من صفحة: 146
إلى صفحة: 160
النص الكامل للبحث: PDF icon 180417-143204.pdf
البحث:

المقدمة

شهد تاريخ العراق المعاصر أحداثاً سياسية مهمة شكلت نقاط تحول تاريخية كانت من أبرزها مقاومة الشعب العراقي ضد الاحتلال البريطاني، ولم يكن العراق بمعزل عن محيطه العربي، والإسلامي، الذي ناهض الاستعمار الغربي.

ومثلما برز في هذه الدول الكثير من القادة الوطنيين والزعماء الروحيين، الذين التفت حولهم شعوبهم لنيل الحرية والاستقلال بطرد المحتلين الأجانب.

كما يؤدي رجال الدين دوراً اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، في تاريخ الشعوب، ولا سيما العالم الإسلامي، الذي يتأثر الرأي العام منه بمواقف رجال الدين، أو رجال المؤسسة الدينية الشيعية التي أدت دوراً كبيراً في تاريخ العالم الإسلامي المعاصر، بالخصوص العراق، وإيران، ونلاحظ أن كل التطورات التي حلت بهذين البلدين، كان لرجال الدين والمؤسسة الدينية دوراً، في صنع الأحداث من التاريخ الحديث والمعاصر، ورغم الانكفاء والتحجيم لدور المؤسسة الدينية.

هذا من جانب ومن جانب أخر يمثل رجال الدين (النخبة) المثقفة في تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر بشكل عام لذلك ارتأينا أن نسلط الضوء على إحدى الشخصيات التاريخية المهمة وهو الشيخ محمد تقي الشيرازي لدوره الكبير آنذاك في قيادة الشعب العراقي، وبمختلف أطيافه وعناوينه، وبعيداً  عن النـزعات الطائفية والعنصرية.

يتألف البحث من مبحثين:

كان الأول منها ركز على دور الشيخ محمد تقي الشيرازي في التصدي للمخططات البريطانية، في مسألة الاستفتاء الذي حاول البريطانيون تمريره خلال المدة موضوعة البحث 1918- 1919، وما كان لهذا الموضوع من تداعيات على المستويين الداخلي والخارجي.

فيما ركز المبحث الثاني: على المحاولات البريطانية الرامية لاستمالة الشيخ الشيرازي.

أعتمد البحث على مجموعة من المصادر العربية أبرزها كتاب عبد الرزاق الوهاب، كربلاء في التاريخ، عباس محمد كاظم، ثورة الخامس عشر من شعبان (ثورة العشرين)، وعبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، علي الوردي لمحات اجتماعية، الجزء الخامس، وغيرها من المصادر.

وختاماً أرجو أن أكون قد وفقت في بحثي هذا، لما أداه ذلك الرجل من دور اجتماعي وسياسي.

المبحث الأول: استفتاء عام (1918م - 1919م)

بعد عقد هدنة (مودروس) ([1]) في 30 تشرين الأول عام 1918م وانتهاء العمليات العثمانية، أصبح العراق بعد هذا التأريخ، تحت حكم الإدارة البريطانية ([2]).

وكانت الحكومة البريطانية منقسمة إلى اتجاهين مختلفين بشأن نوع الإدارة المطلوبة في العراق.

الإتجاه الأول: جناح وزارة الخارجية في لندن بقيادة اللورد (كيرزن)، وكان هذا الجناح يدعوا إلى حكم وإدارة بريطانية غير مباشر  في العراق ([3]).

أما الإتجاه الثاني: وقد تمثل بحكومة الهند البريطانية وكان يدعوا إلى الإدارة المباشرة لبريطانيا في   العراق. بسبب تحمل (مكتب الهند البريطاني) أعباء الحملة العسكرية على العراق، فضلاً عن أهمية العراق الاستراتيجية بالنسبة إلى الهند، ومخزن النفط، وإشرافه على الخليج العربي، ونفط عبادان، كل ذلك جعل أمر التخلي عن العراق ولو بصورة جزئية / أمر صعباً على حكومة الهند البريطانية ([4]).

فكان أرنولد ويلسن (نائب الحاكم المدني العام في العراق)، من أنصار  الاتجاه الثاني، إلا أنه حاول أن يوازن ما بين الاتجاهين، بأجراء استفتاء شكلي من رأي الوجهاء، فقدم اقتراح في 24تشرين الثاني 1918 إلى حكومة الهند البريطانية.

وقد تضمن الاستفتاء:رأيهم حول النقاط الآتية ([5]):

  1. هل يفضلون تشكيل دولة عربية واحدة تقوم بإرشادها بريطانيا وتمتد من حدود ولاية الموصل الشمالية إلى الخليج العربي.
  2. وفي هذه الحالة هل يرون أن الدولة الجديدة يجب أن يكون على رأسها أمير عربي.
  3. وإذا كان الأمر كذلك من هو الذي يرشحونه، ومن المهم جداً في نظرنا، أن يكون التعبير عن آراء السكان المحليين، حول هذه الأمور حقيقياً، بحيث أن إعلانه للعالم يكون تعبيراً نزيهاً عن رأي سكان العراق ([6]).

سار  الاستفتاء في عدة مدن عراقية منها الموصل والبصرة والنجف وكربلاء والكاظمية وبغداد ونقتصر بحثنا هذا حول النجف وكربلاء.

 

1-الاستفتاء في مدينة النجف:

لقد قرر  ويلسن([7]) أن يجري الاستفتاء في  مدينة النجف الأشرف أولاً وربما  بسبب حالة اليأس التي عمت المدينة بعد قمع الانتفاضة التي قامت فيها عام 1918م / ولاعتقاد البريطانيين بأن المرجع الديني (السيد كاظم الطباطبائي)، لن يعارضهم علناً ([8])،وبعد ذلك سيكون بمقدورهم استغلال نتائج الاستفتاء في النجف للتأثير على باقي المدن المقدسة الأخرى مثل كربلاء، والكاظمية.

فقد وصل ويلسن إلى النجف عصر يوم 11 كانون الأول 1918 وفي صباح اليوم التالي قام بزيارة السيد اليزدي([9]) في بيته، وبعد ذلك أدعى ويلسن أن السيد اليزدي موافق على بقاء البريطانيين ([10])، إلا أن  اليزدي نفى ذلك من خلال اجتماعه بوفد من العلماء والزعماء العشائريين الذين زاروه بعد يوميين ([11]).

عقد إجتماع في دار الحكومة خارج سور النجف في 13كانون الأول 1918م حضره ويلسن و نروبري (الحاكم السياسي للشامية والنجف) وعدد من زعماء العشائر والوجهاء ([12]).

فتحدث ويلسن عن عدالة حكومته وسألهم: "هل تريدون حكمنا أم حكومة عربية ؟ " فقام هادي النقيب وقال لا نريد سوى ((بريطانيا)) ورد عليه عبد الواحد الحاج سكر([13]): "بل نر يد حكومة وطنية عربية" ([14]).

فسأله ويلسن: هل هذا رأيك الشخصي أم رأي الجميع ؟ فأجابه عبد الواحد (بل رأي الشخصي ولا بد أن أكثر الحاضرين يؤيده) ([15]). وفعلاً حضيّ بتأييد الحاضرين، مما أغضب ويلسن ذلك وتأزم الموقف عند ذلك تقدم علوان الياسري بطلب تأجيل الجلسة ومنحهم فرصة للتفكير والاتصال ببقية العلماء والوجهاء،وانتهى الاجتماع، بمغادرة ويلسن النجف، متوجهاً إلى بغداد ([16]).

قام صفوة من المجتمعين بعد ذلك بزيارة السيد اليزدي لأخذ رأيه في الموضوع، فأكد لهم ضرورة إشراك جميع طبقات الشعب في الاستفتاء وسواء كانوا تجاراً أم فلاحين، زعماء أم حمالين، وعدم الأكتفاء برأي الوجهاء ([17]).

وبهذا أراد السيد اليزدي أن يقطع الطريق أمام البريطانيين بأجراء استفتاء شكلي، وإنما إجراء استفتاء حقيقي ويظهر ذلك الموقف أن السيد اليزدي، لم يوافق على بقاء البريطانيين في العراق، حيث أن نتائج الاستفتاء الحقيقي تظهر رفض الحكم البريطاني باحتمال كبير، فيكون السيد اليزدي عبر عن رفضه بهذه الطريقة السلمية،حيث أنه لا يريد سفكاً للدماء في النجف، كما حصل في انتفاضة ربيع عام 1918، التي قمعت من قبل البريطانيين بكل قسوة.وبعد ذلك عقد اجتماع عام في منزل الشيخ جواد الجواهري حضره عدد من عامة الناس، ومن مختلف الطبقات، وتم طرح القضية عليهم، والذي تمخض عن رفض معظمهم للحكم البريطاني كما كان متوقعاً، إلا أنهم لم يتفقوا على الحاكم المقبل، ونوع الحكم، حيث أراد البعض النظام الملكي الدستوري  والآخر فضل النظام الجمهوري إلا أن الأغلبية كانت تفضل النظام الملكي الدستوري([18]). وعند سؤال السيد اليزدي عن رأيه، أجابهم بأنه ليس رجل سياسة بل رجل دين ([19]).

أدرك البريطانيون بانقلاب الرأي العام ضدهم بعد الاجتماع الذي عقد في منزل الشيخ جواد الجواهري. ورغم جمع السيد (هادي النقيب) تواقيع أحد عشر شخصاً من التجار والوجهاء المعروف بولائه لبريطانيا إلا أن أغلبية العلماء والوجهاء ورؤساء العشائر أمتنعوا عن التوقيع على مضبطة النقيب ([20]).

وقرروا الاجتماع في منزل السيد نور الياسري للتوقيع على مضبطة مضادة تطالب بحكم عربي مستقل.

وعندما كان المجتمعون يتداولون في الموضوع داهمت القوات البريطانية منزل السيد الياسري، وأمرت بإنهاء الاجتماع مهددةً باستخدام القوة مما أضطر المجتمعون للعودة إلى مناطقهم والاجتماع بعشائرهم في الشامية وأبو صخير ([21]).وبعد يومين ودعا هم الحاكم السياسي البريطاني لمدينة الكوفة في محاولة منه للحصول على مراده إلا أنه أخفق في ذلك. حيث وقع الجميع على مضبطة طالبوا فيها باستقلال البلاد العراقية بحدودها الطبيعية عن كل تدخل أجنبي في ظل دولة عربية وطنية يرأسها ملك عربي مسلم مقيد بمجلس تشريعي وطني ([22])وتكون هذه الحكومة مستقلة استقلالاً تاماً بلا حماية ولا وصاية أو انتداب ([23]).

إلا أن بعض المؤرخين الأجانب أوردوا بأن أهالي النجف وافقوا على استمرار الحماية البريطانية على العراق وبدون أمير عربي ([24])، وقد استبعد هذا الرأي من قبل مؤرخين آخرين([25]).

2- الأستفتاء في مدينة كربلاء:

توجه الميجر تيلد حاكم الحلة السياسي عام 1919م إلى مدينة كربلاء، للأشراف على نتائج الاستفتاء ([26]). ووجه دعوته إلى الوجهاء ورؤساء العشائر والتجار، وقد ألقى كلمة أشار فيها إلى انتصار بريطانيا في الحرب، وقد حان الوقت على بريطانيا، أن تبد بوعودها، وعلى العراقيين أن يختاروا شكل الحكم الذي يذعنون فيه والشخص الذي ينتخبونه ليكون أميراً على العراق ([27]).

كان الاستفتاء الذي أجراه البريطانيون في مدينة كربلاء مثل أول هزيمة لهم، فقد واجه أنتكاسة قوية، حيث أصطدم بفتوى صريحة من قبل الشيخ محمد تقي الشيرازي و التي جاء  فيها: (لا يجوز للمسلم أن ينتخب أو يختار شخصاً غير مسلم للحكم على المسلمين) ([28]).

فكانت هذه الفتوى أخطر فتاوى الجهاد التي أعلنها رجال الدين في بداية الاحتلال البريطاني للعراق، حيث أن ماسبقها من فتاوى صدرت خلال الحكم العثماني. كما إن هذه الفتوى انتشرت بشكل سريع في مناطق مدن العراق، مما أدى إلى تأزم الموقف الشعبي ضد البريطانيين.

أما بخصوص الاستفتاء في كربلاء فقد عقد اجتماع في السراي في 16كانون الأول 1918، حضره الحاكم السياسي للفرات الأوسط، البريطاني الميجر (تيلر) ومجموعة من الوجهاء ورؤساء العشائر ([29]).

وقول (تيلر) " أمرت من قبل حكومتي المعظمة أن أخبركم شكل الحكم الذي ترغبون فيه لتشكيل حكومتكم وعن الشخص الذي تنتخبونه وترونه صالحاً ليكون أميراً على العراق" ([30]).

فطلب السيد عبد الوهاب([31])، مهلة ثلاثة أيام لكي يتداولوا مع غيرهم من أهالي كربلاء، فوافق (تيلر) على هذا الطلب ([32]).

أمام هذه التطورات عقد اجتماع في منزل السيد محمد صادق الطباطبائي، أعقبه اجتماع أخر في منزل الشيخ محمد تقي الشيرازي للتداول في الأمر ([33]).حتى أستقر الرأي العام على مضبطة وقعها عدد من الحاضرين جاء فيها " وقد أجتمعنا نحن أهالي كربلاء أمتثالاً لأمركم وبعد مداولة الآراء وملاحظة الأصول الإسلامية وطبقاً لما تقرر رأينا على أن نستظل بظل راية عربية إسلامية فأنتخبنا أحد أنجال سيدنا الشريف حسين ليكون ملكاً علينا مقيداً بمجلس منتخب من أهالي العراق لتسنين القواعد الموافقة لروحيات هذه الأمة وما تقتضيه شؤونها " ([34]).

ويظهر من هذه الوثيقة أن الشيخ محمد تقي الشيرازي، لم يوقع على هذه الوثيقة، ربما لأنه لم يكن راغباً في تولي أحد أنجال الشريف حسين، عرش العراق، لأنه كان يرغب توليه من قبل أحد العراقيين، أو ربما كان في رأيه شخص أخر، لم يذكر أسمه لترك الباب مفتوحاً للاختيار من قبل الآخرين، أو لربما كانت هناك احتمالات أخرى غير معروفة ([35]).لكنه أحترم رأي الأغلبية ولم يظهر معارضته علناً.

أراد الشيخ الشيرازي أن يقطع الطريق على أية محاولة بريطانية لتنظيم مضبطة أخرى مؤيدة لهم.

حاول البريطانيون الرد على المضبطة التي نظمها الوطنيون في كربلاء بطريقتين:-

الأولى: رفضهم استلام المضبطة بحجة أنها لم تسلم في الوقت المناسب.

والثانية: العمل على تنظيم مضبطة بديلة، من خلال بعض مؤيديهم ([36])،حيث تمكن الحاكم البريطاني في الحلة ([37])، الميجر (بوفل) من أغراء بعض الأشخاص بكتابة مضبطة ([38])،مؤيدة للبريطانيين. لم يتمكن البريطانيون من اعتماد المضبطة الأخيرة، كمضبطة معبرة عن أراء أهالي مدينة كربلاء، حيث أن الموقعين عليها لم يكونوا من الوجهاء والشخصيات الحقيقية لمدينة كربلاء هذا من جانب، ومن جانب أخر لربما كانت خشية من ردة فعل المرجع الديني الشيخ محمد تقي الشيرازي، بعد أن أدركوا ثقله من خلال فتواه، ضد الاستفتاء، لذلك أهملت المضبطتين معاً([39]).

إلا أن الشيخ الشيرازي، أرسل نسخة من المضبطة الأولى إلى الشريف حسين في الحجاز بيد الشيخ محمد رضا الشبيبي ([40])، لكي يستند عليها عند مطالبة البريطانيين، بتنفيذ وعودهم التي قطعوها للعراقيين ([41]). أظهرت فتوى الشيرازي، تأثيراً كبيراً على بقية المناطق الأخرى، حيث نظم العديد من المضابط من قبل العشائر العراقية، حسب توجيه و إرشاد الشيخ الشيرازي، فكانت المضابط تصل إلى كربلاء ليطلع عليها الشيخ الشيرازي، ومن ثم إرسالها إلى الحجاز ومن هذه المضابط مضبطة علماء النجف([42]). ومضبطة عشائر الشيوخ والتي جاء فيها "...... نحن الموقعون على هذه الورقة قد انتخبنا.... الشريف عبد الله الحجازي..... ملكاً وسلطاناً على القطر العراقي وأما أمر الوصاية والأشراف علينا فيكال أمره إلى الجمعية الوطنية التشريعية التي سينتخبها العراقيون.... وليس لأي شخص ولا أي جمعية ولا لأي حكومة أن تعين وصياً علينا وعلى بلادنا.... " ([43]).

فكانت ردة الفعل البريطانية معبرة عن انزعاجها من هذه المضابط المتضامنة مع مضبطة كربلاء. فقد رفضت إدراجها في النشرة الرسمية لنتيجة الاستفتاء ([44]).

وكذلك تم استفتاء في مدينة الكاظمية، وكان هناك تأثير كبير لرجال الدين مثل الشيخ مهدي الخالصي([45])، فأتفق أجماع الرأي على صياغة مضبطة طالبوا فيها بحكومة عربية إسلامية، ووقع الجميع على تلك المضبطة، ومن أبرزهم الشيخ مهدي الخالصي.

ومن هذا يتبين وجود تنسيق بين المدن المقدسة في النجف وكربلاء، والكاظمية، والتي تضمنت الرفض للحكم البريطاني المباشر، والمطالبة بحكومة عربية دستورية مستقلة ([46]).

أثارت المضابط التي نظمها أهالي النجف وكربلاء والكاظمية والتي طالبوا فيها بحاكم عربي، حفيظة وحقد الحكومة البريطانية وأدارتها العسكرية في العراق، لذلك أصدرت أوامرها في مطلع شهر تموز عام 1919م، بالقاء القبض على ستة من الوجوه البارزة التي كانت تقود حركة المقاومة للبريطانيين، وهم عمر الحاج علوان – وعبد الكريم العواد – وطليفح الحسون – ومحمد علي أبو الحب – والسيد محمد مهدي الموسوي – والسيد محمد علي الطباطبائي ([47]).

أثار إجراء الإدارة البريطانية هذا غضب المرجع الديني الشيخ الشيرازي، لذلك كتب بعد أعتقالهم بيوم واحد إلى السير (أرنولد ويلسون) كتاباً نبه فيه على عمله هذا، وأبان فيه بأنهم لم يرتكبوا عملاً يستحقون عليه الاعتقال، ومن ثم الأبعاد وأنهم طالبوا بحقوق بلادهم المغتصبة، وطالب الشيرازي في ختام كتابه أخلاء سبيلهم ([48]).

وفي التاسع من آب 1919 كتب أرنولد ويلسون جواباً إلى الشيرازي جاء فيه ([49]):" لي الشرف أن أعرض لكم أنه وصلنا كتابكم المؤرخ في 8 ذي القعدة عام 1337هـ تذكرون بكل أسف: أن الأعمال التي أقدمت عليها حكومة بريطانيا العظمى لأجراء واجبات وظائفها ولحفظ أحكام القوانين والأنظمة أوجبت أستياء وتشويش العلماء والأعلام دامت بركاتهم في كربلاء... ومن خلال مدة الأثني عشر شهراً الماضية تبث  أن بعض الأشخاص في كربلاء يقومون بتشويش الأذهان، وينشرون أخباراً غير مرضية، وغايتهم من ذلك تشويش أفكار الناس ضد الحكومة البريطانية... فلذا لا حظت من الواجب القبض على بعض الأفراد... ونظراً لأقدامكم فقد عزمنا على تسريح السيد محمد علي الطباطبائي وإرساله إلى سامراء على أن يسكن هناك ولا يخرج منها بدون إجازة منا...) ([50]).

أثار كتاب ويلسن هذا ردود فعل عنيفة لدى علماء الدين عامة والشيرازي بصفة خاصة، الذي قرر مغادرة البلاد احتجاجاً على سياسة الحكومة البريطانية وأعتدائها على كرامة الوطنيين، ومصادرتها للحريات،و القيود الثقيلة التي فرضتها على أبناء الشعب العراقي ([51]).

وبعد مرور أربعة أشهر تراجعت الإدارة البريطانية عن سياستها في مدينة كربلاء، فأصدرت أوامرها بإرجاع علماء الدين المبعدين والذين عادوا في التاسع من ربيع الأول عام 1338هـ /1919م كما قامت بسحب الميجر بوفل الذي كان يشغل منصب الحاكم السياسي في كربلاء واستبداله بالميرزة (محمد خان بهادر) ([52]).

فقد لجأ ويلسن إلى أسلوب آخر وهو محاولته أغراء عدد من رجال الدين ببضعة آلاف من الروبيات الهندية ([53])، لكن رجال الدين وفي مقدمتهم الشيرازي، رفضوا هذه المبالغ، بكل شموخ وكبرياء وبذلك أكد أبناء كربلاء، خاصة والعراقيين عامة رفضهم التعامل مع الحكومة البريطانية المحتلة ([54]).

 

المبحث الثاني: الأساليب السياسة التي أنتهجها الشيخ محمد تقي الشيرازي والبريطانيون قبل ثورة 1920

1.الأساليب السياسية التي أنتهجها الشيخ الشيرازي لمواجهة الاستفتاء البريطاني المزور:

 لقد أدرك الشيخ محمد تقي الشيرازي منذ البداية أن مسألة الاستفتاء كانت محاولة وخطة بريطانية مسبقة، يراد منها تثبيت الوجود البريطاني المباشر في العراق، وإذا ما نجحت بريطانيا من تمرير خطة الاستفتاء فأن جميع الوعود السابقة بالاستقلال سوف تتلاشى تلقائياً وتضفي السلطات على السلطات البريطانية الصفة القانونية.لذلك أخذ الوطنيون العراقيون، وعلى رأسهم الشيخ الشيرازي بالتحرك السريع لأحباط مشروع الاستفتاء المزور وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي ([55]).

عمل الشيخ الشيرازي على توسيع قاعدة المعارضة الشعبية للوجود البريطاني في الداخل، والقيام بتنظيم مضابط، وتعبئة الرأي العام، وتنسيق الجهود السياسية بهدف تحقيق الاستقلال ([56]).

ومن الوسائل التي اتبعها الشيرازي، لتحقيق هذه الأهداف، هي تشجيع العمل على إنشاء الجمعيات الوطنية الإسلامية، للعمل على إذكاء الروح الوطنية، وعقد الندوات والاجتماعات السرية والعلنية، لكشف المخططات الأجنبية الرامية إلى الهيمنة على مقدرات وثروات البلاد.

وكان من أبرز تلك الجمعيات هي الجمعية الوطنية الإسلامية والتي اتخذت من كربلاء مقراً لها، وقد أشرف على تأسيسها بشكل مباشر الشيخ الشيرازي  وتحت رئاسة أبنه محمد رضا الشيرازي ([57]).وتأسست هذه الجمعية في أواخر سنة 1918م، وضمت في عضويتها كل من السيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني،والسيد حسين القزويني، والشيخ أبو المحاسن، والشيخ عبد الكريم العواد،و الشيخ عمر الحاج علوان، والشيخ عبد المهدي القنبر ([58]).

وقد تهدف هذه الجمعية إلى مكافحة الاحتلال البريطاني ([59]).

وفتحت لها عدة فروع في العديد من المدن والعشائر العراقية، وكان لها الدور الكبير في نشر فتوى الشيخ الشيرازي (حرمة انتخاب غير المسلم) إلى كافة أنحاء العراق وخصوصاً في مناطق الفرات الأوسط ([60]).

كما كان لهذه الجمعية الدور الكبير في إنهاء الصراعات والخلافات العشائرية، من أجل توحيد الصف الوطني وتوجيهه نحو قضية العراق الأولى، هو استقلال العراق عن النفوذ الأجنبي عملت هذه الجمعية بسرية تامة خوفاً من عملاء بريطانيا، وفي الوقت ذاته كان لها رجال مقربون من رئيسها الشيخ محمد رضا الشيرازي، وكان لهؤلاء الدور الفاعل في نقل أخبار وتحركات البريطانيين إلى الجمعية للعمل على إحباطها ويتضح عملها من خلال المنشورات التي كانت توزعها بين الأهالي وكان أبرز شعاراتها هو (حب الوطن من الأيمان)، (للوطن نحيا وللوطن نموت) ([61]).

كما عملت على بث الروح القومية للعرب المسلمين، حيث كانت تؤكد على الأمجاد التأريخية للأمة العربية الإسلامية لاستلهام الدروس والعبر منه.

حيث جاء في أحد نصوصها أن العرب المسلمين ".... ركبوا البحار المخيفة وقطعوا الفيافي والقفار العظيمة طالبين المجد حتى رفرفت راياتهم فوق الأندلس وشربت خيولهم من نهر السند...... " ([62]).

وكان من بين أهداف الجمعية المطالبة أن يكون الحكم في العراق ملكياً دستورياً فضلاً عن ذلك أن يحكم الأمة ملك من أبناء جلدتها. وإصدار الجمعية على انضمام العراق إلى الدول العربية الموحدة التي وعد البريطانيون بها العرب بعد نهاية الحرب العالمية الأولى([63]).

وكانت الجمعية تدرك ضرورة الاستفادة من العامل الدولي لتحقيق أهداف الشعب بالحرية والاستقلال وبالخصوص تصريح الرئيس الأمريكي ويلسن، عنمبادئه الأربعة عشر ومنها مبدأ حق تقرير المصير، ثم تختم الجمعية بشعار الاجتهاد الاجتهاد أيها الوطنيون السعي السعي أيها العراقيون([64]).

وكان لتلك الأهداف الأثر الكبير في نفوس الجماهير فنالت دعماً كبيراً من مختلف شرائح الشعب، وخاصة العشائر التي أرسلت العديد من المضابط المؤيدة للجمعية، وكان أبرزها مضبطة العشائر في سوق الشيوخ، التي عبرت عن دعمها الكبير للمرجع الشيرازي وللجمعية الوطنية الإسلامية.

وكان أهم نص ورد في هذه المضبطة هو "... نسعى ونجد في سبيل تحرير العراق، وأخذ الحكم الذاتي لها بموجب ما تراه وتأمرنا به الجمعية ويشير إليه حضرة حجة الإسلام والمسلمين أية الله العظمى الميرزا محمد تقي الشيرازي متع الله المسلمين بطول بقائه....) ([65]).

ولم يقتصر نشاط الجمعية الوطنية الإسلامية، على توزيع  المنشورات بل توسع إلى التنسيق والتعاون مع الجمعيات الوطنية الأخرى في العراق، وخاصة جمعية (حرس الاستقلال) ([66]).

وكان أهم الأهداف من هذا التنسيق والتعاون هو توحيد الكلمة مابين الطوائف والقوميات العراقية وبالخصوص بين السنة والشيعة، ونظمت ندوات للشعراء والخطباء من كلا الطائفتين الذين أكدوا في قصائدهم على ضرورة الأتحاد تحت راية الإسلام.

ومن أبرز تلك القصائد هي قصيدة الشاعر محمد حبيب العبيدي وكان من أبناء السنة حيث قال في مطلعها:

لا تقل جعفرية حنفية
 

 

لا تقل شافعية زيدية
 

جمعتنا الشريعة الأحمدية
 

 

وهي تأبى الوصاية الغربية ([67])
 

 

كما سعى الشيخ الشيرازي للكشف عن تزوير الاستفتاء من خلال مراسلة الحكومة الأمريكية، التي ضغطت عبر مبادئ الرئيس الأمريكي ويلسن، لمنح الاستقلال للبلدان التي كانت خاضعة للدولة العثمانية. والتي روج لها من قبل الحركات الوطنية في العراق خلال مرحلة الاستفتاء ([68]).

وبتاريخ 13شباط كتب الشيخ الشيرازي، رسالة أرسلها إلى السفير الأمريكي في طهران، ذكره فيها بالمبادئ التي أعلنتها الولايات المتحدة وخصوصاً بند (تقرير المصير) طالباً منه المساعدة في تشكيل حكومة عربية إسلامية ووصف له حال العراقيين بالقول ".... ولا يخفى عليكم إن كل أمة مطوقة بالقوانين العسكرية المحتلة من كل الجوانب لا تجد أمامها مجالاً حراً للتعبير عن آرائها في الحرية والاستقلال .... ". وبين الشيرازي في رسالته، إن البريطانيين يخدعون الرأي العام بعناوين الحرية، كما أضاف بان بعض الأشخاص الذين صوتوا لبقاء بريطانيا كان بسبب خوفهم على حياتهم وعبر عن هذه الحقيقة بقوله ".... وإذا ظهر منهم (أي بعض الأشخاص) فأنه لا شك منبعث عن الظروف القاسية المحيطة بهذه البلاد ".

كما جدد الشيرازي في نهاية الرسالة دعوته إلى الحكومة الأمريكية للتدخل لمساعدة الشعب العراقي على تحقيق طموحاته وفي الشهر ذاته عام 1919م، أرسل كل من الشيخ الشيرازي وشيخ الشريعة الأصفهاني ([69]).رسالة إلى الرئيس الأمريكي ويلسن تضمنت المطالب ذاتها في الرسالة الأولى التي تم إرسالها إلى السفير الأمريكي في طهران، وأضافوا إليها أن بريطانيا إذا أرادت الحماية أو الأنتداب على العراق فعليها أن تأخذ رأي المجلس الوطني المنتخب. وكانت هذه الرسالة لا تخلوا من التعابير المنمقة حيث كانت خاتمتها قد صيغت بأسلوب دبلوماسي بالقول إلى الرئيس الأمريكي " ويكون لكم الذكر الخالد في التاريخ ومدنيته الحديثة.... " ([70]).

وفيما يخص سبب مراسلة الشيرازي لأمريكا من دون باقي الدول الكبرى آنذاك ربما يعود لأسباب عدة، منها هو إعلان الرئيس الأمريكي لمبدأ حق تقرير المصير والثاني، كونها لم تكن دولة أستعمارية كبريطانيا وفرنسا آنذاك. والثالث هو تأثير أمريكا على بريطانيا بسبب تنامي قدرات الولايات المتحدة عسكرياً واقتصادياً في تلك المرحلة، الذي جعل السياسيين البريطانيين يعتقدون بإمكانية ظهورها بقوة على المسرح السياسي الدولي والتي من شأنها أن تؤثر على القدرات البريطانية.

إلا إ ن الولايات المتحدة لم ترد على رسالتي الشيخ الشيرازي والأصفهاني بشكل مباشر لأن اللجنة الأمريكية التي أرسلت إلا سوريا لأخذ رأي السوريين حول الاستقلال أو الانتداب وهي لجنة (كنج – كراين([71])) قررت تمديد عملها ليشمل العراق أيضاً بعد سوريا ويظهر ذلك جلياً من مضمون الرسالة التي أرسلها جعفر العسكري([72])،الذي كان موجوداً في سوريا إلى الشيرازي، حيث بين العسكري في رسالته عمل اللجنة الأمريكية في سوريا بقوله (الوفد حر بحركاته سار على منهج قويم يلائم مصالح الشعوب تقتفي أثار الحقوق بكل إنصاف مانح حرية اللسان والضمير....) ([73]).

إلا أن تلك اللجنة لم تصل إلى العراق ولم يعرف سبب ذلك، ولكن من المحتمل أن يكون لبريطانيا دور معرقل، عن طريق الضغط على الولايات المتحدة، خصوصاً في حال ظهور رغبة العراقيين، وطلب المساعدة الفنية والاقتصادية من أمريكا حصراً، وبهذا تكون بريطانيا قد خسرت كل شيء لها في العراق، بعد أن تكبدت خسائر بشرية ومادية كبيرة حتى تمكنت من السيطرة عليه ([74]).

وتسبب عدم قدوم اللجنة إلى العراق، بامتعاض شعبي داخل العراق، فتم تنظيم عدة مضابط وعرائض وأرسالها إلى الشريف حسين بن علي (ملك الحجاز) ليسلمها بدوره إلى اللجنة الأمريكية. وكان من أبرز تلك المضابط، مضبطة كربلاء التي أعدها الشيخ الشيرازي وتم الاتفاق على اختيار الشيخ (محمد رضا الشبيبي)، لإيصالها إلى الحجاز ([75]). فغادر الشبيبي النجف في تموز 1919، ووصل الحجاز بعد شهر وأهم ما تضمنته هذه العرائض هو التذكير بمبادئ الرئيس الأمريكي ويلسن مثل (حق تقرير المصير).

قرر الشريف حسين بن علي في 17آب 1919، بكتابه إلى الشيخ الشيرازي، وأهم ما ورد فيه هو قوله "... تلقينا محرركم الكريم وطيه صور إفاداتكم للجنة وعلم آمال الجميع وأني بعنايته تعالى سأبذل كل ما في وسعي لحصول رغباتكم... " ([76]).

كان وصول هذا الكتاب إلى كربلاء، بوقت حرج للغاية حيث تنصلت دول الحلفاء عن مقدرات ومقترحات اللجنة الأمريكية التي زارت سوريا، فضلاً على نفي أعضاء الجمعية الوطنية الإسلامية إلى الهند.

2.المساعي البريطانية لاستمالة الشيخ محمد تقي الشيرازي:

بعد وفاة المرجع الديني الأعلى في النجف السيد محمد كاظم اليزدي في 30 نيسان 1919، أصبح الشيخ محمد تقي الشيرازي هو المرجع الديني الأعلى فضلاً عن مرجعيته السياسية بأصداره الفتاوى السياسية وتأسيسه ودعمه للجمعيات السياسية الوطنية في العراق ([77]).

فقد تحرك البريطانيون سياسياً باتجاه الشيرازي، محاولين استمالته بطريقتين الترغيب، والترهيب.

لذا حاول البريطانيون، استغلال حادثة وفاة السيد اليزدي للتقرب من الشيخ الشيرازي فأرسل قائم مقام نائب الحاكم الملكي في العراق (هاول) برقية تعزية إلى الشيخ الشيرازي بتاريخ 5آيار 1919، فتضمنت هذه البرقية أشكال من المدح والثناء للشيخ الشيرازي ورجال الدين الآخرين ([78]).

وقد ورد فيها "..... نسأل الله أن يتغمد الراحل الكريم برضوانه ويسكنه فسيح جناته وأن يعوضنا بكم خيراً،ونطلب من المولى عز وجل أن يطيل بقائكم ويسعد أيامك ويعلي قدركم...." ([79]).

ولا يوجد أي رد للشيخ الشيرازي على هذه البرقية ([80]). إلا أن البريطانيين، قاموا بمحاولة اخرى لكسب الشيرازي إلى جانبهم ففي حزيران 1919م، ذهب إلى كربلاء نائب الحاكم المدني للعراق (ويلسن) بنفسه للقاء الشيرازي حيث كان ويلسن يجيد اللغة الفارسية فأخذ يتحدث بها فبدأ بأثارة الطائفية مع الشيرازي، حينما طلب منه أن يعين رجلاً شيعياً ليكون كليداراً في مراقد الأئمة في سامراء بدلاً عن الكليدار السني، ظناً بأن الشيرازي سيوافق على هذا المقترح كونه شيعياً.

إلا أن الشيرازي رفض ذلك راداً عليه بقوله ((لا فرق عندي بين السني والشيعي إن الكليدار الموجود رجل طيب ولا أوافق على عزله))، بعدها حاول ويلسن كسب موافقة الشيرازي على المعاهدة التي كانت بريطانيا تسعى لعقدها مع إيران ـ فضلاً عن طلبه التدخل لوقف المقاومة المسلحة التي كانت تبديها القبائل الإيرانية المتواجدة جنوب إيران، ضد القوات البريطانية، إلا انه فشل في هاتين المحاولتين أيضاً ([81]).

وبعد فشل جميع أساليب الترغيب التي أنتهجها البريطانيون مع الشيرازي، انتقلوا إلى أسلوب الترهيب، حيث قامت السلطات البريطانية باعتقال  ستة أعضاء بارزين من الجمعية الوطنية الإسلامية، في 2آب 1919، وتم نفيهم إلى الهند ([82]).

فقد كتب الشيرازي، رسالة احتجاج إلى ويلسن في 5آب 1919م، طالباً منه أخلاء سبيلهم وواصفاً أياهم بأنهم لم يفعلوا شيئاً سوى المطالبة السياسية بحقوق البلاد المشروعة، إلا أن ويلسن رفض مطلب الشيرازي واصفاً إياهم بالمشاغبين.

لذا قرر الشيرازي مواجهة هذا التحدي عن طريق التهديد بالهجرة إلى إيران لكي يفتي بالجهاد من هناك ضد البريطانيين ([83]).يتضح من ذلك بأن الشيرازي أختار إيران ليس لكونه البلد الذي ولد فيه وإنما بريطانيا كانت على وشك إبرام معاهدة مع إيران، تحصل بموجبها على امتيازات ومصالح اقتصادية وعسكرية كبيرة في إيران، وبالتالي هجرته إلى إيران وإعلان الجهاد من هناك يعني نسف كل الجهود الرامية لأبرام تلك المعاهدة.

كما إن الشيرازي أراد من وراء ذلك أن يوجه رسالة إلى بريطانيا بأنه قادر على نسف مصالحها في العراق، وإيران ([84]).

وربما كان عزم الشيرازي بالهجرة إلى إيران هو الذي عجل من توقيع رئيس وزراء إيران (وثوق الدولة).

المعاهدة في 9 آب 1919، فضلاً عن إشارة المصادر التأريخية إلى الرسالة التي أرسلها الشيرازي وعلماء أخرين إلى رئيس الوزراء الإيراني احتجاجاً على إبرام تلك المعاهدة وقد تضمنت تحذيراً شديد اللهجة إلى وثوق الدولة، "... وإلا تصدينا للتخلص من هذه المعاهدة المشبوهة بكل ما يمكننا من القوى حتى يظهر للعالم بأسرة أن المسلمين يستطيعون أن يكسروا طوق العبودية والرقية ولا يصبرون على الذل والهوان " ([85]).

ولا شك بأن هذه الرسالة كان لها الأثر الكبير على مسرح الأحداث السياسية، حينما أضطر (وثوق الدولة) إلى الاستقالة من منصبه في ربيع 1920 وإلغاء المعاهدة فيما بعد.

فقد وصلت العديد من رسائل الدعم والتأييد لموقف الشيخ الشيرازي من علماء الكاظمية فضلاً عن وصول العديد من الوفود إلى كربلاء، دعماً لموقف الشيرازي، عندما علمت بعزمه على الهجرة إلى إيران ([86]).

أمام هذه التطورات قامت بريطانيا، بمناورة سياسية وفأرسل ويلسن، بيد معتمده (محمد حسين خان الكابولي) مبلغاً كبيراً من المال إلى الشيرازي، وقد رفضها الشيرازي بكل أنفة وإباء ([87]).

فضلاً عن نقل حاكم كربلاء الميجر (بوفل) إلى قضاء طويريج وعين بدلاً عنه (محمد خان بهادر) الملقب الميرزا محمد البوشهري) ورغم تلك الخطوات التي أجرتها بريطانيا، إلا أن الشيخ لم يغير موقفه وإصراره على إطلاق سراح المنفيين عند ذلك اضطرت السلطات البريطانية إلى التنازل عن قرارها السابق، وإفراجها عن المبعدين في كانون الأول 1919م، وكان هذا انتصارا سياسياً حققه الشيرازي على السلطات البريطانية.

الخاتمة

يتضح مما سبق إن الشيخ محمد تقي الشيرازي، لم يكن معبراً عن انتمائه لبلده الذي ولد فيه وهو (إيران)، بل كان يقف وينتصر إلى جميع المسلمين الذين يتعرضون إلى الظلم في مختلف البلدان، سواء كان ذلك في العراق و إيران أوغيرهما، وكان يتعامل مع جميع الطوائف الإسلامية، على قدم المساواة، مما يعكس صفة المواطنة لا صفة الطائفة أو العنصر.

ورغم كونه رجلاً فارسياً، إلا أن تطلعاته وميوله كانت تتجه بشكل واضح نحو الإشادة بالقومية العربية، والسعي لتحقيق الوحدة العربية الإسلامية الصحيحة، ويتبين ذلك من خلال الأهداف والشعارات التي تنادي بها، الجمعية الوطنية الإسلامية التي كانت تنهل من أوامر وتوجيهات الشيخ الشيرازي، هذا فضلاً عن مكاتباته ورسائله التي أرسلها إلى الشريف حسين في الحجاز، وقد تكثر فيها كلمات العروبة، والوحدة العربية، وقد كان الشيخ الشيرازي، سياسياً بارعاً، في خوض غمار السياسة في داخل العراق وخارجه، حيث استطاع الضغط على البريطانيين بشكل واضح ومؤثر، ابتدأً من المضابط التي وقعها مع أبناء النجف وكربلاء، والتي طالبت السلطات البريطانية، بمنح حقوق الشعب العراقي، وتفويت الفرصة على البريطانيين من تمرير مشروع الاستفتاء المزيف الذي كان يصبوا إليه البريطانيين بجعله مضلة تجيز شرعية الحكم البريطاني المباشر في العراق.

وموقف الشيخ الشيرازي بتحريض الشارع الإيراني على رفض المعاهدة (الإيرانية – البريطانية)، المعقودة عام 1919، مما تسبب في إلغائها فيما بعد، فضلاً عن مراسلة الشيخ الشيرازي الرئيس الأمريكي ويلسن، حيث كان يعتقد إمكانية استغلال نفوذ الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة والتي رفعت آنذاك شعار حق تقرير المصير، من أجل الضغط على بريطانيا، كل تلك الأساليب السياسية شكلت بمجموعها إرباكاً حقيقياً للبريطانيين، مما دفعهم إلى السعي إلى محاباة وكسب ود الشيخ الشيرازي، إلى جانبهم، محاولين استرضائه، إلا أنهم لم ينالوا مبتغاهم. 

المصادر

1. الرسائل الجامعية:

  1. رزاق كردي، تاريخ كربلاء للفترة 1914،1921، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة إلى معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا، (بغداد - 2000).
  2. صالح عباس ناصر، عبد الواحد الحاج سكر ودوره الوطني في تاريخ العراق المعاصر حتى عام 1956، رسالة ماجستير غير منشورة، مقدمة على معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا، (بغداد – 2003م).
  3. علاء عباس نعمة، محمد تقي الشيرازي الحائري ودوره السياسي في مرحلة الاحتلال البريطاني للعراق (1918،1920)، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية التربية،(جامعة بابل - 2005).

2.المصادر العربية والمعربة:

  1. إبراهيم الوائلي، ثورة العشرين في الشعر العراقي، (بغداد - 1968).
  2. جعفر الشيخ باقر محبوبة، ماضي النجف وحاضرها، الجزء الأول، الطبعة الثانية، مطبعة الآداب،(النجف - 1958).
  3. جير تروذ لوثيان بيل، العراق في رسائل المس بيل، ترجمة، جعفر الخياط، (بغداد - 1971).
  4. حسن الأسدي، ثورة النجف على الإنكليز، دار الحرية للطباعة، (بغداد - 1975).
  5. حسن شبر، تاريخ العراق السياسي المعاصر، العمل الحزبي في العراق 1908،1958، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار التراث العربي، (بيروت -1989).
  6. سلمان هادي الطعمة، تراث كربلاء، الطبعة الثانية، (بيروت - 1983).
  7. سلمان هادي الطعمة، كربلاء من ثورة العشرين، الطبعة الأولى، بيسان للنشر والتوزيع والإعلام، (بيروت- 2000).
  8. شهاب الدين المرعشي، الإجازة الكبيرة، (رقم - 1993).
  9. عباس محمد كاظم، ثورة الخامس عشر من شعبان (ثورة العشرين)، الطبعة الأولى، بلا دار طبع،(د.م - 1984).
  10. عبد الحليم الرهيمي، تاريخ الحركة الإسلامية في العراق، الجذور الفكرية والواقع التاريخي 1900،1924، الدار العالمية، (بيروت -1985)م.
  11. عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، الطبعة الثانية، مطبعة العرفان، صيدا، (لبنان - 1972).
  12. ــــــ، تاريخ العراق السياسي الحديث، الجزء الأول، مطبعة العرفان، صيدا،(لبنان، 1948).
  13. عبد الرزاق الوهاب، كربلاء في التاريخ، الجزء الثالث، مطبعة الشعب، (بغداد- 1935).
  14. عبد الرزاق محمد أسود، موسوعة العراق السياسية، المجلد 3،(د.م- د.ت).
  15. عبد الله فهد النفيسي، دور الشيعة في تطور  العراق السياسي الحديث، (بيروت- 1973).
  16. عبد الله فياض، الثورة العراقية الكبرى، سنة 1920، الطبعة الثانية، (بغداد –1975)،ص237-238.
  17. عبد الشهيد الياسري، البطولة في ثورة العشرين، مطبعة النعمان، (النجف - 1966)، ص116.
  18. علاء جاسم محمد، جعفر العسكري ودوره السياسي والعسكري في تاريخ العراق حتى عام 1936، الطبعة الأولى، منشورات مكتبة اليقظة العربية، (بغداد- 1987).
  19. علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، الجزء الخامس، القسم الأول، مطبعة المعارف، (بغداد - 1977).
  20. غسان العطية، العراق نشأة الدولة 1908، 1921، دار الإعلام، (لندن - 1988).
  21. فريق المزهر الفرعون، الحقائق الناصعة في الثورة العراقية في 1920 ونتائجها، الطبعة الثانية، مطبعة النجاح، (بغداد - 1995).
  22. فؤاد قزانجي، العراق في الوثائق البريطانية (1905-1930)، تقديم ومراجعة عبد الرزاق الحسني، (بغداد –1989).
  23. فيليب ويلارد أيرلاند  العراق دراسة في تطوره السياسي، ترجمة جعفر الخياط، دار الكشاف، (بيروت - 1949).
  24. كارل بروكلمان، تاريخ الشعوب الإسلامية، الدول الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى، ترجمة نبيه أمين فارس، الطبعة الثانية، دار العلم للملايين، (بيروت - 1956).
  25. مجيد خدوري، نظام الحكم في العراق، مطبعة المعارف، (بغداد - 1946).
  26. محمد حرز الدين، معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء، ج1، ج3، (النجف – 1964).
  27. محمد علي كامل الدين، ثورة العشرين في ذكراها الخمسين – معلومات ومشاهدات، (النجف - 1971).
  28. محمد مهدي البصير، تاريخ اليقظة العراقية، الجزء الأول، مطبعة الفلاح، (بغداد - 1924).
  29. نجيب الأرماتزي، محاضرات عن سوريا من الاحتلال حتى الجلاء، مطابع الكتاب العربي، (مصر – 1954).
  30. نور الدين الشهرودي، أسرة المجدد الشيرازي، (طهران - 1991).
  31. وميض جمال عمر نظمي، ثورة 1920  الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة القومية العربية (الاستقلالية) في العراق، الطبعة الأولى، (بيروت- 1984).

 

 

 

([1]) مودروس: حيث أن الخلفاء خسروا حليفاً في الشرق بعد انسحاب روسيا بعد ثورة اكتوبر الاشتراكية 1917، إلا أنهم اكتسبوا حليفاً قوياً من الغرب وهو الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أنضمت دول أخرى إلى جانب الحلفاء حيث أًبح عددها ثلاث وعشرين دولة، وقد أخذت الخسائر تتوالى على الأمان والمدد الأمريكي يزداد في صفوف الحلفاء ولذا اضطرت المانيا إلى طلب الصلح وتم عقد الهدنة وبذلك أنتهت الحرب، ناهدة حسين علي جعفر، المصدر السابق، ص58.

([2]) رزاق كردي، تاريخ كربلاء بين عامي 1914-1921م، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة إلى معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا، بغداد،ص5، حسن شبر، تاريخ العراق السياسي المعاصر، العمل الحزبي في العراق، 1908-1958، ص228-229، (بيروت – 1989)، ص128.

([3]) عباس محمد كاظم، ثورة الخامس عشر من شعبان (ثورة العشرين)،الطبعة الأولى، (د.م-1984)، ص288-229.

([4]) المصدر نفسه، ص229.

([5]) عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، الطبعة الثانية، مطبعة العرفان، صيدا، (لبنان- 1972)، ص34.

([6]) جيرترود لوثيان بيل، العراق في رسائل المس بيل، ترجمة جعفر الخياط، بغداد، 1971، ص386، وميض جمال عمر نظمي،ثورة 1920، الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة القومية العربية، الاستقلالية في العراق، الطبعة الأولى، (بيروت – 1984)، ص297.

([7]) أرنولد ويلسن (1884-1940) عسكري وسياسي بريطاني قدم مع الحملة العسكرية البريطانية إلى العراق عام 1914، تحت أمرة المقدم بيرسي كوكس، وكان ويلسن آنذاك ضابط برتبة نقيب، ثم عين حاكماً عاماً بالوكالة بعد استدعاء بيرسي كوكس وتعينه سفيراً في طهران. أتهمته الصحافة البريطانية بأنه يسعى إلى (تهنيد) العراق أي جعله تابعاً إلى الهند، قتل ويلسن خلال الحرب العالمية الثانية أثناء إدائه للخدمة العسكرية في القوة الجوية البيرطانية للتفاصيل ينظر: فؤاد قزانجي، العراق في الوثائق البيرطانية (1905-1930)، تقديم ومراجعة عبد الرزاق الحسني، (بغداد – 1989)،ص26.

([8]) علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، ج5، القسم الأول، مطبعة المعارف، دار الإعلام، (بغداد – 1977)، ص68.

([9]) السيد اليزدي: هو المجتهد محمد كاظم بن السيد عبد العظيم اليزدي، فقيه الأمامية ومرجعها الأعلى ولد عم 1831م، وهو صاحب الموسوعة الفقهية (العروة الوثقى) توفي عام 1919م، للتفاصيل ينظر: محمد حرز الدين، معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء، ج1،(النجف – 1964)، ص276- 282.

([10]) غسان العطية، العراق نشأة الدولة 1908- 1921، ترجمة عطا عبد الوهاب، (لندن –1988)، ص255.

([11]) حسن شبر، تاريخ العراق السياسي المعاصر، العمل الحزبي في العراق،1908 – 1958، ج1، (بيروت- 1989)، ص181.

([12]) عبد الرزاق الحسيني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص41.

([13]) عبد الواحد الحاج سكر: هو أحد زعماء العشائر الذين اتسموا بالروح الوطنية لمناهضة الاستعمار البريطاني للتفاصيل ينظر: صالح عباس ناصر، عبد الواحد الحاج سكر ودوره الوطني في تاريخ العراق المعاصر حتى عام 1956م، رسالة ما جستير غير منشورة، مقدمة إلى معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا، (بغداد- 2003م).

([14]) علاء عباس نعمة، محمد تقي الشيرازي ودوره السياسي، 1918- 1919 رسالة ماجشتير غير منشورة، مقدمة إلى مجلس كلية التربية، جامعة بابل، 2005، ص51.

([15]) جعفر الشيخ باقر محبوبة، ماضي النجف وحاضرها، الجزء الأول، الطبعة الثانية، مطبعة الآداب،(النجف -1958)، ص258.

([16]) محمد مهدي البصير، تاريخ القضية العراقية،الجزء الأول، مطبعة الفلاح ،(بغداد- 1924)، ص82-84.

([17]) فريق مزهر الفرعون، الحقائق الناصعة في الثورة العراقية في 1920 ونتائجها، الطبعة الثانية، مطبعة النجاح، (بغداد -1995)، ص76.

([18]) عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص236.

([19]) عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص42.

([20]) عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص237.

([21]) عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص43.

([22]) عبد الرزاق الوهاب، كربلاء في التاريخ، الجزء الثالث، مطبع ة الشعب، (بغداد- 1935)، ص43؛ عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص34.

([23]) فيليب، وديلارد إيرلاند، العراق، دراسة في تطوره السياسي؛ ترجمة جعرف الخياط، دار الكشاف، (بيروت- 1949)، ص125-126.

([24]) رزاق كردي، المصدر السابق، ص84.

([25]) عبد الله فهد النفيسي، دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث،(بيروت-1973)، ص119.

([26]) عبد الرزاق محمد أسود، موسوعة العراق السياسية، مجلد 2، ص203.

([27]) حسن الأسدي، ثورة النجف على الإنكليز، (بغداد – 1975)، ص366.

([28]) فريق مزهر الفرعون، المصدر السابق، ص80؛ رزاق كردي، المصدر السابق، ص42.

([29]) عبد الرزاق الوهاب، المصدر السابق، ص42.

([30]) المصدر نفسه، ص42.

([31]) السيد عبد الوهاب: هو أحد العناصر الوطنية الذي اعترض عندما عرض الميجر تيلر الأسئلة الثلاثة التي تدور حول الاستفتاء بقوله أن اللجنة لا تمثل كربلاء تمثيلاً كافياً ينظر: رزاق كردي، المصدر السابق، ص85.

([32]) عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص34.

([33]) علي الوردي، المصدر السابق، ص75.

([34]) عبد الرزاق الوهاب، المصدر السابق، ص48-49؛ عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص34؛ عبد الشهيد الياسري، البطولة في ثورة العشرين،مطبعة النعمان، (النجف – 1966)، ص116.

([35]) علاء عباس نعمة، المصدر السابق، ص56.

([36]) عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص239.

([37]) كانت كربلاء تتبع أدرارياً إلى مدينة الحلة آنذاك.

([38]) يمكن الأطلاع على نص المضطبة ينظر: عبد الرزاق الوهاب، المصدر السابق، ص52-53؛ علي الوردي، المصدر السابق، ج5، القسم الأول، ص76.

([39]) حسن شبر، المصدر السابق، ص189، علاء عباس نعمة، المصدر السابق، 58.

([40]) محمد رضا الشبيبي (1889-1965): هو أحد افراد عائلة الشبيبي النجفية المعروفة ويعد أهم رجالات الفكر الأدبي والسياسي والعلمي، وهو صاحب المذكرات الحقيقية عن ثورة 1920، تسلم منصب وزارة المعارف في سنة 1935وسنة 1948، وعين رئيساً للمجمع العلمي العراقي 1952، للتفاصيل ينظر: علك عبد شناوة، محمد رضا الشبيبي ودوره الفكري والسياسي حتى عام 1932، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الآداب، (جامعة بغداد – 1992).

([41]) عبد الرزاق الوهاب،المصدر السابق، ص53.

([42]) عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، ص30؛ رزاق كردي، المصدر السابق، ص89.

([43])عبد الرزاق الوهاب، المصدر السابق، ص54.

([44]) نور الدين الشهروردي، اسرة المجدد الشيرازي،(طهران -1991).

([45]) مهدي الخالصي (1859-1924م): ولد في مدينة الكاظمية ونشأ فيها، وقرأ بعض مقدمات العلوم في النجف الأشرف ثم عاد إلى مدينته، وأكمل فيها دراسته حتى أصبح أحد رجال الدين البارزين وكان الساعد الأقوى والمفوض المعتمد للشيخ محمد تقي الشيرازي للتفاصيل ينظر: محمد حرز الدين، المصدر السابق، ج3، ص147-150.

([46]) علاء عباس نعمة، المصدر السابق، ص62.

([47]) رزاق كردي، المصدر السابق، ص89.

([48]) عبد الرزاق الوهاب، المصدر السابق، ص84.

([49]) عبد الرزاق الحسيني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص112.

([50]) عبد الرزاق الحسني، تاريخ العراق السياسي الحديث، المصدر السابق، ص112.

([51]) عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص92.

([52]) رزاق كردي، المصدر السابق، ص92.

([53]) الروبية عملة هندية مقدارها يساوي 75فلساً. رزاق كردي، المصدر السابق، ص93.

([54]) عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص92.

([55]) علاء عباس نعمة، المصدر السابق، ص67.

([56]) عباس محمد كاظم، المصد السابق، ص244.

([57]) سلمان هادي آل طعمة، تراث كربلاء، الطبعة الثانية، (النجف - 1964)،  ص398.

([58]) عبد الرزاق الوهاب، المصدر السابق، ص25؛ عبد الله فياض الثورة العراقية الكبرى سنة 1920، الطبعة الثانية، (بغداد - 1975)، ص237-238.

([59]) محمد علي كمال الدين، ثورة العشرين في ذكراها الخمسين، معلومات ومشاهدات عن الثورة العراقية الكبرى  لسنة 1920، تقديم علي الخاقاني، (النجف – 1971)، ص63-69.

([60]) عباس محمد كظم، المصدر السابق، ص245.

([61]) عبد الرزاق الوهاب، المصدر السابق، ص31

([62]) المصدر نفسه، ص32.

([63]) نور الدين الشهردوري، المصدر السابق، ص178.

([64]) عبد الرزاق الوهاب، المصدر السابق، ص34.

([65]) شهاب الدين المرعشي،الإجازة الكبيرة، رقم 1993، ص129.

([66]) عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص56-59.

([67]) إبراهيم الوائلي، ثورة العشرين في الشعر الراقي، بغداد، 1968، ص41.

([68]) علاء عباس نعمة، المصدر السابق، ص72.

([69]) نور الدين الشهردوري، المصدر السابق، ص192.

([70]) علاء عباس نعمة، المصدر السابق، ص73.

([71]) لجنة كنج كراين: سميت بهذا الأسم نسبة إلى رئيسها (تشارلس كراين) وعضوية أحد أعضائها المسى (هنري كنج)، وكانت لجنة أمريكية صرفة بعد أن اعترضت الأطراف الدولية الأخرى في المشاركة فيها، قررت الولايات المتحدة  ارسالها في 21آذار 1919، واستمرت في عملها في بلاد الشام لمدة ستة أشهر، ورفعت بعدها تقريرها إلى الرئيس الأمريكي (ويلسن) في أيلول 1919، والذي أوصت فيه بأستقلال سوريا الإداري الواسع، وضم فلسطين ولبنان إلى سوريا، كما أصوت اللجنة برفض الطلب الصهيوني في فلسطين، لكن انسحاب الولايات المتحدة من مؤتمر الصلح في باريس قبل نهاية السنة ومعارضته فرنسا لتوصيات اللجنة حال دون تطبيق مقترحاتها للتفاصيل ينظر: نجيب الأرمانزي محاضرات عن سوريا من الأحتلال حتى الجلاء، مطابع الكتاب العربي، (مصر – 1954)،ص6-8.

([72]) جعفر العسكري (1885-1936) ولد في بغداد، لقب لاعسكري نسبة إلى قرية عسكر العراقية القريبة من كركوك وهي القرية التي انتقل إليها جده الأكبر في القرن السادس عشر الميلادي، دخل العسكري المدرسة الحربية في الاستانة وتخرج منها سنة 1904، واصبح ضابطاً في الجيش العثماني برتبة ملازم ثان، شارك في الحرب العالمية الأولى في ليبيا إلى جانب السنوسيين ضد البيرطانيين، ثم أنضم إلى الجيش العربي بقيادة الشريف حسين 1917. عاد إلى العراق وأصبح وزيراً للدفاع في حكومة عبد الرحمن النقيب سنة 1920، ثم أصبح رئيساً للوزراء عام 1923، استمر بشغله المناصب الحكومية حتى مقتله في الأنقلاب الذي قاده الفريق (بكر صدقي)في العرق في 29 تشرين تشرين الأول 1936، للتفاصيل ينظر: مذكرات العسكري، تحقيق وتقديم نجدة فتحي، دار اللام، (لندن- 1988)؛ علاء جاسم محمد، جعفر العسكري ودوره السياسي والعسكري في تاريخ العراق حتى عام 1936، الطبعة الأولى، ص64.

([73]) للمزيد أنظر التفاصيل ينظر: علاء جاسم محمد، الموفد العسكري ودوره السياسي والعسكري في تاريخ العراق حتى عام 1936، الطبعة الأولى، منشورات مكتبة اليقظة العربية، (بغداد- 1987).

([74]) علاء عباس نعمة، المصدر السابق، ص74.

([75]) عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص90-91.

([76]) عبد الرزاق الوهاب، المصدر السابق، ص75-76؛ هادي الظعمة،كربلاء في ثورة العشرين، ص31،32.

([77]) عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص101؛ رزاق كردي، المصدر السابق، ص109.

([78]) علاء عباس نعمة، المصدر السابق، ص76.

([79]) عبد الرزاق الوهاب، المصدر السابق، ص57-58.

([80]) علاء عباس نعمة،المصدر السابق، ص77.

([81]) علي الوردي، المصدر السابق، ج5، ص65؛ نور الدين الشهرودي، المصدر السابق، ص204.

([82]) للمزيد من التفاصيل ينظر: عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص88.

([83]) عباس محمد كاظم، المصدر السابق، ص467.

([84]) علاء عباس، علاء عباس نعمة، المصدر السابق، ص78.

([85]) المصدر السابق نفسه، ص79.

([86])عبد الرزاق عبد الوهاب، المصدر السابق نفسه، ص85؛ علي الوردي، المصدر السابق نفسه، ج5، القسم الأول، ص108.

([87]) عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، المصدر السابق، ص90.