تصنیف البحث: ادارة
من صفحة: 50
إلى صفحة: 66
النص الكامل للبحث: PDF icon 4-3.pdf
خلاصة البحث:

تهدف الدراسة إلى قراءة جديدة للفكرة الجغرافية ذات العلاقة بالإقليمية ، بغية تشخيص معالم الحيز المكاني الذي لا تنبع أهميته من ذاته كمكان، بل من فلسفته المكانية ذات العلاقة بالجغرافيات الأخرى التي تمنح كل منطقة خصوصيتها في الـتعامل مع الأخرى على وفق ديمقـراطية مكانية تعبر عن خصائصها الذاتـية، بامتدادات تكافلية مع المحيط الموضوعي بما يتفق مع مسار الهدف الواحد، وليس مع مسار التجزئة.

البحث:

 

المقدمة:

تهدف الدراسة إلى قراءة جديدة للفكرة الجغرافية ذات العلاقة بالإقليمية[1]، بغية تشخيص معالم الحيز المكاني الذي لا تنبع أهميته من ذاته كمكان، بل من فلسفته المكانية ذات العلاقة بالجغرافيات الأخرى التي تمنح كل منطقة خصوصيتها في الـتعامل مع الأخرى على وفق ديمقـراطية مكانية تعبر عن خصائصها الذاتـية، بامتدادات تكافلية مع المحيط الموضوعي بما يتفق مع مسار الهدف الواحد، وليس مع مسار التجزئة.

تنتمـي الإقلـيمية إلى المستقبل، وسـتكون عمل الأجيال المقبلة، وقد أصبحت من الكلمات المثيرة catch words)). فهي تحمي الأقليات وتسند مشروعية الأكثرية، وتحافظ على أخلاقيات المكان دون التفريط بوحدة المكان الوطني. كما أنها تساعد على إبراز الممارسات الايجابية لجميع مكونات المجتمع الذي يبرز أفضل ما لديه مما يخلق منافسة مشروعة لتقويم الذات من خلال الآخر، وبهذا يستفيد أجمالي المكان من كل ما هو ايجابي لتطوير آليات العمل المشترك لصالح الدولة بشكل عام.

وينبغي إن تساعد الإقليمية على بلورة بيئة حضرية تدخل مكونا أساسيآ في خلق المجتمع المنتج، لاسيما إذا كانت السلطات المحلية تتمتع بالكفاءة والنزاهة، وتقدم الموضوع على الذات لتطوير كل مدن الإقليم بكفاءة عالية تحترم الوقت وتختزل الكلف بحيث تكون دافعا للانجازات الفكرية الإبداعية.

لـقد ظهـرت فكـرة البحـث من قراءة التـراث الجغـرافي، وعلاقـته بالإقـلـيم والإقـلـيمـية. وقـد أوحـت تلـك القراءة بان العلاقة السابقة قد اختلفت الآن. وعليه برزت إشكالية، حاول البحث إلى بلورة مشكلتها وهي ((لماذا اختلفت العلاقة التقليدية بين فكرة الجغرافيا كعلم والإقليمية كاديولوجية[2] في ضوء المتغيرات الدولية المستجدة؟)).

ولإيجاد رؤية يمكن من خلالها الإجابة عنالمشكلة التي طرحها البحث، تم صياغة الفرضية القائلة ((إن التغيّرات التقانية والاقتصادية لحساب الدول القوية أدت إلى اختلال في مستوى العلاقة من المكان الأصغر باتجاه المنطقة الأكبر، حتى أضحت الأيديولوجية المكانية تمارس دورا في خلق وعي سياسي جديد للهيمنة على الأرض بتقليص خصوصيات المكان ودمجه بالمنطقة الأوسع)).

الوضع الاقتصادي وتشكيل الإقليم:

يشير المبدأ الجغرافي إلى أن العنصر الإقليمي[3] للمـدينة يصنف مكانياً إلى وظيفتين: محلية وإقليمية[4] وان التمييز بينهما له أهمية في عملية التخطيط الإقليمي. ويبدو أن العنصر الإقليمي هو أصل وظيفة المدينة وبهذا فان جوهر فكرة المدينة هي أن تخدم منطقة تابعة لها. حيث يبرز التأثير المكاني المتبادل بين المدينة والريف بعلاقة وثيقة جدا ناجمة عن حركة الناس والطريقة التي يكسبون بها عيشهم ونوع الحياة التي يحيونها[5]، وهذا يتولد منه علاقة تتمثل بردود أفعال تخلف مركبآ إقليميآ متفردا[6]، يمزج بين خصائص البيئة الحضرية والبيئة الريفية بمعطياتهما الطبيعية والبشرية، مما يولد تخصصا لكل قرية تخدم المدينة بحيث تصبح أحد إشكال التنظيم السياسي التي تستمد بريقها من خيرات الريف الذي يقوم بتمويلها غذائيا مقابل تقديم المدينة خدماتها الحضرية ومصنوعاتها إلى ريفها المجاور.

إن العلاقة تحت ظروف الاقتصاد ذي الاكتفاء الذاتي الذي يظهر فيه نمط معين من الحياة، قد يضمن المحافظة على الخصوصيات المحلية لزمن غير قصير[7]، كانت تمثل الهيمنة الحضرية المكانية ويمكن أن تكون حسب التعبير السياسي الحديث حالة استعمارية تسلطية على الريف الذي يتسع أو يتقلص تبعآ لحجم وهيمنة المدينة وطبيعة توجهاتها. ألا أن هذه العلاقة قد تعدلت جزئيآ بين المدينة والريف في ظل نظام اقتصادي هدفه زيادة التبادل التجاري من جراء تطوير القطاع الزراعي والقطاع الصناعي. فالدور التجاري للمدينة مهم في العلاقة بين المدينة والإقليم وان أداء المدينة لهذا الدور تكافليآ يجعلها أداة تكامل مفضية إلى بروز إقليم وظيفي[8]. هذا الأمر أدى إلى اعتماد آليات اقتصادية جديدة بلورت بروز المدينة الأوربية في العصر الوسيط بحيث بدأت تشكل ظاهرة سكانية وسياسية واقتصادية، لم نجدها تبرز بذات الوقت في المدينة العربية إلا بشكل نسبي في بداية الستينيات. إذٓ لا تزال المدينة عندنا عاجزة عن توفير مستلزمات ديمومتها ذاتيآ. فهي مدن تقتصر على تقديم الخدمات فحسب، بينما جوهر العلاقة بين المدينة الأوربية وريفها المجاور قد تغير مع الابتكارات والاختراعات وتطور النقل والاتصالات حتى كادت تختفي الفرو قات الحضارية بينهما إلى حد ما، أي إن المدينة سحبت ريفها إليها، بينما مدننا تريّفت (Ruralization ) وهذا يؤشر الميل النفسي للثقافات المتباينة ضمن المدن المختلفة في تكوين عالمها المستقبلي.

دور النقل في تطور العلاقات الإقليمية:

تستمر التغذية الاسترجاعية (Feed back) بين الأجيال في المكان بمكوناته الحضارية والثقافية لزمن طويل في حالة وجوده معزولا، ويكون تطوره بطيئا جدا عبر صيرورة الزمن، فالقصور الجغرافي (geographical Inertia) للمكان المعزول، أو المجتمع المغلق يكون واضحا حيث تختفي فيه العلاقات الرابطة بين ألاماكن من جراء عزلتها، ما لم يكن ثمة وسيلة تشد الكيانات المختلفة إلى بعضها وتسهل الاتصال فيما بينها وتغيّر القناعات الذاتية لتلك المجتمعات بضرورة الاتصال والحاجة إليه للتعامل مع الأخرى. مما يفضي التلاقح بين المورثات في بداية الأمر إلى تغيير طفيف للبنية الفكرية الذي من شأنه أن يجعل منظور الجماعة إلى العالم مختلفا عما كان عليه، وان ما يشجع على أبراز العلاقات ونموها هو عنصر النقل والاتصال الذي يمنح اتجاهات متعددة ويقتحم الثوابت المورثة بما ينقله من أفكار وأشياء يجددان من طبيعة المكان. وقد ساعد النقل والاتصال على لملمة الأجزاء المكانية المتباعدة على وفق آلية الامتداد نحو التكامل حينآ والانكماش نحو مراجعة تشكيل الذات المتجددة أحيانآ أخرى. فالإقليم يحمل طابعه المحلي في لهجته وفنونه وألعابه الشعبيه وطريقة تفكيره وتُكون عناصره هذه كياناً سياسياً ذي استقلالية وتفرد (unique), لمّا كان النقل لم يزل دون تأثيره الحالي مما سمح إلى تقوقع الأنماط المحلية القائمة في المكان آنذاك[9]. وان التغير البطيء أدى إلى تأخر تطور تكنولوجيا النقل والاتصالات بحيث جعل المدينة تعتمد على الريف المجاور الذي يمثل إقليمها لضعف أمكانية قيام علاقات أكثر بعداً.

اخذ الاتصال يحل محل العزلة مع تطور النقل والاتصال، فازدادت مديات الحركة البشرية والسلعية وتقاربت الأقاليم من بعضها حد الاندماج نتج عنه ظهور الدولة الوطنية بعد ذوبان جزء من الخصوصية المحلية تحت غطاء التجانس النسبي لتدعيم الوحدة الجديدة، فالإقليمية هي الأساس في توحيد الدولة وظهورها ولا يمكن أن تكون غير ذلك فقد أصبحت أساس الحياة الحديثة، وعليه ستبقى الرافد الرئيس لاستمراريتها على وفق خصوصيتها التي ترتبط بقاسمها المشترك ضمن سيادة الدولة التي همشت جزءٓا من الفرو قات الإقليمية لصالح المجتمع ككل وتنظيمه وظيفيآ.

يبقى نمو شبكـة النقـل والاتصال وتطورها مفـيـدٓا لتأسيس علاقات بين الأقالـيم المختـلفة سواء داخل الدولة أو مع مناطق تـقع خارج حـدود الدولة، وقـد عمـل هـذا التـطور على إذابة الكـثـيـر من الخصائـص الإقـلـيـمـيـة القديمة وإيجاد مركـبآ جديـدآ دفـع بالعاصمة لاستـغـلالـه لصالـحها عـن طـريق تحويـل المـدن في الأقالـيـم إلـى ضواحي تـمـتص ثرواتهـم العاصمة التي تمثـل ثقبآ ابيضآ يبتـلع معظم خيرات المدن والأقاليم الأخرى, لـدرجة انخـفـض أداؤها وتـدنـت مستـوياتها الاجتـماعـيـة والاقـتـصاديـة والخـدمية، وفقـدت طابعها الحضاري إلـى حـد فقدان هويتها.

إلا أن أهمية النقل تكمن في ربط الأجزاء ببعضها على أساس التكافل الوظيفي وتنمية المكان قدر الإمكان وبشكل عادل لجميع أقاليم الدولة أو الوحدة السياسية وليس توظيفه في سبيل سرعة امتصاص ثروات المكان الآخر باعتماد علاقات سالبة بين الأقاليم بحيث ينجم عن ذلك توترات نفسية واجتماعية واقتصادية يصعب السيطرة عليها أو الحد منها لمستوى معقول لدرجة إنها يمكن أن تقوض استقرار النظام الحاكم لضعـف قدرته على إيجاد تنمية شاملة[10].

تغير مفهوم الإقليمية:

يطرأ على المفاهيم التي يطرحها المهتمون بموضوع معين تغيرات مع الزمن بحيث يتخذ المفهوم دلالات مختلفة من وقت لأخر، وان كل مفهوم جديد لابد أن ينسجم مع طبيعة الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتقانية. إن ما تعنيه الإقليمية وفق المنظور العام ((إدارة المكان المتفاعل[11]))، أي تنظيم الدولة أفقيا بإنهاء صراعها الاجتماعي عن طريق تأسيس أقاليم متكافئة إلى حد ما بتوجيه مركزي لا يقفز على عناصر التنظيم الذي تشكله، فالإقليمية إدارة، واللااقليمية (Irregionalism ) تمثل الدكتاتورية المكانية التي تنسجم مع الدكتاتورية السياسية، حيث الامتداد العمودي يبلور صراعآ اجتماعيآ لحساب مكان بذاته يجتزأ من الأمكنة الأخرى كامل تطلعاتها. وعليه يمكن الوقوف على بعض تغيرات[12] هذا المفهوم مع الوقت وهي:ـ

1ـ الإقليمية الثقافية (Cultural Regionalism ), حيث أكد الكتاب والقصاصون والشعراء والرسامون على استلهام مفردات البيئة المحلية وتجسيدها في نصوصهم، مما يؤدي إلى بروز حالات مكرسة في هذا المكان ولم نجدها في مكان آخر ـ وهذا قد يضيف " فيما لو كان إبداعآ " بعدآ جديدآ لما هو سائد عالميآ ـ وبهذا يمتد الخاص إلى العام ويندمج معه، ويتسع المكان رغم محدوديته الإقليمية إلى حدود الكرة الأرضية، إن هذه البيئة الجغرافية الطبيعية والبشرية قد تتعدى مرحلتها الوجدانية في حالة استلهام الطاقة الفكرية والبشرية في المرحلة الثانية.

2ـ الإقليمية الاقتصادية (Economic Regionalism )، وهذه الإقليمية تنمو باتجاه استغلال الموارد الاقتصادية وكل إمكانات الطاقة المحلية لتجنب التبعية السياسية والاقتصادية للعاصمة التي طالما استلبت حقوق الأقاليم الأخرى التابعة لها, وهنا التأكيد على أن لا ينحو هذا النوع من الإقليمية باتجاه يفقد الإقليم استقلاليته ويستلب خصوصيته وانتمائه الوطني تحت أي مبرر، وأن يبقى ملازمآ للوطن الأم، ويؤكد وجوده بشتى السبل ضمن السيادة وليس خارجها.

وقد ظهر أعادة التنظيم المكاني (Spatial reorganization ) بما ينسجم مع احتياجات الطبقة الحاكمة الجديدة[13].

3ـ الإقليمية السياسية (Political Regionalism )، وهذا المفهوم يدخل ضمن الفدرالية التي تستمد حركتها الداخلية فقط من السلطة المحلية بحدود الالتزام بقواعد وسلوك الدولة عمومآ. وعليه فان عملية التفويض (devolution ) تتفق فيها عملية الميول الحضارية للحكم المحلي مع الواقع الاقتصادي والبيئة الجغرافية للمنطقة بشكل خاص وعموم البلد بشكل عام, فالإقليمية هنا لا تنحو باتجاه الأفكار السياسية المؤدلجة، وإنما هي الضمير السياسي للأفكار البناءة[14].

4ـ اقليمية الاقتصاد السياسي المناطقي (Regionalism of the zonation political economy ), بدأ هذا المفهوم بالظهور منذ القرن السادس عشر لاسيما بعد أن حلًت بريطانيا محل اسبانيا ذات الاقتصاد التجاري (Mercantilists)، وسيطرت على أنها قوة خارجية على الاقتصاد البيروفي[15] (Peruvian ), وانتقلت إلى أنماط التجارة الخارجية مع نمو صادرات الأسمدة الطبيعية (guano ) والنترات، ثم دخلت الولايات المتحدة U.S.A)) محل بريطانيا بقوة في السيطرة على الاقتصاد والسياسة العالمية حيث وسعت الرأس المال الاحتكاري وفقا لمستجدات النصف الثاني من القرن العشرين، مقابل ما أكده الجغرافيون الماركسيون على وجود نوعين من العلاقات البيئية وهما العلاقات الطبيعية والعلاقات المكانية، حيث أبرزت أسلوباً للإنتاج يعبر عن نفسه بشكل مختلف تحت ظروف طبيعية متنوعة في أراض ٍذات نسيج حضاري متنوع الأساليب المتداعية للإنتاج الذي احدث تنوعا بين الطبقات الاجتماعية أو ضمنها الذي مهد فيما بعد انتهاء الحرب الباردة لصالح الولايات المتحدة إلى بروز إقليمية جديدة.

5ـ الإقليمية العولمية (the Regionalism of the globalism )، تبلور هذا المفهوم بعد التسعينيات من القرن العشرين حيث تحولت الرؤية السياسية ذات البعد الاقتصادي من المناطقية عن طريق دمج مجموعة دول بمشروع واحد تتداخل فيه الرؤى السياسية بالاقتصاد إلى اعتماد صراع الحضارات كاستراتيجيه لتبرير الهيمنة على دول الجنوب واستغلال مواردها، وهذا ناجم عن الهيمنة وليس على وفق منظور المصالح المشتركة لدول المنطقة (أي منطقة). حيث يكون المعطى الاقتصادي فعالآ في ربط مجموعة من الدول بخيوط من النسيج السياسي والثقافي المشترك كما هو المشروع الشرق أوسطي الذي يعد مشروعآ مفتوحآ لانضمام دول إضافية كلما دعت الإستراتيجية السياسية العولمية إلى ذلك, بحيث أضحت العلاقة أوسع من ذلك باعتماد نصفي الكرة الأرضية كطرفي للمعادلة إذ تهيمن دول الشمال ذات الإمكانات الاقتصادية والتكنولوجية على دول الجنوب ذات التبعية الاقتصادية والثقافية.

جدلية العلاقة بين الجغرافيا والإقليم:

تأتي المقاربة الشديدة بين جغرافية المدن والجغرافية الإقليمية من الدراسات الجغرافية التـي كشـفت عـن أهمية إقـليم المـدينة في حياتها رغم وجود اختلاف بين إقليم المدينة كمفهوم مع طبـيعة الإقـلـيم الشكـلي (المطـلـق) حيث يمثل إقليم المدينة الجانب الوظيفي الذي يحمل مضموناً اقتصادياً قد يدرس العلاقة بين الإنتاج والتوزيع والحركة فهو إقليم منـظم (Organized region )، بينما الإقليم الشكلي يحمل الصفة التركيبية (Formal Region ) ويكون متجانساً نوعا ما سواء طبيعياً أم بشرياً. وبهذه المقاربة فان إقليم المدينة يعطي للحيز المكاني عضوية متماسكة كونه يمثل عقدة (Nodal)، لكنه لا يغني عن بقية الأقاليم الجغرافية الطبيعي منها والبشري، التي تمنح إقليم المدينة بعداً مرئياً ومحسوساً تعبر عنه تكوينات جيولوجية وتضاريسية ومناخية ونباتية يساهم كل عنصر منها في توجيه الإقليم نحو المدينة وضمه إليها. فالإقليم لا يشترط تجانس واتفاق دوره مع حدود الحقائق البشرية لأنه إقليم ذو صفة وظيفية يضعف تأثير ألحتم البيئي عليه الذي يكون ممكناً لو كان تركيبيا، وهذا يحفز إلى استقراء الأسس التركيبية للإقليم من ظاهرات[16] متعددة تهتم بالتجانس الوظيفي[17]، وان أبرز تلك التي تحدد العلاقات الوظيفية هي العناصر الحضارية التي تعمل على انقسام اوالالتئام السياسي ضمن الوحدة السياسية. وهذا يجعل من الإقليم حيزاً ذا نظام من خلال تطور الإنسان والمكان[18] في العلاقة التبادلية القائمة بينهما.

يجمع اغلب المختصين الجغرافيين[19] إن الدراسات الإقليمية تمثل قلب الجغرافيا، كونها ترتقي إلى مستوى يمكن أن تبنى عليه مبادئ علمية[20]. وقد اخذ الاهتمام يتنامى في الدراسات الإقليمية في كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فالجغرافيا معنية بتكامل الظواهر,وان كل جغرافي لا بد أن يقوم بدراسات إقليمية، ولا ينصب اهتمامه على الظواهر ذاتها (أصلها وعملياتها) بل بالعلاقات التي تهتم بالتباين المكاني[21]. فالمناطق تختلف عن بعضها البعض في ضوء المركبات المتغايرة الملامح والمترابطة بقوة.

فالسمة النباتية (vegetative character ) مثلا لمنطقة معينة ومظاهرها الجيمورفولوجية تعكس الملامح الحضارية لتلك المنطقة، هنا ينبغي دراسة هذه المناطق على أساس كيفية اختلافها وكيفية ارتباطها، فان دراسة أية ملامح خاصة بشخصية المنطقة ينبغي قياسها في ضوء علاقاتها بالعوامل الأخرى في تلك الشخصية الكلية التي تعتمد على وفق قياسات نسبية لا مطلقة[22]. فالعلاقة[23] بين عاملين جغرافيين أو أكثر ضمن الإقليم تمثل معادلة ((دالية))[24] تنطوي على متغيرات متعددة. فأي عنصر جغرافي يدرس قد يكون متأثراً بأكثر من عنصرين أو بعدد غير قابل للقياس من العوامل البشرية. فالجغرافية الإقليمية معـنـية بدالات لا يمكــن أن يعبّر عـنـها بـدالة لأي عنصر بـمفرده بـل هي (الجغرافية الإقليمية) متمثلة بالعديد من المركبات العنصرية التي تقدم أشكالاً بنائية مختلفة الأهمية[25].

فالجغرافية الإقليمية هي ربط الوحدات المكانية ببعضها بغية كشف التكوين البنيوي والوظيفي والحضاري للإقليم الأكبر من خلال فسيفساء يستطيع الفرد أن يفهم الوظيفة المتغيرة بحدود معينة للكثير من العوامل المتغيرة شبه المستقلة حيث التجانس الإقليمي، الذي يمثل فكرة نسبية، فالجغرافية الإقليمية تدرس الطريقة التي تجمع بها المناطق الصغيرة (Districts ) بمناطق اكبر(Areas).

وقد يتمحور الإقليم سواء كان صغيرا أم كبيرا حول مسالة سياسية تمثل الدالة الرئيسة في تشكيله على أساس مناطقي وليس على أساس محلي، وهذا يرتبط بما يسمى بالإقليم المركب[26]، ويبدو أن ألأقاليم تختلف في النوع ودرجة التعميم، إلا أنها تشترك بصفة التراتبية إذ أن لكل وحدة إقليمية تماسكا داخليا، وان تميز أجزائها يساعد على فهم المنطقة المكونة للإقليم بشكل أوضح[27].

المجتمع الحديث والإقليمية:

تتألف معظم الدول من أقاليم[28](محليات) مختلفة طبيعيا وبشريا وحضاريا واقتصاديا. ويفعّل الجانب السياسي للمعرفة الجغرافية توزيع تلك الاختلافات والقيم البشرية ضمن الأجزاء المختلفة للدولة الواحدة، بحيث تتبلور أخلاقيات المكان (الحيز) (Ethics of space ) في تكوين المبادئ السياسية التي تتعامل مع الحيز الجغرافي كمكون لنسيج الدولة[29].

لدرجة تطمح المجتمعات إلى الاستفادة من الأقلمة ضمن السيادة العامة دون أحداث خلل في الرابط النسغي بينها، لخلق أبعاد أمكانية تكاملية على مختلف المستويات، وتنمية شعور نفسي قوي توحي به تلك النوايا السياسية على أساس اشتراكية المكان وتوزيع المنافع والدخل باتجاه تنمية الثقة بين قمة الهرم وقاعدته ليعمل الجميع من اجل الجميع. هذا يعكس طبيعة الوظيفة السياسية للدولة في التنسيق وحفظ التوازن بين تلك المحليات ضمانا للعدالة السياسية والمادية، ولتحقيق فلسفة مكانية سياسية يكون هدفها الأخير الانتماء إلى الدولة الأم.

فالإقليم هو الحيز الذي عليه تدور فلسفة المكان حسب معالم ومعطيات كل إقليم لخدمة قوة الدولة التي تزداد مع تنوع الأقاليم وتعددها على أن يحدث توازن بينها لتحقيق التنمية المكانية التي تستهدف التنظيم المكاني[30]. يضفي هذا المنظور أثراءَ على كيان الدولة في تباينها وتنوعها مما يبرز تماسكها ووحدتها عبر آلية تنافس وتفاعل المواهب والخبرات والثقافات المحلية، مما يحفز النزعة الوطنية بالانتماء أليها رغم أن الأرض تُقسم وتستعمل عليها النشاطات الاقتصادية التي تتأثر بعوامل حضارية أكثر من تأثرها بعوامل اقتصادية[31]، فالإقليم الحضاري هو في الأغلب توافقاتcombinations)) بين أجزاء من أقاليم طبيعية مختلفة[32]، فالكثير من مظاهر الحضارة تعود إلى التباين الإقليمي[33]. وهذا يشجع على الاندماج وخلق روح المنافسة والإبداع والابتكارات ويخفض بشكل كبير التوترات بين تلك الأقاليم مادامت حرية الأقاليم بكل أبعادها ترتبط بحرية الدولة ذات المنظور ألتعددي الموحد في سيادته الداخلية وسياسته الخارجية وعدالة توزيع الثروة بين الأقاليم المتنوعة.

إن هذا المنظور الذي نضجته العوامل الجغرافية لا يدعو إلى بلورة نظام سياسي إقليمي مستقل عن كيان الدولة الأم, لأن المحلية ذات الشعور بالانتماء إلى الوطن ليسـت حركة انفصالية، بل هي عملية أعادة التنظيم (Reorganization ) الإقليمي ضمن السيادة العامة للدولة، وغير ذلك لا مبرر له[34]. إن الحكومة المركزية رغم إمكاناتها بإدارة الأوضاع الداخلية، فهي لم تكن بالكفاءة ذاتها من أبناء الإقليم، لأنهم أكثر معرفة باحتياجاتهم ومعالجة مشاكل إقليمهم، وان تدخل الدولة بالتفاصيل الصغيرة يكون مدعاة لبروز وتشجيع حكم شمولي Totalitarian)) (دكتاتوري)، وان فصل بعض آليات الترابط بين المركز والأطراف يجعل من حركتيهما ذات مرونة عالية بحيث يكون المركز قادرا على أداء وظائفه العامة دون التفاصيل الإقليمية المحلية.

وإن أي اهتزاز لهذه العلاقة أيا كانت لصالح المركز سيخلق اضطراباً في الترابط العضوي يصدر عنه إيقاعات مشوشة تنحصر تردداتها بين المرسل والمستقبل تترتب عليها ردود أفعال من المجتمعات الإقليمية المختلفة ضمن الدولة تعبر عنها ممارسات مضمونها هادئ إلا أن دلالاتها تتناقض مع المنظور العام للمرسل (المركز) بحيث تشكل استفزازاً للمركز لدرجة يجعل ممارساته أكثر عدوانية على مجتمعات الأقاليم سواء على الجانب الخدمي أو الإنساني من جراء التجاهل المقصود الذي يوسع الهوة بين السلطة والرعية، مما يـنـبثق عنه إن صحَ التعبير(بالإبادة النفسية) للآخر، فتمسي الدولة بموجبها سلطة مخابراتية بدلاً من أن تكون حكومة ترعى مصالح مجتمعها بمكوناته المختلفة على أساس العدالة الممكنة. وإن هذه الرعاية تمنح الدولة رؤية مفيدة في الحالات الاعتيادية وغير الاعتيادية، لأن السلامة الوطنية لا تضمنها سوى العدالة الإقليمية التي تتفق مع حالة الدفاع الوطني بالانتشار دون التركيز[35]. وعليه فان أساس الحياة وتنظيم الدولة سوف يكون إقليميآً ولم يكن نهجا قسريآ (Procrusteanbed) بفضل ديناميته، لإغراض تنظيم المجتمع الحديث على أساس المواطنة لا على أساس الذاتية الضيقة أو الانحياز لمصلحة من ليس له علاقة بالوطن[36].

المركز والأطراف:

لم تبرز عواصم الدول لاسيما في دول العالم الثالث إلى حد ما حتى منتصف القرن العشرين على أنها مراكز استقطابية، لأن الاقتصاد العالمي بشكل عام لم يزل ذا رؤية تقليدية في طبيعة الإنتاج ونوعيته مما جعـله ينمو ببطء، ولا يلبي الإنتاج ألا احتياجات فئة معينة من المستهلكين مما لم يتح للدول أن تركز اقتصادياتها في مراكز القرار السياسي. إذ كان الاقتصاد الزراعي هو الأكثر فعالية في توزيع السكان على مساحة الإقليم، حتى أن معظم العواصم كان سكانها دون بقية المدن لانخفاض سكان الحضر[37]، كما أنها لم تكن مكاناً يشد السكان إليها وهذا ينسجم مع قول فنمان (Fenmann ) بأن الأجزاء المختلفة للجغرافيا تنطبق على أجزاء المنطقة بالدرجة ذاتها، إذ ليس ثمة قيمة نجدها في القلب هي أكثر مما عليه في الأطراف[38] شكل (1).

 
   

 

شكل رقم (1)

 

علاقة إقليمية متكافئة في ظل الاقتصاد التقليدي.

شكل رقم (2)

علاقة إقليمية مهيمنة في ظل الإنتاج الواسع

 
   

 

 

شكل رقم (3).

 

 

تداخل العوالم الإقليمية المناطقية وصراع المثلثات الاقتصادي.

 
   

 

مركز نفوذ السقف الثقيل مركز نفوذ

 

صراع اقتصادي معلن وسياسي خفي تعززه الدولة ذات التغيير الإبداعي الأسرع.

دول Intra

مركز نفوذ

الشمال Relation ship

دول Inter الجنوب Relationship

الجنوب

العلاقة الخطية لفقدان المساحة لتقنية كونها تمر في مرحلة الاقتصاد التبعي

مناطق التبعية مناطق التبعية مناطق التبعية

البطن الرخو

المصدر: فكرة الباحث.

فالنمو كان يشمل كل من النواة والأطراف ضمن حقل قوى الفعل الاقتصادي وسيطرته التكاملية، وقد أدت فـيـما بعد الكثـير من التـبـدلات السـياسـية والاقـتـصادية والثـقافـية إلى اعتماد خطوط أنتاج واســع (Mass production ) دعا إلى البحث عن أسواق لتصريف الفائض من الإنتاج، حيث السلوك الاقتصادي والإنتاجي قد تغير في الربع الأخير من القرن العشرين، مما اضطر المنتجين إلى تركيز مقرات مؤسساتهم العامة الصـناعية والتـجارية والخدمية في العواصم لـتـقـوم بدور المنافسة من حيث الإدارة، والتصميم، والإبداع الفكري، والدراسات والتطوير، والتسويق، دفع ذلك إلى استقطاب أفراد ذوي مهارات مختلفة، ولما كان هذا التركز يفضل العواصم التي تحرك نشاطها وأصبحت بؤر سياسية واقتصادية وتجارية كونها صانعة القرار فكان لابد من وجود هذه المقرات حيث المنافسة على أشدها، أدى ذلــك إلى الحاجة للمهارات المختلـفة لان تأتي إلى المركز لاسيما بعـد زوال الإقطاع كمرحلة سياسية – اجتماعية في الدولة، مما فسح المجال للاندفاع تحو المدن لاسيما العواصم، وكان معظم المهاجرين من المناطق الريفية بحاجة لتغيير نمط حياتهم والاندماج بالحياة الحضرية بغية نسيان آلام الماضي الزراعي، وهذا قد اضعف كيانات ريفية كانت ذا حجم سكاني كبير ربما استمر وجوده لمدة أطول لولا التحول السياسي والاقتصادي الذي نجم عنه إزالة الإقطاع.

إن هذا الوضع دفع العواصم بترتيب تنمية أماكنها بما يليق بقطبيتها التي تدور حوله بقية المدن الأخرى ضمن حدود الإقليم والدولة، فالهجرة من الريف إلى المدينة ابرز العواصم الوطنية في الحجم والإمكانات بحيث أصبحت في نهايات القرن العشرين حالات تنموية شاذة في معظم دول العالم بوجود جسم نحيل ينوء تحت رأس ثقيل، مما خلق توتراًَ بين المركز والإطراف, حيث جميع الخدمات والثقافات والنشاطات والتطورات تتمحور في العاصمة دون بقية مدن الدولة شكل (2)، ولّد هذا هوة بين العاصمة التي أخذت بريقها من خيرات المدن الأخرى واستنزافها إلى أقصاها, وبين المدن والريف المجاور والبعيد الذي لم يُدرْ بالشكل التنموي المطلوب وهذا ما يظهر طبيعة عدم التوازن ألحجمي لأقاليم دول العالم الثالث.

يبدو هنا أن عواصم معظم الدول لا تنتمي تمظهراتها الحياتية مع باقي المدن، فالنظم الدكتاتورية (Totalitarian) الشمولية لا تجد انجازاتها إلا في العاصمة التي أخذت توحد وتجانس النمط الحضاري والثقافي ضمن محيطها وتتجاهل المحليات بأنواعها، مما دفع بالعاصمة أو دول الشمال المتقدم من تشجيع المواهب من العلماء والفنانين والكتاب والمفكرين من التوجه إليها والسكن فيها، مما أدى إلى تهميش وتحييد المدن الأخرى أو الدول الأخرى على مستوى أعلى من التحليل ضمن النظام الدولي وهذا ينعكس على حصر الانجازات في مكان محدد وبكلف اقل وتوزيع الثروة على عدد اقل من السكان، فالمطلوب هنا التخطيط المحلي لا التنميط العاصمي على مستوى الدولة والعلاقات التكافلية بين دول الشمال ودول الجنوب على مستوى النظام الدولي كما يُؤشره.

وان عكس ذلك يمثل أكثر حالات عدم العدالة شيوعاً، فالعدالة بين المحليات وما بين الدول هو هـدف الجغرافية التطبيقية، وأن تنظيم الدول ينبغي أن يكون إقليمياً لا عاصمياً[39] شكل (3) حيث يذكر " فريدمان " أن نموذج المركزــ الأطراف يميل فيه النمو الاقتصادي إلى أن يحدث في الأقاليم، ومنها يتم تنظيم الاقتصاد والتطور مكانياً وان تحديد مواقع معظم المنشآت يتفق وارتباطها بالمدن والأقاليم الحضرية[40].

إن التنوع يجمع لما فيه من مضامين غير متكاملة في محتوى الجزء يجدها في الأخر، وهذا يولد لُحمه عضوية تسهم في اكتمالية (perfectibility) العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، واندماجها حيث يعمل المجتمع وكأنه منفصل عن بعضه في الظروف الاعتيادية، ما يلبث أن يُكون تروساً يحرك بعضها البعض في الأوضاع السلبية التي تواجهه.

فتضخيم الجزء على حساب الكل سواء على المستوى المحلي أو الدولي يولد ردات فعل عنيفة اتجاه الجزء المستغل لتأكيد الذات أمام من يمارس الدور لمحو شخصية هذا الإقليم أو تلك الدولة، وهذا يؤدي إلى بروز وعي إقليمي (Regional consciousness ) ذو نزعة عدائية إلى القطب المتطور.

وقد انبثق عن آلية الصراع المكاني بين نزعة القهر ونزعة التحرر سلوكا جماعيا يتمحور حول مسألة تعتمد على ثقافة المجتمع ومستوى العلاقة بين الحاكم والمحكوم في ذلك المكان، وتمثل هذه العلاقة احد النقاط الأكثر أهمية عند ممارستها ضررًا في توجهات السلطة ووجودها عندما يكون الصراع هادئا وسلميا وغير منظور، إلا أن تمظهراته التي تطفو على السطح وتتسع بين الفئات الشبابية تخلق تداعياتها قلقاً للسلطة التي تحاول ظاهرياً أن تبدو أكثر مرونة كون الحكم الدكتاتوري لا يواجه المعارضة بقدر ما يعمد إلى ابتلاعها[41]، مثلما تدرك المعارضة في الداخل أن الحائط لا يمكن إسقاطه بالجبين[42]. ومن هذه المعادلة تأخذ السلطة على عاتقها منح بعض الامتيازات الترقيعية للأقاليم بغية التخفيف عن تلك الممارسات واثبات النية الحسنة اتجاه أبناء المجتمع ككل، إلا أن هذا لا يقنع البعض لفقدان الثقة وهم يدركون أن الإستراتيجية السياسية الثابتة للحكم الشمولي ما لم تتغير على الأرض اتجاه ممارساتهم الثقافية والاجتماعية والدينية والسياسية، فالتكتيك لا يجدي نفعا. لهذا يمكن ملاحظة فشل محاولات العاصمة إزاء العمل المرحلي الذي تقوم به. وهذا هو انعكاس لنرجسية السلطة التي تقوم بالمراقبة والمتابعة على مستوى الفرد, لان النظم الشمولية هشة بطبيعتها كونها لا تستند على قاعدة واسعة.

الاقليمية والعولمة (Regionalism and Globalisation ):

يبدو أن ثمة اختلاف بين الإقليمية من جهة والعولمة وآلياتها من جهة أخرى. فبينما الإقليمية تحاول أن تجسد الخصوصيات إلى الحد الذي تكون نتائجها العملية تنتهي بالقواسم المشتركة لرؤية الدولة المركزية التي تنتمي أليها الأقاليم المختلفة نسبيا، بحيث يلاحظ على المستوى الدقيق (Micro ) وجود تمايز يتماهى مع المستوى الأكبر(Macro) الذي تمثله الدولة. فالاعتماد على الكيانات الاقاليميةRegionalization) ) التي تنبثق تلقائيا من النسيج الجغرافي تعد أمرا ضروريا لمصالح المجتمع الاقتصادية والاجتماعية وتنظيم حياته اليومية, وهذا أمر لا يمكن تجاوزه مادام ثمة أماكن لها خصائص جغرافية معينة استدرجت سكانا بعينهم أليها، مما استدعى إلى رسم صورة تختلف عن غيرها في المكان الآخر.

أما العولمة نجدها تعمل على احتواء العالم لدرجة تداخل فيها الزمان بالمكان بحيث أضحت الجغرافيا حدثاً تاريخياً والتاريخ موقعاً جغرافياً[43], وكلاهما يمثلان محاولات في التوحيد الوصفي[44]، مما برر للعولمة أن تسوق الزمن باتجاه المكان المختلف، أي ليست ثمة مكان يختلف عن الأخر بزمنه ألموقعي أو بموقعه الزمني، وهذا أضفى مشروعية توجهاتها التي تمخض عنها حتمية تشرّب ألكل بنضوحات الجزء. هذه الإشكالية (Problematic ) بين الإقليمية والعولمة أخذت تتعمق بعد أن سارت العولمة بالاتجاه المعاكس بتبنيها معادلة الكل يرتبط بالجزء! بينما الإقليمية تعد حاجة إنسانية، نجد أن العولمة هي مخطط النخبة للهيمنة بأفكارها الهلامية، فهي مقاربة, جد قوية لرياضيات الفوضى، التي تستند إلى حقيقة عدم القدرة على التكهن بأهدافها المتحركة، وأين تتوقف ؟ وماذا يراد من تحقيقها ؟ فهي في ظاهرها تتصف بالتبسيط الذي يخفي تعقيدًا ليس من السهولة كشفه والتعامل معه.

تقمصت العولمة الحالة الأميبية, في تغيير الخارطة السياسية والدينية والثقافية للعالم، لاسيما بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية. وقد برزت كيانات صغيرة تَماشىٰ ظاهرها مع الإقليمية بانفصالها السياسي والإيديولوجي، إلا أنها جميعا تعاني من أوضاع اقتصادية وسياسية ونفسية وثقافية وروحية مرتبكة. بمعنى أن اغلب هذه الدول لم تزل تبحث عن هويتها المستلبة، لان حكوماتها الجديدة ليس لها القدرة على أحداث تغيرات جوهرية في الهيكل السياسي والاجتماعي والاقتصادي لدولهم التي رضخت لأكثر من سبعة عقود تحت إيديولوجيا ظاهرها أنساني، بينما آلياتها الخفية دمرت الإنسان الباطن وحالت دون تجدده، ثم استلبته حتى سقطت مجتمعات هذه الدول المستقلة ثمرة ناضجة بين فكي[45] العولمة الساحق.

وفي الوقت ذاته اتجه ذراع من العولمة نحو دول أمريكا اللاتينية بحجة محاربة أنظمتها الشمولية ذات الاديولوجية اليسارية بطريقة دراماتيكية تُضفي الكارزمية للرئيس وتفعيلها نحو وجدان الشعب على أساس التحديات التي تواجهه كي تكون مدعاة لالتفاف الشعب حول قائدهم، مما يمنحه فرصة لممارسة دورهُ باستلاب وعي المجتمع الديني والثقافي، مقابل بعض الترقيعات لترسيخ الثقافة الأفقية على حساب الثقافة العمودية، ويتم هذا بإتباع أساليب توجهها (اليد الخفية[46]) التي تحرك اللعبة الكونية في إفقار المجتمع نفسياً وتعليمياً وصحياً دون اعتراض عليها , لان التحدي يتطلب مثل هذه الاستجابة، وإلا بماذا تُفسر عدم ابتلاع الولايات المتحدة الأمريكية لكوبا ؟ !.

وهنا يُمكن أن نستشف من وجود الوتد الدامي في خاصرة الوطن العربي (المشروع الشرق أوسطي) التحول من السيطرة على دولة بعينها إلى السيطرة على منطقة بكاملها ودمجها بمشروع واحد ذو ارتباط اقتصادي وثقافي واحد بعد تفكيك آليات تماسكه الدينية والاجتماعية، والتشكيك بالذات، وبخلط الأوراق وتغيير الدساتير والمحافظة على أدواتهم الصانعة للقرار في المكان.

إن الإقليمية نجدها في البنية الفكرية للإنسان العادي (Layman ) كونها ضرورة ماسة في تركيب وتنظيم المجتمع الحديث[47]، والحفاظ على خصوصيته. أما العولمة فهي فكرة تركيبية تمثل أيدلوجيات، الشركات المتعددة الجنسية ( Transenation Corporation) التي تفرض رؤيتها على الواقع، وعلى الأخر أن يقبلها ويعمل بها، وهذا يفسر لنا الاضطراب الحاصل في كل دول العالم وعدم استقراره، لان الإنسان يرفض تفكيك بنيته الفكرية وتسطيحها وإعادة تشكيلها مثلما يراد له لا مثل ما يريده هو. وهذا يستـفـز الخصوصيـة الجغـرافـيـة والفـطرية للإنـسان، وذلـك يكون مدعاة لـدخول العامـل البـشـري العـضوي Human – Organic Factor)) في الصراع بين التسطيح الذي تريده العولمة، والتكريس الذي تريده الأقلمة، وهنا يجد الإنسان أن أبعاده المادية هي دون الأبعاد الموضوعية لعجزه عن خلق التفاعل مع الأخر دون الانطلاق من خصوصيته. إلا أن الأدوات المعاصرة التي تغلغلت إلى تفكيره وزيفت رؤيته، ستجعله يمتد ليطول كل شيء وهو في مكانه وعندما يبحث عن ذاته يجدها مسلوبة. ينجم عن ذلك مركب نفسي يتوزع بين أن يطول الإنسان كل الأشياء في المكان الواسع وبين ما يفقده اجتماعياً ووجدانياً في المكان الضيق وهذا يؤدي إلى إحباط على المستوى الفردي والجماعي، وان التحولات ومسايرتها لها ضريبة لا بد أن تُدفع. يستدعي ذلك فكرًا جماعياً خلاقاً وليس أناساً يعملون بعواطفهم واحتياجاتهم الذاتية على حساب كيانهم ووجودهم وجغرافيتهم و تاريخهم.

وعليه يـفـضل أن تكون ثـمة قوانـين تـراعي تطـلعات المجتـمع دون مصادرة ثـقـافة الأقـلـية بـغـية خلق روح الانـسجام والتماسـك، لان التـبايـنات الإقـليـميـة المكانـية تحمـل في مغـزاها مقـاربة لمفهوم التكامل[48] (Concept of integration ). حيث تتفق الأقلمة مع حقائق الحياة الحديثة، فهي تتجاوز التقسيمات الإدارية بغيـة تـنـظـيم وحدات كـاملـة مـن الشعـور الاجـتماعي لإبراز منـاطق الحـياة المشتـركة (Areas of common life )، بأبعادها التاريخية والحضارية والثقافية التي تعد أمرًا ضرورياً للسيادة الذي يمثل الإقليم احد عناصرها الفعالة بوحدته الاقتصادية والمالية وبولائه المحلي المشترك.

فالإقليم يُعد بمثابة اتحاد جغرافي للعلاقات المكانية والبشرية ويبرز وحدة المصالح المشتركة والشعور المشترك في الحياة العامة للدولة التي تبدو أكثر تجانساً من خلال وعي الجماعة[49]. فالانصهار في الإقليم، والاندماج في الدولة جاء ضمن منطق تلاشي العامل المحدد ( Limited Factor) الناجم عن قصور فعالية وسائط النقل والاتصال الذي تم تحييده في الوقت الحالي.

الاسـتنتاجات:

جاءت في حيثيات البحث مجمـوعة من الـنـتـائـج، وقـد وجد البـاحثـان انه لابد من تـفسير لهذه النـتـائـج, بحيث برزت الاستنتاجات الآتية:

تتشكل العلاقة بين المدينة والريف المجاور تبعا لمستوى العلاقة الاقتصادية القائمة بينهما حسب المرحلة الزمنية. و يرتبط تأثير احدهما بالآخر في المتغير الثقافي وما تحمل عناصره من قيم روحية واجتماعية، فضلاً عن نظرة الإنسان في المكان إلى الحياة والعالم اجمع. وهذا يمنح فرصاً أوسع تتباين بين مكان وآخر من العالم في شدة تأثير المدينة على إقليمها اقتصادياً وثقافياً وحضارياً، أو العكس قد تخضع المدينة إلى ثقافة الإقليم التابع لها لمّا يتراجع البرنامج السياسي ويضعف دور المدينة في إدارة الإقليم. وهنا يبرز مستويان من المدن إحداهما: المدن المؤثرة وهي المنتجة، والمدن المتأثرة وهي التي يهبط فيها إيقاع التنمية.

كما غيرت التطورات التكنولوجية كثيرا في طبيعة ومستوى الاتصالات بين الأمكنة، لربط المجتمعات ببعضها وأحداث التلاقح الفكري والثقافي والحضاري. وان ما ينبغي الاستفادة منه هو ايجابيات هذا التطور الحاصل في اختزال الوقت وسرعة انتقال الأموال والسلع والأفكار والناس بين أماكن العرض والطلب، لا إلى استنزاف الآخر باستغلال موارده عن طريق تطور تقنيات النقل إلى حد إفقاره لحساب المكان المركزي، مما يخلق خللا في التوازن الإقليمي وضعف في التنمية التي تفضي إلى توترات تضر الإقليم ككل.

مرت التـغـيـرات التي طرأت عـلى مفـهـوم الإقـليمية بمـراحل خـمس، كانت تلك التغيرات ضمن المراحل الثـلاث الأولى تـقـلـيديـة التوصيـف إلى حد ما. إلا أنهـا أخـذت اتجـاها مخـالـفـاً فـي المرحـلـتـيـن الأخيرتين لتصبح الإقـليـميـة أيـدلوجـية تـعـتـمد صدام الحضارات لا سيما تلـك التي لم يزل التـقـليد الثقافـي المـتـوارث فـيـهـا قـويـاً، لأنه يشكـل تمـاسكها، ولغرض السيطرة عليها لا بد مـن ترهيـل نـسيـجـها الثقافـي والروحي للسيطرة عليها والانقضاض على مواردها الطبيعية والبشرية وزعزعة ثوابتها القيمية.

قد يتسع الإقليم أو يتقلص لاعتبارات جغرافية، فهو يمثل قلب الجغرافيا حيث يتحرك عليه الزمان ليكون جزءاً من المكان، مثلما يستوعب المكان الاحداث الواقعة عليه. فالتغيرات الحاصلة على المكان وفي الزمان ترتبط حاليا بالاديولوجية النابعة من مصادر القوة الاقتصادية والتقانية التي تحاول جاهدة للبقاء على ترتيبها المتقدم، مما يدفعها إلى تكييف الظروف السياسية لصالحها بغض النظر عن مشروعيتها وهذه العلاقة المؤدلجة بين المفهوم الجغرافي والإقليمي قد تفقد قوتها من جراء البقاء للأصلح.

يصعب متابعة أهداف العولمة المؤدلجة لتعدد أقنعتها ونمو أجزاءها تلقائياً في أي مكان اعتمادا على خلايا الأعلام والاقتصاد التي تنشط أدائها في المكان لذا فقد تغلغلت في المجتمعات البسيطة فأثرت على هياكلها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فغيرت الكثير من الرؤى والمعالم حتى أضحت الدول والمدن تتسارع فيها إيقاعات التغيير والتشكيل بما يتلاءم وأهدافها. لذلك برزت تشكيلات مناطقية واسعة ترتبط بقاسم مشترك بدلاً من المكان الصغير، وأخذت القوى المهيمنة تتداخل في طبيعة النظم السياسية والاقتصادية في المناطق بدلاً من التدخل مما افرز وضعاً جديدًا يتمثل في العلاقة بين المركز والأطراف حتى بات النصف الجنوبي من الكرة الأرضية إقليماً واحدًا يكاد يُدار بإستراتيجية واحدة بحيث أعطت الدول المتقدمة الحق لها بان توجه الأخر بما يخدم مصالحها لأنها دول أكثر سرعة وإبداعا في التطور.

الـمـصـادر

1. أبو العينين، حسن سيد احمد، جغرافية العالم الإقليمية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1984.

2. الاشعب، خالص حسني، إقليم المدينة بين التخطيط الإقليمي والتنمية الشاملة، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، بيت الحكمة، بغداد، 1989.

3. أمالريك، اندريه، هل يسقط الاتحاد السوفيتي حتى عام 1982، 1960.

4. الحديثي، طه حمادي، جغرافية السكان، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الموصل، الموصل, 1988.

5. الجابري، محمد عابد، العولمة والهوية الثقافية: عشر أطروحات، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 228، بيروت 1998.

6. حمدان جمال، جغرافية المدن.

7. خصباك، شاكر، علي محمد المياح، الفكر الجغرافي، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مطبعة جامعة بغداد، بغداد, 1983.

8. لابلاش، فيدال دي، أصول الجغرافيا البشرية، ترجمة شاكر خصباك، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد،1984.

9. منشل، روجر، تطور الجغرافيا الحديثة، ترجمة محمد السيد غلاب، دولت احمد صادق، طبعة أولى، مكتبة الانجلو المصرية،1973.

10. موسى، ماهر يعقوب، المدينة العربية والتنمية، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 228, بيروت، 1998.

11. هارتشون، ريتشارد، طبيعة الجغرافيا، ترجمة شاكر خصباك، الجزء الأول والثاني، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، بغداد, 1985.

12. Dickinson. R., city and region , London. 1964.

13. Emryes.John, Towns and cities, Oxford.1970.

14. Gites.A, J.Gites and J.D Fellman., Introduction to Geography, University of Illinais, urban champaign.1996.

15. Forbes.D.K.,The Geogrophy of under development , Acritical survey croom HEIM , London and Sydney.1984.

16. Freidmann John., The Role of cities in national Development, New york n.pb.1978.

الهوامش

 


 

[1]- تدخل الاقليمية في البنية الفكرية للانسان الذي يمتلك وعيا وحضارة في تطبيقها وان اختلفا تبعا للمكان والزمان، فالاقليمية تجعل منه نسيجا يتماهى مع اختلافات الاخرين في بناء مشتركات ينتمي اليها الجميع ضمن حدود مساحية معلومة.

[2]- الاديولوجيا :ـ هي كيف ترى الأمور أو الأشياء.

[3]- يشمل العنصر الإقليمي على قطاعين : ـ أولي (أساسي) وثانوي (غير أساسي)، فالأولي مبرر لقيام المدينة ويتوقف عليه نمو القطاع الثانوي.

[4]- R. Dickinson , city and Region , London. 1964. p.24.

[5]- شاكر خصباك، علي محمد المياح. الفكر الجغرافي في تطوره وطرق بحثه، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مطبعة جامعة بغداد، بغداد، 1983، ص 187.

[6]- جمال حمدان، جغرافية المدن، بلا تاريخ، ص 472.

[7]- فيدال دي لابلاش، أصول الجغرافية البشرية، ترجمة شاكر خصباك، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي, جامعة بغداد، بغداد, 1984، ص 148.

[8]- D.K. Forbes , the geography of under development , A critical survey , Croom. HELM, London and Sydney , 1984. p. 121.

[9]- جمال حمدان, مصدر سابق,ص 530.

[10]- ماهر يعقوب موسى, المدينة العربية والتنمية، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، السنة العشرون, العدد 228, شباط 1998, ص 65.

[11]- استثمار المكان كما ينبغي كي تعمل علاقاته الايجابية في تقوية المكان الآخر في الدولة.

[12]- جمال حمدان، المصدر السابق، ص 530, فيما يخص الفقرات الثلاثة الأولى.

[13]- D.K.Forbes., op.cit, p. 121.

[14]- جمال حمدان، المصدر السابق، ص 537.

[15]- الاقتصاد البيروفي (Peruvian economy): يمثل بداية الطور الجديد لتراكم رأس المال, إذ كان الطلب الأوربي يرتبط بالسلع الكمالية.

[16]- مثل المناطق الزراعية والصناعية والحرفية.

[17]- جمال حمدان مصدر سابق، ص544. انظر أيضا : روجر منشل، تطور الجغرافيا الحديثة، ترجمة محمد السيد غلاب ودولت احمد صادق, ط.الأولى, مكتبة الانجلو المصرية, 1973، ص56.

[18]- Emrys Jones, Towns and cities, oxford, 1970.p. 97.

[19]- مثل ساور sourc وبومان Bowman.

[20]- ريتشارد هارتشون، طبيعة الجغرافيا، ترجمة شاكر خصباك، الجزء الثاني، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، بغداد 1985، ص 598.

[21]- ريتشارد هارتشون, المصدر السابق, ص 281.

[22]- ريتشارد هارتشون, المصدر السابق, ص 283.

[23]- علاقة ناتج المحصول بالأمطار ومحتوى الدبال في التربة مثلا.

[24]- تتمثل بجانب طبيعي أو اقتصادي أو سياسي أو قومي، وعلى هذا الأساس قد تبرز دالة بعينها في تحديد أهمية الإقليم دون إخفاء أهمية الدوال الأخرى.

[25]- ريتشارد هارتشون, المصدر السابق, ص 303.

[26]- حسن سيد احمد أبو العينين، جغرافية العالم الإقليمية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1984، ص 18.

[27]- A.Gites, J. Gites and J.D. Fell man, Introduction to Geography, university of Illinois , urban chompaign.1996. p.47.

[28]- من النادر أن تتألف الدولة من إقليم واحد متجانس ألا أذا كانت صغيرة المساحة جداً.

[29]- جمال حمدان، مصدر سابق، ص 535.

[30]- خالص حسني الاشعب، إقليم المدينة بين التخطيط الإقليمي والتنمية الشاملة، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، بيت الحكمة، بغداد، 989، ص 20.

[31]- ريتشارد هارتشون، مصدر سابق، الجزء الثاني، ص 138.

[32]- المصدر نفسه، الجزء الأول، ص 278.

[33]- المصدر نفسه, الجزء الثاني، ص 249.

[34]- جمال حمدان، مصدر سابق، ص 534 – 535.

[35]- جمال حمدان، مصدر سابق، ص 539.

[36]- المصدر السابق، ص 541.

[37]- طه حمادي الحديثي، جغرافية السكان، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الموصل, الموصل، 1988. ص 648 وما بعدها.

[38]- ريتشارد هارتشون، مصدر سابق، الجزء الثاني، ص 308.

[39]- جمال حمدان, المصدر السابق، ص 537.

[40]- John Friedmann. The Role of cities in National Development. New York: n.pb 1978.p.71.

[41]- اندريه آمالريك، هل يسقط الاتحاد السوفيتي حتى عام 1982، بلا، 1966، ص 10.

[42]- المصدر نفسه، ص 19.

[43]- محمد عابد الجابري، العولمة والهوية الثقافية : عشر أطروحات، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد (228)، بيروت, 1998, ص 16.

[44]- ريتشارد هارتشون، مصدر سابق، الجزء الثاني، ص 58.

[45]- فكي العولمة هما : الاقتصاد الحر و إلغاء الهوية.

[46]- راجع المادة (17) من برتوكولات حكماء صهيون.

[47]-ريتشارد هارتشون، المصدر السابق، الجزء الثاني، ص 59.

[48]- جمال حمدان، المصدر السابق، ص 537.

[49]- ريتشارد هارتشون، المصدر السابق، الجزء الثاني، ص 59.