تصنیف البحث: القانون
من صفحة: 186
إلى صفحة: 221
النص الكامل للبحث: PDF icon 180420-223704.pdf
البحث:

المقدمه

  ان موضوعات السياسة ونظم الحكم من اهم مايشغل بال المفكرين وقد زاد الاهتمام بها بعد الحرب العالمية الاولى وما تبعها من اضطرابات وصراعات دولية ادت الى الحرب العالمية الثانية وما زال الباحثون يحاولون العثور على علاج لازمات عالم اليوم والغد وعلم الدستور والنظم السياسية يمتاز عن غيره من العلوم الاخرى من حيث دقة التفنن وغزارة الابتكار ولايمكن أن يقوم  الحكم في دولة ما على فكر ثابت مستقر ،فسياسة الحكم دائمة   الحركة والتعديل تبعآ لركب الحضارة ، والمسلم به أن النظام السياسي لدولة ما يسير وفق دستور ، ويشارك الواقع الفعلي للحوادث السياسة ، في رسم ملامح ذلك النظام وتحديد طبيعته . واذا كانت الحياة متطورة بطبيعتها ، والنصوص جادة ،فان الفكر هو الذي يتولى الموأمة في التطبيق الفعلي، وهو الذي يحدث الانسجام والاتساق في عجلة النظام القائم ،كي ينمو بانتظام واضطراد ،فضلا عن أيجاد الحلول اللازمة للازمات والمشاكل السياسية ، وهو ما يؤدي الى تطور مبادئ عمل اخرى . وقد استجابت الدول الغربية لقيادة الفكر ، والتفاعل مع الحوادث ماجعل تلك الدول منطقية في تنظيماتها السياسية وهو ما ادى الاستقرار السياسي فيها ، وتولدت فلسفات وعقائد وافكار ونظريات وأيديولوجيات ،بغية مواجهة الازمات ومواكبة التطور الملازم للانسانية ذاتها . وحتى أواخر القرن التاسع عشر لم تكن الدولة مسؤلة عن اعمالها ، اذ كان ينظر الى سيادة الدولة نظرة مطلقة  ولكن بتطور مفهوم السيادة وتحول الفكرة الخاطئة عنها من سيادة مطلقة لاتقبل حدآ او قيدآ الى اعتبار ان الدولة عبارة عن مجموعة مصالح لاتقبل حدآ أوقيدآ ، الى أعتبار أن  الدولة  عبارة عن مجموعة مصالح عمومية  انشئت لارضاء حاجات الناس ولم يعد الحكام سوى أشخاص مكلفون بادارة هذه المصالح ، حلت المسؤولية ، وقد ساعد ذلك ذيوع المبدأ الديمقراطي ، ومبدأ التدخل الذي اتسع لآقصى حد ، وقد تنوعت الاساليب الدستورية من حيث تقرير القواعد والأسس التي تنظم سلطات الدولة ، وفي النهاية يتوقف كيان الدولة على توازن القوى السياسية في ميزان النظام العام وقد شاعت فكرة التوازن بين السلطات  في النظم الديمقراطية والنظم التي لم تنجح في ايجاد توازن بين السلطات فيها ، وتركت السلطة دون مساءلة عند الخروج عن حدودها ، ومازالت دول متخلفة عن ركب الحضارة وتئن بالثورات والانقلابات وما يجر اليه من تخلف اقتصادي وتقني والبادى أن التطور في مسؤولية الدولة ، من اللامسؤولية المطلقة الى المسؤولية ، قد ظهر في تقرير مسؤولية  الدولة عن أعمال السلطة النفيذية  بحيث لم يبقى من هذه الاعمال في دائرة اللامسؤولية  الا النذر القليل كأعمال السيادة كما أن المذاهب الحديثة تتجه نحو تقرير مسؤولية الدولة عن اعمال السلطة التشريعية على اختلاف بينها  ويتجه الفقه بحماس شديد الى تقرير مبدأ مسؤولية الدولةعن اعمال السلطة القضائية وغدت القاعدة المسلم بها في الدول المعاصرة تقوم على مبدأ عزل الحكام باعتبارهم سلطات مفوضة تعمل باسم الدولة ولحسبها . ولم يرضخ الحكام لتقييد سلطانهم الابعد كفاح مرير من الشعوب وقيام الثورات العديدة وهكذا رضخ الحكام لمبدأ المسؤولية حتى أصبحت القاعدة الجوهرية ( ان من لايسال ليس له أن يعمل ) ويجمع الفقه على أن مبدأ المسؤولية السياسية قد بزع في انجلترا في القرنين  السابع عشر والثامن عشر ثم تطور في مطلع القرن التاسع عشر بانتقال السلطة الفعلية من الملك الى الوزارة فاصبح يعتلي العرش ولايحكم وحلت الوزارة محله في تولي زمام السلطة باعتبارها المسؤلة امام البرلمان وتغنى الانجليز بقاعدة ((حيث توجد المسؤلية توجد السلطة ))

اهمية الدراسة :

ادى التطور الصناعي ووسائل التقنية الحديثة الى  تطورات اقتصادية هائلة وظهور ايديولوجيات جديدة وهو ما استتبع تغييرا كبيرا في النظم السياسية اذ  اتسعت مجالات السلطة العامة  وتضائلت الناحية السياسية للديمقراطية  والاهم من ذلك التحول الخطير في مبدأ فصل السلطات  اذ اتجه وجهة اخرى ناحية تركيز السلطة تجاه السلطة التنفيذية وخاصة رئيس الدوله حيث غدا رئيس الدوله هو منبع السياسة في الدولة ومحيط اماني الامة ونقطة الارتكاز الحيوية في النظام ولكن لابد من ايجاد وسيلة فعالة لاعادة التوازن بين السلطات في ظل هذه المتغيرات ووضع ضوابط لدرء مفاسد السلطة المطلقة  خاصة وان اطلاقها الان غدا شرعيا وضروريا ويعد مبدا المسؤولية السياسية للسلطة التنفيذية هو الوسيلة الناجحة لذلك فهو الضمانة الكبرى لاعادة التوازن في عجلة النظام العام وضبط سير المؤسسات الدستورية وانتضام العمل  السياسي لذلك فأن هذا المبدء يعتبر اخطر المبادئ  الديمقراطية ويظهر ذلك في اثاره ونتائجه ومناطه ومحله ومن ثم فان اعماله يحتم دقة التنظيم واحكام القواعد ووضع الضوابط كي لايترك الأمر للاهواء السياسية والامزجة الحزبية والخلافات الشخصية لكي تعصف بالنظام السياسي في قمة بنيانه واهم اركانه وهو مايؤدي الية ذلك من كوارث سياسية ونكبات تجر الدولة عن ركب الحضارة وسنعرض في هذا البحث المسؤولية السياسية للقائمين باعباء السلطة التنفيذية على النحو الاتي

تمهيد واربعة مباحث .بالنسبة للتمهيد تناول فيه اولا : تنظيم رئاسه الدولة

ثانيا : الوضع الدستوري لرئيس الدولة في النظم المختلفة ونبين في المبحث الاول  طبيعة مسؤولية رئيس الجمهورية وتطور تنضيمها الدستوري وفي المبحث الثاني حالات مساءلة رئيس الجمهوريه امام المحكمة الاتحادية العليا ونعرض في المبحث الثالث اجراءات مساءلة رئيس الجمهورية ونعرض في المبحث الرابع المسؤولية الوزارية في الدساتير العرقية 

تمهيد

أولا: تنظيم رئاسة الدولة

من المستقر علية في الفقه التقليدي أن بناء النظام الدستوري يستلزم ضرورة أن تكون الحكومة خاضعة لقواعد قانونية عليا خارجة عن ارادتها وملزمة  لها ، والخضوع لهذه القواعد هو الحد الفاضل بين الحكومة الدستورية والحكومة الاستبدادية كما يتعين أن تكون وظائف الدولة موزعة بن الهيئات والمؤسسات وفوق ما تقدم ان تكون الحكومة القائمة فعلا قد وصلت للحكم طبقا لاحكام الدستور  المعمول به في الدولة ، وان تستمر في ممارسة اختصاصاتها  على مقتض الدستور وفي حدوده اذ أن رئيس الدولة هو الذي يمثلها كشخص معنوى ، وهو رمز السلطات العامة فيها وعلى عاتقه أعباء جسام ومهام خطيرة كما وصفها الرئيس ترومان مجموعة ضخمة هائلة من السلطات تجعل قيصر وجانكيزخان ونابليون يقصمون أظافرهم حسرة وغيرة(1)

والذي يبين من الدراسة المقارنة للنظم الدستورية المختلفة ، أن الحلول الممكنة في شان تنظيم رئاسة الدولة الجمهورية ، تاخذ صور الاتية :

  1. رئاسة فردية : وصورتها ان يكون على راس الدولة شخص واحد يمثلها في الخارج ، ويتولى السلطة التنفيذية في الداخل على الوجه الذي حدده الدستور ، والرئاسة الفردية هي الصورة  الوحيده للنظم الملكية والديكتاتورية ، كما انها الصورة الغالبة في الجمهوريات الحديثة ، سواء كانت جمهوريات رئاسية كالولايات المتحدة الامريكية ، او جمهوريات برلمانية ، وجمهوريات ديمقراطية شعبية ، وسواء كانت ملكية او جمهورية
  2. رئاسة جماعية : وصورتها ان يكون على راس الدولة لجنة او مجلس من عدد من الاشخاص ، بحيث تكون امور تمثيل الدولة في الخارج ، وممارسة السلطة في الداخل من حق هذه اللجنة مجتمعة ، وبالمساواة المطلقة بين اعضائها ، فليس من بين اعضاء مجلس الرئاسة ، رئيس ومرؤسين ، وان كان لايمنع ذلك من ان تنعقد لاحدهم سلطة ادارية بحته في امور دعوة المجلس للانعقاد واعداد جدول الاعمال ومتابعة قررات الجلس وغالبا ما ينفرد اصغر اعضاء المجلس باللقب رئيس الجمهورية في امور تمثيل الدولة في الخارج فضلآ عن تخصيصه ببعض السلطات في الداخل وهذه الصورة هي الغالبة لنظام الرئاسة الجماعية في التطبيقات الدستوريه المعاصرة ومن الامثلة العربية لنظام الرئاسة الجماعية اتحاد الجمهوريات العربية والامارات العربية المتحدة وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وما ورد في دستور العراق  وليبيا كان نتيجة لتباع اسلوب "مجلس قيادة الثورة " وهو اسلوب مرحلى (2) 
ثانيآ: الوضع الدستوري لرئيس الدولة في النظم المختلفة

تقوم الدولة المعاصرة على مبدأ عزل الحكام عن حق السيادة والنظر اليهم بوصفهم سلطات مفوضة تعمل باسم الدولة ولحسابها طبقآ لقواعد الاختصاص المحددة لها فوضت فيه من موضوعات وعلى مقتضى ما اتخذ  لها من اجراءات واشكال واغراض ومبدأ المشروعية(3)  يتبلور في النهاية حول وجوب احترام القواعد المحددة لسلطات الهيئات العامة والمنظمة لاختصاصاتها وتحديد الدساتير دور كل سلطة من السلطات العامة في الدولة ومدى العلاقة بين تلك السلطات وبالنسبة لوضع ودور رئيس الدولة باعتباره رئيس السلطة التنفيذية فان الامر يتوقف على نوع النظام الذي يأخذ به دستور الدولة  ففي النظام البرلماني ليس لرئيس الدولة "وهو رئيس السلطة التنفيذية " الا سلطة أسمية وتنتقل اختصاصاته الى الوزارة كما ان رئيس الدولة لايستطيع العمل بمفرده ولكن له حق تعيين الوزراء وغيرهم وحق حل البرلمان حلا رئاسيا واما في النظام الرئاسي فان رئيس الدوله له سلطة فعلية واسعة النطاق فاختصاصات السلطة التنفيذية كلها مركزة في يده وفي نظام حكومة الجمعية نجد رئيس السلطة التنفيذية واعضائها مختارين بواسطة البرلمان ويمارسون الاختصاصات المقررة لهم تحت رقابة واشراف البرلمان والملاحظ ان جوهر الاختصاصات واحد في جميع الحالات  والخلاف يمكن فيمن يمارس تلك السلطة فاحيانآ يكون رئيس الدولة واحيانآ الوزارة واحيانآ الهيئة المنتخبة من البرلمان وترتيبها على ذلك فاننا نعرض في هذا الفرع الى وضع ودور رئيس الدولة في تلك النظم .

1- وضع رئيس الدولة في النظام البرلماني

تتحصل خصائص النظام البرلماني في انه النظام الذي يوجد فيه رئيس اعلى للدولة يمارس اختصاصاته بواسطة وزارة مسؤولة امام البرلمان , والبرلمان يملك ان يثق فيها فيبقيها أو لا يثق فيها فيسقطها وتملك هي ان تطلب الى رئيس الدولة حله للاحتكام للشعب , ويعتبر رئيس الدولة         Chef de  I Etat 

هو الرئيس الاعلى للسلطة التنفيذية وبجانبه رئيس الحكومه   Chef da de gouvernement  وهو رئيس مجلس الوزراء ويكون مرؤوسا لرئيس الدولة وخاضعآ لارشاداته وتوجيهاته ورئيس الدولة هو الملك في النظم الملكية ورئيس الجمهورية في الحكومات الجمهورية وفي الحالة الاولى يوشك الملك ان يكون مجردا من كل سلطة حقيقية مؤثرة واما في الحالة الثانية فأن رئيس الجمهورية يمارس بعض الاختصاصات ولكنها محكومة في اطار النظام البرلماني سلطات محدودة ولا يجوز التوسع في تفسيرها والعلاقة بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة قد تحددها الدساتير كما قد تتحدد بالعرف الدستوري كما في بريطانية وهذه العلاقة بدت في مضهرها وثيقة ولكن في الواقع هشة وفي هذا النظام لايقوم رئيس الدولة بوضع السياسة العامة للدولة بنفسة ولا يضع مشروعات القوانين حسب رأيه الشخصي ولا يبت في الامور وفق سياسته الخاصة وانما كل هذة الامور تترك للوزارة التي هي حجر الزاوية في هذا النظام فهي تمثل رئيس الدولة لدى البرلمان وتمثل البرلمان لدى رئيس الدولة  ولما كانت سلطات رئيس الدولة في هذا النظام ليست فعلية وانما مجرد اختصاصات أسمية  يمارسها بواسطت البرلمان فان رئيس الدولة لايستطيع العمل منفردآ  والنتيجة التي تترتب على ذلك ان رئيس الدولة في الانظمة البرلمانية غير مسؤول ومبدأ عدم المسؤولية نشئ في انجلترا كما سنرى تفصيلا لذلك فيما بعد ويعتمد المبدأ على فكرة ان الملك لا يخطئ the king can do no Wrong  وهو المبدأ المعروف في فرنسا "ذات الملك مصونة لا تمس" وعلى الرغم من ان سلطة رئيس الدولة اسمية كما سبق البيان فان المسلم به ان رئيس الدولة في النظام البرلماني على جانب كبير من الاهمية وبموجبها يتم حفظ التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الدولة وهما حق تعيين الوزراء وعزلهم وحق حل البرلمان وفضلا عن ذلك فان الدور الحقيقي لرئيس الدولة في النظام البرلماني يتمثل في انه يعمل بفضل نفوذه وشخصيته على التوازن السلطات في الدولة ويكون همزة الوصل بينهما دور الحكم  بين الاحزاب المختلفة وعلى الرغم من  تجريد  رئيس الدولة  من السلطات الفعلية فأن الدور الادبي الذي  يقوم به  حدى بعض الفقهاء الى القول بان يعتبر اليد والقوة المحركة للنظام البرلماني (4)

النظام الانجليزي

والنموذج الامثل لهذاهو النظام البريطاني اذ الوزارة في بريطانيا كوزارة ، هي الوارثة لسلطات الملك وهذا الحدث كان نتيجة مجموعة من الظروف والوزارات هي الجهاز الحكومي بالمعنى الواسع وهي تتضمن كل الاشخاص الذي تجمعهم روابط التظامن الحزبي والمسؤلين جميعا امام البرلمان عن السياسة المتبعة  (5)والملكية هي العنصر الاقدام في السياسة الانجليزية فالتاج هو عنصر هام للاستمرارية وللاستقرارية في الحياة الوطنية ومازال الا ان الملكية عرفت كيف تتطور والملك في بريطانيا الملكة الان كالحكم في ملعب الكرة فهو محاط بالاحترام العام وهو يسهر على ان يطبق كل فرد القانون وعلى ان يستمر العمل الحكومى وفقا  لما تقتضيه مصلحة الوطن وكقاعدة عامة للملك الحق في رفض او المصادقة على القوانين التي اقرها البرلمان بيد  انه منذ قرنين ونصف قرن لم يرفض الملك هذه المصادقة واللملك ايضا من الناحية النظرية حق الحل ولكنه عزف عنه منذ امد طويل والواقع ان رئيس الوزراء هو الذي يمارس حق الحل ونفس القول يمكن ان يرد بالنسبة الى باقى الصلاحيات التي تستند الى شخص الملك كالتعينات ومنح الرتب ان الملك في انجلترا يتلقى من رئيس الوزراء تقريرا شفهيا وهو لذلك اعلم بشؤون المملكة من اي وزير عادي ومن هنا يستطيع الملك ان يمارس في السياسة العامة تاثيره شخصيا وان هذا التاثيير لايظهر في السياسة الداخلية لان ضغط الاحزاب السياسية في هذا المجال قوي جدا بحيث لايمكن لمنصب معنوى ان يحدث اثرا والمجال الرحب لتأثير الملك يكون في السياسة الخارجية فالملكة فكتوريا استطاعت بذكاء شديد تفادي الحرب مع بروسيا سنة 1856 ثم مع فرنسا سنة 1859 وان كان الملاحظ عملا في الاونة الحالية ان دور الملك في انجلترا لم يعد منظور ا حتى في السياسة الخارجية (6)

ويرى بعض الكتاب الانجليز ان اساس السلطة السياسية في انجلترا يمكن في مجلس العموم ويذهب اخرون الى ان السلطة تنبع من الكابنت (7)ويرى لورانس الاول في كتابه حكومة بريطانيا ان الكانت هي واسطة لنقد البناء البريطاني وهذا هو راي عامة الانجليز للتذمر من الديكتاتورية الوزارية ويذهب " هوريو" الى ان سلطة الاكثرية في انجلترا لاتتحول الى ديكتاتورية ذلك لانها محاطة بمؤسات عرف المزاج الانجليزي الموروث كيف يؤمن استمرارها مثل التاج  , مجلس اللوردات, فضلا عن هيبة السلطة القضائية  ثم الادارة العليا (8)

2-وضع رئيس الدولة في النظام الرئاسي

ان النظام الرئاسي لايوجد في الا في الجمهوريات ورئيس الجمهورية  هو في الوقت نفسه رئيس الحكومة هو الذي  يحدد ويرسم سياسة الحكومة ، وبيده القدر الاكبر من السلطة ولهذا سمى بالنظام الرئاسي (9) (اي الى الرئيس ) اذ يعرف النظام الرئاسي بانه النظام الذي ترجح فيه كفة رئيس الدولة في ميدان السلطات ، وقد يضطر رئيس الدولة في بعض الحالات الى تغيير سياسته تحت ضغط البرلمان ، وقد يضطر الى اتخاذ سياسة لا يقرها هو شخصيا . وعلى  اي حال فان رئيس الدولة في النظام الرئاسي يتمتع بسلطات كبيرة واسعة ، ويتجلى دور رئيس الدولة من خلال خصائص هذا النظام ذاته ، اذ ان اهم ما يميز النظام الرئاسي كما سبق البيان ان رئيس الدولة منتخب من الشعب مع شدة الفصل بين السلطات ورئيس الدولة في النظام الرئاسي يسود ويحكم في ان واحد-وانتخابه من الشعب مباشرة  يجعل له صفة تمثيله عن الشعب ليتكلم باسمه  ويعبر عن ارادته ، كما انه يجمع كافة الوظائف التننفيذية وجميع اجهزة الدولة التنفيذية تعمل تحت اشرافه وتاتمر بامره وتسال امامه ، وهو المسئول عنها امام الراي العام ، وله كذلك سلطة عزلهم وتعيين غيرهم ولما كانت سلطة رئيس الدولة في النظام الرئاسي مستمدة من الشعب ولما كانت السلطة التشريعية تستمد هي الاخرى وجودها من الشعب مباشرة  فان النتيجة المترتبة على ذلك  انه لا سلطان لاي من السلطتين على الاخرى فرئيس الدولة في هذا النظام لايملك حل البرلمان او احد مجلسيه ولا يملك تاجيله او تعطيل انعقاده ولايملك التدخل في اعماله  كما لايماك بحسب الاصل حق اقتراع القوانين وعلى ضوء ذلك يظهر لنا قوة رئيس الدولة في هذا النظام والتي ترجع اساسآ الى طريقة انتخابه فالشعب ينتخب الرئيس مدة اربع سنوات من اجل برنامج سياسي محدد بيد اننا لايمكن ان نغفل شخصية الرئيس في الازمات الخطيرة فلهذه وتلك تأثير كذلك في قوة وسلطان الرئيس ولما كان المستقر عليه ان فصل السلطات في النظام الرئاسي ليس فصلآ مطلقآ وان الفصل المطلق للسلطات هو ضرب من الخيال السياسي فان رئيس الدولة في هذا النظام يقوم بدور تشريعي وهو مايسمى بحق الاعتراض التوقيفي ويقابل ذلك وجود بعض امتيازات لمجلس الشيوخ يمارسها  اتجاه السلطة  التنفيذية  وهذا التعاون بين السلطتين والذي  حدى بالبعض الى القول بان هناك استثنائات على مبدء فصل السلطات هو تعاون املته الظروف وكان وليد اتصال الحكومة باللجان ذات الاثر الفعال في توجيه البرلمان ونخلص من ذلك الى ان رئيس الدولة في النظام الرئاسي هو رئيس السلطة التنفيذية وهو ايضآ رمز للشعب  كما انه المنوط به تصريف شؤون السياسة الخارجية للدولة فضلا عن انه القائد العام للقوات المسلحة في وقت السلم والحرب  على السواء ويستمد الرئيس قوته من الشعب وهو على قدم متوازية مع البرلمان وان كان مستقلآ عنه فأن التطبيق العملي اوجد نوع من  التعاون ولكنه تعاون متوازآ (10)وكما تعرضنا للنظام النجليزي كنموذج لتوضيح دور رئيس الدولة في النظام البرلماني فيحسن تحصيل رئيس الدولة في الولايات المتحدة الامريكية كنموذج امثل للنظام الرئاسي مع التزامنا بما نهجنا عليه في هذا المدخل من الاكتفاء بالمبادى الاساسية العامة بالقدر الذي يخدم موضوع البحث ليس الا.

رئيس الدولة في الولايات المتحدة المريكية :

 اهم مثل للنظام الرئاسي هو دستور الولايات المتحدة الامريكية وهو اطول الدساتير المكتوبة عمرآ (17 سبتمبر 1787 ) وعنه اخذت معظم الدساتير الرئاسية وقد اراد المؤسسون لهذا الدستور المحافظة على صلابته ، فوضعوا اجراء صعب ومعقد من اجل تعديله وجعلوه على مرحلتين : مرحلة وضع نص التعديل ، ومرحلة التصديق على هذا التعديل ، وحتى الوقت الحاضر صدر لهذا الدستور خمسة وعشرون تعديل على الوثيقة الاصلية ، وهو شي قليل بالنسبة لطول عمر هذا الدستور وبالمقارنة مع الدساتير الاخرى ، واغلب التعديلات التي طرات على الدستور الامريكي متعلقة باعلان الحقوق والحريات الفردية والغاء الرق، واتساع الضمانات القضائية التي يمكن ان تفيد المواطن ، ثم تعديلات بخصوص التوسع التدريجي لحق التصويت ومن هذه التعديلات ما يتعلق بتنظيم السلطات العامة مثل ديمقراطية انتخاب الرئيس ونائبة وانتخاب الشيوخ عن طريق الاقتراع العام واستلام الرئيس المنتخب مهامه وانتقال السلطة  واهم هذه التعديلات هو التعديل الذي يمنع رئيس الدولة من الترشيح للرئاسة اكثر من مرتين مع تنظيم كيفية خلافة الرئيس من قبل نائبه عند حدوث مانع يحول بين الرئيس وممارسة عمله وثمة تعديلات اخرى مثل تعديل منع التحول سنة 1919 وتعديل سنة 1930 بالغاء هذا المنهج (11)نادى الامريكيون طويلآ بان افضل حكم  هو الحكم الذي لايحكم الا قليلآ والواقع ان الامريكين كانو حذرين من كل السلطات فقد تظلموا , من برلمان لندن  والذي تسبب بجهالاته في حرب الاستقلال ، وهم ايضآ كانوا حذرين من السلطة التنفيذية ولذلك كان من الطبيعي ان يسعا واضعوا الدستور الامريكي  الى اقامة توازن قام بين مختلف السلطات بحيث يحد بعضها بعضا وهذه هي النظرية الشهيرة المسماة "الكبح والتوازن " ولذلك فقد وضعت ضوابط في هذا الدستور في تنظيم السلطات مجلس الشيوخ ومجلس النواب ، تنفيذية وتشريعية ، مجلس الشيوخ ورئيس جمهورية ، سلطات قضائية وسلطات اخرى بحيث يمكن القول بان الامريكين بفكرهم الواقعي قد بسطو التعابير التي توصل اليها " منتسكيو" من قبل وان كان المفهوم البدائى لفصل السلطات قد تغير بفعل الاحداث وبشكل جلي (12)وقد نص دستور الولايات المتحدة على حصر السلطة التنفيذية في شخص رئيس الدولة المعين بالانتخاب  وهو منتخب على درجتين  فناخبوا الدرجة الاولى "voters"  ينتخبون ناخبي الرئيس "Electors"ولكن الواقع ان انتخاب الدرجة الثانية صوريا(13)وانتخاب الرئيس بواسطة الشعب وعدم خضوعه للبرلمان يكسبانه قوة وسلطة ونفوذا لايتمتع بها الملوك المتوجون ولارؤساء الوزراء البرلمانيون ونظرآ لوجود حزبين كبيرين في الولايات المتحدة الجمهوري والديمقراطي فان رئيس الدولة تارة يكون من الحزب الجمهوري واخرى من الحزب الديمقراطي تبعآ لنتيجة انتخابات الرئاسة ويخضع الوزراء في الولايات المتحدة ويطلق عليهم سكرتيريون (14)خضوعآ تامآ لرئيس الدولة فليس لهم سياسة خاصة بل ينفذون سياسته وله ان يجبرهم على ذلك  وحينما كان الرئيس "ويلسن" مريض حاول المستر "لاتسنج" جمع الوزراء للاتفاق معهم على خطة عمل فلم يكد الرئيس ليسترد صحته حتى كتب له "اني اعزلك لانك حاولت ان تطبق سياسة غير سياستي وبحسب الدستور فان سياستي هي التي يجب ان تسود" فالوزراء في النظام الرئاسي يلعبون دورآ ثانويآ محضا لتنفيذ سياسة الرئيس الذي هو العامل الاول والمحرك للسلطة التنفيذية على عكس الحال في النظام البرلماني ويترتب على ذلك ان رئيس الدولة هو الذي يعين الوزراء وهو الذي له حق عزلهم ولا يسأل الوزراء الاامامه وحده وهم غير مسؤولين امام البرلمان الذي لايملك نفوذ على الوزراء وبالتالي فان الوزراء في امريكا لايكونوا هيئة او مجلس فليس هناك مجلس الوزراء ولا رئيس مجلس الوزراء ولا وجود لبمدأ التظامن الوزاري عن السياسة العامة وهو المبدأ الراسخ في النظام البرلماني كما ان رئيس الولايات المتحدة لايدعو البرلمان للانعقاد بل ينعقد المجلسان من تلقاء نفسهما بأستثناء المناسبات الهامة وليس للرئيس حل المجلسين  او ايهما كما لا يستطيع الرئيس اقتراح القوانين بل فقط يمكنه ان يوصي او يلفت نظر الكونجرس  الى مسألة من المسائل الهامة في رسالة ولكن لا يستطيع الرئيس ان يقدم للبرلمان مشروع قانون بالمعنى المعروف (15) ومن ناحية اخرى فليس للبرلمان  اي سلطة او رقابة على السلطة التنفيذية الا عن طريق الاتهام  كما لا يمكن ان يكون الوزيرعضو في اي من المجلسين كما هو متبع في النظام البرلماني واذا اراد احد الوزراء الحضور الى جلسات البرلمان فمجلسهم مع الجمهور والزائرين ومن اخص خصائص النظام الامريكي ما يعرف " بفيتو" رئيس الجمهورية وهي سلطة واسعة تمكن رئيس الدولة من التأثير في التشريع فضلا عن سلطته التنفيذية الواسعة  ومضمون حق الفيتو المقرار للرئيس انه يستطيع الاعتراض على قانون اقره البرلمان  وهو ما يسمى بالاعتراض التوفيقي veto suspensif  لان اعتراض الرئيس من  شأنه اعادة القانون مرة اخرى للبرلمان  ولايمكن مرور القانون الا اذا اقره  كل من المجلسين ثانية باغلبية الثلثين والواقع العملي ان الحصول على تلك الاغلبية امر صعب وهو ما يبرز معه دور الرئيس الخطير في مجال التشريع اذ يكفى ان يضمن الرئيس تأييد مجرد الثلث زائدآ واحدآ في كل من المجلسين لكي يستطيع الحيلولة دون صدور التشريع .والفيتو المعطى للرئيس في الولايات المتحدة ككل فيتو توقيفي اخر فهو لايخالف مبدآ فصل السلطات لان البرلمان اذا اقر القانون بالاغلبية المقررة دستوريآ فأنه يزيل اعتراض الرئيس(16)هذا ويقابل هذا الحق اشتراك مجلس الشيوخ في اعمال هي في حقيقتها اختصاصات تنفيذية خاصة في ادارة السياسة الخارجيه مثل الاشتراك في تعين الموظفين في الوظاف الهامه والسفراء والوزراء المفوظين للخارج وبذلك يتسنى للمجلس مراقبة الرئيس في سياسته الخارجية والمقرر دستوريآ ان مجلس النواب  له حق اتهام رئيس الجمهورية ونائب الرئيس وجميع الموظفين  بما في ذلك الوزراء امام مجلس الشيوخ وقد حدد الدستور الحالات التي تبرر هذا الاتهام وهي (الخيانة  والرشوه وغير ذلك من الجنايات والجنح الكبرى ) والعباره  الاخيره غامضة وفسرها بعض الشراح في بدء عهد الجمهورية تفسيرآواسعآ (17) ان ادخلوا فيها الاخطاء السياسية وهذه السلطات المختلفة والهامة جدآ التي يتولاها الرئيس في الولايات المتحدة تستند الى دعم الراي العام اذ يذهب هذا الدعم الى رئيس الدولة اكثر من ذهابه الى البرلمانيين لانهم نظرآ لمدة ولايتهم القليله ولعدم احتمال التجديد لهم يظلون مجهولين من الشعب او على الاقل اقل شهرة من الرئيس وفي زمن الحرب تصبح سلطات الرئيس شبه دكتاتورية بحيث يستطيع من اجل الدفاع الوطني مصادرة الاشخاص والاموال وبمساندة المحكمة الفعلية غدت بعض هذه السلطات التي كانت بطبيعتها مؤقتة حقأ مكتسبآ للرئيس وفضلا عن ذلك كله فأن للرئيس حق اخر غايه في الاهمية وهو حق العفو.

المبحث الاول: طبيعة مسؤولية رئيس الجمهورية وتطور تنظيمها الدستوري

يثار التساؤل عن طبيعة مسؤولية رئيس الجمهورية وفق دستور جمهورية العراق لعام 2005 من حيث معرفة مدى كونها مسؤولية جنائية أو سياسية كون الدستور أعلاه لم يحدد نوع تلك المسؤولية بصورة صريحة بالإضافة إن نظام الحكم السائد في بلدنا يكون له الأثر الكبير في تحديد مثل تلك المسؤولية وبذلك فإننا سنتناول في هذا المبحث وضمن مطلبين طبيعة المسؤولية التي تترتب على رئيس الجمهورية عند ارتكابه فعلاً مخالفاً لنص الدستور أو القانون ومن  ثم بيان التطور التاريخي لتنظيم هذه المسؤولية من الناحية الدستورية في فرنسا ومصر والعراق.

المطلب الأول: طبيعة مسؤولية رئيس الجمهورية

       القاعدة العامة إن كل سلطة تكون ممثلة بأشخاص ( حكام ) مسئولون عن إدارة أمور الدولة وتسيير شؤونها من خلال ما يتمتعون به من صلاحيات ومؤسسات تميزهم عن غيرهم من الأفراد والموظفين ، ولكن هل يعني ذلك إن أولئك الحكام يقومون بتلك الإعمال دون قيد أو شرط ؟ إن الأمر ليس على إطلاقه بهذه الصورة لان ذلك سيؤدي إلى الاستبداد بالسلطة ونشوء الدكتاتورية وبالتالي فلا بد من إخضاعهم لمبدأ مهم ألا وهو مبدأ (تلازم السلطة والمسؤولية – للمسؤولية) (18) .

ومقتضى هذا المبدأ القانوني وجوب إقامة توازن قانوني بين السلطة والقائمين عليها من جهة ،والشعب من جهة أخرى . وهذا يقودنا بدوره إلى تأكيد القول بأن جميع الأفراد والسلطات يجب أن يخضعوا للقانون ولا يوجد احد فوق القانون مهما بلغت سلطته أو أرتفع مستوى مسؤوليته.

وهناك من يتساءل(19) بالقول إذا خضع القائمون بالسلطة للقانون فما الذي يضمن عدم تعرضهم للكيد من قبل الأفراد بسبب ممارستهم لإعمال تلك السلطة؟ وبالمقابل ما ضمان الشعب أو الأفراد من إن القائمين على السلطة يؤدونها بصورة صحيحة  غير منحرفة ؟ من هذه التساؤلات جاءت فكرة إنشاء قضاء سياسي مختص بمحاكمة القائمين بأعباء السلطة(20)  ، وهذا القضاء يتميز من الناحية الوظيفية بطبيعة الجرائم التي يختص بنظرها ، وهي بوجه خاص الجرائم التي تمس نظام الدولة...السياسي سواء تعلق بالحكومة أو تنظيم السلطات ، وهذه الجرائم تتميز بأنها ذات طابع خاص وتتطلب تقديراً معيناً لا يتوافر لدى القضاء العادي ، مما يعني إسناد النظر في مثل هذه الجرائم إلى محاكم خاصة وهذه الأخيرة تكون مختصة بالنظر في نوعين من الجرائم (20) :-

الأولى : - التي تقع من رجال السلطة وتمثل اعتداءاً على نظام الدولة .

الثانية : - التي تقع من الأفراد وتمثل اعتداءاً على نظام الدولة السياسي .

وما يهمنا في هذا الأمر الطائفة الأولى من هذه الجرائم ، إذ يُعدّ إنشاء مثل هذه المحاكم الخاصة ضمانة أكيدة للأفراد في مواجهة الانحراف بالسلطة اذا توافر التطبيق العملي لذلك ، وبذلك يكون المتهمين أمام هذه المحاكم هم الحكام أنفسهم وبضمنهم (رئيس الجمهورية) وبالنظر لشخصية هؤلاء المتهمين والطبيعة الخاصة لمسؤولياتهم الجنائية عن الجرائم المسندة إليهم نجد ان اغلب الدساتير تتجه إلى تنظيم تلك المسؤولية ومحاكمتهم أمام محكمة خاصة ضمن نصوص الدستور بل الأكثر من ذلك تتجه بعض الدساتير إلى عدم تقرير أية مسؤولية جنائية لهؤلاء الأشخاص وفي ذلك محاباة للمسئولين على حساب الأفراد. وهنا  فإن التساؤل الذي يثار عن طبيعة المسؤولية التي تترتب جراء ارتكاب تلك الجرائم ، هل هي مسؤولية جنائية بحتة أم إنها مسؤولية سياسية ( برلمانية ) ؟ أم تجمع بين الاثنين؟ بدءاً إن المسؤولية السياسية تعني مساءلة رئيس الوزراء و الوزراء أمام البرلمان عن كافة أعمالهم و تصرفاتهم الإيجابية و السلبية المشروعة و غير المشروعة العمدية و غير العمدية (22) ،ووفقاً لما مقرر في نصوص الدستور  و مدى خضوع رئيس الجمهورية لهذا النوع من المسؤولية كما يذكر البعض(23) كانت محل بحث و اجتهاد من قبل واضعي الدساتير إذ تبرز الصعوبة في النواحي الآتية :-

  1. إن النظام الخاص بمسؤولية رئيس الجمهورية يتداخل مع النظام الخاص بمسؤولية الوزراء و حسب طبيعة نظام الحكم في كل دولة.
  2. إن الإجراءات و الخطوات الخاصة بإثارة مسؤولية رئيس الجمهورية و على اختلاف نوع النظام السياسي

( برلماني أو رئاسي) تكاد تكون خالية من النص على مثل هذه المسؤولية لرئيس الجمهورية

 وهنالك من يرى- بأن مسؤولية رئيس الجمهورية في مثل هذه الحالات التي تنص عليها الدساتير تكاد تكون مسؤولية سياسية بحتة في جانب معين بسبب عدم تحديد نوع تلك المسؤولية ضمن نصوص الدستور كأن يذكر الدستور عبارة (( يسأل رئيس الجمهورية في الحالات التالية ................ )) و قد تكون جنائية في جانب آخر(24). و تفسير الحالتين أعلاه مفاده الرجوع إلى القاعدة العامة التي تقضي باختصاص قانون العقوبات الصادر وفق أحكام الدستور بتنظيم الأفعال التي يعد ارتكابها أو الامتناع عن أدائها جرائم معينة مسبقاً مع تحديد عقوبة كل جريمة ،وفق ما مقرر في المادة (1) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل،  و حيث أن النص (في بعض الدساتير) على مسؤولية رئيس الجمهورية عن بعض الأفعال فلا يعني ذلك تحقق مسؤوليته الجنائية المباشرة عنها ، ذلك لعدم اختصاص الدستور في تحديد الجرائم و وضع العقوبة الملائمة لها ضمن نصوصه  ، أما الحالة الثانية التي تكون فيها مسؤولية رئيس الجمهورية جنائية بموجب نص الدستور فهي حالة النص الصريح لتلك المسؤولية كما فعل مشرع  الدستور المصري لعام 1971 النافذ حالياً(25)  و بالاستناد إلى دستور جمهورية العراق لسنة 2005 (26) . لابد من القول بانه لا يمكن عد مسؤولية رئيس الجمهورية فيما يسند اليه من اتهامات بموجب نصوص الدستور هي مسؤولية سياسية بحتة و ذلك للأسباب الاتية:-

  1. لو كانت المسؤولية سياسية بحتة لأضطلع البرلمان فقط بحق مساءلة رئيس الجمهورية دون إحالته إلى المحكمة  المختصة.
  2. أيضاً لو كانت تلك المسؤولية سياسية بحتة لكان المشرع قد نص عليها ضمن نصوص الدستور – كما هو الحال في مسائلة الوزارة.(27)
  3. إن وجود محكمة محددة سلفاً للنظر في مثل هذه الحالات يدلل على ان تلك الأفعال قد تكون جرائم جنائية و خصوصاً ان البرلمان يعتمد على قرار ((الإدانة)) لرئيس الجمهورية من قبل تلك المحكمة لتحديد مصير الرئيس بعد ذلك.
  4. في دستور العراق لعام 2005 ورد في المادة (138) منه النص على حالات إعفاء أي عضو من أعضاء مجلس الرئاسة من منصبه بما فيهم رئيس الجمهورية بسبب (عدم الكفاءة و عدم النزاهة) مما يشير إلى وجود حالات غير تلك التي نصت عليها المادة (61)(28) من الدستور مما يستتبع القول بأن مسؤولية رئيس الجمهورية في المادة (61) أعلاه هي مسؤولية جنائية ، لأن إعفاءه وفق المادة (138)(29) من الدستور يتم بطريقة مباشرة من قبل البرلمان دون إحالة الموضوع لمحكمة مختصة.
  5. إن طبيعة نظام الحكم السائد في الدولة له الأثر الكبير في تحديد طبيعة و نوع مسؤولية رئيس الجمهورية ، فإذا كان ذلك النظام ((برلمانياًً)) كانت الوزارة المسئولة الأولى سياسياً بحسب الصلاحيات الممنوحة لها وضآلة دور رئيس الجمهورية مما يجعله عرضة للمسؤولية الجنائية أكثر من المسؤولية البرلمانية . 
  6.   غالباً ما تتجه المحاكم الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية إلى العمل بموجب قانون خاص ينظم نوع المسؤولية المترتبة على أفعال رئيس الجمهورية لذا فقد تكون تلك المسؤولية جنائية بحتة بموجب تلك القوانين الخاصة من خلال الإحالة الواردة في نصوصها إلى قوانين العقوبات في موضوع تحديد الأفعال الجرمية و العقوبات المقررة لها كما هو الحال في مصر.ونحن بانتظار صدور القانون الخاص بالمحكمة الاتحادية العليا الجديد ونأمل ان يتضمن الإشارة إلى نوع المسؤولية المترتبة على رئيس الجمهورية بموجب الحالات الواردة بالدستور ،بالإضافة إلى إن القانون الخاص بمساءلة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء لم يصدر لحد ألان ،علما ان قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30)لستة 2005 لم يشر إلى مثل هذا الموضوع ضمن نصوصه القانونية .
  7. خلو قانون العقوبات من أي نص يحدد مسؤولية رئيس الجمهورية الجنائية بل تعمد هذه القوانين إلى تحصين رئيس الجمهورية من أي مسؤولية جنائية .

و أخيراً فاننا نؤيد الرأي الذي يذهب إلى القول(30) بأن مسؤولية رئيس الجمهورية هي مسؤولية تبدأ سياسية و تنتهي جنائية عن بعض الأفعال المحددة بموجب نصوص الدستور ، و لأن الإجراءات المتبعة في إثارة مسؤولية رئيس الجمهورية تكاد تكون إجراءات مختلطة بين البرلمان و المحكمة فتبدأ بجانب سياسي برلماني بإثارة تلك المسؤولية من قبل أعضاء البرلمان و تنتهي بإحالة الموضوع إلى المحكمة المختصة ثم تعود تلك المحكمة إلى البرلمان بقرارها ليتم تحديد مصير رئيس الجمهورية (من حيث المنصب) من قبل البرلمان في ضوء قرار المحكمة، فتكون هذه المسؤولية جنائية دستورية أي مسؤولية مختلطة ان لم تكن في الغالب مسؤولية جنائية وهذا ما سيكشفه القانون الخاص بالمحكمة الاتحادية العليا الخاصة بمحاكمة الرئيس أو أي قانون خاص يصدر لتنظيم هذه المسؤولية .

المطلب الثاني: التنظيم الدستوري لمسؤولية رئيس الجمهورية

     غالباً ما تتحدد مسؤولية رئيس الدولة الجنائية أو السياسية بحسب طبيعة نظام الحكم الذي يسود في فترة معينة إذ يحدث ان تعمد أغلب الدول التي تأخذ بالنظام الملكي إلى جعل الملك مصون وغير مسؤول بالإضافة إلى ان اغلب الدول التي تحكم بنظام دكتاتوري تذهب في دساتيرها إلى تحصين رئيس الدولة كي يتمكن من القبض على السلطة والاستمرار فيها دون منازع ، إذ أن أهم سمات ذلك  النظام هو التمسك بكرسي الحكم أكثر وقت ممكن ، و سنتناول بالبحث التطور التاريخي لتنظيم مسؤولية رئيس الجمهورية في الدساتير بوصفها المنظم الرئيس لهذه المسؤولية بسبب المركز الحساس لمنصب رئيس الجمهورية من جهة، و لعدم وجود نصوص عقابية صريحة في قوانين العقوبات تحدد مسؤولية رئيس الجمهورية الجنائية  و ذلك في فرنسا  ومصر و العراق.  

أولاً: في فرنسا -   اتسمت الدساتير الفرنسية المتعاقبة بالنص الصريح على عدم مسؤولية رئيس الجمهورية بصورة مطلقة إلا في حالة الخيانة العظمى(31) ابتداءً من دستور الجمهورية الثالثة ( 1875 – 1940 ) إذ ورد في المادة (6/2) من القانون رقم( 25 ) لسنة 1875 و هو أحد قوانين تشكيل الدستور على إن  (رئيس الدولة غير مسؤول إلا في حالة الخيانة العظمى) بعد ان حدد مسؤولية الوزراء الجنائية في الفقرة (الأولى) منه إذ وردت النصوص الخاصة بمسؤولية رئيس الجمهورية على غرار ما ورد في دستور الجمهورية الثالثة ، أما دستور (1958) فقد نص صراحة على مسؤولية رئيس الجمهورية عن حالة الخيانة العظمى في المادة (68/1) منه بالقول (( لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولاً عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه الا في حالة الخيانة العظمى و يكون اتهامه بواسطة المجلس بقرار موحد يصدر بتصويت علني و بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتكون منهم المجلسان و تجري محاكمته أمام المحكمة القضائية العليا))(32)

و استناداً إلى ما تقدم يذهب غالبية الفقه الدستوري إلى عد مسؤولية رئيس الجمهورية عن تهمة الخيانة العظمى مسؤولية سياسية (برلمانية) و ليس مسؤولية جنائية.

ثانياً:-  في مصر -  بدأت مصر بنظام الحكم الملكي ابتداء من دستور 1923  و بموجب المادة (23) منه نص على عدم مسؤولية الملك إذ ورد فيها بأن (( الملك هو رئيس الدولة و ذاته مصونة لا تمس)) و بما ان الملك غير مسؤول بموجب نص الدستور فانه يكون بمنآى عن مباشرة أعمال السلطة التنفيذية و أوكل الأمر إلى الوزارة التي حدد الدستور مسؤوليتها الجنائية بموجب المادة (68) منه(33) .

إما دستور عام ( 1930) الانقلابي المؤقت فلم يتضمن أي شيء عن مسؤولية الملك  الجنائية و بسبب الثورة وتحول نظام الحكم من الملكي إلى الجمهوري بموجب دستور عام ( 1956 ) فإن رئيس الدولة يكون مسؤولا سياسياً و جنائياً أمام مجلس الأمة و يتولى المجلس توجيه الاتهام الجنائي لرئيس الجمهورية بموجب المادة (130) في حالات معينة نصت عليها تلك المادة(34)

و في دستور( 1958) المؤقت فقد أبقى على المسؤولية الجنائية نفسها الواردة في دستور( 1956 )إلى أن تم تشريع دستور عام ( 1964 ) المؤقت الذي أسس مسؤولية رئيس الجمهورية كما هو عليه الحال في دستور عام (1971 ) النافذ و الذي نص  في المادة (85) منه على مسؤولية رئيس الجمهورية الجنائية عن جريمة الخيانة العظمى أو أية جريمة جنائية أخرى و التي ستناولها في المبحث الثالث  من هذا البحث المخصص لحالات مساءلة رئيس الجمهورية  أمام المحكمة الاتحادية العليا.

ثالثاً :-  في العراق   -   نص القانون الأساسي العراقي (الدستور الأول في العراق ) في المادة (21) منه على عدم مسؤولية الملك بصورة مطلقة فجاء في المادة أعلاه ان (( الملك مصون و غير مسئول )) و بالتالي لا يمكن إثارة مسؤولية الملك  سواء من الناحية الجنائية أو السياسية.

و في عام 1958 صدر دستور 27 تموز و لم يتضمن  أي نص يتناول مسؤولية رئيس الجمهورية الجنائية أو حتى النصوص الخاصة بالحصانة و السبب كما نرى انه جاء في أوضاع انتقالية  بالإضافة إلى أن المواد التي نصها هذا الدستور كانت قليلة و مقتضبة و مختصرة نوعاً ما(35) و في عام 1963 صدر دستور 4 نيسان الذي لم يتضمن هو الآخر أي نص يتناول أو ينظم مسؤولية رئيس الجمهورية الجنائية أو السياسية أو حتى النصوص الخاصة بحصانة رئيس الجمهورية (36).

اما دستور 29 نيسان 1964 فقد نظمت المادة (60) مسؤولية رئيس الجمهورية و نصت على (( لا تبعة على رئيس الجمهورية بسبب أعمال وظيفته إلا في أحوال خرق الدستور أو الخيانة العظمى ، أما تبعته فيما يختص بالجرائم العامة فهي خاضعة للقوانين الصادرة و لا يجوز اتهامه بسبب هذه الجرائم أو بسبب خرق الدستور أو الخيانة العظمى إلا من قبل مجلس الوزراء بقرار من أكثرية ثلثي المجموع الكلي لأعضائه و لا تجوز محاكمته إلا من قبل محكمة خاصة و على الوجه المبين في القانون )) و نرى بأن واضعي هذا الدستور قد جاءوا  في بيان  و تنظيم مسؤولية رئيس الجمهورية بالنص صراحة عليها فقسموا هذه المسؤولية إلى نوعين الأولى :  تتعلق باعمال وظيفة رئيس الجمهورية فتنشأ مسؤوليته عن خرق الدستور و الخيانة العظمى اما الثانية : فهي مسؤوليته الجنائية عن الجرائم العادية و أخضعت للقوانين العامة السائدة آنذاك مثل قانون العقوبات البغدادي(37)   و في   الحالتين جعل أمر تحريك الاتهام خاص بمجلس الوزراء بقرار يصدر بأكثرية ثلثي المجموع الكلي لعدد أعضائه و إحالة الموضوع لمحكمة خاصة للمحاكمة عن تلك الجرائم مما يدلل على خصوصية هذا الامر و خروجه عن القواعد العامة في المحاكمات العادية.

أما دستور 21 أيلول 1968 فلم يرد فيه أي نص يتعلق بمسؤولية رئيس الجمهورية و حصاناته أثناء أداءه لمهام عمله إلا فيما يتعلق بحصانة رئيس و أعضاء مجلس قيادة الثورة فنصت المادة (46) منه على أن (( لا تتخذ أي إجراءات قانونية ضد عضو مجلس قيادة الثورة بسبب أعمال وظيفته إلا بقرار صادر من ثلثي أعضاءه على ان يحاكم أمام محكمة خاصة على الوجه المبين في القانون)) و بما أن رئيس مجلس قيادة الثورة يعد حكماً في ذلك الوقت رئيساً للجمهورية(38) و بالتالي يكون مشمولاً بهذا النص.

و في دستور 1970  و بالتزامن مع تشريع قانون العقوبات العراقي رقم( 111 ) لسنة 1969 المعدل و النافذ حالياً فقد أصبحت مسؤولية رئيس الجمهورية منظمة بين الدستور و قانون العقوبات و بالرجوع إلى قانون العقوبات نجد أن الأصل العام فيه يقتضي تطبيق أحكامه على كل شخص يقيم في إقليم الجمهورية العراقية عند ارتكابه جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات(39) إلا أن المشرع العراقي و لاعتبارات معينة قد نص على استثناء بعض الأشخاص من المساءلة الجنائية عما يقومون به من أعمال بسبب طبيعة تلك الأعمال فالمادة(11) من قانون العقوبات تنص على أن (( لا يسري هذا القانون على الأشخاص المتمتعين بحصانة مقررة بمقتضى الاتفاقيات الدولية أو القانون الدولي أو القانون الداخلي)) و كون الدستور أعلى وثيقة قانونية في الدولة فقد نصت المادة (40) منه على أن (( يتمتع رئيس مجلس قيادة الثورة و نائبه و الأعضاء بحصانة تامة و لا يجوز اتخاذ أي إجراء مسبق بحقهم إلا بإذن مسبق من المجلس)) وبما ان رئيس مجلس قيادة الثورة يرشح من قبل المجلس لتولي منصب رئيس الجمهورية بموجب نص المادة (57/أ)(40) من الدستور فإنه يتمتع بحصانة دستورية وفق المادة (40) أعلاه و حصانة قانونية جنائية بموجب المادة (11) من قانون العقوبات النافذ(41)  يجب الإشارة إلى أن المادة (45) من الدستور قد حددت مسؤولية رئيس و نائب رئيس و أعضاء مجلس قيادة الثورة أمام المجلس نفسه عن جرائم الحنث باليمين الدستورية أو خرق الدستور أو أي تصرف يراه المجلس مخلاً بشرف المسؤولية التي يمارسها وفق قواعد يضعها المجلس حول تشكيل المحكمة و الإجراءات الواجب إتباعها. أما بخصوص  اجراءات الاتهام و تحريك الدعوى ضد رئيس الجمهورية فقد بينت المادة (38/هـ) من الدستور ذلك(42) .أما مشروع دستور جمهورية العراق لسنة 1990: فلم يتضمن  أي نص يشير إلى مسؤولية رئيس الجمهورية الجنائية أو السياسية(43) وفيما يتعلق  بدستور العراق لعام 2005 فقد نصت المادة (61 / سادساً) على مسؤولية رئيس الجمهورية و كما سنبين ذلك لاحقاً..

المبحث الثاني: حالات  مساءلة رئيس الجمهورية أمام المحكمة الاتحادية العليا

تختص المحكمة الاتحادية العليا في العراق دون غيرها بحق مساءلة رئيس الجمهورية في حالات ثلاث وردت في صلب الدستور العراقي لعام 2005 وهي –الخيانة العظمى والحنث باليمين وانتهاك الدستور ،ولتعلق موضوع البحث بتحديد مسؤولية رئيس الجمهورية الجنائية في كل من فرنسا ومصر والعراق ، نجد أن دساتير هذه الدول قد اتفقت على مساءلة رئيس الجمهورية عن حالة الخيانة العظمى و اختلفت في بعض الموجبات الأخرى، وأن التساؤل الذي يثار بهذا الصدد هل تشمل حالات المساءلة رئيس الجمهورية فقط أم إنها تمتد لتشمل أعضاء هيئة الرئاسة؟ إن الجواب على ذلك يظهر لنا من خلال تفحص نصوص الدستور فالمادة (61) في فقرتها (السادسة / 4) نصت على مساءلة رئيس الجمهورية حصراً إلا أن المادة (138) في الفقرة ( أولاً) نصت على ما يلي  يحل تعبير (مجلس الرئاسة) محل تعبير (رئيس الجمهورية) أينما ورد في هذا الدستور .....وبالتالي وفقاً لنص المادة (138) أعلاه فإن المسؤولية تشمل رئيس الجمهورية ونوابه.

ففي مصر يعاقب رئيس الجمهورية بموجب المادة (85) من الدستور النافذ عن جريمة الخيانة العظمى و أية جريمة جنائية أخرى(44) ، أما في العراق فقد نصت المادة (61) من دستور عام 2005 النافذ حالياً على مسائلة رئيس الجمهورية عن الخيانة العظمى بالإضافة إلى انتهاك الدستور و الحنث باليمين الدستورية.

و  سنتنأول مفهوم كل حالة من الحالات أعلاه في ثلاث مطالب نخصص الأول لبيان مفهوم الخيانة العظمى و الثاني لتحديد مدلول الحنث باليمين الدستورية أما الثالث فسنفرده لمفهوم انتهاك الدستور .

المطلب الأول: الخيــانة العظمى

      الخيانة في اللغة تعني :- الخْون :- أي ان يؤتمن الإنسان فلا ينصح ، خانه يخونه خوناً و خيانه ، و خانةً و مخانة(45). و الخيانة العظمى عبارة ذات مفهوم واسع و غير محدد حتى من قبل المشرع الدستوري أو القانوني ، و غالباً ما يتم الأخذ بالمفهوم العام للخيانه عند تفسير الشراح لهذا المفهوم(46) و  سنتناول موقف التشريع و الفقه حول مدلول الخيانة العظمى في كل من فرنسا و مصر و العراق وفق الفروع الثلاثة الآتية:-

الفرع الأول : في فرنسا:-  نصت أغلب الدساتير الفرنسية على مبدأ هام   هو  عدم مساءلة رئيس الجمهورية بصورة مطلقة إلاّ عن حالة (الخيانة العظمى) إبتداءً من دستور الجمهورية الثالثة سنة 1887 و لغاية دستور الجمهورية الخامسة في 1958 ، أما الفقه الفرنسي فأنه يكاد يجمع على أن مسؤولية رئيس الجمهورية عن فعل الخيانة العظمى المنصوص عليه في المادة (68) من الدستور 1958 (47) النافذ هي مسؤولية سياسية (برلمانية) بالدرجة الأساس ، حيث يرى الفقيه (هوريو) بأنه من خلال استعراض نص المادة (68) أعلاه يتأكد خلو الدستور من مبادئ التجريم و العقاب ، و بالتالي لا يمكن أن تكون المسؤولية  المترتبة على الخيانة العظمى مسؤولية جنائية و من ثم فإن تعبير الخيانة العظمى تعبير غامض يقصد به بصفة عامة الجرائم السياسية التي تهدد المؤسسات أو المصالح العليا للبلاد(48). أما الأستاذ (فيدل) فيرى بأن الخيانة العظمى لا يمكن أن تكون جريمة جنائية لأن القانون الجنائي أقتصر على تعريف الخيانة و لم يعرف الخيانة العظمى و بالتالي  فيمكن اعتبار الإهمال الشديد من قبل رئيس الجمهورية للواجبات الملقاة على عاتقه خيانة عظمى وأن هذا الأمر متروك للجمعية الوطنية و المحكمة العليا المختصة بمحاكمة رئيس الجمهورية باعتبار ذلك الإهمال خيانة من عدمه وتحديد العقوبة الملائمة له.و بذلك و حسب رأي الأستاذ (فيدل) فإن الخيانة العظمى تختلف كثيراً عن الخيانة المنصوص عليها في قانون العقوبات و بذلك فإن الخيانة العظمى لا تعني مجرد التخابر مع الأعداء أو تسليمهم مواقع أو  معلومات هامة عن البلد بل يمكن أن تكون الخيانة العظمى في فرنسا بالنسبة لرئيس الجمهورية وفق التقاليد الفرنسية مجرد (الإهمال الخطير) من قبل الرئيس في أداء واجباته كخرق الدستور مثلاً يمكن تعريفه من الناحية القانونية بأنه خيانة عظمى و إن لم يكن له أي صلة بالعلاقات الدولية(49) ، يضاف إلى ذلك نوعية العقوبات التي توجه إلى رئيس الجمهورية فهي لا تتعدى أن تكون ((عزل)) رئيس الجمهورية من منصبه دون اتخاذ أية إجراءات جنائية أخرى تجاهه(50) و لقد جرت محاولتان في فرنسا لتحديد العناصر المنشأة للمسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية.

 الأولى:- في مشروع الدستور المؤقت المقدم في عام 1874 حيث ورد النص فيه على عدم إثارة مسؤولية الرئيس الجنائية إلا في إحدى الحالات الآتية:-

أ- الخيانة العظمى                       ب – الاختلاس                                 جـ - الاغتصاب

ولقد حاول  المشروع المقدم بقانون سنة 1878 تحديد حالات  مفهوم الخيانة العظمى بالنسبة لرئيس الجمهورية في محاولة ثانية و هي:-

  أ- إذا حاول رئيس الجمهورية بوسيلة  غير قانونية أن يضع العراقيل أمام السلطة التشريعية أثناء ممارستها لوظيفتها ، كحل البرلمان حلاً غير دستورياً.

ب- إذا أعلن الرئيس الحرب على دولة أخرى دون موافقة المجلسين.

جـ - إذا أدين رئيس الجمهورية بجرائم ضد أمن الدولة منصوص عليها في قوانين العقوبات .

د – إذا استقدم رئيس الجمهورية قوات أجنبية إلى أرض الوطن أو ساعد على ذلك خلافاً للدستور.

هـ - إذا أدين رئيس الجمهورية بسبب قيامه بأعمال من شانها وقف العمل بالدستور أو إلغاءه(51).

وبذلك  يمكن أن يدخل ضمن مفهوم الخيانة العظمى أي فعل يشكل إخلال بواجبات رئيس الجمهورية الأساسية لكون أن مدلول و مفهوم فعل الخيانة العظمى غير محدد وغير منظم قانوناً في فرنسا أي أنه يتسم بالمرونة و السعة.

الفرع الثاني :-  في مصر - نص دستور سنة  1971  النافذ في المادة (85) منه على المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية في حالة اتهامه بالخيانة العظمى أو أية جريمة جنائية أخرى ، إذ نصت  على أن (( يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية بناءً على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل ، و لا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس ، ............ و تكون محاكمة رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة ينظم القانون تشكيلها و إجراءات المحاكمة أمامها ويحدد العقاب ، واذا حكم بادانته اعفي من منصبه مع عدم الاخلال بالعقوبات الاخرى)) وقبل الدستور اعلاه شرع في عام 1956 القانون المرقم 247 الخاص بمحاكمة رئيس الجمهورية والوزراء (52) وحدد الافعال التي يعاقب عليها رئيس الجمهورية في حالتين  هي الخيانة العظمى وعدم الولاء للنظام الجمهوري ، ويلاحظ ان القانون اعلاه لم يصف أياً من هذين  الفعلين بانه جريمة الا انه   نص على عقوبة جنائية محددة لكل منهما (53) . كما بين الحالات التي تدخل ضمن مفهوم عدم الولاء للنظام الجمهوري بانها              أولا :- العمل على تغيير نظام الحكم من جمهوري إلى ملكي  ثانياً :- وقف الدستور كله أو بعضه أو تعديل احكامه دون اتباع القواعد والاجراءات التي حددها الدستور (54). وترك مفهوم الخيانة  العظمى دون تحديد مما أدى إلى الاجتهاد من قبل البعض في اقتباس مفهوم فعل الخيانة العظمى المنسوب إلى رئيس الجمهورية   من المفهوم الوارد في قانون محاكمة الوزراء رقم( 79) لسنة 1958وقبل ذلك فان المتتبع للقانون رقم (247) يجد ان المذكرة الايضاحية التي صدر بموجبها القانون اعلاه ، بينت بأن المشرع ترك تحديد اعمال الخيانة العظمى لاحكام قانون العقوبات (55) ويقتبس البعض (56) مفهوم جريمة الخيانة العظمى من التعريف الوارد لها في قانون محاكمة الوزراء رقم (79 ) لسنة 1958 ويرى جواز ذلك الاقتباس بدليل ان قانون محاكمة رئيس الجمهورية نفسه قد احال إلى قانون العقوبات في تحديد مفهوم الخيانة العظمى .

فتعرّف الخيانة العظمى في قانون محاكمة الوزراء بأنها (( كل جريمة تمس سلامة الدولة أو امنها الخارجي أو الداخلي أو نظام الحكم الجمهوري ويكون منصوص عليها في القوانين المصرية ومحدداً لها عقوبة الاعدام أو الاشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو الاعتقال المؤبد أو المؤقت )) .

خلاصة القول ان الفقه والتشريع المصري يرى بان الخيانة العظمى التي ترتكب من قبل رئيس الجمهورية هي جريمة جنائية تنشأ بقيامها المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية تستوجب العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات والقوانين الخاصة بالإضافة إلى إعفائه من منصبه بعد إدانته من قبل المحكمة المختصة بمحاكمته(57)

الفرع الثالث :-  في العراق- وبسبب التطورات السياسية التي حصلت بعد سقوط النظام السابق في 9/4/2003 وانعكاس تلك التطورات على الواقع الدستوري والقانوني في العراق ، فقد نص دستور جمهورية العراق لعام 2005 على حالة الخيانة العظمى في المادة (61/سادساً) كما سبقت الاشارة لذلك بالاضافة إلى حالتي انتهاك الدستور والحنث باليمين . ولكون العراق حديث العهد في النص على حالة الخيانة العظمى وتحديد مسؤولية رئيس الجمهورية بموجبها ولعدم معرفتها سابقاً فان ما يكتب بصدد بيان مفهومها يكاد يكون قليلاً لحد الآن للأسباب اعلاه ، يضاف إلى ذلك عدم وجود تطبيق قضائي خاص بهذه الحالة وعدم صدور قانون المحكمة الاتحادية العليا الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية عن الحالات  اعلاه بموجب نص الدستور. ومع ذلك نرى بأن مفهوم الخيانة العظمى المنسوب لرئيس الجمهورية يمكن ان ينصرف إلى كل تصرف أو اجراء يقوم به رئيس الجمهورية يشكل جريمة منصوص عليها في قانون العقوبات أو أي قانون عقابي اخر. والسبب في تحديد هذا المفهوم بالصيغة اعلاه يكمن فيما يأتي:-

  1. لقد نص الدستور بصورة صريحة على مساءلة رئيس الجمهورية عن انتهاك الدستور والحنث باليمين ، وبالتالي فأنه لا يمكن عد أي فعل مخالف للقانون انتهاكاً للدستور لكون الحالة الاخيرة تكون محددة في مخالفة نص الدستور الصريح بالاضافة إلى ذلك فان المساءلة عن الحنث باليمين تنصرف إلى الاخلال بكل مفردة من المفردات الواردة في صيغة اليمين الدستورية المبينة في  المادة (50) من الدستور لذلك نرى بان ارتكاب أي فعل يشكل جريمة خارجة عن مفهوم الحالتين اعلاه يعد خيانة عظمى من قبل رئيس الجمهورية .
  2. عدم وجود نص قانوني عقابي يحدد مسؤولية رئيس الجمهورية عن الافعال التي تقع منه اثناء تأديته  وظيفته وتشكل هذه الافعال بدورها جرائم معاقب عليها جنائياً .
  3. عدم وجود نص دستوري أو قانوني يمنح رئيس الجمهورية حصانة قانونية عن الافعال التي ترتكب منه وتشكل جرائم جناية وبالتالي يمكن للبرلمان وفق نص الدستور اثارة مسؤولية رئيس الجمهورية عن حالة الخيانة العظمى اذا ارتأى بأن تلك الافعال تشكل جرائم جنائية
  4. ان عدم تحديد مفهوم الخيانة العظمى في الدستور بصورة صريحة يمثل نوعاً من الرقابة الذاتية لرئيس الجمهورية على افعاله وتصرفاته بحيث يكون على قدر من الحيطة والحذر في اتخاذ أي قرار أو اجراء خوفاً من الوقوع في ما يمثل جريمة الخيانة العظمى.
  5. عدم صدور القانون الخاص بالمحكمة الاتحادية العليا وقانون محاكمة رئيس الجمهورية لحد الآن وفق نص الدستور ، اذ ان تشريع تلك القوانين قد يبين ماهية الأفعال التي تندرج تحت مفهوم الخيانة العظمى(58)  ، وهو ما ندعو المشرع العراقي إلى الأخذ به من خلال تحديد معين لكل فعل يدخل ضمن مفهوم الخيانة العظمى منعاً للاجتهاد والتأويل.

المطلب الثاني: الحنث باليمين الدستورية

      الحنث باللغة يعني : الخلف ُ في اليمين ، حنث في يمينه حنثاً وحنَثاً ، لم يبر بها ، وفي الحديث( اليمين حنث أو مندمة) . والحنث في اليمين نقضها و النكث فيها(59) .ويعرف  الحنث باليمين بانه ( العمل خلاف ما ورد في اليمين من مقتضيات أو ترك العمل بها )( 60). ولقد أوجبت المادة (70) من الدستور العراقي النافذ على رئيس الجمهورية اداء اليمين الدستورية المنصوص عليها في المادة (50) من الدستور وبالنظر إلى نص المادة أعلاه (61) نجد ان مخالفة محتويات أو موجبات هذه اليمين من قبل رئيس الجمهورية يمكن أن يُنشأ جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات النافذ كجريمة المساس باستقلال العراق وسيادته المنصوص عليها في المادة (156عقوبات )إذ نظمت هذه الحالة كجريمة جنائية في قانون العقوبات العراقي النافذ ضمن مجموعة الجرائم المضرة بالمصلحة العامة في الكتاب الثاني حيث وردت في المادة( 156) في الباب الأول ( الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي ) . وتنص المادة أعلاه على ما يأتي :- (( يعاقب بالإعدام من ارتكب عمداً فعلاً بقصد المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها أو كان الفعل من شأنه أن يؤدي إلى ذلك )). إما قانون العقوبات الفرنسي فقد عاقب مرتكب هذه الجريمة بعقوبة السجن من سنة إلى عشر سنوات مع غرامة من ( 3000 – 7000 ) فرنك مع الحرمان من الحقوق المدنية ، أما إذا استعملت الأسلحة في ارتكابها فان العقوبة تصل إلى الإعدام(62) و في مصر فان هذه الجريمة تعد من قبيل  الأفعال المكونة للخيانة العظمى المنصوص عليها في المادة (85) من الدستور النافذ ويعاقب عليها بعقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة وفق المادة (77) من قانون العقوبات.  يضاف إلى ذلك ما ينتج من هذه المخالفة من مساس بمبدأ هام آلا وهو(( استقلال القضاء )) ، وكذلك فيما يتعلق بعدم صيانة الحريات العامة المنصوص عليها في الدستور والمنظم بعضها في قانون أصول المحاكمات الجزائية ، كالإجراءات المتعلقة بالقبض وتقييد حرية الفرد و صيانة الحريات العامة و الخاصة يتطلب أيضاً المحافظة على استقلال القضاء كما سبق القول  إذ أن الرقابة القضائية على أعمال السلطة التنفيذية تعد ضمانة أساسية لحريات الأفراد و حقوقهم إذا ما تعرضت للانتهاك و التقييد على وجه غير مشروع(63)، إلا أن أهم ضمانة لصيانة الحريات العامة و الخاصة هي الضمانات الدستورية و هذه تتأتى و تستمد قوتها من خلال النص على تلك الحريات في صلب.... الدستور أي أنها تصبح قواعد دستورية ملزمة لكل السلطات و تقيد السلطة التشريعية بضرورة إصدار القوانين وفقاً لتلك النصوص مراعية في ذلك عدم التعارض معها إذ لا يجوز لأي سلطة أن تتخطاها إلا في الحدود و الأوضاع و الطرق التي يرسمها الدستور(64)، و بذلك فقد نصت المادة (46) من دستور جمهورية العراق النافذ على ذلك بالقول بأنه (( لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق  و الحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناءً عليه ، على أن لا يمس ذلك التحديد جوهر الحق و الحرية)). و لقد ذهب الدستور المصري إلى أبعد من ذلك عندما أورد نصاً هاماً يمثل حصانة و ضمانة متميزة لحماية الحريات المنصوص عليها فيه هو نص المادة (57)  حيث جاء فيها بأن (( كل اعتداء على الحريات أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين و غيرها من الحقوق و الحريات العامة التي يكفلها الدستور و القانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية و لا المدنية الناشئة عنها بالتقادم ، و تكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء)). و الجريمة المنصوص عليها في المادة أعلاه وحسب رأي البعض من الفقه  تعد جريمة متميزة عن الجرائم الأخرى المعروفة في قانون العقوبات إذ  بموجبها يجوز مقاضاة الفاعل مهما طال العهد بعد عدوانه على الحريات لأنها لا تسقط بالتقادم(65).

، بالإضافة إلى ما اشتملت عليه صيغة اليمين من حالات أخرى علماً إن تقدير كل حالة من الحالات أعلاه ومدى عدها جريمة منسوبة لرئيس الجمهورية متروك لمجلس النواب والمحكمة الاتحادية العليا.

المطلب الثالث: انتهـاك الدستور

      الانتهاك في اللغة يعني: خرق الستر عما وراءه و كذلك يعني ما لا يحل و لا يجمل(66) و الهتيكة تعني الفضيحة – تهتك افتضح ، يُقال رجل منتهك و متهتك و مستهتك أي لا يبالي أن يهتك ستره عن عورته و التهتك يعني وسط الليل(67) و ما دمنا بصدد بيان مفهوم حالة انتهاك الدستور التي يسأل بموجبها رئيس الجمهورية استناداً إلى الفقرة ( سادساً ) من المادة (61) من الدستور العراقي النافذ  فأن الانتهاك المقصود في الفقرة أعلاه يتحقق من خلال إتيان أي فعل من رئيس الجمهورية يشكل مخالفة صريحة أو ضمنية لأي نص من نصوص الدستور و العمل على خلاف ما ورد فيها من خلال استعمال الصلاحيات الممنوحة له بموجب تلك النصوص استعمالاً يؤدي إلى تلك المخالفة.(68) و لقد حرصت المادة (67) من الدستور عندما عرفت أو بينت شخص رئيس الجمهورية على تأكيد مبدأ هام الا هو ضرورة احترام و ضمان رئيس الجمهورية الالتزام بالدستور و العمل وفقاً لأحكامه(69) ،و يمكن  القول بأن الانتهاك الذي يمكن أن يحصل من قبل رئيس الجمهورية للدستور  يتمثل في الحالات الآتية :-

الحالة الأولى :- عند مخالفة أي نص من نصوص الدستور بصورة عامة و خصوصاً النصوص الإلزامية الواردة فيه، و التي تمنع القيام بعمل معين فيقدم رئيس الجمهورية عليه أو تلك التي تفرض عليه واجباً معيناً فيمتنع عن القيام به(70). وهنالك من يرى بان الانتهاك يتحقق إذا خالف رئيس الجمهورية نصوص الدستور السياسي الذي ينظم العلاقة ما بينه وبين السلطات العامة الأخرى أو إذا خالف نصوص الدستور الاجتماعي الذي ينظم علاقته مع السلطات العامة الأخرى بالإفراد (71)

الحالة الثانية: مخالفة النصوص الدستورية المحددة لصلاحيات رئيس الجمهورية الواردة في المادة (73) من الدستور. و من الأمثلة على الحالة الأولى و الثانية معاً مخالفة رئيس الجمهورية لما ورد في نص المادة (13) من الدستور التي تمنع سن أي قانون أو نص دستوري في دساتير الأقاليم يتعارض مع الدستور النافذ، فإذا صادق رئيس الجمهورية على مثل هذه القوانين مستنداً لنص الفقرة الثالثة من المادة (73) من الدستور فيعد منتهكاً للدستور.

الحالة الثالثة:-  يضاف إلى ما سبق إمكانية حدوث حالة انتهاك الدستور من قبل رئيس الجمهورية   إذا تعمد تعطيل نص دستوري معين ويمكن أن يتحقق تعليق أو تعطيل الدستور في حالات عدة منها :-

1-عندما يصدر الرئيس قرارا رسميا يقضي فيه بتعليق العمل ببعض نصوص الدستور وخصوصا تلك التي تتعلق بحقوق الإنسان

2 –عندما يتخذ الرئيس اتجاها يقضي بتطبيق نصوص الدستور لكن بشكل يتعارض مع محتواها بصورة متعمدة.

3 –عند امتناع الرئيس عن اتخاذ القرار المطلوب بموجب نصوص ذلك الدستور (72)،ونرى بأن إمتناع رئيس الجمهورية عن المصادقة على احكام الإعدام الصادرة من المحاكم المختصة يعد تعطيلاً لنص من نصوص الدستور المحددة لصلاحيات رئيس الجمهورية كما هو وارد في المادة (73) الفقرة ثامناً من الدستور.

و في مصر فإن تعطيل الدستور بصورة كلية أو جزئية يعد فعلاً يعاقب عليه رئيس الجمهورية بموجب القانون 247 لسنة 1956، و يدخل ضمن جريمة عدم الولاء للنظام الجمهوري(73) ،و قد يحصل التعطيل المقصود في حالة تجاوز رئيس الجمهورية للصلاحيات الاستثنائية الممنوحة له بموجب نصوص الدستور ،و التي تخوله تعطيل العمل بأي نص من نصوص الدستور ، و هذا التعطيل قد يحدث عند استخدام هذه الصلاحيات دون توافر الشروط المطلوبة لأي حالة من الحالات، إذ أجازت المادة (74) من الدستور النافذ لرئيس الجمهورية اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة أي خطر يهدد الوحدة الوطنية للبلاد أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري أو غالباً ما تكون هذه الإجراءات مخالفة لنص الدستور، إلا أنه يشترط فيها ألا تؤدي بأي حال من الأحوال إلى تعديل أو إلغاء نص دستوري قائم(74) ، لأن مثل هذا التعديل أو الإلغاء يتطلب إجراءات يجب أن تتسم بالتأني و الدقة ، و هذه لا تتوافر في مثل هذه الظروف الاستثنائية و التي غالباً ما تتصف بالسرعة و الاستعجال و في كل الأحوال فإن جميع الإجراءات أعلاه يجب أن تخضع لرقابة القضاء(75)

المبحث الثالث: إجراءات مساءلة رئيس الجمهورية

    سنتناول في هذا المبحث إجراءات محاكمة رئيس الجمهورية أمام المحكمة الاتحادية العليا ، و بدأً لابد من الإشارة إلى إننا سنعتمد على قانون محاكمة رئيس الجمهورية في مصر رقم 247 لسنة 1956 ، و ما ورد من نصوص في صلب الدستور العراقي لعام 2005.

وسنفرد المطلب الأول لبيان الجهة المختصة بتحريك مسؤولية  رئيس الجمهورية أما المطلب الثاني فسنخصصه  لإجراءات المحاكمة و نظر الدعوى.

المطلب الأول: الجهة المختصة بتحريك مسؤولية رئيس الجمهورية

       من القواعد المسلم بها على الصعيد الجنائي أن كل دعوى تبدأ من مرحلة إخبار أو  اتهام و تمر بجمع الأدلة و التحقيق الابتدائي والقضائي ثم الحكم  و تنفيذ العقوبة و بموجب الدستور المصري فإن اتهام رئيس الجمهورية و استناداً للمادة (85) سالفة الذكر يكون من قبل مجلس الشعب وحده و يتم ذلك من خلال اقتراح مقدم من ثلث أعضاء المجلس على الأقل و لا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية خاصة من ثلثي أعضاء المجلس كله و ليس عدد الحاضرين(76)

والسؤال الذي يثار بهذا الجانب هل إن حصر وظيفة الاتهام بمجلس الشعب يمثل حصانة ممنوحة لرئيس الجمهورية ضد مباشرة إجراءات الاتهام.فيجيب البعض على ذلك (77) بأن هذا القيد في ممارسة وظيفة الاتهام و حصره بمجلس الشعب فقط يمثل أهم الحصانات الممنوحة لرئيس الجمهورية إلا أنه يوضح ماهية هذه الحصانة على النحو الآتي:-

        إن الدستور المصري يقرر حصانة معينة لرئيس الجمهورية في المجال الجنائي و إذا كان الأخير يحتوي على النصوص المتعلقة بمحاكمة الأشخاص من الناحية الجزائية فإن القانون الدستوري يشمل عادة على أهم قواعد العدالة الجنائية كما أن تطبيق النص الجنائي سيستلزم بالأصل الرجوع أحياناً إلى النصوص الدستورية التي تضع حدوداً أو قيوداً على تطبيق النصوص الجنائية بصورتها الاعتيادية، و من ثم فإن التطبيق القانوني الصحيح للحصانات المقررة في الدستور المصري لرئيس الجمهورية هو في أنها تمثل ((قيوداً إجرائية)) فقط على الحق في مباشرة إجراءات الدعوى الجزائية ضد رئيس الجمهورية و من ثم فهذه الضمانات لا تمثل سبباً للإعفاء من العقاب أو إلى التخفيف من العقوبة في حالة ارتكاب الجرائم المنصوص عليها قانوناً.

وهناك من يسمي تلك  الحصانة الممنوحة لرئيس الجمهورية  وحسب ما تقدم بانها  حصانة إجرائية (ضد مباشرة إجراء الاتهام) و ليس ضد موضوع الجريمة(78).

و بعد تقديم اقتراح من ثلث أعضاء مجلس الشعب باتهام رئيس الجمهورية لجريمة الخيانة العظمى أو أية جريمة جنائية أخرى أو بجريمة عدم الولاء للنظام الجمهوري فإن على المجلس القيام بتشكيل لجنة من خمسة أعضاء بطريق الاقتراع السري في جلسة علنية تتولى التحقيق في موضوع الاقتراح(79)

و بموجب المادة (11) من القانون الخاص بمحاكمة رئيس الجمهورية فإن على اللجنة أعلاه أن تعد تقريراً ترفعه إلى رئيس مجلس الشعب خلال شهر واحد فقط من تاريخ تكليفها بدراسة الموضوع و التحقيق فيه و يجوز أن تقلص مدة الشهر  بقرار من مجلس الشعب ثم يقوم رئيس المجلس بتحديد جلسة علنية لمناقشة تقرير اللجنة خلال خمسة عشر يوماً فقط من تاريخ رفع التقرير إليه و يصدر المجلس قراره بأغلبية ثلثي أعضاءه. 

و إذا اقتنع باتهام رئيس الجمهورية فيما نسب إليه(80) و بعد موافقة مجلس الشعب على توجيه الاتهام لرئيس الجمهورية على وفق الآلية المبينة أعلاه فقد منح قانون محاكمة رئيس الجمهورية لرئيس مجلس الشعب حق إحالة رئيس الجمهورية إلى المحكمة المختصة ، وبعد الموافقة على قرار الاتهام يقوم رئيس المجلس بإرسال ذلك القرار في اليوم التالي لصدوره إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى و ذلك لإجراء القرعة لاختيار المستشارين لعضوية  المحكمة العليا الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية و تعيين رئيساً لها من بينهم و بعد مرور ثلاثة أيام على الأكثر من تعيين رئيس المحكمة يرسل رئيس مجلس الشعب إليه قرار الإحالة مع صورة من محضر الجلسة التي حدد فيها و المداولات التي جرت بشأنه و تقرير لجنة التحقيق المشكلة بموجب المادة (10) سالفة الذكر و جميع الأوراق و المستندات المؤيدة للإتهام و كذلك أسماء أعضاء مجلس الشعب الذي انتخبهم المجلس ممثلين للاتهام أمام المحكمة(81) أما في العراق فإن المادة (61) من الدستور التي  بينت اختصاصات مجلس النواب فإن الفقرة (سادساً) من هذه المادة  خولت المجلس مساءلة رئيس الجمهورية بناءاً على طلب مسبب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاءه و من ثم فإن جهة الاتهام بموجب الفقرة أعلاه هي مجلس النواب بأغلبية عدد أعضاءه المطلقة  ، و لحين صدور القانون الخاص بالمحكمة الاتحادية العليا و القوانين الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء يبقى مجلس النواب صاحب الاختصاص الأصيل في توجيه الاتهام لرئيس الجمهورية وفق ما بيناه أعلاه(82)  و بعد توجيه الاتهام من قبل المجلس أعلاه يحال الأمر إلى المحكمة الاتحادية العليا للنظر فيه وفق قانونها الخاص بها و قانون محاكمة رئيس الجمهورية المفترض صدوره وفق نص المادة (93) (سادساً) من الدستور فإذا تمت إدانة الرئيس بإحدى الحالات التالية :- الخيانة العظمى – الحنث باليمين – انتهاك الدستور  فيقرر مجلس النواب إعفاء الرئيس من منصبه بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاءه يضاف إليه ما قد تقرر من عقوبات بموجب القوانين الخاصة أعلاه.

المطلب الثاني: إجراءات المحاكمة و نظر الدعوى

        بعد الانتهاء من توجيه الاتهام لرئيس الجمهورية على وفق الطريقة المبينة آنفاً، تتولى المحكمة المختصة مهمة القيام بإجراءات المحاكمة عن الجرائم المنسوبة للرئيس ، و تكون هي صاحبة الاختصاص في ذلك إذ لا يجوز لأي محكمة أخرى محاكمة رئيس الجمهورية (83). و تبقى هذه المحكمة تتمتع بهذا الاختصاص حتى بعد ترك رئيس الجمهورية لمنصب الرئاسة(84). و يمثل أمام هذه المحكمة أيضاً الأفراد العاديين إذا كانوا فاعلين أصليين أو شركاء لرئيس الجمهورية في جرائمه أو كانوا متهمين بجرائم مرتبطة بجرائم رئيس الجمهورية(85). أما فيما يتعلق بإجراءات النظر في الدعوى  المعروضة أمام المحكمة فإن قانون محاكمة رئيس الجمهورية المصري سالف الذكر كان قد حدد هذه الإجراءات ضمن نصوص قانونية مشيراً إلى إمكانية الاستعانة بقانون الإجراءات الجنائية المصري المقرر لمحاكم الجنايات و الجنح بشرط عدم وجود تعارض بين القانونين و بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية ذي الرقم( 150 ) لسنة 1950 المعدل  نجده قد أحاط المتهم بجملة من الضمانات تبدأ من مرحلة التحقيق و تنتهي إلى إصدار الحكم و تنفيذ العقوبة فمثلاً أوجب القانون للمتهم  الحق في الاطلاع على أوراق التحقيق من خلال الحصول على صور من كافة أوراق الدعوى(86) و حقه في مناقشة جميع الأدلة المطروحة في أوراق التحقيق أو المحاكمة من خلال سماع الشهود أو مناقشتهم(78) إلى غير ذلك من الضمانات ، و بعد أن يتقرر إحالة رئيس الجمهورية إلى المحكمة المختصة تتولى النيابة العامة أعلام المتهم بصورة من قرار الإحالة و كافة شهود الإثبات بناءً على طلب ممثلي الاتهام في المحكمة و بعد أن يحدد رئيس المحكمة موعداً لأول جلسة لانعقاد المحكمة تتولى النيابة العامة إعلام المتهم بميعاد تلك الجلسة  و مكان انعقادها قبل الموعد المحدد بثمانية أيام على الأقل(88)  و عند نظر الدعوى من قبل هذه المحكمة  أوجب قانون محاكمة رئيس الجمهورية على المحكمة بموجب المادة (17) منه التقيد بالوصف القانوني للتهمة المسندة لرئيس الجمهورية،  و بالتالي فإنها لا تملك الحق في تغيير ذلك الوصف على عكس القضاء العادي حيث أجازت المادة (308) من قانون الإجراءات الجنائية المصري للقاضي تعديل التهمة المسندة للمتهم بالقول (( للمحكمة أن تغير في حكمها من الوصف القانوني للفعل المسند للمتهم و لها تعديل التهمة بإضافة الظروف المشددة التي تثبت من التحقيق أو من المرافعة في الجلسة و لو كانت لم تذكر بأمر الإحالة أو التكليف بالحضور ، و لها أيضاً إصلاح كل خطأ مادي و تدارك كل سهو في عبارة الاتهام مما يكون في أمر الإحالة أو في طلب التكليف بالحضور و على المحكمة أن تنبه المتهم إلى التغيير(89) و أن تمنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناءً على الوصف أو التعديل الجديد إذا طلب ذلك) و.... مفاد ذلك حسب رأي البعض(90) أن صلاحية المحكمة في  إضافة الظرف المشدد يتضمن في الغالب إضافة لواقعة لا يشملها أمر الإحالة أو التكليف بالحضور ، و لكنها لصيقة بالواقعة موضوع التهمة و تدخل في تكوين الصورة الحقيقية لكيفية ارتكاب الجريمة أو تحديد نتيجة الفعل موضوع الاتهام إذ يؤدي ذلك إلى تغيير الوصف ، مثلاً تغيير الإصابة الخطأ إلى قتل ، و لا يشترط في إثبات توافر الظرف المشدد التقيد فيما تجريه المحكمة بنفسها من تحقيق بل لها الاعتماد على التحقيق السابق على رفع الدعوى إليها بسبب عمومية نص المادة (308).

و يرى الدكتور عبد الله ناصف بأن المحكمة الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية لها الصلاحية في تعديل الوصف القانوني للتهمة المسندة لرئيس الجمهورية و ذلك بإنقاص بعض العناصر مما يترتب عليه تخفيف العقوبة ، كإسقاط ظرف التشديد (سبق الإصرار) أو تحويل الوصف من قتل إلى ضرب مفضي إلى موت و لها أيضاً الإبقاء على التهمة كما وردت في قرار الإحالة(91)

و بعد أن تنتهي المحكمة من القيام بجميع إجراءات المحاكمة من سماع لشهادات  الشهود و دفاع المتهم و بعد أن تتكون لديها القناعة الكافية عن نوع التهمة المسندة للرئيس  يبدأ أعضاء المحكمة في إبداء آرائهم حسب ما ورد في المادة (2) من قانون محاكمة رئيس الجمهورية ، حيث يبدأ أصغر الأعضاء سناً بإبداء رأيه وصولاً إلى رأي رئيس المحكمة ، علماً أن القانون المذكور كان قد جعل من إفشاء المداولات الخاصة بالمحكمة من قبل أعضاءها جريمة يعاقب عليها بالحبس(92).

و بعد التوصل من قبل المحكمة إلى قرار بإدانة رئيس الجمهورية في الجريمة المسندة إليه فإن المادة (2) من القانون قد اشترطت صدور ذلك القرار بأغلبية الثلثين من أعضاء المحكمة ،  و هنالك من يرى بأن هذه الأغلبية ليس شرطاً في حالة الحكم  بالبراءة(93) . و يلاحظ بأن قرار الحكم بالعقوبة على رئيس الجمهورية عن جريمة الخيانة العظمى أو أية جريمة جنائية أخرى يستلزم فرض عقوبة تبعية عليه و هي إعفاء الرئيس من منصب الرئاسة بموجب نص المادة (85) من الدستور المصري(94) مع عدم الإخلال بأية عقوبات أخرى ، و لقد بينت المادة (6) من القانون العقوبات التي تطبق بحق رئيس الجمهورية عند إدانته من المحكمة المختصة وهي :-  الإعدام  أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة علماً أن الحكم بإحدى هاتين العقوبتين هو اختياري و ليس وجوبي و تكون القرارات الصادرة من المحكمة نهائية و غير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المعهودة في القوانين الإجرائية العادية إلا ما نص عليه قانون محاكمة رئيس الجمهورية في المادة (18) منه على منح الحق لكل من المحكوم عليه أو من يمثله قانوناً أو النائب العام بطلب إعادة النظر في الحكم الصادر بحق رئيس الجمهورية بناءً على طلب يقدم إلى الدائرة الجنائية في محكمة النقض يبين فيه الأسباب التي استجدت بعد صدور قرار الحكم و التي يمكن اعتمادها أساساً لطلب إعادة نظر القضية (95)، فإذا قبلت الدائرة المذكورة ذلك الطلب ، تعاد المحاكمة أمام المحكمة العليا المختصة بعد أن يعاد تشكيلها وفق الطريقة المسبق بيانها استناداً لنصوص القانون إذا كانت الأحكام الصادرة بحق رئيس الجمهورية وجاهية(96)، أما إذا كان الحكم غيابياً ، أعيدت المحاكمة عند حضور المحكوم عليه أو ضبطه و يتم إخبار رئيس مجلس الشعب بذلك من قبل النائب العام و يتوجب إجراء المحاكمة خلال مدة شهر واحد من تاريخ ذلك الإخبار و يملك النائب العام صلاحية إصدار الأمر بإلقاء القبض على رئيس الجمهورية الهارب حتى يعاد تشكيل المحكمة العليا لتقرر ما تراه مناسباً بهذا الشأن ، و إذا لم يحضر المحكوم عليه أو هرب مرة أخرى فأن المحكمة تقرر نظر الدعوى و يعد حكمها بمنزلة الحكم  الو جاهي ، و يلاحظ أن رئيس الجمهورية لا يملك الصلاحية الممنوحة له بموجب الدستور بخصوص حق العفو حيث سلب منه ذلك الحق بموجب المادة (24) من قانون محاكمته و أوكل ذلك الأمر إلى مجلس الشعب(97)  أخيرا ندعو المشرع العراقي إلى إيراد نصوص قانونية تفصيلية تحدد إجراءات نظر الدعوى المنسوبة لرئيس الجمهورية عند تشريع القوانين الخاصة بذلك .

علما إن تقرير مسؤولية رئيس الجمهورية في العراق من قبل المحكمة الاتحادية العليا عن إحدى الحالات الثلاث  يستتبع إعفاءه من منصبه بموجب نص المادة (  61 ) من الدستور إذ نصت الفقرة (سادسا / ب)   يختص مجلس النواب إعفاء رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا في إحدى الحالات الآتية:

  1. الحنث باليمين
  2. انتهاك الدستور
  3. الخيانة العظمى

المبحث الرابع: المسؤولية الوزارية في الدساتير العراقية

لقد عرف العراق المسؤولية الوزارية لأول مرة في ظل أول دستور صدر في العراق في عهد الاستقلال الوطني فقد نص عليها القانون الأساسي وجعل الوزارة مسؤولة أمام مجلس الأمة.

أما دساتير العهد الجمهوري فلم يعرف أي منها المسؤولية الوزارية باستثناء عام 1970 وربما يعود السبب في ذلك إلى أن دساتير تلك الفترة هي دساتير مؤقتة. ومن المألوف أن الدساتير المؤقتة  توضع لفترة انتقاليه مؤقتة في أعقاب ثورة وتعالج المسائل الدستورية معالجة مؤقتة وغالباً ما تنص على مؤسسات دستوري استثنائية ولا توضح الملامح الحقيقية للنظام السياسي والدستوري في الدولة.

أما قانون إدارة الدولة الصادر 2004 فقد أشار إلى المسؤولية الوزارية في المادتين الأربعين والحادية والأربعين.

أما دستور العراق لعام 2005 فقد تناول بالتنظيم المسؤولية الوزارية في المادة (61 / الفقرة ثامناً / أ و ب) .

المطلب الأول: المسؤولية الوزارية في ظل القانون الأساسي العراقي لعام 1925

أخذ القانون الأساسي العراقي لعام 1925بالنظام البرلماني. وفي هذا النظام يكون الوزراء مسؤولين امام البرلمان وعلى الوزراء الاستقالة إذا فقدت ثقة البرلمان ولكي لا يكون البرلمان هو المهيمن وإعادة التوازن بين السلطات منحت الحكومة الحق في طلب حل البرلمان(98).

وعلى ذلك أقر القانون الأساسي لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة الحق في توجيه السؤال والاستيضاح للوزراء(99) وبالمقابل منح الوزارة الحق في طلب حل مجلس النواب(100).

وسائل تحريك المسؤولية الوزارية في القانون الاساسي

أشار القانون الأساسي العراقي إلى وسيلتين من وسائل تحريك المسؤولية الوزارية هما:-

  1. السؤال : ويعني الاستفسار عن أمر مجهول(101). وعلى ذلك نرى أن السؤال لا يحمل في طياته الاتهام بالتقصير فقد يتعلق بمسألة غامضة تسودها العتمة وتكون بحاجة للإيضاح فيتقدم عضو البرلمان إلى الوزير بطلب ايضاحها. ومنح القانون الأساسي للوزير فرصة الاجابة على السؤال حيث اوجب منح الوزير ثمانية أيام في الأقل لإعداد إجابته فقد يكون الوزير بحاجة إلى مراجعة مسائل معينة لكي يستطيع الاجابة على السؤال(102). ولكن القانون الأساسي فسح المجال أمام التحايل على المدة الممنوحة للوزير حينما استثنى حالة الاستعجال أو موافقة الوزير على الاجابة قبل مرور الثمانية أيام فقد منح مجلس الأمة بحالة الاستعجال في كل مرة لا يريد فيها أن يمنح الوزير الفرصة لإعداد اجابته على السؤال.
  2. الاستيضاح:- وهو المرحلة التالية للسؤال فإذا لم يقتنع مجلس الأمة  بجواب الوزير أو رئيس الوزراء له الحق في طلب الاستيضاح ، و وفقاً للاصطلاح الذي استعمله القانون الأساسي العراقي فإن الاستيضاح يحمل في طياته الاتهام بالاهمال والتقصير وربما يترتب عليه إقالةالوزير أو الوزارة بأجمعها إذا  ما ثبت تقصيره او تقصيرها. و وقع القانون الأساسي في الخلط حينما استعمل الاستيضاح بدلاً عن الاستجواب في حين أن كلاً من هذين المصطلحين له معناه ودلالته الخاصة.

فالاستيضاح مرحلة لاحقة للسؤال حينما يطلب النائب من الوزير المسؤول زيادة في الايضاح دون أن يحمل ذلك في طياته الاتهام بالتقصير والاستيضاح مرحلة وسط بين السؤال والاستجواب في الأنظمة الدستورية التي اخذت به(103).

أما الاستجواب فهو إنذار موجه من أحد أعضاء البرلمان للحكومة أو لأحد الوزراء لبيان مسألة متعلقة بالوزارة بأكملها أو بوزارة من الوزارات. ويحمل الاستجواب في طياته الأتهام بالتقصير والإهمال وقد يترتب عليه سحب الثقة من الحكومة او من وزارة من الوزارات.

وساوى القانون الأساسي العراقي في المدة الممنوحة للوزير للإجابة على السؤال والاستيضاح على الرغم من ضرورة الاختلاف في المدة الممنوحة لكل منهما لاختلاف الآثار المترتبة على كل منهما فمثلاً قد يترتب على الاستيضاح سحب الثقة من الحكومة أو من الوزير المستوضح منه في حين لا يترتب هذا الأثر على السؤال.

واكتفى الدستور بسحب الثقة من الحكمة بالأكثرية النسبية للحاضرين(104) وهي نسبة ضئيلة إذا ما علمنا أن الدستور اكتفى لانعقاد مجلس النواب حضور أكثر من نصف أعضائه(105) وهذا يعني أن ربع المجلس قادر على سحب الثقة من الوزارة.وهذه النسبة لا تتلائم مع خطورة الآثار المترتبة على سحب الثقة من الوزارة.

وعلى الرغم من منح مجلس النواب صلاحية سحب الثقة من الحكومة إلا أن هذا المجلس لم يمارس هذه الصلاحية ولو لمرة واحدة طيلة مدة نفاذ القانون الأساسي ومن غير المعقول القول أن المجلس لم يواجه ظروفاً يستوجب سحب الثقة من الحكومة أو أن الحكومة أو وزير منها لم تقم أو يقم بعمل من شأنه أثار المسؤولية السياسية. وهذا أن دل على شيء فإنما يدل على ضعف مجلس النواب ودوره في الحياة السياسية وألا لمارس هذه الصلاحية ولو لمرات قليلة أو حتى لمرة واحدة.

المطلب الثاني: المسؤولية الوزارية في  دساتير العراق لعام 1970 ، 2004 ، 2005

1- المسؤولية الوزارية في دستور العراق لعام 1970

      من الملاحظ أن الدستور العراقي المؤقت لعام 1970 اول دساتير العهد الجمهوري  الذي نص على المسؤولية الوزارية فقد سبق هذا الدستور خمسة دساتير لم ينص اي منها على المسؤولية الوزارية.

وسائل تحريك المسؤولية الوزارية في دستور عام 1970

      أشار الدستور العراقي لعام 1970 إلى وسيلتين من وسائل تحريك المسؤولية الوزارية وهما الاستيضاح والاستجواب(106) وذهب بهذا الاتجاه قانون المجلس الوطني(107) في حين أشار النظام الداخلي للمجلس الوطني إلى حق السؤال والاستجواب دون الاستيضاح. والملاحظ ان الدستور وقانون المجلس الوطني قد استعملا عبارة الاستيضاح بدلاً عن السؤال عن الرغم من الاختلاف بين اللفظين في المعنى بدليل أن م/47 سادساً من قانون المجلس الوطني قالت (( دعوة اي عضو من أعضاء مجلس الوزراء للاستيضاح او الاستفسار منه)) فهذه المادة قالت للاستيضاح أو للاستفسار فجعلت كل من الكلمتين بديلة للأخرى أو مرادفة لها في حين ان الاستيضاح هو مرحلة لاحقة للاستفسار الذي يعني السؤال عن شيء أو أمر.

1)الاستيضاح (السؤال) : لكل عضو من أعضاء المجلس الوطني أن يوجه عن طريق رئيس المجلس سؤالاً شفوياً وتحريرياً إلى أي عضو من أعضاء مجلس الوزراء(108).

      ونرى أن توجيه السؤال عن طريق رئيس المجلس هو لأغراض تنظيمية وليس لإعاقة حق النائب في السؤال بدليل أن النظام الداخلي لم يترك لرئيس المجلس صلاحية تقديرية في توجيه السؤال او عدم توجيهه.

وميز النظام الداخلي بين السؤال الشفوي والتحريري في عدة جوانب فأوجب أن يوجه السؤال في البداية بصورة شفوية وإذا لم يكتف النائب بإجابة الوزير له سؤالاً تحريرياً(109). و لا تجري مناقشة السؤال الشفوي إلا إذا طلب النائب السائل ذلك وأقر المجلس هذا الطلب(110). في حين أجاز النظام الداخلي مناقشة السؤال التحريري من قبل النائب السائل وباقي أعضاء المجلس ولا يجوز توجيه أكثر من خمسة أسئلة شفوية في الجلسة الواحدة(111) ولم يحدد النظام الداخلي عدد الأسئلة التحريرية التي يجوز توجيهها في الجلسة الواحدة وهذا يعني أن عدد هذه الأسئلة مفتوح وغير محدد بحد معين. وتجري الاجابة على السؤال الشفوي حال توجيهه(112). في حين يكون الوزير مخيراً في السؤال التحريري بين الإجابة فور توجيه السؤال وبين الاستمهال إلى الجلسة التالية أو خلال مدة لا تتجاوز الاسبوع من تاريخ إبلاغه بالسؤال(113). واشترط النظام الداخلي توجيه السؤال التحريري قبل طلب الاستجواب وحرم طلب الاستجواب مباشرة بعد السؤال الشفوي(114).

      ويبدو لنا من هذه المقارنة السريعة الموجزة بين السؤال الشفوي والتحريري أن السؤال التحريري أكثر خطورة من السؤال الشفوي بدليل أن المشرع أحاطه بضمانات عدة كما رتب على عدم الاكتفاء بالسؤال التحريري حق النائب في طلب الاستجواب.

2)  الاستجواب : لكل عضو من أعضاء المجلس الوطني أن يوجه استجواباً تحريرياً إلى أي عضو من أعضاء مجلس الوزراء عن طريق رئيس المجلس(115) ولا يحال الاستجواب للوزير المعني إلا بعد اقترانه بموافقة عشرة أعضاء(116) ويتم تحديد موعد مناقشة الاستجواب من قبل هيئة رئاسة   المجلس الوطني بالاتفاق مع الوزير المختص خلال مدة أقصاها خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغ الوزير بالاستجواب(117). ولم يشترط النظام الداخلي حضور أغلبية خاصة في الجلسة التي يجري فيها مناقشة الاستجواب لكنه اشترط حضور الأغلبية المؤيدة للاستجواب.

      ويعرض أحد أعضاء المجلس الوطني من مؤيدي الاستجواب مضمون الاستجواب ثم يعطي رئيس المجلس الفرصة للوزير للإجابة عليه(118).

      وبعد إجابة الوزير تجري المناقشة والتصويت فإذا أسفر التصويت على رفض الاستجواب تعتبر المسألة منتهية(119) ولكن إذا أيد ثلثا أعضاء المجلس الاستجواب عد ذلك اقتراحاً بإعفاء الوزير من منصبه. ويكون لرئيس الجمهورية القرار النهائي في إعفاء الوزير أو رفض الاقتراح ولرئيس الجمهورية أن يطلب إلى المجلس الوطني استدعاء رئيس الوزراء أو أي من الوزراء للتحقيق معه عن القضية التي أحيل من أجلها على المجلس والتحري عن الحقيقة(120). أي أن القانون لم يجز استدعاء رئيس الوزراء أو الوزير أمام المجلس للتحقيق معه أو استجوابه إلا بناء على اقتراح رئيس الجمهورية.

2- المسؤولية الوزارية في دستور العراق لعام 2004

اما قانون إدارة الدولة العراقية لعام 2004 ودخول أحكامه حيز النفاذ في 30 حزيران 2004 على أن تبقى أحكامه سارية المفعول ولموعد أقصاه 31 كانون الأول 2005. وما يسجل لهذا القانون أنه حدد الموعد الأقصى للمرحلة الانتقالية. وهي السابقة الأولى في الدساتير العراقية المؤقتة ، حيث لم يحدد أي من الدساتير السابقة الملغاة أجل أقصى لنفاذها وكان التبرير الظاهر لذلك الظروف الاستثنائية والاضطرابات الداخلية والتهديدات الخارجية.

      أما تحديد السقف الزمني لنفاذ الدستور المؤقت ( قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ). إن دل على شيء فإنما يدل على إنصراف إرادة القابضين على السلطة إلى التنحي عن السلطة بعد أجل محدد وتسليم مقاليدها لمن تفرزه الشرعية الدستورية.

      وعلى حد سواء مع نصوص اي دستور مؤقت ، جاءت نصوص قانون إدارة الدولة مبعثرة لا تشير لمعالم نظام دستوري محدد. بل أنها كثير ما خلطت بين المصطلحات ، من ذلك مثلا استخدمت مصطلح الحكومة للدلالة على سلطات الدولة الثلاث في آن واحد ( م 24/أ) (تتألف الحكومة العراقية الانتقالية المشار اليها ايضا في هذا القانون بالحكومة الاتحادية ، من الجمعية الوطنية ، ومجلس الرئاسة ومجلس الوزراء وبضمنه رئيس الوزراء والسلطة القضائية ) في حين أن مصطلح الحكومة يستخدم مرادفا للسلطة التنفيذية أو الوزارة ، ولا يوجد ترادف بين هذا المصطلح وسلطات الدولة الثلاث ( التشريعية والتنفيذية والقضائية). الأمر الذي كان يعني أن نصوص هذا الدستور لم توضع من قبل ساسة مهنيين أو على الأقل لم يتم مراجعتها من قبل قانونيين متخصصين. ومن المؤكد أن هذا الخلط انعكس على باقي نصوص القانون ، من ذلك مثلا نص المادة (25) الذي حدد صلاحيات الحكومة ، حيث لم يحدد اي فرع منها (تختص الحكومة العراقية الانتقالية بالشؤون التالية حصراً .........) وكذلك ما ورد في المادة (29) (حال تولي الحكومة العراقية المؤقتة السلطة الكاملة ........).

      وما يلاحظ على نصوص هذا القانون أيضا انها أبرزت دور رئيس الوزراء وأفردته بمركز خاص وكأنه ليس جزء من السلطة التنفيذية ، من ذلك مثلا أن المادة (24 /أ) تنص على أنه ( تتألف الحكومة العراقية الانتقالية والمشار اليها ايضا في هذا القانون بالحكومة الاتحادية من الجمعية الوطنية ومجلس الرئاسة ومجلس الوزراء وبضمنه رئيس الوزراء والسلطة القضائية). والمادة (28/أ) (أن أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الرئاسة ومجلس الوزراء بضمنه رئيس الوزراء ........). والمادة(33ز) (يتضمن عمل الرقابة الذي تقوم به الجمعية الوطنية ولجانها حق استجواب المسؤولين التنفيذيين بمن فيهم أعضاء مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء وبضمنهم رئيس الوزراء........).

      وخلافا لما جرى عليه العمل في الدساتير المؤقتة والتي غالبا ما تركز الصلاحيات الاستثنائية بيد المؤسسة الاستثنائية أو السلطة التنفيذية وبصفة مطلقة بعيداً عن الرقابة مراعاة للظروف الاستثنائية أو المرحلة الانتقالية ، سعى واضعوا نصوص قانون إدارة الدولة إلى اخضاع  قرارات وتصرفات أعضاء السلطة التنفيذية للرقابة ، من خلال منح الجمعية الوطنية ولجانها حق استجواب أعضاء السلطة المذكورة ابتداءً من أعضاء مجلس الرئاسة مروراً برئيس وأعضاء مجلس الوزراء وانتهاءً بأي مسؤول ينتمي لهذه السلطة. واستكمالا لهذه الصلاحيات الرقابية ، خول القانون ، الجمعية الوطنية صلاحية سحب الثقة من الوزارة مجتمعة أو الوزراء منفردين ورتب على سحب الثقة من رئيسها (رئيس الوزراء) حل الوزارة بأسرها(121).

      إن هذا التوجه الدستوري إنما هو انعكاس لتجربة مريرة غابت خلالها الشرعية الدستورية لمدة قاربت من النصف قرن وحلت محلها المؤسسات الاستثنائية تحت مسوغ الظروف الاستثنائية والتهديدات الخارجية ، هذا إضافة إلى أن هذه التجربة الدستورية ربما سعت إلى رسم المعالم العامة للدستور الدائم المرتقب أنذاك ، حيث تبنى هذا الدستور (قانون إدارة الدولة) بعض معالم النظام البرلماني ، كإشتراطه نيل الوزارة لثقة البرلمان قبل ممارسة مهامها الدستورية(122). وتمتع الأخير (البرلمان) بحق سحب الثقة من الحكومة(123) واعتبار الوزارة مستقيله إذا ما أقيل رئيسها أو استقال(124).

وإن المسؤولية الوزارية في دستور العراق لعام 2004 أما أن تكون  تضامنية وأما ان تكون فردية.

أولا: المسؤولية التضامنية :

فقد نص في المادة (40) منه على ان :

  1. يكون رئيس الوزراء والوزراء مسؤولين أمام الجمعية الوطنية ، ولهذه الجمعية الحق بسحب الثقة سواءً من رئيس الوزراء أو الوزراء مجتمعين ومنفردين، وفي حالة سحب الثقة من رئيس الوزراء تنحل الوزارة بأسرها وتصبح المادة (ب) أدناه نافذة.
  2. في حالة التصويت بعدم الثقة لمجلس الوزراء بأسره يضل رئيس الوزراء والوزراء في مناصبهم لمزاولة أعمالهم مدة لا تزيد عن ثلاثين يوماً ، إلى حين تشكيل مجلس الوزراء الجديد.
ثانياً: المسؤولية الفردية:

 أشار إلى المسؤولية الوزارية في المادتين الأربعين والحادية والأربعين. فقد نصت المادة (40-أ) يكون رئيس الوزراء والوزراء مسؤولين أمام الجمعية الوطنية ، ولهذه الجمعية الحق في سحب الثقة سواء من رئيس الوزراء أو الوزراء مجتمعين أو منفردين. وفي حالة سحب الثقة من رئيس الوزراء تنحل الوزارة بأسرها. أما المادة (41) فقد نصت (يزاول رئيس الوزراء مسؤولياته اليومية لإدارة الحكومة ، ويجوز له إقالة الوزراء بموافقة أغلبية مطلقة من الجمعية الوطنية ، ويمكن لمجلس الرئاسة بتوصية من هيئة النزاهة العامة بعد مراعاة الاجراءات القانونية أن تقيل عضو من مجلس الوزراء بما في رئيس الوزراء).

3- المسؤولية الوزارية في دستور العراق لعام 2005

أخذ الدستور العراقي لعام 2005 بالنظام البرلماني نص في المادة الأولى جمهورية العراق دولة مستقلة ذات سيادة ، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) وفي هذا النظام الوزراء مسؤولين أمام مجلس النواب.

وسائل تحريك المسؤولية الوزارية في دستور العراق لعام 2005 

أشار الدستور العراقي النافذ إلى ثلاث وسائل من وسائل تحريك المسؤولية الوزارية وهما السؤال والاستيضاح والاستجواب ولم يتناول بالتنظيم موضوع التحقيق وهذا مأخذ عليه لكن النظام الداخلي لمجلس النواب أشار اليه في المادة 32.

1- حق السؤال :- يقصد بهذا الحق أن يكون لأي من أعضاء مجلس النواب سؤال رئيس مجلس الوزراء أو الوزير عن مسألة معينة يجهلها أو يرغب في لفت النظر اليها ، وغالباً ما يكون السؤال موجزاً منصباً على المسألة المطلوب الاستفسار عنها ، ويكون خالياً من التعليقات التي تثير الجدل أو تنطوي على الآراء الخاصة بعيداً عن الإضرار بالمصلحة العامة أو مخالفة الدستور والتشريعات النافذة.

وبموجب المادة (61/سابعاً/أ) من الدستور العراقي يتحدد حق السؤال بين النائب السائل والوزير المسئول ، ما يعني أن ليس للغير الاشتراك في مناقشة السؤال وهو ما يسمح بتوضيح الكثير من المسائل الغامضة ويوجه نظر الحكومة إلى بعض المخالفات لتداركها او تدارك آثارها قبل تفاقمها.

2- الاستيضاح:- وهو حق تالي في المرتبة لحق السؤال ، وعلى حد سواء مع حق السؤال لا يحمل هذا الحق في طياته الاتهام لرئيس مجلس الوزراء أو الوزراء ، لكنه يسعى لمزيد من الاستيضاح بشأن السياسة العامة للوزارة أو إحدى فروعها ومستوى أدائها.

ومن المؤكد أن حق الاستيضاح أكثر أهمية وخطورة من حق السؤال كونه يأتي في مرحلة لاحقة لحق السؤال إذ لا يتم اللجوء لهذا الحق إلا إذا لم يكتف النائب بسؤاله أو إذا أراد المزيد من الاستيضاحات بشأن المسألة التي طرح السؤال عنها أو إذا راود المجلس أو بعض أعضائه الشك بإجابة الوزير.

من هنا اشترطت المادة (61/سابعا/ب) من الدستور تقديم الاستيضاح من قبل ما لا يقل عن خمسة وعشرين عضواً ، وإذا كان السؤال يوجه مباشرة لرئيس مجلس الوزراء أو الوزير المسئول ، فإن الاستيضاح يقدم لرئيس مجلس النواب اولا الذي يحيله بدوره لرئيس مجلس الوزراء أو الوزير المعني حيث يتولى أي منهما بدوره تحديد موعد الحضور أمام مجلس النواب لطرح اجابته والمناقشة ما يعني أن الأمر الذي يجري الاستيضاح عنه غالباً ما يستلزم إعداد الاجابة من خلال الرجوع لبعض الوثائق والاوليات.

و الملاحظ أن الدستور العراقي النافذ وحّد في اجراءات الاستيضاح الموجهة لرئيس مجلس الوزراء والوزير وفي رأينا كان الأولى به التمييز في هذه الاجراءات وحسب أهمية وخطورة المنصب الذي يتولاه المعني ، كأن يشترط تقديم الاستيضاح لرئيس مجلس الوزراء من قبل عدد من الأعضاء يزيد على ذلك العدد الواجب توافره لتقديم الاستيضاح للوزير. ويشترط أيضاً لتقديم الاستيضاح للأول موافقة هيئة الرئاسة في المجلس إضافة للعدد المطلوب من النواب مراعاة للمركز الخاص لرئيس مجلس الوزراء وثقل المهام الملقاة على عاتقه. فقد لا تجد هيئة رئاسة المجلس أن الأمر يستوجب الاستيضاح فتوئده قبل عرضه على رئيس مجلس الوزراء.

3- الاستجواب:- يقصد بحق الاستجواب مساءلة الحكومة أو أحد فروعها في بعض تصرفاتها أو قراراتها، ويحمل الاستجواب في ثناياه الاتهام للوزارة، من هنا يعد هذا الحق الوسيلة الأكثر فاعلية وخطورة في مواجهة رئيس مجلس الوزراء والوزراء ، كونه قد ينتهي إلى إقالة الحكومة بأسرها أو أحد فروعها.

ونظراً لخطورة هذا الحق فقد احاطته الدساتير المقارنة بالعديد من الضمانات ، وبذات الاتجاه سار الدستور العراقي النافذ، لكن الملفت للنظر أن الدستور العراقي لم يتشدد في إجراءات طلب الاستجواب، بل أنه رسم طريق أيسر من ذلك الذي اتبعه في الاستييضاح، فقد أوجب تقديمه من قبل ما لا يقل عن خمسة وعشرين عضواً مباشرة للمعني دون المرور برئيس المجلس (لعضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضواً توجيه استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء لمحاسبتهم......). على أن تجري المناقشة بعد سبعة أيام في الأقل من تاريخ تقديمه، وفي رأينا أن ما ذهب إليه الدستور العراقي في هذا الموضع أمر محل نظر ، إذ كان عليه النص على إجراءات أكثر تعقيداً من تلك التي استوجبها لتقديم الاستيضاح ، والتمييز في الاجراءات الواجب إتباعها في مساءلة رئيس مجلس الوزراء وتلك الواجب إتباعها في استجواب الوزير. إذ قد ينتهي الامر في الحالة الأولى إلى إقالة الوزارة بأسرها في حين تقتصر الآثار في الحالة الثانية على إقالة الوزير المستجوب إلا إذا قررت الوزارة الاستقالة بأسرها تضامناً مع الوزير المقال.

ومن المؤكد أن المشرع الدستوري العراقي أدرك خطورة الآثار المترتبة على الاستجواب ، لكنه قصر الضمانات التي تتلائم وخطورة هذا الحق في المرحلة لاحقة للأستجواب فقط، حينما ينتهي الاستجواب في نتائجه إلى إدانة رئيس مجلس الوزراء أو الوزير ، حيث أوجب في هذه المرحلة طرح موضوع الثقة برئيس مجلس الوزراء أو الوزير بناءً على رغبته أو بناء على طلب خمسين عضواً في الأقل على أن يصدر المجلس قراره بعد سبعة أيام في الأقل من تاريخ تقديم الطلب. وبالمقارنة بين وسائل الرقابة التي أمتلكها رئيس مجلس الوزراء في مواجهة مجلس النواب ، وتلك التي امتلكها الثاني في مواجهة الأول، يبدوا جلياً رجحان كفة المجلس في هذا الجانب . من هنا نرى ضرورة إعادة التوازن بين السلطتين في هذا الاختصاص للاقتراب من النظام البرلماني بشكله التقليدي(125).

4-التحقيق :- لم يتناول بالتنظيم دستور العراق لعام 2005 موضوع التحقيق ولكن النظام الداخلي لمجلس النواب تلافى هذا النقص حيث نص في المادة (32 – ثانياً) التي نصت (على إجراء التحقيق مع أي من أي المسؤولين بشأن أي واقعة يرى المجلس أن لها علاقة بالمصلحة العامة أو حق المواطنين).

وأن المسؤولية الوزارية أما أن تكون تضامنية وأما أن تكون فردية.

أولاً: المسؤولية التضامنية

وتناولا الدستور بالتنظيم المسؤولية التضامنية فقد نص في المادة (61 / الفقرة ثامناً/ ب) على الآتي:-

  1. لرئيس الجمهورية تقديم طلب إلى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس الوزراء.
  2. لمجلس النواب بناء على طلب خمس (1/5) أعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء ، ولا يجوز أن يقدم هذا الطلب إلا بعد استجواب موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ، وبعد سبعة أيام في الأقل من تقديم الطلب.
  3. يقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه.

الفقرة  ج – تعد الوزارة مستقيلة في حالة سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء.

الفقرة د – في حالة التصويت بسحب الثقة من مجلس الوزراء بأكمله يستمر رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مناصبهم لتصريف الأمور اليومية ، لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوماً ، إلى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد وفقاً لأحكام المادة (76) من هذا الدستور.

ثانياً: المسوؤلية الفردية

وأكد دستور العراق في المادة (61 / الفقرة ثامناً / أ) أنه لمجلس النواب سحب الثقة من أحد الوزراء بالأغلبية المطلقة ويعد مستقيلاً من تاريخ قرار سحب الثقة ، ولا يجوز طرح موضوع الثقة بالوزير الا بناء على رغبته ، أو طلب موقع من خمسين عضواً ، أثر مناقشة استجواب موجه إليه ، ولا يصدر المجلس قراره في الطلب الا بعد سبعة أيام في الأقل من تاريخ تقديمه.

الخاتمة

1-   تبين لنا بأن المحكمة الاتحادية العليا في العراق هي الجهة الوحيدة فقط المختصة بمحاكمة رئيس الجمهورية دون غيرها إلا أن قانونها الحالي لم يتضمن النص على تلك المسألة. و نوصي المشرع العراقي إلى إقرارها في القانون الجديد المزمع إصداره من خلال إيراد نص يتضمن الاتي: تختص المحكمة الاتحادية بمساءلة رئيس الجمهورية حصراً دون غيرها من المحاكم.

2-   لم يبين الدستور العراقي طبيعة مسؤولية رئيس الجمهورية بصورة صريحة ، ضمن نصوص الدستور من حيث عدها مسؤولية سياسية (برلمانية) أو جنائية وبذلك نوصي المشرع العراقي إلى تحديد نوع وطبيعة هذه المسؤولية عند تشريع القانون الخاص بالمحكمة الاتحادية العليا المختصة بمحاكمة الرئيس أو أي قانون خاص بمحاكمة رئيس الجمهورية في العراق.

3-   ان مسؤولية رئيس الجمهورية في العراق وجدنا إن هذه المسؤولية الواردة في المادة (61) من الدستور النافذ هي مسؤولية مختلطة بين السياسية والجنائية إن لم تكن في الغالب جنائية بحتة وهو ما نميل إليه. كون البرلمان لا يملك صلاحية مساءلة رئيس الجمهورية سياسياً كما هو الحال للمسؤولية الوزارية إذ يبدأ البرلمان بتحريك الإتهام ويرفع الأمر للمحكمة الاتحادية.

4-   عدم وجود أي نص في قوانين العقوبات تحدد مسؤولية رئيس الجمهورية الجنائية بل وجدنا أن أغلب هذه القوانين تذهب إلى تحصين رئيس الجمهورية وبذلك نوصي إلى تحديد الموقف القانوني تجاه رئيس الجمهورية عند ارتكابه لجريمة غير تلك الواردة في الدستور.

5-   وجدنا أن رئيس الجمهورية في العراق لم يعد يتمتع بأية حصانة موضوعية من حيث إثارة المسؤولية الجنائية سوى الحصانة الإجرائية المتعلقة بتحريك الاتهام من قبل البرلمان واشتراط المادة (61) من الدستور الأغلبية المطلقة لتلك المساءلة .

6-   حدد الدستور العراقي موجبات هذه المسؤولية بثلاث حالات هي الخيانة العظمى وانتهاك الدستور والحنث باليمين إلا أنه أغفل تحديد مدلول كل واحدة منها ، وبذلك نوصي إلى بيان مفهوم كل واحدة في الحالات أعلاه منعا للاجتهاد والتأويل من خلال القوانين الخاصة بالمحكمة الاتحادية العليا في العراق أو القانون الخاص بمساءلة رئيس الجمهورية.

7-   اما فيما يتعلق بالجهة المختصة بتوجيه الإتهام لرئيس الجمهورية نجد إن نص الدستور  قد قصر ذلك على مجلس النواب من التصويت بأغلبية الثلثين ونوصي أن يمنح ذلك الحق لجهة أخرى كالإدعاء العام.

8- اما فيما يتعلق بالمسؤولية الوزراية فقد عرف العراق المسؤلية الوزارية للمرة الاولى في ظل دستور العراق عام 1925 وهو الدستور الاول الصادر في عهد الاستقلال .

9- ان المسؤولية الوزارية في دستور العراق لعام 2005 اما ان تكون تضامنية واما ان تكون فردية  , نرى ضرورة الموازنة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في دستور العراق لعام 2005. حيث نصت المادة (83) من الدستور على مسؤولية رئيس مجلس الوزراء والوزراء أمام مجلس النواب مسؤولية تضامنية أو شخصية. كما أن المادة (76- رابعاً) اشترطت عرض رئيس مجلس الوزراء المكلف ، أسماء أعضاء وزارته والمنهاج الوزاري على مجلس النواب للحصول على ثقته بالأغلبية المطلقة.كما إن المادة (80- خامساً)  إضافة إلى تعيين مجلس النواب لوكلاء الوزارات والسفراء وأصحاب الدرجات الخاصة ورئيس أركان الجيش ومعاونيه ومن هو بمنصب قائد فرقة فما فوق ورئيس جهاز المخابرات الوطني ورؤساء الأجهزة الأمنية بناءً على توصية من مجلس الوزراء. و واضح من هذه الأمثلة مدى تعاظم سلطة مجلس النواب اتجاه الحكومة رغم إعلان الدستور في المادة (1) بأن نظام الحكم نيابي برلماني، والأنظمة البرلمانية توازن سلطة البرلمان بتقرير حق رئيس الحكومة في حل مجلس النواب (بريطانيا) أو رئس الدولة يطلب من رئيس الوزراء (ألمانيا وهي دولة ذات نظام برلماني اتحادي). ونوصي أن اقتراح حق رئيس الوزراء حل البرلمان (أو طلب ذلك من رئيس الجمهورية في حالة فشل البرلمان انتخاب رئيس وزراء جديد خلال مدة معينة من سحب الثقة من مجلس الوزراء). من شأنه إيجاد موازنة بين السلطتين ويؤدي إلى مزيد من الاستقرار وحتى لا تترك السلطة التنفيذية بدون ممارسة مدة طويلة في هذه الحالة. وكذاك ندعوا المشرع العراقي إلى إضافة وسيلة التحقيق البرلماني التي لم يتناولها بالتنظيم إلى الوسائل الأخرى التي نص عليها دستور العراق لعام 2005.

الهوامش

  1. د.ابراهيم عبد العزيز شيحا و د. محمد رفعت عبد الوهاب , النظم السياسية و القانون الدستوري , الفتح للطباعة والنشر , الاسكندرية , 2001 , ص 77 .
  2. د . سليمان الطماوي , السلطات السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الاسلامي , القاهرة , 1978 , ص 208 .
  3. مبدأ المشروعية من المبادئ القانونية العامة واجبة التطبيق في كل الدول العصر بغض النظر تماما عن الاتجاهات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تبنتها الدولة .
  4. د . كامل ليلة , النظم السياسية , دار النهضة العربية , القاهرة , 1963 , ص 816 .
  5. الوزارة في بريطانيا تشكيلة كثيرة العدد, تظم حوالي 100 شخص بين وزير وامين عام دولة ومساعد امين عام وامين عام برلمان.
  6. اندريه هوريو , القانون الدستوري والمؤسسات الدستوريه , منشورات الاهلية للنشر و التووزيع , بيروت , 1979 , ص 269 .
  7. الكابنت لجنة منبثقة من البرلمان تستمد كل سلطاتها من المجلس الادنى .
  8. اندرية هوريو , المرجع السابقة ص 374.
  9. د . عبد الحميد متولي , الوسيط في القانون الدستوري , دار الفكر العربي القاهرة , 1966 , ص 231.
  10. د . محمد انس قاسم جعفر , النظم السياسية و القانون الدستوري , دار النهضة العربية , القاهرة , 1999, ص 137-140 .
  11. د . محمد انس قاسم جعفر , المرجع السابق , ص 138.
  12. اندرية هوريو , المرجع السابق , ص 400 .
  13. د. محمد انس قاسم جعفر , المرجع السابق , ص 139 .
  14. د . ابراهيم عبد العزيز شيحا و الدكتور محمد رفعت عبد الوهاب , المصدر السابق , ص 445.
  15. اي مشروع مقسم الى مواد يلتزم البرلمان بمناقشته.
  16. د . سليمان الطماوي , المرجع السابق , ص 225 .
  17. د. سليمان الطماوي المرجع نفسه , ص 346.
  18. د. مصطفى ابو زيد فهمي , الدستور المصري ومبادئ الانظمة السياسية , المطبوعات الجامعية , الاسكندرية , 2004 , ص 438.
  19. د. احمد فتحي سرور ، القانون الجنائي الدستوري ، ط3 ، دار الشروق ، القاهرة ،2004 ،  ص412،413.
  20. لا يقصد بالقضاء السياسي ان أعضاءه والقائمين بإدارته من السياسيين ، وإنما يقصد به القضاء الذي   يحاكم  جرائم تمس النظام السياسي للدولة ، ويحاكم نوعاً من المسؤولين السياسيين عن الجرائم التي  يرتكبونها أثناء ممارستهم وظائفهم ، المرجع نفسه – ص413.
  21. د. احمد فتحي سرور ، الشرعية والإجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1977،    ص210 .
  22. د. عمرو فؤاد احمد بركات , المسؤولية السياسية  لرئيس الدولة في الانظمة الدستورية المقارنة , دار الكتب , القاهرة , 1984 , ص 21
  23. د. عمرو فؤاد احمد بركات ، مرجع سابق ،  ص8
  24. د. محمد علي سالم وإسماعيل نعمه عبود ، المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية –بحث منشور في  مجلة كلية التربية /بابل ، المجلد الأول ، العدد 4   ،2008 ،  ص 158
  25. سنتناول بالبحث مسؤولية رئيس الجمهورية المصري في الصفحات القادمة.
  26. نشر هذا الدستور في الجريدة الرسمية ( الوقائع العراقية ) العدد 4012 في 28/12/2005
  27. ينص الدستور   على مثل هذه المسؤولية انظر المواد (61 و 83) من دستور جمهورية العراق لعام  2005.
  28. تنص المادة (61) على أن  يختص مجلس النواب بما يأتي .......... سادساً أ: مسائلة رئيس الجمهورية بناءاً على  طلب مسبب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب – ب – أعفاء رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا في إحدى الحالات الآتية 1، الحنث في اليمين الدستورية 2، انتهاك الدستور 3- الخيانة العظمى .
  29. تنص المادة (138/ ثانياً /ج) أعلاه على أن لمجلس النواب إقالة أي عضو من أعضاء مجلس الرئاسة بأغلبية ثلاثة أرباع عدد أعضائه بسبب عدم الكفاءة أو النزاهة
  30. د. محمد علي سالم و اسماعيل نعمة عبود ، مرجع سابق ، ص 168 .
  31. سيتم بيان مفهوم الخيانة العظمى في المبحث الثاني عند بيان موجبات مسؤولية الخيانة .
  32. (نصت الفقرة (الثانية) من المادة أعلاه على مسؤولية الوزراء الجنائية صراحة بالقول (( أعضاء الحكومة    مسئولون جنائياً عن أعمالهم التي يقومون بها في مباشرة مهامهم التي تشكل جنايات أو جنح في الوقت الذي ارتكبت فيه و تطبق عليهم الإجراءات المذكورة في الفقرة الأولى و كذلك على شركائهم في حالات التآمر ضد سلامة الدولة)) للمزيد مما سبق ينظر د. عبد الله إبراهيم ناصف  ، مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة , دار النهضة العربية , القاهرة , 1981, ص 117.
  33. نصت المادة (68) أعلاه ((يطبق مجلس الحكام نصوص قانون العقوبات في الجرائم المنصوص عليها فيه و تبين في قانون خاص أحوال مسؤولية الوزراء التي لم يتناولها قانون العقوبات)). للمزيد ينظر د. إبراهيم عبد العزيز شيحا ، د. محمد رفعت عبد الوهاب, مرجع سابق , ص 629- 631
  34. المرجع نفسه ، ص676.
  35. انظر مقدمة ذلك  الدستور.
  36. د. رعد ناجي الجدة ، التطورات الدستورية في العراق ، بيت الحكمة ، بغداد، 2004 ،ص9.
  37. صدر هذا القانون في نهاية عام 1918 و بقي نافذاً لحين صدور و نفاذ قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل و النافذ حالياً ، و لم ينظم القانون المذكور مسؤولية رئيس الدولة آنذاك.
  38. من الدستور أعلاه على أن (رئيس مجلس قيادة الثورة و رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة و القائد العام للقوات المسلحة و رئيس السلطة التنفيذية........) .
  39. تنص المادة (6) من قانون العقوبات العراقي على ان ((تسري أحكام هذا القانون على جميع الجرائم التي ترتكب في العراق)) .
  40. تنص الفقرة (أ) من المادة أعلاه على ما يأتي(يرشح مجلس قيادة الثورة رئيسه لتولي منصب رئيس الجمهورية و يحيل الترشيح على المجلس الوطني للنظر فيه).
  41. د.علي حسين الخلف و سلطان الشاوي ، المبادئ العامة في قانون العقوبات ، مطابع الرسالة ، الكويت ، 1982 ، ص 114،115. 
  42. تنص المادة أعلاه على أن : يمارس مجلس قيادة الثورة بأغلبية ثلثي أعضاءه الصلاحيات الآتية .......... هـــ / اتهام و محاكمة أعضاء مجلس قيادة الثورة و نواب رئيس الجمهورية و رئيس مجلس الوزراء و نوابه و الوزراء.)
  43. د. رعد ناجي الجدة ، دراسات في الشؤون الدستورية العراقية ، المكتبة الوطنية  ، مطبعة الخيرات ، بغداد،  2001، ص173.
  44. مع الإشارة إلى أن قانون محاكمة رئيس الجمهورية المصري رقم (247 )لسنة 1956 قد نص على حالة أخرى بالإضافة للحالات أعلاه لمسائلة رئيس الجمهورية جنائياً و هي (عدم الولاء للنظام الجمهوري).
  45. جمال الدين محمد بن منظور ، لسان العرب ، ج13 ، دار صادر ، بيروت، 1956 ،ص144 .
  46. للمزيد عن مفهوم الخيانة في الفقه و التشريعات المقارنة ينظر د. سعد إبراهيم الأعظمي ، جرائم التجسس في التشريع العراقي ، 1981 ، بغداد ص 28 – 42 .
  47. تنص المادة أعلاه على ما ياتي:، (( لا يكون رئيس الجمهورية  مسؤولاً عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه إلا في حالة الخيانة العظمى. و يكون اتهامه بواسطة البرلمان و بقرار موحد و بعد تصويت عليه بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتكون منهم البرلمان ، و تجري محاكمته أمام المحكمة القضائية العليا)).
  48. Andre Hauriou : droit constitutional et institutions politiques, Paris ,1970 , P 926. أشار إليه د. عبد الله ناصف ، مرجع سابق ص 124
  49. د. عبد الله ناصف ، المرجع نفسه، ص 135 .
  50. د. عمرو فؤاد أحمد بركات ، مرجع سابق ، ص 58 – 64 .
  51. د. عمرو فؤاد ، المرجع نفسه ، ص 88، 99.
  52. أصبح هذا القانون خاص بمحاكمة رئيس الجمهورية فقط بعد صدور قانون 79 لسنة 1958 الخاص بمحاكمة الوزراء.
  53. وبذلك تكون حالات المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية في مصر ثلاث حالات من خلال الجمع بين نص الدستور والقانون رقم 247 لسنة 1956 وهي (1) الخيانة العظمى (2) عدم الولاء للنظام الجمهوري (3) أية جريمة جنائية أخرى .
  54. د. عمرو فؤاد، مرجع سابق، ص34.
  55. د. عبد الله ناصف ، مرجع سابق ،ص 439.
  56. المرجع نفسه ، ص440 .
  57. د. مصطفى ابو زيد فهمي ،  مرجع سابق ،ص 584.  
  58. لم يعرف قانون العقوبات العراقي النافذ ولم يضم ضمن نصوصه القانونية حالة الخيانة العظمى كما فعل في قانون العقوبات البغدادي بعد تعديله بالقانون رقم (8) لسنة 1959 حيث ميز بين جرائم الخيانة العظمى وجرائم التجسس الا انه لم يذكر عبارة ( الخيانة العظمى ) بل اقتصر على عبارة الخيانة فقط للمزيد انظر د. سعد ابراهيم الاعظمي ، مرجع سابق، ص 38 – 42.
  59. جمال الدين محمد بن منظور ( لسان العرب) ، مرجع سابق، ص 138.
  60. د.محمد علي سالم وإسماعيل نعمه عبود ، مرجع سابق ، ص185 .
  61. تنص المادة (50)  على ما يلي (( اقسم بالله العلي العظيم ان أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص ، وان أحافظ على استقلال العراق وسيادته ، وأرعى مصالح شعبه ، واسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي ، وان اعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء ، والتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد والله على ما أقول شهيد )). وينظر نص المادة (79) من دستور جمهورية مصر النافذ حالياً التي بينت صيغة اليمين الدستورية .
  62. أشار  إلى موقف قانون العقوبات الفرنسي د. سعد الاعظمي ،  مرجع سابق ، ص128.
  63. د. هشام عبد المنعم عكاشه ، الحقوق السياسية لمتعدد الجنسية ، دار النهضة العربية 2004 ص38
  64. د. هشام عبد المنعم عكاشه ،  المرجع نفسه ،  ص41 .
  65. د. إبراهيم عبد العزيز شيحا و د. محمد رفعت ،   مرجع سابق،ص 718 . و د. ماجد راغب الحلو ،    النظم السياسية والقانون الدستوري ،  دار المعارف ،  الاسكندرية ،  2000 ،  ص 82 و د. هشام عبد المنعم عكاشه ،  مرجع سابق ،  ص 42 .
  66. لسان العرب لأبن منظور ،  مرجع سابق  ، ص519 .
  67. صالح العلي الصالح وأمينه  الشيخ ،  (المعجم الصافي في اللغة) ،  ط1 ،  مطابع الشرق الأوسط ،  1989 ،  ص704.
  68. د. محمد علي سالم وإسماعيل نعمه عبود ، مرجع سابق ، ص159 ، 185 .
  69. تنص المادة أعلاه على أن (( رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة و رمز وحدة الوطن ، يمثل سيادة البلد ، و يسهر على ضمان الالتزام بالدستور ، و المحافظة على استقلال العراق و سيادته و وحدته ، و سلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور.
  70. و من الأمثلة على ذلك ما جاء بنص الفقرة الثامنة من المادة (73) التي تخول رئيس الجمهورية المصادقة على أحكام الإعدام الصادرة من المحاكم المختصة، فإذا امتنع عن المصادقة على أي حكم صادر من المحاكم المختصة ومكتسب الدرجة القطعية فأنه يعد منتهكاً للدستور.
  71. د.رافع خضر صالح ، مضمون انتهاك الدستور المنسوب لرئيس الدولة ، بحث منشور في مجلة كلية ألتربيه /بابل ، المجلد الأول ، العلوم الإنسانية ، ألسنة السادسة –العدد الثاني ،2008 ، ص 127 .
  72. د. رافع خضر صالح ،  المرجع نفسه  ، ص132.
  73. د. عمرو فؤاد ،  مرجع سابق ،ص ( 34 ).
  74. د. ماجد راغب الحلو ،  مرجع سابق، ص 678 .
  75. المرجع نفسه ، ص 678 .
  76. د. عبد الله ناصف ،  مرجع سابق، ص436 .
  77. عادل ماجد،المحكمة الجنائية  الدولية والسيادة الوطنية ، مطبوعات مركز الدراسات للسياسة و الإستراتيجية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،2001، ص 37 – 42.
  78. د. محمد علي سالم وإسماعيل نعمه عبود ، مرجع سابق ، ص159 – 185.
  79. نص المادة (10) من القانون 247 لسنة 1956 الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية.
  80. د. عبد الله ناصف ، مرجع سابق ، ص437 .
  81. المرجع نفسه ،  ص437 .
  82. و يلاحظ أن المادة (32) النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي النافذ قد نصت على أن يمارس مجلس النواب أعمال الرقابة على السلطة التنفيذية المتضمنة ما يلي:،

أولاً:، مساءلة أعضاء مجلس الرئاسة و مساءلة و استجواب أعضاء مجلس الوزراء من بينهم رئيس الوزراء و أي    مسئول في السلطة التنفيذية .

ثانياً:- إجراء التحقيق مع أي مسئول من المسئولين المشار إليهم في أعلاه بشأن أي واقعة يرى المجلس أن لها علاقة بالمصلحة العامة أو حقوق المواطنين. و نرى أن الأعمال التي يمارسها مجلس النواب بموجب نص المادة (32)  ما هي إلا تطبيق لنص الفقرة السادسة من المادة (61) من الدستور فيما يتعلق بتحريك الاتهام بحق رئيس الجمهورية و كذلك الصلاحيات الممنوحة لمجلس النواب في المادة (138) في الدستور الذي يمنح المجلس صلاحية إقالة رئيس الجمهورية باعتباره أحد أعضاء مجلس الرئاسة بسبب عدم الكفاءة و النزاهة .

  1. إلا في حالات مثول رئيس الجمهورية أمام القضاء الجنائي الدولي اذ تحكم هذا الجانب بعض الاتفاقيات الدولية ، للمزيد انظر ، إسماعيل نعمه عبود وزياد ناظم جاسم ، مساءلة رئيس الدولة أمام المحكمة الجنائية الدولية ، بحث منشور في مجلة كلية التربية /بابل ، العدد،  الثاني ،  نيسان ،  المجلد الأول ،  2008 ،  ص145 – 195 .     

أو في حالة إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة بعض الرؤساء ، كما حدث  بعد سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين في 9/4/2003 على أثر احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة و الدول المتحالفة معها ، و إلقاء القبض عليه من قبل القوات الأمريكية ، تم تشكيل محكمة خاصة لمحاكمته عما اسند إليه من جرائم بموجب القانون رقم (10) لسنة 2005 و تم تسميتها بـ  (المحكمة الجنائية العراقية العليا) ، للمزيد عن هذه المحكمة انظر أولياء كاظم  ، النظام القانوني للمحكمة الجنائية العراقية العليا ،  دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون / جامعة بابل ،2008 .

  1. د. عبد الله ناصف ،مرجع سابق ،ص 242. 
  2. مضمون المادة (25) من قانون محاكمة رئيس الجمهورية المصري مشار إليه في المرجع أعلاه ص98. 
  3. انظر المادة (77) من   قانون الاجراءات الجنائية المصري رقم (150) لسنة 1950.
  4. د. أحمد فتحي سرور ، القانون الجنائي الدستوري ،  مرجع سابق ،  ص494 .
  5. مضمون المادة (15) من قانون محاكمة رئيس الجمهورية .
  6. ويقابل هذا النص في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي النافذ نص الفقرة (ب) من المادة 187حيث تنص على((لا تتقيد المحكمة في تحديد الوصف القانوني للجريمة بالوصف الوارد في أمر القبض أو ورقة التكليف بالحضور أو قرار الإحالة)).  
  7. د. حسن علام ،  قانون الإجراءات الجنائية و الجزائية ج 1 ،  المجلد الثاني ،  1983 ،ص57
  8. مؤلفه الذي سبقت الإشارة إليه ،  مرجع سابق ،ص443.
  9. مضمون المادة (22) مشار إليه في المرجع أعلاه ،ص443 .
  10. المرجع نفسه ،ص445 .
  11. و كذلك الأمر بالنسبة للدستور العراقي حيث قررت المادة (61) إعفاء رئيس الجمهورية من قبل البرلمان بالأغلبية المطلقة عند إدانته بإحدى الحالات الثلاثة السالفة الذكر .
  12. وفي العراق تنص المادة (94) من الدستور العراقي النافذ على ما يأتي:، (( قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة و ملزمة للسلطات كافة)) أي ما معناه إن قرارات المحكمة لا يمكن الطعن فيها مطلقا .
  13. د. عبد الله ناصف ، مرجع سابق ،ص445 .
  14. المرجع نفسه ،ص 445 .
  15. د. صالح جواد الكاظم و د.علي غالب العاني ، الانظمة  السياسية ، دار الحكمة ، بغداد ، 1991 ، ص 67.
  16. م (54) من القانون الأساسي العراقي لعام 1925.
  17. م (26/2) و م(27) من الدستور أعلاه.
  18. رافع انور الخطيب ، الأصول البرلمانية في لبنان وسائر البلاد العربية ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1961 ، ص290.
  19. م (54)  من القانون الأساسي العراقي لعام 1925.
  20. د. السيد صبري ،حكومة الوزارة , المطبعة العالمية , القاهرة , 1973, ص548.
  21. م (66) من القانون الأساسي العراقي لعام 1925.
  22.  م (52 /2) من الدستور نفسه .
  23. م (55/ب) من الدستور العراقي لعام 1970.
  24. م (57 / أولاً) من قانون المجلس الوطني رقم 26 لسنة 1995.
  25. م (94/ أولاً) من النظام الداخلي للمجلس الوطني رقم 26 لسنة 1995.
  26.  م (96) من النظام الداخلي.
  27. م (95 / ثالثاً) من النظام الداخلي.
  28.  م (95 / أولاً) من النظام الداخلي.
  29. م (5 / ثانياً – ثالثاً) من النظام الداخلي.
  30. م (96/ ثانياً) من النظام الداخلي.
  31. م (96/ أولاً) من النظام الداخلي.
  32. م (97/ أولاً) من النظام الداخلي.
  33. م (97/ ثالثاً) من النظام الداخلي.
  34. م (97/ رابعاً) من النظام الداخلي.
  35. م (97 / سادساً) من النظام الداخلي.
  36. م (97/ سابعاً) من النظام الداخلي.
  37. م (95/ أولاً/ ب) من قانون المجلس الوطني رقم 26 لسنة 1995.
  38. م (33/ز) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية.
  39. م(40/أ) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية.
  40. م(38/أ) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية.
  41. د. علي يوسف الشكري وآخرون ، دراسات حول الدستور العراقي ، مؤسسة آفاق للدراسات والأبحاث العراقية ،بغداد ، 2008. ص326 - 329
  42. د. علي يوسف الشكري وآخرون ، المرجع نفسه ، ص357 – 359.

المراجع

اولا: الكتب:

  1. د.ابراهيم عبد العزيز شيماورد و د. محمد رفعت عبد الوهاب , النظم السياسية و القانون الدستوري , الفتح للطباعة والنشر , الاسكندرية , 2001 .
  2. د. احمد فتحي سرور ، الشرعية والإجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1977 .
  3. د .احمد فتحي سرور ، القانون الجنائي الدستوري ، ط3 ، دار الشروق ، القاهرة ،2004.
  4. د. السيد صبري ،حكومة الوزارة , المطبعة العالمية , القاهرة , 1973.
  5. اندريه هوريو , القانون الدستوري والمؤسسات الدستوريه , منشورات الاهلية للنشر و التووزيع , بيروت , 1979 .
  6. جمال الدين محمد بن منظور ، لسان العرب ، ج13 ، دار صادر ، بيروت، 1956.
  7. د. حسن علام ،  قانون الإجراءات الجنائية و الجزائية ج 1 ،  المجلد الثاني ،  1983.
  8. د. رافع انور الخطيب ، الأصول البرلمانية في لبنان وسائر البلاد العربية ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1961.
  9. د. رعد ناجي الجدة ، التطورات الدستورية في العراق ، بيت الحكمة ، بغداد، 2004 .
  10. د. رعد ناجي الجدة ، دراسات في الشؤون الدستورية العراقية ، المكتبة الوطنية  ، مطبعة الخيرات ، بغداد،  2001.
  11. د. سعد إبراهيم الأعظمي ، جرائم التجسس في التشريع العراقي ، 1981 ، بغداد.
  12. د . سليمان الطماوي , السلطات السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الاسلامي , القاهرة , 1978 .
  13. صالح العلي الصالح وأمينه  الشيخ ،  (المعجم الصافي في اللغة) ،  ط1 ،  مطابع الشرق الأوسط ،  1989.
  14. د. صالح جواد الكاظم و د.علي غالب العاني ، الانظمة  السياسية ، دار الحكمة ، بغداد ، 1991 .
  15. د. عبد الله إبراهيم ناصف  ، مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة , دار النهضة العربية , القاهرة , 1981.
  16. د . عبد الحميد متولي , الوسيط في القانون الدستوري , دار الفكر العربي القاهرة , 1966.
  17. عادل ماجد،المحكمة الجنائية  الدولية والسيادة الوطنية ، مطبوعات مركز الدراسات للسياسة و الإستراتيجية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،2001.
  18. د.علي حسين الخلف و سلطان الشاوي ، المبادئ العامة في قانون العقوبات ، مطابع الرسالة ، الكويت ، 1982 .
  19. د. علي يوسف الشكري وآخرون ، دراسات حول الدستور العراقي ، مؤسسة آفاق للدراسات والأبحاث العراقية ،بغداد ، 2008.
  20. د. عمرو فؤاد احمد بركات , المسؤولية السياسية  لرئيس الدولة في الانظمة الدستورية المقارنة , دار الكتب , القاهرة , 1984 .
  21. د . كامل ليلة , النظم السياسية , دار النهضة العربية , القاهرة , 1963 .
  22. د . محمد انس قاسم جعفر , النظم السياسية و القانون الدستوري , دار النهضة العربية , القاهرة , 1999.
  23. د. ماجد راغب الحلو ،    النظم السياسية والقانون الدستوري ،  دار المعارف ،  الاسكندرية ،  2000.
  24. د. مصطفى ابو زيد فهمي , الدستور المصري ومبادئ الانظمة السياسية , المطبوعات الجامعية , الاسكندرية , 2004.
  25. د. هشام عبد المنعم عكاشه ، الحقوق السياسية لمتعدد الجنسية ، دار النهضة العربية 2004.

ثانيا البحوث :

  1. إسماعيل نعمه عبود وزياد ناظم جاسم ، مساءلة رئيس الدولة أمام المحكمة الجنائية الدولية ، بحث منشور في مجلة كلية التربية /بابل ، العدد،  الثاني ،  نيسان ،  المجلد الأول ،  2008
  2. د.رافع خضر صالح ، مضمون انتهاك الدستور المنسوب لرئيس الدولة ، بحث منشور في مجلة كلية ألتربيه /بابل ، المجلد الأول ، العلوم الإنسانية ، ألسنة السادسة –العدد الثاني ،2008.
  3. د. محمد علي سالم وإسماعيل نعمه عبود ، المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية –بحث منشور في  مجلة كلية التربية /بابل ، المجلد الأول ، العدد 4   ،2008

ثالثا الرسائل الجامعية :

1- أولياء كاظم  ، النظام القانوني للمحكمة الجنائية العراقية العليا ،  دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون / جامعة بابل ،2008.

رابعاً:  الدساتير

  1. القانون الاساسي العراقي لسنة 1925 .
  2. دستور 29 ، نيسان ،1964 .
  3. دستور 21 ايلول لسنة 1968 العراقي .
  4. مشروع دستور العراق لسنة 1990 .
  5. قانون إدارة الدولة العراقية لسنة 2004.
  6. دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
  7. الدستور الفرنسي لعام 1958.
  8. الدستور المصري لسنة 1923.
  9. الدستور المصري لسنة 1971 .

خامساً: القوانين

  1. قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل.
  2. قانون رقم (159) لسنة 1968 العراقي.
  3. قانون المحكمة الاتحادية رقم (30 ) لعام 2005 .
  4. قانون محاكمة رئيس الجمهورية المصري رقم(247) لسنة 1956 .
  5. قانون المحكمة الدستورية العليا في مصر رقم( 48 )لسنة 1979 .

قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم (150) لسنة 1950.