تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 311
إلى صفحة: 325
النص الكامل للبحث: PDF icon 180417-163234.pdf
خلاصة البحث:

يعد قيس بن سعد الأنصاري واحداً من الشعراء البارزين في العصر الإسلامي، فضلاً عن كونه مقاتلاً شجاعاً، اشترك في معارك الدعوة الإسلامية إلى جانب الرسول الكريم محمد  صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان حاملاً لراية الأنصار، مثلما حارب مع الإمام علي عليه السلام في حروبه كلها، حتّى عدَّه الخصوم من ألدِّ أعدائهم لمواقفه هذه.

جاء هذا البحث ليسلّط الضوء على هذا الشاعر؛ الذي أهملته المصادر، فعرَّفنا به وبالمنزلة التي كان يحظى بها، بدءاً من محاربته مع الرسول الكريم  صلى الله عليه وآله وسلم ، ثمَّ صحبته الإمام علي عليه السلام ووقوفه إلى جانبه، والدفاع عنه، وموالاته الإمام الحسن عليه السلام.

وتناول البحث الأداء الموضوع في شعره، فتم الحديث عن غرض الفخر، بوصفه من أكثر الأغراض الموجودة في ديوانه، وقد كرَّسه للفخر بجيش المسلمين منذ أوائل الدعوة الإسلامية، ومن ثمَّ جيش الإمام علي عليه السلام الذي اشترك معه في حروبه المختلفة، تلاه غرض المديح، وقد خصَّه بالإمام علي عليه السلام، وأخيراً التهديد والوعيد؛ الذي خصَّ به خصوم الإسلام، وتبع ذلك جدول بأعداد القصائد والمقطوعات والأراجيز، ثمَّ خاتمة البحث، وفيها أبرز النتائج التي توصَّل إليها، وأخيراً قائمة المصادر والمراجع.  

البحث:

المقدمة:

الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسبباً من فضله، ودليلاً على آلائه وعظمته، والصلاة والسلام على خير خلقه، وخاتم رسله؛ أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغر الميامين... أما بعد؛

فالشاعر قيس بن سعد الأنصاري واحد من الشعراء العرب البارزين الذين كان لهم أثر كبير في تأريخ الإسلام، وكان يحمل راية الأنصار مع النبي  صلى الله عليه وآله وسلم ، وأحد أصحاب الإمام علي عليه السلام، المخلصين، تميَّز من أقرانه الشعراء المقاتلين بنسبه المعروف، وقد تكفَّل هذا الشاعر بنصرة الإمام علي عليه السلام في حروبه التي خاضها جميعاً  فكان مفتخراً ومادحاً.

جاء هذا البحث ليسلِّط الضوء على هذا الشاعر الذي تناثرت أشعاره في بطون أمّات الكتب الأدبية والتأريخية مثل كتاب الإصابة في تمييز الصحابة، وكتاب أنساب الأشراف، وتأريخ دمشق، وكتاب الأعلام، وغيرها، وقد اعتمدنا في الدراسة على ديوانه الذي جمعه وحققه الأستاذ قيس العطّار؛ الذي بذل فيه جهداً محموداً، حتى أظهره على النحو الذي بين أيدينا، فكانت هذه الدراسة بعنوان: (شعر قيس بن سعد الأنصاري – دراسة في الأداء الموضوعي)، وقد تناولنا فيه أبرز الموضوعات الشعرية التي طرقها، فتم توزيعها على ثلاثة مباحث، فكان المبحث الأول في غرض الفخر،، وهو عبارة عن مجموعة من القصائد والمقطوعات التي قالها مفتخراً بأصحابه من جيش الإمام علي عليه السلام، وكذلك مجموعة من الأراجيز التي قالها في ساحات الحرب مفتخراً بنفسه، وتلاه المبحث الثاني في غرض المديح الذي كرَّسه لمدح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام على شكل قصائد ومقطوعات شعرية، وأخيراً جاء المبحث الثالث، والذي اختص بالتهديد والوعيد، الذي تضمن قصائد ومقطوعات وجهها إلى خصومه في ساحات القتال، أو غيرها، أو جاءت للاحتجاج معهم لنصرة أصحابه. ثم وضعنا في نهاية هذه الموضوعات جدولاً يتضمن أعداد القصائد، والمقطوعات، والأراجيز، لبيان عدد الأبيات التي قالها الشاعر بحسب الموضوعات الشعرية، مع ذكر البحور التي نظمت عليها هذه الأشعار، وقوافي كل قصيدة ومقطوعة وأرجوزة.

 وأخيراً جاءت الخاتمة لتبين أهم النتائج التي توصَّل إليها البحث، وتلاها قائمة المصادر والمراجع.  وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين...

 التمهيد:

جوانب من حياة الشاعر:

هو قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الأنصاري الخزرجي المدني، والٍ، صحابي، من دهاة العرب، ذو الرأي والمكيدة في الحرب، والنجدة، وأحد الأجواد المشهورين، كان شريف قومه غير مدافع، ومن بيت سيادتهم، وكان يحمل راية الأنصار مع النبي محمد  صلى الله عليه وآله وسلم  (1)، يكنّى بـ (أبي الفضل)، و (أبي عبد الله)، و (أبي عبد الملك)، وذكر بعضهم أنَّ كنيته (أبو القاسم)(2).

لم تذكر المصادر التي بين أيدينا تأريخ ولادته، ولكن محقق الديوان الأستاذ قيس العطّار أشار إلى بعض القرائن التي نتفق معه فيها، نستطيع من خلالها أن نحدد بصورة تقريبية سنة ولادته، منها:

  1. إنَّ سعداً كان نقيب بني ساعدة، وأحد النقباء الاثني عشر؛ الذين انتخبوا للرسول  صلى الله عليه وآله وسلم  في بيعة العقبة فبايعوه، فكان قيس أنبههم فأجاب الإسلام، وصحَّة إسلامه هذه تقتضي أن يكون بالغاً، مما يعني أنَّ عمره كان ثلاثة عشر عاماً كحد متوسط للبلوغ قبل الهجرة النبوية الشريفة.
  2. كان قيس من المشاركين في غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة، وهذا ما ذكره هو في إحدى قصائده(3)، ومعنى هذا أنَّه كان في سن يؤهله للقتال إذا ما علمنا أنَّه كان حاملاً راية الأنصار في هذه المعركة مثلما ذكرنا آنفاً.
  3. هناك بعض الروايات تشير إلى أنَّ قيساً بن سعد كان من أقران عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة، وذكروا أنَّ قيساً أكبر من عبد الله(4)، وإذا ما علمنا أنَّه في وفاة الرسول  صلى الله عليه وآله وسلم  في السنة الحادية عشرة للهجرة؛ كان عمر عبد الله سبع سنين، فلا يمكن أن يكون الفارق بينهما أكثر من عشرين عاماً، وإلاّ لما عدَّ من الأقران، وعلى أساس ذلك قد يكون عمر قيس عند وفاة الرسول  صلى الله عليه وآله وسلم  سبعة وعشرين عاماً(5).

ومن خلال ما تقدَّم يمكن أن نقرِّر أنَّ ولادة قيس بن سعد كانت بين (10 – 15) قبل الهجرة النبوية الشريفة.

وكان قيس بن سعد شيخاً، كريماً، شجاعاً، من أطول الناس وأجملهم، يركب الفرس المسرف، ورجلاه تخطّان في الأرض، ولم يكن في وجهه شعر( صلى الله عليه وآله وسلم ).

ويعد في الطبقة الأولى من أصحاب الإمام علي بن أبي الطالب عليه السلام، وشارك في حروبه الثلاث (الجمل، وصفين، والنهروان)، مثلما شارك مع الإمام الحسن عليه السلام في حربه وصلحه(عليه السلام).

ولاّه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام مصر سنة (36 – 37 هـ)(8) مخاطباً إياه: « سر إلى مصر فقد وليتكها، واخرج إلى رحلك، واجمع إليك ثقاتك، ومن أحببت أن يصحبك حتّى تأتيها ومعك جند، فإنَّ ذلك رعب لعدوِّك، وأعز لوليِّك »(9) فضاق به معاوية وأعجزته فيه الحيلة، « وكايد فيه علياً عليه السلام، ففطن علي بمكيدته، فلم يزل به ابن الأشعث وأهل الكوفة حتّى عزل قيساً، وولّى محمد بن أبي بكر ففسدت عليه مصر »(10).

توفي قيس بن سعد في آخر خلافة معاوية سنة 58هـ؛ إذ هرب من معاوية، وسكن تفليس، ومات فيها في ولاية مروان بن الحكم على المدينة(11).

موضوعات شعر قيس بن سعد الأنصاري:

من خلال استقراء ديوان الشاعر؛ وجدنا أنَّه اقتصر على بعض الأغراض الشعريَّة دون سواها، وكان غرض الفخر أكثر حضوراً من غيره، يليه غرض المديح، وهناك أغراض أخرى جاءت متفرقة في بعض القصائد والمقطوعات الشعرية.

لقد استطاع الشاعر من خلال هذه الأغراض أن يكشف لنا عن كونه أحد الشعراء المبدعين، فضلاً عن كونه مقاتلاً، وفارساً؛ شهدت له ساحات الحرب والوغى، فكان يتعامل مع الأحداث المحيطة به تفاعلاً إيجابيّاً، عبَّر من خلاله عن تجربة شعرية  صادقة.

والشيء اللافت للانتباه في ديوانه؛ أنَّه اعتمد على الشعر المباشر؛ الذي يشتمل على غرض واحد، أو متعدد الأغراض، والذي يلجأ إليه الشعراء عادة في أبواب الوصايا، وفي بعض المديح والهجاء، والقصائد التي تكون الخطابة فيها أنجع في الأداء(12)، فترك المقدمة، والدخول في الغرض مباشرة هو الأقرب إلى تحقيق ما يصبو إليه الشاعر لإبراز عاطفته، وتجربته الشعرية، على العكس من التزامه بهيكليَّة البناء التقليدي للقصيدة.

وعلى وفق هذا النمط من الشعر المباشر، جاءت أشعار قيس بن سعد في قصائد، ومقطوعات وأراجيز، ونتف شعرية، فالقصائد ما بلغت سبعة أبيات، أو عشرة، قال ابن رشيق القيرواني (ت 456هـ) « وقيل: إذا بلغت الأبيات السبعة فهي قصيدة، ولهذا كان الإيطاء بعد سبعة غير معيب عند أحد من الناس، ومن الناس من لا يعد القصيدة إلاّ ما بلغ العشرة وجاوزها ولو ببيت واحد »(13)، والمقطوعات ما كان دون العشرة، أما النتف فما دون الأربعة أبيات.

ويبدو أنَّ الشاعر قيس بن سعد كان مشغولاً عن العناية الفنية بشعره، باعتماده على الشعر المباشر، وذلك لما كان يحيط به من أحداث سياسية وحربية على الساحة، الأمر الذي لم يدع مجالاً للتأمل والتروّي ليضع تمهيداً لها، علماً أنَّ هذه الأشعار قد تحقق غرضاً فنيّاً إذا كانت الظروف مهيّأة لها، وسنتناول الأداء الموضوعي لدى شاعرنا على وفق الموضوعات التي طرقها، والتي توزعت على شكل قصائد ومقطوعات شعرية وأراجيز ونتف، وعلى النحو الآتي:

المبحث الأول:  الفخر:

يعد موضوع الفخر من الموضوعات البارزة في الشعر العربي على مدى عصوره المختلفة، وله ألوان متعددة، منها « فخر ذاتي، وفخر حربي سياسي، وفخر               ديني … »(14)، وقد وجدنا أنَّ الفخر الذاتي والجماعي كانا أكثر وضوحاً من غيرهما لدى الشاعر، وذلك لأنَّ أغلب أشعاره التي قالها كانت في الحروب التي خاضها مع ألإمام علي عليه السلام، وخصوصاً حرب صفّين؛ التي شغلت أكثر من نصف قصائد الديوان.

ومن أوضح ملامح الفخر الجماعي في شعره دفاعه عن أصحابه من جيش الإمام علي عليه السلام في صفّين، ونصرته إياهم؛ إذ قال(15): (البسيط)

هلاّ سألت بنا والخيل سائحـــة

 

تحت العجاجة والفرسان تطَّــــرد

 

فالشاعر يصوِّر سرعة خيله ونشاطها، وما تثيره من غبار في مسيرها نحو المعركة، وكأنَّه هنا يسير على خطى الشعراء الجاهليين في حديثهم عن الخيل في الحرب، مثلما قال النابغة الذبياني: (البسيط)

خيلٌ صيامٌ وخيلٌ غير صائمــــة

 

تحت العجاج وأخرى محذوّة خدمــا(1 صلى الله عليه وآله وسلم )

 

فيما نراه في قصيدة أخرى يضفي على أصحابه أشد صفات الشجاعة، والإباء، حين يرى أنَّهم الموقدون للحرب، وشعلة بيد الإمام علي عليه السلام،  فقال(1عليه السلام): (البسيط)

فالحرب توقدهـا الأنصار مشعلـــة

 

والطيّبون رجال غير أنكـــاص

 

وله قصيدة يفتخر فيها برجال العراق؛ الذين جاؤوا إلى الشام لخوض غمار الحرب بكلِّ عزم وإصرار(18): (المتقارب)

أتتك الرجــال رجال العـراق

لحاق الأباطــل قُبَّ البطـون
دعاهم عليٌّ إلى خطَّـــــة
 

 

تقود إلـى الشام خيلاً عتاقـــا(19)
تعيد الحزونة سهلاً دقاقـــــا(20)
أتوه المقاد له والمساقـــــا(21)
 

 

فبعد أن بيَّن الشاعر شجاعة أصحابه الذين جاؤوا على خيل جربت ميادين الحرب كثيراً؛ لأنَّها « تقشعر إذا حمي وطيس المعركة، وترعد كما يرعد الإنسان»(22)، فهي خيول ضامرة البطون، غير مترهلة، قد تعودت على خوض نزالات الحروب وهذه من الصفات التي لا بد من توفرها في الخيول التي يتم اختيارها للحرب، فالفارس يريد منها السرعة التي تعينه على ملاحقة خصمه في ساحة المعركة، الأمر الذي يبعد فيه الفرس الكبير في السن أو الحامل لعدم الإفادة منها في هذا المجال، وقد أشار – فيما بعد - إلى الخطَّة التي وضعها لهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعقله الفذ  فاتوه منقادين، ومنساقين، كيف لا، وهو « فذ، من أفذاذ العقل، وهو بذلك قطب الإسلام، وموسوعة المعارف العربيَّة »(23).

ثمَّ كشف الشاعر عن فروسيَّة أصحاب الإمام علي عليه السلام في وقعة الجمل(1)، قائلاً (24): (المتقارب)

فنحن الفوارس يوم الزبيـــر
ودارت رحاهــا على قطبهـا
خضبن الرماح وبيض السيوف
 

 

وطلحة إذ أبدت الحرب ساقـــا(25)
ودارت كؤوس المنايا دهاقـــا
وكان النزال هناك اعتناقـــا
 

 

ويبدو من خلال هذه الأبيات أنَّ الشاعر قد وصل إلى ذروة فخره الجماعي باصحابه، فنراه يشير إلى حرب الجمل وما دار فيها، والانتصار الكبير الذي حققه أصحاب الإمام علي عليه السلام، إذ جعلوا الرماح مخضبة بدم القتلى من خصومهم، وقد استطاع هذا الشاعر أن يبين لنا عبر هذه الصورة الميدانية للمعركة شجاعة أصحابه الذين أدركوا طبيعة المعركة وحقيقة الصراع، فجسَّدوا « صورة الفارس المسلم الواثق من أنه يقف مع الحق، ومن أنَّه ملاقٍ النصر أو الشهادة »(2 صلى الله عليه وآله وسلم ).

فيما نجده – في قصيدة أخرى – يتحدّى معاوية بأبطالهم، ويدعوه للتداعي في الحرب لثقته من نسبهم الرفيع الذي يفخرون به أيَّما فخر، فقال(2عليه السلام): (الخفيف)

إن برزنا بالجمع نلقك بالجمــــ

 

ـعِ وإن شئت محضة أسرينــــا(28)

إن تشا فارس له فارس منْــــ

 

ـنا وإن شئت بالَّلفيف التقينــــا

فالقنــا في الَّلفيف نلقك في الخز

 

رج ندعوه في حربنـا أبوينـــا(29)

 

ويصف التفاف الخزرج حول الإمام علي عليه السلام ونصرتهم إياه في حروبه، بأنَّهم كالإكليل الذي يوضع حول الرأس، قائلاً(30): (الخفيف)

ثمَّ حامت عليه من سلف الخـــز

 

رجِ قومٌ كأنَّهم الإكليــــل

 

      ومن سمات الفخر أن يلجأ الشاعر إلى أسلوب التوكيد لبيان إحدى الحقائق، ففي إحدى قصائده التي توعَّد بها معاوية في حرب صفّين، أراد الشاعر أن يبين له شجاعة أصحابه، ورسوخ إيمانهم، مؤكِّداً أيام كفاحه في زمن النبي محمد  صلى الله عليه وآله وسلم وقتاله في حروبه، وكأنَّه لا يستطيع أن ينفكَّ عن ذلك الجهاد الصادق، والأيّام الجميلة التي قضاها في كنف رسول الله مدافعاً عن الدين الإسلامي الحنيف، فها هو يتذكّر تلك الحروب التي خاضها مفتخراً(31)، فقال(32): (الخفيف)

إنَّنا إنَّنا الذين إذا الفتــــ

 

ـح شهدنا وخيبراً وحنينــــا

بعد بدر وتلك قاصمة الظهـ

 

ـر وأحد وبالنضيـر ثنينــــا

وبيوم الأحزاب قد علم النّـا

 

سُ شفينا من قبلكم واشتفينـا

 

ويرى أحد الباحثين أنَّ هذه القصيدة جسَّدت انتماء صفّين إلى الصراع نفسه الذي انتمت إليه بدر وأحد وحنين والأحزاب(33).

ونجد لدى الشاعر في بعض الأحيان امتزاج الفخر الفردي بالفخر الجماعي، لذوبان شخصية الفرد بالجماعة نتيجة الأواصر الوثيقة التي تربط الشاعر بقومه وأصحابه فنراه يتحدَّث بصوت الجماعة في معرض فخره بالأنصار، فيذكر مواقفهم المشرفة مع النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  ومع أمير المؤمنين عليه السلام، ومع الإمام الحسن عليه السلام، ومن ذلك قصيدته التي قالها في صفّين بعد اشتداد القتال ومصرع عمّار بن ياسر(34)، إذ انبرى قائلاً (35): (البسيط)

ما ضرَّ من كانت الأنصار عصبتـــه

 

أن لا يكون له من غيرهم أحـــد

قوم إذا حاربوا طالت أكفّهــــــم

 

بالمشرفيَّـــة حتّى يفتح البلــد

والناس حرب لنا في الله كلِّهــــم

 

مستجمعون فما ناموا ولا فقــدوا

هذا اللواء الذي كنّــا نحفّ بـــه

 

مع النبي وجبريـــل لنا مــدد

فاليوم ننصره حتى يقيــم لــــه

 

أهل الشنان ومن في دينــه أود

 

ومثلما كان حضور الفخر الجماعي في شعر قيس بن سعد؛ نجده قد عنى بالفخر الشخصي؛ الذي يعد ضرباً واسعاً من ضروب الفخر، يميل إليه الشاعر في إظهار ذاته في موقف يدفعه إلى التميّز من قبيلته، أو الانتصاب بوجه العدو، ذاكراً محاسنه وصفاته الفردية، والتغني بالنفس بدافع حربي(3 صلى الله عليه وآله وسلم ).

وكان قيس في بعض قصائده ومقطوعاته وأراجيزه يفخر بنفسه وخصوصاً أمام أعدائه، وفخره هذا نتيجة طبيعية لشاعر مثله، لأنَّه يمتلك جميع مقومات الفخر المادية والمعنوية ومؤهلاتها، من دين، وحسب، ونسب، وجاه، وشجاعة، فقد تحمّل مسؤولية كبيرة في الدفاع عن جيش الإمام علي عليه السلام في قتاله وشعره، حتّى أصبح محطّ إعجاب قومه وأصحابه.

وقد يرى الشاعر – في بعض الأحيان – وهو يفخر بنفسه أنَّ الحاجة إلى المقطوعة الشعرية تبدو ملحة؛ لأنَّ بعض المقدمات لا يناسبها القصيدة لمنافاتها مقتضى الحال الذي يفرض عليه الاختصار والإيجاز، فضلاً عن أنَّ المقطوعة تتطلب السرعة في القول، والسرعة في إيصال الشعر إلى أذهان السامعين(3عليه السلام)، ولنراه في هذه المقطوعة التي يقول فيها(38): (الطويل)

وإني من الحيِّ اليمانــي لَسيِّــــد

 

وما الناس إلاّ سيد ومســــود

فكدهم بمثلــي إنَّ مثلي عليهــــم

 

شديد وخلقي في الرجال مديـــد

وفضّلني في الناس أصل ووالـــــد

 

وباع به أعلو الرجال مديــــد

 

فنلحظ هنا أنَّ الشاعر يفخر اعتزازاً بنفسه، ونسبه، وخلقه، فهو سيد من سادات أهل اليمن، « ومن أهل عز وجود وشرف، وكانت له ولاية زعماء الخزرج »(39)، وقد أفاد من أسلوبي التوكيد والقصر لبيان هذا الاعتزاز بنفسه، لأنهما أضافا للنص روحاً جديدة بينت لنا بما لا يقبل الشك قدرة الشاعر وبراعته في توظيف هذين الأسلوبين بما يتلاءم وطبيعة القول، فهو يحتاج إلى أن يظهر لخصومه فخره بنفسه، لأن الخصم لا يمتلك المؤهلات التي تؤهله ليكون قريناً له في المقارنة، فالفوارق كبيرة بينهما.

ومثلما يحتاج الشاعر المقطوعة، فقد يحتاج الأرجوزة ليقولها بديهة وارتجالاً في المناسبات المختلفة من حياته، ليعبر عن صدق انفعالاته، بعيداً عن المبالغة، وهذا ما وجدناه في إحدى أرجوزاته، التي قال فيها(40): (الرجز)

أنا ابن سعد وأبي عبـــادة

والخزرجيون رجال ســادة

ليس فراري في الوغى بعادة

إن الفرار للفتى قـــلادة

يا ذا الجلال لقّني الشهـادة

شهادة تتبعها سعـــادة

فالقتل خير من عناق غـادة

تفزعني بالحيـض والولادة

حتّى متى تثني لي الوسـادة

 

ويبدو الشاعر في هذه الأبيات الموجزة المشطورة مفتخراً بنفسه على غرار ما جاء في مقطوعته السابقة، ونرى أنَّه سلك في هذا الأمر مسلك أغلب الشعراء؛ إذ إنَّ أول ما يفخرون به الأب؛ الذي عادة ما يقترن اسم الشاعر باسمه، ويعد فخر قيس بأبيه واقعياً، فإذا ذكر اسمه مقترناً باسم أبيه فقد عرفه الآخرون(41).

والذي نلحظه في هذه الأرجوزة، أن الحالة النفسيَّة التي كان عليها الشاعر وهو ينزل إلى ساحة المعركة في حرب صفّين، لم تمهله التقديم والخوض في موضوعات أخرى؛ لأنَّ أجواء الحرب المشحونة لا تساعده على ذلك، فغاية ما يبغيه القائل هنا التعريف بنفسه عندما ينزل إلى ساحة القتال.

 يتبيَّن لنا من الأشعار المتقدمة أنَّ فخر قيس بن سعد لم يكن من قبيل التبجّح والإدعاء على غرار ما كان سائداً لدى بعض الشعراء، فإن فخر بنسبه فهو ابن سعد الأنصاري، الصحابي المعروف، وإن فخر بشجاعته فلا ريب في ذلك لأنه كان يحمل راية الأنصار مع النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  ومن أشهر أصحاب الإمام علي عليه السلام الذين دافعوا عنه بكل بسالة وقوة.

أما فخره الجماعي فكان يمثل دفاعاً حقيقياً عن أصحابه وإظهار شجاعتهم مع الخصوم والأعداء، إذ كانوا يمتلكون من المؤهلات ما يستحقون أن يظهرها لهم الشاعر، ولذلك وجدنا أنَّ غرض الفخر لديه كان صادقاً ومعبراً لا مبالغة فيه.

المبحث الثاني: المديح:

المديح من فنون الشعر العربي البارزة والمعروفة، وغاية الشاعر فيه تخليد قيم المديح التي يترسم فيها صور الإعجاب والثناء، وقد عدَّه بعضهم « تعداداً لجميل المزايا، ووصف الشمائل الكريمة وإظهار التقدير العظيم الذي يكنّه الشاعر لمن توافرت فيهم هذه المزايا »(42).

وقد ورد المديح في شعر قيس بن سعد لاقتناعه بأهليَّة الممدوح، فكيف إذا كان الممدوح هو الإمام علي عليه السلام، ومن بعده الإمام الحسن عليه السلام، فهم ركيزة العقيدة التي يؤمن بها الشاعر، ونقطة الانطلاق التي تكمن محبة الشاعر الصادقة لهم، والتي كانت سبباً في الخلاف بينه وبين خصومه.

ومن ذلك قوله في الإمام علي عليه السلام(43): (الطويل)

مضى وبقي لعد النبي محمَّــــد

 

عليه سلام الله عوداً وباديـــا(44)

فيا ليت شعري والحوادث جمَّــة

 

على أيما ترجو وتخشى الأمانيـا(45)

على أنَّ فيه للمحارب مطمعـــاً

 

أم أنَّك تبغي الملك تحويه باقيـا

 

      وهناك قصيدة أخرى مدح فيها الإمام علياً عليه السلام مؤكِّداً أحقيَّته بالخلافة؛ لما فيه من صفات نفسية وخلقية ومناقب لا يجاريه فيها أحد، وكما يقول الأستاذ الخليلي: « كان علي أمة مستقلة بذاتها، تحكي عقلية الدهر، وتعبر عن نضج الزمان، وتصور نهاية المراحل سمو البشرية، وقمة المجد، فليس من الصحيح أن يقاس عليّ أفراد فهو نسيج وحده »(4 صلى الله عليه وآله وسلم ).

يقول قيس بن سعد(4عليه السلام): (البسيط)

حتّى تطيعوا علياً إنَّ طاعتــــه

 

دين عليه يثيب الواحـد الصمــد

من ذا له في قريش مثل حالتــه

 

في كل معمعة أو مثله أحــــد

لو عدَّد الناس ما فيه لما برحـت

 

تثنى الخناصر حتّى ينفد العـدد(48)

 

      لقد بيَّن الشاعر لأصحابة أنَّ إطاعة الإمام علي عليه السلام هي دين عليهم وفيها مثابة الله تعالى، وإن استعرضوا عن مثيل له في قريش لم يجدوا أحداً مثله في الإقدام والشجاعة في الحروب كلها، والتي أثبت فيها دفاعه عن الدين الإسلامي الحنيف، ونصرة النبي المصطفى  صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم أشار الشاعر إلى الفضائل الجمة التي حملها الإمام عليه السلام، ولو عدد الناس هذه الفضائل لكان هو المبتدأ به في جميعها حتى ينتهي تعدادها. لقد ركَّز الشاعر في مدائحه للإمام علي عليه السلام على الشجاعة التي اشتهر بها، وبلغت حدّاً لا يمكن لأحد أن ينكرها، فهي شجاعة شهدت لها ساحات الحرب، فكان فيها الإمام كالليث المدافع عن عرينه، قال الشاعر(49): (البسيط)

ما في عليٍّ لأهل الشام من طمـــع

 

ليث العرين وأفعى بين أعيـــاصِ(50)

 

وكانَّ الشاعر يريد هنا أن يبيِّن لأهل الشام أو يدعوهم إلى العودة إلى التأريخ قليلاً، وتذكّر الحوادث التأريخيَّة البارزة، والحروب التي حدثت، وكان فيها دور الإمام بارزاً، بما ينم عن شجاعة حقيقية، وإيمان راسخ، وعقيدة ثابتة..

وفي قصيدة أخرى يمدح فيها الإمام علياً عليه السلام مؤكِّداً أنَّه خير البشر، قال فيها(51): (الطويل)

جزى الله أهل الكوفة اليوم نصرة

 

أجابوا ولم يأتوا بخذلان من خـذل

وقالوا عليٌّ خير حافٍ وناعــل

 

رضينا به من ناقضي العهد من بدلْ

 

فهو يطلب الجزاء لأهل الكوفة على نصرتهم الإمام علياً عليه السلام في يوم الجمل؛ إذ لم يأتوا مع خذلان الخاذلين، وهو عندما يذكر صفة الإمام هذه لا لأجل المديح فحسب، وإنما للاحتجاج على مناوئيه بذلك أيضاً.

ويصرّح الشاعر في إحدى قصائده باعتقاده بوصاية الإمام علي عليه السلام في الكوفة، فلا يتردد في مدح الإمام الحسن عليه السلام قائلاً(52): (الطويل)

أتاكم سليل المصطفى ووصيِّـــه

 

وأنتم بحمد الله عارضة النّــدي(53)

 

ونلحظ هنا أنَّ الشاعر عبَّر عن الإمام علي عليه السلام بالوصي تعبيراً صريحاً من دون مبالغة؛ ليكشف لنا عن حقيقة ثابتة لديه، وإيمان راسخ في الوجدان.

ومن الطبيعي أن يؤكد الشاعر قيس بن سعد المشهود له بالولاء والتضحية والإخلاص في سبيل الدين والعقيدة إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام،فقال(54):(الخفيف)

وعليٌّ إمامنـــا لا ســـــــــواه

 

في كتابٍ أتى به التنـــزيل

حين قال النبيُّ: من كنت مولا

 

هُ عليٌّ هذا دليــــــــــلُ

 

فالشاعر هاهنا يشير إلى قوله تعالى: (يَا أَيُّهَاالرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)(55)، في إشارة واضحة إلى واقعة الغدير الشهيرة(5 صلى الله عليه وآله وسلم ).

وهناك رجز آخر للشاعر بحق الإمام علي عليه السلام، قال فيه(5عليه السلام):(الرجز)

 هذا عليٌّ وابن عمِّ المصطفــــى

أول من أجابـــه ممَّن دعــــا

هذا الإمام لا نبالي من غــــوى

 

فالإمام علي عليه السلام هو ابن عم المصطفى  صلى الله عليه وآله وسلم  وأول من أجاب دعوته للإسلام.

 يتضح مما تقدَّم أنَّ مديح قيس بن سعد قد اختصَّ أغلبه بالإمام عليعليه السلام، وتناول شخصيته وأخلاقه وصفاته ومواقفه في الحروب التي خاضها ضد أعدائه، وكان مديحاً يخلو من المبالغة والغلو، لأنَّ ما عرف عن الإمام من سيرة عظيمة تغني أيَّ شاعر عن المبالغة في وصفه ومديحه.

كذلك فإنَّ مديحه الإمام الحسن عليه السلام يخلو من المبالغة لأن الشاعر وبعد استشهاد الإمام علي عليه السلام التحق بالإمام الحسن عليه السلام وصحبه حتّى صلحه مع معاوية(58).

3. التهديد والوعيد:

من الموضوعات الأخرى التي حفل ديوان الشاعر بها؛ التهديد والوعيد، وهما موضوعان طرقهما الشعراء منذ العصر الجاهلي، حتّى إن بعض النقاد أشار إليهما بوصفهما من الهجاء، قال ابن رشيق القيرواني: « كان العقلاء من الشعراء وذوو الحزم يتوعدون بالهجاء، ويحذرون من سوء الأحدوثة، ولا يمضون القول إلاّ لضرورة لا يحسن السكوت عليها »(59)، ويتضمَّن التهديد إنذار الأعداء، وتحذيرهم من مغبَّة طغيانهم، أما الوعيد، فيتوعد الشاعر الأعداء بالقتل والتنكيل إن لم يرجعوا إلى الطريق السوي( صلى الله عليه وآله وسلم 0).

وقد استعمل الشاعر هذا الغرض في مواجهة خصومه وهجائهم وخصوصاً في أيام حربهم للإمام علي عليه السلام، فكانت أغلب الموضوعات موجهة إلى معاوية وأصحابه، وجاءت عبر أبيات شعرية متفرقة، شكَّلت مجموعة من القصائد والمقطوعات والأراجيز الشعرية، بيد أننا نجد تهديداته في معظم الأحيان شديدة اللهجة، قد زادت فيها انفعالاته حتّى وصلت إلى درجة الوعيد، فمن ذلك قوله مخاطباً معاوية( صلى الله عليه وآله وسلم 1): (المتقارب)

معاويَ قد كنت رخــو الخنـــاق

 

فألقحت حرباً تضيق الخناقــــا( صلى الله عليه وآله وسلم 2)

تشيب النواهد قبل المشيـــــب

 

متى ما تذقها تذمُّ المذاقـــــا ( صلى الله عليه وآله وسلم 3)

فإن يكن الشام قد أصفيــــــت

 

عليك ابنَ هند فإنَّ العراقــــــا

أجابت عليّـــاً إلى دعـــــوة

 

تعزّ العدى وتذلّ النفاقــــــا( صلى الله عليه وآله وسلم 4)

 

      إذ أحسن الشاعر استعمال ألفاظه ومجانسة بعضها للبعض الآخر، فضلاً عن الصورة التي رسمها لنا من خلال مشيب النواهد، وإنما خص النواهد لأن رجالهن تقتل في الحرب فيسرع إليهن الشيب، وهي صورة تدل على براعة الشاعر وقدرة على إجادة فن القول على الرغم من شدة انفعاله النفسي والذي كان واضحاً فيه.      

أما في قوله( صلى الله عليه وآله وسلم 5): (الخفيف)

يا ابن هند أين الفرار من المـــو

 

ت وللموت في الفجاج ذيــول( صلى الله عليه وآله وسلم  صلى الله عليه وآله وسلم )

 

وقوله( صلى الله عليه وآله وسلم عليه السلام): (الخفيف)

يا ابن هند دع التوثّب في الحـــر

 

ب إذا نحن في البلاء نأينــا

 

فإنَّ الشاعر في هذين البيتين يخاطب معاوية مستعيناً بإحدى المثالب التي دأب الشعراء عليها من أجل الحط من منزلة الشخص، فقد ذكر هند بنت عتبة (أم معاوية) في إشارة واضحة إلى ما قامت به هذه المرأة من تقطيع جسد الحمزة عم النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  وأكلت كبده، حتّى سميت (آكلة الأكباد)، فالتصقت بها هذه المثلبة حتى ألقت بظلالها على معاوية.

ونجده – في جانب آخر – يعتمد أسلوب التهديد مستهزئاً بقوة خصمه، ومتوعداً إياه بأنَّه سيهزم إن حدث القتال، فقال( صلى الله عليه وآله وسلم 8): (الطويل)

وخوَّفنا العبســي خيلاً ذليلــــة

 

ولله فيــــــــها وقعة هي مـا هيـــا

ولم يبقَ إلاّ أن يقال لها اهربـــي

 

فقد ركبوا جرداً تباري العواليــا

وهذا عليٌّ مهدياً لك مثلهــــــا

 

ولكنَّه أعيا عليـــك المكاديــــا( صلى الله عليه وآله وسلم 9)

ولست بناجٍ من علـــي وصحبـه

 

ولو كنت في جابلق(عليه السلام0) لم تك ناجيا

 

فعلى الرغم من أنّ هذه الأبيات نشتم منها رائحة الفخر، إلاّ أنه بدأها باستعمال  هذه الصورة الترهيبية في تحذير خصمه إن أقدم للحرب، فهي دعوة له للتريث والتمهل، وإلا فهو يحذرهم بحرب كبيرة تجر عليهم الويلات، وتعود خيولهم ذليلة، وكأنها تمني النفس لو جاء أحدهم وأخرجها من ساحة القتال، فالموت سينتظرها إن جاء جيش الإمام علي عليه السلام، ولا فرار من ذلك حتى لو كان أحدهم في أبعد نقطة من ساحة المواجهة.

إنَّ من شأن هذه الصورة أن تثير الرعب والخوف والتردد في نفوس الخصوم، وقد نجح الشاعر في ذلك مظهراً تفانيه ودفاعه عن أصحابه، سواء في الألفاظ التي جاء بها، أم في صورة الخيل الذليلة المنهزمة في ساحة المعركة، والتي كانت تتمنى الهروب منها لعدم قدرتها على مواجهة الفرسان الذين جاؤوا للقتال. 

من خلال ما تقدَّم نرى أنَّ الشاعر قيس بن سعد قد طرق هذا الغرض لأنه يتماشى مع ما يريد إيصاله إلى خصومه، وقد حتمته ظروف الحروب المتوالية التي اشترك فيها، أو مواقف معينة تغضبه، فيثور بركان انفعاله، فيتهدد ويتوعد.

جدول يبين مجموع قصائد الشاعر في الديوان

ت

رقم القصيدة في الديوان

عدد الأبيات

الموضوع الشعري

البحر الشعري

القافية

1

1

12

الفخر

البسيط

أحدُ

2

5

11

المديح

البسيط

العاصِ

3

6

11

الفخر

المتقارب

الخناقا

4

7

10

الفخر

الخفيف

الوكيلُ

5

11

12

الفخر

الخفيف

نأينا

6

13

12

الفخر

الطويل

الأفاعيـا

مجموع الأبيات: (68) ثمان وستون بيتـــاً

 

 

جدول يبين مجموع المقطوعات الشعرية في الديوان

ت

رقم المقطوعة في الديوان

عدد الأبيات

الموضوع الشعري

البحر الشعري

القافية

1

2

5

الفخر

الطويل

شهودُ

2

3

7

المديح

الطويل

محمدِ

3

8

5

المديح

الطويل

خذلْ

4

10

8

التهديد والوعيد

الكامل

الركبانُ

مجموع الأبيات: (25) خمسة وعشرون بيتـــاً

 

 

جدول يبين مجموع الأرجوزات الشعرية في الديوان

ت

رقم المقطوعة في الديوان

عدد الأبيات

الموضوع الشعري

البحر الشعري

القافية

1

4

9

الفخر

الرجز

عبادهْ

2

14

6

التهديد والوعيد

الرجز

معاويه

3

15

4

التهديد والوعيد

الرجز

معاويه

4

17

3

المديح

الرجز

المصطفى

مجموع الأبيات: (22) اثنان وعشرون بيتـــاً

 

 

جدول يبين مجموع النتف الشعرية في الديوان

ت

رقم المقطوعة في الديوان

عدد الأبيات

الموضوع الشعري

البحر الشعري

القافية

1

9

2

الفخر

الطويل

مسلما

2

12

1

التهديد والوعيد

البسيط

السيافين

3

16

3

التهديد والوعيد

الطويل

معاويه

مجموع الأبيات: (6) ستة أبيات

 

الخاتمة:

بعد هذه الرحلة الممتعة في ديوان الشاعر قيس بن سعد الأنصاري؛ التي حاولنا فيها دراسة الأداء الموضوعي في شعره، ومعرفة أبرز الأغراض التي طرقها، يمكن تسجيل النتائج الآتية:

  • وظف الشاعر جل شعره في الدفاع عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه وجيشه الذي شارك معه في حروبه المختلفة، وخصوصاً حرب   صفّين؛ إذ حظيت هذه الحرب بأكثر من نصف قصائد الشاعر.
  • اقتصر شعره على ثلاثة أغراض شعرية دون سواها من الأغراض الأخرى، فكان غرض الفخر الأكثر حضوراً لديه، تلاه غرض المديح، ثم التهديد والوعيد.
  • لم يتطرق الشاعر في شعره إلى أغراض معروفة مثل الرثاء والغزل وغيرهما، وذلك لانشغاله في الحروب التي اشترك فيها مقاتلاً، فلا مجال للغزل، أو رثاء الموتى.
  • تميَّزت قصائده في الفخر والمديح بحرارة العاطفة والصدق، كونه يمدح الإمام عليّاً عليه السلام، ويفخر بجيشه، وهو أحد مقاتلي هذا الجيش، ومن أصحاب الإمام الذين دافعوا عنه بأنفسهم في جميع حروبه، وكذلك فخره بنفسه والتعريف بشخصه أمام خصومه.
  • كان إلى جانب فخره بجيش الإمام علي عليه السلام يلجأ إلى التهديد والوعيد إلى أعدائه عندما يواجهونهم في ساحات القتال، على الرغم من أن شعره في هذا المجال كان أقل نسبة من الفخر والمديح.
  • تنوعت أشعاره بين قصائد شعرية ومقطوعات وأراجيز تبعاً للظروف المحيطة بمناسبة القول، وما موجود من قصائد في الديوان كان أكثر نسبة من المقطوعات والأراجيز، بيد أنه كان يميل إلى نظم القصائد خارج أوقات الحروب، أما المقطوعات فإن أغلبها نظمها في أثناء المعارك، وبالنسبة للأراجيز فإنه كان يميل إليها في ساحات المعارك وفي ذروة المواجهة مع ألأعداء للتعريف بنفسه، وبث الرعب والخوف في صفوف الخصم.
  • ظهر واضحاً تداخل أغراضه الشعرية بعضها مع البعض الآخر، لأنه كان يريد من أشعاره أن تمثّل الحالة الشعورية التي كان عليها وهو بمواجهة الأحداث المترامية التي يعيشها، وقد استطاع من خلال هذا التنوع إيصال ما كان يصبو إليه إلى المتلقي سواءً أكان مفتخراً أم مادحاً له، أم مهدداً ومتوعداً، ونرى أنه نجح في تحقيق ذلك فكانت أشعاره إرضاءً لنزعته الفردية الانفعالية.

المصادر والمراجع:

  • القرآن الكريم.
  • الإصابة في تمييز الصحابة، أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، مطبعة السعادة، مصر، 1328هـ.
  • الأعلام؛ قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء المستعربين والمستشرقين، خير الدين الزركلي، ط17، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، 2007م.
  • الإمام علي عليه السلام نموذج الإنسانية، صباح محسن كاظم / ط1، قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كربلاء – 2009م.
  • تأريخ الأدب العربي، ر. بلاشير، ترجمة د. إبراهيم الكيلاني، وزارة الثقافة، دمشق، 1973م.
  • الجمل وصفين والنهروان، أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي الكوفي(ت157هـ)، جمعه وحققه حسن السنيد، ط1، دار الإسلام، لندن، 2002م.
  • الجمل، والنصرة لسيدة العترة في حرب البصرة، أبو عبد الله محمد بن محمد النعمان العكبري البغدادي (الشيخ المفيد) (ت1413هـ)، تحقيق علي مير شريفي، ط1، مكتب الإعلام الإسلامي، قم، 1413هـ.
  • الخيل في الشعر الجاهلي؛ دراسة في ضوء الميثولوجيا والنقد الحديث، د. محمود الرغيشي، ط1، دار جرير، عمّان، الأردن، 2007م.
  • ديوان الأعشى الكبير (ميمون بن قيس)، شرح وتعليق د. محمد محمد حسين، مكتبة الآداب بالجماميز، مصر، د. ت.
  • ديوان قيس بن سعد الأنصاري، جمع وتحقيق وشرح قيس العطار، ط2، مطبعة عترت، قم، إيران، 1421هـ.
  • ديوان النابغة الذبياني، تحقيق محمد الطاهر بن عاشور، الشركة التونسية للتوزيع،  1976م.
  • شعر أبي طالب دراسة أدبية، د. هناء عباس كشكول، ط1، قم، إيران، 1429هـ.
  • الشعر في حرب داحس والغبراء، عادل جاسم البياتي، مطبعة ألآداب، النجف الأشرف،  د. ت.
  • شهداء صفين وحضور الصحابة والتابعين، السيد كريم السيد باقر آل تاج الدين، ط1، دار المحجة البيضاء، بيروت، لبنان، 2009م.
  • العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، الحسن بن رشيق القيرواني(ت456هـ)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ط4، دار الجيل، بيروت، لبنان، 1972م.
  • فن المديح وتطوره في الشعر العربي، أحمد أبو حاقة، ط1، منشورات دار الشرق الجديد، بيروت، لبنان، 1962م.
  • فنون الأدب العربي – الفن الغنائي – الفخر، حنا الفاخوري، لجنة أدباء الأقطار العربية، دار المعارف، مصر، د. ت.
  • الغارات، أو الاستنفار والغارات، أبو إسحق إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال المعروف بابن هلال الثقفي، تحقيق السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب، دار الأضواء، بيروت، 1987م.
  • لسان العرب، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الإفريقي المصري(ت711هـ)، إعداد: د. إبراهيم شمس الدين، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، 2005م.
  • المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها، د. عبد الله الطيب المجذوب، ط1، مصر، 1955م.
  • معجم البلدان، الشيخ شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي (ت626هـ)، قدم له محمد عبد الرحمن مرعشلي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، د. ت.
  • المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، انتشارات إسلامي، طهران، 1378هـ.
  • مقاتل الطالبيين، الأصفهاني، تحقيق السيد أحمد الصقر، مطبعة ذوي القربى، قم، إيران، د. ت.
  • موسوعة الغدير، العلامة الأميني، مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي، ط4، قم، إيران، 2006م.
  • وقعة صفين، نصر بن مزاحم المنقري (ت212هـ)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، ط2، المؤسسة العربية الحديثة، مطبعة المدني، المؤسسة السعودية، مصر، 1382هـ.

المجلات:

مجلة المنهاج، تصدر عن مركز الغدير للدراسات الإسلامية، العدد السادس، السنة الثانية، بيروت، لبنان، 1418هـ - 1997م.

 

(1)  ينظر: الإصابة 3 / 249، والأعلام 5 / 206.

(2)  ينظر: الإصابة 3 / 249، وديوان قيس بن سعد الأنصاري / 10.

(3)  في إشارة إلى قصيدته الحادية عشرة في الديوان (أنعم الله بالشهادة علينا) التي قال فيها:

إنَّنا إنَّنا الذين إذا الفتــــ

 

ـح شهدنا وخيبراً وحنينــــا

بعد بدر وتلك قاصمة الظهـ

 

ـر وأحد وبالنضيـر ثنينــــا

وبيوم الأحزاب قد علم النّـا

 

سُ شفينا من قبلكم واشتفينـا

 

     الديوان / 103.

(4)  ينظر: الإصابة 2 / 99.

(5)   الديوان / 12.

( صلى الله عليه وآله وسلم )   ينظر: الأعلام 5 / 206، الإصابة 3/249، مقاتل الطالبيين /79، الجمل / 243.

(عليه السلام)   الإصابة 3/249، شهداء صفين / 333، الديوان 17.

(8)   ينظر:  الغارات / 127، 140، 164، 213، وينظر: الأعلام 5 / 206.

(9)   كتاب الجمل وصفين والنهروان / 227، وينظر: وقعة صفين / 128، 208.

(10)  شهداء صفين: 333.

(11)  ينظر: الأعلام 5 / 206، الديوان / 48 وما بعدها؛ إذ عرض محقق الديوان بعض الروايات حول وفاة الشاعر والقرائن التي تدل على أن وفاته كانت سنة 58هـ.

(12)  ينظر: المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها 3 / 869.

(13)  العمدة 1 / 188.

(14)  فنون الأدب العربي – الفخر / 5.

(15)  الديوان / 73، سائحة: جارية، سريعة الجري، العجاجة: واحدة العجاج وهو الغبار أو ما تورثه الريح، والمراد هنا عجاجة الحرب. تطرد: إطراد الشيء متابعة بعضه بعضاً، وبعير مطرد هو المتتابع في سيره، ولا يكبو، قال أبو النجم:

                     فعجَّت من مطرد فهدي.      ينظر: لسان العرب 2 / 109، 656.

(16) ديوان النابغة الذبياني / 222، 223.

(20) لحاق: لحق لحوقاً أي ضمر، ولصق بطنه. قب البطون: أي ضوامر البطون، وقب بطن الفرس فهو أقب أذا لحقت خاصرتاه بحالبيه.

(21) ينظر: لسان العرب 1/605. الحزونة: الخشونة، والحزن: المكان الغليظ الخشن. الدقاق: فتات كل شيء، وما اندق من الشيء هو التراب اللين الذي كسحته الريح من الأرض. ينظر: لسان العرب 5 / 845.

(22) أتوه المقاد له والمساقا أي أتوه منقادين ومنساقين له، فالمقاد والمساق مصدران معرفان بالألف واللام مؤولان بنكرة لأن مذهب الجمهور من النحويين يرى أن الحال لا يكون إلا نكرة كقول الأعشى:

غراء فرعاء مصقول عوارضها      تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل

        فتقديرها تمشي هوينا. ينظر: ديوان الأعشى 6 / 55. 

(23) ينظر: الخيل في الشعر الجاهلي / 110.

(24) الإمام علي عليه السلام نموذج الإنسانية / 138، والكلام هو للمفكر المسيحي جورج جرداق.

(28)محضة: المحض اللبن الخالص بلا رغوة، والمحضة: الخالصة. ينظر: لسان العرب 4 / 656.

(30)  الديوان / 93.

(31)  م. ن / 64.

(32)  م. ن / 103.

(33)  الدكتور عبد المجيد زراقط في بحثه الموسوم (الخطاب الشعري في معركة صفين)، المنشور في مجلة المنهاج / 213.

(34) حينما اشتد القتال في صفين، واشتد ظمأ عمار بن ياسر أتته امرأة طويلة اليدين تحمل أداة فيها ضياح من لبن فقال حين شرب: ((الجنة تحت الأسنة، اليوم ألقى الأحبة، محمداً وحزبه... والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أننا على الحق وهم على الباطل)) ثم حمل وحمل عليه ابن جون السكوني وأبو العادية الفزاري، فأما أبو العادية فطعنه، وأما ابن جون فاحتزَّ رأسه وقد كان ذو القلاع يسمع عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله لعمار بن ياسر: ((تقتلك الفئة الباغية وآخر شربة تشربها ضياح من لبن)). ينظر: وقعة صفين / 341.

(35)  الديوان / 73.

(3 صلى الله عليه وآله وسلم )  ينظر: تأريخ الأدب العربي، بلاشير 2 / 279.

(3عليه السلام)  ينظر: الشعر في حرب داحس والغبراء / 203، 204.

(38)  الديوان / 76.

(39)  م. ن / 11.

(40) م. ن / 81 .

(41)  يروى أن شاعرنا كانت تسميه العرب (قصير النسب) فإذا قلت قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، علم أنه صاحب رسول الله وعلي والحسن : وحين ولاه الإمام علي عليه السلام مصر كتب له: ((وقد بعثت لكم قيس بن سعد الأنصاري أميراً... فلم يزد في تعريفه لأهل مصر وتوليته عليهم على ذكر اسمه واسم أبيه وانتسابه للأنصار)) ينظر: وقعة صفين / 128، 208، كتاب الجمل وصفين والنهروان / 227.

(42) فن المديح وتطوره / 14.

(50) الأعياص جمع عيص وهو أصول الشجر، أو السدر الملتف الأصول والشجر الملتف النابت بعضه في أصول بعض. ينظر: لسان العرب 4 / 506، وقد أراد هنا شدة منعة الإمام (عليه السلام) وعزته.

(51)  الديوان / 97.

(52)  م. ن / 79.

(53)  السليل: السيف المسلول، وجاء هنا بمعنى الولد ويراد به الإمام الحسن (عليه السلام) أي سليل المصطفى وسليل وصيه. عارضة الندي: الندي هو كالنادي بمعنى مجلس القوم وعارضة الشيء وسطه وما يستقبلك منه، ويرى السيد محقق الديوان أن الخطاب موجه إلى أهل الكوفة. ينظر الديوان / هامش 80.

(54)  الديوان / 93.

(55)  المائدة / 67.

(56)  تنظر تفاصيل هذه الواقعة كاملة في: موسوعة الغدير 2 / 31 – 36.

(57)  الديوان / 117.

(58)  يروى أن قيساً بن سعد لمّا سمع بصلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية قال: (الطويل)

      أتاني بأرض العال من أرض مسكــــن      بأنَّ إمام الحق أضحى مسلمـــا

      فما زلت مذ رنبئته متلـــــــــدداً       أراعي نجوماً خاشع القلب ناجمـا

 الديوان / 99.

(59) العمدة  1 / 263.

(60) ينظر: شعر أبي طالب دراسة أدبية / 238.

(62)ألقح الحرب: سعّرها من قولهم حرب لاقح. الخناق: الحبل الذي يخنق به.

(66)الفجاج: جمع الفج وهو الطريق الواسع بين جبلين، وهو أوسع من الشعب وما انخفض من الطرق، ومنه قوله تعالى: ((وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)) الحج / 27،. ينظر: لسان العرب 2 / 128. ذيول: جمع ذيل وهو آخر كل شيء وذيل الثوب والأزرار، ذيل الموت القتلى الذين يقطرون في الحرب. ينظر: لسان العرب 6 / 357.

(70)جابلق: بالياء المفتوحة وسكون اللام مدينة بأقصى المغرب، واهلها من ولد عاد وأهل جابرس من ثمود، ففي كل واحدة منها بقايا ولد موسى (عليه السلام) وفيها خطب الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) بعد الصلح مع معاوية قائلاً: أيها الناس إنكم لو نظرتم ما بين جابرس وجابلق ما وجدتم ابن نبي غيري وغير أخي. ينظر: معجم البلدان 2 / 21.