الباحث: فاضل جابر
تصنیف البحث: القانون
من صفحة: 96
إلى صفحة: 117
النص الكامل للبحث: PDF icon 4-5.pdf
خلاصة البحث:

هناك مقولة مشهورة بين الباحثين في التاريخ وهي "لا تاريخ بلا مصادر" اذ لا يمكن للباحث ان يكتب دون الرجوع إلى المصادر ليستقي منها المادة الأولية التي تزوده بالنصوص الكفيلة بكتابة متن البحث، فعملية كتابة التاريخ تقوم على المصادر، ولذلك اشترط على الباحث ان يتأكد من توافر مصادر كافية قبل الشروع في عملية البحث. والواقع ان عمل المؤرخ يختلف عما هو عليه عند الأديب، فالأخير يمكن ان يكتب القصص والروايات التاريخية اعتماداً على ذاكرته وخياله، أما المؤرخ فانه مقيد بضوابط وقواعد التوثيق، وذلك بإسناد كل ما يقتبسه من معلومات أولية عن الموضوع إلى مصادرها، ومهما نال الباحث من شهادة أكاديمية في حقل الدراسات التاريخية ومهما اتسعت شهرته، فان ذلك لا يمكنه من اخذ المعلومات دون توثيقها في الهامش، لان ذلك منافٍ لقواعد المنهج العلمي في دراسة التاريخ وكتابته، والمؤلفات التاريخية الحديثة التي لا تلتزم بالتوثيق لا يعتد بها.

البحث:

 

المقدمة

هناك مقولة مشهورة بين الباحثين في التاريخ وهي "لا تاريخ بلا مصادر" اذ لا يمكن للباحث ان يكتب دون الرجوع إلى المصادر ليستقي منها المادة الأولية التي تزوده بالنصوص الكفيلة بكتابة متن البحث، فعملية كتابة التاريخ تقوم على المصادر، ولذلك اشترط على الباحث ان يتأكد من توافر مصادر كافية قبل الشروع في عملية البحث. والواقع ان عمل المؤرخ يختلف عما هو عليه عند الأديب، فالأخير يمكن ان يكتب القصص والروايات التاريخية اعتماداً على ذاكرته وخياله، أما المؤرخ فانه مقيد بضوابط وقواعد التوثيق، وذلك بإسناد كل ما يقتبسه من معلومات أولية عن الموضوع إلى مصادرها، ومهما نال الباحث من شهادة أكاديمية في حقل الدراسات التاريخية ومهما اتسعت شهرته، فان ذلك لا يمكنه من اخذ المعلومات دون توثيقها في الهامش، لان ذلك منافٍ لقواعد المنهج العلمي في دراسة التاريخ وكتابته، والمؤلفات التاريخية الحديثة التي لا تلتزم بالتوثيق لا يعتد بها. ([1])

ولما كانت المصادر على هذه الدرجة من الأهمية لذا جاء هذا البحث للتعريف بمصادر التاريخ الإسلامي وأنواعها وكيفية الاعتماد عليها من قبل الباحثين، واقتضت مادة البحث ان يقسم إلى ثلاث نقاط هي: المصادر والمراجع في التاريخ الإسلامي، أنواع المصادر وبيان طرق الاعتماد عليها وهو أمر مهم لانه يوضح للباحث في مجال التاريخ الإسلامي كيفية استخدام المصادر ويسهل له طرق الوصول إليها بسهولة ويسر. وتطرق البحث الى الحديث عن بعض المؤرخين المسلمين وأهم إسهاماتهم في التدوين التاريخي. وكتب البحث بالاعتماد على العديد من المصادر والمراجع وهي مسطورة في نهاية البحث.

أولاً: المصادر والمراجع في التاريخ الإسلامي

ان الحديث عن مصادر التاريخ الإسلامي لا يمكن ان يستوفى أمره في هذا المختصر، فهي كثيرة ومتنوعة، وتنقسم إلى المصادر القديمة التي ألفها المؤرخون المسلمون الذين ينتمون إلى العصور الإسلامية، ويمكن ان نطلق عليها اسم "المصادر" وهناك المصادر الحديثة التي ألفها الباحثون العرب والأجانب معتمدين في كتابتها على المادة الأولية المستقاة من المصادر القديمة وهذا النوع من المصادر يمكن ان نطلق عليه اسم "المراجع".

والنوع الأول "المصادر" كثيرة ومتنوعة على الرغم من الأعداد الكبيرة التي فقدت منها عبر الزمن، وتنقسم المصادر تبعاً لما تحتويه من مادة تاريخية إلى مصادر أولية ومصادر ثانوية([2])، والأساس الذي يحدد هذا التقسيم هو الفترة الزمنية التي يعالجها الموضوع الذي يدرسه الباحث فكتابات الواقدي(ت207هـ) عن الفتوحات العربية الإسلامية في العصر الأموي تعد مصدراً أولياً، أما ما كتبه ابن الجوزي(ت597هـ) عن الموضوع ذاته في كتابه "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" فلا يمكن ان يكون كذلك،

الا في حالة كونه "أي المؤرخ المتأخر زمانياً عن الأحداث المراد البحث فيها" قد اطلع على كتب فقدت ولم تعد في حيز الوجود حالياً ونقل منها وجاء بروايات مختلفة لما جاء به الواقدي، فعند ذاك يمكن الاعتماد عليها وعدها مصدراً أولياً.

ان المصدر القديم يعد مصدراً أولياً يعتد به أكثر من غيره في حالة كون المؤلف معاصراً زمانياً وقريباً من حيث المكان لأحداث الموضوع الذي يبحث فيه وشخصياته، فاذا كان الموضوع يتناول مثلاً حدثاً تاريخياً وقع في العراق في القرن الثالث الهجري، فان المصدر الأولي المثالي في هذه الحالة هو كتابات اليعقوبي(ت284هـ) ومن على مثاله أو قريب منه. وكثيراً ما تثار ملاحظات سلبية في مناقشات طلبة الدراسات العليا في التاريخ الإسلامي، حينما يعتقدون ان كل مصدر قديم بمثابة مصدر أولي، فتجد بعضهم ينقل نصاً عن تاريخ واسط في القرن الثاني الهجري من كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير الدمشقي(ت774هـ) فالمصدر هنا قديم، ولكنه بعيد جداً مكاناً وزماناً عن الموضوع، لذا لا يعد مصدراً أولياً.

ان المؤرخ الذي يشاهد الحدث بأم عينيه تكون رواياته أرجح من معاصره الذي ينقل الاخبار مشافهة عن طريق السماع، أما كيفية معرفة ذلك فعن طريق المصطلحات التي ذكرها المؤرخ قبل كتابة خبر الحدث مثل: "أخبرنا" "سمعت"، "رأيت". ويرى فرانز روزنثال ان أهمية "أي تاريخ إسلامي كمصدر تاريخي يقررها قدمه وقربه من الحوادث التي يصفها أو استخدامه لكتب مفقودة قديمة أو قربه من المعاصرة"([3]) ونضيف إلى ذلك ان المؤرخ لا يكفي ان يكون معاصراً لتعتمد كتاباته بوصفها مصدراً أولياً، مالم يتمتع بالثقة والمصداقية واعتماده على مشاهدة الأحداث عياناً او سماع أخبارها عن أناس اشتركوا فيها او شاهدوها. ان قيمة الاخبار التي يدونها المؤرخ مشاهدة تكمن في انه سينفرد بذكرها على الأغلب، قال المسعودي(ت364هـ) في وصفه لكتاب "الاوراق في أخبار الخلفاء" للصولي(ت335هـ) انه ذكر فيه "غرائب لم تقع لغيره وأشياء تفرد بها لانه شاهدها بنفسه"([4]). ان معرفة سنة وفاة المؤرخ وموطنه الأصلي والمناطق التي رحل إليها أو استقر بها لمدد معينة يعد أمراً ضرورياً للباحث، لانه من خلال ذلك سيعرف ما إذا كان من أصحاب المصادر الأولية أم لا، وذلك من خلال مقارنة تلك المعلومات مع الأحداث التي يتناولها بالبحث والدراسة.

وهناك بعض الباحثين يعتمدون المصادر المتخصصة في تدوين أخبار مدينة ما أو تراجم لأشخاص يشتركون بصفة معينة، تصلح لان تكون مصدراً اولياً بجميع ما تحويه من معلومات، وهذا أمر فيه نظر، فكتاب "تاريخ مكة" للفاسي(ت832هـ) لا يصلح ان يكون مصدراً اولياً لأخبارها في القرنين الأول والثاني الهجريين لانه بعيد جداً، فضلاً عن انه نقل من مصادر أخرى اقرب من حيث الزمان والمكان، كما ان "تاريخ الخلفاء" لجلال الدين السيوطي(ت911هـ) يعد مصدراً أولياً لأخبار خلفاء بني العباس في مصر المعاصرين للمؤلف، ولكنه لا يعد كذلك لأخبار خلفاء بني أمية او العباسيين في بغداد، على الرغم من انه خصص كتابه لتاريخ الخلفاء، اذ ان كتابات الطبري(ت310هـ) والمسعودي(ت364هـ) وابن الجوزي(ت597هـ) وابن الأثير(ت630هـ) هي المعول عليها والمقدمة على غيرها في اقتباس المعلومات.

وقد يطرح سؤال متى يصبح المصدر البعيد زماناً ومكاناً عن الأحداث مصدراً أولياً ؟ وللإجابة عن ذلك نقول انه ممكن في بعض الحالات منها عندما ينقل مؤلف ذلك الكتاب نصوصاً ومعلومات تاريخية تخص موضوع البحث عن مصدر أولي عاصر مؤلفه تلك الأحداث وكان قريباً من حيث مكان وقوعها، ومثال ذلك كتاب "العسجد المسبوك والجوهر المحكوك في طبقات الخلفاء والملوك" لمؤلفه اليماني الملك الأشرف الغساني(ت803هـ) الذي نقل فيه معلومات مهمة عن تاريخ العراق من كتاب ابن الساعي البغدادي(ت674هـ) الموسوم "الجامع المختصر"([5]). فكتابات ابن الساعي عن الأحداث التي عاصرها وكتب عنها في كتابه المفقود([6]) تعد معلومات أصلية ومصدرها أولي في هذه الحالة حتى وان نقلت

من قبل مؤلف يماني متأخر عنها، لان الكتاب الأصل قد فقد فحفظت من قبله وتزداد قيمة وأهمية هذه المعلومات، كلما قلت المصادر عن الموضوع.

أما المراجع، فتشمل دراسات الباحثين العرب والأجانب عن قضايا وأحداث وشخصيات التاريخ الإسلامي، معتمدين في تأليفها على كتابات المؤرخين القدامى التي يفترض ان تكون مصادر أولية. وتتفاوت قيمة المراجع تبعاً لجدية واصالة موضوع الدراسة وأهميته وما توصل إليه الباحث من نتائج ونوعية المصادر الأولية التي اعتمد عليها والطريقة التي اعتمدها في معالجة الموضوع. والذي يهمنا هنا ان نشير إلى ان فائدة هذه الكتب للباحث محددة بنقل الآراء المطروحة ووجهات النظر وما توصل إليه المؤلف من نتائج وكذا الحال للإحصاءات والجداول، أما الاعتماد عليها في اقتباس المعلومات الأولية فلا يصح ما دام مصدر تلك المعلومات متوافراً، أي بعبارة أخرى، إذا كان المرجع قد اعتمد على مصدر لم يعد متوفراً، وحوى معلومات أصلية لا تتوفر عنها مصادر أخرى عند ذاك يمكن الاعتماد في نقل المعلومة على المرجع مع الإشارة إلى مصدرها الذي نقل منه مؤلف المرجع، وعليه فان اعتماد الباحثين وطلبة الدراسات العليا على المراجع في اقتباس المعلومات دون التقيد بتلك القاعدة يعد ضعفاً منهجياً.

ومن المراجع ايضاً الدوريات وهي المطبوعات التي تصدر على فترات متعاقبة منتظمة تحوي معلومات مهمة لا غنى للباحث عنها، لانها تقوم بنشر آخر نتاجات الباحثين، لذا فان معلوماتها أحدث من معلومات الكتب في الغالب([7]) ولا سيما المجلات المتخصصة التي تتبنى إصدارها الجامعات ومراكز البحوث الأكاديمية، كالمجمع العلمي العراقي ومركز إحياء التراث ومركز دراسات الخليج العربي وغيرها.

أما المراجع التي تكتب بشكل عام عن أحداث التاريخ الإسلامي أو التاريخ الأوربي أو التاريخ القديم فان قيمتها أقل من قيمة الكتب المتخصصة والدوريات لأنها تكتب عن فترة طويلة ومساحة مكانية واسعة تضم أحداثاً كثيرة، وكل ذلك يؤثر على دقة المعلومات وتفصيلها، ومثال ذلك الكتب التي تحمل عنوان "تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر" أو "التاريخ الإسلامي" أو "تاريخ العالم القديم".

وقد يسأل سائل هنا هل ان هذا التقسيم مقتصر على مصادر التاريخ الإسلامي؟ والجواب لا، فان التاريخ الحديث والمعاصر له مصادر ومراجع ايضاً، فتاريخ العراق المعاصر مثلاً توجد عنه مصادر كثيرة غير ان بعضها لا يعد مصدراً أولياً، فكتابات عبد الرزاق الحسني عن نوري السعيد أحد شخصيات العهد الملكي تعد مصدراً أولياً، كونه قريب منه ومعاصر له، أما ما كتبه عبد الرزاق النصيري عن الشخصية ذاتها في رسالته للماجستير، فيعد مصدراً ثانوياً "مرجعاً" مهما نالت تلك الرسالة من شهرة علمية، والسبب هو اعتماد الأخير على كتابات الأول التي تحوي "المادة الأولية".

ان مصادر التاريخ الحديث والمعاصر المتخصصة في فترة زمنية محددة أو تناولت موضوعاً محدداً وواضحاً تعد أهم من تلك التي كتبت بشكل عام فالنص المأخوذ عن أحد وزراء العهد الملكي في العراق من كتاب "تاريخ الوزارات العراقية" هو أعلى قيمة من الناحية العلمية من نص آخر اخذ من كتاب في تاريخ العراق بشكل عام.

ثانياً: مصادر التاريخ الإسلامي وأنواعها

زخرت الحركة الفكرية في العصور الإسلامية بالكثير من المؤرخين الذين صنفوا كتباً في مختلف فروع الكتابة التاريخية، ولعل من المفيد أن نشير أنه من الصعب أن نجد أمة من الأمم عاصرت المسلمين وكانت أكثر اهتماماً أو نتاجاً في التدوين التاريخي، وقد تنبه على هذه الحقيقة بعض المؤرخين المسلمين المتأخرين، فألفوا في هذا الخصوص، ومن أشهرهم المؤرخ الناقد شمس الدين السخاوي صاحب كتاب "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" الذي حوى بين دفتيه عناوين مؤلفات العرب والمسلمين في التاريخ حتى عصره، قال فيه ان "كتب التواريخ أكثر من ان تحصى"([8]). ومن ينظر في هذا الكتاب وغيره سيدهش من كثرة تنوع الموضوعات التي ألف فيها المؤرخون المسلمون، إذ لم يغفلوا جانباً من جوانب النشاط الإنساني أو الأحداث الطبيعية إلا وأرخوا له، ومهما كانت بعض جوانب ذلك النشاط عند بعضهم ثانوية وغير ذات بال، لكن القارئ يشعر بمدى الثراء الفكري عند مؤرخي تلك العصور، والواقع ان الكتابة التاريخية شهدت تطوراً تدريجياً عبر الحقب التي مرت بها، وهذا التطور جاء نتيجة لهذا الاهتمام، فتشعبت كتابة التاريخ وتنوعت من حيث المحتوى. ان حديثنا عن مصادر التاريخ الإسلامي سينصب على التعريف بها وبما يمكن ان تقدمه للباحثين من معلومات وكيفية الاستفادة منها.

1- التاريخ العام:

صنف المؤرخون المسلمون كتباً تميز أغلبها بالضخامة أطلق عليها من قبل بعض الباحثين مصطلح "كتب التاريخ العام" لأنها حوت مادة تاريخية عن الأحداث منذ بدء الخليقة وحتى السنة التي يتوقف فيها المؤلف عن متابعة الكتابة وهي في الغالب قبل وفاته بمدة قصيرة ورتبت فيها الأحداث التاريخية التي وقعت قبل البعثة النبوية ترتيباً موضوعياً أو حسب تعاقب الأحداث، أما الفترة الإسلامية فقد اعتمد في تنظيمها حسب تعاقب السنين، وتعرف عند بعض الباحثين بالحوليات أو كما تسمى بالمصطلح الغربيchronicles وهي تسمية قد لا تصح على المادة التي حواها الكتاب عن أحداث الفترة قبل الإسلام، ولهذا فان التسمية الأصح هي الأولى، وذلك لان مصطلح التاريخ العام– ينسجم مع طبيعة المادة التي تضمنتها تلك الكتب وتنوعها إذ تشمل الجوانب السياسية والعسكرية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية وغرائب الأحداث ولكن بنسب متفاوتة من حيث حجم المادة المقدمة، فضلاً عن ذكر الوفيات لمشاهير الأشخاصوأغلبهم من الرجال.

ظهر النظام الحولي في تنظيم المادة التاريخية في أواخر القرن الثاني للهجرة على يد الهيثم بن عدي(ت207هـ) وذلك من خلال كتابه المفقود "التاريخ على السنين"([9]) ثم توالت المؤلفات وفقاً لهذا النظام ويعد "تاريخ الرسل والملوك" لمحمد بن جرير الطبري(ت310هـ) أول أضخم كتاب يصل الينا عن المؤرخين المسلمين في التاريخ العام، غير ان هناك الكثير ممن سبقوه في اتباع هذا المنهج، ثم تطورت هذه الطريقة على يد ابن الجوزي(ت579هـ) وابن الأثير(ت630هـ). أما فائدة هذا النوع من المؤلفات لباحث التاريخ فتتأتى من كونها تضم مجموعة كبيرة من الوثائق([10]) مثل الرسائل والمعاهدات والعهود بين الدول والحكام ولتميزها بغنى المادة التاريخية عن الأحداث، ولكن يجب الإشارة هنا ان ما صنفه المؤرخون المتأخرون في هذا النوع لا يعتمد كمصدراً أولياً عن الأحداث التي وقعت في القرون الإسلامية الأولى والمعول هنا بشكل أساس على ما كتبه المؤرخ من أخبار عن أحداث عصره.

أما كيفية اعتماد الباحث على هذا النوع، فذلك يتحدد ابتداءً من خلال موضوع البحث، فإذا كان البحث يتناول أحداث فترة زمنية معينة يستطيع الباحث الرجوع إلى هذه الكتب التي توفي مؤلفوها بعد تلك الفترة ومادامت مرتبة حسب السنين سهل عليه أمر الوصول إلى ضالته، وعليه هنا ان يتابع ما كتبه المؤرخ عن موضوعه في كل سنة لان بعض هذه الكتب تجزئ الحادثة فتذكر ما وقع منها في كل سنة من السنوات التي قطعتها. أما إذا كان موضوع البحث يدور حول شخصية تاريخية، فلا يكتف بالرجوع إلى ما تذكره هذه الكتب في سنة وفاته، فقد تذكره في الأحداث التي اشترك فيها في حياته لا سيما مع الشخصيات السياسية والعسكرية والإدارية، فعلى الباحث هنا ان يعود لما كتبته هذه المؤلفات خلال ذكرها لأحداث السنوات التي كتبت عنها.

2- كتب التراجم:

التراجم جمع ترجمة وهي سيرة مختصرة لشخص معين وهذه السيرة قد تطول وقد تقصر أو تكون بين هذه وذاك حسب ما يراه مؤلف الكتاب وحسب أهمية أصحاب التراجم عنده وهذه السير تجمع في كتاب واحد قد يقع في عدة أجزاء فيطلق عليها اصطلاحاً "تراجم" ولكن ذلك الكتاب قد يكون في الطبقات أو الوفيات أو حسب القرون أو معاجم شيوخ أو في الأنساب وهذه وغيرها هي من أنواع كتب التراجم، ويعد هذا القسم من مصادر التاريخ الإسلامي ذا أهمية بالغة عند الباحثين وذلك لان معظم كتابات المؤرخين العرب المسلمين كانت على شكل تراجم فضلاً عن ذلك تميزت هذه الكتب بالثقة والدقة والغنى بالمعلومات السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية، وتأتي مصداقية هذه الكتب من تأثرها بالشروط التي وضعها علماء الحديث ولا سيما اتباع مؤلفيها لمبدأ "الجرح والتعديل" في أغلب الأحيان ومنها المؤلفات لتي تناولت تراجم العلماء والفقهاء والمحدثين والمفسرين. وسنذكر أدناه أهم أنواع كتب التراجم:

* كتب الرجال المحلية: ومن أشهر هذه الكتب "تاريخ واسط" لاسلم بن سهل المعروف ببحشل(ت292هـ) و"تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي(ت463هـ) و"تاريخ دمشق" لابن عساكر(571هـ)، وهذه المؤلفات هي من أهم كتب التراجم، غير انها تحوي أيضا معلومات مهمة عن المدينة نفسها فتاريخ بغداد مثلاً يضم معلومات نفيسة لا غنى للدراسات الحديثة عنها وهذه المعلومات حول خطط بغداد والحياة الثقافية والتعليمية فيها([11]). والصفة الغالبة على تراجم هذا النوع من المؤلفات هو ان معظم شخصيات التراجم من رجال الحديث فمن مجموع 7831 ترجمة ضمها كتاب "تاريخ بغداد" هناك خمسة آلاف ترجمة لرجال الحديث([12]). وعلى الرغم من ان هذا النوع من المؤلفات يعد من كتب "الرجال" الا ان الباحث يجد فيها عدداً من تراجم النساء قد وردت 32 ترجمة لشخصيات نسائية في "تاريخ بغداد" مثلاً([13]). وهكذا فان كتب التراجم تضم بين دفتيها أيضا تراجم من هذا النوع. ان كتب التراجم المحلية غالباً ما تتبع الترتيب الهجائي في تنظيم تراجم الكتاب، وهي تزود الباحث بمادة أولية عن الشخصيات التي عاصرها المؤلف زماناً ومكانا، وعلى هذا الأساس فانها مصادر أولية من هذه الناحية ومن ناحية الكتابة عن شخصيات قريبة العهد زماناً بالمؤلف، ولو نظرنا في نسبة ما تقدمه من معلومات لوجدنا ان أغلبها نقلت عن مصادر أخرى فثلاثة أرباع المادة التي حواها "تاريخ بغداد" كانت منقولة من مصادر وليست مشاهدات لمؤلفه.

ان المعلومات التي ينقلها المؤلف من مصادر أصبحت مفقودة حالياً تعد ذات قيمة عالية للباحث، كما يجب الأخذ بنظر الاعتبار ان هذا النوع من الكتب يشتمل على تراجم لأشخاص من غير أهل المدينة لانهم يترجمون لمن زار المدينة أو نسب إليها أو ولد فيها ثم رحل عنها أو استقر بها لفترة، وبما أن الرحلة من أجل طلب العلم كانت شائعة بين علماء تلك العصور، لذا من المتوقع أن نجد في هذا النوع من الكتب تراجم لشخصيات تنتمي في أصولها إلى قاليم ومدن مختلفة.

* كتب الطبقات: ظهرت كتب الطبقات منذ بداية القرن الثالث الهجري على أيدي بعض كبار المؤلفين مثل الهيثم بن عدي(ت207هـ) وابن سعد(ت230هـ) وخليفة بن خياط(ت240هـ) ايضاً ومصطلح الطبقة يعني مجموعة من الأشخاص ينتمون إلى فترة زمنية واحدة ويشتركون في صفة معينة، والفت هذه الكتب في أول أمرها لخدمة علم الحديث النبوي الشريف([14]) ولكنها تطورت فيما بعد وتعددت أنواعها فظهرت كتب في طبقات الأطباء والأدباء والفقهاء والشعراء والمغنين …الخ.

وهذه الكتب وان كانت تسمى كتب الطبقات فان التقسيم الثانوي لها مختلف من كتاب إلى اخر فهناك من رتب تراجم كتابه حسب المدن كمحمد بن سعد في طبقاته الكبرى التي تعد أقدم كتاب كبير يصلنا في هذا النوع من الكتب([15])، أما خليفة بن خياط فقد رتب طبقاته حسب أنسابهم آخذاً بنظر الاعتبار الترتيب حسب طبقاتهم داخل النسب الواحد. وتتميز كتب الطبقات ذات الصفة الدينية بالثقة والمصداقية لاتباع مؤلفيها قاعدة "الجرح والتعديل"، مما يعطي الباحث الفرصة للاعتماد عليها، اما كيفية معرفة الكتاب الذي يتوقع الباحث ان يحوي نصوصاً تفيده فذلك يعرف من خلال معرفة نسب الشخصية أو موطنها أو مهنتها أو مذهبها أو العلم الذي اشتهرت به فإذا كان طبيباً مثلاً وتوفي قبل وفاة مؤلف كتاب "طبقات الأطباء" يرجح ان يكتب عنه وإذا كان محدثاً ذهب اولاً إلى طبقات المحدثين غير ان المحدث يشتهر في الغالب بعلوم القران والفقه لذا يرجح ان يجد الباحث ترجمة له في طبقات المفسرين للداودي(ت1250هـ) أو احدى كتب الفقهاء التي ترجمت لفقهاء مذهبه شريطة ان يتأكد الباحث اولاً من ان سنة وفاة صاحب المصدر تأتي بعد تاريخ وفاة المراد ترجمته.

ان التخصص لم يكن شائعاً بين علماء العصور الإسلامية، بل يمكن القول ان معظمهم اشتهروا بكونهم "موسوعيين" إذ لم يكتفوا بالتأليف في علم واحد، فقد ترى بعضهم يؤلف في علوم القران والحديث والفقه واللغة والأدب والتاريخ …الخ، لذا من المتوقع ان يجد الباحث أكثر من ترجمة في اكثر من نوع من كتب الطبقات للشخصية موضوعة البحث. وفضلا عن ذلك فان كتب الطبقات تضم معلومات مهمة عن الجوانب الاجتماعية والثقافية وبعض الإشارات المبثوثة بين السطور عن خطط المدن.

* كتب الوفيات: وهذه تشكل نوعاً آخر من كتب التراجم نظمت فيه مادة الكتاب على أساس سنوات وفيات أصحاب التراجم، وبذلك تكون طريقة الوصول للترجمة المطلوبة على أساس تاريخ الوفاة ومن بين هذه المؤلفات المطبوعة كتاب "الوفيات" لابن رافع السلامي(ت774هـ) ولكن يجب ان نشير إلى ان بعض الكتب التي اتخذت عناوين مشابهة لم تعتمد هذا النظام، بل رتبت مادتها على أساس آخر مثل "وفيات الأعيان" لابن خلكان(ت681هـ) وغيره.

* كتب التراجم العامة: وخير من يمثل هذا النوع من المصنفات كتاب ابن خلكان المذكور آنفاً وعنوانه الكامل "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان"، ويعد من أفضل كتب التراجم، لما حواه من مادة تفصيلية ومهمة رتبه على أساس حروف المعجم، ولم يقصره على فئة واحدة من الأشخاص، بل ترجم لجميع الأعيان "المشاهير" ومن مختلف الاتجاهات والاختصاصات، وفيه تراجم للعديد من النساء، والكتاب يعد في غاية الأهمية للباحث في سير الأشخاص المعاصرين لمؤلفه، وقد أكمل ابن شاكر الكتبي(ت764هـ) نواقص هذا الكتاب وما فات مؤلفه بكتابه "فوات الوفيات".

ان كتاب ابن خلكان لا يمكن أن يقاس بكتاب ابن شاكر الكتبي، فالفرق بين الكتابين شاسع ولا سيما في ما قدمه ابن خلكان من معلومات مسهبة ودقيقة عن أغلب تراجم الكتاب. وهذا يعني ان أهمية كتب التراجم تتفاوت من كتاب إلى آخر وفقاً لطبيعة المادة المدونة فيها.

* معاجم الشيوخ: اهتم بعض العلماء بجمع أسماء شيوخهم الذين تتلمذوا عليهم في كتاب، وسميت بعناوين عدة مثل "معجم الشيوخ"، "فهرست الشيوخ"، "برنامج ومشيخة" … الخ. وفي الأعم الأغلب رتبت تراجم هذه الكتب على أساس حروف أسماء أصحابها أو على أساس بلدانهم والنظام الأول هو الأكثر شيوعاً([16])، ولكن شمس الدين السخاوي قلل من أهمية هذه الكتب لان جل من ألف فيها لم يترجم للشيوخ بالتفصيل، بل اكتفى بذكر الأسماء([17])، واورد قائمة طويلة بأسماء من ألف في هذا الباب([18]) ولا شك في ان المادة التي توفرها بعض الكتب التي فصلت في ذكر أخبار شيوخ مؤلفيها، تعد ذات أهمية خاصة، لدقة معرفة المؤلفين بأحوال شيوخهم الذين جالسوهم وخبروهم عن قرب فهم أجدر على إبداء الرأي وإصدار الحكم([19])، وقد تحوي هذه الكتب تراجم يعدها أصحاب كتب التراجم العامة من غير المهتمين فلا يذكرونهم فيقتصر ذكرهم على معاجم الشيوخ([20]). وتفيد هذه المصادر التي تعد مصادر أولية في دراسة الحياة العلمية في العصر الذي تنتمي إليه من خلال أسماء العلماء وذكر أسماء الكتب المدرَسة واشارات عن المؤسسات التعليمية كالمدارس وطبيعة العلاقات بين العلماء والتلاميذ وطرق التدريس عند الشيوخ، وتعطي هذه المؤلفات معلومات عن مدى النشاط العلمي في المدن الإسلامية، لان التلاميذ آنذاك كانوا لا يكتفون بالدراسة على شيوخ بلدهم، بل يرحلون إلى مدن عديدة، من اجل طلب العلم على أيدي مشاهير العلماء. ومن الكتب التي وردت الينا في هذا الباب "برنامج الوادي اشي" وهو معجم شيوخ وضعه محمد بن جابر الوادي اشي التونسي(ت749هـ).

* كتب السيرة المفردة: ظهرت كتب السيرة منذ البواكير الأولى لظهور التدوين التاريخي عند المسلمين، بل ان اهتمام المسلمين بالكتابة التاريخية جاء منصباً أول الأمر على تدوين سيرة الرسول9، ولكن في القرون الآتية ظهرت الكتب التي اهتم مؤلفوها بتدوين سيرة أحد الرجال وقد كثرت هذه المؤلفات في العصور الإسلامية المتأخرة، مثل كتاب "النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية" لابن شداد(ت632هـ) وكتاب "سيرة السلطان جلال الدين منكبرتي" للنسوي(ت639هـ) أو "الروض الزاهر في سيرة الملك لظاهر يبرس" لابن عبد الظاهر(ت692هـ) أو كتاب "الدر الفاخر في سيرة الملك الناصر" لابن ايبك الدوادار(ت732هـ) أو "عجائب المقدور في أخبار تيمور" لابن عربشاه(ت854هـ) أو "الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر ططر" لبدر الدين العيني(ت855هـ) و"تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور" للمؤلف نفسه، وكتب أخرى عديدة مشابهة، ان هذه الكتب المنشورة حالياً تقدم مادة تفصيلية ودقيقة عن الشخص المترجم له، ولكن بعضها يجب الاعتماد عليه بحذر لان بعض المؤلفين ألفوها هدية للشخص المترجم فلا غرابة حين نجد بعضها مشحوناً بآيات المديح وذكر الحسنات ومهاجمة خصوم المترجم له، كما ان بعضها كما يبدو من العنوان أوقف لذكر الإيجابيات، ان المادة المتوافرة عن شخصيات هذه المؤلفات هي مادة اولية كتبت أما مشاهدة أو سماعاً عن أناس شاهدوا الأحداث لذا تعد مصادر أصلية.

* كتب التراجم المرتبة على أساس القرون: نظم بعض مؤلفي كتب التراجم مادة الكتاب على أساس القرن الذي توفي فيه أصحاب تراجمه، ومثال ذلك ما فعله ابن حجر العسقلاني المصري(ت852هـ) وشمس الدين السخاوي، فقد ألف الأول كتاب "الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة" وصنف الثاني كتاب "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" وتكمن أهمية هذا الكتاب في توفير المادة للباحثين عن تاريخ تلك القرون والمعلومات المقدمة في هذا الصنف ولا سيما الكتابين المذكورين تميزت بالدقة والشمولية والتفصيل، وتعد هذه الكتب من المصادر الأولية لقرب مؤلفيها زماناً ومكاناً في أغلب الأحيان، ككتاب السخاوي المذكور الذي خصصه لتراجم أشخاص عاصرهم أو كان قريباً من عهدهم، وفي كثير من الأحيان شاهدهم واحتك بهم، ويعد كتابه من اكثر كتب التراجم ذات الطابع النقدي المميز، ان سرعة وصول الباحث إلى الترجمة المطلوبة تكمن في معرفة سنة وفاة الشخص المطلوبة حوله المعلومات، فإذا كانت ضمن القرن المقصود وجد ضالته.

* كتب السيرة الذاتية والمذكرات: ألف العديد من المؤلفين القدامى منهم والمحدثين كتباً في سيرهم الشخصية أو سير أسرهم وقد اصطلح على تلك المؤلفات اسم "السيرة الذاتية" وظهرت هذه الكتب منذ العصور الإسلامية غير ان معظمها في عداد المفقودات. وفي زماننا ألف العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية والأدبية والعلمية كتباً من هذا النوع تحت عناوين مختلفة مثل "يوميات"، "مذكرات"، "ذكريات"، سيرتي"، "حياتي في نصف قرن" وهكذا، والجدير بالذكر هنا ان هذه المؤلفات تعد مصادر أولية، غير ان أهميتها بوصفها مصدراً أولياً تتفاوت بين كتاب واخر، فالمذكرات قد تكتب يومياً أو اسبوعياً فهي معلومات مكتوبة عن قرب من الناحية الزمانية والمكانية، أما الذكريات فهي معلومات كتبها مؤلفها عن أحداث بطريقة التذكر او استرجاع المعلومات وهي قطعاً تتعرض للنسيان وان المذكرات والذكريات واليوميات تختلف في بعض جوانبها عن كتب السيرة الشخصية من حيث المضمون على اعتبار ان الأخيرة تهتم بأكملها بأخبار كاتبها، أما الأولى فإنها تشمل معلومات عن أحداث عاصرها وقسم من تلك المعلومات تخص كاتبها.

ان كتب السيرة الذاتية لا يمكن اعتماد المعلومات المقدمة فيها عن أخبار مؤلفها الا بعد نقد وتدقيق، لأننا لا نتوقع ان يكتب المؤلف الا إنجازاته ويحرص على إغفال ما يسيء له.لذا فمن الناحية المنهجية لا يمكن الأخذ بجميع المعلومات الواردة فيها، بل تعتمد بعض المعلومات التي لا تخص حياة المؤلف بشكل مباشر.

3- تاريـخ الـدول:

ألف عدد من المؤلفين المسلمين كتباً قصروها على تاريخ دولة أو أكثر من الدول التي عاصروها أو عاشوا تحت رعايتها، ومن هذه المؤلفات كتاب "التاجي في تاريخ الدولة البويهية" لأبي إسحاق الصابي(ت384هـ) ثم توالت الكتب الأخرى في القرون التالية مثل كتاب "الباهر في تاريخ الدولة الاتابكية" لابن الاثير الجزري(ت630هـ) وكتاب "الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية" لابي شامة(ت665هـ) وكتاب "مفرج الكروب في أخبار بني ايوب" لابن واصل(ت697هـ) وكتاب "التحفة الملوكية في الدولة التركية" لبيبرس الدواداري(ت725هـ) وكتاب "درة الأسلاك في دولة الأتراك" لابن حبيب(ت779هـ) وكتاب "الدرة الزكية في أخبار الدولة التركية" لابن ايبك الدواداري.

ان هذه الكتب الموجودة حالياً إما مطبوعة أو مخطوطة تقدم مادة تفصيلية عن أخبار الدولة التي أرخت لها ورجالاتها وهي قطعاً أوسع من المادة التي تقدمها لنا كتب التاريخ العام أو كتب التراجم عن أخبار تلك الدول، ولكن الذي يجب الانتباه إليه من قبل الباحثين هو ان بعض هذه الكتب لا يمكن الاعتماد على بعض الاخبار الواردة فيها الا بعد نظر وتدقيق، فكتاب "التاجي" مثلاً وضعه مؤلفه تحت التهديد ويقال وهو في السجن([21]) اذ مر بالصابي أحدهم وهو يكتب ذلك الكتاب فسأله عما يفعل فقال له "أكاذيب أنمقها وأباطيل الفقها"([22])، فما كان من ذلك الشخص إلا ان وشى بذلك إلى الأمير البويهي تاج الملة الذي أمر الصابي بتأليفه فأراد قتله لولا تدخل بعض الأعيان لإنقاذه([23]) فكتاب من هذا النوع لا يمكن ان يعتد به، وكذا الحال لكتاب "الباهر" لابن الأثير الذي عاش هو وعائلته تحت رعاية الدولة الزنكية التي خصص لها هذا الكتاب لذا "يمكن القول ان قيمته العلمية لا يمكن ان ترقى إلى قيمة كتابه العظيم الكامل …"([24])، وذلك على الرغم من ان المادة الموجودة عن أخبار تلك الدولة في الكتاب الأول أوسع بكثير عما موجود منها في الكتاب الثاني([25]).

ان هذا النوع من الكتب يتوقع الباحث ان يقف فيها المؤلف إلى جانب رجال تلك الدولة ضد أعدائها كما حدث عندما وقف ابن الأثير ضد صلاح الدين الأيوبي وهو يؤرخ لحالة الصراع بينه وبين الدولة الزنكية، ولكن في الوقت نفسه تقدم هذه الكتب مادة تتصف بالدقة والتفصيل كون ان معظم المؤلفين في هذا الباب هم من المطلعين على الأحداث إما مشاركة أو مشاهدة لها، لذا فان الحديث عن ضعف القيمة العلمية يقف عند حدود الموقف من أعداء الدولة، لأنها تزود الباحث بالإضافة إلى ذلك ذلك بأخبار نشاط تلك الدول على الصعيد الإداري والعمراني والثقافي وعلاقاتها الخارجية.

4- التاريخ العسكري

ان معظم كتابات المؤرخين العرب المسلمين عن تاريخ الجهاد والمعارك التي خاضوها ضد أعدائهم عبر القرون جاءت في سياق كتب التاريخ العام وكتب التراجم، ففيما يتعلق بالقسم الأول فقد ذكر المؤرخون تفاصيل أخبار العمليات العسكرية حسب سني وقوعها اخذين بالنظام الحولي في ترتيب مادة الكتاب، أما فيما يتعلق بكتب التراجم فان أخبار المعارك قد نجدها في سياق تراجم القادة العسكريين الذين اشتركوا فيها، ولكن هناك كتب مستقلة الفت لبعض المعارك ومن اقدم ماوصل إلينا في ذلك كتاب "وقعة صفين" لنصر بن مزاحم(ت212هـ) ومن أهم كتب التاريخ العسكري التي وصلتنا كتاب "فتوح الشام" لمؤلفه محمد بن عمر الواقدي(ت209هـ) والكتاب وان كان مطبوعاً بهذا العنوان الا انه دون أخبار فتوح العراق والشام والجزيرة ومصر.

كما ان هناك كتباً عديدة ظهرت في الجهاد مثل كتاب "مستند الأجناد في آلات الجهاد"([26]) لابن جماعة الحموي(ت733هـ) وهو من الكتب القلائل التي وصلت الينا في هذا الباب، وقد ظهر هذا النوع من الكتب بشكل واضح ابان الجهاد ضد الصليبين في مصر والشام. فالباحث في تاريخ العلاقات الحربية بين المسلمين والصليبين لا يستطيع تجاوز هذه المؤلفات.

5- التاريخ الإداري

ألف العديد من المؤلفين كتباً خصت الحياة الإدارية في الدولة العربية الإسلامية، منها ما خص ديواناً واحداً مثل كتاب "صبح الأعشى في صناعة الانشا" للقلقشندي(ت821هـ)، فهذا الكتاب وان كان موسوعياً لكنه اتخذ من ديوان الرسائل "الإنشاء" محوراً له، أو كتاب "قانون ديوان الرسائل" للصيرفي(ت900هـ) وألف بعضهم في مبادئ الدواوين وقوانينها مثل كتاب "قانون ديوان الرسائل" لابن مماتي(ت606هـ).

وهناك مؤلفات خصت بعض المؤسسات الحكومية مثل كتب الحسبة والمحتسب التي تحدثت عن شروط المحتسب وواجباته وصلاحياته وأعوانه وميدان عمله ككتاب "الرتبة في طلب الحسبة"لابن الرفعة(ت735هـ) و "نهاية الرتبة في طلب الحسبة" للشيزري(ت589هـ) وغيرهما.

ولكن على الباحث أن يميز هنا بين ما تطرحه هذه الكتب من نظريات حول تلك المؤسسات ومدى تطبيقها على ارض الواقع، فالذي يقرأ مثلا شروط المحتسب وكيفية أداء واجباته كما سجلتها كتب الحسبة، يشعر بأنها أقرب للمثالية، فعليه هنا ان يقارن بينها وبين تلك الاخبار المبثوثة في صفحات كتب التاريخ الأخرى عن واقع ما كان يدور في الأسواق، ولا سيما في العصور المتأخرة.

وهناك بعض التراجم تحدثت عن مؤسسات أخرى ككتب الوزراء وكتب القضاة والولاة فهي إلى جانب تراجم هؤلاء تتحدث عن المؤسسات وتاريخ ظهورها وشروطها وصلاحيات القائمين عليها.

6- التاريخ الاقتصادي

هناك العديد من المصادر والمراجع ألفت أو بحثت في التاريخ الاقتصادي، ففي العصور الإسلامية هناك:

أ – المؤلفات المستقلة في التاريخ الاقتصادي، اذ صنف بعض المؤلفين كتباً في بعض جوانب الاقتصاد العربي الإسلامي، وخير مثال على ذلك كتاب "الخراج" لقاضي القضاة ابي يوسف(ت182هـ) وكتاب "الخراج وصنعة الكتابة" لقدامة بن جعفر(ت329هـ) فهذان الكتابان تناولا مؤسسة إدارية ذات طابع اقتصادي، علماً ان الكتاب الثاني تناول فيه مؤلفه فضلا عن ديوان الخراج دواوين ذات صلة مثل النفقات وبيت المال وغيرهما وذكر ضرب النقود وأوزانها وذكر فيها أسباب حاجة الناس إلى المأكل والملبس والذهب والفضة([27]) فالمؤرخ المحدث الذي يروم البحث في الحياة الاقتصادية في العصر العباسي الأول لا يمكن له اغفال هذين الكتابين وهناك كتاب فريد في بابه، خصصه مؤلفه لتدوين تاريخ النقود وهو كتاب "شذور العقود في ذكر النقود" لتقي الدين المقريزي(ت845هـ) وهذه المؤلفات وصلت إلينا وطبعت.

ب- المؤلفات التي تطرقت ضمن ما تطرقت إليه إلى جوانب اقتصادية من التاريخ مثل كتاب "فتوح البلدان" للبلاذري(ت279هـ) الذي تطرق فيه إلى ذكر النقود وكتاب "الأحكام السلطانية والولايات الدينية" لابي الحسن الماوردي(ت450هـ) فعلى الرغم من ان هذا الكتاب في التاريخ السياسي غير ان مؤلفه تحدث فيه عن الجزية والخراج([28]) والذهب والفضة. وكتاب "قوانين الدواوين" لابن مماتي الذي تطرق فيه إلى دار ضرب النقود([29])، وهناك كتاب "حياة الحيوان الكبرى" لكمال الدين الدميري(ت808هـ) الذي تطرق فيه إلى النزاع بين الدولة الأموية والدولة البيزنطية وهو نزاع ذو طابع اقتصادي حول تعريب النقود.

وهكذا نرى ان بعضاً من هذه الكتب قد لا يفطن البعض إلى ما تحتويه من معلومات خصت التاريخ الاقتصادي، فالباحث يمكنه الرجوع اليها وإلى غيرها مما لم نذكره هنا إما لاعداد بحث في جوانب النشاط الاقتصادي عند المسلمين، او لشرح مصطلح اقتصادي، ذلك ان بعض المفردات الشائعة في تلك العصور لم تعد معروفة الآن لذا تحتاج إلى مثل هذا التوضيح مثل: الدانق، الصاع، الجاوة وهي عملة الخانية،الصنج والجهبذة.

7- التاريخ الاجتماعي

لم يهتم المؤرخون المسلمون كثيراً في تدوين أخبار ذواة الفئات الدنيا من المجتمع أو كما تسمى عندهم "العامة" فمعظم ما ألفوه جاء للأحداث الكبيرة ذات الطابع السياسي والعسكري، وللشخصيات الشهيرة من رجالات السياسة والإدارة والجيش والعلم حتى أطلق على بعض هذه الكتب اسم "تاريخ النخبة"([30]) لأنها لا تحوي معلومات مهمة عن عامة الناس، ومع ذلك فان هناك مؤلفات يتوقع الباحث ان يجد فيها ما ينشده من معلومات عن الحياة الاجتماعية، كالمأكل والملبس والعناصر السكانية والعادات والتقاليد وفئات المجتمع والأعياد الدينية وغير الدينية، فمثلاً ان كتب الرحلات وان كانت ضمن صنف الجغرافية التاريخية لكنها تحوي على مثل تلك المعلومات، كما ان كتب الحسبة والمحتسب تحوي معلومات مهمة عن فئات المجتمع والأطعمة والملابس، كما ان بعض من ألف في كتب التاريخ العام ذكر احيانٍ قليلة بين صفحات كتبهم الكثيرة عناوين طريفة مثل "نادرة" أو "حكاية غريبة" أو "لطيفة" أو "عجيبة" ثم يسرد ما وقع وهي في الغالب قصص حقيقية من الواقع الاجتماعي للناس في تلك العصور فما على الباحث الذي يجيد استخدام الحاسوب ان يكتب احدى تلك العبارات على نظام القرص المدمج المحمل بالمكتبة التاريخية ليقرأ تلك المعلومات، إننا لا نعجب حينما نرى مؤرخاً كابن الجوزي وقد ذكر قصصاً تفصيلية حقيقية عن الحب العذري عند بعض مشاهير المجتمع البغدادي([31]) ولكن هذا الاهتمام لا نجده عند الكثير ممن عنوا عناية خاصة بتاريخ الأحداث السياسية والعسكرية والإدارية. ربما يعود ذلك لان ابن الجوزي يعد من القلائل الذين ألفوا كتباً تصنف من قبل الباحثين على انها في التاريخ الاجتماعي ككتاباته عن الحمقى والمغفلين والأذكياء، بل ان هناك من اهتم بفئات لم يلتفت اليها أحد مثل "البرصان والعرجان والعميان والحولان" للجاحظ(ت255هـ) أو كتاب "عقلاء المجانين" لأبي الأزهر(ت325هـ) وهذه المصادر وغيرها على الرغم من قلتها فانها تفيد الباحثين في التاريخ الاجتماعي.

ان كتب التراجم تضم بين أسطر صفحاتها تراجماً عن شخصيات معلومات اجتماعية، كالإشارة إلى أسرهم وعلاقاتهم بأقرانهم أو بتلامذتهم واشارات إلى بعض سجاياهم وما اشتهروا به من ألقاب أو صفة من الصفات وأحيانا التطرق إلى أولادهم وأحفادهم.

وهناك العديد من المؤلفات عن النساء، والتي للباحث في تاريخ المرأة عنها مثل كتاب "بلاغات النساء" لابن طيفور(ت280هـ) و"أخبار النساء" لابن قيم الجوزية(ت725هـ) وكتاب "نزهة الجلساء في أشعار النساء" للسيوطي(ت911هـ) وغيرها. وهناك مصطلحات تخص المرأة، لم تعد معروفة حالياً لذا على الباحث التعريف بها ان ضمنها متن البحث مثل مفردة "جهة" التي تطلق على نساء الخلفاء، وقد ألف المؤرخ البغدادي ابن الساعي(ت674هـ) كتاب وصل الينا بعنوان "جهات الأئمة الخلفاء من الحرائر والإماء".

ومن هذا نخلص إلى ان التاريخ الاجتماعي قد نجده في كتب مستقلة أو أنه سجل ضمناً في صفحات كتب تنتمي إلى أنواع أخرى من الكتب التاريخية.

8- كتب النوادر التاريخية

ألف العديد من المؤلفين المسلمين كتباً يمكن تصنيفها تحت اسم النوادر التاريخية، لانها تضم الطرائف والنوادر والقصص والحكايات والكثير من هذه النوادر حدث فعلاً كما تحوي معلومات قيمة عن الحياة الاجتماعية وعن امال الناس آنذاك، فهي اذن تفيد الباحث في هذه الجوانب ومن أشهر الذين ألفوا في هذا المجال المحسن بن علي التنوخي(ت384هـ) في كتبه: "الفرج بعد الشدة" و"المستجاد من فعل الأجواد"و"نشوار المحاضرة" وكتاب "تفضيل الكلاب على الكثير ممن لبس الثياب"([32]) لابن المرزبان البغدادي(ت309هـ) وهو من الكتب النادرة أو الفريدة في بابها التي وصلت إلينا. وألف المعافى بن زكريا النهرواني(ت390هـ) كتاباً لا زال مخطوطاً بعنوان "الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي"([33]) وهو في القصص التاريخية الجادة وغير الجادة. وان هذه المؤلفات وغيرها تفيد الباحث بالمعلومات التي قد لا يجدها في كتب تاريخية أخرى.

9- تأريخ التأريخ

وهناك بعض المؤلفين صنفوا كتباً تناولوا فيها المؤرخين ونتاجاتهم ومكانة التاريخ بوصفه أحد العلوم، وعلى الرغم من ان تراجم المؤرخين نجدها مسطورة في كتب التراجم الأخرى، غير ان هناك بعض المصنفات خصصت للحديث عن المؤلفات التاريخية ككتاب "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" لشمس الدين السخاوي، أحصى فيه الكتب المدونة في فروع التاريخ وتكلم عن أنواع الكتابة التاريخية، وخصصت بعض الكتب المختصرة لتأكيد علمية التاريخ وبدايات ظهوره وكيفية اعتماد التاريخ الهجري، واشهر من ألف في هذا الباب الكافيجي(ت879هـ) في كتابه "مختصر علم التاريخ" والسيوطي في رسالته "الشماريخ في علم التاريخ" وهما مطبوعان. ان الباحث الذي يبحث في موضوع التدوين التاريخي عند المسلمين لا يمكن أن يغفل الاعتماد على هذه المصنفات، لاختصاصها في صلب الموضوع.

وهناك كتب ببلوغرافية تحدثت عن المؤلفين ومؤلفاتهم في جميع فروع العلم والمعارف، مثل كتاب "الفهرست" لابن النديم البغدادي(ت385هـ) الذي امتاز بدقة ووفرة المعلومات عن المؤلفين والمؤلفات ومن ضمنهم المؤرخين، وهناك كتب معينة خصصت صفحات للحديث عن شروط الكتابة التاريخية مثل "طبقات الشافعية الكبرى" لتاج الدين السبكي(ت771هـ) وهو كتاب لا يتوقع ان يجد فيه الباحث معلومات من هذا النوع وكذا الحال في مقدمة ابن خلدون وهي من أهم الكتب ذات الصفة العلمية تدويناً لصفات المؤرخ وشروط التدوين التاريخي والتنبيه على أخطاء المؤرخين ويعد من أوائل الذين أكدوا علمية التاريخ من خلال اتباع المنهج العلمي في دراسته.

كما يجد الباحث معلومات قيمة عن فوائد التاريخ عند المؤلفين المسلمين في الكتب المذكورة آنفاً وفي مقدمات الكتب التاريخية الأخرى، فالعديد من كبار المؤرخين أثبتوا في خطبهم لكتبهم التاريخية أهمية وفوائد التاريخ بوصفه دافعاً حدا بهم لتأليف كتبهم وهذا ما فعله مثلاُ المسعودي في مقدمة "مروج الذهب ومعادن الجوهر" وابن الأثير الجزري في مقدمة كتابه "الكامل في التاريخ".

10- كتب الجغرافيا التاريخية

وهي تلك الكتب التي جمعت بين المعلومات الجغرافية والتاريخية مثل كتب البلدان والمسالك والممالك والرحلات، ولعل أقدم مثال وصل الينا في كتب البلدان هو كتاب "البلدان" لليعقوبي(ت292هـ) ثم توالت المؤلفات في الرحلات والمسالك والممالك والخطط، مثل كتب "المسالك والممالك" لكل من المقدسي البشاري(ت381هـ) وابن خرداذبة(ت300هـ)، فهذا الصنف من المؤلفات يزود الباحث بمعلومات قيمة، لا سيما وان معظم من صنفوا في هذا النوع اعتمدوا في ما دونوه على مشاهداتهم الذاتية للبلدان التي زاروها وتجولوا في مناطقها فوصفوها عن قرب وعاصرها بعض الحكومات القائمة فوردت في كتبهم معلومات دقيقة عن الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فضلاً عن الغاية الأساس وهي المعلومات الجغرافية فتعطي وصفاً تفصيلياً عن طبيعة حياة الناس وما تميزوا به من عادات وتقاليد وملبس ومأكل، ويصف طوبوغرافية المناطق التي يشاهدها المؤلف، ويشير إلى الأراضي الزراعية ومنتجاتها وما تشتهر به من تجارات ومصادر المياه، وفي الغالب فان هذا النوع من الكتب يتبع المنهج الذي ترتب فيه المادة المدونة حسب الأقاليم ويشير ايضاً إلى الأديان والمذاهب والصناعات والحرف … الخ.

وهناك قسم آخر من كتب الجغرافية التاريخية هي كتب البلدان التي تتبع أسماء البلدان أساساً في تنظيم المادة المكتوبة مع ترتيب أسماء البلدان (مدن– قرى– كور–رساتيق–وغيرها) حسب حروف المعجم. وخير مثال على هذا النوع من المؤلفات كتاب "معجم البلدان" لياقوت بن عبد الله الحموي(ت626هـ) وكتاب "مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع" لصفي الدين البغدادي(ت739هـ)، وهناك من خصص كتاب لاسماء البلدان في موطنه مثل ابن الجيعان(ت885هـ) الذي ألف كتاب "التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية"، فهذه الكتب تفيد القارئ بان تزوده بالمعلومات الجغرافية والتاريخية لأنها تذكر أولاً الموقع الجغرافي وتحديده وأهميته للإقليم وبعض المعلومات المناخية والطوبوغرافية عنه ثم تذكر ما حدث فيه من أحداث سابقة لعصر المؤلف أو معاصره له، وتذكر ايضاً أهم الشخصيات التي اشتهرت في كل بلد –وهذا ما فعله ياقوت- ان فائدة هذه الكتب كبيرة، ولا سيما في مجال الحصول على المعلومات التاريخية عن الأحداث.

كما ان الباحث لا غنى له عن هذه الكتب التي تزوده بشرح وافٍ عن موقع المدينة أو القرية وأهميتها في حالة حاجته إلى شرح المفردات والمصطلحات من هذا النوع، وينصح الباحث هنا أن يستعين بمصدر ألف من قبل أحد المؤلفين المعاصرين للفترة التي يعالجها الموضوع، فإذا كان المصطلح الجغرافي المراد شرحه في الهامش ورد في متن بحث يعالج قضية تاريخية تعود إلى القرن الثامن الهجري، لا يصح ان يعتمد على ياقوت الحموي المتوفى سنة 626هـ، لانه بلا شك حدث تطور وتغيير على البلدان خلال تلك الفترة الطويلة التي تفصل بين عصر المؤلف الذي تم اعتماده وبين الفترة موضوعة البحث.

وهناك قسم آخر من كتب الجغرافية التاريخية، تفيد القارئ بتعريف مواقع المحلات والمدارس والجوامع وغيرها من المنشات العمرانية، وهي كتب الخطط وهذه الكتب تعنى بذكر طوبوغرافية المدن كالشوارع والدروب والدور والمحلات والأسواق والجوامع والربط والزوايا وغيرها وفي الغالب ترتب حسب الأحرف وخير مثال على هذا الصنف كتاب "الانتصار لواسطة عقد الأمصار" لابن دقماق(ت809هـ) وكتاب "الخطط المقريزية" لتقي الدين المقريزي وهما مطبوعان. فالذي يبحث في تاريخ مصر في العصر المملوكي لا بد ان يعتمد على هذين الكتابين.

ان اعتماد الباحث على المصادر المتخصصة في التعريف بالمصطلحات السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية يضفي على بحثه طابعاً علمياً فالمعلومة قد تؤخذ من مصدر غير متخصص كان يكون في التاريخ العام ولكن استقاءها من المصدر المتخصص هو المقدم.

11- الذيول والمختصرات

ظهر اتجاه في التأليف عند المؤرخين المسلمين يعتمد على تكملة الكتب التاريخية ولا سيما كتب التاريخ العام أو كتب التراجم، وكذلك اختصار بعض تلك المؤلفات سواء من مؤلفي الكتب الأصلية أم من مؤلفين آخرين، والواقع ان كتب الذيول وخاصة تلك التي تبدأ من حيث انتهى المؤلف الأول تعد من كتب المصادر الأولية، وخاصة إذا كان الذيل أو التكملة أو الصلة يذيل على الكتاب لفترة عاصرها ولم يذكرها المؤرخ الأول.

أما كتب المختصرات فهي في الغالب لا تأتي بأخبار جديدة، ولا ينصح الباحث بالاعتماد عليها ما دام الكتاب الأصل في حيز الوجود، وقد يسمى الكتاب المختصر باسم "المنتخب" أو "المنتقى" مثل كتاب "المنتخب من تاريخ دمشق" فهذا الكتاب كان يعتمد من قبل الباحثين الذين لا يستطيعون الوصول إلى الكتاب الأصل الذي ألفه ابن عساكر(ت571هـ) في ثمانين مجلداً لانه كان مخطوطاً، أما وقد حقق ونشر في السنوات الأخيرة، فأصبح من الأولى الرجوع إليه لان معلوماته أوسع وأدق.

12- الوثائـق

ان الوثائق لا يقتصر وجودها على التاريخ الحديث أو المعاصر، فقد تضمنت كتب التاريخ الإسلامي ولا سيما التاريخ العام والتراجم الكثير من الوثائق الخاصة والرسمية، ونعني بالوثائق الخاصة تلك الرسائل المتبادلة بين العلماء القاطنين في مدن متباعدة([34]) أو كتب الوقف "الوقفيات" الخاصة ببعض أفراد المجتمع، فقد شكلت هذه الوثائق مادة مهمة لدارس التاريخ قديماً وحديثاً ومثال ذلك الرسالة التي بعث بها ياقوت الحموي إلى المؤرخ القفطي(ت646هـ) حينما كان شاهداً على اجتياح المغول للمشرق الإسلامي واسر ثم تمكن من الفرار([35]) أو الوقفية التي كتبها المؤرخ ابن تغري بردي إذ حوت معلومات لا توجد في مصادر أخرى عن أسرته وعلاقاته ومستواه المعيشي ومكانته الاجتماعية([36]). أما الوثائق الرسمية فهي رسائل الخلفاء أو السلاطين إلى ولاتهم في أطراف الدولة أو إلى بعض القضاة ورسائلهم إلى الدول أو القوى المجاورة كرسائل الخلفاء الأمويين إلى ولاتهم أو رسائل ولاتهم إليهم، أو رسائل قادة المسلمين إلى الدول المجاورة أو كتب الصلح والمعاهدات وقد أدرج المؤرخون الكثير من هذه الكتب منذ عصر الرسول9حتى العصور الإسلامية المتأخرة، وهناك رسائل تعد ذات قيمة عالية في دراسة نفسية مرسلها كالرسالة التي أرسلها هولاكو إلى المماليك في مصر يدعوهم إلى الاستسلام وفتح أبواب مصر، والرسالة الجوابية على رسالته([37]). فهذه الوثائق سواء خاصة كانت أم رسمية توفر للباحث معلومات ذات قيمة تاريخية عالية ونادرة وتعد من أهم المصادر الأولية في كتابة التاريخ الإسلامي.

وفي ختام الحديث عن المصادر تجدر الإشارة هنا إلى عدد من المؤرخين المسلمين ومساهماتهم في مجال التدوين التاريخي وأهميتها وكيفية الاعتماد عليها:

ثالثاً: أمثلة لمؤرخين مسلمين

1- ابن عساكر:

هو أبو القاسم بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الدمشقي المشهور بابن عساكر، ولد سنة 449هـ وتوفى سنة 571هـ([38]) وصفه المؤرخ شمس الدين الذهبي مؤرخ الإسلام الدمشقي بـ "الإمام الحافظ ومحدث الشام"([39]) وقد ذكر له بعض المؤرخين تسعة واربعين كتاباً في مختلف العلوم والمعارف منها في الحديث والفضائل والتاريخ([40]) وأهم ما رفد به المكتبة التاريخية هو كتابه "تاريخ مدينة دمشق" وهو أضخم كتاب تاريخي وصل إلينا حتى الآن اذ طبع بسبعين جزءاً([41])،رتب تراجمه حسب الحروف. ويصنف هذا الكتاب ضمن كتب الرجال المحلية لانه ترجم به لأشخاص لهم علاقة بمدينة دمشق إما ولدوا أو استقروا أو درسوا فيها. وبهذا أصبح مصدراً أولياً للمعلومات عن الأشخاص الدمشقيين الذين عاشوا أثناء فترة حياته أو قبلها قليل، وذلك لانه معاصر من الناحيتين الزمانية والمكانية لاصحاب تلك التراجم، ولم تقتصر تراجم كتابه على فئة واحدة من الرجال بل امتدت لتشمل لجميع الأعلام سياسين،إداريين،عسكريين،مفكرين،علماء وأدباء… الخ.

2- ابن الجوزي:

هو أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي المعروف بابن الجوزي البغدادي الحنبلي، ولد سنة 500هـ وتوفي سنة 597هـ([42]). وصف من قبل بعض المؤرخين بأنه صاحب التصانيف المشهورة في التفسير والحديث والفقه والتاريخ والطب([43])، فالرجل كان موسوعياً بحق. ولكن الذي يهمنا كتابه التاريخي المشهور بـ "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" وهو أحد كتب التاريخ الحولي رتب فيه المادة على تعاقب السنين، وقد ادخل ابن الجوزي في كتابه هذا تطويراً في ترتيب الكتب الحولية الذي ظل تقليداً منذ مساهمة الطبري في تاريخه، اذ فصل حوادث الكتاب عن تراجمه فصلاً واضحاً وهو أول من فعل ذلك بشكل واضح، فجعل الوفيات بعد حوادث كل سنة ورتبها حسب الحروف([44]) ويعد ابن الجوزي مصدراً مهماً لتاريخ العراق بشكل عام وبغداد بشكل خاص خلال القرن السادس الهجري، وتكتسب كتاباته التاريخية أهمية كبيرة من منطلقين، أولهما ان الرجل كان مؤرخاً ثقة اذ تأثر بتربيته وثقافته الدينية العالية، وثانيهما انه أفرد كتباً لفئات لم يلتفت إلى تدوين أخبارها الا القلائل فحفظ لنا تاريخها([45]).

3- ابن الأثير:

هو أبو الحسن عز الدين علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري الموصلي الشافعي ولد سنة 555 وتوفى سنة 630هـ([46]). يعد من أشهر المؤرخين المسلمين بعد الطبري وشهرته تلك تأتى من خلال ما كتبه من مؤلفات تاريخية لامعة، فقد كتب في التاريخ العام كتاب "الكامل في التاريخ" وكتب في تاريخ الدول "الباهر في تاريخ الدولة الاتابكية" وهي دولة الاتابكة الزنكيين التي عاش المؤرخ هو وأسرته تحت رعايتها([47]) وألف في الأنساب كتاب "اللباب في تهذيب الأنساب" وفي التراجم كتاب "أسد الغابة في معرفة الصحابة"([48]).وجميعها مطبوعة.

وهناك بعض الملاحظات التي يمكن تسجيلها بمناسبة الحديث عن هذا المؤرخ فكتاباته تعد مصدراً أولياً عن تاريخ الحروب الصليبية وحروب نور الدين وعماد الدين أمراء الاتابكة ضد الصليبين وبدايات الغزو المغولي للمشرق الإسلامي وعن نهايات سلاجقة العراق، ولا سيما في كتابه "الكامل في التاريخ" غير ان كتاباته عن دولة الاتابكة الزنكيين يجب ان لا تعتمد على علاتها لان الرجل أهدى الكتاب الذي صنفه في تاريخ تلك الدولة إلى أحد أمرائها فمن غير المعقول ان يتحدث بما يقدح بها، لذا نراه يقف إلى جانب تلك الدولة ضد صلاح الدين الأيوبي الذي حاربها.

ان كتاب "الكامل" الذي يعد من أهم كتب التاريخ العام، أدخل تطويراً على النظام الحولي في تدوين أخبار الحوادث، فالطبري ومن نحا منحاه كانوا يذكرون ما يقع في كل سنة منها إذا كانت قد استمرت لعدة سنوات "فتأتي الحادثة مقطعة لا يحصل منها على غرض"([49]) أما هو فذكر جميع ما وقع منها عبر السنين وجمعها في موضع واحد بخبر متصل.

4- ابن شداد:

عز الدين ابو عبد الله بن علي إبراهيم بن شداد الأنصاري الحلبي المصري، ولد سنة 613هـ وتوفى سنة 684هـ([50])، ترجم له ابن كثير في تاريخه فقال عنه: "كان فاضلاً مشهوراً معتنياً بالتاريخ"([51])، عاصر العقود الثلاثة الأخيرة من الدولة الأيوبية والعقود الأربعة من دولة المماليك البحرية التي قامت على أنقاض الدولة السابقة في مصر والشام. ألف في تواريخ الدول كتاب: "الاعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة"([52]) وفي السير المفردة كتاب "الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر بيبرس" وفي توريخ المدن كتاب "تاريخ حلب" وهكذا فانه أرخ في ثلاثة أنواع من كتب التاريخ.

ان كتابات هذا المؤرخ عن مصر والشام خلال الفترة التي عاشها تكتسب أهمية خاصة كونه كان معاصراً للأحداث وربما شاهد قسماً منها وسجلها لنا لا سيما انه عاش في كلا القطرين، غير ان كتاباته عن السلطان الملك الظاهر بيبرس لا بد ان تعتمد بحذر وذلك لانه كان معاصراً زماناً ومكاناً لهذا السلطان وليس من المعقول انه سيكتب عنه كما يرغب، كما ان عنوان الكتاب الذي خصصه لذلك السلطان وهو "الروض الزاهر" يومئ للقارئ بأنه مخصص لإحصاء حسناته فقط.

5- ابن تغري بردي:

هو أبو المحاسن يوسف جمال الدين بن تغري بردي الاتابكي المصري، ولد سنة 812 وتوفى سنة 874هـ([53])، ينتمي إلى الطبقة الحاكمة في مصر خلال العصر المملوكي الثاني([54]) ويعد هذا المؤرخ واحداً من أبناء كبار الأمراء المماليك لكن كتاباته عنهم تميزت بالمصداقية والحيادية، فكثيراً ما نجده ينقد الطبقة الحاكمة نقداً لاذعاً، حتى بعض الأمراء المعاصرين له([55])، لذا فان كتاباته تعد مصدراً أولياً عن تاريخ المماليك ولا سيما فيما يخص الأحداث التي عاصرها وشخصيات تراجمه الذين خبرهم عن قرب فكتب عنهم بدقة متناهية ومن مؤلفاته التاريخية الشهيرة "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة"([56]) وهو على الرغم من عنوانه الذي يوحي بأنه مخصص للقطر المصري، غير انه اتخذ من مصر محوراً للتاريخ العام فأرخ فيه للشام والعراق والحجاز واليمن والنوبة وبعض البلدان غير الإسلامية. وكتب في تراجم شخصيات العصر المملوكي كتاباً مهماً هو "المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي" وأهم ما يتميز به هذا الكتاب غناه المادة بالمعلومات التفصيلية عن أشخاص ذلك العصر، هذا إلى جانب كتابه "حوادث الدهور على مدى الأيام والشهور" وهو كتاب عن أحداث عاصرها المؤلف رتبها على شكل يوميات، ذكر فيها معلومات دقيقة ومسهبة لا غنى للباحث في تلك الفترة عنها.

الخاتمة

توصل الباحث في موضوع "مصادر التاريخ الإسلامي وكيفية الاعتماد عليها" عن بعض النتائج منها انه أوضح لنا ان المصادر التاريخية التي ألفها المؤرخون المسلمون لا تحتل الأهمية ذاتها بوصفها مصادر للمعلومات التاريخية، فهي وان كانت جميعها تعود إلى العصور الاسلامية، غير انها تختلف من حيث الأهمية، فمنها ما يمكن ان نطلق عليه مصدر أولي، ومنها ما هو ثانوي، والأساس الذي يعتمد عليه في التمييز بين هذين المفهومين هو المدة الزمنية والمساحة المكانية التي يعالجها موضوع البحث، فإذا كان هذا الموضوع يتناول مشكلة تاريخية في العراق في القرن الثالث الهجري، فان المصادر الأولية هنا هي القريبة مكاناً وزماناً مثل اليعقوبي(ت284هـ) والطبري(ت310هـ) ومن على مثالها ولا يصح ان نعد ابن الأثير(ت630هـ) مصدراً أولياً وان كان عراقياً لانه بعيد من حيث الزمان ولا ابن كثير الدمشقي(ت774هـ) لانه بعيد مكاناً وزماناً.

ان المؤرخ الذي يكتب أخبار الأحداث مشاهدة هو الذي يتفوق من حيث الدقة والتفاصيل على غيره ممن يعتمد على السماع، فكتابات المؤرخ الأول أهم من حيث دقة المعلومات من كتابات المؤرخ الثاني.

كما أوضح البحث سبل الاعتماد على المصادر انطلاقاً من نوعية الموضوع المختار للبحث، ففضلاً عن سرعة الوصول الى المصادر المطلوبة، فالموضوع الذي يتناول شخصية تاريخية يكون جل اعتماد الباحث في اقتباس النصوص على كتب التراجم، والموضوع الذي يتناول فترة زمنية معينة، فان الباحث يجعل من كتب التواريخ العامة الأساس في نقل المعلومات الأولية، وهذا لا يعني ان الموضوعين سيستغنيان عن بقية المصادر، بل يعتمد عليها ولكن بدرجة أقل تبعا لطبيعة الموضوع ونوعية المادة وكثرة النصوص.

المصادر والمراجع

أولاً: المصادر

1- ابن الأثير، عز الدين ابو الحسن علي الجزري(ت:630هـ) الكامل في التاريخ، ط2،تح عبد الله القاضي،دار الكتب العلمية(بيروت 1995).

2-ابن اياس، محمد بن أحمد (ت: 930هـ) بدائع الزهور في وقائع الدهور، تح مصطفى زيادة، (القاهرة-1984).

3-ابن تغري بردي، ابو المحاسن يوسف الاتابكي(ت:874هـ) المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي، تح محمد أمين،(القاهرة-1986).

4- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر والطباعة (القاهرة-1972).

5- ابن حجر، احمد بن علي العسقلاني(ت:852هـ) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، تح عبد المعين خان (حيدر آباد الدكن 1972)

6-الخطيب البغدادي، احمد بن علي(ت:463هـ) تاريخ بغداد، دار الكتب العلمية(بيروت د.ت).

7- ابن خلكان، أبو العباس، احمد بن محمد(ت:681هـ) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تح إحسان عباس،دار الثقافة (بيروت 1968).

8-الذهبي، شمس الدين محمد بن احمد(ت:748هـ) تذكرة الحفاظ، مكتبة الحرم المكي، دائرة المعارف العثمانية (حيدر آباد الدكن د.ت)

9- سبط ابن الجوزي، ابو المظفر قزاوغلي(ت:654هـ) مراة الزمان في تاريخ الأعيان، مطبعة دائرة المعارف العثمانية،(حيدر آباد الدكن 1370هـ).

10- السخاوي، شمس الدين محمد بن عبد الرحمن(ت:902هـ) الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ، مطبوع ضمن كتاب علم التاريخ عند المسلمين لروزنثال، مكتبة المثنى (بغداد 1963).

11- الضوء اللامع لأهل القرن التاسع،دار مكتبة الحياة (بيروت د.ت)

12- ابن شاكر، احمد بن شاكر الكتبي(ت:764هـ) عيون التواريخ، تح نبيلة عبد المنعم داود (بغداد 1991).

13- الصيرفي، علي بن داود(ت:900هـ) أبناء الهصر بأنباء العصر، تح حسن حبشي (القاهرة 1971)

14- الغساني، الملك الأشرف الخزرجي(ت803هـ) العسجد المسبوك والجوهر المحكوك في طبقات الخلفاء والملوك،تح شاكر محمود عبد المنعم، دار التراث الإسلامي (بيروت 1975).

15- ابن كثير،عماد الدين إسماعيل بن عمر الدمشقي(ت:774هـ) البداية والنهاية، مكتبة المعارف (بيروت د.ت).

16- المسعودي، ابو الحسن علي بن الحسن(ت:346هـ) مروج الذهب ومعادن الجوهر، ط1، دار الكتاب العربي (بغداد د.ت).

17- مسلم، أبو الحسن مسلم بن الحجاج(ت:261هـ) صحيح مسلم، تح فؤاد عبد الباقي التراث العربي (بيروت د.ت).

18- ابن النديم، محمد بن إسحاق(ت:385هـ) الفهرست، دار المعرفة (بيروت 1978).

19- أبو نعيم، احمد بن عبد الله(ت:430هـ) حلية الأولياء، ط1، مطبعة السعادة (القاهرة 1938).

20- اليونيني، قطب الدين موسى بن محمد(ت:726هـ) ذيل مرآة الزمان، ط1، مطبعة المعارف العثمانية (حيدر آباد الدكن 1380هـ)

ثانياً: المراجع

21- باقر، طه ومحمد، عبد العزيز طرق البحث التاريخي في التاريخ والاثار، (بغداد 1980).

22- روزنثال، فرانز علم التاريخ عند المسلمين، مكتبة المثنى (بغداد 1963).

23- السامر، فيصل ابن الأثير، دار الشؤون الثقافية العامة (بغداد 1986).

24- سعيد، خليل منهج البحث التاريخي، (بغداد د.ت).

25- العمري، أكرم ضياء بحوث في السنة المشرفة، ط2، مطبعة الإرشاد (بغداد 1972).

26- موارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، دار القلم (بيروت 1975).

27- موافي، عثمان، منهج النقد التاريخي الإسلامي والمنهج الأوربي، (الإسكندرية 1984).

28- النقيب، مرتضى، المؤرخ المبتدئ ومنهج البحث التاريخي، (بغداد د.ت).

الهوامش

 


 

([1])للاطلاع على حجم الخسارة في هذا الجانب، ينظر فاضل جابر، اغرب الاخبار في ضياع الحقائق والكتب والاثار، صص66-112.

([2]) قسمت من قبل أستاذنا الدكتور مرتضى النقيب إلى مصادر معاصرة قريبة وبعيدة، انظر المؤرخ المبتدئ ومنج البحث التاريخي، ص58.

([3]) علم التاريخ عند المسلمين، ص221 .

([4]) مروج الذهب، ج1/ ص13.

([5]) انظر مثلاً المعلومات الواردة في كتاب العسجد المسبوك، صص 521، 579، 584.

([6]) لم يبق من تاريخ ابن الساعي المذكور الا الجزء التاسع طبع بتحقيق مصطفى جواد (بغداد-1934).

([7]) خليل سعيد عبد القادر، منهج البحث التاريخي، ص133.

([8]) الإعلان بالتوبيخ، ص773.

([9]) ابن النديم، الفهرست، 98.

([10]) مرتضى النقيب، محاضرات في منهج البحث التاريخي، ص11.

([11]) العمري، موارد الخطيب، ص88.

([12]) المرجع نفسه، ص89.

([13]) المرجع نفسه، ص87.

([14]) العمري، موارد الخطيب البغدادي، ص385.

([15]) العمري، بحوث في السنة المشرفة، ص54.

([16]) العمري، موارد الخطيب البغدادي، 412.

([17]) الإعلان بالتوبيخ، ص605.

([18]) المصدر نفسه، صص 605-609.

([19]) العمري، موارد الخطيب، ص412.

([20]) المرجع نفسه، ص412.

([21]) ابن خلكان، وفيات الأعيان، 1 / 52.

([22]) المصدر نفسه، 1 / 52.

([23]) المصدر نفسه والصفحة.

([24]) فيصل السامر، ابن الأثير، ص147.

([25]) المرجع نفسه والصفحة.

([26]) طبع مع كتاب مختصر في فضل الجهاد بتحقيق اسامة ناصر النقشبندي (بغداد-1983).

([27]) قدامى بن جعفر، الخراج وصنعة الكتابة، صص 33-35، 36-37، 59-62.

([28]) أنظر الباب الثالث عشر من كتاب الأحكام السلطانية.

([29]) انظر الباب التاسع من كتاب قوانين الدواوين.

([30]) العمري، موارد الخطيب البغدادي، ص87.

([31]) تنظر القصة الطريفة التي ذكرها وبطلاها كبيرة الجواري في قصر الخلافة وأحد تجار بغداد في كتابه المنتظم،ج6/ صص254-260.

([32]) طبع بعناية لويس شيخو (بيروت-1909م).

([33]) انظر هذا الكتاب العمري، موارد الخطيب، ص41، هامش 4.

([34]) هناك الكثير من المصطلحات الدالة على نقل المؤرخين من الوثائق الخاصة مثل : الرسائل المتبادلة بينهم انظرالكتاني، ذيل مولد العلماء،1 / 199 ؛ ابو نعيم، حلية الأولياء، 9/103 ؛ الخطيب البغدادي،1/314 ؛ ابن حجر، الدرر الكامنة، 5 / 502.

([35]) وفيات الأعيان، 6 /127-138. حيث أوردها بتمامها وكمالها.

([36]) نشرها عبد اللطيف إبراهيم ضمن مجموعة أبحاث عن المؤرخ ابن تغري بردي(القاهرة-1974).

([37]) ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة،ج12 /49-52 وقد نقلها بنصها.

([38]) سبط ابن الجوزي، مراة الزمان،ج8 /ق1 / ص336.

([39]) تذكرة الحفاظ،ج4 / ص1328.

([40]) المصدر نفسه،ج4 / ص1329-1330.

([41]) طبع بتحقيق علي شيري، دار الفكر(بيروت 1415هـ).

([42]) سبط ابن الجوزي، مراة الزمان، ج8 /ق1 /ص81.

([43]) روزنثال، علم التاريخ،214.

([44]) ألف أكثر من خمسمائة كتاب ورسالة في مختلف العلوم،انظر عنها دراسة عبد الحميد العلوجي، مؤلفات ابن الجوزي، ص63 فما بعد.

([45]) انظر مصادر التاريخ الاجتماعي في هذه الدراسة.

([46]) ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج3 / ص33.

([47]) ابن كثير، البداية والنهاية، ج13 / ص149.

([48]) ابن خلكان، وفيات الاعيان، ج3 / ص33.

([49]) ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج1 /ص2.

([50]) ابن شاكر،عيون التواريخ، ج21/ص357؛ اليونيني، ذيل مراة الزمان، ج4/ص270.

([51]) البداية والنهاية، ج1، ص323.

([52]) طبع بجزئين بتحقيق سامي الدهان (بيروت-1962).

([53]) السخاوي، الضوء اللامع،ج2/ص267؛ الصيرفي،أنباء الهصر، ص175.

([54]) كان أبوه واحدا من كبار الأمراء المماليك تدرج في الوظائف الكبرى حتى تسنم منصب أتابك العساكر في الديار المصرية، فأصبح بذلك أهم شخصية بعد السلطان، أنظر ابن اياس، بدائع الزهور،ج1/ص353.

([55]) المنهل الصافي، ج3 / ص478.

([56]) انظر عن مؤلفات ابن تغري بردي الكثيرة والمتنوعة فاضل جابر ضاحي، ابن تغري بردي وكتابه النجوم الزاهرة، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية الآداب، جامعة الكوفة، 1996، ص62-97.