تصنیف البحث: القانون
من صفحة: 330
إلى صفحة: 353
النص الكامل للبحث: PDF icon 5-13.pdf
خلاصة البحث:

خيار التعيين أو ما يصطلح عليه في الفقه القانوني بمصطلح الالتزام التخييري، هو أن يكون هناك شيئان أو أكثر يصلح أي منهما أن يكون محلا للوفاء بالالتزام بحيث انه لو أدى المدين واحدا منها برئت ذمته .ولا يخفى ما لهذا الخيار من فوائد في الحياة العملية ،إذ ان فيه مجالا للتفكير والتروي واستشارة أهل الخبرة بأمور البيع فمن يريد أن يشتري مثلا ،بضاعة ويذهب إلى التاجر ويجد هناك عدة أنواع من البضائع يقع اختياره عليها ولكنه يجهل ماهية كل منها ،ففي مثل هذه الحالة يتفق مع التاجر على ثمن كل منها على أن يكون له أو للتاجر ، حسب الأحوال ، حق الخيار في أحدها خلال ثلاثة أيام ، حيث يستطيع خلال هذه المدة أن يستفسر عن ماهية كل من تلك البضائع من قبل أهل الخبرة والمطلعين على شؤون التجارة ويستأنس برأيهم ثم يختار إحدى تلك البضائع.

البحث:

 

مقدمة :

تحديد نطاق الموضوع وبيان أهمية خطة البحث وتقسيمها

خيار التعيين(1) أو ما يصطلح عليه في الفقه القانوني بمصطلح الالتزام التخييري(2). هو أن يكون هناك شيئان أو أكثر يصلح أي منهما أن يكون محلا للوفاء بالالتزام بحيث انه لو أدى المدين واحدا منها برئت ذمته .

ولا يخفى ما لهذا الخيار من فوائد في الحياة العملية ،إذ ان فيه مجالا للتفكير والتروي واستشارة أهل الخبرة بأمور البيع فمن يريد أن يشتري مثلا ،بضاعة ويذهب إلى التاجر ويجد هناك عدة أنواع من البضائع يقع اختياره عليها ولكنه يجهل ماهية كل منها ،ففي مثل هذه الحالة يتفق مع التاجر على ثمن كل منها على أن يكون له أو للتاجر ، حسب الأحوال ، حق الخيار في أحدها خلال ثلاثة أيام ، حيث يستطيع خلال هذه المدة أن يستفسر عن ماهية كل من تلك البضائع من قبل أهل الخبرة والمطلعين على شؤون التجارة ويستأنس برأيهم ثم يختار إحدى تلك البضائع. غير أن تلك الأهمية العملية لهذا الخيار تظهر في حالتي هلاك أو تعيب إحدى أو جميع الأشياء محل الالتزام ، حيث أنه وكما سنرى ، لو هلكت إحدى تلك الأشياء فلا يترتب على ذلك سقوط حق الدائن ، إذ إن حق الأخير سيتقرر في واحد من الأشياء الأخرى الباقية وفي هذا ضمان للدائن ولما كان الخيار يقع على أحد الأشياء محل العقد ، فإن الأمر قد أثار الالتباس حول مدى اعتبار المشتري مالكاً للشيء ، ولما كان الخيار يقع على إحدى الأشياء محل العقد والذي يقع عليه الاختيار منذ لحظة استخدام الخيار أم منذ إبرام العقد ، وعليه فإننا قسّمنا هذا البحث الى أربعة مباحث، خصصنا المبحث الأول لماهية خيار التعيين وشرائطه والمبحث الثاني لأحكام الخيار في حالة اشتراطه للمشتري والثالث لأحكام الخيار في حالة اشتراطه للبائع والرابع لفكرة الأثر الرجعي لخيار التعيين وقسمنا كل مبحث الى مطالب سنذكرها في حينها وأخيراً وضعنا خاتمة ضمناها لأهم النتائج والمقترحات التي أمكن التوصل إليها في هذا البحث.

المبحث الأول: ماهية خيار التعيين وشرائطه

ان البحث في مفهوم خيار التعيين يتطلب منا التطرق الى ماهية هذا الخيار أولاً وبيان شروطه ثانياً، وهذا ما سنتناولهما بالبحث تباعاً كل في مطلب مستقل.

المطلب الأول:ماهية خيار التعيين

ان ماهية خيار التعيين تتطلب منا بيان تعريفه أولاً وتمييزه عما يشتبه به من أوضاع ثانياً، وهذا ما سنتناوله بالبحث تباعاً.

أولاً: تعريف خيار التعيين

يقصد بالتعيين لغة ً تخصيص شيء من عدة أشياء إذ جاء في مختار الصحاح ان التعيين تخصيص الشيء من الجملة فيقال عين اللؤلؤ تعييناً..... الخ، وعين السارق إذا خصصه أي تعرَّف عليه من بين مجموعة من المشتبه بهم، وهو مأخوذ من عين الشيء(3).

أما اصطلاحاً فيقصد به حق تحديد الشيء من شيئين أو ثلاثة ورد عليها العقد، كما لو باع شخص أو اشترى شيئين أو ثلاثة على ان يكون له الخيار أو للطرف الآخر في تحديد احدهما أو واحداً منها(4). أو انه الالتزام الذي يشمل محله أشياء متعددة بحيث تبرأ ذمة المدين إذا وفى بواحد منها(5). أو انه يراد منه ان يعقد البيع على واحد من اثنين أو ثلاثة أشياء من القيميات بعد بيان ثمن كل واحد منها على حدة(6). فهذا خيار التعيين الذي يعّرف بالقانون بأسم الالتزام التخييري. ويطلق على خيار التعيين أحياناً تسميات خيار التمييز أو شرط الاختيار تمييزاً له من خيار الشرط. وقد أخذت به مجلة الأحكام العدلية تحت تسمية خيار التعيين (المواد 316-319) ومرشد الحيران (المادة409)، أما التشريعات المدنية العربية فقد أخذت به تحت تسميته الالتزام التخييري كالقانون المصري والتخيير في المحل كما في القانون الأردني والموجب التخييري كما في القانون اللبناني.

أما التشريع المدني العراقي فقد تناوله تحت عنوان الالتزام التخييري (خيار التعيين) في المواد (298-301) والذي يؤخذ على موقف التشريع العراقي في رأينا انه دمج العنوان بين التسمية الواردة في الفقه الإسلامي والتسمية الواردة في الفقه الغربي وكنت أرى اقتصار العنوان على (خيار التعيين) كونه أفضل.

ولخيار التعيين أهمية في حياة المعاملات والتجارة، فهو ضمان أكيد للدائن بحيث انه إذا هلك أحد الأشياء فحقه لا ينقضي ويتركز الالتزام المدني في الأشياء الباقية، كما ان خيار التعيين يعطي من جهة أخرى مجالاً للتفكير والتروي والسؤال من أهل الخبرة بأمور البيع والشراء(7).

ثانياً: تمييز خيار التعيين عما يشتبه به من أوضاع

قد يلتبس الأمر بين خيار التعيين من جهة وخيار الشرط والشرط الجزائي والشرط الواقف والالتزام (البدلي) من جهة أخرى. الأمر الذي يتطلب منا بيان أوجه التمييز بينهم كل على حدة.

1-خيار التعيين وخيار الشرط

يُعرَّف خيار الشرط بأنه (8) خيار يشترط فيه احد العاقدين أو كلاهما، بمقتضاه يكون لمن شرطه نقض العقد خلال مدة معينة، فان لم ينقض خلال هذه المدة صار لازماً له وان اشتراط هذا الخيار يعطي صاحبه فرصة للتأمل والتروي قبل الالتزام بالعقد نهائياً وهو يكون في العقود اللازمة التي تحتمل الفسخ كالبيع والإيجار.

ومن خلال التعريف أعلاه تتضح لنا أوجه التمييز بين الخيارين بالأوجه الآتية:

آ-من حيث الأثر، فان مصير العقد المقترن بخيار الشرط متوقف على نتيجة استخدام الخيار من مشترطه فان أجازه خلال المدة المتفق عليها لزم وان رفضه فسخ العقد، أما العقد المقترن بخيار التعيين فهو عقد نافذ لازم لا يجوز الرجوع عنه وحق مشترط الخيار فقط في تعيين شيء واحد من عدة أشياء ورد عليها العقد وليس له حق الفسخ أو الإمضاء كما في خيار الشرط(9).

ب- من حيث الثبوت، فخيار التعيين لا يثبت إلا للمشتري فقط أو للبائع فقط ولا يجوز ان يثبت للبائع والمشتري معاً أو لأجنبي في حين ان خيار الشرط قد يثبت للبائع فقط أو للمشتري فقط أو لهما معاً أو لأجنبي عنهما(10).

ج-من حيث التوريث، فخيار التعيين ينتقل الى الورثة إذا مات مشترطه خلال الفترة ولم يستخدم خياره، أما خيار الشرط فينتهي بوفاة المشترط ولا ينتقل للورثة(11).

2- خيار اذلتعيين والشرط الجزائي

يُعّرف الشرط الجزائي بأنه(12) اتفاق بين الدائن والمدين على مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه أو على مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه هذا.

ومن خلال ما تقدم يمكن بيان أوجه التمييز بين خيار التعيين وبين الشرط الجزائي بالأوجه الآتية:

آ- من حيث استحالة التنفيذ، في الشرط الجزائي إذا ما استحال على المدين تنفيذ التزامه لسبب أجنبي فينقضي هذا الشرط تبعاً للالتزام وتبرأ ذمة المدين، أما في خيار التعيين فلا ينقضي الالتزام بل يتركز في الأشياء الباقية(13).

ب- من حيث خيار التنفيذ: ففي الشرط الجزائي لا خيار للدائن أو المدين بين هذا الشرط وبين تنفيذ الالتزام الأصلي في حين ان لهما هذا الحق في خيار التعيين (14).

3- خيار التعيين والالتزام المُعلق على شرط واقف

يُعّرف الشرط الواقف (15) بأنه أمر مستقبلي غير محقق الوقوع يتوقف عليه نشوء الالتزام أو زواله.

ومن خلال ما تقدم يمكن تمييز خيار التعيين من الشرط الواقف في ان وجود الأول مؤكد بينما الالتزام المعلق على شرط واقف وجوده غير مؤكد وربما قد يقول بعضهم بان واقعة الاختيار يمكن ان تعتبر شرطاً واقفاً لأنها أمر مستقبل غير محقق الوقوع ولكن يرد على هذا القول في ان واقعة الاختيار هي أمر محقق الوقوع لان الخيار إذا ما كان للدائن وامتنع عن التعيين فسينتقل هذا الخيار للمدين وإذا ما كان للمدين وامتنع عن التعيين فللدائن ان يراجع المحكمة وهي التي تقوم بالتعيين(16).

4- خيار التعيين (الالتزام التخييري) والالتزام البدلي

يُعرّف الالتزام البدلي بأنه الالتزام الذي لا يشمل محله إلا شيئاً واحداً ولكن تبرأ ذمة المدين إذا أدى بدلاً منه شيئاً آخر(17)، ومثال ذلك ان يقرض الدائن المدين مبلغاً من النقود ويتفق معه على انه يستطيع عند حلول الأجل إذا لم يشأ ان يرد مبلغ القرض ان يعطيه بدلاً منه داراً فيكون مبلغ النقود هو المحل الأصلي والدار هي البديل(18).

ومن خلال ما تقدم يتضح بان خيار التعيين (الالتزام التخييري) يتميز من الالتزام البدلي في ان محل الأخير ينحصر في الالتزام بأمر واحد يعين منذ البداية مع إعطاء المدين الحق في الوفاء ببدل عنه في حين انه في الالتزام التخييري (خيار التعيين) يكون محل الالتزام عدة أشياء وان كان الوفاء لا يتم إلا بواحد منها وفقاً لما يختاره صاحب الخيار(19).

ويترتب على هذا الاختلاف الجوهري بين هذين الالتزامين الفروق التالية:

أ- إذا طالب المدين بالتزام بدلي فليس له الحق لا بالمحل الأصلي لأنه محل الالتزام في حين ان المدين له ان يعرض على الدائن أما المحل الأصلي وأما بشيء بديل في الالتزام البدلي وان كان الخيار للمدين فله ان يعرض أي من هذه الأعمال أي ان الالتزام البدلي هو دائماً للمدين والالتزام التخييري فتارة يكون للمدين وأخرى يكون للدائن(20).

ب- في الالتزام البدلي تتحد طبيعة الالتزام ومنذ البداية بطبيعة المحل الأصلي لا بطبيعة الشيء البديل فإذا ما كان الالتزام الأصلي عقاراً وكان البديل منقولاً كان الالتزام عقارياً وما له أهمية في تحديد المحكمة المختصة وقيمة الالتزام في حين انه في الالتزام التخييري فلا يمكن تحديد طبيعة الالتزام وتقدير قيمته إذا اختلف الشيئان إلا بعد استعمال صاحب الخيار لحقه في الخيار(21).

ج- إذا كان محل الالتزام في الالتزام البدلي غير مشروع فان العقد يكون في هذه الحالة باطلاً لبطلان المحل ولا يصار الى الالتزام البدلي في حين انه في الالتزام التخييري فلا يبطل العقد إذا ما كان احد الالتزامين باطلاً والآخر مشروعاً إذ ترتكز في الشيء الآخر المشروع(22).

د- إذا كان الالتزام بدلياً وهلك الشيء الأصلي لسبب أجنبي برأت ذمة المدعي حتى ولو كان البديل قائماً لم يهلك في حين ان الالتزام التخييري فلا تبرأ ذمة المدين إذا هلك احد الشيئين لان عليه ان يؤدي الى الدائن الشيء الآخر(23).

المطلب الثاني: شروط خيار التعيين

لا يصح خيار التعيين إلا إذا اجتمعت شرائطه وهذا الشرائط منها ما أشار إليها المشرع صراحة ومنها اكتفى بالقواعد العامة في الالتزام وهذه الشروط نتطرق إليها في جوانب ثلاثة، الأول : نتناول فيه اشتراط الخيار في العقد. الثاني : نتناول فيه تعدد محل الالتزام .الثالث : نتطرق فيه الى تحديد مدة الخيار في العقد.

أولا ً:اشتراط الخيار في العقد

ان هذا الخيار لا يثبت من تلقاء نفسه أو بحكم القانون بل لابد من اشتراطه في صلب العقد بعد أن يتفق عليه الطرفان(24) . وعليه فإذا ما كان محل العقد شيئا غير محدد من عدة أشياء ولا يوجد شرط التعيين فلا يصح ذلك لجهالة المحل ، لأن الأصل إن العقد يرد على شيء معين نافيا للجهالة ولا يهم سواء أكان المحل شيئا واحدا أو عدة أشياء كلها واجبة ، إلا أنه إذا ما كان المحل عدة أشياء وكان واحد منها هو واجب الأداء دون أن يتعين بعد ، فلا بد من اقتران ذلك بشرط التعيين سواء أكان هذا الشرط للبائع أم المشتري ، أما إذا خلا العقد من هذا الشرط مع تعدد المحل وعدم تعيين أحد تلك الأشياء ، فالعقد لا ينعقد في هذه الحالة لمجهولية المحل(25) . وبالرغم من عدم وجود إشارة واضحة في القانون المدني العراقي على ضرورة تضمين هذا الشرط في صلب العقد(26)، إلا أنه يمكن استنتاج مضمونه من خلال الرجوع الى الشطر الأخير من (( ف1 من م 298 )) منه الذي نصت بأن يكون (( ...الخيار في تعيينه للمدين أو للدائن )) والشطر الأخير من ( ف2 من هذه المادة ) التي أشارت الى أنه (( ... أو اتفق المتعاقدان على إن الخيار يكون للدائن )) أما القانون الأردني فقد أشار صراحة الى هذا الشرط في المادة (189) منه وقانون المعاملات المدنية الإماراتي في المادة (231) بالقول من انه ((يجوز الاتفاق على ان يكون المعقود عليه أحد شيئين أو أشياء ثلاثة.....)) ويرى البعض انه لا يشترط في هذا الاتفاق ان يكون صريحاً بل يصح ان يستفاد ضمناً من الظروف(27).

ثانياً :- تعدد محل الالتزام

لكي نكون أمام عقد محله متعدد الالتزام ، لابد أن يكون التعيين قد ورد على عدة أشياء مختلفة يكون لصاحب الخيار ( البائع أو المشتري حسب الأحوال ) الحق في اختيار أحد تلك الأشياء . لذا لو ورد الالتزام على شيء معين أو عدة أشياء كلها واجبة الأداء فلا مجال للقول في خيار التعيين لأن الالتزام هنا بسيط وليس موصوفا .

غير إن التساؤل الذي يثار بهذا الخصوص هو معرفة عدد الأشياء، التي ينبغي أن يرد عليها العقد . فكم عدد تلك الأشياء هل هي ثلاثة أم أكثر ؟ .

بالنسبة للقانون المدني العراقي لم يشترط أن يكون عددا معيناعدد معين للأشياء التي يرد عليها الالتزام التخييري وهذا يعني إمكانية تعددية الثلاث، اذ أن كل ما أشارت إليه ( ف1 من م298 ) من هذا القانون بأن الالتزام يكون تخييرياً إذا أشتمل على عدة أشياء وكذلك أشارت (المادة 275) من القانون المدني المصري بأن يكون (( ...محله أشياء متعددة....... ))، وكذلك أشارت المادة (56) موجبات لبناني الى ان خيار التعيين ((...يكون موضوعه مشتملاً على جملة أشياء.....)) والذي يفهم من هذه النصوص أن محل الالتزام يمكن أن يكون شيئين أو ثلاثة أو أكثر(28). أما المشرع الأردني فقد أخذ بالرأي الأول واشترط عدم زيادة محل الالتزام عن ثلاثة أشياء وهذا ما أكدته المادة (189) من القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي المادة (231) منه بالقول ((.... ان يكون المعقود عليه أحد شيئين أو أشياء ثلاثة))، وهو رأي مجلة الأحكام العدلية المادة (316)(29).

كذلك يشترط ذكر ثمن كل شيء من تلك الأشياء التي يرد عليها الالتزام و إلا فإن العقد يكون باطلاً لجهالة المحل وهذا الأمر ثابت في الشريعة والقوانين الوضعية ومنها قانونا المدني بالرغم من عدم الإشارة إليه صراحةً ، غير أنه يمكن التوصل الى ذلك من خلال القواعد العامة في عقد البيع والتي تعتبر الثمن محلا لهذا العقد وبانتفائه ينتفي هذا العقد في حين ان القانون الأردني في المادة (189) منه اشترط بيان بدل كل منها، كما يجب أن تتوافر في الأشياء محل الالتزام الشروط العامة الواجب توافرها في المحل الالتزام الشروط العامة الواجب توافرها في المحل حيث ينبغي أن يكون كل من تلك الأشياء موجوداً أو ممكن الوجود ومعيناً تعييناً نافيا للجهالة أو قابلا للتعيين ومشروعا وإلا بطل العقد ، كما ويجب أن يقع الخيار من قبل البائع أو المشتري على أحد تلك الأشياء فقط وليس على شيئين أو أكثر منها ، في حين ذهب بعض الزيدية إلى القول بجواز أن يرد الخيار على أكثر من شيء ورد عليه العقد(30)، غير أن القوانين المدنية ومنها القانون المصري والأردني والعراقي قد أخذت برأي الأحناف واشترطت أن يرد الخيار على شيء واحد فقط وليس على أكثر من ذلك(31). ولابد من توافر شروط المحل في كل الأشياء التي التزم بها المدين فإذا ورد التخيير على شيئين وكان احدهما غير مستوف لهذه الشروط وكان محل الالتزام في الشيء الثاني مستوفياً فيكون الالتزام بسيطاً غير موصوف و العبرة في توفر الشروط المتقدمة عند إبرام العقد فإذا توافرت في هذا الوقت ثم تختلف فالالتزام يكون تخييراً مع ذلك(32) وعلى العكس من ذلك إذا لم تتوفر هذه الشروط إلا في احد الأشياء ثم توفرت في بقية الأشياء بعد أبرام العقد والالتزام يكون بسيطاً غير موصوف(33).

كما ويجب أن يتفاوت محل الالتزام في كل من تلك الأشياء وهنا لابد من الإشارة إلى أن الأشياء التي يرد عليها محل الالتزام ألتخييري أما أن تكون أشياء قيمية أو أشياء مثلية . والأشياء القيمية ، هي بلا شك مختلفة عن بعضها، حيث لا يوجد لها نظير ولا يقوم بعضها مقام بعض في الوفاء ولذلك يصح اشتراط خيار التعيين في التزام محله أشياء متعددة فيها ، أما الأشياء المثلية فإنه يوجد ما يناظرها في السوق ويحل بعضها محل بعضها الآخر في الوفاء لذا فلكي يصح خيار التعيين فيها يجب أن تكون الأشياء محل الالتزام مختلفة من حيث الجنس أو الشروط ، فيجوز أن يكون المحل طناً من الحنطة أو الشعير أو الرز فإذا اتحد الجنس يجب أن يختلف في الشروط كمن يقرض آخر مبلغ 1000 $ بفائدة 3% أو 5000 $ بفائدة 4% فيجوز ذلك وهذا ما أشارت إليه صراحة ف1 من المادة (298) من القانون المدني العراقي من ((أن يكون محل الالتزام أحد أشياء قيمية أو مثلية من أجناس مختلفة)) كشرط لصحة خيار التعيين فيها . أما المشرع المصري والأردني واللبناني فقد أهملوا هذا الشرط واكتفوا بضرورة تعدد محل الالتزام فقط غير أنه لا يمكن استبعاد هذا الشرط في ظل تلك القوانين لأن القول بخلافه ينفي الحكمة من اشتراطه ، وعليه نرى بأنه يجب أن يتوافر شرط التفاوت بين الأشياء لصحة هذا الخيار في ظل هذه القوانين ويذهب البعض الى القول بأنه يصح ان يكون محل الالتزام في هذا الخيار عملاً أو امتناع عن عمل لان المهم هو ان يتعدد المحل فلا يقتصر على أداء واحد(34).

ثالثاً :- تحديد مدة الخيار

ان خيار التعيين ليس مطلقاً بل محدد بمدة معينة وهذه المدة غير محددة في معظم التشريعات المدنية التي أخذت بهذا الخيار وإنما تترك في تحديدها لأطراف العقد فقد ينفرد بها الدائن أو المدين أو معاً حسب الظروف(35).

فبالنسبة للمشرع العراقي(36) فقد أشار في المادة (299/1) من القانون المدني الى ضرورة تحديد المدة التي يكون فيها خيار التعيين من قبل الأطراف ولم يحدد تلك المدة وهذا يعني أنه أخذ بالرأي الذي أجاز أن تزيد المدة عن ثلاثة أيام ، غير انه نرى بأن هذه المدة يجب أن تكون مدة معقولة حسب المألوف في التعامل وإذا ما أثير خلاف حول هذه المدة ، فان المحكمة هي التي تحدد تلك المدة حسب الأحوال والظروف وهذا هو اتجاه المشرع الأردني (37) الذي حذا حذو المشرع العراقي ، في حين أن المشرعين المصري واللبناني لم ينصا صراحة على ضرورة تحديد مدة لخيار التعيين غير أنهما أجازا للعاقد الآخر في حالة امتناع صاحب الخيار، سواء أكان الدائن أم المدين حسب الأحوال ، عن استخدام خياره أو تعدد من لهم الخيار ولم يتفقوا أن يلجأ الى القضاء لتحديد أجل يستخدم فيه خيار التعيين من مشترطه(38) ولكن ما هو الحكم لو انتهت تلك المدة المحددة دون استخدام الخيار؟ .

لقد تطرق القانون العراقي الى هذه الحالة (39) والذي يفهم هنا ان الخيار إذا كان للبائع وامتنع عن الاختيار في المدة التي حددها الطرفان فللمشتري أن يطلب من المحكمة أن تتولى بنفسها تعيين محل الالتزام ، أما إذا كان الخيار للمشتري وامتنع الأخير عن الاختيار فان الخيار ينتقل في هذه الحالة للبائع، وكذلك فعل المشرع المصري في المادة (276) مدني حيث أشار انه إذا كان الخيار للمدين وامتنع عن الاختيار أو تعدد المدينين ولم يتفقوا فيما بينهم جاز للدائن ان يطلب من القاضي تعيين اجل يختار فيه المدين أو يتفق فيه المدينون فإذا لم يتم ذلك تولى القاضي نفسه تعيين محل الالتزام (40). أما إذا كان الخيار للدائن وامتنع أو تعدد الدائنون ولم يتفقوا فيما بينهم عيّن القاضي أجلاً، إن طلب المدين ذلك فإذا انقضى الأجل انتقل الخيار الى المدين(41).

في حين ان المشرع اللبناني قد أشار في المادة (64) موجبات الى انه إذا امتنع المدين عن الاختيار أو كان ثمة عدة مدينين لم يتفقوا على الاختيار حق للدائن ان يطلب من القاضي تحقيق المهلة لهم وتعين الشيء الذي يجب أداؤه إذا لم يختاروا في خلال هذه المدة. أما المشرع الإماراتي فقد أشار في المادة (232) من قانون المعاملات المدنية الى انه إذا لم يحدد المتعاقدان مدة الخيار المقرر لأحد العاقدين جاز للعاقد الآخر ان يطلب من القاضي تحديدها.

المبحث الثاني: أحكام الخيار في حالة اشتراطه للمشتري

إذا انعقد العقد الذي اشترط فيه خيار التعيين للمشتري(42) ترتيب أثره في ثبوت الملك له مع حقه في الخيار(43). فخيار التعيين لا يعلق حكم العقد ،كما هو الحال في خيار الشرط ،فحكم خيار التعيين يؤدي إلى ثبوت حكم العقد في حق مشترطه وفي حق الطرف الأخر وليس للمشتري ان يفسخ البيع لان هذا الخيار للتعيين لا للفسخ(44) ،فإذا ما اشترى شخص من أخر ثلاجة أو مجمدة أو مبردة هواء على أن يكون له الخيار في أحدها مدة ثلاثة أيام انعقد العقد نافذاً لازماً فلا يجوز للمشتري أو للبائع فسخه خلال تلك المدة إلا إذا اقترن به خيار الشرط .وكل الذي يوفره خيار التعيين للمشتري هو تحديد أحد الأشياء التي ورد عليها العقد خلال تلك المدة.

والذي نراه بهذا الخصوص هو أن خيار التعيين يفيد ثبوت الملك للمشتري في إحدى الأشياء التي ورد عليها العقد أما الأشياء الأخرى فهي أمانة بيده حتى يتم التعيين .

ولما كان هذا الخيار لا يؤثر في نفاذ العقد وإنما في تحديد مبيع معين من بين عدة أشياء ،فان المسألة التي تثار هنا هو حكم هلاك المبيع أو تعيبه خلال فترة الخيار(45)، فما هو حكم ذلك؟ الأمر الذي يتطلب منا بحثه في مطلبين: نخصص الأول لحكم هلاك المبيع والثاني لحكم تعيبه .

المطلب الأول: حكم هلاك المبيع

أن حالات الهلاك تختلف باختلاف المتسبب في ذلك فقد يقع الهلاك بخطأ المشتري أو بخطأ البائع أو بخطأ هما معا أو بسبب أجنبي وسنتناول هذه الأمور تباعا .

أولاً : حالة الهلاك بسبب أجنبي

وحالة الهلاك بسبب أجنبي(46) إما أن تقع قبل القبض وإما أن تقع بعده.

1- حالة الهلاك الواقعة قبل القبض(47)

وهنا تكون جميع الأشياء محل الخيار بحوزة البائع وتحت يده فإذا ما ورد الهلاك على أحد تلك الأشياء ،فأن البائع يتحمل تبعة هلاكها ويستطيع المشتري ما دام الخيار له ،تعيين أي من الأشياء التي لم تهلك ويرجع بها على البائع(48).

أما لو هلكت جميع الأشياء فأن البيع ينفسخ حكماً لهلاك محله ويتحمل البائع تبعة الهلاك(49)، وهو نفس الحكم بالنسبة للقانون الأردني(50) والمجلة(51)، والقانون الإماراتي (المادة233)، أما المشرع اللبناني فقد كان أكثر تفصيلاً من بقية التشريعات المقارنة حيث أشار في المادة (62) موجبات الى انه يسقط الموجب التخييري إذا أصبحت مواضيع الموجب كلها مستحيلة في وقت واحد بدون خطأ من المدينين، في حين ان المادة (61) موجبات تشير الى انه إذا كان أحد المواضيع وحده قابلاً للتنفيذ فالموجب يكون أو يصبح من الموجبات البسيطة أي يتحدد حق الدائن فيه فقط.

2- حالة الهلاك الحاصلة بعد القبض

فإذا هلكت إحدى تلك الأشياء محل الخيار فان المشتري هو الذي يتحمل تبعة ذلك(52).ويتعين حقه فيه، وعليه ان يرد الأشياء الأخرى للبائع لان يده عليها يد أمانة(53).أما لو هلكت جميع الأشياء فنرى هنا هل إن الهلاك وقع دفعة واحدة أم على التعاقب؟ فإذا ما وقع الهلاك دفعة واحدة فان المشتري يكون قد استوفى حقه لان الهلاك وقع والمبيع بيده إضافة إلى انه يلتزم بان يدفع للبائع النصف من الثمن الكلي للأشياء الهالكة لعدم إمكانية تمييز المبيع عن الأمانة لهلاكها جميعا في وقت واحد .أما لو حصل الهلاك على التعاقب فان الشيء الذي هلك أولا يعد المبيع ويتعين حق المشتري فيه(54)، أما الأشياء الأخرى فهي أمانة يتعين على المشتري أن يرد قيمتها للبائع إذا ما هلكت بتقصيره أو تعديه(55) .

ثانياً: حالة الهلاك بخطأ البائع (المدين)

فإذا ما هلك أحد الأشياء ، فان للمشتري (الدائن) الخيار في تعيين حقه في أحد الأشياء الأخرى محل العقد ،حتى لو كان ذلك الشيء الذي هلك نفسه فإذا ما اختار الشيء الهالك فانه يرجع على البائع بقيمته أما إذا اختار أسحد الأشياء الباقية الأخرى. فيرجع بقيمته على البائع ولا تبرأ ذمة الأخير إلا بالوفاء به .أما لو هلكت جميع الأشياء كان للمشتري ان يختار أيا منها ويرجع عندئذ على البائع بقيمته مع حقه في التعويض(56)، وهذا وفقاً للقواعد العامة في القانون العراقي والمصري والأردني، أما القانون اللبناني فقد أشار الى هذه الحالة صراحة في المادة (66) موجبات حيث وضحت هذه المادة انه إذا كان تنفيذ أحد مواضيع الموجب مستحيلاً بخطأ المديون أو بعد تأخره حقَ للدائن ان يطالب بالموضوع الذي بقي ممكناً أو بأداء عوض يناسب الضرر الناجم عن استحالة تنفيذ ذلك الموضوع أما إذا هلك الشيئان معاً بخطأ المديون فيكون للدائن وهو صاحب الخيار ان يطالب بقيمة ما يقع عليه اختياره.

ثالثاً: حالة الهلاك بخطأ المشتري(الدائن)

فإذا ما هلكت إحدى الأشياء كان للمشتري أما أن يختار الشيء الذي هلك بخطئه وعندئذ يكون قد استوفى حقه وتبرأ ذمة البائع، أو ان يختار إحدى الأشياء الأخرى التي لم تهلك ،وفي هذه الحالة عليه أن يدفع للبائع قيمة الشيء الذي هلك بخطئه(57) .أما لو وقع الهلاك على جميع الأشياء فالمشتري في الخيار في إحدى تلك الأشياء وتبرأ ذمة البائع ويرجع الأخير على المشتري بقيمة الأشياء الأخرى التي هلكت بخطأ المشتري(58) وهذا وفق القواعد العامة في القانون العراقي والمصري والأردني، أما القانون اللبناني فقد أشار صراحة الى هذه الحالة في المادة (67) موجبات التي أوضحت انه إذا اصبح تنفيذ أحد مواضيع الموجب مستحيلاً بخطأ من الدائن بعد ان اختار هذا الموضوع لا يمكنه ان يطالب بما بقي ممكناً من المواضيع وإذا تناولت الاستحالة كلا الشيئين برأت ذمة المدين وتعين على الدائن ان يعوضه عن قيمة أحد الشيئين وفقاً لما يختاره الدائن.

رابعاً :- حالات أخرى للهلاك

هنالك حالات أخرى يهلك بها المبيع يمكن تلخيصها بما يأتي :

1- إذا ما هلك أحد الأشياء بخطأ البائع وهلكت الأشياء الأخرى بسبب أجنبي

ففي مثل هذه الحالة فان للمشتري الخيار أما في الشيء الذي هلك بخطأ البائع فيرجع المشتري في مثل هذه الحالة على البائع بقيمته أو أن يختار الشيء الذي هلك بسبب أجنبي وعندئذ تبرأ ذمة البائع، إلا أن مصلحة المشتري في مثل هذه الحالة تقتضي أن يختار الشيء الذي هلك بخطأ البائع ،غير أن حكم هذه الحالة يقتضي أن يسبق الهلاك بخطأ البائع الهلاك بسبب أجنبي ،أما لو هلك الشيء الأول بسبب أجنبي وهلك الشيء الثاني بخطأ البائع فان التزام الأخير يتحدد في الشيء الثاني فيرجع عليه المشتري بقيمته(59).

2- إذا هلك احد الأشياء بخطأ المشتري وهلكت الأشياء الأخرى بسبب أجنبي

فللمشتري الخيار أما في الشيء الذي هلك بخطئه وعندئذ تبرأ ذمة البائع أو أن يختار الشيء الذي هلك بسبب أجنبي فتبرأ ذمة البائع أيضا ،إلا أنه في مثل هذه الحالة فان للبائع ان يرجع على المشتري بقيمة الشيء الذي هلك بخطأ الأخير .وعليه فان مصلحة المشتري تقتضي أن ينصب اختياره على الشيء الذي هلك بخطئه لكي لا يرجع عليه البائع بشيء(60).

3- إذا هلك احد الأشياء بخطأ البائع والشيء الآخر بخطأ المشتري

فهنا المشتري إما أن يختار الشيء الذي هلك بخطئه وعندئذ يكون قد استوفى حقه وتبرأ ذمة البائع أو أن يختار الشيء الذي هلك بخطأ البائع فيرجع على الأخير بقيمة ذلك الشيء إلا انه في مثل هذه الحالة فان البائع يستطيع أن يرجع على المشتري بقيمة الشيء الذي هلك بخطأ المشتري(61).

المطلب الثاني:حكم تعيب المبيع

العيب(62) إما أن يقع بسبب أجنبي أو أن يقع بحالات أخرى هي بخطأ البائع أو بخطأ المشتري أو بخطئهما معا وهذا ما سنتناوله تباعا بالبحث .

أولاً : العيب الحادث بسبب أجنبي

وكما بحثنا في الهلاك ،فان العيب إما أن يقع قبل القبض وإما أن يقع بعده .

1- العيب الحادث قبل القبض

فإذا ما بقيت إحدى الأشياء ،كان للمشتري الخيار إما في إحدى الأشياء الباقية فإذا ما اختار الشيء المعيب نفسه فتبرأ ذمة البائع ولا يجوز للمشتري في هذه الحالة أن يرجع على البائع بإنقاص الثمن قدر العيب لان المشتري هو الذي اختار الشيء المعيب بإرادته وهذا يسقط حقه في الضمان .أما لو تعيبت جميع الأشياء فللمشتري الخيار بين فسخ العقد أو بين بقائه مع إنقاص الثمن بالعيب بالنسبة للشيء الذي يختاره المشتري(63).

2- العيب الحادث بعد القبض

فإذا ما تعيب إحدى الأشياء فان المشتري هو الذي يتحمل ذلك ويتعين حقه فيه ،غير انه مادام الخيار له فيستطيع أن يختار شيء أخر غير الذي تعيب ولكن هنا ليس عليه أن يقوم بتعويض البائع عن العيب الحاصل في الأشياء الأخرى .لان يده تكون على البقية يد أمانة ما لم يقم البائع بطلبها ورفض المشتري ذلك فتكون يده عليها يد ضمان وبالتالي فانه يلتزم بتعويض البائع عن العيب الحاصل بها .أما لو تعيبت جميع الأشياء فيتعين على المشتري أن يختار إحداها فتبرأ ذمة البائع ولا يحق للمشتري أن يطلب إنقاص الثمن بقدر العيب أو فسخ العقد لان العيب حدث والمبيع بيده (64).

ثانياً : الحالات الأخرى للعيب

وهذه الحالات يمكن أجمالها بما يلي :

1- حالة العيب الحادث بخطأ المشتري

فإذا ما تعيبت إحدى الأشياء بخطأ المشتري تعين حق المشتري فيه ،وبما إن الخيار هو للمشتري فيستطيع هذا الأخير أن يختار إحدى الأشياء الأخرى ولكن هنا عليه أن يعوض البائع عن قيمة الشيء المعيب بخطأ المشتري .أما لو تعيبت جميع الأشياء فالمشتري الخيار في إحداها وعليه تعويض البائع عن العيب الحاصل في الأشياء الأخرى(65).

2- حالة العيب الحادث بخطأ البائع

فإذا ما تعيبت إحدى الأشياء كان المشتري بالخيار أما في الأشياء الأخرى غير المعابة أو بالشيء المعيب وهنا،نرى، من حق المشتري إذا ما اختار الشيء المعيب ان يرجع بالتعويض على البائع لان العيب حدث بخطأ الأخير . أما لو تعيبت جميع الأشياء فالمشتري بالخيار في إحداها مع حقه في إنقاص الثمن قدر العيب مع حقه بالتعويض أو فسخ العقد لان العيب يعطيه هذا الخيار(66) .

3- حالة تعيب إحدى الأشياء بخطأ المشتري وتعيب الأشياء الأخرى بخطأ البائع :

فهنا إذا ما اختار المشتري الشيء الذي تعيب بخطئه فتبرأ ذمة البائع أما لو اختار الشيء الذي تعيب بخطأ البائع فله إنقاص الثمن قدر العيب مع التعويض إلا انه في مثل هذه الحالة يكون من حق البائع أن يرجع على المشتري بالتعويض بالنسبة للشيء الذي تعيب بخطأ المشتري(67) .

المبحث الثالث: أحكام الخيار في حالة اشتراطه للبائع

إذا ما شرط الخيار للبائع(68) فان العقد يكون غير لازما من جهته لان له الحق في تعيين أحد الأشياء المباعة ،حيث يستطيع بناء على ذلك أن يلزم المشتري أيا شاء منها وليس للأخير أن يرفض ذلك لان العقد بات لازم من جهته إلا أن البائع في نفس الوقت لا يستطيع أن يلزم المشتري شيئا غير الذي ورد عليه العقد أو جميع الأشياء التي ورد عليها العقد لان المشتري التزم بشراء إحداها ولم يلتزم بشراء جميعها والقول بخلاف ذلك يؤدي إلى عدم صحة اشتراط الخيار لان الالتزام حينئذ سيكون بسيطا وليس موصوفاً(69) .وعموما ،فان ما يهمنا بهذه المسالة هو حكم هلاك المبيع أو تعيبه خلال فترة الخيار وهذا ما سنتناوله في مطلبين مستقلين :نخصص الأول، لحكم هلاك المبيع والثاني، لحكم تعيب المبيع .

المطلب الأول:حكم هلاك المبيع

والمبيع كما أوضحناه سابقا ،أما أن يهلك بسبب أجنبي أو يقع بخطأ البائع أو بخطأ المشتري أو بخطئهما معا وهذا ما سنتناوله بالبحث تباعاً .

أولا ً:حالة الهلاك بسبب أجنبي

والمبيع أما أن يهلك قبل القبض وأما أن يهلك بعده .

1-حالة الهلاك الحاصلة قبل القبض

فإذا ما هلكت إحدى الأشياء ،فان البائع يستطيع إلزام المشتري بقبول إحدى الأشياء الأخرى غير الهالكة لان الخيار له ولان محل الالتزام يتركز في مثل هذه الحالة بالأشياء التي لم تهلك .أما لو هلكت جميع الأشياء فان البيع ينفسخ حكما لهلاك محله ويتحمل البائع تبعة ذلك(70).

2-حالة الهلاك الحاصلة بعد القبض

فإذا هلكت إحدى الأشياء بعد القبض فان البائع يستطيع إلزام المشتري أما بالشيء الهالك ولا يرجع الأخير على البائع بشيء لان الشيء هلك والمبيع بيده فيتحمل المشتري تبعة هلاكه ،أما لو هلكت جميع الأشياء فالبائع بالخيار في تعيين إحدى الأشياء الهالكة فيتحمل تبعتها المشتري في حين يتحمل تبعة الأشياء الأخرى البائع(71) غير ان القانون المدني الإماراتي قد أشار في الشطر الأخير من المادة (235/2) منه الى انه (( إذا هلك الشيئان بعد القبض على التعاقب هلك الأول أمانة والثاني بيعاً وان هلكا في وقت واحد لزم المشتري ثمن كل منهما)).

ثانياً: حالة الهلاك بخطأ البائع

فإذا ما هلكت جميع الأشياء بخطأ البائع أو هلك احدهما بخطأ البائع وهلكت الأشياء الأخرى بسبب أجنبي فهنا يكون البائع ملزما بان يدفع للمشتري قيمة آخر شيء هلك وذلك لان التزام البائع يكون قد تركز في الأشياء الأخرى مادام واحدة من تلك الأشياء قد هلكت سواء بخطأ البائع أو بسبب أجنبي(72) ،أما لو هلك إحدى الأشياء كان للبائع أن يلزم المشتري بإحدى الأشياء الأخرى الباقية. وإذا هلكت جميعها إلا واحدة منها تحدد حق المشتري(73) فيها.

ثالثاً :- حالة الهلاك بخطأ المشتري

فإذا ما هلك أحد الأشياء بخطأ المشتري ،فالبائع بالخيار أما في الشيء الذي هلك بخطأ المشتري وفي هذه الحالة يعتبر الأخير قد استوفى دينه وتبرأ ذمة البائع أو ان يختار إحدى الأشياء الأخرى الباقية التي لــم تهلك ويدفعها للمشتري ويرجع على الأخير بضمان قيمـة الشيء الـذي هلك بخطــأه(74) (أي المشتري) أما لو هلكت جميع الأشياء ، فللبائع أن يختار إحدى تلك الأشياء الهالكة ويعتبر المشتري مستوفياً لدينه وتبرأ ذمة البائع ويرجع هذا الأخير على المشتري بضمان قيمة الأشياء الأخرى الهالكة لأنها هلكت بخطأ المشتري فيتحمل الأخير(75) ذلك سواء أكان ذلك قبل القبض(76) أم بعده(77) .

أما لو هلكت الأشياء بخطأ المشتري وهلك الشيء الأخر بسبب أجنبي فيجب التمييز بين حالتين :

الحالة الأولى : إذا كان الشيء الهالك بخطأ المشتري هو اسبق من هلاك الشيء بسبب أجنبي فان البائع في مثل هذه الحالة يكون في الخيار أما في الشيء الذي هلك بسبب أجنبي فتبرأ ذمته بالإضافة إلى حقه في الرجوع على المشتري بضمان قيمة الشيء الذي هلك بخطئه أو أن يختار الشيء الذي هلك بخطأ المشتري فتبرأ ذمة البائع دون أن يرجع إليه بضمان قيمة الشيء الــذي هلك بسبب أجنبي(78).

الحالة الثانية : إذا كان الهلاك الواقع بسبب أجنبي هو اسبق من الهلاك الواقع بخطأ المشتري فان الأخير في مثل هذه الحالة يكون قد استوفى دينه وتبرأ ذمة البائع لأنه بهلاك الشيء الأول بسبب أجنبي يكون التزام البائع قد تركز في الشيء الثاني، الذي هلك بخطأ المشتري(79).

المطلب الثاني: حكم تعيب المبيع

وحالة تعيب المبيع تكاد تكون مشابهة لما ذكرناه في المبحث السابق إلا فيما يتعلق بالخيار،ففي الحالة الأولى فان الخيار كان للمشتري أما هنا فان الخيار يكون للبائع وعموماً فان العيب أما أن يحدث بسبب أجنبي أو أن يقع بحالات أخرى سنتناولها بالبحث في حالتين تباعاً.

أولاً : العيب الحادث بسبب أجنبي

والعيب هنا أما أن يحدث في المبيع قبل القبض وإما أن يحدث بعده .

1- العيب الحادث قبل القبض

فإذا ما تعيب إحدى تلك الأشياء ،فالبائع بالخيار أما في أحد الأشياء الأخرى أو في الشيء المعيب نفسه ولكن هنا للمشتري الحق في قبول الشيء المعيب مع إنقاص الثمن قدر العيب أو فسخ البيع لان العيب يعطيه هذا الخيار .أما لو تعيبت جميع الأشياء فالمشتري بالخيار أما في قبول الشيء الذي يختاره البائع مع إنقاص الثمن قدر العيب أو طلب فسخ البيع(80).

2- العيب الحادث بعد القبض

فإذا ما تعيبت أحد الأشياء فالبائع بالخيار أما في الشيء المعيب فيتحمله المشتري ولا يرجع على البائع بنقصان الثمن أو طلب فسخ البيع لان العيب حدث والمبيع بيد المشتري أو بإحدى الأشياء الأخرى غير المعابة ولكن هنا من حق البائع أن يرجع على المشتري بالتعويض على الشيء المعيب .أما لو تعيبت جميع الأشياء ،فالبائع بالخيار في تحديد إحدى تلك الأشياء وتبرأ ذمته من غير أن يكون للمشتري الحق في طلب إنقاص الثمن قدر العيب أو طلب فسخ البيع(81)، وكذلك لا يحق للبائع أن يطالب المشتري بالتعويض عن العيب الحاصل في الأشياء الأخرى ما لم ينسب للمشتري التقصير أو التعمد .

ثانياً : الحالات الأخرى للعيب

وهذه الحالات أما أن يحدث العيب فيها بخطأ المشتري أو البائع أو كلاهما معا وسبق أن بحثناهما في المبحث السابق وحكمها هو نفس الحكم السابق واليه نحيلها ولا داعي لتكرارها مع الأخذ بنظر الاعتبار إلى أن الخيار فيها يكون للبائع بدلا من المشتري وعليه يمكن التوصل إلى نفس الحكم إذا ما وضعنا البائع محل المشتري بالخيار .

المبحث الرابع: فكرة الأثر الرجعي لخيار التعيين

لقد أوضحنا سابقا،بان استعمال هذا الخيار ليس مطلقا بل هو مقيد في مدة معينة(82) يحددها المتعاقدان ويستطيع من خلالها صاحب الخيار،سواء أكان البائع أم المشتري ،أن يستعمل خياره فيها فإذا انتفت المدة فلا مجال للقول بالخيار .

وإذا ما اختار صاحب الخيار خياره واختار أحد الأشياء المحددة في العقد فهل إن اثر هذا التعيين يستند من حين إبرام العقد أم يستند من حين استخدام الخيار . فإذا ما اشترى شخص من أخر سيارة أو مجمدة أو قطار واشترط الخيار للمشتري في أحدها خلال أسبوع واختار المشتري السيارة فهل يمتلكها من حين إبرام العقد آم من حين استخدام حقه في الخيار ؟

لو رجعنا إلى المشرع العراقي والتشريعات المقارنة الأخرى لوجدنا إنها قد سكتت عن التطرق إلى هذه المسالة تاركة حكمها ،على ما يبدو، للقواعد العامة والى الفقه والى اتفاق الأطراف.

وعليه فإننا سنتناول في هذا المبحث مطلبين: الأول نخصصه لبيان الآراء الفقهية بخصوص فكرة الأثر الرجعي لهذا الخيار.أما المطلب الثاني فنتناول فيه مناقشة الآراء المتقدمة وبيان الراجح منها.

المطلب الأول:الآراء الفقهية بشان الأثر الرجعي لخيار التعيين

أن الفقه القانوني منقسم في هذه المسالة إلى فريقين : الأول يعارض فكرة الأثر الرجعي لهذا الخيار، أما الثاني فيؤيد هذه الفكرة وسنتناول كل من هذين الرأيين بالبحث تباعاً.

أولاً: المعارضون لفكرة الأثر الرجعي لخيار التعيين

يرى أصحاب هذا الاتجاه(83) بأنه ليس في استعمال هذا الخيار أي اثر رجعي بل يستند أثره من حين استخدام الخيار حيث يرون انه من تاريخ استخدام الخيار يتعلق حق المشتري بالمبيع لأنه قبل هذا التاريخ ليس للأخير أي حق في كل الأشياء موضوع الخيار بل في أحدها والأمر متروك لصاحب الخيار في تعيين إحدى تلك الأشياء،فمتى ما تم التعيين ترتب اثر فوري لا رجعي ويعلل أصحاب هذا الاتجاه رأيهم المتقدم بالقول بان استخدام هذا الخيار هو بمثابة تعيين لمحل الالتزام وليس في تعيين هذا المحل أي اثر رجعي .

ويترتب على هذا الرأي عدة نتائج أهمها :

1- إذا ما كان الخيار للمشتري وتصرف البائع في أحد الأشياء محل الخيار بيعا للغير قبل أن يباشر المشتري خياره في اختيار ذلك الشيء المبيع فهنا ليس للمشتري أن يسترد هذا الشيء من مشتريه الجديد لان ملكية الأخير انتقلت إليه قبل ملكية المشتري .

2- وإذا ما كان الخيار للمشتري أيضا وأفلس البائع قبل اختيار المشتري لإحدى الأشياء محل الخيار فليس للأخير أن يسترد الشيء الذي وقع اختياره عليه من التفليسة لأنه لا يعتبر مالكا له الأمن حين العقد ،فيدخل هذا الشيء في ذمة المدين (البائع) المالية ويشاركه فيه بقية دائني البائع .

3- تسري جميع التصرفات التي يجريها البائع على الشيء محل الخيار قبل استخدام الخيار في حق المشتري فإذا ما قام البائع ببيع هذا الشيء أو هبته أو رهنه للغير فيسري في حق المشتري متى ما استخدم خياره في هذا الشيء .

4- لا تكون ثمار المبيع ملكا للمشتري الأمن حين استخدام الخيار لأمن حين انعقاد العقد .

ثانياً: القائلون بفكرة الأثر الرجعي لخيار التعيين

ويرى أصحاب هذا الاتجاه(84) أن لاستخدام هذا الخيار اثر رجعي ينصرف من حين إبرام العقد وليس، كما ذكر أصحاب الرأي السابق ،من حين استخدام الخيار .وعلى ذلك فان ملكية الشيء الذي يقع عليه الاختيار تنتقل إلى المشتري من حين العقد لا من حين استخدام الخيار .ويعلل أصحاب هذا الاتجاه رائيهم المتقدم بالقول من أن العقد المقترن بالخيار هو بمثابة عقد معلق على شرط واقف هو تحقق حالة الاختيار ،فمتى ما يتحقق ذلك تحقق الشرط وسـرى حكمه بأثر رجعـــي من حين العقـــد(85).ويرتب أصحاب هذا الرأي عكس النتائج التي رتبها أصحاب الرأي الأول وهذه النتائج هي :

1- إذا ما كان الخيار للمشتري وتصرف البائع في إحدى الأشياء محل الخيار بيعاً للغير قبل أن يباشر المشتري خياره في اختيار ذلك الشيء فهنا من حق المشتري أن يسترد هذا الشيء من مشتريه الجديد لان ملكية المشتري له انتقلت بأثر رجعي .

2- وإذا ما كان الخيار للمشتري أيضا وأفلس البائع قبل اختيار المشتري لإحدى الأشياء محل الخيار فمن حق الأخير أن يسترد الشيء الذي وقع اختياره عليه من التفليسة لأنه يعتبر مالكا بأثر رجعي من حين العقد وبالتالي لا يدخل هذا الشيء في ذمة المدين (البائع) المالية ولا يشاركه فيه بقية دائني البائع .

3- لا تسري جميع التصرفات التي يجريها البائع على الشيء محل الخيار قبل استخدام الخيار في حق المشتري لان ملكيته لها مستندة من حين العقد بأثر رجعي .

4- تكون ثمار المبيع ملكا للمشتري من حين انعقاد العقد لا من حين استخدام الخيار .

المطلب الثاني: مناقشة الآراء الفقهية بشان الأثر الرجعي وبيان الراجح منها

لقد لاحظنا أن هنالك رأيين حول مسالة الأثر الرجعي لخيار التعيين ومن خلال استعراض أراء كل فريق والتعرف على الحجج التي استعرضها لدعم رأيه ،فالذي الذي يبدو لنا بان أصحاب الرأي الثاني هم الأرجح في رأيينا ،حيث أن لهذا الخيار الأثر الرجعي الذي ينصرف من حين إبرام العقد لا من حين استخدام الخيار .

والقول بعكس ما تقدم سيؤدي إلى نتائج لا يمكن قبولها إضافة إلى انه سيقلل من القيمة العملية لهذا الخيار ،وعليه فنرى إن أصحاب الرأي الثاني هم الأكثر رجحاناً من أصحاب الرأي الأول .

وإذا كان ما تقدم هو رأينا ،إلا إننا لا نتفق مع ما ذهب إليه البعض من أصحاب الرأي الثاني من أن العقد المقترن مع خيار التعيين هو عقد معلق على شرط واقف ،وذلك لان الشرط لا يقترن بمدة عكس الأجل ،والخيار هنا مقترن بمدة وهو محقق الوقوع كذلك،وهذا ما يتنافى ومفهوم الشرط ،أضف إلى ذلك بان الشرط الواقف إذا ما كان معلقاً على إرادة الدائن كان صحيحاً لازماً أما إذا ما علق على إرادة المدين بطل الشرط والتصرف معاً ،وهذا ما لا يتفق مع العقد المقترن بخيار التعيين.

وعليه فيمكن تبرير الأثر الرجعي لهذا الخيار، برأينا، هو أن المشتري له الحق في واحدة من مجموعة أشياء عينت في عقد واحد واقترنت بخيار في تحديد إحداها خلال مدة معينة ،والخيار هنا هو كاشف للحق لا منشأ له فمتى ما تحقق الشرط ملك المشتري المبيع منذ لحظة إبرام العقد مع الأخذ بنظر الاعتبار ما تقدم ذكره من الأمور . وعليه فيترتب على فكرة الأثر الرجعي لخيار التعيين نفس النتائج التي ذكرناها عند سوقنا للرأي الثاني وهذه النتائج هي :

1- تنتقل ملكية الثمار إلى المشتري من حين إبرام العقد لا من حين استخدام الخيار.

2- لا تسري في حق المشتري التصرفات التي يجريها البائع على المبيع قبل أن يتم الاختيار ويستطيع المشتري استرداد الشيء المبيع من أي يد كانت لان ملكه أصبح مستنداً منذ وقت العقد لا من وقت الخيار .

3- تصح جميع التصرفات التي يجريها المشتري على الشيء قبل الاختيار إذا ما وقع اختياره على نفس الشيء الذي تصرف به.

4- إذا ما أفلس البائع قبل استخدام الخيار ،فللمشتري الحق في استرداد الشيء الذي اختاره ويستطيع إخراجه من التفليسة من دون أن يشاركه دائنو البائع .

الخاتمة

من خلال بحثنا يمكن التوصل الى أهم النتائج والمقترحات وكما يلي:

أولاً: النتائج

1- ان التشريعات موضوع البحث قد وضعت نظرية عامة لخيار التعيين تحت عنوان الالتزام التخييري في التشريع العراقي والمصري والتخيير في المحل في القانون الأردني والموجب التخييري في التشريع اللبناني في باب أحكام الالتزام، وهذا يعني إنها أرادت منها ان تكون نظرية عامة في كافة العقود بخلاف المجلة والقانون الإماراتي اللذين نظما أحكامه في عقد البيع جرياً على ما سار عليه الفقه الحنفي.

2- ان المشرع العراقي قد دمج بين التسميتين الإسلامية والغربية لخيار التعيين، وكان من الأفضل الاقتصار على التسمية الإسلامية لهذا الخيار.

3- لم تتطرق معظم التشريعات موضوع البحث لمسألة أحكام هلاك الأشياء محل الخيار كلها أو بعضها وإنما اكتفت بالقواعد العامة في هذا المجال في حين ان بعضها أشارت إشارة عابرة للهلاك في حالة ما إذا كان الخيار للمدين فقط.

4- ليس هناك أي إشارة صريحة لأحكام العيب الحاصل في الأشياء محل الخيار في التشريعات موضوع البحث وهذا يعني إنها تركت الأمر لأحكام القواعد العامة بخلاف المجلة والتي تطرقت لبعض تلك الأحكام.

ثانياً: المقترحات

1- إلغاء عبارة (الالتزام التخييري) الواردة في الفصل الثاني الفرع الأول من القانون المدني العراقي والإبقاء على عبارة (خيار التعيين) كونه اقرب لمضمونه ومقتبس من التسمية الواردة في الفقه الإسلامي.

2- تنظيم أحكام هذا الخيار في باب العقود المسماة وتحديداً في عقد البيع كونه النطاق الأكثر شمولاً وتطبيقاً لهذا الخيار وعدم إيراده في مجال النظرية العامة للالتزام كما سارت على ذلك التشريعات موضوع البحث.

3- تنظيم أحكام هلاك الأشياء محل الخيار أو تعيبها في النصوص التي تنظم هذا الخيار وعدم ترك الأمر الى النظرية العامة للالتزام كي لا تأتي الأحكام مختلفة حسب فهم واجتهاد القاضي أو ربما عدم التوصل للحكم في بعض الأحيان لعدم وجود نظرية عامة تنظم الواقعة محل هذا الخيار.

4- اقتباس التشريعات موضوع البحث أحكامها من الفقه الإسلامي وعدم الأخذ من الفقه الغربي مع الأخذ بنظر الاعتبار عدم التقيد بمذهب معين بل اخذ الأفضل حكماً من كل مذهب ووضع أحكام تفصيلية لهذا الخيار.

هوامش البحث

1- وهو مقتبس في تسميته من الفقه الإسلامي.

2- وهو مقتبس في تسميته من الفقه الغربي.

3- مختار الصحاح لأبى بكر الرازي، ص218.

4- د.سليمان مرقس: أحكام الالتزام، مطابع دار النشر للجامعات العربية، 1987، ص365.

5- د.عبد القادر الفار، أحكام الالتزام، آثار الحق في القانون المدني، مكتبة دار الثقافة للنشر، الطبعة الرابعة، 1997، ص365.

6- الأستاذ منير القاضي، شرح المجلة، الجزء الأول، مطبعة السريان والعاني، 1947، ص299.

7- الأستاذ عبد الباقي البكري وآخرون، القانون المدني، الجزء الثاني ، أحكام الالتزام، مطبعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، 1989، ص190. وكذلك د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، الجزء الرابع، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بــــدون سنة طبع، ص215.

8- د.مصطفى محمد الجمال، مصادر الالتزام، الطبعة الأولى، بدون ذكر سنة طبع أو اسـم المطبعة، ص300.

9- د.عزيز كاظم جبر، خيار التعيين، مجموعة محاضرات ملقاة على طلبة الدراسات العليا (القانون الخاص)- جامعة بابل- كلية القانون للعام الدراسي 1996-1997 (غير مطبوعة).

10- المرجع أعلاه.

11- نصت المادة (300) من القانون المدني العراقي على ان ((خيار التعيين ينتقل الى الوارث))، ونصت المادة (512) من هذا القانون على ان ((خيار الشرط لا يورث، فإذا مات من له الخيار سقط خياره)).

12- د.عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الثاني، نظرية الالتزام، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون سنة طبع، ص851.

13- الأستاذ عبد الباقي البكري وآخرون، مرجع سابق، ص192-193.

14- د.عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الثالث، مرجع سابق، ص108.

15- السنهوري، الوسيط، الجزء الرابع، مرجع سابق، بند 706.

16- الأستاذ عبد الباقي البكري و آخرون، مرجع سابق، ص193.

17- المادة (302/1) من القانون المدني العراقي تقابلها المادة (411) من القانون المدني الأردني.

18- د.عبد الرزاق السنهوري،الوسيط، الجزء الرابع، مرجع سابق، بند 108.

19- د.عبد القادر الفار، مرجع سابق، ص160.

20- د.إسماعيل غانم، أحكام الالتزام، الجزء الثاني، بند192.

21- د.أنور سلطان، أحكام الالتزام،دار الفكر العربي، 1978، بند 238. كذلك د.سليمان مرقس، مرجع سابق، بند 768. كذلك د.احمد حشمت أبو ستيت، نظرية الالتزام في القانون المدني المصري، دار الفكر العربي، 1973، بند 696.

22- د.أنور سلطان، مرجع سابق، ص238.

23- د.صلاح الدين الناهي، أحكام الالتزام، دار الفكر العربي، 1971، ص177. كذلك د.شكري سرور، أحكام الالتزام، دار إحياء التراث العربي، بدون سنة طبع، بند 2554. د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، الجزء الرابع، مرجع سابق، ص215.

24- ان الخيارات على نوعين: الأول خيارات تثبت بحكم القانون دون الحاجة الى الاتفاق عليها مسبقاً بين المتعاقدين كخيار الرؤية وخيار العيب، والثاني، خيارات يجب اشتراطها في العقد كخيار التعيين وخيار الشرط.

25- نصت المادة (128) من القانون المدني العراقي على انه (( يلزم ان يكون محل الالتزام معيناً تعييناً نافياً للجهالة الفاحشة........ 3- فإذا كان المحل لم يعين على النحو المتقدم فالعقد باطل)).

26- وهو نفس اتجاه المشرع المصري واللبناني و مجلة الأحكام العدلية لأنه يستشف من نصوصها اشتراط هذا الخيار وان لم ينص صراحة فيها على ذلك.

27- د.سليمان مرقس، مرجع سابق، بند 764.

28- وهو رأي المذهب الزيدي.

29- المقتبس من رأي المذهب الحنفي. انظر د.مصطفى محمد الجمال، مرجع سابق، ص306. وتفاصيل هذا الخيار، انظر د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي،الجزء الرابع، مرجع سابق، ص215. بينما يرى الأستاذ منير القاضي ان يجوز ان يرد خيار التعيين في أكثر من ثلاثة أشياء ويبرر رأيه هذا بالقول بان الدرجات في العلو والدنو قد تزيد على الثلاث وهي (الأعلى- الأوسط- الأدنى)، انظر منير القاضي، مرجع سابق، ص299.

30- وفقاً للنظرية العامة كما في القوانين المدنية العراقي والمصري واللبناني.

31- د.عزيز كاظم جبر، مرجع سابق.

32- د.شكري سرور، مرجع سابق، بند 246.

33- الأستاذ عبد الباقي البكري وآخرون، مرجع سابق، ص191.

34- د.أنور سلطان، مرجع سابق، بند 233.

35- د.عبد القادر الفار، مرجع سابق، ص156.

36- انظر الفقرة (1) من المادة (299) من القانون المدني العراقي.

37- المادة (408) من القانون المدني الأردني، وكذلك مجلة الأحكام العدلية المادة (319).

38- وهذا ما أشارت إليه المادة (276) من القانون المدني المصري والمادة (64) موجبات لبناني.

39- الفقرة (2) من المادة (299) من القانون المدني العراقي.

40- الفقرة (1) من المادة (276) من القانون المدني المصري.

41- الفقرة (2) من المادة (276) من القانون المدني المصري.

42- ان هذا الخيار في القانون جاء مطلقاً دون تقييده بعقد مسمى بذاته لأنه ورد في باب النظرية العامة للالتزام وهذا يعني ان المشرع العراقي والمصري والأردني واللبناني أراد منه ان يكون نظرية عامة تنطبق أحكامه على جميع العقود ذات الصلة إلا إننا سنخصص البحث لعقد البيع وذلك لأنه التطبيق الأكثر شيوعاً لهذا الخيار وهو ما حدى بمجلة الأحكام العدلية المقتبسة من فقه المذهب الحنفي ان ترد هذا الخيار على عقد البيع، وكذلك فعل قانون المعاملات الإماراتي الذي اقتبس معظم أحكامه من المجلة. وعليه سنستعيض عن عبارة ( الدائن) الواردة في القوانين المدنية موضوع البحث بعبارة (المشتري) كون الأخير هو دائناً للمدين (البائع) بالمبيع (محل العقد) ونستعيض أيضاً عن عبارة (المدين) بعبارة (البائع) كون الأخير هو مديناً للمشتري بالمبيع أينما ورد في بحثنا هذا.

43- وينبغي الإشارة الى انه وفق المادة (298) من القانون المدني العراقي فان هذا الخيار أما ان يشترط للمدين فقط أو للدائن فقط ولا يجوز اشتراطه لأجنبي عنهما، كما ذهب الى ذلك البعض. انظر، د.حسن علي الذنون، أحكام الالتزام، الجزء الثاني، ص177.

44- الأستاذ منير القاضي، مرجع سابق، ص299. لقد تطرق قانون المعاملات الإماراتي الى اثر التعيين على عقد البيع فقد أشــــار فـــي المادة (233) منه الى ان عقد البيع يكون غير لازم لمن له حق الخيار تخيير إعمال هذا الحق فإذا تم الخيار صراحة أو دلالة اصبح العقد لازماً فيما تم فيه.

45- سكتت معظم التشريعات المدنية موضوع البحث عن التطرق لحكم الهلاك أو التعيب وذلك لأنها اكتفت بالقواعد العامة بهذا الخصوص وعليه فإننا سنخوض في هذا البحث مستعينين بالقواعد العامة وتطبيق أحكامها على الموضوع.

46- نصت المادة (211) من القانون المدني العراقي بأنه (( إذا اثبت الشخص ان الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كآفة سماوية أو حادث فجائي أو قوة قاهرة أو فعل الغير أو خطأ المتضرر كان غير ملزم بالضمان، ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك))، ولشرح هذه المادة انظر د.عبد المجيد الحكيم، مرجع سابق، ص54 وما بعدها. ويعرف البعض السبب الأجنبي بأنه كل فعل أو حادث لا ينسب إليه ويكون قد جعل منع وقوع العمل الضار مستحيلاً. للتفاصيل انظر، د.سعيد سعد عبد السلام، مصادر الالتزام المدني، الجزء الأول، دار النهضة العربية- بيروت، 2003، ص398-399.

47- يقصد بعبارة (قبل القبض) أي ان المبيع لا يزال بيد البائع ولم يقبضه المشتري بعد.

48- فلو رجعنا للأحكام الخاصة بعقد البيع، نجد ان المادة (547/1) من القانون المدني العراقي أشارت الى انه (( إذا هلك المبيع في يد البائع قبل ان يقبضه المشتري يهلك على البائع ولا شيء على المشتري.....))، وأشارت المادة (428) من هذا القانون الى انه (( إذا انتقلت ملكية الشيء بعقد كانت يد المالك القديم قبل التسليم يد ضمان....)).

49- وهنا لا يستطيع المشتري ان يرجع على البائع بالتعويض لانتفاء العلاقة السببية بين الخطأ والضرر.

50- يلاحظ ان القانون المدني الأردني قد تطرق صراحة الى أحكام الهلاك في هذا الخيار حيث أشار في المادة (410) منه الى انه (( إذا كان الخيار للمدين وهلك أحد الشيئين في يده كان له ان يلزم الدائن الثاني وان هلكا معاً بطل العقد))، وهو ينطبق تماماً مع النص الوارد في بداية شطر المادة (301) من القانون المدني العراقي. وإذا كان ظاهر النص أعلاه ينصرف الى تطبيقه في حالة كون الخيار للبائع أولاً ان الراجح هو تطبيق نفس الحكم في حالة كون الخيار للمشتري(الدائن) حسب توضيح بعض الشراح. انظر، د.عبد القادر الفار، مرجع سابق، ص159.

51- محمد سعيد المحاسني، شرح مجلة الأحكام العدلية، دمشق، 1927، ص258. كذلك د.عباس الصراف، شرح عقد البيع في القانون المدني الكويتي، دار البحوث العلمية، 1975، ص244.

52- وهذا ما يمكن استخلاصه من الشطر الأخير من المادة (301/1) من القانون المدني العراقي التي أشارت الى انه (( إذا كان المدين مسؤولاً عن الهلاك ولو فيما يتعلق بواحد من الشيئيين فيكون ملزماً ان يدفع قيمة آخر شيء هلك)). وتقابلها المادة (410/2) من القانون المدني الأردني.

53- حسب مفهوم المخالفة لنص المادتين (547) (428) من القانون المدني العراقي.

54- لان حكمها، باعتقادنا، هو حكم ما يقبض على سوم النظر وبالتالي تكون أمانة في يد القابض فلا يضمنها إذا هلك دون تعد حسب مضمون المادة (548) من القانون المدني العراقي التي أشارت الى ان ما يقبض على سوم الشراء مع تسمية الثمن إذا هلك أو ضاع في يد القابض لزمه الضمان لان هذه الحالة تنطبق على الالتزام البسيط، أما خيار التعيين فهو التزام موصوف. أما وفقاً لمجلة الأحكام العدلية فنجد إنها أشارت صراحة الى انه لو هلك أحد المبيع أو تعيب في يد المشتري تعين كونه هو المبيع فيلزمه أداء ثمنه المسمى وإذا هلك أو تعيب في يده اثنان من الثلاثة فان علم السابق في الهلاك أو التعيب تعني كونه المبيع ولزم ثمنه وليس عليه شيء آخر لان الباقي أمانة وان لم يعلم السابق يضمن نصف ثمن كل واحد من الهالكين أو المتعيبين وكذلك الحكم لو كان المخير فيه ثلاثة أشياء وهلكت أو تعيبت ولم يعلم السابق، فان المشتري يضمن ثلث كل واحد منها لان المضمون لم يتميز عن الأمانة والثلث مضمون قطعاً أما لو علم السابق فانه يتعين كونه مبيعاً فيلزم المشتري أداء ثمنه ولا شيء عليه عن الهالكين الآخرين لانهما حينئذ أمانة بيده و الأمين لا يضمن بغير التعدي والتقصير. انظر، الأستاذ منير القاضي، مرجع سابق، ص300-301.

55- د.أنور سلطان، مرجع سابق، ص254. كذلك د.السنهوري، الوسيط، الجزء الرابع، مرجع سابق، بند 101. كذلك انظر المادة (233/1) من القانون المدني الإماراتي، كذلك الأستاذ علي حيدر، درر الحكام في شرح مجلة الأحكام، بيروت، دار العلم للملايين، بدون سنة طبع، ص258.

56- د.سليمان مرقس، مرجع سابق، ص32. د.شكري سرور، مرجع سابق، بند 252.

57- د.شكري سرور، مرجع سابق، بند 252.

58- د.أنور سلطان، مرجع سابق، ص277.

59- غير ان الذي يفهم من حكم الشطر الأخير في المادة (301/1) من القانون المدني العراقي والمادة (410/1) من القانون المدني الأردني بان البائع باعتباره مديناً في مثل هذه الحالة يكون ملزماً ان يدفع للمشتري قيمة آخر شيء هلك.

60- وهو حسب ما فصلناه من أحكام تطبيقاً للقواعد العامة وعلى افتراض ان الهلاك الحاصل بخطأ المشتري هو اسبق من الهلاك الحاصل بسبب أجنبي، أما لو سبق الثاني الأول فهنا يتحدد حق المشتري في المبيع الهالك بخطئه وتبرأ ذمة البائع.

61- وهو تطبيق للقواعد العامة حسب ما ذكرناه سابقاً، مع ملاحظة ان جميع أحكام الهلاك مارة الذكر ليست من النظام العام حيث ان المادة (259/1، 2) من القانون المدني العراقي قد أجازت الاتفاق على ان يتحمل المدين تبعة الحادث الفجائي والقوة القاهرة أو إعفاء المدين من كل مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا التي تنشأ عن غشه أو خطئه الجسيم.

62- لقد حددت المادة (558/2) من القانون المدني العراقي معنى العيب بأنه (( ما ينقص ثمن المبيع عند التجار وأرباب الخبرة أو ما يفوت به غرض صحيح إذا كان الغالب في أمثال المبيع عدمه....)).

63- وهو تطبيق للمادة (558/1) والمادة (561) من القانون المدني العراقي، أما المجلة فقد أشارت الى انه لو تعيب قبل القبض واحد من المخير فيه كان المشتري مخيراً بين اخذ غير المعيب وبين ترك البيع. انظر، الأستاذ منير القاضي، مرجع سابق، ص300.

64- وهو تطبيق للقواعد العامة.

65- وهو تطبيق للقواعد العامة.

66- وهو تطبيق للقواعد العامة.

67- وهو تطبيق للقواعد العامة. أما موقف المجلة فقد أشرنا إليه في أحكام الهلاك فــي الهـــــامش (54) من هذا البحث ولا داعي لتكراره، مع ملاحظة ان الأحكام المتقدمة للعيب هي ليست من النظام العام، إذ يجوز الاتفاق على خلافها إلا انه يقع باطلاً كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب عملاً بأحكام المادة (568) من القانون المدني العراقي مع ملاحظة ان دعوى ضمان العيب لا تسمع إذا انقضت ستة اشهر من وقت تسليم المبيع حتى لو لم يكشف المشتري العيب إلا بعد ذلك ما لم يقبل البائع ان يلتزم بالضمان لمدة أطول. (المادة 570/ قانون مدني عراقي).

68- الأصل ان الخيار يكون للمدين (البائع) حيث ذهبت التشريعات المدنية الى ان الخيار هو للمدين إذا ما جاء مطلقاً إلا إذا كان هناك اتفاق أو نص في القانون يقضي بخلاف ذلك. المادة (298) مدني عراقي والمادة (407) مدني أردني والمادة (275) مدني مصري والمادة (56) موجبات لبناني.

69- بل ان المشرع اللبناني ذهب ابعد من هذا القول حيث أشار في المادة (60) موجبات الى ان ذمة المديون تبرأ بأداء أحد الأشياء الموعود بها لكنه لا يستطيع إجبار الدائن على قبول جزء من هذا الشيء وجزء من ذاك الشيء، كما ان الدائن لا يستطيع ان يطلب إلا أداء أحد الأشياء برمته ولا يستطيع إجبار المديون على التنفيذ بأداء جزء من هذا الشيء وجزء من ذاك.

70 – حيث أشارت المادة (301) من القانون المدني العراقي الى انه (( إذا كان خيار التعيين للمدين وهلك أحد الشيئين في يده كان له ان يلزم الدائن بالثاني فان هلكا معاً انفسخ العقد....)) بينما أشارت المادة (410/1) من القانون المدني الأردني الى انه (( إذا كان الخيار للمدين وهلك أحد الشيئين في يده كان له ان يلزم الدائن بالثاني وان هلكا معاً بطل العقد)). وهذا هو موقف المجلة أيضاً، انظر الأستاذ منير القاضي، مرجع سابق، ص301. غير ان القانون المدني الإماراتي قد جاء بحكم خاص حيث أشار في المادة (237/2) منه الى انه إذا كان خيار التعيين للبائع وهلك أحد الشيئين قبل القبض أو بعده كان للبائع بالخيار بين ان يلزم المشتري الشيء الباقي وبين ان يفسخ العقد وهذا يعني انه غير لازم من جهته في مثل هذه الحالة.

71- وهو تطبيق للقواعد العامة.

72- د.سليمان مرقس، مرجع سابق، ص367. كذلك د.أنور سلطان، مرجع سابق، بند 340. والى هذا أشارت المادة (301) مدني عراقي والمادة (410/2) مدني أردني والمادة (277) مدني مصري، في حين ان القانون اللبناني ذهب الى اتجاه آخر حيث أشار في المادة (63 موجبات) الى انه ((إذا أصبحت مواضيع الموجب كلها مستحيلة في وقت واحد فيكون للدائن المطالبة بثمن ما يختاره من تلك المواضيع)).

73- د.عبد القادر الفار، مرجع سابق، ص158. كذلك، د.أنور سلطان، مرجع ساق، بند234. د.شكري سرور، مرجع سابق، بند 252.

74- د.عبد القادرة الفار، المرجع السابق، ص159.

75- مع ملاحظة انه ينبغي تحديد ثمن لكل مبيع من الأشياء محل الخيار وإلا بطل العقد لانتفاء المحل وهو الثمن كما ذكرنا ذلك سابقاً.

76- كما هو معروف، فان الثمن هو ما يكون بدلاً للمبيع ويتعلق بالذمة (المادة 526 مدني عراقي)، ويجب ان يكون الثمن معلوماً بان يكون معيناً تعييناً نافياً للجهالة الفاحشة، ونرى بأنه إذا ما كان البيع مطلقاً فان الثمن يكون نقداً أما في المقايضة فكل طرف هو بائع ومشتري في ذات الوقت أي دائن بالمقايض عليه، ومدين بالمقايض منه، وأهمية تحديد الثمن في حالة تعيين الشيء حيث به يتحدد حق البائع في مطالبة المشتري بالثمن مع ما يترتب على ذلك من نتائج أخرى بخصوص تحمل تبعة الهلاك أو العيب.

77- أما وفقاً للمجلة فان البائع إذا كان قد سلم المبيعات المخير فيها الى المشتري وهلكت في يده فان كان هلاكها متعاقباً كان الهالك الأخير فقط مضموناً على المشتري بالقيمة لأنه هو المعين للضمان و لا ضمان عليه عن السابق في الهلاك لأنه أمانة وان كان هلاك الجميع مرة واحدة يضمن نصف قيمة كل واحد إذا كان المبيع اثنين وثلثه ان كان أحد ثلاثة وهكذا. للتفاصيل، انظر، الأستاذ منير القاضي، مرج سابق، ص301-302.

78- هذا إذا كان قبل القبض، أما لو هلك بعد القبض أو بسبب أجنبي فهنا يضمن المشتري الشيء الهالك إذا ما اختار البائع الشيء الذي هلك بخطأ المشتري.

79- وهو تطبيق للقواعد العامة كما ذكرنا سابقاً مع الإمكان على الاتفاق على تحقيق المسوؤلية أو الإعفاء منها كما تقدم ذكره في المبحث الأول.

80- طبقاً للقواعد العامة، أما وفقاً للمجلة فان العيب الحاصل على جميع المبيعات محل الخيار لا يؤدي الى بطلان البيع لا فسخه ولكن يكون للمشتري الخيار بين قبول ما يدفعه البائع بثمنه المسمى أو رد البيع بخيار العيب. انظر، الأستاذ منير القاضي، مرجع سابق، ص301.

81- لكن وفقاً للمجلة فان تعيب كل المبيعات في يد المشتري أو تعيب بعضها لا يسقط خيار البائع وله ان يلزم المشتري بواحدة ولو كان معيباً لان التعيب قد حصل في يد المشتري فليس له فسخ البيع بخيار العيب بخلاف ما ذكرناه في حالة التعيب الحاصل قبل القبض، انظر، الأستاذ منير القاضي، مرجع سابق، ص302.

82- بحثنا سابقاً مسألة مدة الخيار وموقف التشريعات المقارنة.

83- انظر د. عبد الحي حجازي، النظرية العامة للالتزام، الجزء الثالث، ص198. د.أنور سلطان، مرجع سابق، ص367.

84- د.عبد المجيد الحكيم، أحكام الالتزام، الجزء الثاني، ص417. د.سليمان مرقس، مرجع سابق، ص271.

85- وينبغي الإشارة الى ان القانون المدني الإماراتي قد أشار صراحة الى هذا الرأي بخلاف بقية القوانين المقارنة حيث أوضح في المادة (234) منه الى ان هذا الخيار يستند الى العقد ومن ثم يعتبر الشيء الذي وقع عليه الاختيار مملوكاً للمتعاقد الممتلك من وقت العقد لا من وقت استعمال الخيار. انظر، د.مصطفى محمد الجمال، مرجع سابق، ص306.