

[43] - ديوان عروة بن الورد: 15. ولعل السائلة زوجته. والفجاج: الطريق بين الجبال ,

[44] - م.ن: 41.

[45] - م. ن: 63.

[46] - م. ن: 69. والأعجف: المهزول , الضعيف.

[47] - موسوعة الشعراء الصعاليك: 1 / 580.

[48] - م.ن: 2/ 76

[49] - المعجم المفصل في الأدب: 1/ 114.

[50] - الأدب الجاهلي, قضايا وفنون ونصوص: 170.

[51] - ديوان عروة بن الورد: 48. واللمة: الشعر الذي يتجاوز شحمة الأذن.

[52] - م. ن: 42.

[53] - م.ن: 24.

[54] - الأدب الجاهلي, قضايا وفنون ونصوص: 167.

[55] - ديوان عروة بن الورد: 26.

[56] - م.ن: 293. والتريعة: الفاحشة الخفيفة.

[57] - الاتجاه النفسي في نقد الشعر العربي: 293.

[58] - الاتجاه النفسي في نقد الشعر العربي: 293.

[59] - ديوان عروة بن الورد: 64.

[60] - الاتجاه النفسي في نقد الشعر العربي: 68.

[61] - ديوان عروة بن الورد: 76.

[62] - م. ن: 78. وفي البيت الثاني يقصد الشاعر الزوجة التي تأخذ الابن من امه , وتوحوح: تصوت بصوت فيه بحة.

[63] - م. ن: 81. وذي طلال: موضع قرب الربذة , والعس: القدح الكبير , والبرك ودرعة: عنزتان. وفي البيت الثالث يقصد بالربيع ما ينبت في الربيع , والضبط: السمان , واللبالب: الجلبة , والسخال: اولاد المعز.

[64] - الاتجاه النفسي في نقد الشعر العربي: 68.